غريق_على_البر
الفصل السادس والسابع والثامن عشر
بقلمي،، نعمه حسن،،
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
_فرحه؟!
قالتها "نورا" بإستهجان شديد و ضيق قد طغي علي ملامح وجهها فنظر إليها "أحمد" و قال معتذراً:
_معلش يا نورا إتلخبطت.
=إتلخبطت؟! مين فرحه دي أساساً عشان تغلط في إسمي و تناديني بإسمها؟!
بدأ بفقد السيطرة علي أعصابه المثاره و قال بصوت أكثر حدة: قولتلك معلش يا نورا إتلخبطت.. ملوش داعي الكلام ده بقا.
= ملوش داعي إزاي يعني؟! أنا إسمي نورا الحديدي يا أحمد بيه.. قال فرحه قال!!
قالت الأخيرة و هي تنظف فمها بالمحرم الموجود علي يمينها ثم ألقته علي طاولة الطعام بعصبية و نهضت ثم إلتقطت حقيبتها و غادرت المكان علي الفور.
زفر بملل و تمتم مقلداً طريقتها: إسمي نورا الحديدي يا أحمد بيه.. ثم اكمل مستنكراً: و حد يطول يبقي زي فرحه!
أخرج هاتفه الذي نقل إليه كل الصور و مقاطع الفيديو التي جمعته مع فرحه في تركيا و بدا بمشاهدتها.
قام بتكبير الصورة لتحتوي الشاشة علي وجه "فرحه" فقط و حدّثها قائلاً: وحشتيني يا فرحه و وحشتني أيامنا سوا.
عاد إلي تناول طعامه بشهيه مفتوحه و هو ينظر إلي صورتها التي تبدو و كأنها تواسيه.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يجلس "رضوان" برفقة والده و إخوته جميعهم فـ حمحم قائلاً: بعد إذنك يابا انا كنت عاوز أتكلم معاك.
إعتدل والده بمجلسه بإنتباه و قال: قول يا رضوان.
_أنا في واحده في دماغي عايز أخطبها.
=عالبركه يبني.. مين دي و بنت مين؟!
_هي من مصر.. مش من البلد.
تعجّب والده و قال: عرفتها و إحنا قاعدين هناك؟
أومأ رضوان قائلاً: شوفتها اول مره في المطار.. أصل أخوها كان مع فرحه في الطيارة.. و بعدين شوفتها صدفه كنت هخبطها بالتاكسي.. و من يومها بقا.
قال والده متسائلاً: طيب و إنت هتطلبها منين؟!
_من أخوها.. بالمناسبة يابا.. أخوها يبقا الأفندي اللي وصل فرحه لحد هنا.
=صدفه غريبه.. سبحان الله.
_هاا يابا قولت إيه؟!
=قولت لا إله إلا الله يبني.
_سيدنا محمد رسول الله.. يعني موافق ولا معترض؟
=والله يبني ما انا عارف أقول لك إيه.. بس ميتهيأليش إن أخوها يوافق.. و حتي لو وافق علي شخصك مش هيوافق أخته تسيب مصر و تيجي هنا.
_سيبها لله يابا و اللي في علمه يتمه.
=و نعم بالله.
_طيب حيث كده بقا يبقا ننزل مصر بكرة نطلبها.
=لا روح إنت بكرة و لو حصل نصيب و إتوفقت إن شاء الله أبقا أجي معاك مرة تانيه.
_تمام ماشي..هقوم انا بقا أبلغهم.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
كانت "رضوي" تجلس برفقة اخيها يشاهدان فيلم لـ عبد الحليم حافظ و كلاً منهما شارد في نصفه الآخر.
أفاقهما من شرودهما رنين هاتف "رضوي" التي نظرت لأخيها فأومأ برأسه إشارة منه بأن تجيب.
_ألو.
=أيوة يا رضوي..عامله إيه!
_الحمدلله كويسه.
=وحشتيني.
_تمام الحمدلله.
ضحك رضوان قائلاً: أخوكي جمبك؟!
_أيوة الحمد لله.
زاد ضحكه فإبتسمت بتلعثم و إبتسم شقيقها لرؤية تخبطها امامه فقال:قومي يا رضوي هاتيلي أشرب.
نهضت علي الفور و ذهبت إلي المطبخ و حادثت رضوان بصوتٍ خفيض و قالت: أيوة يا رضوان مكنتش عارفه أتكلم براحتي..أحمد كان قاعد.
_أيوة منا فهمت..طيب إبعتيلي رقمه عشان أبلغه إني جاي بكرة.
إرتفع صوتها دون وعي منها و قالت: جاي بكرة بجد؟
_أيوة..إنتي ما صدقتي ولا إيه؟!
=ههه يلا يا بايخ.
"الميه يا رضوي" قالها'أحمد' بصوت عالي فقالت 'رضوي': باي دلوقتي يا رضوان و هبعتلك الرقم.
أنهت المكالمه بسرعة و خرجت من المطبخ فقال اخيها:فين؟
قالت بتساؤل:إيه اللي فين؟!
_الميه.
=أيوة صح..ركضت إلي المطبخ سريعاً و احضرت زجاجة مياة ثم اعطتها له فقال متسائلاً: رضوان؟!
اومات بـ نعم فقال: كان عايز إيه؟!
_عاوز رقمك عشان يستأذنك ييجي بكرة.
زمّ شفتيه بتقدير و إعجاب قائلاً: تمام..إبعتيله الرقم.
_ماشي..هتتعشي دلوقتي؟!
=لا مليش نفس..إدخلي نامي إنتي.
دخلت إلي غرفتها و أمسك هو بهاتفه و قام بتشغيل مقطع الفيديو الذي غنّت فيه "فرحه" معه و ظل يردد الأغنيه مرة أخري.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
تجلس علي فراشها كعادتها في الأيام الاخيرة تلتزم الصمت،شاردة دائماً.
طرقت "بدر" الباب و دخلت فقالت لـ "فرحة":
رجب عايزك تحت يا فرحه.
أومأت"فرحه"بكل هدوء و إرتدت حجابها و نزلت للأسفل.
_إزيك يا عروسه..انا إستأذنت من عمي و كنت جاي أخدك عشان تختاري الفستان.
=أنا مش عايزة أتجوز يا رجب!
كانت لكلمتها وقع الكهرباء علي مسامعه..ضحك ساخراً و قال: مش عايزة تتجوزي إزاي؟!مش فاهم.
_إحنا مش شبه بعض يا رجب..مش هننفع مع بعض.
بدأت نبرته تتبدّل و قال: مش شبه بعض ليه؟! أهلك هما أهلي، لغتنا واحده، دمنا واحد، علامنا واحد،
مستوانا واحد،يبقي إزاي مش شبه بعض؟!
_بس تفكيرنا مش واحد يا رجب..ميولنا مش واحد..طموحنا مش واحد..مبنحبش نفس الاكل ولا نفس الأغاني ولا نفس الأماكن..مفيش حاجه مشتركه بيننا.
قال بإستنكار و صدمة: مين اللي بتتكلم؟! إنتي يستحيل تكوني فرحه بنت عمي..إيه اللي جرالك خلاكي تتكلمي كده شبه المتعلمين.
_هه..تفكيري إتغير يا رجب..شوفت حاجات مكنتش شيفاها..نظرتي للامور إتغيرت..حرام عليا أدفن نفسي بالحياه مع واحد مش شبهي ولا بيفهمني.
=اممممم..و ده من إمتا يا ست فرحه هانم؟
لم تجيب فقال:طبعاً مش عارفه..بس أنا عارف..من ساعة ما قعدتي إنتي و الأفندي الأبهه لوحديكوا وسط الشجر و الزرع و الميه و ملي دماغك بالكلام الفاضي اللي بتقوليه ده..اهل البلد كان معاهم حق.
"إلزم حدّك يا رجب" قالها رضوان الذي إستمع للحديث بأكمله.
أقبل عليهم و كرّر جملته: إلزم حدّك..إحنا معندناش حد مشيه بطال و كلام أهل البلد ده تحت رجلي انا و أبوها..لو هي مش عايزة تتجوز دلوقتي ولا مش عاوزه تتجوز خاالص ده شئ ميعيبهاش..هي حرة.
قال رجب بعصبية: إنت بتتكلم كده إزاي؟! هو في إيه؟! إنتوا إتعمل لكوا غسيل مخ؟!
_من غير كلام كتير و رط ممنوش فايدة يا رجب..فرحه مش عايزة تتجوز و دي حاجه مفيهاش غصب..انا عارفه إنك ليك حق تزعل و تعمل أكتر من كده بس إنت لازم تحسبها صح..إعتبرها زي أختك و إنت بنفسك اللي هتـ......
قاطعهم "رجب" صارخاً: لا مش زي أختي..و مش هفهم حاجه و مش هحسب حاجه.
ثم أكمل بصوت مختنق: ماشي يا فرحه..اللي يريحك يا بنت عمي..بس انا مش مسامحك يا فرحة..مش مسامحك علي كسرة نفسي و سواد وشي قدام أهل البلد.
بعد مغادرته صعدت "فرحه" إلي غرفتها مرة اخري دون أي رد فعل.
لم تحزن،لم تصرخ،لم تعترض،حتي أنها لم تبكي.
و أنّي لها البكاء و قد جفّت عيناها، أيفيضُ الخاوي؟!
طرق أخيها باب غرفتها و دخل،جلس بجانبها و قال:
مالك يا فرحه؟! حاسس إنك مش مبسوطه إنك سيبتي رجب!!
_ رجب؟! رجب قاللي اللي مكنتش راضيه أعترف بيه حتي بيني و بين نفسي.
هز رأسه مستفهماً فقالت:قاللي إحنا شبه بعض.
كلامنا و دمنا و اسلوبنا و علامنا واحد..دي حقيقه فعلاً..إنما انا و أحمد مختلفين عن بعض في كل حاجه..لا تعليم ولا مستوي ولا حتي أسلوب.
زفر أخيها بقلة حيلة و قال: يعني انا دلوقتي مبقيتش فاهمك..منين كنتي بتقولي لرجب إحنا مش شبه بعض و منين دلوقتي بتقولي إنكوا شبه بعض في كل حاجه؟! ده إنتي ربنا يعينك علي المهلبيه اللي في دماغك.
ضحكت من بين دمعاتها و ضحك معها ثم قبّل رأسها و قال: سيبيها لله و اللي في علمه يتمّه.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
دق الباب و إضطربت معه دقات قلب "رضوي" عندما ذهب أخوها يستقبل "رضوان" الذي لم يبالغ في الإهتمام بمظهره و كان كعادته مما زاده تقديراً لدي " أحمد" الذي إستقبله إستقبالاً حسناً.
_إزيك يا رضوان و إزي الجماعه اللي في البلد؟!
قالها "أحمد" بـ ود حقيقي مما جعل "رضوان" يشعر بالألفه و عدم التكلف فقال: كلهم بخير الحمد لله.
ثم أكمل جملته و قال: و بيسلموا عليك.
و كأن تلكا الكلمتين لامست أوتار قلبه فإبتسم إبتسامه واسعه و قال: ربنا يسلمهم من كل شر.. نورتنا.
_ده بنورك يا أحمد أفندي.
نظر "احمد" إليه بصدمه ثم إنفجر ضاحكاً مما أثار تعجب "رضوان" فقال أحمد: دي وراثه بقا.
لم يفهم رضوان مقصِده فسأله: مش فاهم!
حمحم "أحمد" قائلاً: أصل الآنسه "فرحه" مكانتش بتقولي غير يا أحمد أفندي فلمّا إنت قولتها إفتكرتها.
أومأ رضوان مبتسماً فسأله أحمد: هي كويسه؟!
اجاب رضوان بهدوء: الحمد لله كويسه.. فرحها كان بعد أسبوعين.....
لم يكمل "رضوان" جملته بسبب ذلك الكأس الذي سقط علي الأرض من بين يدي'أحمد' متهشماً.
إرتعدت أوصاله و تحطم قلبه فتمتم معتذراً: أنا آسف.
نهض من مكانه و نادي المساعدة لكي تنظف المكان و قال: إتفضل يا رضوان نقعد في الصالون.
إنتقل "رضوان" إلي الصالون برفقته و ضميره يعاتبه، نعم هو كان يريد رؤية رد فعله عندما يستمع إلي خبر زفاف شقيقته و لكنه لم يعلم أنه سيصاب بالصدمه لذلك الحد الذي يجعله يفقد أعصابه.
لاحظ "رضوان" شرود "أحمد" فحاول إصلاح الوضع قائلاً: والله كان بـ ودّي تكون أول حد أعزمه علي الفرح بس مفيش نصيب.. سابوا بعض.
نظر له أحمد مذهولاً و قال: سابوا بعض؟!
أومأ رضوان بحزن مصطنع فقال الآخر بسعادة لم يستطع إخفائها: يعني مفيش فرح؟!
كتم الآخر ضحكته و قال: فرح مين بقا.. ما أنا بقولك سابوا بعض!
_بعد إذنك بس ثواني و هرجعلك.
قالها أحمد مستأذناً ثم إنصرف إلي غرفته بهدوء و بمجرد أن أغلق الباب قفز بمكانه عدة قفزات عاليه و أخذ يضرب بيده الحائط بسعادة بالغه و من بعدها إنتابته نوبة ضحك قصيره إنتهي منها و هندم ملابسه ثم خرج إلي الصالون مرة أخري.
_معلش إتأخرت عليك.. المهم ندخل في المفيد.
=طبعاً حضرتك عارف إني جاي أطلب إيد الآنسه "رضوي" و شوف حضرتك اللي عايز تعرفه إسألني فيه.
أومأ "أحمد" قائلاً: طبعاً رضوي قالتلي و أنا الحقيقه معنديش أي ملاحظات غير بس رضوي هتقعد فين.. هنا ولا في البحيره.؟!
تفائل "رضوان" و قال: إن شاءلله لو حصل نصيب هنتجوز في البحيره بإذن الله.. يعني زي ما حضرتك عارف انا كبير إخواتي و والدي صحته علي قده و كمان أنا بساعده في الفِلاحه و ميستغناش عني.. يعني صعب إني أسيب البلد.. بس "رضوي" طبعاً هتيجي في الوقت اللي تختاره و تحبه.
أومأ "أحمد" موافقاً و قال: إعذرني لو بدّخل يعني بس هو إنت مبتشتغلش غير في الفلاحه مع والدك!
_لا طبعاً إزاي.. أنا عندي ورشة نجارة بتاعتي أنا و رامي أخويا و ماشاءالله شغاله كويس.. بس بنساعد أبونا في الحاجات اللي ميقدرش هو يعملها.
هزّ "أحمد" رأسه بإقتناع و قال: تمام يا رضوان.. الوالد هيشرفنا إمتا؟!
_والله الوقت اللي يناسبكوا.
=تمام يبقا يوم الخميس إن شاء الله تشرفونا إنت و والدك و إخواتك و نقرأ الفاتحه..و السلام أمانه.
إبتسم "رضوان" بسعادة و نهض ثم صافحه بحرارة و إستأذن منصرفاً.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
عاد "رضوان" إلي بيته مع آذان الفجر و كان الكل نيام ما عدا تلك التي تنتظره.
لم يدخل إلي غرفتها كعادته فذهبت هي إليه.
إبتسم بسماجه عندما رآها تقترب منه علي إستحياء و قالت: طمنّي يا رضوان.. عملت إيه؟!
_سهرانه ليه لحد دلوقتي؟!
=مجاليش نوم و إنت غايب.
نظر لها نظره بمعني" أيعقل؟! " فقالت بنفاذ صبر:
ما تقول بقا يا رضوان عملت إيه؟!
_الحمدلله يا فرحه..قاللي آخر الأسبوع هنروح كلنا عشان نقرا الفاتحه و يتفق مع أبوكي.
إبتسمت بـ حبور شديد و أدارت ظهرها له و سألته:
كلنا مين؟!يعني أنا هاجي معاكوا؟!
_و مالك مبسوطه اوي كده ليه؟! مش كنتوا الصبح مش شبه بعض و متنفعوش بعض..إيه اللي حصل؟
قالت بتمنّي و نظرة متوسّله:سأل عليا؟!
أدار "رضوان" وجهها إليه و قال: أحمد بيحبك يا فرحه.
إبتسمت بسعادة و قالت: ليه بتقول كده؟!
ألقي بجسده المنهك إلي فراشهِ و قال: كل الشواهد بتقول إنه بيحبك و بيحبك أوي كمان.
ثم ضحك عالياً و قال: إسكتي يا بت يا فرحه..قولت أشوفه هيتصرف إزاي..قومت قايل له إن فرحك بعد أسبوعين..إتخض و إترعش و الكوبايه وقعت من إيده جت 100حته..كنت ماسك نفسي بالعافيه و عاوز أضحك علي اللخمه اللي كان فيها.
قالت بإستياء:ليه كده يا رضوان حرام عليك والله.
_متخافيش منا عرفته إنه إتلغي..عيب عليكي أخوكي مش سهل.
=طيب يا رجل المهام المستحيله..إرقد في سلام.
ضحك عليها بشدة و قال: و إنتي من أهله.
دخلت إلي غرفتها تكاد تطير من فرط السعادة و فردت ذراعيها تتراقص بخفه و هي تغنّي:
علي قد الشوق اللي في عيوني يا جمييييل سلّم
ده انا ياما عيوني عليك سألوني و ياما بتألم.
علي قد الشووووق..يا جميل..سلّم.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
و علي الجانب الآخر كان "أحمد" هائماً بصورتها علي هاتفه و يدندن مع صوت العندليب:
الليل سهرته والنوم يا ريته كحل عينيا
واللي داريته قوام لقيته باين عليا، باين عليا
شبابي الغالي ضيعته، أناجي في الهوا إسمك
وأملي لما صورته، في أجمل صورة كان رسمك
غالي علي وضي عيني إرحم عذابي معاك.♡
غريق_علي_البر
الفصل السابع عشر بقلمي،، نعمه حسن،،
♡♡♡♡♡♡••♡♡♡♡♡♡
يقف"رضوان" يراقب ما يحدث علي مدد بصرهِ بتعجب من تلك الفوضي و ذلك الزحام حتي إنتشله من دوامة أفكاره ذلك الصوت الذي يعرف صاحبته جيداً.
ألقي بما في يده و إنطلق راكضاً نحو ذلك الحشد الغفير و فرّق بينهم بصعوبة حتي وصل لشقيقته التي تتعارك مع إحدي السيدات و تجلس فوقها تبرحها ضرباً بكل ما أوتيت من قوة.
_إنتوا شايفينهم ماسكين شعور بعض و واقفين تتفرجوا؟!
قالها "رضوان"صارخاً بإستنكار و أمسك بـ'فرحه' يحاول منعها عن السيدة الملقاه أرضاً.
_والله مانا قايمه إلا أما أقلعلها شعرها ده في إيدي المعتوهه بنت الكلب دي!
قالتها"فرحه" بإصرار و هي تسدد لها المزيد من اللكمات فأزاحها "رضوان" عنوةً و قال:في إيه؟!إنتي نايمه فوق الست هتموتيها عملت فيكي إيه؟!
قالت بأنفاس متقطعه:الوليه في الرايحه و الجايه تبصلي و تقعد تتمصمص..أول مره قولت يمكن متقصدنيش..تاني مرة قولت يمكن عندها مرض اللي تنشل في شفايفها..تالت مره قولت يمكن متهيألي..لكن مش سيره هي كل ما تشوفيني تتمصمصي..المهم..جيت أقوللها يا أم زفت إنتي واخده بالك مني ليه..لقيتها بتقولي و هاخد بالي منك ليه يا فلتانه إنتي..أنا فلتانه؟!
قالت الأخيرة وهي تقفز قفزة ثلاثيّة الأبعاد في الهواء لتنتهي بها فوق تلك السيدة التي صرخت بشده فقالت فرحه:إصرخي براحتك..عليا النعمه لأقطعلك احبالك الصوتيه اللي فرحانه بيها دي حبل حبل.
كتم "رضوان" ضحكته و فرّق بينهما مرة أخري قائلاً:
خلاص يا فرحه مش خدتي حقك؟!كفايه كده.
قالت فرحه حانقه:هو إيه اللي كفايه ده بدل ما تيجي تضرب معايا؟!
قال و هو يجذبها بعيداً: مانتي قايمه بالواجب ماشاءالله..يلا بينا.
ثم حدّث الواقفين اجمعهم: عيب عليكوا والله..واقفين تتفرجوا و سايبين جوز حريم بيضربوا بعض؟!
ثم هزّ رأسه بأسف و أخذ "فرحه"و إنصرف و بمجرد ما إبتعد قليلاً قهقه عالياً و قال:يخرب عقلك يا فرحه كنتي مثبته أم رؤوف تحتك ولا"جون سينا".
ضحكت بخيلاء و فخر و قالت:لو كنت صبرت عليا بس كنت شفّيتها..وليه ناقصه..أنا يتقاللي فلتانه؟!
_اللي يطرف عينك بكلمه سواء راجل او ست إفتحيله دماغه نصين..إحنا مفيش علي راسنا بطحه!.
=إيه ده إنت رجعتني ليه أنا كنت نازله السوق.
_نازله السوق تعملي إيه!!
أجابت بحماس:أشتري طقم جديد.
_إشمعنا؟!
=عشان يوم الخميس يا رضوان.
_يووم الخميييس..قولتيلي
=مش لازم نشرفك قدام العروسه!
_العروسه بردو ولا أخو العروسه؟!
=العروسه،أخو العروسه،عمة العروسه،أي حاجة.
_و خطيبة أخو العروسه؟!
نظرت له بألم داخلي شعر هو به فقال آسفاً: معلش يا فرحه مقصدش أضايقك..يلّا عشان أجي معاكي نختار سوا.
ذهبت"فرحه" برفقته إلي السوق و بعد بحث دامَ طويلاً زفرت بيأس و ملل قائلة: مفيش ولا حاجه عدله..كله شبه بعض.
_معاكي حق..ده الهدوم في مصر تجنن.
نظرت له بإحباط فقال: بس..أنا جاتلي فكرة..نطلب من علي النت اللي إنتي عاوزاه و هما يجيبوه لحد هنا.
قالت بحماس:بجد يا رضوان..هو ينفع؟!
_كل حاجه تنفع..تعالي إحنا نروح و في البيت نبقا نشوف إيه اللي يعجبك.
أثناء عودتهم وقع نظر "رضوان" علي شابّان يتتبعان فرحه بنظراتهما التي لم تروقه علي الإطلاق.
_إقفي علي جمب إنتي!
قالها لـ فرحه و ذهب لمحادثة ذلك الشابان.
_خير يا شباب؟! شايفكوا مركزين معانا أوي.. في حاجه؟!
=آه في..هي مين القمر؟!
قالها احد الشباب و لم يتفادي تلك اللكمه القويه التي أسقطته أرضاً فحاول صديقه الإيقاع بـ رضوان فـ سدد له لكمه بعينه اليمني جعلته يترنح و كاد يسقط لولا جسد فرحه الذي منعه.
فرّ الشابان هاربان فلحقهما حذاء "فرحه" و هي تقذفهما بأروع الشتائم.
كمم رضوان فمها بيده قائلاً: خلاص يا فرحه..هما وصلوا بيتهم و إنتي لسه بتشتمي..و بعدين الشبشب الطاير ده هنجيبه منين؟!هتروحي البيت حافيه؟!
_يسوووادي.
قالتها فرحه و هي تنظر لوجه رضوان و محجره الذي تحول للون الأزرق.
=في إيه يا بت؟!
_إنت بقيت شبه البلياتشو كده ليه يا رضوان!!
=بلياتشو إيه ما تحترمي نفسك.إنتي هتخيبي ولا إيه؟!
_والله ما بهزر بص في تليفونك كده.
إستل رضوان هاتفه من جيبه و نظر بالكاميرا فوجد وجهه يعج بالألوان فقال: يا وقعه سوداا..إيه المنظر ده؟!
=و إنت هتروح تقري فاتحه و إنت بعين و عين كده؟!بينا ياخويا خليني أعمللك كمادات تلج عشان متورمش.
عادا إلي البيت فصرخت "بدر" بفزع قائلة:بسم الله الرحمن الرحيم.
ضحكت فرحه بشده و قالت: متخافيش يا بدور ده أليف مش مؤذي.
لكمها "رضوان" بجانبها ساخطاً فقالت: إجري يا بدر هاتي مكعبات التلج من الفريزر و قماشه بيضا.
أحضرت "بدر" ما طلبته شقيقتها و مدت بهما يدها من علي بعد فقال رضوان حانقاً: ما تقربي يا بت خايفه من إيه؟!
قالت بدر: رضواان..إنت عامل في عينك كده ليه؟!
_كنت بتخانق مع ناس فضربتهم و ضربوني.
=و ضربتهم ليه؟!
قالت فرحه بزهو: أصلهم كانوا بيعاكسوني..عقبال ما تكبري زيي كده و تتعاكسي.
_ياااااارب.
قال رضوان:يارب ياخدك إنتي وهيا يا عديمة الحيا منك ليها.
ضحكت فرحه و بدر فقالت فرحه: متتعصبش إنت ألا العصبيه هتزود الورم.
_إتريقي اوي يا محترمه..ليكي يوم..هااا؟!
إلتزمت الصمت علي الفور و باشرت عملها بهدوء.
💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜💜
يوم الخميس..
فرحه: حلو يا رضوان؟! إيه رأيك يا رامي؟!
رامي: ما تخلصي يا فرحه..ده العريس معملش زيك.
رضوان:جميله يا فرحه..و الفستان كأنه متفصل عشانك.
إبتسمت بسرور و قالت:و إنت كمان شكلك حلو أوي..بس لو تسمع كلامي و تخليني احطلك شوية بودره بيضا حوالي عينيك هتبقا عال العال.
قلّب "رامي" كفيه بتعجب و قال بنفاذ صبر: أنا نازل يا رضوان عشان مرارتي إتفقعتي..و إنتي خلصي في يومك ده بدل ما أحلف مانتي جايه معانا.
فعلت "فرحه" حركات مضحكه بوجهها و قالت مقلده إياه: بدل ما أحلف مانتي جايه معانا!! ماله ابو قردان
ده؟!
قهقه "رضوان" عالياً و قال:والله إنتي يا فرحه ما ليكي حل..يلا قدامي.
ركبوا بالسيارة التي إستأجروها خصيصاً لقضاء اليوم و إنطلقوا نحو القاهرة.
كلما مرّ الوقت كلمّا إزدادت ضربات قلبها بغبطة و سرور و شوق لرؤيته.
_أيوة يا رامي البيت علي يمينك أهو.
قالها "رضوان" فنظروا جميعهم إلي ذلك الذي يدعوه "بيت"..إنه أشبه بـ صِرح فخم!!
من هنا بدأت دقات قلب فرحه تضطرب و بدأ القلق يعلو ملامح وجهها..لاحظ رضوان تغيرها فقال: متفكريش في حاجه يا فرحه..خليكي واثقه في نفسك.
سحبت فرحه شهيقاً طويلاً و أومأت بموافقه.
صعدوا إلي المنزل و طرق"رضوان" الباب و طرق معه دقات قلبيهما.
نظر"أحمد" إلي إنعكاس صورته و هيئته في المرآه للمرة المليون ثم خرج من غرفته .
أدار مقبض الباب و قلبه يتراقص فرحاً و لكنه لم يراها.
توتر لثانيه و لكنه إطمأن عندما إستمع إلي صوتها الذي إشتاقه حد الهلاك تقول بصوت منخفض:
_مش معقول يعني دولابين واقفين قدامي..هفطس.
تحرك "رضوان" و "رامي" يفسحان لها المجال فوقعت عينه عليها.
يا الله..أيعقل أن يشتاق المرء للمرء حتي يكاد يفقد صوابه؟!
_السلام عليكم يا أستاذ أحمد.
قالها والد فرحه بنبرة ودوده ففاجئه "أحمد" عندما إنحني يصافحه بحراره ثمّ قبّل يده بتقدير چمّ و قال: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته..إتفضل يا حج البيت نور و مصر كلها نورت.
_منورة بأهلها يبني..قالها والد فرحه و دلف للداخل.
صافح "احمد" رضوان و رامي بترحيب بالغ و ألفه شديده .
وقف أمامها يريد أن يحتضنها و يؤنس وحدة قلبهِ بها و لكن كيف هذا و رجالها يحيطونها من الثلاث جهات.
مدّ يده يصافحها و يحاول إخفاء ملامحه المتهلله فقال: إزيك يا آنسه فرحه.
عانقت يداها يداه و هي تحاول تمالك اعصابها حتي لا تنفجر في البكاء و قالت: إزيك يا أحمد أفندي.
فليلتهم شفتيها تلكما اللتان نطقتا بذلك اللقب المحبب كثيراً إلي قلبهِ.
_ إتفضلي.قالها يشير لها بالدخول فدخلت و من بعدها "رضوان" و "رامي" و "كرم"
تمتمت بإنزعاج إلتقطته أذناه:واقفين ورايا شبه الحرس الجمهوري..أعوذ بالله.
إنشرح قلبه كثيراً لسماع مشاغباتها التي لا تنتهي علي الأغلب.
_أهلاً أهلاً أهلاً..إنتي بقا بدر البدور.
قالها وهو ينحني بجزعه قليلاً ثم قبل وجنتها ففاجئته قائله: إنت بتبوسني ليه؟!
إرتفع حاجبيه بصدمه و قال: إنتي مش بتحبي حد يبوسك ولا إيه..أنا آسف.
=فرحه قالتلي مينفعش حد يبوسني إلا إخواتي.
_برافو عليها فرحه.. هي كلامها صح..إتفضلي.
ظل ينظر في اثرها و تمتم: فرحه النسخه المعدله.
دخل إلي الصالون و رحب بهم جميعاً مرة أخري قائلاً: البيت نوّر والله يا جماعه..منورنا يا حج محمد.
برز صوت والدها الوقور: منور بإصحابه يبني.
_الله يعزك يارب..ها يا شباب عاملين إيه؟!
قالها يخاطب أشقاء فرحه و لكنه جذب إنتباهه شئٍ ما بوجه "رضوان" فتساءل: مش خير يا رضوان ولا إيه؟!
_آه خير..كانت خناقه بسيطه.
"كان بيضرب ناس بيعاكسوا فرحه"قالتها بدر فنظر أحمد تلقائياً إلي فرحه التي علت حمرة الخجل وجهها و أشاحت بوجهها بعيداً.
برز صوت والدها الوقور قائلاً:طبعاً يا أستاذ أحمد إنت عارف إننا جايين النهاردة نطلب إيد كريمتك لـ رضوان إبني..إيه طلباتك؟!
حمحم أحمد و تحدث: أولاً يا حج محمد أنا عايزك تعتبرني زي رضوان و رامي و ملوش لزوم الألقاب خالص..إحنا أهل.
أومأ والد فرحه بموافقه و قال:إن شاء الله.
تابع أحمد حديثه قائلاً: ثانياً أنا قولت لـ رضوان المرة اللي فاتت إني مليش طلبات..أو أنا عن نفسي مليش طلبات..معرفش رضوي في دماغها إيه..فـ رضوان يكلمها بقا و يشوفوا حياتهم سوا أنا مليش دخل..انا أهم حاجه عندي إنه يتقي ربنا فيها و يراعي إنها هتبقا وحيدة و غريبه وسطكوا لحد ما تتعود عليكوا.
قال الوالد: لا من النحيه دي متقلقش..أختك هتبقي زي بنتي فرحه بالظبط..و فرحه عشريه و بتحب الناس و هياخدوا علي بعض.
إختلس أحمد النظر إلي فرحه التي لم تحيد ببصرها عنه إلا عندما نظر إليها.
_هي فين العروسه؟! تسائلت'بدر' بحماس فإبتسم أحمد و قال: ممكن تتعبي شويه معانا و تقومي تخبطي علي الباب اللي هناك ده؟!
نهضت"بدر" بحماس و ذهبت لباب غرفة رضوي ثم طرقته ففتحت"رضوي" التي تفاجئت بتلك الصغيرة.
_يا وعدي عالقمر..إنتي بدر؟!
أومأت بدر و قالت: أخوكي قاللي أجي أخدك.
ثم مدّت يمناها الصغيره لها فرافقتها إلي حيث يجلسون.
تمتم جميعهم: بسم الله ماشاء الله.
صافحتهم جميعاً حتي وصلت إلي "فرحه" فإحتضنتها بـ ودّ حقيقي و قالت: إنتي عسل أوي يا فرحه!
_و إنتي كمان جميله يا رضوي..مبروك عليكوا.
=الله يبارك فيكي.
جلست بجانب أخيها الذي أحاطها بذراعه يعزز ثقتها بنفسها و قال: عمك كان بيسأل لو ليكي طلبات يا رضوي.
أجابت بحياء:اللي تشوفه إنت.
_انا شايف إن أهم حاجه راحتك و سعادتك و اي حاجه بعد كده تتعوض.
أومأت بتأكيد فقال:خلاص يا حج محمد يبقا متفقين إن شاء الله..و إحنا هنعمل زي ما الأصول بتقول و هنجيب اللي علينا و إنتوا تجيبوا اللي عليكوا.
_كلام سليم يبني عداك العيب..طيب نقرا الفاتحه.
قرأوا جميعهم الفاتحه.فقالت فرحه:مبروك يا رضوان..مبروك يا رضوي.
ردّت رضوي:الله يبارك فيكي يا فرحه عقبالك.
نظرت بعفويه إلي أحمد الذي بثٌها إبتسامه حنونه مفعمه بالحب إشتاقتها كثيراً و قال: طيب يا آنسه فرحه بقا همّتك مع رضوي كده تقدموا واجب للضيوف لو مش هيضايقك يعني.
_لأ طبعاً مفيش أي مضايقات..بينا يا رضوي.
فَهِم والدها أنه يريد كسر الحواجز بين العائلتين و مدح تفكيره ذلك فقال: دلوقتي العروسه اللي بتطبخ و بتشوف شغل البيت؟!
_لأ رضوي فاشله في الحاجات دي..في الست رباب دي معانا من زمان هي بتساعدنا و بتخلي بالها من البيت بس هي أجازة بقالها كام يوم..و أوقات انا اللي بطبخ والله.
قالها بحزن مصطنع فضحك الجميع فقالت بدر: إنت بتعرف تطبخ بجد؟!
أومأ بموافقه و قال: شوفتي إزاي؟! لما تكبري هعلمك.
_ماشي إتفقنا.
إستمع إلي نداء شقيقته من المطبخ فقال: عن إذنكوا أشوف عايزة إيه.
دخل إلي المطبخ فوجد فرحه منهمكه في تجهيز الأطباق و لكن فور أن وصلها عطره رفعت رأسها و نظرت إليه ثم إبتسمت له إبتسامه أسلبته عقله فقال و بصره لا يحيد عنها: عايزة حاجة يا رضوي؟!
إبتسمت رضوي و قالت: أيوة عايزاك تاخد الحاجات دي ولا هنفضل رايحين جايين!!
علي الأغلب لم يستمع لما قالت فكررت جملتها: أحمد..بقولك خد الحاجه دي و انا هغسل إيديا و هاجي وراك أنا و فرحه.
أومأ موافقاً فذهبت كي تنظف يديها فإغتنم هو الفرصه و إقترب من فرحه و قال: وحشتيني يا فرحه.
نظرت له بأعين دامعه لامعه و قالت: إنت اللي وحشتني اوي يا أحمد.
أطاع قلبه و عقله و كل ذره بكيانه كانت تلح عليه إلحاحاً شديداً لكي يحتضنها فجذبها إليه و أطبق ذراعيه عليها بإحكام و أغمض عينيه يريد أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظه.
فعلت هي المثل و شددت من ضمها إليه بإحتياج و حنين بالغ فقبّل هو رأسها بحنو شديد و قال: هانت يا فرحه..كل حاجه هتتعدل و هنتجمع قريب بإذن الله.
هزت رأسها و قالت: إن شاء الله.
إبتعد عنها و قال:هخرج لهم انا بقا و هاتي رضوي و تعالي.
حمل الآنيات و خرج فدخلت رضوي تبتسم بخبث مما زاد خجل "فرحه" فقالت رضوي: علي فكره يا فرحه أنا عارفه كل حاجه..احمد حكالي إنكوا بتحبوا بعض..وهو كمان اللي قاللي أبقا اناديكي عشان يعرف يكلمك قبل ما تمشي..أحمد بيحبك أوي يا فرحه.
دمعه نزلت من عين فرحه فمسحتها بإبهامها فقالت رضوي:انا عارفه إن وضعكوا مش سهل..بس بما إنك فسختي الخطوبه يبقا اللي جاي أسهل إن شاءلله.
اومأت فرحه و قالت: إن شاء الله.
خرجتا سويّاً و جلسوا جميعهم يتناقشون في مختلف الأمور و المواضيع وسط جو لطيف ودّي.
قاطع حديثهم رنين جرس الباب فقالت'بدر': أنا اللي هفتح.
جرت "بدر" إلي الباب و فتحته فـ طلّت "نورا" بأبهي طلّاتها،تتنزين كما لم تفعل من قبل،مشت إليهم بغنج مبالغ فيه علي غير عادتها و كان لصوت حذائها أسوأ الأثر في نفوس الجالسين فـ برز صوتها المنمق قائله:
_كده يا بيبي تبقا خطوبة رضوي و متعزمنيش!
غريق_علي_البر
الفصل الثامن عشر بقلمي،، نعمه حسن،،
••♡♡••♡♡••♡♡••♡♡••♡♡••
_كده يا بيبي تبقي خطوبة رضوي و متعزمنيش!
نظر لها أحمد بصدمه متعجبه بينما نظرت لها فرحه بـ غيرة شديده.
_ولا إنت مش عايز حد يشاركك في ضيوفك؟!
تابعت حديثها و هي تجلس بجوار أحمد و رضوي و تضع قدم فوق الأخري فتحدث احمد من بين أسنانه:
_نزلي رجليكي دي و إحترمي إن في ناس كبيرة قاعده.
لم تعيره "نورا"إهتماماّ و نظرت لـ"فرحه" نظرة جانبيه و قالت: إنتي بقا فرحه؟! سامعه عنك كتير!
تعجب الجالسون جميعاً و لكن أرادت فرحه رد الصاع صاعين فقالت: مش أكتر من اللي سمعته عنك..هه.
أطلقت فرحه ضحكه صغيرة ساخره بهدف إثارة حنق "نورا"و بالفعل حدث فقالت نورا:
_والله أي حد ليه الشرف إنه يسمع عن نورا الحديدي.
=والله ده علي حسب اللي بيتقال عنك.
قالت"فرحه" جملتها مع إبتسامه ماكرة بثّت في نفس'نورا' الحقد تجاهها و جعلتها تدرك أن "فرحه" ليست خصم هيّن.
_إتفضلي يا رضوي الهديه البسيطه دي بمناسبة الخطوبه..مبروك عليكي يا حبيبتي.
قالتها "نورا" و هي تمّد يدها بـ علبه قطيفه مخمليه من اللون الزمردي بها سلسال فخم من الألماس الحر
مما.جذب إنتباه الجميع فإبتسم "أحمد"ساخراً فهو يعلم هدفها من تلك الأفعال.
أخذتها رضوي منها و لم تنظر بها، أغلقت العلبه و وضعتها بجانبها.
_أومال إنتي مين يا أستاذه؟!
قالها والد فرحه متسائلاً فنظرت"نورا" إلي "أحمد" تنتظر إجابته بخبث.
نظر "أحمد" إلي "فرحه" و كأنه يعتذر مسبقاً فأعفته هي من ذلك الحرج و أجابت والدها: دي خطيبة أحمد أفندي يابا.
زمّ والدها شفتيه متعجباً و أومأ مقتضباً فقالت نورا:
_إن شاء الله قريب جداً هنعزمكوا علي فرحنا.
ثم نظرت إلي "فرحه" مباشرةً و قالت: تنورونا.
_طبعاً أومال إيه..ده إحنا أصحاب الفرح.
شعر "رضوان" بأن المواجهه ستحتد بينهما فقال منهياً ذلك الحوار العقيم: طب مش نستأذن إحنا يا حج؟!
_أيوة يا رضوان يلّا.
نهض "أحمد" قائلاً: لا تمشوا إيه..ده العشا حتي قرب يوصل.
قال والد فرحه: لا يبني معلش إعذرنا..سكتنا طويله لسه.
_طيب خليني أوصلكوا بالعربيه أسهل.
=لا منتحرمش..كلك ذوق يبني والله.
إنصرفت فرحه _بعد أن ودّعته بعيناها و قلبها _ برفقة والدها و أخواتها بعد الإتفاق علي أن تكون خطبتهم الأسبوع المقبل.
_بجد ميرسي ليك يا أحمد..أعرف من السكرتيره إن خطوبة رضوي النهارده..للدرجه دي انا علي هامش حياتك.
نظر لها أحمد متعجباً و قال: أنا مستغربك يا نورا..من إمتا كانت بتفرق معاكي الحاجات دي؟!و بعدين دي مش خطوبة دي كانت فاتحه بس..و أديكي شايفه مقولتش لحد نهائي.
_ولما هي فاتحه بس..جايب العيله بحالها معاه ليه؟!ولا بناءً علي طلبك إنت؟!
=يييه..نورا بجد أنا حالياً مش عايز أناهد و أجادل مع حد..فلو سمحتي بلاش.
_اوكي يا أحمد زي ما تحب..و انا همشي.
=تمام..تصبحي علي خير.
أخفت ذهولها و حنقها و إنصرفت بهدوء.
رضوي: كانت فرصه يا أحمد..كنتوا إتكلمتوا و نهيتوا الموضوع.
_لا مينفعش النهاردة..بكرة هقعد معاها و نتكلم.
=طيب أنا مش عايزة السلسله اللي جابتهالي..أنا مبحبش أليس الحاجات المبالغ فيها دي..خدها و إديهالها.
_هه..هي أصلاً جيباها للفت النظر بس و عشان توصل رساله مش أكتر..خليها في الدرج عندك.
=طيب ماشي..أنا هدخل أرتب الصالون و بعدها هنام.
_لا سيبيه و أنا هشيل كل حاجه..يلا إدخلي نامي.
دخل إلي الصالون و رفع الأطباق فوقعت عينه علي الكأس الذي شربت فرحه منه ممتلئ لنصفه فشرب ما تبقي منه بإنتشاء داخلي لمجرد تلاقي ثغريهما بنفس المكان ثم تمتم قائلاً: إيه شغل المراهقين ده؟!منك لله يا فرحه هشوف إيه علي إيدك تاني!
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
_ و معانا الفنانه نورا أم قوره..خشي يا فنانه.
قالتها "فرحه" وهي تمسك بـ طبق من البلاستيك و كأنه "طبله" و تُقْرِع عليه بيديها فدخل "رامي" يرتدي قميص طويل من ملابس "فرحه" و يضع علي رأسه "منديل" يشبه رداء الراقصات.
دخل يتمايل بميوعه و يقلد"نورا" بطريقه جعلتهم يضحكون حتي أدمعت أعينهم فقال رضوان:
_طاار في الهوا شاشي و إنت متدراشي.
فقال رامي بنعومه مصطنعه و هو يميل بخصره: يا جدع.
_طرفه شاورلي شاورلي عليه..حكم الهوا ماشي.
قفز " رامي" في الهواء ثم نزل أرضاً و هو يستدير بخصره في حركة لولبيه مدهشه.
سقطت "فرحه" أرضاً من فرط الضحك و كذلك رضوان و كرم و بدر فقال رامي مقلداً نورا: خدي يا رضوي دي هديه بسيطه تمنها شخروميت جنيه بس عشان اللي قاعدين يعرفوا إن أنا غنيه و مفتريه و محدش يقدر عليا.
وضع رضوان يده موطن قلبه من كثرة الضحك من طريقة "رامي" الساخره و قال: سبحان الله القبول ده نعمه من عند ربنا فعلاً و هي أشد الفاقدين.
فرحه:طريقتها كده متعنطزه و كلها علي بعضها منزلتليش من زور..سم.
_انا مش عارف أحمد ده هيتجوزها إزاي؟! ربنا يعينه.
قالها "رامي" فنظرت له "فرحه" بضيق شديد تعجب له هو و لكنه لم يهتم.
=يلا إنت و هو كل واحد علي أوضته عشان أنام.
_بتطردينا يعني؟!
=حاجه زي كده!
إنصرف كلاً إلي غرفته فأغلقت الضوء و ألقت بجسدها إلي فراشها و أغمضت عينيها تستدعي تلك اللحظه التي إحتضنها فيها و لامس قلبها دفء قلبه.
✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨
في مكان فخم يطل علي النيل مباشرةً،يجلس أحمد ينتظر "نورا" التي أقبلت عليه و علي وجهها إبتسامه أقرب للإنتصار.
_هاي أحمد.
=أهلاً يا نورا.. إتفضلي.
زمت شفتيها بتعجبت و قالت: إيه الرسميه دي؟!
_نورا أنا عندي كلام مهم لازم أقولهولك.. و أتمني إنك متصعبيش عليا الأمور و تفهميني.
اصابها التوتر و قالت: كلام بخصوص إيه؟!
_بخصوص علاقتنا.. ثم إستجمع رباطة جأشه و قال: إحنا مش هينفع نكمل يا نورا.. إحنا مش شبه بعض.
= و الفلاحه هي اللي شبهك؟!
قالتها بـ غل و قهر داخلي إستشعره هو و لكنه أجاب:
بالظبط.. الفلاحه هي اللي شبهي فعلاَ.. روحها شبه روحي.
إبتسمت بإستهزاء و أشاحت بوجهها بعيداً تحاول كبح جماح تلك العَبرات اللعينات ألّا يسقطن ثم نظرت له بحده و قالت: إوعي تفكر إني مش ملاحظه تغييرك و شخصيتك اللي بقت سطحيه و تافهه من يوم ما رجعت و كل ده بسبب فرررحه.
قالت الأخيره و هي تشدد عليها بإستنكار و تابعت: و كنت عارفه إنك وقعت في غرامها من ساعة ما حكيتلي عنها، بس أنا حاولت أتغاضي عن التفاهات دي عشان مخسرش و هي اللي تكسب.. بس أقوللك؟
نهضت من مكانها و خلعت محبسها ثم ألقته بوجه "أحمد" و قالت: أنا اللي مش عيزاك.. روح للي شبهك لأني كتير عليك.
أفضت ما بجعبتها ثم سحبت حقيبة يدها و ولّته ظهرها بكل تفاخر و زهو.. و غادرت.
♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕♕
صفّ سيارته الفارهه علي بُعد مسافه كبيرة من منزلها و حمل حقائب الهدايا بيده ثم سار علي قديمه حتي وصل إلي منزلها.
طَرَق الباب ففتحت "بدر" التي تعجبت و قالت:إنت جاي لـ رضوان؟!
_لا جاي لـ بابا..هو موجود؟!
=لا هو بره في الأرض بيشرب الشاي.
_ و فين فرحه؟!
=فوق..اطلع أناديها؟!
_لا سيبيها بس وصليني لـ بابا.
سارت أمامه و فتحت باب ظهرت من وراءه أرض خضراء واسعه و علي جانب تلك الأرض يجلس والدها يحتسي الشاي بكل هدوء و راحه.
ألقي السلام و جلس بجانبه بعد أن قبّل يده و رحب به الوالد ترحيباً بالغاً.
_نورت البلد كلها يبني.
=ده بنور أهلها يا عمي..متحرمش منك..دلوقتى أنا هدخل في الموضوع مباشرةً..أنا جاي أطلب منك إيد فرحه!.
ضيق والد فرحه.بين حاجبيه و قال: تطلب إيد فرحه إزاي؟! و اللي شوفناها عندك دي مش تبقي خطيبتك!
_لا ما إحنا نهينا الخطوبه و كل حي راح لحاله زي ما بيقولوا.
=غريبه يعني..يعني سايبها أول إمبارح و جاي النهاردة تخطب غيرها!!
_بص يا عمي أنا إتعودت أكون صريح مع أى حد..و معاك بالأخص لازم أكون صريح و واضح..أنا بحب فرحه.
إعتدل والدها بمجلسه و قطب جبينه قائلاً:بتحبها إزاي مش فاهم؟!و بتحبها من إمتا؟؟
_من وقت حادثة الطيارة و أنا زي ما يكون إتكون بيني و بينها رابط روحي..و حاولت بعدها أتأقلم من نورا و أكمل بس كنت طول الوقت بقارن بينها و بين فرحه و في كل مره فرحه كانت كفتها بترجح عن كفة نورا فـ قولت لازم أسعي للطريق و الشخص الصح اللي أكون مرتاح معاه، و الشخص ده فرحه.
=و فرحه عارفه بالكلام ده؟!
حمحم'أحمد' و أومأ موافقاً فقال والدها: عشان كده فرحه سابت رجب إبن عمها؟!
_حضرتك عارف إن رجب مش شبه فرحه ولا كانت مرتاحه معاه..إفهمني يا عمي..علاقتي بـ فرحه علاقه من أسمي ما يكون..علاقه نضيفه جداً و راقيه جداً و عمرها ما كان فيها تجاوزات..كل اللي حصل إن الشهرين اللي قضيناهم أنا و فرحه علي الجزيرة دول خلونا نشوف في بعض اللي مش لاقيينه في الطرف التاني..عشان كده إتعلقنا ببعض.
=والله يبني أنا مش عارف أقوللك إيه..أنا لو وافقت عليك أبقا كده بثبت كلام أهل البلد علي فرحه و الناس هنا ما بتصدق تلاقي سيرة تحكي فيها.
_بص يا عمي..الناس ياما قالت و بتقول و هتقول..لأن الناس مفيش وراها غير الكلام..و معلش هي مش هتتخطب لواحد صايع تخجلوا إن إسم فرحه يتذكر مع إسمه..و كمان لو متكلموش علي خطوبة فرحه كني هيتكلموا علي خطوبة رضوي و رضوان..يعني كده كده هيتكلموا..فـ نسيبها لله و نسيب اللي يقول يقول..أهم حاجه إنت عارف إن بنتك مفيش في أدبها و أخلاقها..و علي رأي والدي الله يرحمه..طول ما إنت مبتعملش غلط يبقا سيب اللي يتكلم يتكلم و أديك بتكسب حسنات من غير مجهود.
إبتسم والد فرحه و أومأ بتأكيد متمتماً: الله يرحمه..طيب يبني أنا هشاور إخواتها بردو و هرد عليك.
_براحتك خالص..مفيش أي مشاكل..عن إذنك.
=لا والله ما تمشي من قبل ما تشرب حاجه..يا فرحه.
قال الأخيرة منادياً بإسم فرحه التي أجابت النداء من داخل غرفتها:أيوة يابا؟!
_شاي للضيوف بسرعه.
=أنا نايمه يابا..لما أصحا هبقا أعملهم شاي.
هزّ "أحمد" رأسه بيأس من تصرفاتها الطفوليه العفويه فرفع صوته قليلاً و قال: خلاص يا عمي..تتعوض مره تانيه إن شاء الله.
ما إن إستمعت إلي صوته حتي رفعت عنها غطاءها و ركضت إلي الأسفل و في غضون ثواني كانت تقف تحمل كوبين من الشاي و قالت و هي تنظر إليه: الشاي يابا..إزيك يا أحمد أفندي؟!
قال بإبتسامه حنونه: الله يسلمك يا فرحه هانم..معلش تاعبينك معانا..إتفضلي روحي نامى.
_لا هنام من دلوقتي؟! ده لسه بدري.
قال والدها: تسلم إيديكي يا فرحه..يلا إطلعي إنتي.
أومأت فرحه علي مضض ثم إنصرفت إلي غرفتها و من بعدها غادر هو علي وعد بإجابة طلبه بعد يومان.
