رواية سر غائب الجزء الثاني2الفصل التاسع والعاشر بقلم سماح نجيب مدونة كرنفال الروايات


 سر غائب

البارت التاسع والعاشر 

بقلم سماح نجيب 



صدمة تلو الأخرى فهذا اليوم يوم تاريخى بحياة هذه العائلة فاليوم تم كشف الغطاء عن ذلك السر الذى ظل أيسر يحتفظ به حتى يحين موعد البوح به ولكن ربما جاءت النهاية أبكر مما كان يظن فهو يعلم حتى اذا ربح جولة فخسر الاخرى


نظر جمال لعزام وظل كل منهم يطالع الآخر بصدمة بعد سماع ما قاله أيسر


فهتف جمال بصدمة قائلا:

–ابن اخونا هاشم طب ازاى وهاشم مات ومتجوزش


أفتر ثغر أيسر عن ابتسامة محمولة بأوجاع وألام قائلا:

–لاء كان متجوز يا عمى وانا ابقى ابنه ومحدش كان يعرف الا عزام باشا اللى خبى الحقيقة عن الكل 


شلت صدمة أعتراف أيسر بهويته الحقيقة أطراف عزام فعندما رفع رأسه وجد الجميع ينظرون له فى انتظار تفسير ما سمعوه للتو إلا انه ظل صامتاً،


طالعه أيسر بتحدى أن ينكر ما قاله الآن فاستطرد هو قائلا:

–طبعا مش قادر تتكلم يا عزام باشا بس هتكلم أنا الحكاية كلها بدأت لما هاشم اخوكم حب بنت كانت بتشتغل عندكم هنا فى البيت حورية لو تفتكرها يا دكتور جمال بنت جميلة ويتيمة ملهاش حد هى كمان حبيته اتجوزوا على سنة الله ورسوله بس فى السر علشان ابوكم كان راجل جبار ولو كان



 عرف كان هيأذيها بعد فترة أمى حملت فيا كان لازم يشوفوا حل لأن فى طفل هييجى للدنيا فى اليوم اللى أبويا قرر فيه يقول لجدى واخدها معاه علشان يعترف بجوازهم للكل عمل




 حادثة كانت هى معاه فى المستشفى وصل عزام باشا بس علشان يشوف اخوه فأعترفله بكل حاجة وقاله ان حورية تبقى مراته وحامل بعدها بدقايق مات ساعتها عمى عزام قال لامى انها تختفى ومتجيبش سيرة لحد انها كانت متجوزة هاشم




 الرافعى وانهم مستحيل يعترفوا باولاد الخدامين حتى انه اتهمها انها بتكذب وان الحمل مش من اخوه وانها كانت بتعمل كده علشان تدبسه فى جوازه منها طبعا هى كانت عارفة جبروته خافت وهربت من البيت لحد ما ولدتنى جيت على الدنيا وانا معرفش حد غيرها فضلنا ننقل من مكان لمكان




 مكنش أعرف غير ان أسمى أيسر هاشم الرافعى بس هو مين مكنتش أعرف كانت دايما تقولى انه واحد ومات اتمرمطت علشان تربينى وتعلمنى وبسبب جمالها رجالة كتير طمعوا فيها حافظت على نفسها بقت تدور على اى شغلانة علشان تصرف عليا ولما كبرت وقدرت اساعدها بقيت ادرس واشتغل فى




 نفس الوقت لحد ما دخلت الجامعة اخترت كلية اقدر اذاكر واشتغل فى نفس الوقت دخلت كلية تجارة واتخرجت واتعينت معيد لحد ما أمى جالها سرطان كان علاجها محتاج فلوس كتير وأنا كل اللى كنت بكسبه من شغلى فى الجامعة




 والشركة اللى كنت بشتغل فيها بصرفه على علاجها وانا كل ده معرفش ان انا ابن العيلة دى وان كان المفروض امى وانا نعيش هنا لحد ما فى يوم كانت خلاص بتموت كنت معاها فى المستشفى انا وحسام وجدى رضوان ومراته وحكتلنا على كل حاجة وساعتها عرفت أنا ابن مين وأهلى مين زادت النار فى




 قلبى والكره لما عرفت ان بسبب قلة ضمير عمى عزام شوفت الذل انا وأمى راقبت كل واحد فى العيلة دى وعرفت عنكم كل حاجة بس ملقتش فرصة ادخل بيها البيت غير عن طريق ثراء لأنها هى الوحيدة اللى بتخرج فى أى مكان من غير ما تعمل



 حساب أنها بنت ناس أغنيا كانت عيشاها ببساطة فضلت متابعها لحد ما فى يوم القدر خدمنى ولقيتها فى اتنين بيجروا وراها وساعتها طلبت منى أن انقذها منهم ولما طلبت منى يا دكتور جمال اكون الحارس الشخصى ليها قدمت على اجازة



 فى الكلية علشان اقدر اجى اعيش معاكم هنا وأعرف ارجع حقى تانى لأن انا ليا تلت أملاك العيلة دى كلها وكنت عايز أخد حقى وحق أمى 


رفعت ثراء رأسها عن صدر أبيها تطالعه بعينان باكيتان قائلة:

–يعنى ضحكت عليا ووهمتنى انك بتحبنى علشان بس ترجع حقك طب ليه تعمل فيا كده أنا عملت فيك إيه علشان تأذينى بالشكل ده 


حرك رأسه باصرار نافياً ما تقوله فهتف قائلا بلوعة:

–ابدا والله انا بحبك يا ثراء صدقينى والله بحبك ومحبتش حد غيرك يمكن فى الأول كنت عايزك علشان ادخل العيلة دى بس من أول ما شوفتك حبيتك صدقينى




وضعت يدها على أذنيها غير راغبة فى سماع أى كلمة منه فهى لا تصدق ما يتفوه بعد ما حدث منه فهتفت بصوت باكى:

–كفاية بقى يا أيسر كفاية لحد كده مش عايزة أسمع منك كلمة تانى ارجوك اسكت بقى كفاية كلام





حاول عزام أن ينفى ما قاله أيسر قائلا:

–هو أنت مفكر ان احنا هنصدق اللى بتقوله ده انت جاى تألف علينا وتكدب علشان نعديلك اللى عملته لاء اصحى فوق شوف انت بتتعامل مع مين دا أنا عزام الرافعى




كان هذا اكثر مما يتحمله وجد أيسر نفسه يقترب منه صارخاً بوجهه قائلا:

–أنت لسه هتنكر تانى أنت السبب فى كل البلاوى اللى حصلت فى حياتى ولو عايزين تتأكدوا من كلامى أدى بطاقتى وشهادة ميلادى وقسيمة جواز أمى وأبويا


أخرج أيسر كل الأوراق التى بحوزته التى تثبت صحة كلامه اخذها منه جمال يجيل ببصره فيها فرفع رأسه عندما عاد أيسر يستطرد قائلا:

–وأنت يا دكتور جمال زى ما اقدرت تعرف ان حسام ابنك تقدر تعرف اذا كنت انا ابن اخوك ولا لاء وأنا على استعداد اثبت ده وأثبت نسبى لعيلة الرافعى ولأخوكم هاشم


زاغت نظرات عزام عن أعين الجميع فهو متيقن الآن أن ذلك الشاب هو ابن شقيقه الراحل الا انه يحاول ان ينفى ذلك حتى لا يخسر كل شئ دفعة واحدة فزوجته وابناءه ينظرون إليه



 بخزى فحتى زوجته المتعجرفة استهجنت ما فعله،حرك شهاب رأسه بشفقة وهو يشهد على موقف تلو الاخر يصيبه بالصدمة ان هذا الرجل هو أبيه فهل كل ما كان يفعله ستار يوارى خلفه طباع وحقيقة بشعة


هتف شهاب بوالدته وشقيقته قائلا بعينان توشك على البكاء مما أكتشفه عن أبيه:

–يلا يا ماما يلا يا ميرا 


دمعت عين ميرا وهى ترى ابيها اليوم بذلك المشهد المخزى فلماذا فعل كل هذا أمن أجل المال فأقتربت منه قائلة بدموع:

–بابا معقول أنت عملت ده كله أنت ظلمت حد وأكلت حقه عملت كده فى ابن أخوك خليته يعيش حياته متعذب هو ومامته وأنت عايش فى عز علشان مامته كانت بتشتغل عندكم تقوم تظلمها بالشكل ده




اذدرد عزام لعابه فهو لا يجد ما يقوله فظل صامتا فأقترب منها شهاب يسحبها من مرفقها يخرجها معه من الغرفة قائلا:




–يلا يا ميرا مفيش فايدة للكلام ده دلوقتى كبيرنا طلع ظالم


اتسعت حدقة عين عزام وهو يستمع لما قاله أبنه فهم برفع يده ليصفعه على وجهه لما تفوه به قائلا:

–اخرس انت ناسى ان انا ابوك


هوى بيده على وجه شهاب الذى لم تزده صفعة والده سوى شعوره بالخزى:

– للأسف أنت أبويا وربيتنى علشان أبقى زيك بس كويس أنت مكملتش فى طريق الجبروت بتاعك


خرج شهاب من الغرفة يجر شقيقته معه التى لم تكف عن البكاء فتبعته والدته يليها عزام وظل جمال وزوجته برفقة ابنته وزوجها لا يعرف ماذا يفعل هو الآن ؟ فأقتربت فيروز من



 ابنتها التى ظلت صامتة مشدوهة من تلك الحقائق التي سمعتها اليوم ربتت عليها بحزن قائلة:

–حبيبة ماما تعالى معايا علشان ترتاحى شوية


عندما حاولت سحبها معها لم تتحرك ثراء من مكانها وكأن قدميها فقدت الحياة ولا تشعر بهما فسقطت جالسة على الأرض باكية

–رجلى يا ماما مش حاسة بيها 


جثت فيروز بجوارها هى وجمال وهم يرون أبنتهم بتلك الحالة المروعة ،فزع أيسر مما سمعه فهو يخشى أن يكون أصابها مكروه فأقترب منها سريعا يتحسس قدميها بلهفة :

–حبيبتى مالك فى ايه رجلك مالها


نفضت يده عن قدميها تنظر اليه بحدة قائلة:

–أبعد أيدك عنى ومتلمسنيش تانى خلاص اللعبة خلصت وخدت حقك مبقاش ليه لزوم التمثيل أكتر من كده 


خانتها عينيها لتتجمع بها عبراتها مد أصابعه يمسح دموعها قائلا:

–سامحينى يا قلبى أنا أسف على الوجع اللى سببتهولك بس وجعت نفسى قبل منك يا ثراء


عن أى وجع هو يتحدث الآن ؟ فهو ذبح قلبها ومشاعرها أنتزع منها أحلامها أسندها والدها ووالداتها حتى جلست بالفراش ذهب جمال سريعا الى غرفته يحضر دواء لها فعاد ثانية بيده ابرة محقن قائلا:




–حبيبتى انا هديكى حقنة هتريحك وحاولى تنامى شوية وبلاش ضغط على أعصابك يا حبيبتى ماشى

حقنها والدها ظلت والداتها جالسة بجوارها تربت عليها وهى باكية أيضًا أقترب جمال من أيسر يسحبه من مرفقه يجره معه قائلا:



–أنت ابعد عنها دلوقتى وسيبها فاهم ابعد عن بنتى يا أيسر

أخرجه خارج الغرفة واغلق الباب بوجه وعاد لابنته ثانية ظل أيسر واقفا على الباب يجاهد على الا تسقط دموعه ولكن



 هيهات فهو فلن يستطيع اختزانها أكثر من ذلك سمع وقع اقدام خلفه فمسح عينيه سريعا التفت وجد حسام ورضوان وسميرة يبدو أنهم عائدون من الخارج أقترب منه حسام قائلا:

–مالك يا أيسر واقف كده حصل حاجة

علم رضوان أن ربما انكشفت حقيقته فهتف قائلا:

–هم عرفوا يا أيسر عرفوا كل حاجة




هز أيسر رأسه بضعف قائلا:

–أيوة عرفوا كل حاجة وخسرت برضه كل حاجة ثراء مش طايقة تبص فى وشى او تسمع صوتى هى او عمى جمال

أقترب منه رضوان يواسيه قائلا:




–ان شاء الله كل حاجة هتتصلح يا أيسر أقترب منه حسام قائلا هو الآخر:

–أنا هدخل لثراء هفهمها كل حاجة لازم ثراء تعرف أنك معملتش كده بمزاجك وأنك بتحبها يا أيسر


عندما حاول ادارة مقبض الباب منعه أيسر من فعل ذلك حرك رأسه قائلا بأسف:

–بلاش دلوقتى ياحسام اختك تعبانة بلاش نزود تعبها خليها ترتاح وبعدين نتكلم معاها ونفهمها وممكن تسامحنى




هو يعلم أنه لن يعود شئ كما كان فتلك النظرة بعين زوجته أخبرته صراحة عن مدى تلك الصدمة التى خلفها هو بنفسها من أفعاله النكراء معها


دار عزام حول نفسه بغرفة مكتبه وهو لا يصدق ما حدث اليوم فكيف عاد اليه الماضى الذى حاول هو اخفاءه ونسيانه فهو كان يظن أن ذلك الماضى طويت صفحته بعد هروب زوجة



 شقيقه الراحل فهو لم يعلم شئ عنها فهو فرح بهروبها ظنا منه انها كانت تمارس خدعة على شقيقه لتتضح الأمور كلها الآن وأن شقيقه هاشم لديه إبن ولكن تذكر أيضاً أن ذلك الشاب



 المدعو ابن أخيه اخذ منه كل شئ يملكه فهو الآن لا يملك شيئا ظلت افكاره تصارعه حتى فتح باب الغرفة تدلف زوجته نفخ بضيق وهو يراها تدلف تنظر اليه بحدة قائلة:

–هو ايه اللى حصل ده يا عزام أنت عملت كل ده




أطاح عزام بكل ما يوجد على سطح مكتبه صارخا بها:

–بقولك ايه يا لبنى ده مش وقتك أنتى كمان سبينى لوحدى اخرجى برا برااااااا


لم تأبه لبنى لصراخه بها فأقتربت أكثر منه وهى تصرخ به بحدة مماثلة:

–بطل تصرخ فى وشى وشوفلك حل فى المصايب اللى وقعت على راسنا انت دلوقتى مبقتش تملك اى حاجة اللى بيقول انه ابن اخوك ده اخد كل حاجة ومش منك بس لاء ومن مراته كمان يعنى كل أملاك عيلة الرافعى بقت فى ايده هو وبس


ما كان لها أن تذكره بكل هذا فهو لم ينسى فغضبه يعميه الآن ارتمى على المقعد خلفه يضع رأسه بين يديه يبحث عن حل او مخرج من ذلك المأزق الذى وضع به نفسه

________

طالعت فريدة صافى بضيق نوعا ما وهى تراها تتجول بالصالة مجيئة وذهاباً منذ خروج أيسر خلف تلك الفتاة التى لا يعرفن من تكون هى


فتركت فريدة مكانها تقترب منها تمسكها من مرفقها تديرها إليها قائلة:

–وبعدين معاكى يا صافى فى ايه راحة جاية راحة جاية لما دماغى لفت وراكى فى ايه ما تهدى شوية


أطرقت صافى رأسها أرضاً تحاول الهرب من نظرات جدتها التى رأت بها ضيقها وغضبها مما تفعل فحاولت التبرير قائلة:

–مفيش حاجة يا تيتة انا بس خايفة لنكون سببناله مشكلة مع البنت اللى كان بيجرى وراها واحنا منعرفش هى مين


لم تقتنع فريدة بما تقوله فهى على دراية بأن ليس هذا ما يقلقها فهتفت قائلة:

–والله يا صافى انتى مفكرة ان هصدقكأنا مش داخل دماغى كلامك ده 


حاولت صافى اقناع جدتها يما تقوله:

–صدقينى يا تيتة والله هو ده قصدى 


رفعت فريدة وجه صافى تتفرس بملامحها قائلة بهدوء:

–صافى هو أيسر أينعم راجل وشهم ومشفتش فى اخلاقه بس زى ما قولتى منعرفش عنه حاجة خالص جايز عنده مشاكل كتير فى حياته بلاش تعقديهاله أكتر


انزعجت ملامح صافى بغضب طفيف فهى لا تريد به سوءا سوى معرفة من تكون تلك الفتاة التى ركض خلفها هكذا وهو يناديها فاصراره على اللحاق بها أنبأها بأن هناك خطب ما مما زاد فضولها وتلك الرغبة فى معرفة كل شئ يخصه ارادت إنهاء ذلك الحديث


استدارت الى جدتها قائلة بابتسامة خفيفة:

–تصبحى على خير يا تيتة انا هدخل أنام 


ذهبت صافى سريعا الى غرفتها قبل أن تتمكن جدتها من الرد على حديثها زفرت فريدة بخفوت تتجه هى الأخرى صوب غرفتها وهى تفكر لماذا أصبحت صافى لا تصارحها بما يعتمل بداخلها مثلما اعتادت منها أن تفعل

________

ظلت عيناه عالقة بباب الغرفة فى انتظار خروج والد ووالدة زوجته فهو يريد أن يطمئن عليها ولكنه يعلم أن أبيها لن يجعله يقترب منها الآن توارى خلف احد تلك الاعمدة الضخمة وهو يرى باب الغرفة يفتح ويخرج منه جمال وزوجته متجهين إلى غرفتهم ،لم يمهل نفسه دقيقة اخرى فتسارعت خطواته فى الاقتراب من الغرفة فتح الباب يدلف مسرعا يغلقه خلفه أدارت ثراء رأسها لترى من ولج للتو فهى اصرت على والدايها ان ينالوا قسطاً من الراحة على أن تغفو هى أيضاً 


عندما رأت زوجها أشاحت بوجهها عنه قائلة بجفاء :

–ايه اللى جابك هنا وعايز منى ايه تانى


اقترب من الفراش يجلس بجوارها فنأت بجسدها عنه فأنحنى بجزعه قليلا ليرى وجهها بوضوح على تلك الإنارة الجانبية للفراش فهتف بصوت مليئ بالشجن :

–عاملة ايه دلوقتى يا حبيبتى كويسة لسه حاسة رجلك بتوجعك ردى عليا يا نور عيونى


اغلقت عينيها تحول بين تسلل دموعها من بين أهدابها المغلقة فهتفت بصوت متحشرج:

–ارجوك اخرج وسبنى لوحدى 


مد كف يده يداعب وجنتها مثلما اعتاد أن يفعل معها وجد يدها تسرع فى التقاط يده تزيحها عنها فأطبق بأصابعه على أطرافها يرفعها إلى فمه يقبلها:

–انا عارف انك زعلانة منى بس سامحينى يا قلبى


لم تجد الشفاعة له مكان بقلبها، فهى جل ما تريده أن يبتعد الآن وحسب فما عساها أن تفعل وهو مازال قريباً منها ينذرها بهدم حصونها الهشة فربما هو متيقن  أنها ستغفر له أفعاله ،أن عشقها له سيجعلها تقبل بهدر كرامتها وخنوعها له لمجرد أنها عاشقته ولكن قلبها جريح يأزر عقلها على الرحيل ،عليها أن ترحل عن كل ما يؤذيها فعشقه أصبح مؤذيا كسم يسير فى الأوردة يتسابق فى الوصول للقلب ليميته


سحبت يدها منه تعقد ذراعيها على صدرها ومازالت تشيح بوجهها عنه:

–عايزنى اسامحك على إيه ولا إيه أنت عيشتنى فى كدبة كبيرة خليتنى أفتكر الوهم والسراب حقيقة خلتنى افقد ثقتى فيك أنت كنت بتعمل كل ده علشانها يا أيسر 


لجزء من الثانية لم يفهم ما ترمى إليه الا انه عندما اتضح له مقصدها فبادر ينفى عنه ما تقول:

–علشان خاطر مين يا حبيبتى أنتى والله فاهمة غلط انا مفيش فى قلبى ولا فى حياتى غيرك أنتى وبسوايه حكاية برشام الهلاوس دى كمان أنا مش فاهم حاجة دى كانت حبوب منومة ازاى بقت حبوب هلاوس


طاف الحزن بعينيها أكثر فهو حتى لايخجل من أخبارها بشأن الاقراص المنومة :

–وكمان منوم للدرجة دى يا أيسر مكنتش حابب جوازك منى يا ريتك كنت رفضت لما بابا جالك وقالك تتجوزنى كنت قولتله انك ابن اخوه وهو كان هيساعدك بس مش تاخدنى أنا وسيلة للانتقام وتخلينى أعيش أحلام ووهم


وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها فأقترب منها أكثر يسحب يدها يقبلها بقلب حزين:

–دا أنتى يا ثراء الحاجة الوحيدة الحلوة اللى حصلت فى حياتى كلها ومكنتش أجرأ أحلم بس أنك تكونى ليا بس محبتش لما الحقيقة تبان تكونى ارتبطى بيا زيادة وتتحول حياتنا مع بعض حياة بالاجبار سبتلك حرية الاختيار


ابتسمت ابتسامة حزينة رافقتها رنة صوت ساخرة:

–حرية الاختيار ! شهم يا أيسر دلوقتى عرفت كنت ليه بتصر أن مروحش ليك شقتك قبل فرحنا علشان مشوفهاش وهى موجودة معاك علشان أفضل مغفلة ومخدوعة على طول


اعتدلت بجلستها تجعله يرتد بجسده قليلا للخلف جلست تستند على الوسائد الموضوعة خلفها وهى تغلق عينيها تارة وتزفر بتعب وإرهاق مرة اخرى تستطرد قائلة :

–أنا خلاص مبقتش حابة اسمع منك حاجة تانية يا أيسر ارجوك طلقنى


انطلقت تلك الكلمة من فمها لاتعرف كيف؟ تساقطت على مسامعه كدلو من الماء البارد يرسل قشعريرة بجسده جعلته يجفل بعد سماعه تلك الكلمة منها ففغر فاه مصدوما يردد:

–أنت قولتى ايه يا ثراء عيزانى أطلقك 


رفعت رأسها بتحد وكبرياء مزيف قائلة:

–ايوة عيزاك تطلقنى على الاقل تروح ليها وانت ضميرك مرتاح علشان ميبقاش فى حياتك غيرها وياترى هى عارفة بكل حاجة وعارفة انك ضحكت عليا ياترى قالتلك ايه لما اتجوزتنى هى اللى اقترحت عليك تدينى حبوب الهلوسة علشان تبقى ليها هى وبس


استمع لما تقوله بذهول فماذا تظن هى ؟ اقترب منها يمسد على ذراعيها ليجعلها تهدأ وعيناه تسبقه فى نفى ما تظنه به فبادر بالحديث قائلا:

–حبيبتى والله العظيم انتى فاهمة غلط اهدى بس وبلاش تفكيرك ده


شعرت بملمس يده يحرق بشرتها فصرخت بوجهه مستنكرة:

–بس بقى وقولتلك ابعد ايدك عنى ايدك زى جمرة النار بتحرقنى ابعد بقى


عندما همت برفع يدها لتدفعه بصدره خذلتها يداها شعرت بعجزها عن فعل شئ فأعادتها الى جانبها وهى تبكى بصوت مسموع فاليوم بكت كما لم تبكى فى أى يوم بحياتها أطبق عليها يحتضنها يهدهدها بين ذراعيه تساقطت دموعها على كتفه وعنقه وهى تستند برأسها علي كتفه فهو يطبق عليها بذراعيه يحول بينها وبين ابتعادها عنه همس بأذنها :

–كفاية يا قلبى بطلى عياط انا عارف إن مستهلش دموعك بس كفاية


لم تفلح محاولته ليجعلها تكف عن البكاء فارتجاف جسدها من كثرة انفعالها أنبأه أنها لن تغفر له بسهولة ولكنه سيحاول طلب الصفح منها 

–ثراء خلينا نبدأ من جديد وادينى فرصة أصلح اللى حصل أنا بحبك بعشقك يا ثراء


لو كانت بوقت غير هذا ربما لطارت فرحا بسماع تلك الكلمات منه فهى منذ ان دق قلبها له كانت تتحين تلك الفرصة وتسمعه يتلو على مسامعها عبارات الغزل والحب ولكن الآن لم تعد تشعر بتلك النشوة التى كانت تشعر بها كلما سمعت منه تلك الكلمة سكنت تماماً شعر هو بالريبة فابعدها قليلا يتفرس بوجهها فجمدت عينيها وهي تطالعه   تسرب القلق والخوف لقلبه فهتف قائلا:

–ثراء حبيبتى 


كلما تخيلت تلك الفتاة الأخرى وتتذكر عندما رأتها تبتسم له وانها متواجده معه بشقته القديمة يثور عليها عقلها خلصت نفسها من بين ذراعيه لتعود وتستلقى على فراشها ضمت ركبتيها الى صدرها بذراعيها كمن يشعر بالبرودة الشديدة فى يوم من أيام الشتاء ،مسد على رأسها قبل ان ينحنى ويقبلها على وجنتها يتركها مغادرا الغرفة فهو سيتركها الآن على أن يعود اليها لاحقا 

________

خرج عزت من الحمام بيده منشفة يجفف بها رأسه وذراعيه بعد انتهاءه من الوضوء وجد شقيقة زوجته تجلس بالسلامة ألقى عليها تحية عابرة قبل أن يدلف الى غرفته

–مساء الخير يا ست عنايات


رفعت عنايات رأسها قائلة:

–مساء النور يا أبو مايسة


أكمل طريقه ولكن قبل ان يدير مقبض باب الغرفة وجدها تناديه:

–ابو مايسة استنى كنت عوزاك فى كلمتين


استدار برأسه اليها يرمقها باهتمام:

–خير يا ست عنايات فى ايه


افتر ثغرها عن ابتسامة نادمة أكثر منها سعيدة:

–طب روح صلى وبعد الصلاة نتكلم علشان عوزاك انت وروحية 


هز رأسه بالموافقة وهو لا يعلم عن ماذا تريد ان تتحدث معه هو وزوجته دلف الى الغرفة بسط سجادة الصلاة بدأ صلاته ليفرغ منها بعد دقائق خرج من الغرفة ثانية وجد زوجته منهمكة بتحضير طعام العشاء فجلس على المقعد المجاور لمقعد شقيقة زوجته

–خير ياست عنايات كنتى عوزانى فى ايه


وضعت روحية اخر طبق من الطعام على الطاولة وجلست بجانب زوجها فى انتظار سماع ما ستقوله شقيقتهاسحبت عنايات من جوارها لفافة صغيرة تعجب لها عزت وروحية

فناولتها عنايات لروحية قائلة بابتسامة خفيفة:

–خدى يا روحية الفلوس دى دى حقك خديها علشان فرح مايسة


رد عزت يد عنايات الممدودة قائلا بهدوء:

–خلى فلوسك معاكى يا ست عنايات مستورة والحمد لله وجهاز مايسة كله جبناه متشغليش بالك


ردت عنايات قائلة برجاء:

–صدقنى يا ابو مايسة دى حق روحية وفلوس حلال متقلقش دى كانت نصيبها فى بيت ابونا لما بعته


اندهشت روحية بعد سماعها بشأن بيع شقيقتها لمنزل والدهم فهتفت بها بعتاب:

–ليه كده يا عنايات تبيعى بيت أبونا دا هو اللى كان فضلنا من ريحته الله يرحمه


علمت عنايات ان شقيقتها أصابها الضيق مما سمعته فدمعت عيناها قائلة بندم:

–سامحينى يا روحية أنا جيت عليكى كتير وظلمت ناس كتير 


سمعت روحية صوت نهنهة شقيقتها لم تستطع الاستمرار فى ضيقها فتركت مكانها تقترب منها تحتضنها تربت عليها قائلة بحنان:

–خلاص يا عنايات اللى حصل حصل وربك غفور رحيم ايه رأيك تسافرى تعملى عمرة وربنا ان شاء الله هيغفرلك


ابتسمت عنايات ومسحت دموعها تنظر لشقيقتها وهى عازمة على فعل ما أقترحته عليها فهى ستظل تطلب الرحمة والمغفرة من الله عسى أن يمنحها إياها على ما اقترفته يداها سابقاً

________

ظل ليله بأكمله هائما بسيارته فى شوارع القاهرة لا يعرف أين يذهب فكأن العالم تخلى عنه فجأة وكيف لا ومن يعشقها قد كرهت رؤياه ، ركن أيسر السيارة على احد جانبى الطريق أمام احد المساجد سمع صوت أذان الفجر  فدلف الى المسجد اتجه الى المكان المخصص للوضوء أسبغ وضوءه وعاد للمسجد رفع كفيه بمحاذاه كتفيه ليشرع فى بدأ صلاته استغرق وقتا طويلا حتى انتهى منها بسط كفيه يناجى الله ويدعوه أن يصلح ما بينه وبين زوجته فاستند الى احد الجدران مال برأسه للخلف يغلق عينيه يشعر بتعب العالم أجمع غفى بنومه ولا يعرف كيف أتاه النوم ؟ بعد عدة ساعات وجد من يربت على كتفه انتفض جسده وفتح عينيه على الفور وجد رجل عجوز بشوش الوجه يطالعه بمزاح :

–ايه صح النوم يا ابنى أنت منمتش بقالك سنين


مد أيسر يده يدلك عنقه فهو يشعر بتبس عضلات جسده فهتف بصوت ناعس:

–هى الساعة كام دلوقتى


نظر العجوز لساعة يده قائلا:

–الساعة عشرة ونص


افتر ثغره عن ابتسامة خفيفة:

–متشكر جدا عن أذنك


نهض أيسر من مكانه يأخذ سترته الملقاة على الأرض يهم بالمغادرة الا ان العجوز استوقفه قائلا:

–استنى يا ابنى انت نسيت تليفونك على الأرض


نظر أيسر الى حيث أشار العجوز فانحنى يلتقط هاتفه ولكن بمجرد لمسه فتحت شاشته على صورة محبوبته التى يحتفظ بها فتذكر أنه يجب العودة إليها الآن فهو سيحاول اصلاح ما أخطأ به سيظل يطلب منها الغفران والصفح حتى يناله منها أستقل سيارته يذهب بها سريعا يريد العودة الى قصر عائلة الرافعى وصل الى المنزل فترجل من السيارة وأغلق بابها، دلف الى الداخل فذهب رأساً إلى غرفة زوجته ففتح الباب يناديها 

–ثراء ثراء حبيبتى أنتى فين


لم يجدها بالفراش بحث عنها بكل مكان بالغرفة ولم يجدها شعر بالخوف من أن يكون ألم بها مكروه بعد مغادرته فخرج من الغرفة مسرعاً يهبط الدرج بسرعة حتى وصل إلى المطبخ ولج للداخل وجد جليلة تجلس ولكن يبدو على وجهها الحزن شعر بوجود خطب ما فأقترب منها قائلا:

–هى ثراء فين


انتظر ردها على احر من الجمر فرفعت جليلة رأسها مدت يدها تمسح تلك الدمعة التى فرت من احدى عينيها قائلة بحزن:

–الست ثراء سافرت


كأنه لم يعى ما تفوهت به فهتف بصوت تخللته صدمته:

–ثراء سافرت سافرت فين


اطرقت جليلة رأسها :

–مش عارفة ومحدش يعرف احنا صحينا الصبح لقيناها حضرت شنطتها وطلبت من باباها انها عايزة تسافر ووصلها المطار من حوالى نص ساعة


لم ينتظر ان يسمع كلمة اخرى اخذ سيارته ينطلق صوب المطار قاد السيارة بسرعة جنونية يريد أن يصل إليها فهى على وشك فراقه ولكن لا لن يسمح لها بالابتعاد 

–لاء يا ثراء مش هخليكى تبعدى عنى وتسبينى 


فى المطار...احتضنت ثراء والدايها باكية فهى عزمت على أن تغادر مصر فهى لن تستطيع البقاء فهى تريد ان تلملم ما تبقى منها تذكرت أنها خططت لتلك الرحلة بشكل آخر فهى كانت تريد مفاجأته بحجز تذاكر للسفر للندن لقضاء شهر عسل أخر ولكنها لم تظن انها ستسافر بمفردها وليس هذا فحسب فهى ستغادر بقلب محطم واحلام منهارة وظلام سكن بداخلها


طالعتها فيروز بدموع لم تكف عن ذرفها وهى ترى صغيرتها ستغادرها لأول مرة بحياتها فحاولت ثنيها عن قرارها:

–حبيبتى بلاش تسافرى وخليكى معانا هنا يا قلبى مش هقدر تبعدى عنى قولها يا جمال متسافرش


احتضنت ثراء يد أمها بكفيها قائلة بعينان دامعتان:

–ماما انا عايزة ابعد عن هنا مش عايزة أشوفه قدامى وافتكر اللى حصل أنا عارفة انك مش عيزانى ابعد عنك بس مبقتش قادرة اقعد دقيقة كمان هنا لو مكانش حسام كنت خليتك تسافرى معايا انتى وبابا بس حسام برضه محتاجلكم  وانتوا ملحقتوش تعيشوا معاه وقت أكبر بس بالله عليكم محدش يقوله انا سافرت فين علشان ممكن يقول لأيسر لانه صاحبه فعلشان خاطرى مش عايزة مخلوق غيركم يعرف انا سافرت فين


اقترب منها والدها يأخذها بأحضانه يربت عليها مواسيا

–متخافيش يا حبيبتى محدش هيعرف ولو ان انا كمان مش عايزك تبعدى عننا بس علشان انا حاسس بيكى فوافقت


فهو يشعر بما تعانيه فهو لم يشأ الاعتراض عندما أرادت أن تترك المنزل وتسافر بعيدا حتى أنها ستنهى دراستها بالخارج فهى عازمة على الابتعاد ربما لوقت طويل


سمعت نداء طائرتها اخذت حقيبتها تلوح لهم بيدها وعينيها تغطيها سحابة من الدموع 


انهارت فيروز بالبكاء بعد رؤيتها ابنتها تبتعد عن أحضانها احاط زوجها كتفيها بيده يربت عليها 

–بس يا فيروز خلاص بطلى عياط


طالعته فيروز تشعر بالقهر على فراق ابنتها:

–بنتنا هتبعد عننا يا جمال أعيش انا من غيرها ازاى ازاى


ظلت ثراء تنظر خلفها وكأنه سيظهر من العدم ويحول بينها وبين ابتعادها عنه ولكن نهرها عقلها يريدها ان تكف عن التشبث بتلك الأوهام فهل هى راغبة فى أن تظل مخدوعة هكذا صرخ بها عقلها الذى كان لها بالمرصاد

صعدت إلى الطائرة اتخذت مقعدها بجوار تلك النافذة الصغيرة تريد ان تملأ عينيها مما ستحرم منه لوقت طويل  بدأت الطائرة فى الاقلاع وصوتها يتزامن مع دقات قلبها المنفطرة على فراق احباءها اراحت رأسها على طرف مقعدها تغمض عينيها تفكر كيف ستكون أيامها المقبلة؟


وصل أيسر إلى المطار ترجل من السيارة يركض بسرعة بين المسافرين يلتفت حوله يمينا ويساراً لعله يراها ولكنه لم يظهر لها أثراً ولكن لمح والدايها


أقترب منهم مسرعا يلتقط انفاسه اللاهثة :

–ثراء فين مراتى راحت فين


ظل صدره يعلو ويهبط وهو يأخذ انفاسه بقوة يريد ان يرد عليه احد منهم


ولكن ظل جمال يطالعه بغضب شديد:

–مراتك! لسه بتقول عليها مراتك بعد اللى عملته فيها بسببك بنتى سابت البلد كلها وسافرت بعدت عنى انا وامها يارب تكون ارتحت باللى عملته وضميرك مرتاح يلا بينا يا فيروز


اخذ جمال زوجته مبتعداً عنه ،ظل أيسر يدور حول نفسه يضع يده بشعره يشد عليه بغيظ فماذا يفعل هو الآن فهى تركته وغادرت ظل يركض بالمطار لعله يكون مخطئا ولم تسافر بعد ولكن لم يعثر لها على أثر 


فسقط راكعاً على ركبتيه صارخا بملأ صوته:

–ثرااااااااااء 


انتبه عليه الأفراد الموجودين بصالة الرحيل فمنهم من ينظر اليه بتعجب ومنهم من ينظر له بشفقة ولكن امرأة واحدة فقط من تنظر اليه بتشفى فافتر ثغرها المطلى بلون أحمر صارخ عن ابتسامة شامتة فأقتربت منه قائلة:

–يا حرام يا أيسر مراتك سابتك وسافرت هربت منك


رفع رأسه ليرى من تكون تلك التى تحدثه وصوتها به رنة فرح وشماتة على حاله الذى وصل إليه فقطب حاجبيه قائلا

–جيسكا هو أنتى


خلعت جيسكا نظارتها الشمسية عن عينيها وضعت طرف النظارة بين شفتيها وهى تلوى ثغرها بتلك البسمة الشامتة،نهض عن مكانه يقف أمامها

–أنتى بتعملى ايه هنا وازاى عرفتى ان ثراء سافرت


وضعت النظارة بمنتصف رأسها تعدل من وضعية حقيبة يدها قائلة بعدم أكتراث:

–اصل انا زى ما تقول كده عارفة ايه اللى حصل وانها راحت شقتك القديمة ولقت واحدة تانية معاك دا أنت طلعت نوتى أوى يا أيسر معقول تخون مراتك كده بسرعة  بس مش هستغرب انت اصلا سبتنى قبل منها وهى دلوقتى سابتك ومكدبش عليك يعنى انا فرحانة فيك وبكسرة قلبك


اظلمت ملامح وجهه بعد سماع حديث تلك المرأة فإن لم يكن مخطئ فربما هى متواطئة فى ذلك الأمر مد يده قبض على ذراعها بقوة كان على وشك كسره بين أصابعه الغاضبة قائلا بصوت هادر:

–يبقى انتى اللى عملتى كده يا جيسكا صح


هز جيسكا رأسها بعدم أكتراث قائلة:

–ايوة صح علشان قولتلك اللعبة مش هتخلص الا بمزاجى يا أيسر


لعنها بداخله ولعن خبثها الذى قضى على ما تبقى له من أمل فى مسامحة زوجته له بعد ما ارتكبه بحقها لتأتى تلك المرأة وتزرع بداخل عقلها الشك من أنه على علافة بإمرأة أخرى رفع يده راغباً فى صفعها الا انه استمع لصوت خلفه يناديه:

–أيس





سر غائب

البارت العاشر 




لعنها بداخله ولعن خبثها الذى قضى على ما تبقى له من أمل فى مسامحة زوجته له بعد ما ارتكبه بحقها لتأتى تلك المرأة وتزرع بداخل عقلها الشك من أنه على علاقة بأمرأة أخرى رفع يده يرغب فى صفعها الا انه استمع لصوت خلفه يناديه:

–أيسر


ألتفت أيسر خلفه وجد حسام يسارع بخطواته فى الوصول إليه فنظر اليه قائلا بقلق:

–أيسر ثراء فين اختى راحت فين


دمعت احدى عينيه وهو يطالعه قائلا:

–ثراء سافرت يا حسام سابتنى وسافرت


وجد نفسه يقترب من صديقه يلقى برأسه على كتفه يحتضنه كطفل صغير فقد أمه ربت حسام على ظهره :

–اهدى يا أيسر طب انت معرفتش سافرت فين واحنا نسافر ليها ونفهمها الحقيقة لازم ثراء تعرف انت عملت ليه كده وأنك معملتش كده بقصد منك او سوء نية


زفر أيسر قائلا يلتفت خلفه بحنق:

–هى دى السبب أن بوظت الدنيا أكتر بينى وبين ثراء لما وهمتها أن فى علاقة بينى وبين واحدة تانية وأكيد عملت مصيبة تانية علشان تدمر علاقتى بثراء


التوى ثغر جيسكا بابتسامة خبيثة:

–برافو عليك أيوة أنا اللى بدلتلك برشام المنوم ببرشام الهلاوس لأن كنت مرقباك وعرفت انك اشتريت برشام منوم فدفعت لحد من الشغاليين وفضلت تدور عليه لحد ما لقته وبدلتهولك بس برضه حطت منه فى العصير يوم الفرح


عندما هم بالعودة لصفعها فرت هاربة من أمامه كان يريد ان يركض خلفها ينفث فيها جام غضبه وما يعتريه من آلام وجراح منذ سماعة بمغادرة زوجته إلا ان حسام امسكه من مرفقه يديره اليه

–مش وقت ده دلوقتى يا أيسر 


سحبه حسام من يده يخرجان سويا من المطار وصل أيسر إلى السيارة وظل يركل إطار السيارة بقدمه كأنه بذلك سيخفف من ضيقه وغضبه دفعه حسام بيده ليجعله يكف عما يفعل


فهتف به بضيق:

–بس بقى اللى بتعمله ده هو ده اللى هيرجعلك أختى اسكت بقى خلينا نفكر


كف أيسر عما يفعل وقف يلتقط أنفاسه يتسارع وجيب قلبه بشدة فنبضاته صارت تألمه فأين ذهبت وتركته فهو لن يقوى على البقاء بدونها

_________

لبثت فايزة أياماً بمشفى الأمراض النفسية والعصبية حتى وافتها المنية أثر امتناعها عن الطعام والشراب لتنقضى أيامها بهذه الدنيا تلحق بشقيقها وبعد أنتهاء مراسم الدفن والعزاء عادت ضحى ووالدها إلى منزلهم القديم وصلت ضحى لقصر عائلة الرافعى لاعادة مفتاح المنزل الذى منحته لها فيروز وأرادت أيضًا الاطمئنان على ثراء وصلت للمنزل لا تعرف لماذا استشعرت بوجود خطب ما أو كأن المنزل هجره أصحابه ،دلفت ضحى للداخل جلست تستريح فى انتظار حضور فيروز وثراء لمحت ضحى ولوج فيروز اليها فنهضت من مكانها تقترب منها تقبلها على وجنتيها مردفة:

–ازيك يا طنط فيروز اخبارك ايه


افتر ثغر فيروز عن ابتسامة خفيفة:

–الحمد لله يا حبيبتى نحمد ربنا


مدت ضحى لها يدها بالمفتاح قائلة بامتنان:

–طنط ده مفتاح البيت ومتشكرة أوى على وقفتكم معايا وربنا يقدرنى على رد جمايلكم انا وبابا خلاص رجعنا بيتنا القديم علشان كده جيت أدى حضرتك المفتاح وكمان أشوف ثراء بقالى كام يوم مشوفتهاش ولا كلمتها


فرت دموع فيروز عند ذكر اسم ابنتها فشعرت ضحى بالخوف من أن يكون أصاب صديقتها مكروه فتركت مكانها تقترب منها قائلة بقلق:

–طنط فيروز ثراء بعد الشر جرالها حاجة طمنينى الله يخليكى


روت فيروز لضحى ماحدث لثراء وكل كلمة تسمعها ضحى تجعل عينيها تزداد أتساعها من ذهولها فهل حدث كل هذا معها هل كان زواجها وتلك الحالة من العشق سراب وأوهام ليس أكثر 


فهتفت ضحى بذهول:

–معقولة كل ده حصل لثراء وأنا معرفش وكمان سافرت 


شاركت ضحى فيروز البكاء فثراء هى من كانت تهون عليها مصائب الدهر فهى الآن شعرت باليتم والوحدة من جديدة فكيف ستقضى بقية عامها الدراسى بدونها أو كيف ستعيش بدون رؤيتها


قالت ضحى بدموع:

–طب يا طنط فيروز أطمن عليها إزاى انا من ساعة ما سمعت وانا مش متخيلة أن ثراء تبعد عننا كلنا كده او ان احنا نعيش من غيرها


زفرت فيروز بقلة حيلة قائلة:

–حاولت أن اخليها تتراجع عن قرارها بس مرضيتش وأنا لما أكلمها هخليها تتواصل معاكى يا ضحى هى كمان بتحبك


بعد دقائق همت ضحى بالمغادرة ظلت تجفف دموعها بتلك المحرمة الورقية التى بيدها وكلما تتذكر أنها لن ترى ثراء يزداد بكاءها

________

ولج عزام إلى مقر الشركة وجد كل العاملين ينظرون إليه بغرابة فعقد حاجبيه من تلك النظرات الغير مفهومة إلا أنه دلف لمكتبه بشموخ وكبرياء كما اعتاد أن يراه الجميع جلس على مقعده دق ذلك الجرس الصغير على مكتبه فدلفت السكرتيرة تحنى رأسها احتراماً :

–اؤمر يا عزام باشا


نظر إليها عزام وهو ينقر بيده على المكتب :

–هو فى ايه فى الشركة حاسس فى حاجة مريبة حصلت


اذدردت السكرتيرة لعابها تحنى رأسها لا تعرف بماذا تجيبه فظلت تتلعثم قائلة:

–أصل يا افندم ما هو ماهو


قطب عزام حاجبيه من فعلتها فعلا صوته بضيق:

–ماهو ماهو ايه ماتردى على طول فى إيه


انتفض جسدها من حدة صوته فأخذت الجريدة الموضوعة على مكتبه تقربها منه قائلة:

–أتفضل حضرتك شوفت اللى مكتوب النهاردة فى الجرنال


اخذ منها الجريدة يطالعها باهتمام لمعرفة ما تحويه أتسعت حدقتيه وهو يرى ذلك الخبر الذى تصدر الصفحة الأولى فردده بصوت مذهول:

– تورط رجل الأعمال الشهير عزام الرافعى بزواجه من سيرين نصار الذى أدت التحقيقات الى تواطئها مع شقيقها لاختطاف إبنة شقيقه فماذا يوجد خلف الكواليس


كان العنوان كافياً ليعلم عزام أن أبواب الجحيم قد فتحت أبوابها بوجهه اليوم فلابد أن افراد عائلته قد علمت بكل شئ الآن 


رفع يده يشير للسكرتيرة بالانصراف بدون أن يرفع وجهه عن الجريدة وهو يقرأ تفاصيل الخبر كاملة خرجت السكرتبرة من الغرفة تتنفس الصعداء ولكن بعد دقيقة واحدة وجد باب مكتبه يفتح على مصراعيه تقف زوجته على الباب بملامح وجه مكفهرة غاضبة ولجت إلى الداخل تصفق الباب خلفها بشدة


أقتربت منه تهدر بصوت عالى:

–ايه اللى مكتوب فى الجرنال النهاردة ده يا عزام أنت كنت متجوز سيرين نصار عرفى رد عليا


مدت يدها تسحبه من تلابيب ثيابه بغضب فأزاح يده عنها يقبض على فكها بين أصابعه قائلا:

–حسك عينك تمدى ايدك يا لبنى انتى فاهمة انتى ناسبة ان جوزك ناسية أنا أبقى مين فوقى


هز رأسها لتستمع له فرفعت يده تزيح يده القابضة على فكها بقوة تكاد تقتلع أسنانها

–أفوق ! يعنى أنت بجد عملت كده أتجوزت عليا


ابتسم بسخرية قائلا:

–اه يالبنى أتجوزت ودى مش أول مرة عارفة ليه علشان أنتى السبب طول عمرك عايشة معايا فى عالم تانى كل اللى يهمك خروجاتك وفسحك وحفلاتك وهدومك اللى بتشتريها من أفخم المحلات لكن أنك تكونى زوجة لاء يا هانم فليه مستغربة أن اتجوز عليكى 


كزت لبنى على أنيابها وهى تطالعه بغضب كاسح فارتدت خطوة للخلف قائلة قبل أن تخرج:

–ماشى يا عزام وانا خلاص مش هقعد على ذمتك دقيقة كمان وكمان هسافر كندا لأختى أنا مش هقعد وأشوف فضايحك


خرجت لبنى من الشركة فأرتمى عزام على مقعده يضع رأسه بين يديه فكل قوانينه التى وضعها قد أصبحت بالية ،فما عاش يشيده من عز ومجد لتلك العائلة قد تهدم وكل ذلك يرجع إلى أفعاله المشينة التى فعلها مع أقرب الناس إليه

_________

فى المشفى..سمع جمال صوت دقات متتالية على الباب أذن للطارق بالدخول ولج أيسر الذى عندما رآه جمال نفخ بضيق قائلا:

–أنت عايز أيه يا أيسر تانى قولتلك ريح دماغك أنا مش هقولك بنتى فين


أقترب منه أيسر بهدوء فهو منذ اختفاء ثراء وهو يأتى اليه كل يوم يتوسله أن يبوح بمكان تواجدها إلا انه يصر على رفضه القاطع بعدم الإفصاح عن مكان وجودها


نظر أيسر إليه بحزن شديد قد اختلج بكل نبضة من نبضات قلبه

–أنا مش جاى لحضرتك علشان كده انا جاى علشان أديك الورق ده


مد له أيسر يده بملف يحوى عدة أوراق اخذه جمال منه قائلا:

–ملف إيه ده وبتاع ايه وبتدهولى ليه


–ده فى أوراق الأملاك الخاصة بثراء وأخوك عزام الاملاك اتوزعت توزيع شرعى فأنا اخدت حقى وكل واحد ياخد حقه حتى حضرتك أظن محتاج توزع نصيبك بين ثراء وحسام


ألقى جمال الملف على مكتبه ينظر اليه قائلا بسخرية:

–بس غريبة أن لسه عندك ضمير يا أيسر بعد كل اللى عملته


أطرق أيسر رأسه أرضاً قائلا:

–متعودتش اخد أكتر من حقى عن اذنك يا عمى


خرج أيسر من المكتب أخذ سيارته يبتعد عن المشفى ظل يقود السيارة بروية وهو يشعر بتجمع الدموع بعينيه أوقف السيارة يستد برأسه على المقود وظل يبكى فتماسكه قد أنهار كما أنهار عالمه بأكمله ظل عدة دقائق على تلك الحالة 


شعر بملمس يد ناعمة على ذراعه فرفع رأسه وجد معشوقته تطالعة بابتسامة:

–مالك يا حبيبي بتعيط ليه


لم يصدق عيناه أنه يراها أمامه مبتسمة جميلة فاتنة كما أعتاد أن يراها فرد بلهفة شديدة:

–علشان أنتى سبتينى وبعدتى عنى يا ثراء 


مدت أصابعها تمسح دموعه قائلة بهمس ناعم:

–انا مبعدتش عنك انا موجودة جمبك يا حبيبى 


اخذ يدها الموضوعة على وجهه بين كفيه يقبل باطنها بشوق وحنين:

–حبيبتى وحشتينى أوى يا نور عيونى


أخذها بين ذراعيه يبثها أشواقه وحنينه الذى يقتله كل دقيقة لفراقها ، صوت بوق السيارة وهو يضغط عليه برأسه أعاده إلى الواقع فهتف بابتسامة:

–ثراء


فتح عينيه وجد نفسه أنه مازال جالسا بالسيارة بل أنه غفى أيضا فأخذته أحلامه إلى محبوبته ليفيق الآن ويجد أن كل ما حدث لم يكن سوى حلم من نسيج روحه المشتاقة إليها

_________

–يابابا صدقنى أيسر مش زى ما أنتوا مفكرينه هو برضه اتظلم وهو بيحب ثراء


قالها حسام باستجداء لوالديه اللذان مازالوا يرفضون التصريح بمكان تواجد ثراء حالياً 


نهض جمال عن مكانه يقف أمام أبنه:

–حسام اقفل على الموضوع ده اختك تعبانة وعايزة ترتاح خليه بعيد عنها انت اصلا مكنتش لسه تعرف ثراء ولا تعرف لما بتزعل ولا نفسيتها بتسوء ايه اللى بيحصلها وبطل تدافع عن أيسر علشان برضه مش هسامحه ولا هقولك اختك فين


اقترب حسام من والدته تلك المرة ينحنى قليلا أمامها قائلا:

–ماما أنا عارف انتى بتحبى ثراء قد ايه ويهمك سعادتها صدقينى هى هتتعذب أكتر وهى بعيدة عن أيسر


اشاحت فيروز بوجهها عن عينين أبنها تجاهد على ألا تسقط دموعها فهتفت بصوت رزين:

–خلاص يا حسام باباك قالك أقفل على الموضوع ده


يأس حسام من جعل والديه يسامحون أيسر على ما فعله فاعتدل بوقفته يزفر بيأس :

–أنا مبقتش عارف أقنعكم إزاى


استدار إليه جمال برأسه قائلا:

–ريح دماغك يا حسام واه على فكرة احنا خلاص هنسيب القصر بكرة اشتريت بيت هنعيش فيه خلاص مبقتش حابب أن اقعد هنا تانى وبنتى شافت كل اللى وجعها فى البيت ده وبسبب اللى عايشين فيه


هزت فيروز رأسها موافقة على ما قاله زوجها فهى أيضاً أكتفت من العيش بذلك القصر الذى لم تشعر بالراحة فيه 


سمعت ميرا حديث عمها مع زوجته وابنه فبكت بصوت مسموع فتناهى صوتها الى مسامعهم فأقترب جمال من الصوت وجد ابنة شقيقه أمام الباب باكية فطالعها بقلق:

–فى ايه يا ميرا بتعيطى ليه


ارتمت ميرا باحضان عمها تشهق بالبكاء:

–عمو بلاش تمشوا انتوا كمان ماما سابتنا وسافرت وكل اللى فى البيت بيمشوا وانا هفضل هنا لوحدى


أقتربت منها فيروز تربت على كتفها قائلة:

–اهدى يا ميرا متعيطيش حتى لو مشينا مش هسيبك هنا لوحدك هتيجى معانا هتبقى مكان ثراء


تركت ميرا أحضان عمها لتحتضن زوجته باطمئنان وابتسامة عريضة:

–شكرا يا طنط فيروز


أشارت إليها فيروز بالاسراع فى لملمت أغراضها :

–يلا يا ميرا جهزى شنطنك علشان هنمشى كمان شوية


ركضت ميرا الى غرفتها أحضرت حقيبتها تلملم ثيابها دلف والدها إلى الغرفة نظر اليها بغرابة:

–أنتى راحة فين يا ميرا


انتفضت ميرا بعد سماع صوت والدها فالتفتت اليه قائلة باقتضاب:

–هروح أعيش مع عمو جمال ومراته خلاص مبقتش حابة انا كمان اقعد فى البيت ده كله دلوقتى بيسيبه ويمشى وياريت حضرتك متعارضش


حرك عزام رأسه بثقل :

–اللى يريحك يا ميرا عمك جمال ومراته برضه هياخدوا بالهم منك طالما أمك سابتكم وسافرت


ابتسمت ميرا بسخرية على حالها:

–سواء ماما موجودة او لاء كانت على طول بعيدة عنا عن اذنك يا بابا


أخذت حقيبتها وخرجت من الغرفة وجدت حسام قادماً إليها فأخذ من يدها الحقيبة قائلا:

–لو خلصتى يلا بينا


أحمرت وجنتيها وهى تراه يبتسم لها على الرغم من أن ابتسامته تحمل هماً ووجعاً على فراق شقيقته وعلى حالها الذى وصلت إليه

________

نظر أيسر للهاتف بيده وهو يرى وميض شاشة الهاتف باسم صافى ظل لحظات يتأمل رقم الهاتف بخواء فتح الهاتف على مضض قائلا:

–أيوة يا أنسة صافى


شعرت صافى برنة صوته المتأففة فشعرت برعونة تصرفها فهتف بحرج:

–أنا اسفة لو كنت اتصلت عليك فى وقت مش مناسب بس اصل من ساعة ما خرجت تجرى وأنت بقالك كام مختفى فقلقت أنا وتيتة عليك


أجابها قائلا بهدوء:

–أنا كويس يا أنسة صافى متقلقوش ولو محتاجة حاجة منى اؤمرى معلش علشان بس مشغول اليومين دول


لاتعرف لماذا شعرت بأنها تريد البكاء من ذلك الجفاء الذى يحدثها به فهتفت قائلة:

–لا شكرا احنا بس حبينا نطمن عليك


أغلقت الهاتف قبل أن يتمكن من الرد عليها ألقى بالهاتف على تلك المنضدة الموضوعة بجواره تاركاً مكانه يقف بشرفة الغرفة التى يسكنها بأحد الفنادق فهو لم يبقى دقيقة واحدة فى القصر بعد مغادرة زوجته أستند باحدى يديه على زجاج الشرفة يتأمل مياه النيل فلو بيده كان أغرق نفسه الآن ليتخلص مما يثقل كاهله عاد مرة اخرى يستلقى على الفراش اخذ الهاتف يطالع تلك الصور التى يحتفظ بها لزوجته وكل صورة يراها تتجمع الدموع بعينيه أكثر،ظل يتلمس شاشة الهاتف بأصابعه فكم يهفو هو الآن أن يمررها على وجنتيها أن يرى وجهها مخضب بدماء الخجل كما اعتاد أن يراها أن يشعر بها مستكينة بين ذراعيه ولكنها ذهبت أخذه معها الدفء من قلبه 


فتهدج صوته يناديها بشوق هامساً:

–ياترى أنتى فين يا نور عيونى ياريتك كنتى فضلتى جمبى حتى لو كنتى بتكرهينى كان أهون عليا تعيشى قصاد عنيا وأنتى كرهانى على أنك تفارقينى واتحرم منك


ظل مسهداً يحدث نفسه فمن يراه يكاد يجزم أنه أصيب بالجنون ولكن هو ليس بمجنون بل عاشق فقد معشوقته يشعر بنيران تلتهم قلبه على وشك أن تجعل دقات قلبه كذرات الرماد المتطاير بفعل رياح عاتية فرياح الفراق إجتاحت قلبه وأودت به الى غياهب الحزن والأسى

_________

مر أسبوع بأكمله وهى لم تغادر تلك الشقة التى تسكنها بأرقى ضواحي مدينة لندن إلا عندما ترغب فى شراء شئ من أجل الطعام لتعود سريعاً إلى الشقة كأنها تخشى مقابلة الآخرين ،نهضت عن فراشها ببطئ فهى كإنها تشعر بثقل في جسدها زفرت عدة مرات قبل أن تترك الفراش اخذت ثياب نظيفة وولجت إلى الحمام جلست بالمغطس ما يقارب الساعة تقريبا تحدق بالسقف بشرود


فتنهدت قائلة بحزن تغشى عينيها العسليتين:

–وبعدين يا ثراء هتفضلى عايشة عمرك كله كده خلاص لازم تفوقى من الوهم اللى كنتى عايشة فيه


اختلطت عبراتها بمياه الإستحمام فهى حتى الآن لم تكف عن ذرف الدموع كلما تذكرت ما حدث معها فهتفت باصرار ودموع:

–خلاص بقى أطلع من قلبى وعقلى أنا بكرهك يا أيسر بكرهك


زادت وتيرة بكاءها أكثر فهى تعلم أنها كاذبة وأنها ليست كارهة له وأنها مازالت تعشقه ولكن ربما توهم أذنيها بأنها أصبحت تكرهه اذا ظلت تصرح بكراهيتها له ولكن ذلك الخافق بين أضلعها لايستمع إليها 


أغتسلت وخرجت من الحمام ترتدى مأزر الحمام تجفف شعرها بالمنشفة الصغيرة التى تحملها بيدها سمعت رنين هاتفها ألقت المنشفة جانباً وألتقطت الهاتف فابتسمت فالمتصل ضحى تهاتفها عبر وسائل التواصل الاجتماعي


فتحت الهاتف بشوق قائلة:

–ضحى عاملة ايه وحشتينى


أجابتها ضحى بصوت حزين:

–كده يا ثراء تسافرى من غير ما أعرف وتسبينى 


جلست ثراء على المقعد خلفها قائلة:

–كنت أقعد اعمل ايه بعد اللى حصل يا ضحى مقدرتش أقعد فى مكان واحد هو موجود فيه الكداب الغشاش


عادت اليها ذكرياتها المؤلمة دفعة واحدة فلم تستطيع اختزان دموعها فتناهى صوتها الى مسامع ضحى


–خلاص يا ثراء متعيطيش أنا بجد مش مصدقة اللى حصل او أن قصة حبكم تنتهى بالشكل ده

هتفت بها ضحى وهى لاتصدق كيف أنتهى المطاف بصديقتها


مسحت ثراء عينيها بكف يدها قائلة:

–دى مكنتش قصة حب دى كانت وهم كبير كنت عايشة فيه لوحدى يا ضحى المهم أنتى عاملة ايه دلوقتى


تنهدت ضحى بحزن شديد:

–هكون عاملة ايه واختى وصاحبتى وحبيبتى خلاص بعدت ومش هشوفها وكمان هروح الكلية لوحدى خلاص فاضل يومين والدراسة تبدأ


ابتسمت ثراء ابتسامة خفيفة قائلة:

–ربنا يوفقك يا حبيبتى 


تحدثن وقتاً طويلاً تراوح حديثهن ما بين بعض المزاح من ضحى للتخفيف عنها وما بين أنين قلب ثراء الذى مازال يناديه حتى وأن صمت أذنيها عن نداءه

________

لم تسنح له الفرصة بأخذ حقه من ذلك الشاب المدعو مجدى والذى كان أحد العوامل فى عدم مقدرته على أن يحيا بسلام أخذ تلك السيارة التى أصر والده على شراءه له وليس هذا فحسب فهو يريده أن يأخذ خطوة إيجابية لمستقبله بفتح احدى معارض السيارات لذلك أشار عليه بأن يفكر جديا بالأمر فهو مازال يذهب لتلك الورشة بذلك الحى الفقير 


وصل إلى النادى أخرج هاتفه بحث عن اسم مجدى فهاتفه جاءه الرد بعد بضع ثوان فابتسم بجانب ثغره قائلا:

–اهلا مجدى عاش من سمع صوتك كده متسألش عليا من ساعة الحادثة


قطب مجدى حاجبيه وهو يستمع له فرد قائلا:

–غريبة يا حسام أنت اللى بتتصل عليا بنفسك كده من أمتى ده


ابتسم حسام بشر :

–من النهاردة أصل النهاردة لقيتك وحشنى جيت النادى أشوفك تعال انا عند البوابة الرئيسية للنادى


هتف مجدى بسخرية:

–اه نسيت يا أسطى حسام انك متقدرش تدخل النادى من غيرى ثوانى وجايلك


خرج مجدى إليه وجده يستند على سيارة لا يقتنيها سوى الصفوة فأقترب منه قائلا بسماجة:

–ايه العربية دى يا اسطى حسام كنت بصلحها


اعتدل حسام قائلا بثقة:

–لاء دى وحياتك أنت عربيتى بتاعتى لسه شاريها امبارح بس 


فغر فاه مجدى وهو يستمع اليه فمن أين أتى بكل هذا المال من أجل شراء سيارة كتلك،اقترب منه حسام يضع يده تحت ذقنه يغلق فمه المفتوح قائلا بسخرية:

–أقفل بوقك يا مجدى أحسن الدبان يدخل


شعر مجدى بلهجة السخرية بصوته فأزاح يده عنه قائلا بتأفف:

–ما بلاش كدب أنت تقدر حتى تشترى مراية من مرايات العربية دى ولا تكونش ورثت عمك اللى فى البرازيل


أرتد رأس حسام للخلف ضاحكاً بصوت عالى:

–هو ده اخرك فى التخيل أنت بتشوف افلام قديمة اللى انت متعرفهوش بقى أن انا أبقى حسام جمال الرافعى تسمع عنه الدكتور جمال الرافعى واصحاب مجموعة شركات الرافعى جروب لتجارة الدهب والالماس اهو انا ابقى ابن العيلة دى شوفت بقى يا مجدى وانا محبتش الموضوع ده الا علشان حاجة واحدة بس ان اخد حقى منك يا واطى


لم يمهله حسام فرصة لاستيعاب ما قاله فهجم عليه ونشب بينهم عراك وظل كل منهم يهجم على الآخر حتى تجمع بعض العاملين بالنادى لفض ذلك الاشتباك بينهم ظل حسام يقاوم ذلك الرجل الذى كبل ذراعيه حتى يكف عن صفع مجدى فهتف به بغلظة:

–أبعد عنى سبينى وربنا ما سايبك يا مجدى الا لما أطلع عليك القديم والجديد وحياتى اللى كانت هتنتهى بسببك يا واطى


أراد مجدى ان يثب عليه مرة اخرى لولا ذلك الرجل الذى يكبل جسده فهتف بغيظ:

–دا انا اللى مش هسيبك الا لما اخلص عليك 


استطاع حسام الفكاك من حصار ذلك الرجل فأقترب من مجدى يصفعه عدة صفعات ليبرد تلك النيران التى كانت تشتعل بداخله من دناءه ذلك الشاب معه فأخرج من جيبه شيكا ألقاه بوجه مجدى قائلا باشمئزاز:

–ده شيك بفلوسك اللى ليك عندى واخدتها منك ال١٠ الآلاف جنية لأن ده اللى ليك عندى لكن لو حبيت تتذاكى بالشيك المزور بتاعك هوديك فى ستين داهية وانت عرفت انا ابقى ابن مين


بعد أن قال حسام ما لديه اخذ سيارته مبتعداً عن المكان ترك ذلك الرجل مجدى بعد تأكده من رحيل حسام التقط مجدى الشيك ينظر اليه بغيظ قائلا:

–بقى كده ما شى يا أسطى حسام أنا وانت والزمن طويل ومش هعديلك اللى عملته ده على خير 


نفض مجدى عنه ذرات التراب العالقة بملابسه بعد عراكه مع حسام عدل من هندامه قليلا قبل أن يعود للداخل ولكن من داخله يتوعد لحسام على ما فعله فهو لايريد أن يمرر له ماحدث بسهولة

________

بدأ العام الدراسى..لم يجد أيسر سوى العودة إلى التدريس مرة اخرى لعل كثرة العمل ترهقه ويسقط مغشياً عليه فهذا أفضل من ذلك السهاد الذى أتاه منذ رحيلها فهو لا ينام من ليله الا القليل وبنهاره يظل يبحث عن أى شئ يرهقه حتى اذا ظل يمارس الرياضة عدة ساعات لا يعلمها هو،دلف إلى القاعة المخصصة للتدريس


نظر إلى الطلاب قائلا بهدوء:

–السلام عليكم أنا دكتور أيسر الرافعى هدرسلكم إن شاء الله السنة دى أنتوا طبعا فى سنة رابعة وفاهمين النظام يعنى مش لسه سنة أولى علشان أقول التعليمات كلها يلا بينا نبدا بسم الله


بدأ بشرح بعض النقاط الهامة الخاصة بإدارة الأعمال ولكنه صمت مرة اخرى عندما تذكر أن ثراء تدرس إدارة اعمال ظل يبحث عن الكلمات المناسبة ليتابع بها الشرح ولكنه لم يجد فأغلق عينيه ريثما يهدأ قليلاً ولكن عندما نظر للطلاب مرة أخرى لمح وجه مألوف يعرفه جيدا فماذا تفعل هى هنا بعد أن انتهى من المحاضرة وأنصرف الطلاب 


وجد صافى تقترب منه مبتسمة:

–أزيك يا أستاذ أيسر انا الصراحة اتفاجئت لما لقيت حضرتك الدكتور اللى هتدريسلنا السنة دى


لم يخفى هو أيضاً تعجبه من وجودها هنا فنظر اليها قائلا بتعجب:

–انا برضه اتفاجئت انك طالبة هنا هو مش أنتى بتشتغلى


هزت صافى رأسها قائلة:

–أيوة بشتغل بس فى نفس الوقت بدرس بشتغل فى الإجازة والايام اللى معنديش فيها محاضرات


لملم هو أغراضه الخاصة فهتف بصوت هادئ:

–ربنا يوفقك وجدتك عاملة إيه دلوقتى


افتر ثغرها عن ابتسامة قائلة:

–الحمد لله كويسة كانت بتسأل عليك اصلك بقالك فترة مبتجيش


–أصل كان عندى ظروف لو هتروحى تعالى اوصلك وأشوف جدتك بالمرة


سعدت باقتراحه فخرجت معه حتى سيارته اتخذت مقعدها بجواره ومازالت تبتسم بخجل أنطلق بالسيارة ولكنه شرد قليلا فوجدها تصرخ وهى ترى احدى السيارات على وشك الاصطتدام بهم

–حااااسب العربية


انحرف بالسيارة جانباً اوقف محرك السيارة وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة فالتفت بجانبه قائلا بلهفة :

–حبيبتى أنتى كويسة جرالك حاجة ردى عليا


تسمرت عينيها على وجهه فماذا قال هو الآن؟ عندما دقق بملامحها علم أنها ليست ثراء فعقله هيأ له أن من تجلس بجواره هى زوجته ولكن عندما تأكد من خطأه 


حمحم قليلا يجلى صوته قائلا بصوت رزين:

–أنتى كويسة يا أنسة صافى


هزت رأسها عدة مرات فلسانها كأنه أصبح مستعصياً عليه الكلام فمنذ سماع جملته التى هتف بها منذ دقائق وهى تشعر أن لسانها معقود فظلت تفرك يدها بتوتر حتى وصلا الى الشقة التى كانت سابقاً تخصه ،ولجت صافى يتبعها أيسر نادت على جدتها قائلة:

–تيتة تيتة أنا جيت


خرجت فريدة من الغرفة مبتسمة وزادت ابتسامتها لدى رؤيتها أيسر فهتفت قائلة:

–اهلا يا ابنى اخبارك ايه اتفصل


جلس أيسر على احد المقاعد وهو يجيبها قائلا:

–أنا الحمد لله كويس 


اقتربت منها صافى قائلة بحماس:

–أنتى عارفة يا تيتة طلع أستاذ أيسر دكتورى فى الكلية هو اللى بيدرسلنا


انتبه أيسر على حديثها فرفع رأسه يبتسم ابتسامة لم تتجاوز شفتيه المطبقتين جلست فريدة على المقعد المجاور له قائلة:

–صافى يلا حضرى الغدا علشان يتغدا معانا


حاول أيسر الاعتذار عن تلك الدعوة إلا ان فريدة لم تقبل باعتذاره فعدل عن قراره بالاخير ذهبت صافى مسرعة إلى المطبخ تعد مالذ وطاب من المأكولات فكلما تتذكر جملته التى قالها أثناء مجيئهم ولهفة صوته تزداد أبتسامتها أتساعاً تشعر بحماس كبير لوجوده هنا ولمعرفتها به فكأن القدر يصر على جمعهم سوياً سبحت بمخيلتها إلا ما لا تستطيع البوح به بلسانها فعقلها الآن يفترش لقلبها طريقها بالورود غافلة هى عن أن قلبه قد أخذته غيرها 


وضعت الطعام على المائدة قائلة:

–أتفضلوا الأكل جاهز


جلس أيسر بصمت يعبث بالطعام الموجود بطبقه وهو شاردا ً فهو لايريد ذلك الطعام يريد أن تعود صغيرته لتسد رمق قلبه الذى أصبحت نبضاته مؤلمة تتخبط بين ثناياه تزيد من جراحه 


فهتفت به فريدة قائلة:

–مالك مش بتاكل ليه الأكل مش عاجبك


أبتسم لها ابتسامة مجاملة وهو يرفع الملعقة لفمه :

–لا ابدا الاكل جميل بس انا اللى مش جعان فانا قعدت بس علشان متزعليش منى عن اذنكم انا لازم أمشى دلوقتى


ترك مقعده اقترب من حقيبته الجلدية يلتقطها من على المقعد يهم مغادراً، بعد خروجه تعجبت صافى من سلوكه فماذا حدث جعله عابساً متجهم الوجه صامتا كأنه لا يجد ما يقوله

________

أنهت ثراء محاضراتها اليوم خرجت من القاعة الدراسية 

وهى تلاحظ نظرات الطلاب لها وخاصة وهى ترتدى حجابها فهى الطالبة الوحيدة بتلك الجامعة ترتدى الحجاب حاول بعض الطلاب اعتراض طريقها ظلت تنظر حولها بثبات وهى ترى ٤ من الشباب يلتفون حولها يشكلون دائرة مغلقة وهى تقف بالمنتصف حاولت إزاحة احدهم لتكمل طريقها قائلة:

–ابتعد عن الطريق يا هذا


ابتسم لها الشاب قائلا:

–واذا لم أفعل ؟


نفخت ثراء قائلة بضيق شديد:

–سألقنك درسا لن تنساه ايها الوغد


رفعت يدها وهو بها على وجهه فهى سأمت من تصرفات هؤلاء الأوغاد نظر اليها الشاب باستياء فمد يده رغبة منه فى خلع حجابها الا انه وجد فتاة أخرى تلتقط يده ابتسمت له بخبث قائلة:

–ماذا تفعل أيها المخنث فمن الأفضل لك الا تفعل ذلك والا لن تنجو من عقابى يا صاح


نفض الشاب يدها قائلا باستياء:

–اللعنة عليك كارلا فأنت دائما ما تدافعين عن هؤلاء العرب 


رحل الشباب فنظرت ثراء لتلك الفتاة قائلة بامتنان:

–شكرا لك 


ابتسمت كارلا قائلة:

– ولا يهمك يا ستى


رفعت ثراء حاجبها قائلة:

–هو أنتى مصرية


حركت كارلا رأسها نفيا قائلة:

–لاء انا انجليزية


تعجبت ثراء قليلا فاذا كانت انجليزية فكيف تتحدث العربية مثلها:

–انجليزية وبتتكلمى عربى


أشرقت ملامح وجه كارلا الجميلة قائلة:

–اصل انا اتولدت فى مصر بابايا كان دبلوماسى وعاش فترة فى مصر فانا اتولدت واتربيت هناك لحد ما كان عندى عشر سنين وبعدين رجعنا هنا تانى على انجلترا ومن ساعتها وانا مش عارفة أبطل اتكلم مصرى لدرجة ان ماما مبتفهمش ساعات انا بقول ايه


ابتسمت ثراء على مزاحها فهى تذكرها بصديقتها ضحى مدت ثراء لها يدها تصافحها:

–اهلا وسهلا يا كارلا تشرفنا


بادلتها كارلا الابتسام والمصافحة فأخذتها من مرفقها تسحبها معها قائلة:

–تعالى بقى هعزمك على حاجة انا ما صدقت لقيت حد علشان ارغى معاه بالمصرى دا انا هصدعك


ابتسمت ثراء على عفوية تلك الفتاة فكأن تجسدت ضحى بها فكأن الله ارسل لها تلك الفتاة لتخفف من ضيقها لفراق بلادها وصديقتها وفراقه ،اخذت انفاسها بصعوبة بعدما تذكرت ملامح وجهه شعرت بالدموع تتجمع بمقلتيها 


فالتفتت لها كارلا تطالعها قائلة:

–مالك وقفتى ليه كده والدموع اللى لمعت فى عينيكى دى شكل كده الدموع دى حزن على فراق حد عزيز عليكى أوى أنتى بتحبيه أوى كده


اخرجت ثراء محرمة ورقية من جيب حقيبتها تجفف بها عينيها التى ستبدأ الآن بذرف الدموع كأنها نبع لا ينضب من الحزن


ابتلعت تلك الغصة العالقة بحلقها قائلة:

–لاء أنا بكرهه بكرهه بكرهه


طفقت تردد تلك الكلمة كأنها تريد اقناع ذاتها قبل أن تقنع تلك الفتاة التى تطالعها بدهشة


ربتت كارلا على ذراعها قائلة:

–يبقى بتحبيه ومغرمة بيه طالما بتقولى كده على العموم سيبك من ده دلوقتى انا اعرف مطعم بيقدم اكل جميل جدا تعالى نتغدا مع بعض ونرغى براحتنا 


ذهبت ثراء برفقة كارلا إلى احد تلك المطاعم الشهيرة فهى لا تريد العودة إلى الشقة وتجلس حزينة بمفردها فربما بعض التغيير سيحسن من حالتها النفسية التى تسوء يوم عن آخر جلسن يأكلن ويثرثرن حول عدة أمور أرادت ثراء الذهاب للحمام لغسل يدها مرت بجانب رجل فاصطتدمت به


بادرت بالاعتذار قائلة:

–أنا أسفة


عندما رفعت وجهها ورأت ذلك الرجل لم تصدق عيناها فهى لم تضع بحسبانها أنها من الممكن أن تلتقى به مرة أخرى، فهو الاخر كأنه بحلم وهو يراها تقف أمامه


فهتفت بصوت منخفض ممزوج بالدهشة:

–أمير

         

           الفصل الحادي عشر من هنا


القراة باقي الفصول الجزء الثاني جميع الفصول من هنا

لقراة الجزء الاول كامل  من هنا


تعليقات



<>