رواية جحيم الفارس الفصل الثاني والعشرون والثالث والعشرون بقلم ايمان محمود




#جحيم_الفارس🔥🖤
#البارت_22  و 23

بقلم ايمان محمود 
....
زفر "فارس" بضيق وهو يراقب باب غرفة الطوارئ 



التي أحيلت زوجته اليه منذ دقائق ، كان واقفا ينتظر 


خروجها بنفاذ صبر في حين جلست "درية" بعيدا 





تراقبه بصمت وعقلها يجمع الأحداث محاولة فهم ما 



يحدث ، ثواني مرت قبل أن تهتف فجأة:

-مش يمكن تكون حامل؟

التفت "فارس" بعنف وقد استوقفته جملتها لتهتف 





بحماس ظنا منها أنه يفكر فيما تفكر فيه:

-اصلها بقالها كام يوم تعبانة وبتنام كتير فليه لا؟

أنهت كلامها تزامنا مع خروج الأطباء الذين هتف أحدهم ببساطة:

-المدام سليمة هي بس ضغطها وطي شوية واحنا 





اخدنا عينة دم وهنوديها المعمل وان شاء الله خير يا دكتور

-مدام!

همس بخفوت وقد شعر بتشوش يسيطر علي عقله ، أيعقل أنها خانته حقا!..

حاول البقاء هادئا لكن رؤيتها تخرج من غرفة 





الطوارئ علي ذلك السرير المدولب المتجه الي احدي 





الغرف الأخري جعل الدماء تشتعل برأسه.. هل خُدع من تلك اللعينة؟..

توجه خلفها بغضب مكبوت في حين توجهت "درية" 






للأسفل وقد رأت أن وجودها الآن لن يكون جيدا فهما بحاجة الي بعض الخصوصية..

.....

انتظر "فارس" حتي انتهت الممرضات من تعديل 




ثيابها وذلك المحلول المعلق ليغلق الباب من خلفهم ، 





نظر لها وحنقه منها يتزايد بشكل لا ارادي ، تلك البغيضة قد خدعته حقا!..

أنّت "زينة" بألم وهي ترفرف عينيها بألم ، كانت تشعر بصداع قوي يغزو رأسها فأصبحت الرؤية مشوشة قليلا ، اقترب منها "فارس" بعنف حالما فتحت عينيها ليجذبها من ساعدها بقوة هاتفا من بين أسنانه فيها بعنف استشعرته:

-بقي بتغفليني؟ بتخونيني يا زينة؟ مدام؟! مدام ازاي وانا ملمستكيش هاا؟

لم تستوعب كلماته سوي بعد ثواني لتدفعه بعيدا صارخة فيه بعنف وقد فاض كيلها به:

-حرام عليك بقي ارحمني ، مدام ايه وزفت ايه

-اعملي نفسك ضحية بقي

تلألأت الدموع في عينيها لتلتقط عدة أنفاس قبل أن تشيح بوجهها بعيدا عنه رافضة الخوض في تلك المواجهة وهي بهذه الحالة ، كانت مرهقة ، تشعر بالوهن يسيطر علي كامل أطرافها في حين وقف هو ينتظر منها ردا كي ينتقم منها علي تلك الأحاسيس اللعينة التي غزت قلبه بسببها ، زاد الصمت عن حده فصرخ بعدم تصديق:

-هتفضلي ساكته؟

استقامت بهدوء واقتربت منه عدة خطوات قبل أن تهتف بهدوء جاهدت لاظهاره:

-انت عايز مني ايه؟

-عايز منك ايه؟ عايز اعرف ليه؟ ليه خنتيني؟

-انا.. مش.. خاينة








هتفت بضيق ليجذبها اليه هاتفا بقسوة:

-مش خاينة!! الدكتور طالع يقولي المدام و امي بتقول انك احتمال تطلعي حامل

دفعته عنها بصعوبة ولم تشعر بنفسها سوي وهي ترفع يدها لتهبط بها علي وجنته صافعة اياه بقسوة.. لقد سئمت اتهاماته تلك ، سئمت شكّه اللعين وقلة ثقته بها ، ألا يستطيع استخدام ذلك اللعين الموجود بداخل جمجمته وتحليل ما يحدث حوله أم أنه أغبي من استخدامه..

لم تكن لتبخل عليه بالتوبيخ بعد صفعها له فهبت صارخة بانهيار وقد فاض كيلها من حياتها البائسة تلك:

-حامل ازاي وانت لسة ملمستنيش هااا؟ حامل ازاي وانا لسة آنسة ، انت مجنون؟ عايزه يطلع يقولك ايه؟ انا اغمي عليا مكنتش داخلة أولد انت دكتور ازاي انت هااااا
البلد كلها عارفة اني مراتك منتظر منهم يقولولك ايه؟ 
انت بجد بني آدم مريض ، يعني شكيت فيا ومرضتش اتكلم وقلت حقه انا غلطت اصلا والغلط عليا من الاول عاملتني بطريقة زبالة ورميتني زي الكلبة علي الأرض واستحملتك بس 





انا فاض بيا فاااهم.. خلاص كدا جبت اخري منك ولو مش مصدقني طلقني يا فارس ، ياخي كرهتني في حياتي منك لله

أنهت وصلة صراخها بتراجعها للخلف لتلقي بنفسها علي السرير من جديد بانهاك ، رفعت يدها لتغطي وجهها ملتقطة أنفاسها ببطء في حين ظل هو متصنما بمكانه لا يستطيع الحراك وقد شلت الصدمة لسانه ، هو حقا لم يفكر بمنطقية وألقي عليها اللوم ظنا منه أنها هائنة؟.. لما فعل هذا؟ ولما لم يشعر من قبل أنها تعاني بسببه! ألأنها تظهر دائما بذلك القناع البارد الذي تخفي من خلفه مشاعرها أم أنه كان قاسيا بطريقة مبالعة!..

طرقات الباب الخافتة أخرجته من شروده فتوجه للباب ليفتحه ، وجد الطبيب واقفا بابتسامة وفي يده احد التقارير الطبية ليهتف بابتسامة:

-انا خليتهم يطلعولك التقرير بتاعها الاول بسرعة عشان تطمن ، وفعلا زي ما قلتلك..










التقط "فارس" منه ذلك المجلد الصغير الذي يحتوي علي ثلاثة وريقات وبدا بتمرير أنظاره فوق ما بحوزتهم من كلمات في حين أكمل الطبيب بعملية:

-ضغطها وطي نتيجة ضغط نفسي وقلة تغذية وعندها نسبة انيميا لو معالجتهاش ممكن تزيد ومش بعيد تقلب معاها بانيميا حادة.. طبعا مش هوصيك لازم تبعدها تماما عن الضغط النفسي وتخاول تهتم بأكلها وغذائها كويس وبالنسبة للانيميا فأنا هكتبلها علي فيتامينات وحقن حديد وان شاء الله تبقي كويسة ، وحمدالله علي السلامة بقي

-الله يسلمك

تمتم "فارس" بخفوت قبل أن يتركه الطبيب ويذهب بعدما صافحه بحرارة ، التفت لـ"زينة" ليجد أنها قد أعطته ظهرها لتغلق عينيها بإرهاق ، لقد سمعت حديث الطبيب وهذا كان كافيا بالنسبة لها لتستريح قليلا من كل تلك الاتهامات




 الموجهة لها دون صحة! ، في حين بقي "فارس" يراقبها وشعور بالذنب قد بدأ يسيطر علي خلاياه موسوسا له بأن عليه الاعتذار منها علي غبائه!..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

بللت "سلمي" شفتيها بتوتر وهي تختلس النظر لـ"خالد" بتوتر ، كان قد أتي لرؤيتها بعدما علم أنها تطلقت من سعيد منذ أيام..




لم تخفي عليه كدمات وجهها التي لا تزال واضحة بعض الشئ مما جعله حانقا علي ذاته وبشدة..

حاول فتح أي مجال للحدث لكن توتره منعه من ذلك فهمس بتوتر:





-سلمي.. انتي كويسة؟

-الحمد لله

تمتمت بخفوت ليبتسم براحة ، أراد التحدث اليها في الكثير والكثير من الأشياء لكنه فضّل التريث قليلا حتي يفاتح والده فيما يريد..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

تجاهلت "زينة" "فارس" الذي جلس علي السرير موجها أنظاره نحوها ، كانت تشعر أنه يشعر بالذنب لشكه فيها لكنها لن تشفع له ما فعله..

لقد اكتفت بحق من هذه الحياة ، كانت قد ظنت أن الحياة قد ابتسمت لها عندما بدأ يتخلي عن بروده اللعين وبدأ بالتقرب منها لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن لينهدم كل هذا بلحظات بسبب غبائه وقلة ثقته المبالغ فيها..

سمعته يتنحنح بتوتر فتجاهلته واستمرت تقلب صفحات الكتاب بين يديها ، كانت تمرر أنظارها علي السطور دون ان تقرأ شيئا وكان يعلم هذا فاستقام واقترب منها ، ليجذب الكتاب من بين يديها بخفة..

أشاحت أنظارها بعيدا عنه فاقترب منها ليهتف بأسف:

-زينة انا مكنش قصدي

لوت شفتيها باستنكار ، أيعز عليه الاعتذار أم ماذا؟..

تلمس كفها بحذر فابتعدت عنه لتهتف بحدة:

-لو سمحت متقربش مني






زفر بضيق ليهتف بلين محاولا الاعتذار عما بدر منه:

-طب انا اسف ، خلاص بقي حقك عليا

-اسف؟ اعمل فيها ايه دي ان شاء الله؟

-زينة متكبريش الموضوع

انتفضت بقوة لتصرخ بوجهه:

-مكبرش الموضوع؟ دنت شكيت في اني ممكن اكون حامل لمجرد اني اغمي عليا ، انت فاهم انت عملت ايه!






-انا اسف بس والله مكنتش عارف افكر كويس

رفعت رأسها بشموخ قبل أن تتحدث بجدية:

-وأنا اكتفيت من برودك دا ومش قابلة اعتذارك ولا هتراجع عن الطلاق يا فارس

-وانا مش هطلقك يا زينة

صرخ بشراسة فتجاهلته وتحدثت بثقة:

-لا هتطلقني 

أراد ضربها وإخراس لسانها الأحمق لكنه تراجع سريعا ، ألم يكفيه ما فعله ليزيد الأمر سوءا بضربه لها.. فقط اللعنة علي تلك الصفات البغيضة التي اكتسبها مؤخرا ، متي أصبح بهذه الهمجية!..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

-رايح فين؟

هتفت "ليلي" وهي تتفقد "محسن" الذي تألق وكاد يتوجه الي الخارج ، رد ببرود دون النظر اليها:

-خارج ولا المفروض استأذن؟







سخر فعضت علي شفتيها بتوتر ، لما يجب ان يكون صعب المراس هكذا!..

اقتربت منه لتغمض عينيها بتشجيع قبل أن تقترب منه لتلف يديها حوله من الخلف ، تجمد للحظات لم تدم أخرجته هي منها بقولها:

-طب متتأخرش عليا عشان بتوحشني

نفض يديها بعيدا عنه قبل أن يهبط للأسفل دون أن يعيرها اهتماما تاركا اياها تلعنه وتلعن رأسه الصلب هذا..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

في اليوم التالي..






هبطت "زينة" الي الأسفل لتناول الفطور لتبتسم "درية" حالما رأتها ، اقتربت "زينة" من طاولة الطعام لتهتف باعتذار وجهته لحماتها:

-معلش يا خالة راحت عليا نومة 

-ولا يهمك يا بنتي المهم انك ترتاحي

جلست "زينة" وبدأت بتناول الطعام بهدوء في حين بقي "فارس"والذي كان يراقبها منذ هبطت يقلب طعامه في صمت ، أفكاره تتناطح فلا يستطيع التفكير في شئ ، أفاق علي سؤال والدته:

-هتروح الشغل النهاردة يا فارس؟

-ان شاء الله يا امي 

دعت له بحب في حين زفرت "زينة " براحة ، فكم يشكل وجوده ضغطا كبيرا يجثم فوق صدرها بلا سبب!..

......

خرج "فارس" لتتوجه "زينة" الي المطبخ لتبدأ بتحضير الغداء ، مرت ساعات دق من بعدهم الجرس لتتوجه للخارج سريعا لتفتح ، تنهدت بضيق عندما رأت "نرمين" و"انتصار






" لكنها جاهدت لتبتسم لتطلب منهم الدخول بعد ذلك ، دلفت "انتصار" أولا لتتوقف "نرمين" لثواني تسائلت فيهم بخفوت:

-هو فارس هنا؟

-لا يختي في الشغل

-طيب

تركتها ودلفت تتهادي في خطواتها في حين بقت "زينة " تراقبها وعلامات الاستنكار تعلو وجهها ، تبا لتلك اللعينة.. فقط تبا!..

أغلقت الباب ودلفت من خلفهم لترحب بهم كما يليق ، تعرف واجباتها جيدا وتعرف أنها لا تستطيع الانصياع لهواها وطردهم خارج المنزل لذا فضّلت الترحيب بهم وتركهم والذهاب لاكمال أعمالها سريعا ، كادت تتوجه الي المطبخ من جديد لتوقفها "نرمين":

-معلش يا زية ممكن شوية ماية ، اصلي عطشانة اوي

زفرت "زينة" بصوت عالي ودلفت الي المطبخ لتحضر لها المياه لتتناولها منها "نرمين" بسماجة ، لم تطق "زينة" البقاء 




معهم فانسحبت حالما هبطت "درية" لتجالسهم ، انتهت مما كانت تفعله لتصعد الي غرفتها اخيرا لتنعم ببعض الراحة..

......

تمددت علي الأريكة براحة تحدّث نفسها بخفوت مواسية ذاتها عما تلاقيه ، مرت فترة ليست بالقصيرة استمعت من بعدهم الي





 طرقات مزعجة قطعت خلوتها ، كادت تعتدل لتفتح الباب لكنها تفاجأت بـ"نرمين" تقتحم الغرفة فجأة لتنظر لها بتعالي:

-اي دا انتو مقسمين أماكن نومكو ولا ايه!

-انتي ازاي تدخلي كدا أصلا؟

تجاهلت "نرمين" صراخها وتوجهت بوقاحة الي التسريحة لتلتقط زجاجة عطر رجالية بدا أنها لـ"فارس" ، رشت القليل منها علي معصمها لتستنشقها بهيام تحت أنظار "زينة" المشتعلة والتي توقفت لا تصدق وقاحة تلك الفتاة!..

-برفانه يجنن

أفاقت علي تلك الجملة لتندفع نحو "نرمين" ملتقطة منها الزجاجة بعنف..

-انتي مجنونة يا بت انتي؟

اقتربت منها "نرمين" لتناظرها بتقييم قبل أن تهف ببرود:

-مش عارفة انا عاجبه فيكي ايه؟ يعني ولا شكل حلو ولا لون عدل وكمان بجحة ولسانك طويل!.. لا حقيقي ربنا يكون في عونك يا فارس

سخرت "زينة" علي كلماتها:





-لا متقوليش انك كنتي دايبة في غرامه انتي التانية

ابتسمت "نرمين" لتهتف بثبات:

-لا مش دايبة في غرامه ، بس باصة لمستقبلي ، فارس دكتور ، وابن خالتي ، فليه لا؟!

صدمتها صراحتها الوقحة فلم تسنطع الرد عليها بما يليلق ، أرادت لو تجذبها من رأسها لتأدبها كما فعلت بـ"سلمي" قبلا لكن جسدها


 المرهق أبي أن يساعدها في ذلك ، تجولت "نرمين" في الغرفة لتجلس علي السرير براحة ، مررت أناملها فوقه و اتسعت ابتسامتها بحالمية في حين بقت "زينة" تحدق بها بصدمة..

لم تعد تدري ماذا عليهة أن تفعل ، فقط هذا كثير عليها ، لقد ظنت أنها قد


 تخلصت من لعنة "سعيد" لكن يبدو ان هذه العائلة ستفقدها صوابها بالفعل ، ففتياتها يتهافتن علي 



زوجها والذي بدوره يكاد يصيبها بجلطة بسبب غبائه الأخرق واللامتناهي!..

تقدمت بعد فترة استعادت خلالها تركيزها من "نرمين" لتجذبها من يدها بعنف ، دفعتها الي الخارج لتصرخ فيها:

-اطلعي برا يا قليلة الرباية انتي ، دنتي بجحة بصحيح

دفعتها "نرمين" عنها بقسوة فتراجعت " زينة" للخلف عدة خطوات ، كانت منهكة فاستغلت "نرمين" هذا واقتربت منها لتصرخ بصوت عالي بينما تلكزها في كتفها محاولة اختلاق شجار:

-انتي ازاي تمدي ايدك عليا يا جربوعة؟!

لم تبخل عليهة "زينة" بما تريده فبادلتها الصراخ هي الأخري لاعنة إياها بألفاظ


 نابية اشتعلت من بعدها المعركة بينهما لتتعالي صرخات إحداهن بعد فترة..!

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

في المشفي..

أغلق "فارس" الباب خلفه ليبتسم بسخرية وهو يري "سعيد" يتمدد علي أحد الأسرة والجبائر الطبية تغطي معظم جسده ، كان قد اُحيل للمشفي سريعا بعدما أنقذته أخته التي 






وبالصدفة توجهت لشقته يومها بعدما انتهي منه تاركا إياه يغرق في دمه لتراه في تلك الحالة المزرية لتندفع بعدها طالبة النجدة حتي أتي الجيران وحملوه الي المشفي ، تململ "سعيد" بألم فاقترب منه "فارس" هاتفا بسخرية:

-تصدق منظرك حلو وانت متجبس كدا

ارتجف "سعيد" لثواني لكنه حاول تصنع اللامبالاة فتحدث بعد فترة بصعوبة بالغة:

-الا هي زينة عاملة معاك ايه؟.. مش ناوي تطلقها ولا حاجة؟

اقترب منه "فارس" بغضب وود لو يحطم له فكه هذا لكنه تراجع سريعا محاولا تهدئة نفسه ، هو يعلم أنه لا يقول هذا سوي لاستفزازه وهو لن يعطيه ما يريد..

انتهي من فحصه ليخرج بعد ذلك متوجها الي كافيتريا المشفي لكنه ما كاد يتحرك حتي توقف عندما رن هاتفه ،






 أخرجه ورد علي المتصل والذي لم يكم سوي "درية" وخلال ثواني كان يركض الي خارج المشفي متوجها الي المنزل..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

وقف "فارس" أمام "زينة" لا يدري ما يجب عليه أن يفعله بها ، لقد عاد من عمله بناءا علي طلب والدته ليتفاجأ بـ"نرمين" تصرخ مستنجدة به لينجدها من يد زوجته التي انهالت عليها بالضرب المبرح ، اقترب منها ليهتف من بين أسنانه:

-ضربتيها ليه؟

-عشان قليلة الأدب ومتربتش 

جز علي أسنانه بعنف ليجذبها من مرفقها اليه هاتفا بحدة بينما يحاول التحكم في اعصابه كي لا يتهور:

-لمي لسانك واعرفي انتي بتتكلمي علي مين

خلصت يدها منه لتتحدث بثبات:

-هكون بتكلم علي مين يعني ؟ علي واحدة مشافتش ربع ساعة رباية دخلت الاوضة وقعدت تتمشي فيها ولا كانها في بيتهم لا ورايحة تقعد وتأنتخ وتتمناك قدامي 

صرخت في نهاية كلامها بغيظ ليبتسم هو محولا اتجاه الحديث لدفة أخري ليهتف بعبث:







-يعني دا اللي زعلك؟.. انها بتحبني؟

-علي فكرة هي مش بتحبك

صرخت باشمئزاز ليتجاهل صرخاتها مقتربا منها ، لاحظت اقترابه فدفعته سريعا لتصرخ فيه:

-اياك تفكر تقرب مني فاااهم

جذبها اليه بعنف ليقيدها بين يديه هاتفا بشراسة:

-وايه اللي هيمنعني يعني هاا؟ فاكرة نفسك هتمنعيني ولا ايه؟ انا لو عايز منك حاجة هاخدها حتي لو غصب عنك

-انت بني ادم مريض

دفعها عنه ليهبط علي زجنتها بصفعة اهتزت لها ، تساقطت عبراتها قبل أن تندفع نحوه صارخة بجنون:





-اضرب كمان ، اضرب منت واحد جبان ، كلكو كدا ، عايزين تبقو مسيطرين





 وخلاص ، قبلك سعيد الكلب لما كان يمد ايده عليا ولما اتكلم يضربني ومن بعده انت وانت بتتهمني في 






كل نفس وفي كل حركة اني ممكن اكون بخونك فيها ، انا بكرهك فاهم.. بكرهكك 

صرخت وتراجعت للخلف لا تصدق أنها صرخت في وجهه للتو بما يعتمل صدرها لكنها لم تكن لتصمد أكثر ، راقبها مبهوتا لا يستطيع 





الحديث حتي انتهت ووقفت تلتقط أنفاسها بصعوبة ليخرج بعد ثواني تاركا اياها تنهار من تصرفاته التي تنهشها بحق!..





~_~ ~_~ ~_~ ~_~

تكورت "ليلي" علي الأريكة بانتظار زوجها لتتصنع النوم سريعا حالما سمعت صوت الباب يُفتح ، شعرت به يمر الي غرفتهما دون أن يعيرها اهتماما فارتجفت بألم ، ظلت مغمضة




 لعينيها تحاول تصنّع النوم لكن مرت دقائق طويلة وهو لم يخرج بعد ، كادت تتحرك لكنها عادت تغمض عينيها 



من جديد عندما شعرت به يخرج متوجها اليها ، ابتلعت ريقها بتوتر حالما انحني فوقها ليحملها بين يديه 



متوجها الي الغرفة ، وضعها علي السرير وكاد يستقيم لكنها وبدون سابق




 انذار تمسكت بعنقه جيدا لتنفجر باكية تناجي حبيبا لا يرأف بها..

تجمد "محسن" مكانه لا يدري ماذا عليه أن يفعل ليتبدد شروده حالما بدأت تتحدث من بين شهقاتها الباكية:

-انا اسفة ، انا عارفة اني غلطت ، والله عارفة اني غلطت ، بس والله 





مكنش قصدي ، انا بحبك ، وبموت وانت بعيد عني ، انا مكنتش بنام ، انا مش عارفة انا عملت كدا ازاي ، بس


 والله ما كان قصدي ، هو ، هو اللي قالي اننا زي الاخوات ، هو اللي قال ، وانا غبية ، 

انا اسفة ، عشان خاطري كفاية ، والله ما هكررها 

تاني بس كفاية ، انا اسفة



ارتجفت بعنف بين يديه ليضمها اليه بهدوء ، جلس 


بجانبها ليعدلها بداخل أحضانه تاركا لها المساحة 


لتبكي علي خطأها بين يديه طالبة منه السماح..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

اعتدلت "زينة" بانتباه عندما شعرت بحركة غريبة 

في الغرفة لتشهق فجأة عندما...






#جحيم_الفارس🔥🖤
#البارت_23
.....

اعتدلت "زينة" بانتباه عندما شعرت بحركة غريبة في الغرفة لتشهق فجأة عندما رأت "سعيد" يقترب منها ، توسعت عيناها برعب وهي تري أشباح المضي تطاردها من جديد ، حاولت الصراخ لكن صوتها كان محتجزا فلم تستطع اخراجه ، حالت التحرك لتهرب منه لكنها شعرت وكأن أطرافها قد شُلت فجأة فصارت غير قادرة علي التحرك ، اقترب منها وجاهدت هي لتتحرك او لتصرخ لكن بلا فائدة وفجأة..

صؤخت بعنف بعدما شعرت بأحد يجذبها لأحضانه مربتا علي ظهرها بخفة وقد بدأ صوت مألوف يهمس لها ببعض العبارات الهادئة ، نظرت حولها بخوف فانتبهت لكونها في غرفتها بين أحضان "فارس".. زوجها..

لم تعلم أن ذلك الضغط الذي وُضعت به هو ما جعلها تحلم بذلك اللعين من جديد بعدما كانت قد تخلصت منه منذ فترة طويلة.. 

أغمضت عينيها بإنهاك ولم تقاوم يد "فارس" التي باتت تربت علي جراحها بدلا من ظهرها وهي تستمع لهمسه المعتذر بين الحين والآخر ، يشتتها تكوينه حقا فأحيانا يكون رقيقا وأحيانا غير مبالي وأحيانا تود لو تصفعه ليصمت لسانه اللعين كي لا يؤذيها ، تقلباته تجعلها تريد البكاء بشدة وهي تشعر بأنها تضغط عليها أكثر من المعتاد فعلي الأقل في السابق لم تكن تكن له المشاعر لكن الآن.. بعدما كانت قد بدأت تنجذب اليه قليلا خلال رحلتهما القصيرة أصبحت تقلباته تلك تؤثر عليها بشدة..

-بقيتي كويسة؟

همس بتوجس فدفنت رأسها في عنقه دون أن تنطق ، لك تكن في حالة جيدة تسمح لها بالحديث أصلا ففضلت الصمت والاختباء بين ضلوعه من قساوة ما يجيش به صدرها..

تنهد بقوة وضمها اليه برفق محاولة بث الطمأنينة اليها ولو قليلا بعدما كاد قليه يتوقف وهو يراها تنتفض بذعر خلال نومها وقد بدي أنها تري كابوسا مهيباً..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

تململت "ليلي" بضيق لتفتح عينيها بعد مدة عندما زادت تلك الدعابات المزعجة ، كان "محسن" قد جلس بجوارها يداعب أنفها بأنامله محاولا إيقاظها بتلك الطريقة التي يعلم أنها تكرهها ، اعتدلت لتهتف بنعاس بينما تتثائب:

-انت عارف اني مش بحب الحركة دي

-بس انا بحبها

هتف بعناد فتنهدت بقوة ، ابتسم واقترب منها ليجذبها لأحضانه هاتفا برقة:

-صباح الخير يا حبيبتي

ابتسمت واقتربت طابعة قبلة لطيفة علي وجنته قبل أن تهتف بحب:

-صباح الخير يا حبيبي

ابتعد ليتحدث بسخرية:

-انتي بتبوسي ابن اختك ولا ايه؟ 

تخضبت وجنتاها بحمرة قاتمة ليغمز لها هاتفا يعبث:

-أموت أنا في كسوفك دا

دغزته بتوتر في كتفه ليقهقه بقوة علي خجلها ، استقامت مبتعدة لتتوجه الي الحمام لتغتسل ليتبعها بعبث ، توقفت لتنظر له بتساؤل هاتفة بحدة:

-افندم!

-عايزة ايه؟

رفعت حاجباها بسخرية لتهتف موضحة:

-انت اللي جاي ورايا مش العكس

-طب امشي قدامي يالا

-محسن.. عيب

شهقت حالما اقترب منها ليحملها بين يديه متوجها بها للداخل رغما عن صرخاتها الخجلة..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

تأوهت "نرمين" بألم عندما قرصتها والدتها بعنف محاولة جذب انتباهها لتصرخ فجاة:

-في ايه يا مامااا عايزة ايه؟ مش كفاية اللي الزفتة دي عملته فيا جاية تكملي عليا؟

-لا منا عايزاكي تبقي واعية كدا وتتصرفي وتفكري وتستغلي اللي حصل دا ، أبوكي ناوي يجوزك للواد عبدو اللي شغال علي القهوة وانتي عارفة ان ابوكي محدش هيقدر يقف قصاده وانا مش عايزاكي للزفت الكحيان دا ، فصحصحي واوعي بدل ما تلاقي نفسك بعد يومين مرمية خدامة عند امه

-دا علي جثتي

هتفت بشراسة وقد بدأ عقلها باستحضار بعض الخطط الشيطانية والتي ستوقع بها "فارس" لتتخلص بواسطته من ذلك العريس في نفس الوقت الذي ستحصل فيه علي ما تريده.. وهو زواجها منه..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

في منزل "فارس"..

تأفف "فارس" بضيق وهو يراقب "زينة" التي انشغلت عنه بالترتيب منذ فترة بدهشة..

لقد كانت بين أحضانه تارمة إياه يواسيها ويعتذر لها بيتفاجأ بها فجأة وبدون سابق إنذار تنتفض من بين يديه لتبتعد عنه بنفور غريب..

أراد التحدث اليها وسؤالها عن سبب ذلك لكنه لم يرد الضغط عليها لاكثر من هذا فتركها وهبط للأسفل..

......

رمقت "زينة" الباب بسخرية بعدما أغلقه لتلقي الملابس من بين يديها بعنف ، لقد ظنت أن تجاهله قد يجعله ينتبه لما يحدث وينتبه أكثر لخطأه لكن يبدو أنه لا يبالي بها من الأساس..

لقد ظنت أنه تركها وذهب لأنه مل منها لم تعلم أنه ظن انه سيريحها بابتعاده عنها!..

جلست علي الفراش بغيظ وهي تحاول التحكم في غيظها لكنها نهضت فجأة لتلقي بأغطية الفراش أرضا وقد تذكرت أنها لم تغيرهم فور ذهاب "نرمين"..

-بني ادم غبي اصلا ، مبيحسش

تمتمت وهي تلقي الأغطية بعنف قبل أن تتناول أخري لتبدا بترتيب الفراش بسرعة

......

هبط "فارس" الي الأسفل ليبتسم حالما وجد والدته تجلس تتابع احد البرامج التليفزيونية بتركيز ، اقترب منها وجلس بجانبها لتنتبه به وتغلق التلفاز ، لم يتحدث واكتفي بالاستلقاء واضعا رأسه بين يديها ، أغمض عينيه بتعب قبل أن يبدأ بالحديث بارهاق تملك منه بشدة:

-مش عارف اعمل ايه.. تعباني اوي يا امي ومش عارف اتعامل معاها خالص 

ابتسمت وداعبت خصيلات شعرة القصيرة نسبيا قبل ان تهتف بحب:

-طبطب عليها يا فارس ، بلاش تعاملها بتجاهل ، انت فاكر انك بتديها مساحة باللي انت بتعمله بس هي شايفاه برود وقلة حب ، الواحدة بتحب الاهتمام ، اهتم بيها ، قرب منها ، حاول تعرف هي بتحب ايه وبتكره ايه ، شوف ايه اللي بيفرحها و اعمله ، حاول تلفت نظرها ، اما متبقاش بتعاملها بالطريقة دي وانا شخصيا ببقي هاين عليا اضربك اصلا وتبقي مستنيها تيجي تحب في سعادتك

همهم بصمت وهو يقلب كلماتها في عقله لتبتسم هي وقد علمت أنها زرعت بذرة البداية في عقله والتي سيتصرف علي أساسها ليصلح علاقته بزوجته..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

-ما تنزلي

طبع "محسن" تلك الرسالة ليرسلها لصديقه سريعا والذي رآها بعد ثواني ليرد سريعا..

-خمسة وجاي

أغلق "محسن" الهاتف واتسعت ابتسامته وهو يستنشق الهواء الرطب بعمق ، يشعر بانتعاش غريب يملأ روحه ويبدو ان "ليلي" هي السبب في ذلك ، ابتسم وهو يتذكرها ، كم تغيرت كثيرا ، بات علي علم ان فراقهما علمها درسا قاسيا واثر بها وبشخصيتها كثيرا مما جعله يكاد يطير فرحا لعودته لها ، فكم يعشقها بحق!..

بعد فترة..

سار "محسن" بمحاذاة رفيقه الشارد ليهتف بعد فترة:

-مالك يا عم!

-مافيش.. اخبارك ايه انت وليلي؟

ابتسم "محسن" لا اراديا ليقهقه "فارس" قبل أن يهتف بحبور:

-ربنا يخليكو لبعض يا صاحبي

-يارب يا صاحبي ، مقلتليش.. اخبارك انت وزينة ايه؟

-اهو.. الدنيا ماشية

أجاب بهم يثقل علي صدره ليربت "محسن" علي كتفه بمواساة..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

مر أسبوع لم يتغير به الكثير..

لقد تجنبت "زينة" "فارس" تماما وقد بدأت تستوعب أن تعلقها به يعني تزايد الآلام لا أكثر فقررد الابتعاد عن هذا الضغط ، في حين سمح هو لها بهذا حتي تهدأ قليلا الي حين انتهائه من تحضير تلك المفاجئة المميزة لها..

عرض "خالد" علي والده رغبته بالزواج من "سلمي" فلم يمانع "جمعة" لكنه طلب منه الانتظار الي حين انتهاء عُدّتها..

كانت "درية" تراقب الأجواء بين ابنها وزوجته وتود لو تتخلص منهما كلاهما..

اعتنت "بثينة" بابنتها جيدا والتي تعافت قليلا ، فأصبح لا يشغلها شاغل سوي "سلمي" محاولة التكفير عما تسببت به لها..

استتبت الاوضاع نوعا ما بين "محسن" و "ليلي" فكانا يعيشان في عالم خاص بهما يجددون به من وقت لآخر مواثيق العشق الخاصة بهم..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

بعد الأسبوع..

في غرفة "فارس"

نهض "فارس" عن الفراش ليتحرك بخفة نحو الأريكة ، كان قد قرر التهور قليلا والتخلي عن بروده ذلك فحمل "زينة" فجأة والتي صرخت بقوة متشبثة برقبته وقد ظنت لوهلة أنها علي وشك السقوط ، ازداد اضطراب أنفاسها وازداد توترها بشدة مما جعله يبتسم بخفة ، نظرت له فبدت قريبة للغاية منه..

شرد لدقائق في ملامح وجهها استفاق من بعدهم علي صوتها الصارخ بحنق:

-نزلني بقولك

توجه الي الفراش ليضعها فوقه وما ان كادت تستقيم حتي انحني فوقها بجذعه العلوي محاصرا اياها ليمنعها من الوقوف ، بللت شفتيها بتوتر وقد ازدادت وتيرة أنفاسها بشدة ، كانت هذه من اللحظات النادرة التي يتقرب فيها اليها لتلك الدرجة القريبة فغزت وجنتاها حمرة محببه..

انحني الي  وجنتها ليطبع فوقها قبلة رقيقة ارتجفت لها ثنايا قلبها ، رفعت يديها لا اراديا الي صدره لتدفعه بوهن فما كان منه الا انه انحني اليها من جديد ليهمس في أذنها ببحة مميزة:

-وحشتيني علي فكرة

كاد قلبها ان يتوقف بسبب فعلته تلك ، عاودت دفعه من جديد ليتجيب لها تلك المرة ، ابتعد لتنتفض هي سريعا مبتعدة عنه لتترك بينهما مسافة جيدة ، نظر لها والتمعت السخرية بعيناه لتتوتر هي حالما قرأت نظرات السخرية تلك..

ربما بدا له رد فعلها مبالغا لكن بالنسبة لها لم يكن كذلك..

هتفت وهي تشيراليه بسبابتها:

-لو قربت مني بالطريقة دي تاني هـ...

-مش مقرب ريحي نفسك

تركها وخرج صافعا الباب خلفه بقسوة حطمت قلبها معه ، لما يعاملها بتلك الطريقة؟.. فقط لما!..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

-حاسب

صرخت "ليلي" بحماس وهي تحاول تحذير "محسن" من تلك الكرة الصغيرة التي رمتها بوجهه للتو ، تفاداها سريعا ليصرخ بها:

-يا بنتي ارحميني هو انا ناقص

عقدت حاجباها بضيق وقوست شفتاها للأسفل لتهتف بنبرة طفولية:

-انت نوتي ووحش هاا

راقبها بذهول قبل أن يقترب منها ليصفعها فجأة علي عجزتيها ، صرخت بقوة وأرجعت يديها للخلف لا تصدق أنه فعل هذا في حين هتف هو:

-بطلي محن واتظبطي ، خشي حضريلي الغدا

التمعت الدموع بعينيها ألما وخجلا فهتفت بينما تتوجه الي المطبخ:

-انت قليل الأدب

ابتسم بعبث قبل أن يؤكد علي حديثها:

-منا عارف

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

شردت "سلمي" قليلا كعادتها مؤخرا لتتنهد بضيق وقد عاد الي بالها احدي ذكرياتها مع "سعيد ، لما لا تستطيع محوه من ذاكرتها فحسب!.. لما الأمر بتلك الصعوبة!.. ضمت جسدها اليها تحاول بث الدفء لروحها لتهمس لنفسها بقوة:

-كل حاجة هتبقي كويسة ، معتش هيقدر يلمسك.. مش هيعرف ييجي ناحيتك تاني

صرخت فجأة عندما شعرت بأحد ما يربت غلي كتفها بهدوء ، كانت قد اندمجت مع أفكارها فظنت لوهلة أنه "سعيد" ليهدأ خفقان قلبها المرتعد حالما أطلت والدتها من خلفها..

بدت "بثينة" خائفة علي ابنتها فضمتها بقوة الي صدرها محاولة بث ولو القليل من الطمأنينة اليها ، ارتجفت "سلمي" بين يديها لتنساب عبراتها بعد ثواني دون ان تشعر ، تكره ذلك اللعين بشدة.. حقا تبغضه..

تراجعت "بثينة" عما كانت ستخبرها به وقررت ان تؤجل الإفصاح عنه الي حين الوقت المناسب!..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

بعد يومان..

زفرت "زينة" بضيق وهي تنظر لـ"نرمين" بكره ، لقد أتت للجلوس عند خالتها قليلا ريثما يهدأ والدها والذي أصر فجأة علي تزويجها بذلك الرجل الغريب..

أشاحت وجهها عنها بضيق عندما بدأت "نرمين" تتجاذب أطراف الحديث مع "درية" باندماج ، أرادت قتلها لكن أوقف تخيلاتها دخول "فارس" والذي ما ان رأته "نرمين" حتي توجهت له لتصافحه ، صافحها "فارس" بأدب لتهتف سريعا:

-عامل ايه ؟ اتاخرت في الشغل ليه؟

اختلس النظر الي "زينة" فوجدها تراقب الفراغ بتعبيرات جامدة وقد بدت غير مهتمة بما يفعلانه ، صك أسنانه بضيق قبل أن يرد علي "نرمين" بهدوء:

-مفيش يا نرمين بس كان معايا حالة كدا

-اطلع ريح شوية يا فارس ، زينة اطلعي مع جوزك

تدخلت "درية" سريعا محاولة ابعاد "نرمين" عن ابنها عندما شعرت بضيق "زينة" ، توجه "فارس" للأعلي بالفعل ومن خلفه "زينة" التي صعدت علي مضض..

......

جلست "زينة" علي الأريكة بانتظار خروج "فارس" من المرحاض ، لم تعد تفهم شئ ، مشاعرها مبعثرة بالكامل فلا تستطيع تمييز ان كانت تشعر بالحنق منه ام ان الأمر لم يعد مهما ، لم تتخيل أنها قد ترغب يوما بلفت انتباهه ليهتم بها او بصفعه علي تصرفاته الباردة والتي فقط تثير أعصابها بجنون..

يؤلمها تجاهله بحق حتي وان أظهرت عكس ذلك فلما لا يشعر بها ويرأف بحالها قليلا..

......

انتهي "فارس" من ارتداء ملابسه وتوجه للخارج لتوقفه "زينة" سريعا ، التفت بها لتهتف بتردد:

-متكلمش نرمين

ظن أنها تفعل هذا لانها تكرهها فحسب فاقترب منها بغضب ليهمس بعصبية:

-لا هكلمها يا زينة ، وابقي اشوفك بتبصلها بس بصة متعجبنيش

انتهي وهبط الي الأسفل في حين وقفت هي مبهوتة لا تستطيع التفكيؤ فيما قد يمكنها فعله..

......

توقف "فارس" علي السلم يلتقط أنفاسه بعنف ، لا يدري لما يعاملها بهذه الطريقة رغم إدراكه أنها بالتأكيد تؤثر عليها سلبا ، يزعجه لسانها الطويل لكن هذا ليس مبررا كما أنها لم تتبجح به منذ تلك الواقعة تقريبا.. اذا لما لا يحسن معاملتها!..

تنهد بإرهاق ، انها حقا قادرة علي ارهاقه لمجرد انه تحدث اليها ، كيف لها ان تفعل هذا؟.. 

هبط بعد ثواني الي الاسفل وقد اتخذ قرارا بمحاولة التحكم في اعصابه امامها ومعاملتها بالحسني حتي لا يظلمها امثر من هذا..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

انتهت "بسمة" من مساعدة أخيها علي تناول الطعام لتخرج بعد ذلك متوجه الي المطبخ كي ترتبه ، كانت تشعر بالإرهاق وزادها حنقا نداء والدها ، ذهبت اليه وهي تتمتم ببعض الألفاظ النابية لتهتف فور وقوفها أمامه:

-نعم يابا

-اخوكي عامل ايه؟

تأففت قبل أن تجيبه بملل:

-كويس 

-ما تتعدلي يا بت

التمعت الدموع في عينيها قبل ان تشيه له بيدها صائحة بحدة في وجهه:

-يعني انت عاجبك حالي الواقف دا؟ رفضته ليه يابا وهو كان شاريني؟

-انا كنت عايزلك الأحسن

لوت شفتيها باستنكار قبل ان تهتف بسخرية:

-لا كتر خيرك ، بعد اذنك

تركته وذهبت لغرفتها لتحبس نفسها بها من جديد في حين بقي "عزت" يقلب الأمور في رأسه.. هل أخطا عندما رفض ذلك العريس الذي تقدم لها لكونه متوسط الحال ولا يمتلك عملا سوي عمله في احد المدارس الحكومية التابعة لمركز البلدة؟.. لقد رأي أنها تستحق الأفضل منه لكن يبدو أنها فقط تلومه علي ما فعله..

~_~ ~_~ ~_~ ~_~

اشتعلت "زينة" بغيظ وهي تراقب تدلل "نرمين" المبالغ فيه أمام "فارس" ، كانت تلاحظ أنها لا يعيرها اهتماما ويحاول تجنبها قدر المستطاع لكن محاولات الأخري بلفت نظره أغضبتها حقا..

إلي متي ستسمح لهن الواحدة تلو الأخري بمحاولة خطف زوجها منها؟..

نعم تحاول تأديبه علي ما يفعله بها لكن لما لا تنحي خلافاتهما جانبا لتلقن تلك الحمقاء درسا؟!..

توسعت عيناها بصدمة عندما امتدت يد نرمين لتربت علي كتف "فارس" ، كانت تتصنع التلقائية لكن "فارس" انتفض بعيدا عنها ليعتذر منهم بعد ثواني..

شعرت بالانتصار وهي تري وجه "نرمين" يشتعل بحمرة الغضب لتستقيم مقتربة منها ، توجهت نحوها لتنحني اليها هامسا بهدوء:

-العبي علي قدك يا شاطرة

تركتها وصعدت الي الاعلي خلف "فارس" تاركة إياها تشتعل بغضب وتود لو ان تقفز خلفها لتقتلها وتتخلص منها..

......

شهقت "زينة" بتفاجؤ حالما فوجئت بنفسها فجأة بين ذراعي "فارس" ، كانت قد دخلت الغرفة للتو وما ان اغلقت الباب حتي جذبها اليه ليحاصرها بينه وبين الباب من خلفها..

توترت نظراتها لكنه اقترب منها ليهتف بضيق لا يعلم مصدره:

-مش شايفك اتضايقتي يعني؟

عقدت حاجبيها بتساؤل فأكمل موضحا:

-يعني نرمين تصرفها كان عادي كدا؟

هو يعلم انها اشتعلت بسبب ما فعلته الحمقاء الأخري لكنه أراد أخذ أي ردة فعل منها ليتأكد من ذلك القرار الأخير الذي اتخذه حيالهما..

نظرت له "زينة" لفترة وكم ودت لو تتجاهل سؤاله وتترك البرود يحتل قسماتها لكنها تراجعت لتهتف بحدة:

-لا منا هربيها ، بس لما تمشي عشان آخد راحتي

قهقه عاليا وفجأة وبدون سوابق اقترب منها ليختطف شفتاها بقبلة طويلة ، كانت مذهولة ، خجلة ، مصدومة ، لم تتصور أنه قد يقترب منها بهذا الشكل المفاجئ فأغمضت عينيها مستسلمة له..

ابتعد عنها علي اثر طرقات الباب المزعجة ، لينظم أنفاسه قبل أن يجيب بصوت متحشرج:

-مين؟

-انا يا فارس

نفخ بصوت مسموع حالما سمع صوت "نرمين" لينظر لـ"زينة" هاتفا بهدوء:

-معلش استحمليها

كانت تتمني لو تختفي من أمامه فالخجل يسيطر عليها بشدة ، اكتفت بالإيماء له بصمت في حين اقترب هو منها ليهتف بعبث:

-الاااه.. هو احنا فينا من الكسوف والكلام دا؟

-وميبقاش فينا ليه يعني؟

ضحك علي تحولها المفاجئ قبل أن يبتعد ليطلق سراحها بينما يتحدث بمرح:

-عشان عبده موتة اللي بيظهر مرة واحدة دا

فتح الباب لتندفع "نرمين " للداخل هاتفة ببكاء:

-فارس الحقني!..



تعليقات



<>