أخر الاخبار

رواية قيد انتقام المجروح الفصل الرابع4بقلم زينب سمير


 

قيـد إنتقام المجروح:-

_الفصل الرابع  .


لقد ضاع من العمر ما كان يكفي ليداوي جروحنا، اليوم لم تبقي سوي شروخ.. مجرد شروخ لكي تتداوي علينا بالأنتقام، والأخذ بالثأر، كي يندفي القلب، وتهدئ الروح.. علينا بالصمود.. لا التسامح، فالمسامح.. مُهان، يبقي ابـد الضهر لعبة بين يديِ الظالمين


فتحت عيناه بخمول بعدما عسعس الليل بسماء القاهرة، نظرت حولها بعقل مشوش ونظرات تائهة تبدلت الي اخري سعيدة



 بعدما تعرفت علي المكان الذي هي فيه، هي بغرفتها هي وزوجها، نهضت عن الفراش بحماس وهي تظن انه ربما بما حدث قد تقوقعت بعض الحواجز التي بينها وبين سراج، ظنت



 انها عادت تسيطر عليه وعلي قلبه والدليل علي ذلك تلك الليلة  التي عاشتها معه منذ قليل، ارتدت اقرب ما وجدته امامها فكان قميصا له اسود اللون، بالكاد وصل لقبل ركبتيها بقليل، صففت



 شعرها بعشوائية ثم توجهت نحو خارج الغرفة بحماس لتبحث عنه، لا يجب عليها ان تتركه وحيدًا حتي تسيطر عليه افكاره من جديد، عليها ان تتقرب وفقط.. 

عليها ان تريه حبها لـ يلين

فقط.. القرب والحب هم الحل


تبدلت ملامحها لـ التعجب ما ان وقعت عيناها عليه جالس علي اريكة بغرفة الصالون ومعه نجوان ابنه عمته، بالعادة تعلم بقرب العلاقة بينهم، لكن.. لا تصل بأن تصبح قابعة بين احضانه بتلك الحميمية؟!

هتفت بدهشة وعصبية وهي تقترب منهم:-

_سراج..!!

انتفضت نجوان في جلستها، حاولت ان تبتعد عن سراج لكنه لم يسمح لها، كل ما فعله انه لف يداه حولها جيدًا، نظر لهانيا ونطق ببرود:-

_خير؟!

بروده.. بالأضافة لما تراه الان، ايقظ فيها جنون العالم، فراحت تصيح وهي تقترب منهم:-



_نجوان بتعمل اية هنا؟ وازاي تحضنك بالشكل دا

قالت اخر عبارة وهي تحاول ان تبعد يداه عن نجوان وتبعدها عن احضانه.. لكن صوته جمدها بل جمد دقات قلبها قبل جسدها وهو يردف بـ:-



_واحد وحاضن خطيبته اللي هتبقي مراته كمان ساعات.. اية اللي مضايقك انتي؟



ولم تصل الي اذنيها إلا كلمة ' مراته ' فقط التي اصابتها بالجنون، كان قد نهض عن مكان ومازالت نجوان بجانبه تمسك بيديه بتلك اللحظات..


هانيا بصوت مختنق:-

_مراتك..


قالتها بدموع وهي تنظر له بوجع ولتلك التي تمسك في يده بقوة وكأنها تخبرها انه يخصها، تألمت ملامحها وهي تري مدي القرب الذي يجمع بين زوجها وتلك الفتاة، قرب هي احق به منها، رسم علي شفتاه ابتسامة باردة وهو يقول:-



_المستقبلية، حلوة صح؟ زوقي اتحسن عن زمان كتير اوي.. وبعدين انتي عرفاها كويس اعتقد



اقتربت منه وامسكت بيدها إحدي ذراعيه بأستعطاف، هتفت والدموع تهبط من عينيها وتحرق وجنتيها من لهيبها:-

_وانا ياسراج؟

ردد بنبرة لا مبالية:-

_قولتلك اطلقك انتي اللي رافضة، مش عارفة متمسكة لية اصلًا بالجواز رغم اني قولتلك انك مبقيتش تلزميني في حاجة، ولا انا اصلًا معتبرك مراتي



_انت..

قاطعها وهو يشير لها بأن تصمت:-

_انا اية؟ اوعي تقوليلي اني قاسي ولا ظالم! والله ازعل اوي ياهانيا واجيب ناس كمان تزعل، دا انا متعلم القسوة منك يااستاذتي

بدأت تنهار وهي تردد:-

_انا اعتذرتلك كتير، انتي لية مش مسامحني؟

سراج بصلابة:-

_انتي مبقيتش تهميني علشان افكر اسامحك ولا لا، انا قولتلك اطلعي برة حياتي وريحيني وريحي دماغك بس انتي اللي رافضة.. فبراحتك بقي

اشارت لـ الفتاة التي تجاوره قبل ان تقول:-

_وهي هتنسيك حبي؟ هتعيش معاها نفس اللي عيشته معايا؟ حبيتها زي ما حبيتني؟ بتشوفها في وشوش الناس زي ما بتشوفني؟

سراج بسخرية:-

_وانتي مفكرة اني هغلط نفس الغلطة وادور علي نسخة منك تانية احبها؟! عايزاني اقع في نفس الغلط مرتين.. دا حتي


 يبقي عيب في حقي، انا المرة دي اخترت واحدة لقيت فيها اهم صفة مش موجودة فيكي، اختارت واحدة انا متأكد انها



 مش هتخون ولا هتضربني في ضهري ياهانيا، ودي اهم صفة انا عايزها.. لان اديكي شوفتي، اخترتك وانتي فيكي كل حاجة الا دي.. واديني مبقيتش طايق ابص في وشك

صاحت فيه:-

_انت كداب، انت لسة بتحبني

_انتي واهمة، وانا للاسف مش فاضي لوهمك دا، ورايا مشاوير كتير انا ونجوان ولازم نلحق ننجزها قبل كتب الكتاب..


قال تلك العبارة ثم رمقها بنظرة اخيرة قبل ان يغادر مع تلك التي تدعو نجوان، تاركًا خلفه هانيا تنظر له بقهر ووجع


وجع ادعي الي سقوطها ارضًا وهي تنظر الي الأمام بصدمة، اهذا سراج؟! لا لم يعد ذلك هو نفسه سراج الذي تزوجته، متي


 تحول الي تلك الشخصية، متي بات قاسي هكذا، كل ما مضي تحملته لأنه كان هين.. لكن تلك الضربة كانت أقوي وأقسي



 ضربة، تلك الضربة اعلمتها ان سراج بالفعل تغير الي درجة هي لم تتصورها بعد، ولما؟ هي.. نور الدين.. نيرمين، الجميع يعلم


 ان خطائهم لم يكن بالشنيع، اذن لما؟ لما يوجعهم ويؤلمهم التي تلك الدرجة؟ هم فعلوا كل هذا لاجله فقط.. لاجله هو... وفقط!!

                              *****

فتح نور الدين باب المنزل فوجد امامه سراج، توسعت ابتسامته الغير مصدقة لما يراه، اردف وهو يقترب ليحضنه:-

_سراج..


قبل ان يفعل وجد سراج يرفع يده ليصده، توقف وهو ينظر له بحزن متألم، اكمل سراج وهو يشير لنجوان الواقفة بجواره


 التي لم يلمحها نور الدين لانتباه فقط لاخيه، وذلك ما اوجعها وجعلها تزداد صمودًا علي الأكمال في ذلك الزواج:-



_بما اني مهما لفيت ودورت مليش غيرك ومبحبش افرح غير وانا معاك جيتلك علشان تشهد علي جوازي من نجوان


توسعت عينا نور الدين بصدمة وزهول، نظر لنجوان فوجد ملامحها باردة.. نظرات عيونها جامدة، عكس نظرات الماضي السعيدة وملامح الماضي المتحمسة، مظهرها الأن يشبة



 الصورة التي كان لا يتعامل الا بها.. معها، هل غيرها بقسوته؟ هل اكتفت منه؟ هل كان يخيل له حبها من الاساس؟ توجعت ضربات قلبه وهو ينظر لها

حتي هي.. خسرها

هذا ما جال بعقله لكن ما ان عادت تقع عيناه علي اخيه سراج من جديد، اخيه الذي يعشقه، الذي لا يملك غيره، الذي هو عنده بـ الف نجوان، عادت ملامحه تهدأ وترتسم علي ملامحه بسمة مرتعشة وهو يردف بنبرة جاهد ليخرجها متماسكة:-



_مبروك ياسراج، انا مش هكون جنبك وبس.. انا هكون شاهد علي كتب كتابكم كمان


ابتسم سراج بسمة واثقة، واغمضت نجوان عيونها بألم، ونظر نور الدين للارض بدموع، هكذا كانت ردود افعالهم الصامتة،



 لكن نيرمين الواقفة خلف نور الدين، والتي استمعت لكل ما حدث، خرجت صيحات الغضب منها وهي تبعد نور الدين عن



 مكانه وتتتجه نحو نجوان بعنف، امسكتها من خصلات شعرها وراحت تنزل عليها بالصفعات تباعًا وهي تردف بنبرة مقاربة علي الجنون:-



_انتي اتجننتي، ازاي توافقيه علي الجنون دا ازاي تعملي كدا، مين قالك اني هوافق علي الكلام الفارغ دا، مفيش جواز هيحصل الا علي جثتي، ابوكي لو عرف هيطين عيشتك



تدخل نور الدين وابعدها عن نجوان بصعوبة وهو يردف:-

_اهدي ياعمتو

نظرت له كففت وجهه بين يديها وهي تردف بوجع عليه:-

_هي مبتحبش غيرك وهو مبيحبش غير هانيا يانور، هما مبيعملوش كدا غير علشان يوجعوك يانور، هيستفيدوا اية لما يوجعوك يانور، هيستفيدوا اية غير انهم هيكسروك اكتر ما انت مكسور ياحبيبي



قالتها وهي تنهار بين احضانه، تنهد وهو يضمها له اكثر، ظلت هكذا لـ دقائق قبل ان تبتعد عنه وتقترب من سراج بأندفاع، راحت تضربه علي صدره ضربات عديدة متتابعة يستقبلها سراج بلا رد فعل وهي تصيح:-



_انت جري لعقلك اية؟ فين سراج اللي ربيته بأيدي فين ابني، انت لا يمكن تكون سراج، انت.. انت




ظلت تردف بكلمات متقطعة غير مفهومة وهي مازالت تضربه، وكل مرة الضربات تزيد قوة، اقترب نور الدين تلك المرة ايضًا وابعدها عن اخيه بقوة، فلم يتحمل ان يري اخيه موجوعًا اكثر من ذلك، قال وهو يحاول ان يهديها:-

_عمتو اهدي لو سمحتي

نيرمين بنبرة هيسترية:-

_انت بتحب نجوان، الكل عارف انك بتحبها، معقول هتسيبه ياخدها؟!

اردف بألم:-

_حتي لو بحبها مستحيل اتجوزها، انا قولت اني مستحيل او**ها واخليها تبقي علي اسم واحد قذر زيي



قالت وهي ترمق نجوان وسراج بأشمئزاز:-

_مش انت القذر، هي واللي جنبها هما اللي او**، هي متستهلش غيره، لكن انت متستهلش غير واحدة زيك يانور في طيبتك، هي اللي متستهلكش


دقائق مرت.. هدأت فيهم نيرمين اخيرًا وتوجهت نحو غرفتها بعد ان أقرت بأنها لن تحضر كتب الكتاب ذلك ابدًا واعلنت انها



 من ذلك اليوم لا تملك ابنًا الا نور الدين، وتخلت عن امومتها لنجوان وسراج معا، ابعد نور الدين عيناه عنهم بتوتر وهو يسأل:-



_هتكتبوه دلوقتي؟

سراج الذي كان باردًا من اول اللقاء لحتي تلك اللحظة اؤما بنعم، هتف نور الدين بتسأل مرة اخري:-

_كلمت مأذون ولا اطلبلك؟

نظرت نجوان بتلك اللحظة الي سراج بقلق، فأجاب:-

_كلمته وزمانه جاي


بتلك اللحظة دخل من الباب الذي كان مازال مفتوحًا اصدقاء سراج تباعًا معتز فـ كرم فـ ماجد، ومعهم شخص من هيئته


 يظهر انه المأذون، ملامحهم جميعًا يرتسم عليها التكفهر، كأنهم جائون الي عزاء، عُرف من تلك الملامح أنهم كما الجميع لا يرضون عن تلك الزيجة


اقترب نور الدين منهم وهو يبتسم بسمة بالكاد تظهر، سلم عليهم تباعًا و:-



_اهلا ياشباب غايبين بقالكم كتير

معتز وهو يمد يده لـ السلام عليه:-

_مشاغل والله يانور، كنا مستنين سراج يخرج ويهدأ كدا علشان نيجي 

ابتسم كرم ساخرًا وهو يهتف متابعًا:-

_حظنا اننا نحضر كتب كتابه بقي، اخوك ابن المحظوظة اتجوز مرتين وانا مش لاقي كلبة تعبرني



وعلي الرغم انه حديثه ساخر، ملئ بالغضب، إلا أن الجميع ضحك بمرح، كأنهم يحاولون أن يبحثوا عن أي طريقة يخرجوا فيها ضيقهم المستعار


و.. تم كتب الكتاب! 


وسط شرود نور الدين الحزين، ونظرات اصدقاء سراج الرافضة لما يحدث، وملامح سراج الباردة وارتعاش نجوان الواضح..

قال المأذون اخر كلماته المشهورة:-

_بارك الله لكم وبارك عليكم وجمع بينكم في خييير

وغادر ومعه ماجد ااذي أوصله الي الخارج، عاد معتز فوجد اصدقائه استعدوا لينهضوا، استأذنوا وغادروا سريعًا، فلم


 يستطيعوا ان يظلوا بعد.. بذلك الجو المشحون.. نهض نور الدين أيضا عن مقعده، هتف وهو ينظر لسراج:-

_هتقعد هنا معايا؟


ورغم كل ما حدث كان ينتظر الاجابة بفارغ الصبر ويتمني ان تكون نعم فيعود اخيه يسكن معه من جديد، لكن سراج اؤما بالنفي وهو ينهض عن مكانه و:-



_لا.. هاخد نجوان وارجع شقتي

تطلع الي نجوان تلك المرة بنظرة سريعة بها من الحديث الكثير قبل ان يجيب وقد انهدمت احلامه من جديد:-

_زي ما تحب!

                              *****

صعد الي غرفته، بخطوات الواثقة كما المعتاد، دخلها واغلق بابه، وبتلك اللحظة اخيرًا، سقطت جميع قناعاته المتماسكة،



 ظهر فقط وجهه المتألم.. الحزين، الذي حاول ان يخفيه كل تلك المدة بالأسفل، راح يجلس علي الارض بأنهزام، بدأت عيناه تدمع.. 

وضع يده علي قلبه الموجوع وفقط..

لم يعرف كيف سيواسي نفسه من الأساس، لقد غادرت من حياته كل الاسباب التي كان يعيش لاجلها، بدأ سراج يغادر من حياته تدريجيا.. بعيدا عنه



حتي نجوان التي ما كانت يومًا لتكون له.. غادرت!

تألمت روحه.. وضاق صدره، نظر الي السماء بمناجاة دون حديث، انفتح الباب بتلك اللحظة ودخلت منه نيرمين، التي كأنها شعرت به، جلست بجواره ارضًا، احتضنته وهي تردف ببكاء حارق:-



_مس مسمحاهم علشان كسرتك دي يانور، مش مسمحاهم ابدا علي وجعك دا ياحبيبي

بكي في حضنها، انهار كما انهارت هي بحضنه منذ قليل، راحت تربت عليه وهي تبكي حزنًا عليه ووجعًا، روحه تخنقه وتعلم،



 تعلم انه موجوع لما يحدث له علي يـد سراج، تعلم أن سراج يستخدم كل ما يحبه ليوجعه به وهذا أكثر ما يؤلمه..


تماسك بعد كثير من الوقت، اظهر وجهًا من الجمود و:-

_خلاص ياعمتو اهدي، انا كويس، علشان سعادة سراج انا مستعد اضحي بأي حاجة

_حتي حب حياتك؟

سألته بأستنكار.. فأجاب بعد ان اغمض عيناه لـ لحظة:-

_حتي حب حياتي

نيرمين بعصبية:-

_بتعمل دا كله لية؟ انا مبقتيش قادرة استوعب حبك لاخوك يانور، مبقيتش قادرة افهمه، وانا شيفاك بتضحي ازاي علشانه



 وهو بيكرهك ازاي، دا بيدور علي كل اللي يوجعك وبيعمله، هو بيكرهك وانت بتحبه! انت لازم تعقل ومتسكتش لا ليه ولا لنجوان، هي بنتي اها بس والله ما تستاهل واحد زيك ابدًا

نور الدين بهدوء يُحسد عليه:-



_محدش فاهم سراج قدي يا عمتو

نيرمين:-

_انت بتتكلم عن سراج القديم، لكن دا مش سراج اللي اعرفه ابدًا

_كل واحد بيظهر غضبه او ضيقه من حد بطرق مختلفة، ودي طريقة سراج ياعمتو، بيوجع لحد ما وجعه هو يتلم، خليه يوجعني براحته انا مستحمل، بس المهم يبقي في الأخر كويس

صاحت نيرمين بزهول:-

_انت مش طبيعي يانور، اخوك مش هيسكت غير لما يدمرك

هتف بأبتسامة هادئة:-

_وانا راضي

ضربت كف علي كفه وخرجت من غرفته بينما هي تردد:-

_عمري ما شوفت صورة حية لحد عنده استعداد يموت علشان حد بيحبه غير فيك


                      الفصل الخامس من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close