رواية سر غائب الجزء الثاني2الفصل السابع والثامن بقلم سماح نجيب مدونة كرنفال الروايات


 سر غائب

البارت السابع الثامن 

بقلم سماح نجيب 



فهمت ثراء ما ترمى اليه الطبيبة فأشارت اليها بالموافقة عندما بدأت الطبيبة بالاقتراب منها قطبت حاجبيها  بتعجب قائلة:


–ثراء انتى قولتيلى متجوزة بقالك قد ايه


ردت ثراء قائلة:

–من حوالى شهر ونص يا دكتورة ليه خير فى حاجة ولا ايه


رفعت الطبيبة رأسها قائلة:

–مستحيل تكونى متجوزة من شهر ونص انتى لسه عذراء يا ثراء انتى لسه بنت زى ما أنتى


اعتدلت ثراء وهى لا تصدق ما تسمعه قائلة:

–ازاى حضرتك يعنى الكلام ده ثم انا اسمع ان فى بنات بتبقى كده حتى لو هى متجوزة


اجابتها الطبيبة قائلة بثقة:

–دى بتبقى حالات نادرة يا ثراء بس انتى مش منهم انتى طبيعية جدا يعنى اى تقارب بينك وبين جوزك كانت هتبقى الدنيا عادى بس الظاهر قدامى ان اصلا محصلش حاجة بينكم خالص 


اعتدلت ثراء وهى لا تعى بعد ما تسمعه من تلك الطبيبة ولكن كيف ذلك؟ فهى تتذكر أوقاتهم الخيالية سويا فكيف لتلك الطبيبة أن تخبرها بما أخبرتها به للتو فلا شك أنها مخطئة ،أنزلت ثراء قدميها تنتعل حذاءها


تنظر للطبيبة قائلة:

–اكيد حضرتك غلطانة انا جوازى طبيعى جدا ثم مش عايزة حضرتك تقولى لحد على الموضوع ده


هزت الطبيبة راسها بتفهم فبالأخير تلك أسرار يجب الحفاظ عليها خرجت ثراء من الغرفة وهى تشعر كأنها على وشك فقدان وعيها وجدت زوجها مقبلا عليها عبر ذلك الرواق الطويل بالمشفى 


أقترب منها قائلا بلهفة:

–ثراء انتى كنتى فين كنت بدور عليكى فى كل مكان فى المستشفى


تنهدت ثراء قائلة بخفوت:

–أصل كنت فى الحمام واتأخرت شوية


رفع يده يضعها على وجنتها قائلا:

–مش تقولى يا حبيبتى خوفتينى عليكى لما بصيت ملقتكيش متعمليش كده تانى يا نور عيونى


ظلت عينيها متسمرة على وجهه وهى لا تفه بكلمة واحدة حتى هو تعجب من صمتها

فرفعت يدها تزيل يده من على وجنتها قائلة:

–خلاص انا جيت اهو بابا وماما فين


احتضنها كفها بيده يسيران بجوار بعضهم البعض فالتفت اليها قائلا:

–هم لسه موجودين جوا فى المكتب 


دلفوا سويًا مرة أخرى الى غرفة مكتب جمال سمعت ثراء الحديث الدائر بين كافة هؤلاء الأفراد فهى رأت سميرة تبكى متشبثة بحسام لا تريد تركه وهى تردد بكلمات الرفض


قائلة بدموع اغرقت وجهها:

–لاء حسام حفيدى ومحدش هياخده منى لاء لاء


صرخت بتلك الكلمة الرافضة اقترب منها رضوان يربت على يدها ودموعه منفطرة من عيناه هو الآخر قائلا:

–دا طلع ابنهم يا سميرة وحقهم ياخدوه اتحرموا منه سنين طويلة


–لاء لاء يا رضوان دا حفيدنا احنا أنا اللى ربيته شوفته بيكبر قدام عينى يوم ورا يوم محدش هياخده منى 


قالتها سميرة وزادت من ضم حسام لها وهو أيضاً لا يريد تركها فهو حتى ليس لديه الوعى الكافى لتحمل تلك المفاجأة او اذا صح القول الصدمة فمد يده يزيل دموعها بطرف أصبعه قائلا بحنان:

–متخافيش يا تيتة مش هسيبكم انا هفضل معاكم


أقتربت منه فيروز وهى دامعة العينين هى الاخرى ترجوه قائلة:

–ابوس ايدك يا ابنى خليك معانا انا عشت بنار ان فاكرة انك مت متحرمنيش ان أفرح بيك وبرجوعك ليا ابوس ايدك يا حاجة سبيهولى


وقع حسام فى حيرة من أمره فامرأة سهرت على راحته أعواماً وهناك امرأة اخرى أنجبته لهذا العالم وليس لديها يد بما حدث بل خدعت هى وزوجها 


اراد جمال حسم ذلك الأمر فأقترب منهم قائلا:

–حاج رضوان حاجة سميرة حسام مش هيسيبكم ولا هيسبنا احنا هنعيش كلنا مع بعض


رفع رضوان رأسه بعد سماع ما تفوه به جمال ينظر اليه بغرابة قائلا:

–نعيش مع بعض ازاى يعنى يا دكتور جمال مش فاهم


اقترب منه جمال قائلا بابتسامة:

–هتعيشوا معانا فى بيتنا هتعيشوا مع حفيدكم وهيبقى معاكم


اكدت فيروز على صحة قرار زوجها قائلة:

–ايوة ولو مشلتكوش الأرض اشيلكم على رأسى من فوق كفاية انكم ربيتوا ابنى احسن تربية وعلمتوه وحبتوه وحافظتوا عليه انا هعيش مديونة ليكم العمر كله الله يباركلكم وافقوا


اقتربت فيروز من سميرة تريد تقبيل يدها فسحبت سميرة يدها سريعاً:

–مينفعش كده يا هانم ميصحش اللى بتعمليه ده


ابتسمت فيروز من خلف دموعها قائلة:

–اعتبرينى بنتك وانا والله هسهر على راحتك انتى والحاج رضوان بس خلوا حسام يعيش معانا عايزة أشبع من ابنى عيزاه قدام عينى الله يباركلكم توافقوا مش هقدر يبعد عن عينى وعن حضنى تانى دا انا كنت كل سنة فى يوم عيد ميلاده افضل حاضنة هدومه واقعد أعيط مش عايزة أتحرم منه تانى


لم تستطيع سميرة نكران شعورها بالشفقة على دموع تلك الأم التى تم خداعها وسلبها أبنها بخدعة دنيئة من إمرأة حقودة فظلت سميرة تنظر لزوجها لا تعرف ماذا تقول؟

ولكن بعد العديد من المجادلات والرجاء من فيروز وجمال وافق حسام على الاقامة معهم فى حين أن يقيم معه رضوان وسميرة أيضاً فهو لا يستطيع العيش بدونهم فهو حتى بعد أكتشافه أنه ليس حفيدهم فهو يشعر بالحب الشديد لهم فهم من قاموا برعايته وحمايته طوال سنوات طويلة واذا تركهم سيكون بذلك ناكر للجميل

________

دلفت فايزة الى ثلاجة الموتى "المشرحة" باحدى المستشفيات للتعرف على جثة شقيقها قام الطبيب المختص برفع الغطاء الأبيض عن وجهه ارتدت فايزة خطوات للخلف وهى ترى شقيقها أشرف قتيلاً


فصرخت صرخة مدوية هزت ارجاء المشفى قائلة:

–لاااااااااااااء أشرف اصحى فوق يا أشرف أصحى يا حبيبى لاء هتسيبنى لمين أصحى


اقتربت من جثمان شقيقها ظلت تهز جسده كأنها بذلك ستعيد اليه الحياة ظلت تنتحب بقوة ودموعها أصبحت كطوفان أغرق وجهها


ظلت تدب على صدرها قائلة:

–يا خرابى يا خرابى اخويا راح منى لاء ازاى ده حصل اخويا اللى حيلتى من الدنيا ضاع منى يا مصيبتى


استطاع احد الممرضين ابعادها عن الجثمان بصعوبة لاجراء الخطوات الاخيرة قبل الدفن ظلت فايزة تضحك بقوة وهى تبكى بذات الوقت نظر اليها العاملين فهى ربما أصيبت بصدمة أثرت على عقلها فقاموا باخراجها من الغرفة وذهبوا بها لغرفة اخرى لحقنها بمهدأ بعد ثورتها العارمة من الضحك والبكاء معا


–هههه بيقولوا أشرف اخويا مات دول مش عارفين حاجة دا نايم هو بس نومه تقيل شوية صحوه يلا قولوله أختك فايزة جت بقى ويبطل هزار خليه يقوم بقى وانا مش زعلانة من هزاره معايا خلوه يقوووووووووم


صرخت بجملتها حتى ارتعدت جسد الممرضة التى تحاول إحكام قبضتها على ذراعيها حتى  يستطيع الطبيب حقنها بالمهدأ ،بعد أن تم حقنها ظلت تهمهم وهى على وشك أن تغفو قائلة:

–يا أشرف يا حبيبى تعال يلا


ظلت تنادى شقيقها حتى غفت بالنهاية نظر الطبيب للممرضة وهو يلتقط أنفاسه بعد أن ظل يجاهد لإسكاتها

–شوفوا اى حد من أهلها علشان ييجى يستلمها ويستلم الجثة شوفوا عنوان بطاقتها أو تليفونها وشوفوا حد من قرايبها


هزت الممرضة رأسها موافقة بحثت بجيوب فايزة حتى وجدت هاتفها ظلت تبحث بالأرقام حتى وجدت رقم تم تسجيله باسم " منير جوزى" بدون تردد ضغطت الممرضة على الرقم جاءها الرد من منير قائلا

–أيوة مين معايا


ردت الممرضة قائلة بسرعة:

–حضرتك مراتك اسمها فايزة هى موجودة هنا فى المستشفى عندها انهيار عصبى بعد ما شافت جثة أخوها مقتول


انتفض منير قائلا بصدمة:

–أشرف اتقتل!

أنهى المكالمة سريعاً مع الممرضة يرتدى ثيابه لم يتردد ثانية واحدة للذهاب لرؤية ماذا حدث ويتيقن مما سمعه للتو من تلك الممرضة على الهاتف

_______

فى تلك الغرفة المظلمة فتحت سيرين عينيها بتعب نظرت حولها وجدت شقيقها مقيد هو الآخر بالمقعد المجاور لها فتذكرت أنها كانت تحزم أمتعتها هى وشقيقها لمغادرة البلاد بعد معرفتهم بأن عباس ومتولى أدلوا بأوصافه للضابط المسئول وتعرف جمال على صورته وإصدار أمر بالقبض عليه 


نادت عليه قائلة:

–شريف شريف أصحى هو فى ايه


جاهد شريف على فتح جفونه بعد سماع صوت شقيقته :

–مش عارف انا كل اللى فاكرة أن احنا كنا بنجهز شنطنا واتنين دخلوا علينا وضربونا على دماغنا وبعد كده مش فاكر حاجة


حاولت سيرين فك يديها المقيدة بطرفى المقعد الجانبين حتى شعر بألم برسغها من ضغط الحبال على يدها فهتفت بنزق :

–ايه ده هو االى ربطنا رابطنا كده ليه ومين اللى عمل فينا كده مش معقول يعنى اتقبض علينا واحنا دلوقتى فى القسم


–أنا اللى عملت كده يا سيرين

تناهت تلك الجملة إلى مسامعهم وهم يرون عزام يدلف ومن خلفه إثنان ضخام الجثة 


اذدردت سيرين لعابها عندما حاولت الكلام خرج صوتها ضعيفاً:

–ععزام هو أنت أنت ليه عملت فيا كده فى حد يعمل فى مراته كده


أرتد رأس عزام للخلف ضاحكاً بصوت عالى ربما أجفلت منه سيرين وشريف فأقترب منها يرفع وجهها بيده يطالعها بخبث:

–مراتى اللى فاكرة نفسها شاطرة وكانت بتستغفلنى هى وأخوها أزيك يادكتور شريف


نظر إليه شريف بشر وهو يحاول فك قيوده المحكمة على يده وقدمه إلا أنه لا يستطيع التحرر منها

–أنت وأخوك كان لازم تدفعوا تمن السنين اللى قضتها فى السجن


أقترب منه عزام وعلى حين غرة هوى بيده على وجهه فى صفعة جعلت الدماء تسيل من فمه وشفتيه شد عزام شعره يحنيه للخلف قائلا:

–أنت مفكر ياض أنت واختك هتضحكوا على عزام الرافعى أنا عارف من ساعة ما الفيديو وصلنى وبعتلك الفلوس بس سيبتك تلعب شوية علشان لما تقع تحت ايدى متقومش تانى 


حاولت سيرين استجداءه للصفح عنهم فهى تعلم ان عزام ربما سيجعل مصيرهم أسوء من مصير السجن

–عزام أرجوك سامحنا إحنا مش قصدنا أن إحنا نعمل كده


ترك عزام شريف ليعود إليها يمرر يده على وجنتها تستشعر هى بخوف يدب بأوصالها وبالجفاف فى حلقها 


فابتسم بجانب ثغره على ملامحها الخائفة :

–متخافيش يا حلوة أنا مش هوسخ ايدى بموتكم لاء انا هربيكم بس وبعد كده البوليس يكمل تربيتكم


أشار بيده للرجلين خلفه بالتقدم فهتف بهم قائلاً:

–أنا عايزكم تعملوا معاهم الصح بس ياريت بسرعة علشان كمان نص ساعة والبوليس جاى


تقدم أحد الرجلين من شريف والآخر من سيرين ظلوا قرابة النصف ساعة وهم يصفعون ويركلون شريف وشقيقته حتى تدلت اجسادهم على مقاعدهم غير قادرين على الحركة والدماء تقطر منهم 


نظر إليهم عزام قائلاً بشماتة :

–اشوفكم فى جهمنم

لوح لهم بيده وخرج يتبعه الرجلان وبعد دقائق دلف رجال الشرطة يلقون القبض عليهم فلم يستطيع أحد منهم التفوه بكلمة فالضرب جعلهم عاجزين حتى عن فتح جفونهم

_______

دلفت فيروز وهى ممسكة بيد حسام وبيده الاخرى ممسكا بيد سميرة ،التى احتضنت ذراعه تتشبث به تخشى ان تبتعد عنه فبعد خروجهم من المشفى ذهب أيسر للشركة وظل جمال بمشفاه فعادت ثراء برفقة والداتها وشقيقها


نادت فيروز على جليلة بصوت تخللته سعادتها الظاهرة للعيان 

–جليلة جليلة تعالى


أتت جليلة تهرول بابتسامة كعادتها عندما تسمع احد يناديها من أسرة جمال فابتسمت قائلة:

–أيوة يا ست فيروز أؤمرى


أقتربت منها فيروز قائلة:

–جليلة الجناحين اللى فى الجزء اللى يخصنا هنا فى البيت افتحيهم ونضفيهم كويس علشان ابنى هيقعد فى واحد وجده وجدته هيقعدوا فى واحد


قطبت جليلة جبينها بعدم فهم قائلة:

–ابن حضرتك وجده وجدته انا مش فاهمة حاجة


ابتسمت فيروز على ملامحها المصدومة بعض الشئ قائلة:

–هفهمك كل حاجة بعدين بس فى ظرف نص ساعة يكونوا جاهزين يا جليلة


احنت جليلة رأسها احتراما قائلة:

–من عينيا الاتنين يا ست فيروز


هرولت جليلة سريعا لتنفيذ ما طلبته منها فيروز ،حضرت لبنى من خلفها ميرا التى كان فضولها كاد يقتلها لمعرفة ماذا ألت اليه أمور ذلك الشاب الذى زعمت إحدى السيدات إنه إبن عمها 


فأقتربت لبنى قائلة بشئ من العجرفة:

–ايه يا فيروز خير هم رجعوا معاكم تانى ليه


طالعتها فيروز بنظرات حادة قائلة:

–علشان هو طلع ابنى وهيعيش معانا هنا وكمان الحاج رضوان والحاجة سميرة هيعيشوا مع حفيدهم يا لبنى


احتدت ملامح لبنى قائلة بضيق:

–يعنى ايه يعيشوا هنا انتوا كل شوية هتجبولنا حد وتخلوه يعيش معانا دا مبقاش بيت دا بقى دار إيواء


أشتعلت عينى حسام بالغضب الشديد فصرخ بصوت عالى نسبياً:

–أظن حضرتك تبطلى إهانات لحد كده مفهوم وان كان على القعدة هنا الله الغنى عنها مع ان ده حقى بحكم ان انا طلعت ابن الدكتور جمال يعنى ده بيتى زى ما هو بيتك ودلوقتى عرفت بنتك طالعة قليلة الادب ولسانها طويل لمين ومعندهاش دم


احتلت الصدمة وجوه الحاضرين مما تفوه به حسام ومن هجومه على لبنى فى الحديث أقتربت منه لبنى بعينين على وشك احراقه بنظراتها رغبت فى صفعه فهمت برفع يدها لتهوى بها على وجنته قائلة:

–انت واحد قليل الادب ومتربيتش كمان


الا انه التقط يدها قبل ان تلمسه نافضا إياها بغضب قائلا:

–علشان بس انتى بقيتى مرات عمى انا هحترمك غير كده كنت اتصرفت تصرف تانى 


تدخلت فيروز لفض ذلك الاشتباك قائلة:

–اظن كفاية كده يا لبنى وانتى عارفة ان حسام هيبقى ليه هنا زيه زى شهاب وميرا ومش هسمحلك تضايقيه او تضايقى حد يخصه


ارتسمت ابتسامة على جانب فم ميرا وهى ترى ذلك الجانب المتمرد من حسام فانتبهت على نفسها فحمحمت قائلة:

–ماما يلا بينا مينفعش كده طنط فيروز قالتلك ده ابنها يعنى ده بقى دلوقتى ابن عمى انا وشهاب




رفع حسام احدى حاحبيه من تسليمها بأمر انه أصبح ابن عمها الا انه من داخله سعيد بتلك الفرصة الممنوحة له لرد اعتباره من ميرا فالان أصبح القدر بصفه


ظل رضوان يستمع للحديث الدائر شعر بالمهانة من حديث تلك المرأة المدعوة لبنى فهتف بزوجته قائلا:

–سميرة يلا بينا علشان نمشى ونرجع بيتنا


أقترب منه حسام يرجوه قائلا:

–جدى ابوس ايدك متبعدش عنى وخليكوا معايا


ابتسم له رضوان ابتسامة خفيفة فربت على يده قائلا:

–احنا معاك يا حبيبى وانت عارف طريقنا وابقى تعال زورنا يا حسام


انسلت دمعة من عين رضوان بعد ان تفوه بتلك الكلمات فرأته ثراء فبادرت قائلة:

–حضرتك البيت ده هيبقى بيتكم ومتزعلش من أى حاجة تسمعها من حد هنا انت قاعد فى ملك حفيدك ومحدش له حاجة عندك


بعد أن انتهت ثراء من حديثها نظرت للبنى تحذرها بعينيها أن تكف عن ازعاج الاخرين لم ينقذ ذلك الموقف سوى مجئ جليلة تخبرها بأن كل شئ على ما يرام

–ست فيروو كل حاجة تمام والاوض جاهزة


أشارت فيروز لرضوان وزوجته وحسام أن يتقدموها قائلة:

–اتفضلوا معايا علشان ترتاحوا على ما الغدا يجهز وحاجتكم توصل


صعدوا جميعا الى الطابق العلوى فتحت فيروز غرفة فسيحة بجوار غرفتها قائلة:

–دى هتبقى اوضتك انت يا حبيبى


فتحت اخرى تستطرد قائلة:

–ودى علشانكم يا حاج رضوان خدوا راحتكم والبيت بيتكم


صعدت ثراء هى الاخرى الى غرفتها ولجت للداخل جلست على طرف الفراش تخلع حذاءها تلقيه على الأرض ارتمت على الفراش ومازالت تتذكر ما حدث معها بالمشفى وعقلها يدور بكل اتجاه تحاول حل ذلك اللغز فكيف هى ما زالت عذراء ومن جهة اخرى هى تحيا مع زوجها حياة طبيعية فهى ولا شك ستصاب بالجنون الآن فكرت ان تنال قسطا من الراحة لعلها عندما تفيق تنظر للأمور بروية   


سمعت صوت هاتفها يعلن عن وصول رسالة فتحت الهاتف وجدت رقم مجهول قرأت الرسالة كاملة:

–ازيك يا عروسة اخبار جوزك ايه مبسوطة بجوازك ولا عريس الغفلة عينيه زايغة على واحدة تانية


حركت ثراء الهاتف بين يديها قائلة:

–ايه ده وايه الرسالة دى ومين اللى بعتها ويقصد ايه بكلامه ده


ألقت ثراء الهاتف بجوارها على الكومود وهى تشعر بأن رأسها على وشك الانفجار اخذت وسادة صغيرة تضعها على رأسها لعلها بذلك تستجلب النوم الذى أصبح عاصياً على عينيها

_______

بعد أنتهاءه من دوامه بالعمل استعد للذهاب إلى المنزل الا انه فكر فى رؤية صافى وجدتها قبل ان يعود للمنزل فهو أصبح يشعر بمسئولية وواجب تجاههن ،خرج من الشركة ينظلق بالسيارة حتى وصل الى منزلهن طرق الباب


فتحت صافى الباب قائلة بابتسامة:

–اهلا يا استاذ أيسر اتفضل


حمحم أيسر معتذرا عن مجيئه قائلا:

–انا أسف لو كنت جيت فى وقت مش مناسب بس جيت اطمن عليكم


تنحت صافى جانباً قائلة:

–احنا الحمد لله كويسين اتفضل


ولج أيسر للداخل وجد فريدة تجلس تحزم أمتعتها فرفعت رأسها لترى من دلف للتو فابتسمت قائلة:

–اهلا يا ابنى اتفضل


جلس أيسر على احد المقاعد قائلا:

–انتوا مسافرين ولا ايه


ردت عليه صافى بصوت شابه الحزن قائلة:

–لاء احنا هنسيب البيت علشان صاحب البيت طردنا فهنشوف مكان تانى نقعد فيه


طغت المرارة على صوتها لتهبط دموعها التى لم تفلح فى كبتها نهض أيسر قائلاً:

–طب انتوا هتروحوا فين دلوقتى


اجابته فريدة قائلة بقلة حيلة قائلة:

–بلاد الله واسعة هنشوف اى مكان نقعد فيه


فكر أيسر أنه بإمكانه مساعدتهن فشقته القديمة مغلقة ولا يسكنها أحد حاليا فأقترح عليهن قائلا:

–طب انا عندى مكان ممكن تقعدوا فيه 


نظرت اليه صافى قائلة:

–مكان ايه ده وفين ده


وضع أيسر يده بجيب بنطاله قائلا بهدوء:

–دى شقتى القديمة هى مقفولة وانا حاليا مش عايش فيها ممكن تعيشوا انتوا فيها 


حركت فريدة رأسها رافضة وهى تقول:

–لاء يا ابنى كتر خيرك احنا هنتصرف كفاية اللى بتعمله معانا


ابتسم لها أيسر قائلا:

–متقوليش كده ولو كنتوا جاهزين يلا هوديكم هناك ومن غير اعتراض


لم تشأ اى منهن الاعتراض فهن لا يملكن مكاناً يعيشن به فربما اقتراحه هو الحل الأوحد فى ذلك الوقت العصيب ،أخذ أيسر حقائبهن ووضعها بالسيارة أخذهن برفقته حتى وصلا الى شقته القديمة أدار المفتاح بالباب ودلف للداخل ينير الإضاءة ولجت خلفه صافى وفريدة 


فحمحم معتذرا:

–معلش هى الشقة بقالها فترة كبيرة مقفولة فالعفش مترب شوية


ابتسمت صافى قائلة بخجل:

–ولا يهمك انا هنضفها وشكرا على كرمك وذوقك


ابتسم لها أيسر قائلا:

–لاشكر على واجب ان هنزل اشتريلكم شوية حاجات للمطبخ


خرج أيسر من الشقة نظرت فريدة لحفيدتها المبتسمة المحيا :

–مالك يا صافى فى ايه واقفة متنحة ليه كده


انتبهت صافى على حالها فابتسمت لجدتها قائلة:

–ها ولا حاجة انا هغير هدومى علشان انضف الشقة 


اخذت صافى حقيبتها الى إحدى الغرف وابدلت ملابسها بملابس بيتية وبدأت بتنظيف الشقة فكل شئ قد كساه الغبار ظلت تسعل بشدة بسبب كثرة الأتربة قائلة:

–يالهوى هى الشقة مقفولة بقالها قرن


ضحكت فريدة على وجه حفيدتها الذى كسته الأتربة قائلة:

–شكلك يضحك يا صافى وانتى وشك مبهدل تراب


شاركتها صافى الضحك سمعن صوت الجرس فتحت صافى الباب وجدت أيسر قد عاد يحمل بيده العديد من المشتريات الا انه لم يمنع ضحكته على وجهها المتسخ وملابسها التى بدت بحالة مزرية قائلا:

–هو انتى الانسة صافى ولا واحدة تانية


استاءت صافى قليلا من مزاحه معها قائلة:

–لاء انا ام سيد الشغالة


دلف أيسر ووضع ما بيده على الطاولة قائلا بمزاح:

–طب يا ام سيد الحاجات اهى وجبتلكم أكل جاهز علشان العشا 


تلك هى المرة الأولى التى ترى بها صافى وهو يبتسم ويمزح فدائما ملامح تحمل الجدية او ربما يشعر بهموم تجعله دائما عابس الوجه


تقدمت منه فريدة قائلة:

–احنا يا ابنى تقلنا عليك أوى وكده كتير وتعباك معانا


ابتسم أيسر ابتسامة خفيفة قائلا:

تعبكم راحة انا همشى دلوقتى وده مفتاح الشقة


ناول المفتاح لفريدة قبل ان يغادر اغلقت صافى الباب خلفه تستند عليه وهى تطلق تنهيدة ترافقها ابتسامة عريضة


وصل أيسر إلى قصر الرافعى قام بركن السيارة بالمرآب صعد الى غرفته وجدها تغرق بالظلام الا انه وجد ثراء نائمة ابتسم وأخذ ملابس بيتية نظيفة ودلف الى الحمام قام بتشغيل الماء الذى تساقط على رأسه بقوة وهو مازال يفكر فيما فعله مع صافى وجدتها فهو يريد فعل اى شئ يشعره بالراحة التى أصبحت حلم مستحيل المنال بعد ان انتهى خرج وجد زوجته ما زالت نائمة جفف شعره ومشطه وأقترب من الفراش مرر يده على وجنتها بعشق


فتململت ثراء جراء لمسه لها فهتفت بنعاس:

–أيسر


رد عليها بنبرة عاشقة هامسا:

–نور عيونه


فتحت ثراء عينيها فوجدته جالسا بجوارها مبتسما لها اعتدلت بجلستها تتثائب قائلة:

–هى الساعة كام دلوقتى


نظر أيسر للساعة الموضوعة على الحائط المقابل لفراشهم قائلا:

–الساعة ٩ دلوقتى


مسحت ثراء وجهها بيدها قائلة :

–ياااه انا نمت ده كله دا انا نايمة من ساعة ما رجعنا من المستشفى


مد يده يداعب خصلات شعرها قائلا:

–يمكن علشان امبارح منمتيش كويس يا حبيبتى


أسندت ظهرها الى الوسائد الموجودة خلفها وهى مازالت تشعر انها تريد العودة للنوم ثانية الا إنها وجدته يقترب منها يعانقها لم تستطيع منعه فجسدها مازال واقعا تحت تأثير النعاس الا انه وجدت همهمة صادرة منه بصوت منخفض:

–بعشقك يا اغلى ما فى حياتى


حرارة وصدق صوته جعلاها تقع بحيرة من أمرها فكيف يتودد لها هكذا وبذات الوقت لم يحدث بينهم شئ عندما أرادت حسم أمرها بذلك الأمر وأقتربت منه أكثر تبادله عناقه لترى الى ما ستؤل الأمور ولكن عندما وصل الأمر إلى الحد الذى به سترى هل هى مخطئة ام لا وجدته يبتعد عنها قائلا:

–حبيبتى انتى تلاقيكى ما أكلتيش


حركت رأسها برفض قائلة:

–لاء ما أكلتش مليش نفس


إلا انه أصر على إحضار طعام لها فترك مكانه قائلا:

–هنزل اجيبلك أكل وكمان اجبلك كوباية عصير تشربيها


خرج من الغرفة عادت وتسطحت مرة اخرى على الفراش تفكر على اصراره دائما باحتساءها مشروبا قبل ان النوم بعد عدة دقائق وجدته يدلف يحمل بيه طعام لها ومشروب مرطب


وضعه أمامها قائلا:

–يلا يا حبيبتى كلى الاكل ده كله واشربى كمان العصير


حركت رأسها برفض قائلة:

–مليش نفس يا أيسر أكل بليز متغصبش عليا


رفع كوب العصير قائلا:

–طب حتى اشربى العصير بتاعك


اخذت منه الكوب وتركت الفراش وقفت بالشرفة تنظر للسماء وجدته يقف بجوارها فهتفت قائلة:

–حبيبى معلش هاتلى ساندوتش من اللى جبتهم علشان حسيت ان جوعت فجأة


ولج أيسر للداخل فسكبت هى محتويات الكوب بأكمله من الشرفة فعاد اليها فابتسم لها قائلا:

–انتى شربتى العصير


بادلته الابتسام :

–اه اصل جوعت وعطشت فجأة


جلست على تلك الأريكة المتأرجحة بالشرفة وأغمضت عينيها وجدته يجلس بجوارها ليبدأ بجذبها إليه وجدته يضمها اليه قائلا بهمس:

سامحينى يا قلبى


أيقنت ثراء بأن هناك شئ لا تعلمه وجدته يحملها ويعود للغرفة وضعها بالفراش ليستلقى بجوارها يذهب فى سبات عميق


فتحت ثراء عينيها تنظر إليه تهمس بداخلها:

–انا حاسة ان فى حاجة مخبيها عليا يا أيسر انا مبقتش فاهمة حاجة بس لازم اعرف انت مخبى عليا إيه


ظلت تفكر فى السبيل الذى يجب ان تسلكه لمعرفة ما يخفيه عنها فما حدث جعلها تتيقن من وجود شئ مريب يحدث إلا انها ظلت تبتهل بداخلها الا تنقشع الحقيقة عن شئ يؤذى قلبها وحبها له فهى لن تتحمل اوجاع العشق اذا خبأ لها القدر ما يجعلها تعيسة

________

دلف منير الى المنزل بارهاق بعد عودته من مشفى الأمراض النفسية والعصبية التى تم ايداع فايزة بها بعد حادث وموت شقيقها قابلته ضحى وهى تخرج من غرفتها قائلة:

–بابا عملت ايه النهاردة فى المستشفى و هى عاملة ايه


جلس منير على مقعد يريح قدمه وعظامه الواهنة قائلا بتعب:

–حالتها بتسوء أكتر يا ضحى وامتنعت عن الاكل والشرب


شعرت ضحى بالشفقة عليها بالرغم من أن فايزة لم تفعل معا شئ حسن يغفر لها عندها الا انها بعد معرفتها بما حدث لشقيقها وفقدانها لعقلها لم تشعر ضحى تجاهها سوى بالشفقة 


فربتت على يد والدها قائلة:

–ربنا يشفيها يا بابا قوم غير هدومك على ما احضر لك الأكل


نهض منير من مكانه ذاهبا الى غرفته قام بتبديل ملابسه وخرج وجد ابنته وضعت الطعام على المائدة جلس يتناول طعامه بصمت الا انه سمع صوتها قائلة:

–بابا أنا هخرج أشترى حاجات لماكينة الخياطة عايز منى حاجة قبل ما أخرج


حرك منير رأسه موافقا قائلا بصوت منخفض:

–ماشى يا حبيبتى ما تتأخريش انا هاكل وأدخل أريح فى اوضتى شوية


تناولا بقية الطعام بصمت ذهب منير لغرفته قامت ضحى بجلى الأوانى قبل خروجها من المنزل ،أبتاعت ما يلزمها ثم عادت مرة أخرى أثناء تبديلها لثيابها سمعت رنين هاتفها وجدت إسم ثراء


فتحت الهاتف تجيب بابتسامة:

–اهلا بعروستنا القمر إيه أخبارك هو أيسر نساكى الدنيا ونساكى ضحى


تبعت ضحى حديثها بضحكة ممازحة كعادتها إلا أنها وجدت ثراء صامتة شعرت بالقلق فهتفت قائلة:

–مالك يا ثراء ساكتة كده فى حاجة


تنهدت ثراء بتعب وإرهاق لا تعرف ماذا تقول؟ ولكنها بامكانها أن تخبر ضحى بما يقلقها فهى صديقتها المقربة وهى على دراية بأن ضحى ستصون أسرارها فقصت لها ثراء ما حدث منذ ظهور شقيقها إلى ما أخبرتها به الطبيبة


ختمت ثراء حديثها قائلة:

–أنا مبقتش فاهمة حاجة ولا عارفة حاجة يا ضحى أنا حاسة أن هتجنن من التفكير


لم تجد ضحى ما تقوله فما تسمعه الآن ربما لا يصدقه أحد إلا انها استطاعت القول:

–جايز الدكتورة غلطانة يا ثراء شوفى دكتورة تانية ساعات برضه الدكاترة بيغلطوا


ثشبثت ثراء بحديث ضحى فربما الطبيبة مخطئة حقا فهى ستذهب لطبيبة أخرى لتتأكد ثانية مما سمعته ظلت تتحدث مع ضحى وقت طويل تحاول أن تتصرف بروية فهى تشعر بعدم الراحة وتريد أن يطمئنها أحد حتى لو ببضع كلمات

________

لم يمنع حسام نفسه من الابتسام وهو يرى فيروز تحضر له الطعام تناوله له بفمه كأنه طفل صغير فمنذ مجيئه وهى لا تفارقه تقريبا


فابتسمت قائلة وهى تضع الطعام بفمه قائلة:

–يلا يا حبيبى كل كويس وخلص اكلك كله ماشى


رد عليها حسام قائلا بمزاح:

–فاضل شوية وتقوليلى لو خلصت طبقك كله هوديك الملاهى


ضحكت فيروز على مزاحه فردت عليه قائلة:

–انت عايز تروح الملاهى يا حبيبى لو عايز تروح اوديك


فغر حسام فاه وهو يقول:

–تودى مين الملاهى دا انا بسم الله شحط يعنى يا ماما


شعرت فيروز بالسعادة فتلك هى المرة الأولى التى يناديها بتلك الكلمة فأقتربت منه تحتضنه بشدة قائلة:

–يا حبيبى حلوة منك اوى كلمة ماما


لم ينكر حسام شعوره بالانجذاب اليها والى ابيه وشقيقته تركته فيروز تدلف للداخل وجد ميرا تخرج متأنقة ويبدو عليها أنها ذاهبة إلى مكان ما فاستوقفها قائلا:

–انتى راحة فين


نظرت اليه ميرا بعدم فهم قائلة:

–بتسأل ليه وانت مالك


وضع حسام ساق على الاخرى يرتاح بجلسته قائلا:

–لاء ماهو مالى من هنا ورايح ولو كنتى خارجة راحة لحد من اصحابك العيال الفاشلة دى اللى ملهاش اى تلاتين لازمة فى الدنيا فاحسنلك تدخلى جوا


نفخت ميرا بضيق واستياء وهى تضع يدها بخصرها قائلة:

–لا والله على اساس انك ولى امرى يعنى ولا إيه


رد عليها حسام ببرود قائلا:

–انا ابن عمك واكبر منك وعارف مصلحتك


رفعت ميرا احدى حاجبيها قائلة:

–لا بجد الكلام ده ناقص تقولى ادخلى ومتلعبيش فى الطين انت شايفنى عيلة قصادك


نهض حسام من مكانه فشعرت بضألة حجمها أمامه الا انها لم تريد إظهار خوفها منه فناظرته بتحدى فنظر اليها نظرة متكاسلة :

–هو انتى كمان بتلعبى فى الطين مكنتش اعرف هى كلمة ومش هعيدها ادخلى جوا يعنى ادخلى وبعد كده مفيش خروج الا بأذنى


وصلت الى حافة صبرها من حديثه الفظ معها فارادت ضرب كلامه عرض الحائط وتنفذ ما برأسها الا انها وجدته يسد عليها الطريق بجسده يمنعها من الخروج دبت الارض بقدميها قبل ان تعود أدراجها الى الداخل


ابتسم هو على ملامح وجهها المستاءة قائلا:

–بنات مبتجيش الا بالعين الحمرا عيزانى اسيبك تخرجى كده وانتى شبه طبق المهلبية بالمكسرات والرجالة يعاكسوكى ده كان زمان يا بنت عمى


وجد ثراء تخرج هى الاخرى ابتسمت له ابتسامة خفيفة وجلست على المقعد المجاور له قائلة:

–انت كنت بتكلم نفسك


بادلها ابتسامتها قائلا بهدوء:

–لاء كنت بكلم ميرا بس دخلت جوا انتى كنتى عيزانى فى حاجة


فركت ثراء يدها بتوتر قائلة بصوت منخفض:

–لاء مفيش حاجة معينة بس حبيت اجى اقعد معاك تخيل كده الاقى ليا أخ مرة واحدة بعد ما عشت السنين دى كلها وحيدة وبعدين أنت ظهرت وطبعا بابا وماما وأنا فرحانين برجوعك لينا يا حسام


أبتسم لها حسام وهو لاينكر شعوره بالحب والعطف عليها فهى بالنهاية شقيقته الصغرى حتى وإذا لم يلتقيها سوى من أيام قلائل وجد نفسه يقترب من مقعدها يحتضن كفيها بين يديه :

–أينعم الظروف والأيام فرقتنا غصب عنا بس منكرش أن فى الأيام دى حسيت بالحب من ماما وبابا ومنك ومنكرش أن حبيتكم برضه جايز دا رابط الدم هو اللى مخلينى أحس كده ناحيتكم بس احب اقولك أن هحاول أكون الأخ اللى تتمنيه ولو فى حاجة مضيقاكى ممكن تقوليلى


وجدت ثراء الفرصة سانحة لسؤاله عن حياة أيسر قبل أن يعمل لديهم فبالنهاية حسام الصديق المقرب لأيسر وعلى الأغلب يعلم كل ما يخصه

–قولى يا حسام أنت تعرف إيه عن حياة أيسر بما أنك صاحبه وزى اخوه


خشى حسام هذا السؤال فربما هى تريد معرفة حقيقة زوجها ولكن لايستطيع البوح بشئ يخصه قبل أن يبادر أيسر بفعل ذلك وتبرير ما يفعله لزوجته فهو يخشى صدمتها إذا سمعت الحقيقة كاملة من أحد غير زوجها 


ابتسم بتوتر قائلا :

–أعرف عنه اللى تعرفوه هعرف إيه زيادة يعنى بس الحاجة اللى متأكد منها أنه بيحبك أوى يا ثراء 


نهض حسام من مكانه يريد الفرار من المكان قبل أن تسأله شئ آخر فهو يجب أن يتحدث مع أيسر بهذا الشأن فهو يريده أن يصارح شقيقته بكل شئ قبل أن تزداد الأمور تعقيدا

________

قلبت ثراء الغرفة رأساً على عقب للبحث عن أى شئ تستطيع به إستبيان تلك الحقيقة المخفية عنها فهى منذ قرابة النصف ساعة وهى تبحث بكل ركن من الغرفة بعد عودتها من عيادة ثانى طبيبة نسائية ترتادها وتأتى بذات النتيجة أنها مازالت عذراء، جلست بتأفف وتعب على أحد المقاعد وضعت وجهها بين يديها الا انها رفعت رأسها بعد تذكرها انها لم تفتش بثياب أيسر فاتجهت الى الغرفة المخصصة للثياب ظلت تبحث بين طيات ملابسه المطوية بعناية لم تجد شئ بحثت داخل ستراته ومعاطفه حتى وجدت بأحد المعاطف أقراص دواء 


اخرجتها تنظر اليها بغرابة قائلة:

–بتاع ايه شريط البرشام ده


نظرت على الإسم فخرجت من غرفة الثياب تناولت هاتفها فتحت محرك البحث جوجل تبحث عن اسم تلك الأقراص التى بيدها حتى وجدته ظلت تمعن النظر والقراءة بمواصفات تلك الأقراص حتى اتسعت مقلتيها وهى تردد بذهول:

–الاقراص دى بتعمل هلاوس سمعية وبصرية


ما كادت ان تنتهى من قول جملتها حتى فُتح باب الغرفة وجدت أيسر يقف على الباب إلا أنه يفتح عينيه بصعوبة يترنح فى وقفته حتى وجدته يهتف باسمها:

–ثراء


ثم وجدته يقع مغشيا عليه فاقداً للوعى هرولت اليه تجثو بجواره ترفع رأسه بيدها قائلة بذعر:

–أيسر أيسر حبيبى مالك فى ايه


تحسست وجهه وجدت حرارة جسده مرتفعة للغاية بكت وهى تراه بين يديها ساكناً ترتجف شفتيه كمن يشعر بالبرد بيوم قارص البرودة فطفق يردد قائلا:

–ثراء سامحينى أنا أسف أنا.... 










سر غائب

البارت الثامن



تحسست وجهه وجدت حرارة جسده مرتفعة للغاية بكت وهى تراه بين يديها ساكناً ترتجف شفتيه كمن يشعر بالبرد بيوم قارص البرودة 


فطفق يردد قائلا :

–ثراء سامحينى انا أسف انا أسف يا حبيبتى مش قصدى أوجعك أو ازعلك بس غصب عنى


تحركت رأسه يميناً ويساراً كأنه يعلن رفضه عن شئ لا تراه هى انسكبت دموعها على وجنتيها وهى تقول:

–مالك بس يا حبيبى ايه اللى جرالك وايه اللى حصل


حاولت مساعدته فى النهوض حتى وصلت به الى الفراش فارتمى ثانية متراخياً الجسد بحثت ثراء عن هاتفها وجدته قامت بالاتصال على والدها عندما اتاها رده


علا صوتها بخوف قائلة برجاء:

–بابا الحقنى بسرعة يا بابا 


انتفض جمال بخوف بعد سماع صوته ابنته المذعور :

–مالك يا حبيبتى فى ايه


–أيسر يا بابا تعبان اوى وحرارته مرتفعة خالص وعمال يخطرف بالكلام ومش عارفة ماله

قالت ثراء جملتها وهى تتحسس جبينه المتعرق نتيجة حرارة جسده 


حاول جمال طمئنتها قائلا بحنان:

–حاضر يا حبيبتى جايلك حالا اهدى يا ثراء أنا جاى


ألقت هاتفها من يدها طافت نظراتها بالغرفة تبحث بعينيها عن شئ تجفف به وجهه فجلبت محارم ورقية لتجفف عرقه المتصبب من جبينه بعد عدة دقائق سمعت طرق على باب الغرفة فتحت الباب وجدت والدها ووالداتها 


نظرت اليها فيروز قائلة بخوف:

–حبيبتى خير فى ايه وايه اللى حصل لأيسر


حركت ثراء رأسها قائلة بعدم فهم:

–والله ما اعرف يا ماما هو رجع من برا اغمى عليه ووقع على الأرض ولقيت حرارته عالية اوى


فهى حقا لا تعرف ما أصابه أوصله لتلك الحالة اقترب جمال من الفراش يفحصه وبعد ان انتهى ذهب سريعاً الى غرفته وجلب الدواء اللازم وعاد إليهم ثانية فحقنه بإبرة محقن لتخفيف حرارته


فنظر لابنته قائلا بهدوء:

–هو عنده سخونية انا اديته خافض للحرارة وان شاء الله بكرة هيبقى كويس هو ممكن جسمه يسخن تانى اعمليله كمادات لحد ما حرارته تنزل والأحسن لو يلبس هدوم خفيفة علشان جسمه ما يسخنش زيادة متقلقيش يا حبيبتى هيبقى كويس ده دور عادى ممكن أى حد يمرض بيه ويخف بسرعة إن شاء الله بس متنسيش اللى قولتلك عليه ماشى


حركت ثراء رأسها قائلة:

–حاضر يابابا


اقتربت منها فيروز تربت على ذراعها:

–الف سلامة عليه يا حبيبتى ان شاء الله هيبقى كويس ولو عوزتى حاجة رنى علينا وهنجيلك على طول


خرج جمال وفيروز من الغرفة نظرت ثراء لأيسر فتذكرت ما اخبرها اياه والدها فذهبت لغرفة الثياب واحضرت له ملابس بيتيه مريحة


اقتربت منه تناديه بصوت منخفض:

–أيسر أيسر لازم تغير هدومك يا حبيبى أنت سامعنى


كأنه بعالم آخر لا يعى به شئ فعلمت أن محاولتها لطلب مساعدته ستبوء بالفشل فقررت هى ان تساعده بنفسها  أقتربت منه رفعت رأسه وكتفيه تريد إراحة جسده على الوسائد الموضوعة خلفه شعرت ثراء بتعب ذراعيها من محاولة سحب جسده


فزفرت قائلة بارهاق:

–أيسر ساعدنى شوية أرجوك 


إلا انه لا يستجيب لها بعد عدة محاولات استطاعت أن تجلسه فى الفراش سحبت سترته وفتحت أزرار قميصه تخلعه عنه ولكن قبل أن تساعده فى ارتداء الثياب التى أحضرتها له وجدته يطبق عليها بذراعيه حتى كاد ان يخنقها 


فهتفت بصوت مختنق:

–أيسر هتخنقنى أيسر سبنى هموت 


حاولت دفعه عنها عبثاً فهو يحيطها كإحاطة السوار بالمعصم شعرت أن أنفاسها على وشك الإنتهاء لم تجد مفر سوى أن تدفعه بقوة على صدره فربما الدقيقة التالية ستكون الاخيرة بحياتها اذا استمر بضمها بتلك القوة ،دفعته بصدره وكلما حاولت التحرر من يده تجده يعود ويضمها اليه اكثر فاكثر


قائلا بهذيان:

–ثراء حبيبتى سامحينى ،أمى أمى خلاص هاخدلك حقك هو لازم يدفع التمن ،خلاص أنا أخدت منه كل حاجة وهرجع حقى منه  أمى أمى 


لم تفهم شيئا من حديثه الغير مترابط فعن اى حق يتحدث؟ ولماذا يلح فى طلب الغفران منها؟،عندما وجدته يزيح ذراعيه عنها إبتعدت سريعا تلتقط أنفاسها فحتى محاولتها لمساعدته إرتداء ثيابه أفضت بالنهاية إلى فشلها فى فعل ذلك ،ذهبت وأحضرت إناء وضعت به الماء وجلبت منشفة صغيرة بللتها ووضعتها على جبهته ظلت تمسح جسده بالماء لتخفيف حرارته بعد ان اطمأنت قليلا لتحسنه جلست جواره وهى تنظر إليه بتمعن


مسدت على رأسه قائلة بحيرة:

–ياترى يا أيسر بتطلب منى السماح ليه وعملت ايه وايه حكاية برشام الهلاوس ده بقت حاجات كتير مش مريحانى وحاسة ان فى دوامة بس لازم برضه أعرف كل حاجة


استلقى أيسر على شقه الأيمن بعد ان كان مستلقيا على ظهره أقترب منها يلقى بذراعيه حول خصرها فلم تمنعه تلك المرة من ضمها إليه وهى تربت على جسده تحاول بعث الاطمئنان به وهو مازال غير واعيًا لأى شئ سوى انه يريد طلب العفو منها كمن يريد أن يلمس القمر فتساقطت النجوم وبقى القمر بمفرده فهذا هو حاله سينال العفو من الجميع ولن يناله منها فتلك هى الحقيقة الراسخة بنفسه وعقله

________

بأحد الفنادق الفخمة بالقاهرة وقفت جيسكا تحتسى شرابها وهى تقف بالشرفة تتأمل نجوم السماء اللامعة وحركة سير السيارات التى تراها بوضوح من شرفة غرفتها سمعت طرق على باب الغرفة فتركت مكانها لترى من يكون الزائر لها فى ذلك الوقت المتأخر من الليل فتحت الباب تعجبت قليلا إلا انها أفتر ثغرها عن ابتسامة قائلة بترحيب:

–اهلا يا عزام باشا اتفضل


دلف عزام الغرفة أغلقت جيسكا الباب أشارت اليه بيدها للجلوس ،جلس عزام يستريح فى جلسته فأقتربت هى الأخرى تقعد على المقعد المجاور له


نظرت اليه قائلة:

–خير يا عزام باشا ايه سبب الزيارة السعيدة دى


ضم عزام كفيه يشبك أصابعه قبل ان ينحنى قليلا للامام قائلا:

–انا جاي ليكى علشان عايز أعرف تعرفى ايه عن أيسر جوز ثراء بنت أخويا 


ابتسمت جيسكا وهى تستند بظهرها للمقعد قائلة بثقة:

–يهمك أوى تعرف يا عزام باشا


زفر عزام قائلاً بحدة:

–جيسكا انا مش فاضى لشغل الفوازير لما كلمتينى وقولتيلى انك عارفة حاجة عن أيسر جيت علشان اعرف فى ايه وايه حكايته ده كمان دلوقتى لما جيت بتقوليلى يهمك تعرف طب كلمتينى ليه


رفعت جيسكا كأسها تنظر لمحتواه قبل ان ترفعه لفمها قائلة:

–الصراحة متخيلتش انك هتاخد الموضوع جد وحتى تجيلى فى وقت متأخر زى ده بس على العموم هقولك برضه


رد عزام قائلا بُعجالة:

–وايه المقابل اللى عيزاه قصاد ده يا جيسكا هتقوليلى مقابل إيه


علت صوت ضحكة جيسكا وهى تقول بغرور:

–عزام باشا أظن انت عارف أنا مين وأبقى بنت مين سورى يعنى فى الكلام انا أغنى منك بمراحل بالرغم من أنكم من أغنى عائلات مصر بس انت عارف بابى يبقى مين فالفلوس دى مبفكرش فيها نهائى انا مش عايزة غير ان انتقم من أيسر على اللى عمله فيا وكسرة قلبى اللى كسرهالى وأنه فسخ خطوبتنا لمجرد أن أخوك عرض عليه يتجوز بنته


أفتر ثغر عزام عن ابتسامة قائلا:

–انا دلوقت فهمت يا جيسكا انا فكرت انك اتقبلتى الموضوع زى أمير بس الظاهر لسه فى كلام تانى فى الموضوع


وضعت حيسكا كأسها على المنضدة أمامها وعاودت النظر اليه:

–أمير عرض عليا ارجع ايطاليا زى ما هو ساب مصر وسافر لندن بس انا عمرى ما سمحت لنفسى ان اتقبل الهزيمة او أن لعبة تخلص قبل ما أنهيها أنا وبطريقتى وشروطى علشان كده فضلت هنا فى مصر انا كده كده هرجع ايطاليا تانى بس مش قبل ما ادمر حياة أيسر


شعر عزام بانتشاء من وجود حليف له ضد أيسر فهو لم يتقبل وجوده بحياتهم ويبحث عن أى وسيلة لاخراجه من دائرة العائلة ،وضع ساق على الاخرى يجلس بارتياح بعد سماعه ما تفوهت به جيسكا:

–تمام يبقى احنا هدفنا مشترك قوليلى يلا اللى عندك انا أساساً مش طايق أيسر وخصوصا لما ثراء جابته الشركة كمان بقى محاصرنى من كل مكان 


سحبت جيسكا مظروفا أبيض ألقته على المنضدة أمامه قائلة:

–اتفرج على الصور دى وقولى رأيك يا عزام باشا


اخذ عزام المظروف وهو يرى محتواه شاهد الصور  صورة تلو الأخرى


فنظر اليها قائلا بتساؤل:

–مين دى اللى معاه فى الصورة 


وضعت جيسكا احدى يديها أسفل فكها قائلة:

–دى بنت اتعرف عليها قريب ومش بس كده لاء دى قاعدة فى شقته القديمة وبيتردد عليها كتير تقريبا بيروح لها يومياً تخيل ان لو ثراء بنت اخوك عرفت ان حبيب القلب يعرف واحدة تانية ومقعدها فى شقته هتعمل ايه وخصوصا انها متعلقة بيه وبتحبه أنا حاطة أيسر تحت عينيا تقريبا عارفة كل خطواته وكل تحركاته ناقص بس اعد عليه انفاسه اللى بيتنفسها


ابتسم عزام على تفكير جيسكا فهى محقة بما قالته وربما تلك هى الفرصة التى سيستطيع بها ابعاد أيسر عن المنزل وعن ابنة شقيقة أيضاً 

–وايه المطلوب منى يا جيسكا ما كان بامكانك تعملى ده لوحدك عايزة منى انا إيه


افتر ثغرها عن ابتسامة قائلة:

–انا كل اللى عيزاه يا عزام باشا أن أشوف أيسر بيتعذب لما يشوف كل حاجة ضاعت منه وقبلها مراته اللى هو بيعشقها وبيحس بالوجع لو هى بعدت عنه هو ده كل اللى انا عيزاه وبس

ختمت جيسكا حديثها بضحكة شيطانية وهى ترسم بمخيلتها ما ستؤل إليه أمور أيسر مع زوجته التى عندما تتذكر هى نظرة العشق والهيام بعينيه لها يزداد حقدها بقلبها


هتف عزام بها :

–برضه معرفتش ايه اللى أنتى عيزاه منى


ردت جيسكا قائلة:

–عيزاك تقف معايا قصاد أيسر ولما الصور دى توصل لثراء تقنعها أن فعلا جوزها بيخونها لأن هو بإمكانه أوى يضحك عليها ويقولها أنها صور متفبركة لكن لو ثراء تروح وتشوفه بعينيها ساعتها هتصدق فعيزاك تخليها تشوف كل حاجة بعينها وتشككها فيه بالكلام لما تقولها أنه بيمشى من الشركة بدرى وبتقعد تدور عليه ومش بتلاقيه وبيغيب على ما يرجع البيت عيزاك تزود الشك فى قلبها من ناحيته هو ده المطلوب بس


استحسن عزام حديثها فتلك مهمة بسيطة للغاية فببضع كلمات سيزرع الشك بقلب ابنة شقيقه وربما قريباً سيتخلص من وجود أيسر من القصر والشركة لأنه سيصبح خائن فى عين زوجته وأفراد العائلة كلها فالكل يعرف أن ثراء تكره الكذب والخيانة فما بال اذا اكتشفتها من أقرب الناس إليها ألا وهو زوجها

______

فى الصباح..خرجت ثراء من الحمام بعد أن انتهت من الاغتسال أقتربت من الفراش تحسست جبين زوجها وجدت حرارة عادت لطبيعتها حمدت الله فاتجهت الى غرفة الثياب ارتدت ثيابها وأدت فرضها سمعت طرق على الباب 


فتحت وجدت جليلة تنظر لها بابتسامة:

–الفطار يا ست ثراء ست فيروز قالتلى اطلعوهلك علشان مش هتقدروا تنزلوا تفطروا تحت ألف سلامة على الأستاذ أيسر


انحنت ثراء وهى تجر المنضدة المتحركة الموضوع عليها الطعام قائلة:

–الله يسلمك وتسلم ايدك 


انصرفت جليلة وضعت ثراء الطعام بجوار الفراش عندما التفتت لزوجها وجدته يفتح عينيه


ينظر اليها قائلا:

–ثراء هو ايه اللى حصل امبارح


أزاح الغطاء عنه وجلس بالفراش وهو يغرز اصابعه بشعره يشعر بوهن


وضعت ثراء الطعام أمامه قائلة:

–رجعت من برا كانت حرارتك مرتفعة بابا ادالك حقنة وبعدين فضلت طول الليل تخطرف بالكلام


رفع رأسه بعد سماع حديثها قائلا بتوتر:

–خطرفت قولت ايه


ابتسمت له ثراء قائلة:

–كنت طول الليل تقولى بحبك


زفر بارتياح الا انه وجدها ترتدى ثيابها تستعد للخروج

–انتى راحة فين يا ثراء


وقفت ثراء أمام المرآة تنتهى من ارتداء حجابها:

–عندى مشوار مهم يا حبيبى مع ضحى هخلصه واجى على طول الفطار اهو أفطر كويس وكمان فى هدوم اهى خدلك شاور وبلاش تروح الشغل النهاردة أرتاح


أرادت الانتهاء والذهاب إلى وجهتها قبل ان تخرج اقتربت منه طبعت قبلة على وجنته قائلة:

–مش هتأخر يا حبيبى هاجى على طول


عندما ابتعدت عن الفراش التقط رسغها فالتفتت اليه ابتسم لها ورفع يدها يقبل باطنها قائلا:

–متتأخريش عليا يا قلبى


سحبت يدها ومن داخلها تشعر بخوف العالم أجمع من تلك الخطوة المقدمة عليها هبطت للطابق السفلى ولكن قبل خروجها تقابلت مع عمها عزام وهو يخرج من غرفة مكتبه فألقت عليه تحية الصباح رغبة منها فى إكمال طريقها إلا انها سمعته يناديها:

–ثراء استنى


التفتت ثراء اليه قائلة بانتباه:

–نعم يا عمو خير فى حاجة


ابتسم عزام قائلا ابتسامة خفيفة:

–هو جوزك فين مش رايح الشغل النهاردة ولا إيه


ردت ثراء:

–لاء هو تعب شوية أمبارح رجع من برا تعبان جايز بيرهق نفسه فى الشغل جامد


ابتسم عزام قائلا بسخرية:

–شغل ايه اللى بيرهق نفسه فيه جوزك يا ثراء مبيقعدش فى الشركة ساعتين على بعض وبيمشى


تسللت الريبة إلى قلبها فكيف ذلك؟ فهو يأتى متأخرا كل ليلة متعللاً بذلك بكثرة العمل:

–ازاى يعنى هو كل يوم يرجع متأخر من الشغل


قطب عزام جبينه قائلا بدهشة مزيفة:

–غريب أوى الكلام ده أنا قولتلك مش بيقعد فى الشركة كتير وبيمشى بدرى جايز بيكون عنده حاجة مهمة انا قولت انه بيرجع بدرى علشان بس كده يبقى بقى...


ترك بقية حديثه معلقاً فلم يفه بكلمة أخرى وتركها واقفة تفكر فيما سمعته منه تحاول جاهدة أن تحارب ذلك الشك الذى بدأ بنهش قلبها وعقلها وصلت الى مرآب السيارات اخذت سيارتها تنطلق بها وهى مازالت تفكر فيما ستفعله اذا أكتشفت شئ يؤذيها ولكن يجب ان تتأكد اولا ظلت طوال الطريق تعصف بها الأفكار حتى وجدت نفسها أمام الحرم الجامعي زفرت عدة مرات للتخلص من التوتر الذى نشب مخالبه بقلبها ترجلت من السيارة أمام كلية التجارة فهى لم تنسى تصريح إحدى الفتيات بأن أيسر يعمل بتلك الكلية دلفت للداخل تبحث عن أى عامل تستطيع سؤاله وجدت احدهم أمام غرفة عميد الكلية 


فأقتربت منه قائلة:

–السلام عليكم


نظر اليها العامل قائلا:

–وعليكم السلام ايوة حضرتك اؤمرى حضرتك عايزة العميد


هزت ثراء رأسها نافية وهو تقول:

–لاء هو انا بس عايزة اسألك انت سؤال انت شغال هنا من زمان


ارتشف العامل من كوب الشاى قائلا:

–ايوة شغال هنا بقالى سنين حضرتك بتسألى ليه


اخرجت ثراء هاتفها بحثت عن صورة لزوجها وضعتها أمام عينيه قائلة :

–تعرف الشخص ده


اخذ العامل منها الهاتف يمعن النظر به فهتف قائلا:

–أيوة ده دكتور أيسر دكتور فى قسم ادارة الاعمال بالكلية هنا بس هو الصراحة هو مكنش موجود السنة دى كان واخد إجازة حضرتك بتسألى عليه ليه


كأن أحد صفعها على وجهها فالفتاة لم تكن مخطئة فاذدردت ريقها قائلة:

–طب فى دكاترة تانى موجودين فى قسم ادارة الاعمال


أشار العامل بيده لغرفة جانبية خاصة باعضاء هيئة التدريس بالكلية قائلا:

–الاوضة اللى هناك دى فيها كل دكاترة الكلية


ردت ثراء قائلة:

–شكرا عن أذنك


شعرت بثقل فى قدميها وهى تخطو نحو تلك الغرفة طرقت الباب فانتبه شابين يجلسون بالداخل فرد أحدهم قائلا:

–افندم يا أنسة خير


تقدمت ثراء قليلا قائلة:

–انا كنت بدور على دكتور أيسر أصل انا معرفش شكله كويس وفى حد بعتلى صورة مش عارفة اذا كان هو ولا لاء علشان عيزاه ضرورى


ناولته الهاتف نظر اليه هو وصديقه فهتف قائلا:

–ايوة هو ده أيسر زميلنا هنا فى الكلية بس حضرتك عيزاه فى ايه


ابتسم الشاب الاخر قائلا بمزاح:

–ممكن تكون معجبة ماهو أيسر كل دفعة يدرسلها لازم البنات تحبه 


ابتسم الاثنان على تلك المزحة فأخذت ثراء هاتفها تركض هاربة من الغرفة بل من المكان بأكمله وصلت لسيارتها استندت عليها ودموعها تتساقط بغزارة على وجنتيها فهو خدعها وليس لمرة ولكن تلك المرة الثانية التى تكتشف بها خداعه لها وكذبه فلماذا فعل ذلك؟ وماذا يخفى عنها أيضاً؟ فيبدو أنه يمارس عليها خدعة ،فهل كل همسة حب منه كانت أكذوبة جارحة كل ما اخبرها به من عشقه لها لم يكن سوى كلام يردده لسانه شعرت كمن تغرق ولاتعرف السبيل للنجاة فماذا تفعل هى الآن ؟ اخذت سيارتها لتعود للمنزل ولكن ربما عندما تعود تجد تفسيراً لما يحدث 

________

عدة طرقات متتالية على باب الغرفة أخرجت أيسر من تفكيره الذى يعصف به من ضرورة إخبار زوجته بكل شئ أذن للطارق بالدخول فدلف حسام يتبعه رضوان وسميرة اقترب ثلاثتهم من الفراش للاطمئنان عليه 


جلست سميرة على حافة الفراش تربت على يده قائلة بلهفة:

–ألف سلامة عليك يا حبيبى احنا عرفنا انك كنت تعبان امبارح انت عامل ايه دلوقتى


ابتسم لها أيسر يطمئنها:

–الحمد لله بقيت أحسن


اقترب منه رضوان هو الآخر يربت على كتفه بحنان:

–بعد الشر عليك يا أيسر شفاك الله وعفاك 


رفع أيسر يده يربت على يد رضوان الموضوعة على كتفه قائلا بابتسامة:

–تسلم يا جدى ربنا ما يحرمنى منكم أبدا


طالعه حسام بهدوء فأطلق تنهيدة قوية قائلاً برجاء:

–ألف سلامة عليك يا صاحبى بس ارجوك يا أيسر لازم تقول لثراء على كل حاجة لما جت سألتنى أتهربت منها عايزك أنت اللى تقولها وتفهمها ومتنساش هى دلوقتى بقت أختى وبرضه خايف عليها صارحها بكل حاجة وأنا برضه هقف جمبك بس مش عايز اختى تتخدع أكتر من كده ماشى يا أيسر


كأن حسام قرأ افكاره فهو كان بنيته اخبارها بكل شئ لدى عودتها من الخارج 

–انا كنت بفكر فى كده يا حسام وخلاص لما ثراء ترجع من برا هقولها قول حاجة


زادت ابتسامة حسام وربت على كتفه يدعمه بصحة قراره:

–أحسن حاجة تعملها أنا وجدى وتيتة هنروح الحارة علشان أنت عارف عفيفى قرب يتجوز فكان محتاجنى معاه وهنرجع بالليل ماشى


افتر ثغر أيسر عن إبتسامة خفيفة:

–تمام يا حسام وهعمل كل اللى قولت عليه


خرج حسام من الغرفة يرافقه رضوان وسميرة بعد أن تأكد من نية أيسر فى إخبار شقيقته بحقيقته كاملة


فى ذلك الوقت..قبل أن تخرج صافى إلى عملها كما اعتادت ان تفعل كل يوم وجدت جدتها مغشياً عليها مرة اخرى جثت بجوارها تحاول افاقتها 

–تيتة تيتة فى ايه أصحى


لم تفيق فريدة شعرت صافى بالقلق البالغ بدون تفكير سحبت هاتفها تبحث عن رقم هاتف أيسر اتاها الرد بعد قليل فهتفت بلهفة:

–استاذ أيسر الحقنى تيتة مغمى عليها تانى ومش راضية تفوق الحقنى الله يخليك


ترك أيسر ما يفعله واجابها قائلا:

–شوية وهكون عندك حاولى تفوقيها وانا هجيب الدكتور واجى


انهى مكالمته معها ارتدى ثيابه بالرغم من إرهاقه مما حدث له بالأمس الا ان ذلك لم يمنعه من الذهاب اخذ طبيب وذهب اليهن 


طرق الباب فتحت صافى بلهفة:

–ده الدكتور اتفضل يا دكتور معايا بسرعة


دلف الطبيب برفقة أيسر وصافى الى غرفة فريدة بعد فحصها وتوقيع الكشف الطبي اللازم لها نظر اليهم الطبيب قائلا:

–اهدوا ان شاء الله خير وهى هتبقى كويسة هى بس ضعفانة شوية والظاهر الانيميا عندها حادة علشان كده هكتبلها على فيتامينات ومقويات علشان تتحسن وياريت تعملولها التحاليل دى


اخذ منه أيسر الورقة المدون بها اسماء الأدوية قائلا:

–شكرا يا دكتور اتفضل معايا


خرج الطبيب من الغرفة يرافقه أيسر جلست صافى بجوار جدتها حتى استعادت وعيها فنظرت اليها صافى بابتسامة تغشتها دموعها قائلة:

–الف سلامة عليكى يا تيتة كده تخضينى وترعبينى عليكى


ربتت فريدة على يدها بابتسامة واهنة:

–الحمد لله قدر ولطف


دلف أيسر بعد أن أحضر الادوية اللازمة من الصيدلية قائلا:

–الف سلامة عليكى يا حاجة فريدة ده الدواء أهو 


تركه على الكومود بجوار الفراش خرج من الغرفة يريد الذهاب الا انه شعر بالدوار فجلس حتى يستعيد توازنه


تعجبت صافى قائلة:

–استاذ أيسر مالك فى ايه


أسند أيسر رأسه على الجدار خلفه قائلا وهو مغمض العينين:

–مفيش بس دماغى لفت شوية 


رأت صافى ملامح وجهه المرهقة فربما كان مريضاً فاستغبت تصرفها باحضاره الى هنا وهو يبدو عليه الإعياء هو الاخر فهتفت قائلة:

–هعملك حاجة تشربها 


ذهبت صافى الى المطبخ ومازال هو جالساً مكانه فقدميه حتى لاتسعفه فى الوقوف فظل مكانه ريثما يستعيد توازنه ويغادر عائداً إلى زوجته بعد دقائق خرجت فريدة من الغرفة بعد ان شعرت بالتحسن قليلاً جلست بجوار أيسر وهو مغمض العينين قائلة بصوت منخفض:

معلش يابنى لو كنا ازعجناك وأنت باين عليك أنك تعبان


فتح أيسر يعينيه يبتسم لها قائلا بهدوء:

–ولا يهمك المهم أنك بقيتى أحسن وتعملى التحاليل اللى طلبها الدكتور وتاخدى الدوا وهتبقى إن شاء الله كويسة


اشتدت آلام رأسه وشعر بالحرارة تغزو جسده ثانية فأراد الذهاب للحمام لعله عندما يغمر رأسه بالماء ستخف حرارته قليلا 

–ممكن بس ادخل الحمام 


اشارت له فريدة بيدها قائلة :

–أه يا بنى اتفضل ده بيتك أنت واحنا ضيوفك


لم يمهل نفسه دقيقة أخرى فذهب للحمام فتح الأزرار العلوية لقميصه وشمر عن ساعديه وضع رأسه أسفل صنبور المياه يكاد يشعر بالاختناق من تدفق المياه على رأسه ولكنه يريد أى شئ يمنحه الراحة ويسكن تلك الآلام الشديدة التى أحتلت جسده جراء إصابته بالحمى

________

عادت ثراء الى المنزل وهى تمشى بخطوات بطيئة تشعر بأنها تائهة حائرة لا تعرف سبيل تسلكه فقدميها تسوقها الى اى مكان وصلت الى غرفتها حمدت الله انها لم تقابل احد اثناء وصولها دلفت الى الغرفة اغلقت الباب خلفها تستند عليه مغمضة العينين الا انها نظرت بداخل الغرفة لم تجد أيسر فأين ذهب فهو مدين لها بالعديد من التفسيرات الا انها لمحت تلك الحقيبة الجلدية الخاصة به أقتربت منها بدون تفكير تفتحها نظرت بداخلها وجدت العديد من الأوراق ظلت تقلبها بين يديها حتى وقع بصرها على ورقتين عندما قرأت محتواهم لم تصدق ما تراه او تقرأه فهل حدث ذلك فعلا منه


فهتفت بصوت تخللته صدمتها قائلة:

–معقول أيسر يعمل كده مستحيل ازاى يعمل كده


هتف بها عقلها قائلا ..هل مازال قلبك السخيف يبحث عن أعذار فكل شئ بين يديكى فتلك هى الحقيقة البشعة التى أخفاها عن الجميع وهى أولهم


أصدر هاتفها صوتاً يعلن عن وصول رسائل لها فتحت الهاتف تنظر لتلك الصور المرسلة اليها فتلك هى صور زوجها مع فتاة اخرى


قرأت الرسالة النصية المرسلة بدهشة:

–شوفتى بقى حبيب القلب مقضيها ومش مضيع وقت لو عايزة تتأكدى هو موجود معاها دلوقتى فى شقته القديمة


قضت الرسالة على ما تبقى بداخلها من هدوء وروية لم تنتظر دقيقة أخرى فركضت خارج غرفتها تريد الذهاب الى شقته لتأكد مما قراءته ورأته وصلت الى سيارتها ثانية تقودها تلك المرة بسرعة كأنها بسباق للحياة فاليوم هو يوم الكوارث التى حلت على رأسها تباعاً وصلت الى الحى الذى تقع به شقته القديمة فهى مازالت تتذكر العنوان صعدت درجات السلم بسرعة حتى أنها اصطتدمت بأحد السكان ولكنها لم تأبه لذلك فكل ما تريده أن تصل الى الشقة وصلت اليها وقفت امام الباب صدرها يعلو ويهبط ارتعشت يدها وهى تمدها لدق الجرس ظغطت عليه باصرار ولم تكتفى بذلك بل طرقت الباب أيضاً 


فتحت فريدة الباب بابتسامة قائلة:

–ايوة يا حبيبتى عايزة مين


نظرت ثراء خلفها لترى اذا كان زوجها بالداخل ام لا ولكنها لم تراه فدلفت الشقة قائلة:

–أيسر فين


وجدته يخرج من الحمام رأسه يقطر ماءًا مشمراً عن ساعديه ووجدت صافى تخرج من المطبخ تبتسم له قائلة:

–يلا انا عملتلك حاجة تشربها وحاجة تاكلها بالهنا والشفا


تيبست قدماه وهو يرى زوجته تقف بمنتصف الصالة تنظر اليه بعينان دامعتان فهتف بصوت متحشرج:

–ثراء


لم تنتظر ان تسمع كلمة اخرى ركضت تفر هاربة من المكان ركض خلفها يناديها:

–ثراء استنى ثراء ثراء


لم تعر منادته لها انتباه وصلت لسيارتها تديرها تنطلق مغادرة لم تكف عينيها عن ذرف الدموع وصوت شهقاتها تعلو أكثر فأكثر وصل هوالاخر لسيارته يتبعها يحاول ايقافها زاد من سرعة قيادة السيارة حتى يستطيع اللحاق بعها أصبحت سيارته بمحاذاة سيارتها


فهتف لها مترجيا:

–ثراء حبيبتى وقفى العربية ثراء انتى فاهمة غلط وقفى العربية وهشرحلك كل حاجة يا حبيبتى علشان خاطرى وقفى العربية ثراء اسمعينى


لم تطيق سماع صوته فزادت من سرعة السيارة لتتجاوزه فهى حتى أصبحت لا تريد رؤية وجهه


فطفقت تردد ببكاء:

–كداب وغشاش وخاين ضحك عليا وخدعنى


لا تعلم كيف وصلت إلى المنزل بتلك السرعة التى كانت تقود بها سيارتها ترجلت من السيارة حتى انها لم تغلق بابها ركضت حتى وصلت إلى غرفتها كمن تفر هاربة من شبح يتبعها دلفت إلى الغرفة وضعت يدها على فمها تكتم صوت بكاءها لم تتحمل قدميها الوقوف فسقطت جالسة بجوار الفراش فاستندت برأسها على حافته لم يمر وقت طويل حتى وجدته يدلف إلى الغرفة وجدها تجلس على الارض تبكى ركع بجوارها وضع يده على كتفها فنفضت يده عنها بحدة


قائلة وهى تصرخ بوجهه:

–ابعد عنى ما تلمسنيش يا كداب يا خاين يا غشاش


حاول التخفيف من ثورتها عليه فأحاط وجهها بين يديه قائلا بلهفة:

–حبيبتى بس اهدى واسمعينى أنتى والله العظيم فاهمة غلط مفيش حاجة من اللى بتفكرى فيها دى صدقينى انتى حبيبتى يا ثراء 


عندما حاول جذبها اليه يضمها لصدره دفعته بكل قوتها تبعده عنها قائلة:

–فاهمة غلط فعلا انا كنت فهماك غلط يا دكتور أيسر دى كمان غلط طلعت بتضحك عليا أنا روحت الكلية وسألت عنك وعرفت أنك دكتور فى كلية التجارة وكمان عمى قالى أنك مش بتقعد فى الشركة وكل يوم بتمشى بدرى كنت بتروحلها كنت بتخونى يا أيسر وتروحلها طب اتجوزتنى ليه وأنت فى حياتك واحدة تانية لييييييييييه رد عليا


ألجمت صدمة معرفتها بمهنته الحقيقية لسانه إلا انه حاول نفى تلك التهمة عنه بأنه يخونها :

–حبيبتى والله العظيم ما خونتك ولا أنا بحب واحدة غيرك دى بنت كنت بساعدها هى وجدتها بس مش أكتر من كده وغلاوتك أنتى عندى يا نور عيونى


وضعت يدها على أُذنيها تصرخ به قائلة بصوت هادر:

–بس اسكت بقى وبطل كلامك ده اللى كنت بتضحك بيه عليا خلاص انا مش هصدقك فى حاجة تانى خلااااص


ربما إرتعد هو من حدة صوتها فهو منذ معرفته بها لم يراها بتلك الحالة حتى صوتها العالى تلك هى المرة الأولى التى يختبر بها غضبها العارم 


حاول جعلها أن تكف عن الصراخ بوجهه امسكها من كتفيها فحاولت نفض يده عنها إلا انه أحكم ضمها إليه فحاولت الفرار من حصار ذراعيه فقامت بدفعه بصدره غير أبه بوهن جسده جراء اعياءه الشديد ليلة البارحة 


ظلت تدفعه بيديها وهى تردد بغضب أعمى:

–ابعد عنى وشيل ايدك دى عنى متلمسنيش أبعد عنى بقولك مش عايزة أشوف وشك ولا حتى أسمع صوتك


حررها من بين ذراعيه لعلها تهدأ ولكنها نهضت من مكانها خرجت أمام باب الغرفة تصرخ عاليا:

–بابااا مامااا


انتبه كل من فى المنزل على صوت صراخها فصعدوا جميعهم إليها عادت للغرفة ثانية وهو مازال واقفا لا يعرف ماذا تفعل؟ دلف سكان القصر 


فأقتربت فيروز من ابنتها تشعر بالقلق وهى ترى حالة ابنتها المزرية من كثرة البكاء:

–حبيبتى فى ايه ومالك بتصرخى ليه كده ايه اللى حصل


نظرت ثراء للحاضرين قائلة :

–كويس انكم كلكم جيتوا علشان تعرفوا حقيقة البيه اللى مخبيها عنا كلنا وكدبه وغشه لينا


افتر ثغر عزام عن ابتسامة فهو على الأرجح يعلم ماذا حدث ؟فربما جيسكا أرسلت الصور كما هو متفق عليه


فأقترب جمال منها يحاول ان يعى ما تقول ابنته:

–ثراء فى ايه احنا مش فاهمين حاجة


أقتربت من والدها ترتمى باحضانه باكية وهى تشير لزوجها قائلة:

–أيسر يا بابا طلع بيخدعنى وبيخونى ضحك عليا يا بابا ضحك علينا كلنا


زادت وتيرة بكاءها فهى ولا شك ستصاب بانهيار عصبي


حاول والدها طمأنتها قائلا:

–اهدى بس يا حبيبتى وقوليلنا فيه إيه


عندما حاولت الكلام أقترب منها أيسر قائلا:

–ثراء قولتلك انتى فاهمة غلط وانا هشرحلك كل حاجة


ابتسمت ثراء بسخرية قائلة:

–هتشرح ايه ولا ايه يا أيسر قولهم أنت مين قولهم أنك دكتور فى كلية التجارة وانك مش حارس ولا خريج تربية رياضية زى ما قولتلنا قولهم أنك كنت بتدينى حبوب هلوسة علشان افتكر إن إحنا متجوزين بجد وانت أساسا ملمستنيش قولهم انك حولت كل الاملاك اللى كانت باسمى لاسمك وانك مضيت عمى عزام على تنازل عن نصيبه فى الاملاك هو كمان وانك بقيت انت الوحيد المالك لكل حاجة تخص عيلة الرافعى


شلت صدمة تلك الاعترافات أطراف الجميع فالكل ينظر لأيسر بعدم استيعاب لما سمعوه للتو ولكنه شعر بغرابة ذلك التصريح الذى أدلت به ثراء من كونه يضع لها أقراص تسبب لها هلاوس سمعية وبصرية


فهتف بصوت منخفض :

برشام هلاوس ازاى دى حصل 


لم يفيق من خضام تفكيره وحديثه مع نفسه إلا على  عزام يقترب منه يمسكه من تلابيب ملابسه قائلا:

–انت عملت ده كله مضتنى انا عن تنازل عن املاكى 


نظر عزام لشقيقه جمال قائلا:

–شوفت يا جمال شوفت اخرة طيبة قلبك وصلتنا كلنا لفين جبت واحد من الشارع وجوزته بنتك وهو اصلا واحد خاين 


صدمة حديث عزام اعادت جمال للواقع فأقترب من أيسر هو الآخر قائلا :

–أنت يا ايسر تعمل كل ده فى بنتى وفينا ليه ده كله علشان الطمع كنت قول وانا هديك اللى انت عايزه من غير ما تكسر قلب بنتى وتهدم حياتها بس فعلا انا اللى غلطان لما رخصت بنتى وجبتها لحد عندك تتجوزها انا اللى غلطان


صرخ جمال بوجهه بتلك الكلمات فحاول أيسر أن ينفى عنه ما يقولون فهتف به قائلا:

–دكتور جمال اسمعنى بس..


رد عزام قائلا:

–يسمع منك ايه تانى يسمع كدبك تانى علينا بس واحد زيك انت يضحك علينا كلنا تضحك على عزام الرافعى اللى عمره ما فى حد قدر يلعب عليه او يضحك عليه انت نهايتك هتبقى على أيدى


نظر جمال لابنته التى انكمشت باحضانه ولا تكف عن البكاء كل دمعة من عينيها شعر بها أيسر كنيران أشتعلت بقلبه أقترب منها يريد أن يفهمها حقيقة كل ما حدث عندما حاول سحبها من أحضان أبيها


وجد جمال ينفض يده بعيدا عنها يحذره من الاقتراب منها:

–ابعد ايدك عنها ومتقربش منها وزى ما انا اللى سلمتك بنتى واستأمنتك عليها انا برضه اللى مش هخليك تقربلها بنتى اللى عاشت حياتها كلها مفيش مرة حد زعلها ولا دمعة نزلت من عينيها جيت انت وحطمتها وكسرت ثقتها الظاهر فعلا عزام كان عنده حق فى كل اللى قاله عنك


نظر أيسر لعزام بكره وهو يراه يقف بجوار شقيقه كمن نصب له محكمة وأصدر الحكم عليه بالموت ولكن هو من كان السبب بكل ما حدث


فخرج عن صمته قائلا:

–اهو عزام اخوك ده برضه السبب فى كل اللى عملته والسبب فى ان انا اضحك عليكم واغشكم واخبى حقيقى عنكم هو السبب فى وجعى وعذابى حتى من قبل ما أجى على الدنيا دى ايه انا عملت كل اللى قالت عليه ثراء بس عايزين تعرفوا انا عملت ليه كده هقولكم علشان ده حقى اللى عزام باشا نكره عليا وخلانى أنا وأمى نعيش متمرمطين وهو عايش فى عز وأكل حقى وحق امى عارفين انا ابقى مين انا برضه من دمكم ولحمكم أنا من العيلة دى وشايل دمها أنا أبقى أيسر هاشم الرافعى أنا أبن أخوكم


صدمة تلو الأخرى فهذا اليوم يوم تاريخى بحياة هذه العائلة فاليوم تم كشف الستار عن ذلك السر الذى ظل أيسر يحتفظ به حتى يحين موعد البوح به ولكن ربما جاءت النهاية أبكر مما كان يظن فهو يعلم حتى اذا ربح جولة فخسر الاخرى..!!!


                          الفصل التاسع من هنا

القراة باقي الفصول الجزء الثاني جميع الفصول من هنا

لقراة الجزء الاول كامل  من هنا


تعليقات



<>