رواية سر غائب
البارت الخامس السادس
بقلم سماح نجيب
تسارعت دقات قلبه كمن يعدو بطريق طويل ليس له نهاية فأجابها قائلا:
–عايز أقولك ان انا...
ترك جملته معلقة بالهواء فابتعدت هى قليلا عنه تعاود النظر اليه قائلة:
–ان انت إيه يا أيسر
خشى لسانه الإفصاح عما يريد قوله فهو أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ما يريد فعاد إليه إصراره بعدم البوح لها بحقيقته مرة أخرى فابتسم بتوتر قائلا:
–كنت عايز اقولك ان انا بحبك
افتر ثغرها عن ابتسامة ساحرة فأراحت رأسها على كتفه وهى مازالت مبتسمة قائلة:
–كل الوقت ده علشان تقولها يا أيسر مش هستغرب علشان انت اساسا مقولتليش انك بتحبنى الا لما كنت خلاص ناوى تسيبنى فى الدنيا دى من غيرك بس ساعتها كنت هموت وراك يا أيسر مكنتش هقدر أعيش لو كنت ضيعت منى
زادهُ حديثها طرباً عازفة على أوتار قلبه فشعر بيقين انه عندما سيطلب منها الغفران ستغفر له فربما عشقها له سيكون منقذه هبت نسمات عليلة محمولة بشذى عطور الورود من حديقة القصر من تلك النافذة التى تراقصت ستائرها بفعل الهواء تشهد على عناق محبين يبوح بأسرار العشق والشوق
_________
ظل شهاب يجوب غرفته ذهاباً وإياباً فمنذ استماعه لما حدث بين والده وسيرين وهو لا ينفك يدور حول نفسه كمن أوشك على الإصابة بالجنون فماذا يفعل هو الآن؟ فى تلك الكارثة التي ستحل على رأس عائلة بأكملها طفرت عبرة من احدى عينيه وهو يتذكر كيف أخذته افكاره ومشاعره وأنساق هو خلفها ليشعر بالحب تجاه إمرأة من المحال أن تكون له فأتضح أنها زوجة أبيه ..أبيه ذلك الرجل الفاضل الذى ما كان ينفك عن تذكيرهم بأصولهم العريقة وكيفية الحفاظ على العادات والتقاليد والأعراف
ليجده يقترن بامرأة ينظر لها بعض الفئة المجتمعية نظرة دونية لجرأتها سمع طرق على باب غرفته فأذن للطارق بالدخول
دلفت ميرا الى الغرفة قائلة:
–فى ايه يا شهاب مالك من ساعة الفرح وانت مش على بعضك حصل ايه
كف شهاب عن الحركة ليرتمى على احد المقاعد يضع رأسه بين يديه قائلا:
–مفيش بس كنت مصدع شوية هى دى كل الحكاية
أقتربت منه ميرا تربت على كتفه قائلة :
–شهاب انت ليه ما بتصارحنيش بالحقيقة ودايما بعيد عنى انت مش المفروض اخويا الكبير ليه محدش فيكم مهتم بيا وبمشاعرى او انه يخاف عليا ليه خلتونى ادور على الإحساس ده من حد غيرك انت وبابا
قطب شهاب حاجبيه وهو يرى ثورة شقيقته عليه بحديثها ولكنها ربما تقول الحقيقة فهو لم يكلف نفسه مرة عناء ان يجلس برفقتها ويعلم ما تريده او ما أصابها
فرد قائلا:
–ميرا انا..
انزلقت دمعة على وجنة ميرا مسحتها باصرار قائلة:
–انت ايه يا شهاب خلاص اعتبر نفسك مسمعتش حاجة منى تصبح على خير ملوش فايدة الكلام معاك
ما كادت تصل الى باب الغرفة حتى وجدته يناديها قائلا:
–ميرا خلاص استنى تعالى قوليلى مالك فى ايه وزعلانة ليه كده
تركت مقبض الباب واستدارت اليه قائلة:
–لسه واخد بالك يا شهاب بس انت اتأخرت أوى فى سؤالك ده
ليس لديه هو طاقة على الجدال الآن ولكن ما رأه على وجهها جعله يصمت ولكنه ترك مكانه يقترب منها يسحبها معه وجلساً سويا على احد الارائك الموجودة بالغرفة نظر إليها يحتضن يديها بين كفيه ربما تلك هى المرة الأولى التى تراه ميرا يعاملها بعطف أخوى فدائما ما ينهى نقاشه معها سريعاً كأنه غير عابئ بما يصيبها
فابتسم بخفة قائلا:
–قوليلى يا ميرا ايه اللى مزعلك انا عارف ان انا كنت بعيد عنك وعمرى ما كنت ليكى الاخ اللى بتتمنيه سامحينى
عاودت دموعه بالتساقط قطبت ميرا حاجبيها فتلك هى المرة الاولى التى ترى بها دموع شقيقها مدت يدها تمسح دموعه قائلة بخوف:
–شهاب انت بتعيط هو ايه اللى حصل انا اول مرة فى حياتى اشوفك كده
فبما يخبرها هل يخبرها بما رأه وسمعه اليوم هل يخبرها بزواج أبيهم من سيرين هل يخبرها بتلك العاصفة التى ربما ستقتلع جذور ذلك المنزل وتهدمه على رؤوسهم جميعاً
–حاسس ان انا تعبان اوى يا ميرا تعباااان
كلما تذكر تلك المرأة التى أتت عليه لحظة وشعر نحوها بمشاعر لا يحق له بها و بأنها زوجة أبيه تهدر بداخله نيران على وشك إحراق كل شئ حى بداخله اغمض عينيه يريح رأسه للخلف تجلس بجانبه شقيقته التى ظلت تربت على يده مواسية له
وهى لاتعلم ما أصابه ؟ ولكنها ظلت بجواره فمن كان يستمع لها أصبح الآن زوج ابنة عمها وهى غير راغبة فى مضايقتهم او أن تهدم ذلك التفاهم الذى نشأ بينها وبين ثراء وزوجة عمها فربما سيأتى الوقت ويصبح لها شهاب الشقيق الذى تتمناه
________
فى الصباح..جاهدت ثراء على فتح جفونها المطبقة بنعاس تغشاها جعلها لا ترى بوضوح فهى تشعر بثقل رأسها كأنها تحمل أطنانا ولكن ذلك الضوء المنبعث من خلف الستائر جعلها تتململ بنومها وهى تتثائب فردت ذراعيها تتمطى بكسل فاصتطدمت يدها بيد بجوارها جعلتها تفتح عينيها بسرعة نظرت بجوارها
وجدت أيسر مستلقياً على بطنه يخفى نصف وجهه بالوسادة يتعارض لون شعره الأسود مع غطاء الوسادة الأبيض فكرت كم هو وسيما وربما تجده بعض النساء فاتناً بتلك الوسامة ولون عينيه وملامح وجهه المليحة وتناسق جسده فربما اذا لم يكن حارسا كان سيكون احدى الشخصيات الشهيرة فى عالم الفن
فهمست قائلة:
–هو ايه اللى بفكر فيه ده دلوقتى
ابتسمت على تفكيرها وكم تلك المشاعر التى تراودها بشأنه ذهبت الى الحمام اغتسلت وخرجت تؤدى صلاتها وبعد أن أنتهت اقتربت من الفراش التفتت حولها يميناً ويساراً كأنه تتأكد من خلو الغرفة من أحد سيتلصص عليها أو يراها وهى تقترب من وجنته تقبله بخفة خشية من إيقاظه
ولكنها لم تستطيع الابتعاد فوجدته يمسك يدها يفتح احدى عينيه قائلا بنعاس:
–صباح الخير يا حبيبتى
ردت عليه بخفوت قائلة:
–صباح النور
اعتدل بجلسته فأزاح الغطاء عنه تصاعد الدم إلى وجنتيها بخجل وهى تراه يترك الفراش مرتدياً سروال قصير لا يكاد يصل إلى ركبتيه يدلف الى الحمام تركت هى الاخرى الفراش ازاحت الستائر جانباً تستنشق نسمات الصباح الباردة تجعلها
تلفحها ترطب من حرارة وجنتيها فهى لم تعى حتى الآن ما يحدث معها أنها زوجة أيسر تقيم معه بغرفة واحدة بل يجمعهم فراش واحد ضمت رداءها إليها تعقد ذراعيها بابتسامة من تلك النشوة التى صرخت بعروقها ،فى خضم أفكارها وجدته يحيطها بذراعيه شهقت بخفوت فهى لا تعلم متى خرج من الحمام فهى لم تنتبه لخروجه او اقترابه منها الا عندما وجدته يضمها إليه
وجدته يهمس بأذنها:
–مالك سرحانة فى ايه وبتفكرى فى ايه
استدارت بين ذراعيه تنظر له باسمة وهى تقول:
–أكيد بفكر فيك أنت
استند بكفيه على سور الشرفة يحاصرها بينه وبين ذلك الجدار المنخفض ينظر اليها بحب
–وانا عايزك على طول تفكرى فيا يا ثراء وتفكرى ان انا محبتش ولا هحب حد غيرك
وجدته يرفعها يجلسها على حافة السور جلست مبتسمة تنظر إليه تحيط عنقه بذراعيها فابتسم لها قائلا:
–أنتى مش خايفة وأنتى قاعدة كده
نظرت ثراء خلفها رأت تلك المسافة بين الشرفة والأرض فأى خطأ يحدث يجعلها تفقد توازنها ستقع وسيدق عنقها فى الحال
الا انها حولت بصرها إليه قائلة:
–تؤتؤ مش خايفة طالما معاك أنت يبقى مش هخاف علشان أنت أكيد مش هتخلى حاجة تحصلى على طول كنت معايا أنت الأمان والحماية ليا يا أيسر
لو تعلم كم تلك الآلام والأثام التى يشعر هو بها، فقلبه أثم معذباً بين عشقه ورغبته بالانتقام فما سبيل له غيرها ستكون سلاحه وأداته ستكون جنته وجحيمه ولكن فليترك تفكيره هذا جانباً الآن فليغتنم هو تلك اللحظات الثمينة بقربها
افتر ثغره عن ابتسامة قائلا بحب:
–طب يلا علشان تاكلى يا قلبى انتى ما أكلتيش من امبارح
حكت ثراء رأسها بتفكير قائلة:
–هو انا مأكلتش طب ليه فاكرة أن أكلت أنا وأنت أمبارح
حملها ودلف للغرفة وهو يبتسم بوجهها :
–لاء ما أكلناش ثم يلا علشان نلحق نجهز علشان نسافر نقضى شهر العسل أينعم هو مش شهر هو أسبوع لو كان بامكانى كنا فضلنا سنة عسل يا حبيبتى
تذكرت رفضه لاقتراح أبيها بشأن سفرهم لقضاء شهر العسل بإحدى الدول الأوروبية معللاً بذلك أنه لن يقبل أن يسافر وهو لم يدفع التكاليف كاملة فأصر هو على أخذها لاحدى المدن السياحية على أن يكون هو معيلها بتلك الرحلة وليس أحد أخر
، شعرت هى بالسعادة كونه يرفض كل تلك الفرص الممنوحة له مصراً على أن يكون هو من ينفق على زوجته حتى وإن كان لن يوفر لها نصف ما تحصل عليه عادة بحياتها ،فكل رفض منه تزداد له عشقاً فهو معتد بكبرياءه ذلك الكبرياء الذى أخضع قلبها لسطوة عشقه
________
دلفت مايسة الى تلك الغرفة التى اصبحت تقطنها شقيقة والداتها تحمل بيدها صينية محمولة بطعام الإفطار
فأقتربت من الفراش قائلة بابتسامة:
–خالتو خالتو اصحى علشان تفطرى
فتحت عنايات عينيها بعد سماع صوت ابنة شقيقتها اعتدلت بجلستها تبادلها الابتسام قائلة
–صباح الخير يا مايسة انتى تعبتى نفسك ليه يا حبيبتى
وضعت مايسة الطعام أمامها قائلة:
–تعبك راحة يا خالتو هروح اعملك الشاى على ما تفطرى
خرجت مايسة من الغرفة تنهدت عنايات بتعب فزوج شقيقتها بالرغم مما كان يحدث بينهم من خلافات وشجارات الا إنه لم يأبى اقامتها معهم بنفس المنزل
نهضت من فراشها ودلفت للحمام اغتسلت وخرجت تؤدى صلاتها فهى لم تصلى مرة بحياتها إلا عندما عاد اليها تعقلها وضميرها ظلت تناجى الله أن يغفر لها ما فعلته تتضرع اليه بالدعاء وبعد ان انتهت من صلاتها بدأت فى تناول الطعام
دلفت مايسة مرة اخرى تحمل بيدها كوبين من الشاى قائلة:
–حرما يا خالتو الشاى اهو وجيت اشرب الشاى معاكى
ونرغى مع بعض على ما ماما ترجع من السوق
ابتسمت لها عنايات تاخذ منها كوب الشاى خاصتها جلسن سويا على تلك الأريكة الخشبية الموضوعة اسفل نافذة الغرفة
بدأت عنايات حديثها قائلة:
–صحيح يا مايسة فرحك اتأجل وعلشان ايه إتأجل
ارتشفت مايسة من كوبها قبل ان تقول:
–ايوة يا خالتو وكان المفروض خلاص هنتجوز بس حصل ظروف
انتبهت عنايات لما تقوله فسألتها باهتمام:
–ظروف ايه دى خير
نظرت مايسة من النافذة قبل ان تعاود النظر لخالتها قائلة:
–أصلى خطيبى عفيفى الاسطى اللى هو بيشتغل عنده عمل حادثة وعفيفى بيعزه اوى وبيعتبره اخوه علشان كده اجلنا الفرح على ما يخف ان شاء الله
ربتت عنايات على يد مايسة قائلة:
–ان شاء الله ربنا يتملك فرحتك على خير
ابتسمت مايسة لخالتها وازدادت ابتسامتها اتساعاً عندما نظرت من النافذة ووجدت عفيفى يلوح لها انتبهت خالتها عليها فنظرت حيث تنظر
فابتسمت عنايات بمكر قائلة:
– هو خطيبك ده اللى عمال يشاورلك بس باين عليه انه مدلوق أوى
خجلت مايسة من حديث خالتها قائلة:
–لو كان الباشمهندس حسام موجود دلوقتى كان زمانه
جرى على الورشة
ردت عليها عنايات قائلة:
–هو الاسطى بتاعه شديد اوى كده
اجابتها مايسة وهى تضع كوبها الفارغ بجانبها:
–ابدا والله الباشمهندس حسام رضوان طيب اوى بس هو بيحب يناكف فى عفيفى
سمعت عنايات الاسم فقطبت حاجبيها بتفكير فارادت التأكد مما سمعته فسألتها قائلة:
–حسام رضوان هو ده اسمه يا مايسة
ابتسمت مايسة قائلة:
–لاء هو اسمه حسام عاطف رضوان بس الكل بيقوله حسام رضوان علشان جده وجدته هم اللى ربوه بعد ما ابوه وامه ماتوا فى حريقة زمان سمعت الكلام ده من بابا
وماما قبل كده
انتفضت عنايات من مكانها فسقط كوب الشاى من يدها تريق محتواه على الأرضية
وهى تهتف بذهول قائلة:
–مش معقولة مستحيل هو لسه عايش مامتش زى ما كنا مفكرين هو عايش عايش
طفقت تردد تلك الكلمة بابتسامة مصدومة بعض الشئ تنظر اليها ابنة شقيقتها وهى لا تفقه شئ مما تقوله فماذا أصابها بعد سماع حديثها معها؟
ردت مايسة قائلة:
–مالك يا خالتو هو مين ده اللى عايش ومامتش
انتبهت عنايات على ابنة شقيقتها فجلست مرة أخرى تحثها على الكلام:
–مايسة قوليلى متعرفيش كان اسم امه اللى ماتت ايه
حكت مايسة رأسها بتفكير تحاول تذكر اسم تلك المرأة فهى سمعته ايضا من أبويها ردت بعد تفكير قائلة:
–لا والله يا خالتو مش فاكرة عمالة افتكر برضه الاسم تايه منى بس ليه بتسألى على اسم أمه
خشيت عنايات الإفصاح عما لديها الآن فهى تريد ان تتيقن من صحة ظنها أولا ً لم تنتظر دقيقة اخرى ارتدت حجاب رأسها خرجت من الشقة وصلت أمام الورشة التى تقع بجوار البناية السكنية التى تقع بها شقة شقيقتها وصلت أمام الورشة وجدت عفيفى منهمكاً فى تصليح احدى السيارات
فأقتربت منه قائلة:
–السلام عليكم أنت عفيفى
رفع عفيفى رأسه بعد سماع الصوت قائلا:
–ايوة حضرتك اؤمرى
أقتربت هى منه تهتف قائلة :
–انا أبقى خالة مايسة خطيبتك خالتها عنايات
ألقى عفيفى الأدوات من يده يسحب مقعد خشبى يشير اليها بالجلوس:
–يا الف اهلا وسهلا اتفضلى حضرتك اؤمرينى
حدقت به عنايات بابتسامة عريضة:
–الأمر لله يا ابنى اصل عرفت من مايسة ان صاحب الورشة عامل حادثة فحبيت اجى اشوفك واطمن عليه
مسح عفيفى يده بمنشفة وهو مازال مبتسم المحيا كعادته:
–اه الاسطى حسام بس الحمد لله بقى أحسن ويمكن كام يوم كده وينزل الورشة تانى أصل الحادثة كانت كبيرة أوى الحمد لله انه خرج منها سليم
أرادت عنايات استدراج عفيفى فى الحديث فقالت بصوت يشوبه الحزن:
–يا عينى على أمه لما عرفت اللى جراله تلاقيها كانت هتتجنن ولا يجرالها حاجة
–لاء هى أمه ماتت اللى يرحمها هو عايش مع جدته وجده هم اللى مربيينه
قالها عفيفى وهو يستند على السيارة ينظر لخالة زوجته المستقبلية
فأستطرد قائلا:
–معلش الكلام اخدنا ونسيت اجبلك حاجة تشربيها
أفتر ثغرها عن ابتسامة متوترة قائلة:
–لا ولا يهمك بس هو أنت تعرف اسم أمه إيه
تعجب قليلا من سؤالها الا انه أجابها قائلا:
–أمه على ما أظن كان اسمها هالة
اذدرت عنايات لعابها بعد سماع الاسم فهو نفسه إسم تلك المرأة فكل الدلائل التى سمعتها اليوم جعلتها تتيقن من أن ذلك الشاب المدعو حسام رضوان هو بذاته ابن جمال الرافعى وسليل تلك العائلة الثرية والتى كانت هى وثريا السبب فى ابعاده عن والديه بسبب تفكير شيطانى إلا أنها أرادت التمهل بشأن ذلك الأمر فلو ثريا علمت بأنه مازال على قيد الحياة لن تتوانى عن التخلص منهم سوياً لذلك يجب أن تكون حذرة تلك الأيام القادمة حتى يحين موعد إخبار كل من يهمه الأمر بما حدث منذ سنوات طويلة من مؤامرة خبيثة أفضت بالنهاية إلى إبعاد شاب كان سينشأ فى كنف أبويه الحقيقين
________
جلس أيسر على تلك الرمال الناعمة مبتسماً وهو يرى زوجته تبنى بالرمال بيتاً أشبه بطفلة صغيرة يصحبها والدها بنزهة فهو حقا يشعر كأنها طفلته وهو يرى مدى تعلقها به
رفعت رأسها تنظر اليه تهتف بحماس شديد قائلة:
–شوف يا أيسر البيت اللى بنيته جميل أوى إزاى
بادلها ابتسامتها قائلا:
–اه يا حبيبتى جميل أوى بس أنتى بنتيه مش شبه القصر بتاعكم ليه
أفتر ثغرها عن ابتسامة وضاءة قائلة:
–علشان ده هيبقى بيتى أنا وأنت عيزاه زى البيوت اللى بتبقى زى المزرعة الصغيرة ويكون فيه جنينة مزروع فيها ورد كتير وخصوصا ورد الجورى علشان بحبه وفى أسطبل خيل وتجيبلى حصان وفى أوض أطفال كتير علشان ولادنا
بعد تلك الكلمة أطرقت رأسها خجلاً فكيف سيكون شعورها عندما تنجب منه طفلاً صغيراً ؟ فلابد أن لاتوجد سعادة ستضاهى سعادتها فى ذلك الوقت،غرز أصابعه بالرمال يقبضها بين كفه يلعن نفسه مراراً وتكرراً ، ركض بعض الصغار حولهم فسقط أحدهم على ذلك البيت الرملى فتهدم
نظرت اليه ثراء كأنها على وشك البكاء قائلة:
–بيتنا أتهد يا أيسر
رسمت بكلماتها ما ستكون عليها حياتهم مستقبلاً فكأن تلك الكلمة الدلالية إشارة على ما ستؤل إليه أمورهم إلا أنه حاول طرد الحزن عنها
فابتسم لها قائلا:
–ولا يهمك يا حبيبتى أنا هعملك البيت بجد وهيبقى حقيقة مش بيت مبنى بالرمل وهنفذلك كل اللى أنتى حلمتى بيه يلا علشان نتمشى شوية
نهض من مكانه مد يده لها لتنهض هى الأخرى وضعت يدها بيده سارا سويا يحاوط كتفيها بحنان وضعت هى الاخرى ذراعها خلف ظهره تحيط بها خصره تميل برأسها على كتفه تجعل مياه البحر تداعب قدميها وهى تسير بجواره حافية فالأسبوع أوشك على الإنتهاء وسيعودون غدا إلى المنزل
ظلت صافى تنظر من النافذة لعله تراه قادماً مثلما اعتاد ان يأتى للاطمئنان عليها وعلى جدتها منذ أن تعرفن عليه بذلك اليوم الذى أنقذها به ليأتى بعد ذلك عدة مرات للاطمئنان عليهن ولكنه تغيب عنهن منذ أكثر من أسبوعين فهل حدث له مكروه فهى حتى لاتملك رقم هاتفه لتطمئن عليه
سمعت صوت سعال جدتها فتركت النافذة تقترب منها:
–تيتة مالك يا حبيبتى
ابتسمت فريدة بوجه حفيدتها تطمئنها قائلة:
–لاء يا حبيبتى انا كويسة بس مالك كده عماله تبصى من الشباك زى ما تكونى بتدورى على حاجة ضايعة منك
توترت صافى مخافة من كشف جدتها لها فابتسمت بتوتر قائلة:
–لا ابدا انا ببص على الشارع عادى مفيش حاجة هقوم اعملك حاجة تاكليها
فرت صافى هاربة إلى المطبخ قبل ان تستمر جدتها فى سؤالها بدأت بتحضير الطعام ولكنها سمعت صوت طرقات على الباب احكمت وضع حجابها على رأسها فتحت الباب وجدت أيسر هو الطارق
ابتسم لها قائلا:
–السلام عليكم اسف لو كنت جيت فى وقت مش مناسب
بادلته صافى الابتسام قائلة:
–لا ابدا متقولش كده اتفضل يا أستاذ أيسر
دلف أيسر للداخل وهو يحمل بيده عدة أكياس بلاستيكية وضعها على الطاولة التى تتوسط الصالة قائلا:
–انا بس جيت اطمن على جدتك وعليكى وهمشى على طول علشان عارف انكم عايشين لوحدكم وميصحش حد يشوفنى بجلكم هنا
تركت صافى الباب مفتوح على مصراعيه تقدمت قليلا إلى الأمام قائلة:
–حضرتك تنورنا علشان كده غبت الفترة اللى فاتت
قبل أن يجيبها أشتم أيسر رائحة شئ على وشك الاحتراق فهتف قائلا:
–انا شامم ريحة حاجة بتتحرق
ضربت صافى جبهتها بيدها وهى تركض ناحية المطبخ فاستطاعت انقاذ الطعام قبل أن يحترق كاملا فزفرت بارتياح قائلة:
–الحمد لله لحقته الأكل كان هيشيط
خرجت فريدة من غرفتها بعد سماع صوت أيسر خرجت للترحيب به قائلة:
–اهلا يا ابنى نورت البيت
نظرت الى تلك الأعراض الموضوعة على الطاولة فهتفت به قائلة:
–مكنش ليه لازمة يا ابنى تتعب نفسك وتجيب الحاجات دى كلها
أجابها أيسر قائلا:
–تعبك راحة وكمان جبتلك الدوا اللى كانت الآنسة صافى بتدور عليه ومش لقياه وهيكفيك فترة ولو خلص خلى الانسة صافى تبلغنى اجبلك غيره
ربتت فريدة على كتفه بامتنان شديد قائلة:
–تسلم يا ابنى والله احنا تعبناك معانا
سحبت جزدانها من جيبها تخرج منه النقود فابتسمت له قائلة:
–اتفضل يا ابنى ده حق العلاج
رفض أيسر اخذ النقود منها فهتف بنفى قاطع قائلا:
–بتعملى ايه يا حاجة انتى كده كأنك بتشتمينى دى حاجة بسيطة
رفض كل محاولاتها فى دفع النقود خرجت صافى من المطبخ تضع الطعام على المائدة تشير إليه قائلة:
–طب اتفضل حضرتك كل معانا علشان يبقى عيش وملح
نظر إلى تلك الساعة التى تزين معصمه فهو يريد العودة إلى صغيرته الآن التى ربما تبحث عنه فهو لم يخبرها بشأن خروجه فهى كانت نائمة فهتف معتذرا:
–أنا أسف بس لازم أمشى دلوقتى ولو احتاجتى اى حاجة دى نمرة تليفونى اتصلى عليا سلام عليكم
ناولها ورقة مدون بها رقم هاتفه قبل أن يخرج أسرعت هى فى احضار هاتفها للاحتفاظ بالرقم تعجبت جدتها من تورد وجنتيها وابتسامتها العريضة التى أصبحت تراهم كلما حضر أيسر إلى منزلهن فخشيت أن تكون صافى
بدأت فى الانجذاب إليه حتى وإن أظهر لهن شهامته فهن بالاخير لا يعلمن شيئاً عنه سوى إسمه فقط
________
وقف متولى وعباس أمام الضابط مطأطأين الرأس لا ينبتون ببنت شفة بعد أن تم ترحيلهم من الإسكندرية إلى مديرية الأمن القاهرة فارتعدت أجسادهم بعد سماع صوته الغاضب قائلا:
–احسن ليك انت وهو تنطق والا والله العظيم مش هتعرفوا ايه اللى ممكن يجرالكم هنا وانتوا اكيد مجربين انطق ياض منك ليه مين اللى حرضكم من البداية على خطف بنت الدكتور جمال
تقدم متولى منه يحاول تقبيل يده قائلا:
–ابوس ايدك يا باشا احنا والله ما عملنا كده بمزاجنا ده واحد هو اللى وذنا نعمل كده وكمان احنا منعرفش شكله كويس ولا حتى اسمه
ابتسم الضابط بسخرية قائلا:
–أنت مفكر ياض انت وهو ان هصدق كلامكم ده لاء اصحوا واعرفوا انتوا وقعتوا فى ايد مين ولا تحبوا بقى اعملكم حفلة أستقبال أظن بعدها مش هتقدروا تنكروا
خرج عباس عن صمته قائلا بتوسل هو الآخر:
–وربنا يا باشا هى دى الحقيقة اللى قولنهالك احنا فعلا مشفناش شكله ومنعرفش غير أن اسمه البوص بس
أشار اليهم الضابط بتهديد قائلا:
–بص أنت وهو انتوا تقولوا على مواصفات الراجل اللى بتقولوا عليه ده واحسن ليكم متحاولوش تكدبوا والا هتلبسوا الليلة كلها لوحدكم دا خطف وشروع فى قتل يا روح امك انت وهو
لعن متولى وعباس حظهم العثر فهم لم يجنوا من ذلك غير المهانة والذل وليس هذا نهاية المطاف فهناك سجن بانتظارهم أيضا حرك عباس ومتولى رأسيهما بخنوع سمع الظابط طرق على باب الغرفة أذن للطارق بالدخول ليدلف شاب يحمل بيده أوراقا بيضاء خاصة بالرسم
فهتف قائلا:
–انا جيت يا افندم علشان رسم المواصفات اللى هيقولوها
اشارت اليه الضابط بالجلوس فهتف بعباس ومتولى قائلا:
–اقعدوا بقى معاه وقولوله مواصفات البوص بتاعكم ده
بدأ الرسام فى رسم الخطوط الأولية يستمع لتلك المواصفات التى يقولها عباس تارة ومتولى تارة أخرى وبعد مرور مزيد من الوقت انتهى الرسام من رسم تلك الملامح التى اخبره بشأنها هذان الرجلان دلف الضابط بعد انتهاءه اخذ الورقة ينظر لتلك الملامح لعله يتعرف على صاحبها
فوضعها أمام أعينهم قائلا:
–هو ده شكله انت وهو
هزوا رأسيهما سويا بالموافقة قائلين:
–أيوة يا باشا هو ده
ضغط على زر صغير موضوع على مكتبه فدلف العسكرى يؤدى التحية العسكرية فأمره الضابط قائلا:
–خدهم على الحجز
خرج متولى وعباس برفقة العسكرى حتى وصلوا الى الزنزانة دفعهم العسكرى بقوة قائلا:
–يلا يا متهم منك ليه خش يلا
نظر عباس وجد متولى يجلس منزوياً فى أحد الأركان جلس بجواره قائلا:
–خلاص رحنا فى داهية يا متولى
رفع متولى رأسه من بين ذراعيه يصرخ بوجهه:
–أنت السبب فى ده كله يا عباس من الأول قولتلك نبعد عن الموضوع ده بس انت اللى فضلت تعاند لحد ما ضيعتنا
بعد ان انتهى متولى من لوم عباس على ما ألت اليه أمورهم ترك مكانه يجلس بمكان أخر بعيدا عنه
هاتف الضابط جمال للمجئ لعله يتعرف على تلك الصورة فوصل جمال الى مكتبه دلف يستريح على المقعد
مد له الضابط يده بالصورة قائلا:
–دكتور جمال انا كلمتك تيجى علشان احنا تقريبا رسمنا صورة للى كان بيخطط لخطف بنتك والاتنين اللى كانوا معاه اكدوا ان ده شكله وان اسمه البوص هو ده اللى يعرفوه عنه
تذكر جمال ذلك الاسم الذى أخبرته به زهرة قبل رحيلها عن المشفى
–كان فى برضه بنت اشتغلت عندى فى المستشفى لما شكيت فيها اعترفت برضه ان اللى زقها عليا واحد اسمه البوص
أخذ الورقة يمعن النظر بها ليتعرف على ذلك الشخص المجهول
قطب جمال حاجبيه بتفكير قائلا:
–هو ملامحه فيها شبه من دكتور كنت اعرفه اسمه شريف عبد العزيز كان شغال عندى فى المستشفى بس اكتشفت أنه بيتعامل مع مافيا لبيع الاعضاء فبلغت عنه واتحبس ومن ساعتها معرفش عنه حاجة معقول يكون هو
شعر الضابط بأمل من أن تلك القضية على وشك أن تفك طلاسمها فهتف قائلا:
–جايز يكون هو وحب ينتقم منك على العموم دى بداية كويسة ان عرفنا مين يكون البوص ده وأنا مش هرتاح إلا لما أجيبه وأقبض عليه
تذكر جمال الآن ذلك المشهد وهو يرى شريف بداخل قفص الاتهام بعد إصدار الحكم عليه وصراخه وتوعده بأن يجعله يندم أشد الندم على الزج به بالسجن وأنه سينتقم منه إلا إنه لم يعر ذلك انتباهاً ظنا منه أنه كلام أنفعالى يهذى به
_______
أوقف أيسر السيارة أمام ذلك الصرح العملاق الذى يحمل شعار عائلة الرافعى ولا يعرف لماذا أصرت زوجته على احضاره الى هنا
فالتفت اليها قائلا:
–أنتى اصريتى تجبينى هنا ليه يا ثراء
ترجلت ثراء من السيارة تشير اليه ان يترجل هو الآخر قائلة:
–تعال بس علشان عملالك مفاجأة
ترجل من السيارة وهو لايعى حتى الآن ماذا تريد منه؟ وماهى تلك المفاجأة التى بانتظاره ؟ دلفوا إلى الداخل حتى وصلوا الى غرفة تقع بالطابق الثالث من المبنى
فتحت ثراء الباب تدعوه للدخول قائلة:
–تعال يا حبيبى ادخل
ولج أيسر خلفها فأغلقت هى الباب جال ببصره بالغرفة فهى غرفة مكتب بها أثاث عملى أنيق
فنظر إليها قائلا:
–مكتب مين ده يا ثراء
أقتربت منه ثراء قائلة:
–ده مكتبك أنت يا حبيبى
كأنه لم يسمع ما تفوهت به الآن فابتسمت على ملامحه المذهولة فاستطردت قائلة:
–ايوة ده مكتبك علشان أنت هتشتغل هنا وتدير نصيبى من مجموعة الشركات على ما أخلص دراسة وأجى اشتغل معاك انا عارفة أن ممكن تلاقى الشغل صعب فى الأول بس هتتعلم بسرعة وفى موظفين كفاءة جدا هنا هيساعدوك تتعلم كل حاجة علشان عايزة نبقى مع بعض فى البيت والشغل كمان
انتظرت رده على حديثها فرفع يده يضعها على يديها التى تريحها على صدره قائلا:
–ثراء أنتى جيبانى هنا وأبقى قدام عمك عزام دا مش طايقنى ومش بعيد ييجى يرمينى من الشباك لو شافنى هنا
علمت ثراء ما يرمى إليه زوجها فهى تعلم مدى الجفاء بينه وبين عمها عزام ولم تخلو مقابلات عمها بزوجها فى المنزل من محاولة عمها من الحط من شأنه مذكراً إياه بما كان عليه وكيف أصبح الآن محاولا بذلك المساس بكرامته وكبرياءه إلا انها رأت زوجها يتفادى التعامل معه محافظاً على بروده فى معاملته له
فهتفت قائلة:
–انا عارفة أن عمو عزام مش بيعاملك كويس بس خليك معايا أنا أنت متجوزنى انا ولا متجوزه هو
ابتسم على قولها فأقترب منها هامسا:
–علشان خاطرك أنتى بس يا ثراء أنا مستعد استحمل عمايل عمك
لم يمهلها فرصة للرد فكان عناقه أسرع من حديثها تعلقت بعنقه متناسيه أنهم ليس بغرفتهم فهو دائما ما يجعلها غير راغبة فى أن تتذكر شئ سواه هو، ولكن انفتح الباب على مصراعيه بقوة فارتعدت بين أحضان زوجها من صوت صفق الباب نظرت خلفها وجدت عمها يقف على الباب
عيناه تنذر بسحابة من الشر قائلا:
–ايه اللى سمعته ده والبنى آدم ده بيعمل ايه هنا انتى فعلا هتخليه يدير نصيبك فى الشركة يفهم ايه ده كمان فى شغلنا دى تجارة دهب وألماس مش بنبيع خضار احنا علشان كل من هب ودب يشتغل شغلنا
انتفخت أوداج أيسر من كم تلك الاهانات التى اسمعه إياها عزام فكم يتمنى هو الآن من رمى ما بداخله بوجهه الا أنه استطاع الحفاظ على رابطة جأشه
فسمع زوجته قائلة:
–عمو أيسر دلوقتى بقى جوزى ودى حاجة متزعلكش وأيسر ذكى جدا وهيتعلم كل حاجة بسرعة
لم ينتظر عزام ان يسمع كلمة اخرى فهو يعلم أن ابنة شقيقه أصبحت لاترى أحد سوى ذلك الرجل الذى سلبها عقلها فأى مجادلة ستكون عقيمة بغير فائدة أو نتيجة ،بعد خروج عزام أعادت النظر لزوجها
فحاولت التخفيف من ضيق ملامحه التى انكمشت ضيقا من كلام عمها:
–حبيبى متزعلش من كلام عمو ولو بتحبنى توافق
افتر ثغره عن ابتسامة خفيفة قائلا:
–علشان خاطرك أنتى بس يا ثراء
فتلك هى الفرصة التى كان بانتظارها فالأن بدأت اللعبة الكبرى بينه وبين عزام أو إذا صح القول لعبة الحياة فهو أن يخرج منتصراً ظافراً بكل شئ أو أن يخرج خالى الوفاض متحسراً ونادماً على فقدان تلك الحسناء التى لا يملك أغلى منها بحياته التعيسة بأسرها،عادوا إلى المنزل أقترح عليها نيل قسط من الراحة لرغبته فى اخذها بالمساء فى نزهة بالسيارة أطاعته على الفور لتمر عدة ساعات ويحل المساء
دلف أيسر الى الغرفة وجدها قد انتهت من ارتداء ثيابها أقترب منها مبتسما يمد يده يحاوط وجهها بيده يناظرها بشوق كبير وقفت بين يديه ساكنة تتطلع إليه بعشق قد أضناها ولكن ربما رحم القدر قلبها وأصبحت زوجته الآن
اقترب منها هامسا:
–خلاص يا قلبى خلصتى علشان نخرج
التقطت انفاسها اللاهثة جراء قربه المهلك منها فهمست بصوت ناعم:
–ايوة خلاص يا حبيبى هنروح فين
آسر يدها بين كفه قائلاً بابتسامة:
–هنتمشى شوية على كورنيش النيل الجو النهاردة جميل
هزت ثراء رأسها بحماس كبير قائلة:
–ماشى يلا بينا
خرجوا سويا من غرفتهم وصلا الى السيارة يقودها أيسر وهى تتوسد كتفه فكل دقيقة بقربها لايريد منها الابتعاد عنه،وصلا الى وجهتهم قام أيسر بركن السيارة على احد جانبى الطريق فترجل من السيارة فتح الباب بجانبها فمد يده لها فوضعت يدها بكفه تترجل هى الأخرى ،تشابكت أيديهم فجلس وأجلسها بجانبه
ومازال محتضن كفها الرقيق بين يده قائلا:
–هجبلك عصير تشربيه ولا اجبلك اى حاجة تاكليها
ابتسمت له ثراء قائلة:
– لاء هاتلى عصير كفاية أنا مش جعانة
اتسعت ابتسامته قائلا:
–احلى كوباية عصير لاجمل ثراء فى الدنيا
وماكاد يخطى خطوة مبتعداً عنها حتى اصطتدم بفتاة فبادر بالاعتذار قائلا:
–أنا آسف يا آنسة
عقدت الفتاة حاجبيها بتفكير الا انها ابتسمت تهتف قائلة:
–ايه ده دكتور أيسر حضرتك متعرفنيش انا كنت طالبة عندك فى القسم فى كلية التجارة بس غريبة ان حضرتك مكنتش موجود السنة دى فى الكلية
اذدرد أيسر ريقه وخاصة عندما وجد زوجته تترك مكانها تقترب منهم لتعرف ماذا يدور بينهم فنظرت اليه ثراء باستفهام حاول أيسر الخروج من ذلك المأزق
فابتسم بتوتر قائلا:
–حضرتك غلطانة يخلق من الشبه اربعين
الا ان الفتاة عاودت التأكيد على صحة ظنها وانها ليست مخطئة:
–دكتور أيسر حضرتك درستلى سنتين معقول مش هعرف حضرتك
طالعته ثراء بعينان تطالبه بالتفاصيل لما سمعته الآن ،سحب يدها يذهب تاركاً تلك الفتاة واقفة مكانها،ظل يجرها خلفه وهى متعجبة من صنيعه الا انها أبت ان تتحرك خطوة واحدة ومدت يدها تزيح يده القابضة على رسغها بقوة تكاد تكسر عظامها
سر غائب
البارت السادس
طالعته ثراء بعينان تطالبه بالتفاصيل لما سمعته الآن ،سحب يدها يذهب تاركاً تلك الفتاة واقفة مكانها،ظل يجرها خلفه وهى متعجبة من صنيعه الا انها أبت ان تتحرك خطوة واحدة ومدت يدها تزيح يده القابضة على معصمها بقوة تكاد تكسر عظامها
هتفت ثراء بضيق قائلة:
–أيسر فى ايه براحة هتكسر ايدى
استدار اليها معتذرا عما بدر منه قائلا بندم:
–حبيبتى انا اسف مقصدش انا وجعتك جامد
رفعت يدها تدلك معصمها الذى ترك هو أثار اصابعه عليه قائلة بهدوء
–يعنى! بس ايه الحكاية مالك اضايقت لما البنت دى قالتلك كده
كور أيسر قبضة يده يحاول بث الهدوء بصوته قائلا:
–علشان مش عايز تفهمى الموضوع غلط او ان انا أعرف البنت جايز فكرانى واحد تانى
أشاح بنظره عنها بعد ما رأى نظرتها غير القنوعة بما سمعته منه فخرجت هى عن صمتها قائلة:
–بس معقولة الواحد ده يبقى شبهك وكمان اسمه زى اسمك
فهذا ما كان يخشاه أن تنتبه هى لكل ذلك ولا يستطيع تبرير ذلك فابتسم بتوتر قائلا:
–عادى يعنى يا حبيبتى هو انا بس اللى اسمى أيسر فى الدنيا دى يخلق من الشبه أربعين ومن الاسم مليون ثم يلا بينا نروح
لم تزدها محاولته للتبرير لها ما حدث سوى تعجبها مما تسمعه ونبرة صوته المرتجفة زادت من ذلك الإحساس الذى تملك من عقلها " هل هو يخدعها "" لا "هكذا صرخ بها قلبها قائلاً
تبعته بهدوء حتى باب السيارة تتخذ مقعدها بجواره انطلق بالسيارة عائدا الى قصر عائلة الرافعى ظلت على صمتها حتى وصلا الى المنزل سبقته فى الصعود الى غرفتهم ظل هو جالسا بالحديقة متجهم الوجه متسائلا هل الآن بدأ الشك يأخذ مكانه بداخلها ولكن يجب ان يصلح هو هذا الموقف قبل ان يزداد سوءا او تعقيدا قام بقطف بعض الورود الحمراء من الحديقة قبل صعوده إلى الغرفة
دلف الى الغرفة وهو يناديها:
–ثراء حبيبتى أنتى فين
لم يراها بالغرفة فعينيه طافت بكل مكان ولا تراها شعر بالريبة من عدم اجابتها على نداءه أقترب من الشرفة وجدها تجلس على تلك الأريكة تضم ركبتيها بيديها تنظر بشرود للسماء
فأقترب منها قائلا:
–ثراء حبيبتى مالك فى ايه
نظرت اليه ثراء ولكنها أغمضت عينيا تريح رأسها للخلف قائلة:
–مفيش حاجة يا أيسر
جلس بجانبها وجذبها إليه يضمها باحدى ذراعيه مد لها يده بالورود التى يحملها لها قائلا بابتسامة:
–دى علشانك يا قلبى
اخذت منه الورود بابتسامة سرعان ما تلاشت وعادت الى وجومها مرة اخرى تشعر بوجود خطب ما شئ مبهم لا تستطيع هى تفسيره حتى الآن لكنه يعرف كيف يجعلها تنسى كل شئ ولا تتذكر سوى قربه هو منها فبدأ بعناقها تململت بين يده بالبداية كأنها لا تشعر بالراحة ولكن ذلك الدفء والحرارة التى شعرت بهم جعلاها تشعر بتلك الهزيمة والضعف أمامه فاستسلمت لعناقه حتى وجدته
يبتعد عنها قائلا بابتسامة:
–هنزل اجيبلك كوباية العصير بدل اللى ملحقناش نشربها
حركت راسها بضعف غير راغبة فى ابتعاده عنها قائلة بهمس:
–خلاص يا حبيبى مش مهم
الا ان اصر على ذلك فتركها على مضض هبط للطابق السفلى بينما ذهبت هى لتبديل ثيابها فأنتقت ذلك الثوب الذى رفضت ارتداءه ليلة زفافهم فابتسمت لنفسها وهى تنظر لنفسها بالمرآة
دقائق قليلة ودلف أيسر للغرفة يحمل أكواب العصير يناديها قائلا:
–ثراء حبيبتى انا جبتلك العصير
خرجت إليه تتبختر بمشيتها بدلال صعق هو من ذلك الثوب الذى ترتديه فاذدرد ريقه حتى شعر بحفاف حلقه
أقتربت منه ببطئ قائلة:
–نعم يا حبيبي
تباً..فتلك هى الكلمة التى صدرت من عقله منذ رؤيتها فتلك الحورية لاشك ستهوى به الى غياهب سحيقة لا يعرف هو كيف سيخرج منها
استطاع القول بصوت مبحوح:
–العصير
ابتسمت على ملامحة المصدومة فمد يده لها بالكوب الخاص بها ارتشفت منه قطرتين تضعه على المنضدة الا انه أصر عليها ارتشافه بالكامل فهو يريد مزيدا من الوقت يتخطى به صدمة رؤيتها بذلك الثوب الذى قضى على البقية الباقية من صموده أمامها
–لاء يا حبيبتى اشربى كوبايتك كلها
أمام إصراره أرتشفت الكوب كاملاً وانهى هو كوبه هو الآخر وجدها تقترب منه فى انتظاره أن يبدأ تلك الوصلة الجديدة من وصلات غرامهم المتوقد مد يده يزيح خصلاتها التى غطت عينيها لفحت أنفاسه وجهها شعرت هى بها كجمرات لاهبة يحملها شوقها اليه على أجنحة الهوى المستعر بداخل قلبها،فعناقه أشبه بنعومة الحرير الذى يدثر نبضاتها بوشاح العشق
_________
سمعت صافى صوت طرقات متتالية ملحة على الباب فتحت الباب وجدت ذلك الرجل مالك ذلك المبنى الذى يسكنون به ابتسمت بتوتر فهى تعلم ماذا يريد هو منهم الآن
ولكنها بادرت قائلة:
–اهلا يا معلم
نظر اليها هذا الرجل بعينان تشع غضبا وضيقا هاتفا بها بحدة جعلتها تنتفض بخوف:
–لا اهلا ولا سهلا يا ست صافى انا مش قايلك تفضوا الشقة علشان خلاص الشقة دى هوضبها واعملها سوبر ماركت
حاولت صافى ان تنحيه عن تفكيره قائلة:
–حرام عليك يا معلم طب اروح فين انا وجدتى يعنى تطردنا فى الشارع علشان تعمل سوبر ماركت
اشاح الرجل بيده بعدم اكتراث قائلا:
–مش شغلى يا أبلة قدامك ٣ أيام تكونوا عزلتوا منها احسن ما اجبلكم البوليس يطردكم منها وده اخر كلام عندى ومن غير سلام كمان
رحل الرجل تاركاً صافى بدوامة فبدأت الدموع تتجمع بعينيها وهى لا تعرف ماذا تفعل هى الآن او أين تذهب هى وجدتها
سمعت صوت جدتها تناديها من غرفتها
–صافى صافى بتكلمى مين
مسحت صافى دموعها ودلفت اليها تجلس بجوارها على الفراش:
–دا صاحب الشقة عايزنا نسيب الشقة فى ظرف ٣ أيام
تنهدت فريدة بتعب وإرهاق وحزن أيضا فأين يذهبن هن الآن فقالت:
–وبعدين هنعمل ايه فى الراجل الظالم ده
أطرقت صافى رأسها أرضاً وهى لا تعلم ماذا تفعل او تقول فتنهدت قائلة بحزن:
–بكرة هدور واشوف مكان نقعد فيه يا تيتة انتى عارفة صاحب البيت مش هيسكت
ربتت فريدة على كتفها:
–دا أكيد كله بسبب ابنه الصايع اللى بيجرى وراكى فى كل حتة وعايز يتجوزك بالعافية
قبل أن تتمكن صافى من الرد عليها سمعت طرقات عالية على باب الشقة نهضت من مكانها فتحت الباب وجدت ذلك الشاب ابن صاحب هذا العقار وهو بذاته ذلك الشاب الذى حاول الاعتداء عليها ولم يخلصها من يده سوى أيسر
نفخت صافى بضيق قائلة:
–اللهم ما طولك يا روح نعم عايز ايه انت كمان ما كان ابوك لسه هنا من شوية وقالى نسيب البيت
ابتسم ذلك الشاب بسماجة:
–ماهو لو وافقتى نتجوز هيسيبكم فى حالكم أنتى اللى منشفة دماغك
رفعت صافى احدى شفتيها مستنكرة قائلة بحدة:
–ومش هيحصل ريح بالك لو أنت آخر واحد مش عايزة اتجوزك ويلا أمشى من هنا
أغلقت صافى الباب بوجهه وهى تحاول اخذ انفاسها التى سلبها نقمها وسخطها على هذا الشاب وأبيه فهى من المحال أن تقترن به فعادت للداخل تفكر كيف تجد حل لتلك المشكلة التى حلت على رأسها
_________
بحثت لبنى عن ميرا بغرفتها فلم تجدها سألت عليها الخادمات ولكن لم يرها احد فظلت تسأل نفسها أين ذهبت هى الآن الا انها وجدتها تخرج من غرفة فيروز
فأقتربت منها قائلة:
–ميرا انتى كنتى فين كنت بدور عليكى وكنتى بتعملى ايه فى أوضة فيروز
نظرت اليها ميرا بتساؤل:
–خير يا ماما كنتى عيزانى فى ايه
إلا ان لبنى اعادت عليها سؤالها مرة اخرى قائلة:
–انا بقولك كنتى بتعملى ايه عند فيروز وكمان ملاحظة اليومين دول انك بتقعدى معاها كتير من أمتى كان فيه عمار بينك وبين مرات عمك او بين ثراء
عقدت ميرا ذراعيها قائلة:
–من هنا وجاى يا ماما انا كنت فهماهم غلط والحمد لله ان انا مفضلتش مكملة فى بعدى عنهم واه يا ماما فى حاجة كمان انا قررت اتحجب
تصنمت ملامح لبنى بعد سماع حديث ابنتها فهتفت بذهول بعض الشئ قائلة:
–تتحجبى
اجابتها ميرا باصرار قائلة:
–ايوة يا ماما هتحجب وهغير من نفسى كفاية كنت ماشية وراكى وكنت هضيع نفسى
حاولت ميرا تجاوزها الا انها قبضت على ذراعها بغضب تجعلها وجهها لوجه معها قائلة بغضب:
–هى فيروز عملتلك غسيل مخ يا ميرا بس لاء انا مش هسيبك تمشى وراها ومش هخليها تاخدك انتى كمان فى صفها مش هخلى بنت الجرسون تنتصر عليا
نفخت ميرا بضيق من ذلك الغرور الذى ما زال يسرى بعروق والداتها مسرى الدم فهتفت قائلة:
–كفاية بقى يا ماما وفوقى قبل الوقت ما يجرى بيكى اصحى بقى من الوهم اللى انتى عايشة فيه ده فوقى فوقى
رفعت لبنى يدها وهوت بها على وجه ابنتها تصفعها صفعة قوية وتلك هى المرة الأولى التى تفعل بها شئ كهذا ركضت ميرا الى غرفتها ظلت لبنى واقفة وهى تشعر بسخافة موقفها من صفع ابنتها التى اعتادت هى على دلالاها
________
طرق أيسر باب غرفة مكتب عزام عدة طرقات مهذبة سمع صوته يأذن له بالدخول أدار مقبض الباب يولج بيده ملف به بعض الأوراق التى تحتاج توقيعه فبادر قائلا:
–عزام باشا ده ورق محتاج امضتك عليه
ناظره عزام باستياء فهو منذ مجئ أيسر للعمل هنا ولادارة الجزء الخاص بزوجته وهو يشعر بالضيق والغضب أشار اليه بالتقدم قائلا:
–تعال يا باشا خير ورق ايه ده انا شايف ان انت اخدت على الشغل هنا بسرعة بس ياريت ما تحاولش ان تاخد على كده ما هو انا برضه مش هسيب واحد زيك ياخد الجمل بما حمل
ابتسم أيسر بجانب فمه قائلا بسخرية:
–الظاهر كده يا عزام باشا انك مش طايقنى بس اعمل ايه بقى مراتى حبيبتى هى اللى مصره على ان انا اشتغل هنا على ما تخلص دراسة وندير شركاتها مع بعض
ضرب عزام المكتب بقبضة يده وهو يتمنى ان يلكم ذلك الشاب الذى يتحدث معه بذلك التحدى السافر وضع أيسر الورق أمامه تناول عزام احد الاقلام الموضوعة قام بامضاء كافة الاوراق وعيناه لا تبارح وجه أيسر فهو يريد التخلص منه بأى وقت بعد ان انتهى
القى عزام الورق على طرف المكتب قائلا:
–اتفضل الورق اهو مضيته بس ياريت متبقاش تجيبلى حاجة تانى ابقى ابعتها مع السكرتيرة لأن مش حابب اشوف وشك
اخذ أيسر الاوراق ينظر اليه بجفاء وبرود:
–اصل دايما الواحد مبيحبش يشوف غلطه وذنوبه
تركه أيسر مغادرا غرفة المكتب ومازال عزام يفكر فى معنى تلك الجملة التى القاها ايسر على مسامعه قبل خروجه ،عاد أيسر إلى مكتبه ينظر لتلك الأوراق الموقعة بإسم عزام الرافعى
افتر ثغره عن ابتسامة خفيفة قائلا:
–كده تمام أوى والعصفور وقع فى المصيدة أحلى حاجة فيك يا عزام أنك بتكرهنى وأنا مش عايز منك غير الكره ده انت كل ما تكرهنى هتخلينى أوصل للى عايزه أسرع
ارتد برأسه ضاحكاً بصوت عالى يصفق بيده لا يصدق أن الخطوة الأولى بخطته قد انتهت بتلك السهولة يشيد بحظه الذى يحالفه الآن؟
________
منذ رحيل منير وابنته من الشقة وأشرف يشعر بالغيظ فهو لم يضع بحسبانه ان يجدوا مكان اخر يعيشون به فهو تذكر ذلك اليوم الذى عادت به ضحى من سفرها
عودة الى الماضى
ادارت ضحى المفتاح بباب الشقة تدلف للداخل وجدت طليقة والدها وشقيقها يجلسون بالصالة فتهللت اسارير أشرف بعودتها فهى قد عادت وسينفذ ما يريد الا انه وجدها قائلة:
–بابا بابا
خرج منير من غرفته يحمل بيده حقيبته اقترب من ابنته يحتضنها قائلا:
–حبيبتى حمد الله على السلامة
ابتسمت له ضحى قائلة:
–الله يسلمك خلاص لميت هدومك يلا بينا
جلست فايزة وشقيقها وهم لا يفقهون شيئا مما يدور فأين هم ذاهبون؟ فلم تمنع نفسها من سؤالهم:
–على فين العزم كده ان شاء الله مهاجرين
ابتسمت ضحى بمكر قائلة:
–حاجة زى كده مهاجرين وسايبنلك الشقة تشبعى بيها انتى واخوكى يلا بينا يا بابا السواق مستنينا
اخذت ضحى حقيبة والدها وهى ما زالت ترمقهم بتشفى وشماتة على ملامح وجوههم المشدوهة
عودة للحاضر
دلفت فايزة لغرفة شقيقها وجدته يرتدى ملابسه فأقتربت منه قائلة:
–انت رايح فين يا أشرف دلوقتى
مشط أشرف شعره قائلا:
–عندى شغل مصلحة كده هخلصها وارجع
ارادت فايزة ثنيه عن قراره بالخروج فهى تشعر بوخز بقلبها ولا تعرف لماذا:
–ما بلاش تخرج يا أشرف انا من الصبح قلبى واكلنى وحاسة بحاجة هتحصل
ابتسم شقيقها على خوفها الغير مبرر قائلا:
–خايفة من ايه يا فايزة مفيش حاجة سلام بقى
خرج أشرف بعد ان انتهى من وضع عطره تاركا شقيقته التى تشعر باقتراب خطر مبهم،وصل الى تلك الشقة التى تقطنها تلك السيدة التى يتواصل معها منذ فترة على مواقع التواصل الاجتماعي فتحت له الباب بابتسامة وهى ترتدى ما لايستر من جسدها الا القليل:
–اهلا اتفضل يا أشرف
أطلق أشرف صفيرا عاليا قائلا باعجاب:
–ايه ده دا انتى طلعتى صاروووووخ بس قوليلى جوزك فين
دلف أشرف اغلقت هى الباب قائلة:
–جوزى مسافر عنده شغل مش هيرجع الا اخر الاسبوع اطمن
فرك أشرف يده بحماس شديد وهو يرى تلك المأدبة التى اعدتها له تلك المرأة من مأكولات ومنكرات أيضًا اقترب منها يجذبها اليه قائلا:
–ايه الجو الحلو ده يا قمر بس مقولتليش بقى صاروخ زيك كده ايه اللى يخليها تتعرف على ناس من على النت ثم جوزك ده اعمى ولا ايه
تنهدت المرأة قائلة:
–جوزى اشترانى بالفلوس ثم هو رجل عجوز ملوش فى اى حاجة خالص غير انه يدفعلى فلوس علشان ارضى اعيش معاه
جلس أشرف أمام طاولة الطعام وبدأ بتناول تلك المأكولات الشهية قائلا بخبث:
–دا جوزك ده جبلة صحيح ملوش حق يحبس عصفورة حلوة زيك كده فى قفص
جلست هى الاخرى بجواره غافلين عما يفعلون من كبائر وذنوب حتى وقعوا بالمحظور سحب سيجارة يشعلها ينفث دخانها بابتسامة وهو يراها بجواره على الفراش بعد ان انتهوا من احدى جولاتهم الدنيئة والخبيثة
فسألها قائلا:
–هو جوزك ده بيشتغل ايه
اخذت منه السيجارة تضعها بين شفتيها قائلة:
–جوزى تاجر كبير بيسافر بورسعيد يجيب بضاعة من هناك عنده محلات ملابس وفروعها فى كل حتة
اعتدل قليلا بجلستة قائلا:
–وانا بقول برضه الشقة دى فخمة وفى ارقى مكان دا معيشك فى عز ونغنغة بقى
ابتسمت بسخرية قائلة:
–اه معيشى فى عز ونغنغة بس هو ده اخره
تعالت صوت ضحكة أشرف قائلا:
–كفاية عليه
فى ذلك الوقت حضر زوج تلك المرأة سمع صوت منبعث من غرفة النوم فأقترب أكثر من الغرفة سمع صوت ضحكات عالية فتح الباب على مصراعيه فانتفض أشرف وتلك المرأة بعد رؤية ذلك الرجل يقف على الباب
ينظر اليهم بصدمة قائلا:
–ايه ده انتوا بتعملوا ايه
اخرج ذلك الرجل سلاحه النارى الذى يحتفظ به بحوزته دائما عندما حاول اشرف الهرب كان تلك الرصاصات أسرع منه فقام الرجل بافراغ كامل الطلقات بجسد أشرف وزوجته فوقعوا صرعى غارقين بدمائهم
_______
بعد أن تأكدت عنايات أن ثريا الآن خارج مصر وجدت الفرصة سانحة بشأن إخبار جمال بقصة اختفاء إبنه فارتدت ثيابها وخرجت من المنزل وصلت عنايات إلى قصر عائلة الرافعى طلبت من البواب بإلحاح مقابلة جمال بعد ان ذهبت للمشفى ولم تجده فأصرت على الحضور للمنزل
نظرت للبواب قائلة:
–لو سمحت عايزة اقابل دكتور جمال ضرورى الله يخليك
نظر اليها البواب عدة لحظات قبل ان يهتف قائلا:
–تعالى معايا ادخلك ليه جوا
سارت عنايات خلف البواب حتى وصلوا الى بوابة القصر من الداخل نادى البواب لجليلة التى خرجت قائلة:
–ايوة فى ايه
اشار البواب لعنايات قائلا:
–الست دى بتقول عايزة دكتور جمال ضرورى
نظرت اليها جليلة تقيمها فأشارت لها بالدخول ولجت عنايات خلف جليلة حتى وصلت الى ذلك المكان الذى تجلس به العائلة لتناول عشاءها فهتفت بأدب جم:
–دكتور جمال حضرتك فى واحدة ست عايزة حضرتك برا
تعجب جمال قليلا الا انه ترك مكانه ليعرف من تكون تلك المرأة تبعته فيروز وثراء وايسر أيضا فالكل ترك الطعام لمعرفة ماذا تريد تلك المرأة من جمال
خرج جمال الى تلك المرأة التى رأته هبت واقفة قائلة:
–دكتور جمال الحمد لله ان قدرت اقابل حضرتك
اشار اليها جمال بالجلوس وجلس كل الحاضرين فنظر اليها قائلا:
–خير كنتى عيزانى فى ايه
نظرت عنايات لكل الحاضرين قبل ان تلقى ذلك الخبر المدوى قائلة:
–كنت جاية لحضرتك بخصوص ابنك
قطب جمال حاجبيه قائلا:
–ابنى ! وانتى تعرفى ان كان عندى ابن منين ثم هو اتوفى لما اتولد
اطرقت عنايات رأسها قائلة:
–حضرتك انا اعرف كل حاجة وكمان اعرف ان ابنك عايش ومامتش زى ما انتوا مفكرين
احتلت الصدمة وجوه الحاضرين فأقتربت منها فيروز قائلة:
–انتى بتقولى ايه ابنى انا عايش بتتكلمى جد
خشى جمال ان تكون تلك المرأة تتدعى ذلك من اجل اخذ مال منهم فهتف قائلا:
–فيروز استنى نشوف ايه الحكاية دى انتى ياست انتى نصابة ولا ايه ابنى ايه اللى عايش ابنى اتولد ميت
ظلت عنايات تهز رأسها رافضة وهى تقول:
–اقسملك بالله ابنك عايش ومكنش ميت زى ما انتوا مفكرين هو عايش والله العظيم عايش بس هو حتى ميعرفش انه ابنكم وحضرتك تقدر تتأكد من كده انت دكتور وتقدر تتأكد
لا يعرف جمال لماذا شعر بالصدق بصوتها فهتف بها قائلا:
–وهو فين ابنى ده وعايش فين
ردت عنايات قائلة:
–هو عايش فى شارع....حتى الناس اللى عايش معاهم ما يعرفوش انه مش ابنهم محدش يعرف الحكاية كلها غيرى والناس تعرفه باسم حسام عاطف رضوان
انتفض أيسر بعد سماع اسم حسام وهو لا يصدق ما يسمعه فهتف بصدمة وصلت لمسامع الجميع:
–ايه حسام انتى متأكدة من الكلام ده
نظر اليه جمال قائلا:
–أيسر انت تعرفه
رد أيسر قائلا:
–ايوة اعرفه احنا متربيين مع بعض دا صاحبى واخويا ويبقى جده يا ثراء جدى رضوان صاحب المكتبة اللى روحتى اشتريتى منها كتب قبل كده
تذكرت ميرا ايضا ذلك الشاب فهتفت قائلة:
–هو ده الشاب اللى كان عامل حادثة وحضر فرحكم كان بيمشى بعكاز
هب عزام واقفا صارخا بالجميع قائلا:
–باااااس ايه شغل الافلام ده انتوا صدقتوا كلامها ولا تلاقيه ده ملعوب منها هى وجوز بنتك ده اللى مش مرتاحله من ساعة ما دخل البيت ده
كور أيسر قبضه يده وعيناه ترمق عزام بغضب كاسح الا ان جمال تدخل قائلا:
–احنا مش هنخسر حاجة لو اتأكدنا مش جايز كلامها صح
اراد عزام المغادرة فهتف بشقيقه قبل ان يغادر:
–خليك كده يا جمال اى حد يقولك حاجة تصدقها عايز تتأكد روح اتأكد
اقتربت فيروز من عنايات وعينيها دامعتان قائلة:
–الله يخليكى لو بتكدبى علينا قولى بلاش تعلقينا بوهم وتوجعى قلبى اكتر ماهو موجوع
ربتت عنايات على يدها قائلة:
–والله العظيم ما بكذب عليكم وتعالوا معايا واتأكدوا من الموضوع
فى لمح البصر كان الجميع على استعداد للذهاب للتأكد من صحة اقوال عنايات وصل جمال وزوجته وأيسر وثراء وشهاب وميرا فعزام وزوجته رفضوا الحضور دق أيسر جرس الباب
فتحت سميرة الباب بابتسامة قائلة:
–أيسر اهلا يا حبيبى اتفضل
نظرت خلفه وجدت العديد من الوجوه الناظرة اليها فتنحت جانبا تستطرد قائلة:
–اتفضلوا مش تقول ان معاك ضيوف يا واد انت
ابتسم أيسر بتوتر قائلا:
–هو حسام وجدى فين
ردت سميرة قائلة:
–جوا تعالوا اتفضلوا اهلا وسهلا شرفتونا
دلف الجميع للداخل تعجب رضوان وحسام من حضور أيسر برفقة عائلة زوجته فنهض من مكانه مرحبا بهم:
–اهلا وسهلا اتفضلوا نورتونا
ظلت فيروز تنظر لحسام وعينيها لم تكف عن البكاء وبدون تردد وجدت نفسها تقترب منه تحتضنه قائلة :
–يا حبيبى يا ابنى
تصلب جسد حسام مما فعلته فيروز نظر لأيسر فى انتظار تفسيره لما يحدث
فبادر أيسر قائلا:
–جدى فى موضوع مهم جدا عند الست دى بتقول ان حسام يبقى ابن الدكتور جمال
صعق رضوان وسميرة وحسام مما سمعوه من أيسر فهتف رضوان بصدمة:
–أيسر انت بتقول ايه حسام مين اللى يبقى ابن الدكتور جمال ده حفيدى
أقتربت سميرة من حسام قائلة:
–فى ايه يا جماعة انتوا جايين تهزروا ولا إيه
خرجت عنايات عن صمتها قائلة:
–لاء يا حاجة سميرة دى الحقيقة وانا هحكيلكم كل حاجة من البداية أنا كنت شغالة ممرضة فى مستشفى فى يوم جت مرات الدكتور جمال بتولد وفى نفس الوقت جت مرات ابنكم الله يرحمهم فالست فيروز خلفت ولد ومرات ابنكم برضه جابت ولد بس ميت مكنش حد يعرف لسه ان الطفل مات جت واحدة ست غنية جدا قابلتنى عرضت عليا مبلغ كبير مقابل ان انا أخفى ابن الدكتور جمال بأى طريقة ووعدتنى انها هتدينى فلوس تانى واكتر كمان انا فرحت وشيطانى لعب بعقلى وقررت فعلا اعمل كده بس بدل ما اخفى الطفل او أذيه خدته وحطيته بدل الطفل اللى مات وقولت للدكتور جمال ان ابنه مات وابنكم اخد الطفل اللى كان عايش انا عرفت كل حاجة عن ابنكم وهو عايش فين فضلت شوية متبعاه ولما اتأكدت انهم بيربوا الولد وفاكرين انه ابنهم اطمنت وبعدت وفضلت اخد فلوس من الست دى واهددها لو مدفعتش هفضح سرها لحد ما فيوم حسيت ان ممكن اموت فى اى وقت حبيت ارجع الحق لاصحابه بس الست دى خطفتنى قبل ما اروح لدكتور جمال واقوله على الحقيقة وهى دى كل الحقيقة الطفل اللى مات زمان كان حفيدكم انتم مش ابن الدكتور جمال
استمع الجميع لها بذهول فما ترويه هى الآن أحد المشاهد بالافلام القديمة فهب حسام واقفا مكانه قائلا بغضب:
–انتى كدابة يا ست انتى اه انتى كدابة
اقتربت منه سميرة قائلة بدموع:
–ايوة كدابة حسام حفيدى ومش ابنكم دا حفيدى انا
ربت حسام على كتف سميرة مطمئنا:
–اهدى يا تيتة دول اكيد غلطانين
صمت رضوان لا يجد ما يقوله فالصدمة شلت أطرافه الا انه سمع جمال قائلا:
–انا دكتور وأقدر اعرف كويس اذا كنت ابنى ولا لاء بس فى الاول عايز اعرف مين الست اللى طلبت منك تعملى كده
ردت عليه عنايات قائلة:
–تبقى ثريا هانم بنت عمك
من شدة صدمته بعد سماع الاسم سقط على المقعد خلفه يردد بذهول:
–ثريا
ظلت فيروز لا تحيد بعينيها عن وجه حسام وعينيها لا تكف عن الدموع حتى ثراء التى أصابها الخرس منذ سماعها بما حدث ظلت تتأمل ملامحه جيدا وهى تسأل نفسها هل حقا هذا الشاب هو شقيقها؟ بعد تجاوزهم صدمة اللقاء الاول ذهبوا جميعا للمشفى الخاص بجمال الرافعى لاجراء تحليل الحمض النووي لمعرفة الحقيقة قام جمال باجراء التحليل بنفسه فهو لا يثق بأحد الآن بعد ان انتهى من اخذ تلك العينة من حسام ومنه هو أيضا أمر بارسالها الى المختبر الخاص بالمشفى على ان تصله النتيجة بأسرع وقت
خرج حسام من الغرفة يتبعه جمال أقترب من رضوان وسميرة قائلا:
–يلا بينا نروح
أقتربت منه فيروز قائلة :
–هتروح فين خليك معانا شوية قوله يا أيسر يقعد معانا شوية
اقتربت ثراء من والداتها قائلة:
–ماما اهدى يا حبيبتى
نظرت لابنتها قائلة:
–ده هيبقى اخوكى يا ثراء انا قلبى حاسس وبيقولى انه هو ابنى هو اخوكى
خشيت ثراء على أمها من انفعالها الزائد فهى كانت تعلم مدى حزنها الشديد على فقدانها أبنها
فأقترب جمال من حسام ورضوان قائلا:
–طب شرفونى النهاردة فى البيت والنتيجة هتطلع ان شاء الله بكرة اعتبروا نفسكم ضيوفى
الا ان حسام رفض اقتراحه قائلا:
–شكرا احنا هنروح بيتنا يلا يا جدى يلا يا تيتة
قبل ان يخطى خطوة واحدة وجد من يمسكه من ذراعه التفت وجدها فيروز فهو لا ينكر شعوره بالشفقة على دموعها التى لم تكف عن ذرفها منذ رؤيته
فهتفت به قائلة:
–علشان خاطرى خليك معانا النهاردة حتى لو مطلعتش ابنى يبقى عشت يوم واحد مفكرة ان ابنى لسه عايش وعلى قيد الحياة اعتبره رجاء منى
لم يستطيع خذلان دموعها فرضخ بالاخير لمطلبها فذهب برفقتهم الى منزلهم
طلبت فيروز من جليلة فتح غرفتين من تلك الغرف الكثيرة المغلقة بالقصر ،جلس ايسر برفقة حسام ورضوان وسميرة قائلا:
–هو اللى بيحصل ده بجد ولا حلم
رد حسام قائلا:
–لاء ده حلم جماعى كلنا بنحلم يا أيسر
منذ سماع سميرة ورضوان بما حدث اصبح كلامهم قليل كأنهم لا يعوا ما يحدث معهم فهم يخشون أن يصبح حسام حقا ابن جمال فهم لا يستطيعون العيش بدونه
دلف أيسر الى الغرفة وجد ثراء تقف بالشرفة تستند على السور العريض
فأقترب منها قائلا:
–انتى ليه منمتيش يا حبيبتى
استدارت اليه ثراء قائلة:
–ومين ده اللى هيجيله نوم يا أيسر معقولة اللى بيحصل ده انا مش مصدقة ولا مستوعبة اللى حصل معقول يطلع حسام ده اخويا
زفر أيسر بخفوت قائلاً:
–ولا انا يا ثراء مصدق بس كله هيبان بكرة يلا بينا ننام
ابدلت ملابسها وذهبت الى الفراش ظلت مسهدة لا يواتيها النوم وومازاد فى ارهاقها تلك التقلصات بمعدتها وضعت يدها على بطنها قائلة:
–هو ده وقت المغص كمان
استلقى أيسر بجوارها فأقتربت منه تلقى برأسها على صدره فقام بضمها اليه حاولت النوم عبثا الا ان النوم زحف الى عينيها بعد ان ظل أيسر يمسد على رأسها يعبث بخصلات شعرها وهو مازال شاردا يفكر فيما حدث
فى الصباح..استيقظت ثراء على شعور قوى بالغثيان فركضت الى الحمام وقامت بافراغ ما بمعدتها شعرت بارهاق شديد ظلت بضع دقائق حتى استعادت توازنها غسلت وجهها لتستفيق قليلا مما أصابها فتعجبت مما اصابها الا انها فكرت هل من الممكن ان تكون هى حامل؟ فلو صح ذلك سيكون ذلك اجمل حدث يعترض حياتها بعد زواجها من أيسر أرادت التأكد من صحة ظنها فتذكرت انها ستذهب الى مشفى والدها معهم لمعرفة نتيجة التحليل ومعرفة حقيقة كون حسام شقيقها
استعد الجميع للذهاب فتلك الليلة انقضت على الجميع بالسهاد وعدم النوم وصلوا إلى المشفى ذهبوا الى غرفة مكتب جمال بينما ذهب هو لإحضار نتيجة التحليل اخذ النتيجة من الطبيب المختص نظر بداخل تلك الورقة التى تناولها منه وهو لا يصدق فنتيجة الاختبار ايجابية فحسام حقا ابنه وصل بخطوات سريعة يفتح الباب فنهض الجنيع بانتظار سماع النتيجة
اقترب جمال من حسام يحتضنه قائلا:
–النتيجة ايجابية انت ابنى يا حسام ابنى
تصنم حسام فى وقفته فأقتربت فيروز هى الاخرى تحتضنه بدموع الفرح قائلة:
–كان قلبى بيقولى انك هتطلع ابنى
سعدت ثراء بما سمعته فهى اصبح لديها شقيق الآن فأقتربت منه مبتسمة:
–أنا مش مصدقة ان بعد السنين دى كلها يبقى عندى أخ بس بجد أنا فرحانة
فارادت اكمال سعادتها فخرجت من المكتب بدون ان يشعر احد فهم مشغولون بما حدث فذهبت الى طبيبة نسائية بالمشفى
طرقت الباب ودلفت بابتسامة :
–السلام عليكم لو سمحتى يا دكتورة كنت جاية عايزة اكشف
ابتسمت الطبيبة لها فهى على معرفة بثراء منذ سنوات فأشارت اليها قائلة:
–تعالى يا ثراء اتفضلى خير فى ايه
جلست ثراء قائلة:
–هو يعنى اليومين دول حاسة باعراض زى اعراض الحمل فعايزة اتأكد دا بجد ولا ايه
سألتها الطبيبة قائلة:
–عملتى اختبار فى البيت او اختبار دم
ردت ثراء قائلة:
–لاء معملتش بس جيت قولت اكشف واتأكد ممكن يكون الاختبار مش دقيق
هزت الطبيبة رأسها بتفهم قائلة:
–تمام اطلعى على السرير هعملك سونار
استلقت ثراء على السرير الصغير وضعت الطبيبة تلك المدة اللزجة المستخدمة لعمل السونار ظلت تنظر للشاشة أمامها ولكنها لا ترى شيئا ظلت تمعن النظر ولكنها أيضاً لايظهر شئ أمامها
فنظرت لثراء قائلة:
–ثراء مش باين حاجة فى السونار خالص انتى متجوزة بقالك قد ايه
اجابتها ثراء قائلة :
–من حوالى شهر ونص يا دكتورة
فكرت الطبيبة فى اجراء السونار ولكن بدقة أكبر فحمحت بخجل قائلة:
–ثراء انا هعملك سونار بس من مكان تانى فهمانى
فهمت ثراء ما ترمى اليه الطبيبة فأشارت اليها بالموافقة عندما بدأت الطبيبة بالاقتراب منها قطبت حاجبيها بتعجب فسالتها قائلة:
–ثراء انتى قولتيلى متجوزة بقالك قد ايه
ردت ثراء قائلة:
–من حوالى شهر ونص يا دكتورة ليه خير فى حاجة ولا ايه
رفعت الطبيبة رأسها قائلة:
–مستحيل تكونى متجوزة من شهر ونص انتى لسه عذراء يا ثراء انتى لسه بنت زى ما أنتى
القراة باقي الفصول الجزء الثاني جميع الفصول من هنا
