سر غائب
البارت السابع والعشرون و الثامن والعشرون
بقلم سماح نجيب
تمنت ثراء أن يكون محقاً بما قاله ،فهى سأمت هذا الحزن الذى طالما طاردهم كثيرا كمطاردة أحد الوحوش الضارية لفريسته فكلما فرت منه ركض خلفها يلهث يربد النيل منها ، فدنت منه قائلة بحيرة:
–أنت متأكد يا أيسر إن إحنا خلاص ملناش أعداء تانى أصل أنا مبقتش مستحملة حاجة تانى تحصل وأعصابى تتعب
لم يكن متيقن من هذا ،ولكن يتمنى من الله أن لايصيبهم يأس ولا حزن فقلوبهم أنهكتها الحياة بالفراق والعذاب واللوعات والحزن ،فهو لايريد سوى أن يحيا بسلام مع زوجته وإبنته
زفر أيسر بتعب قائلاً:
–مش عارف يا ثراء صدقينى مش عارف بس اللى أعرفه إن عايز أعيش فى هدوء وشوية سعادة معاكى أنتى وبنتى هو أنا بطلب المستحيل
عادت لتضع رأسها على صدره تطوقه بذراعيها تدمدم قائلة:
–وأنا كمان نفسى فى كده يا أيسر لأن أنا كمان تعبت
حاوط كتفيها بذراعه، صوت دقات قلبه تكاد تصم أذنيها وهى واضعة رأسها موضع قلبه ،نبضات خائفة مرتجفة ليس على شئ سوى أنه يخاف أن يصيبها أو يصيب صغيرته مكروه
،ولكنه ينشد من الله تعالى العون والمساعدة على مواجهة تلك الظروف والصعوبات التى تواجههم من حين لآخر
مسد على رأسها قائلاً بحنان:
–يلا علشان تنامى أنتى كمان أعصابك كانت مشدودة وأنا خايف عليكى لازم ترتاحى شوية
رفعت رأسها عن صدره تحدق به فأومأت برأسها موافقة وذهبت لغرفة ثيابها ،فأرتدت منامتها وعادت للغرفة وجدته سبقها للفراش ،فتح لها ذراعيه لتستكين بينهم ،فغاصت بينهما
،تخفى وجهها بتجويف عنقه كأنها تهرب من تلك الكأبة التى سكنت بين ثنايا قلبها ،فلا ملاذ لها وملجأ بعد الله سواه
___________
صف السائق تلك السيارة الفارهة الخاصة بكبير عائلة الرافعى أمام مبنى الشركة الشاهق البناء ،ترجل من السيارة يفتح الباب الخلفى تمهيداً لترجل سيده عزام الرافعى،أصدرت عصاه نقرة
خفيفة على الأرض بعد أن مد يده يخرجها خارج السيارة يستند عليها ،ولج للشركة فهب جميع العاملين إحتراماً لحضوره فهو أصبح قليل الحضور للشركة يعتمد بذلك على
المدراء الثلاثة أيسر وثراء وشهاب فهم إستطاعوا الحفاظ على صدارة الشركة بتجارة الذهب والألماس فلم يخفقوا فى عقد صفقة من الصفقات المعروضة عليهم ،أثناء إقترابه من غرفة مكتبه ،لمح خروج أيسر مع بعض العملاء
حدق به أيسر قائلا بهدوء:
–أهلا يا عزام باشا نورت الشركة
عندما حاول تجاوزه رفع عزام يده يوقفه قائلاً:
–بعد ما توصل العملاء دول تعال علشان عايزك، فى حاجة عايز إيديهالك
قطب أيسر حاجبيه بدهشة قائلاً:
–حاجة إيه دى اللى عايز تديهالى يا عزام باشا
تبسم عزام من رؤية الفضول الواضح بصوت أيسر ،فأكمل سيره قائلاً:
–أبقى تعال وأنت هتعرف متتأخرش
ولج عزام لمكتبه ، إنتبه أيسر على الأشخاص الواقفين بإنتظاره فأقترب منهم لينهى عمله ليعود فيما بعد لمعرفة ماذا يريد منه عزام ؟
بعد خمسة عشر دقيقة طرق أيسر باب غرفة المكتب ليسمع صوت عزام يأذن له بالدخول ،فولج أيسر بخطى ثابتة مثلما كان دائماً ،فسابقاً كان يصيب عزام بالحيرة من عدم تأثره بهيبته فكان يشعر بأنه يجابهه بعنفوان متوارى خلف إنصياع مزيف ولكنه علم الآن لماذا كان يفعل ذلك؟
أقترب أيسر من المقعد أمام المكتب فجلس قائلاً:
–أفندم كنت حضرتك عايز منى إيه أو إيه الحاجة دى اللى عايز تديهالى
أخرج عزام من جيبه خاتم فنظر إليه أيسر بعدم فهم ،ولكنه سمعه قائلاً:
–كنت عايز أديك الخاتم ده، الخاتم ده بيلبسه كل واحد بيبقى كبير عيلة الرافعى دا زى ورث فى عيلتنا أبويا كان لابسه وأبوك انت كمان كان لابسه لحد ما مات وأخدته أنا ودلوقتى أنتى هتأخده
زوى أيسر ما بين حاجبيه بغرابة قائلا:
–وأخده أنا ليه
رد عزام يزفر بإرهاق قائلاً:
–علشان أنت يا أيسر اللى هتبقى كبير العيلة بعد منى وعلشان أنت أكبر وريث فى ورثة عيلة الرافعى عرفت ليه
آبى أيسر أن يأخذ الخاتم من يده فترك مكانه قائلا:
–أسف مش هاخد الخاتم ده ومش عايز أبقى الكبير عن إذنك
سار أيسر وما كاد يبلغ الباب حتى سمع صوت عزام قائلاً:
–ولو قولتلك علشان خاطر أبوك الله يرحمه
تسمرت يد أيسر على مقبض الباب ،فهو لايريد ذلك فهو لا يتمنى سوى العيش بهدوء و راحة برفقة زوجته وطفلته ولكنه الآن يلقى على عاتقه مسؤولية كبيرة يخشى أن يخفق فى تحملها
أستدار أيسر برأسه إليه قائلاً:
–عزام باشا أنت بتشيلنى مسؤولية كبيرة بتشيلنى مسؤولية عيلة بحالها
_وعارف أنك قدها يا أيسر أنت مخك كبير وذكى أنت مش محتاج غير أن تحب اللى حواليك علشان هم كمان يحبوك ويسمعوا كلامك لأن فى فرق بين اللى يسمع كلام حد علشان
بيحبه وبين اللى بيسمع الكلام علشان خايف من جبروت اللى قدامه أهو أنا كنت كده بس النتيجة كانت في الآخر إيه بقى كل واحد فى قلبه جرح منى وأنت أولهم يا أيسر أنا عايزك
الجيل الجديد يطلع حابب بعضه يبقوا سند لبعض وده مش هيحصل إلا لو كان حد من البداية يخليهم يحبوا بعض فهمتنى يا أيسر
علم أيسر مدلول كلامه فهو أيضاً يريد أن تنشأ إبنته على حب عائلتها وأن ينجب أطفال متحابين فيما بينهم وبين أبناء شهاب أو أبناء حسام لايريد للجيل القادم أن ينشأ على الكراهية
أومأ أيسر برأسه فعاد إليه فمد يده ووضع عزام الخاتم بكفه،دقق أيسر النظر به فهو خاتم من حجر كريم نادر به رسومات صغيرة جدا لاترى إلا إذا وضعه أمام عيناه ،وبتجويف الخاتم محفور إسم الرافعى
–عن إذنك
قالها أيسر وخرج من الغرفة عاد لمكتبه فأرتمى على الأريكة ومازال يحمل الخاتم بين سبابته وإبهامه ،ينظر بداخل إطاره كأنه مرآة سيرى بها المستقبل ،فبرح يسأل ذاته و عقله هل هو
قادر علي تحمل تلك المسؤولية الملقاة على عاتقه من أن يحافظ على إرث تلك العائلة المتوارث من جيل لأخر ؟
___________
فتحت ميرا عينيها بصعوبة وهى تشعر بيد توكزها بكتفها برقة ولكن تلك اليد لم تكن يد زوجها فتلك يد صغيرة رقيقة
هتفت بصوت ناعس:
–إيه يا حبيبى فى أيه
قفز الصغير على الفراش ،يندس بين والديه قائلاً:
–ماما أنا جعان عايز أكل
تململ حسام بنومه يهتف قائلاً:
–ميرا قومى أكلى ريان علشان مش هيسكت وهيصدعنا وأنا عايز أنام أنا ما صدقت أن النهاردة أجازة
نهضت ميرا من الفراش ومازال النعاس يداعب جفنيها فنظرت لريان قائلة:
–تعال يا سى ريان عايز تأكل إيه
داعب الصغير وجه أبيه قائلاً:
–أنا عايز كورنفليكس و بابا يقوم ياكل معايا يلا يا بابا
تأفف حسام قليلاً قائلاً:
–أنا مش جعان يا حبيبى سيبنى أنام بقى يلا روح مع ماما
أولاه حسام ظهره فوثب الصغير عليه بمرح صائحاً:
–يلا يا باااااابا
أنتفض حسام من صراخ الصغير بأذنه فأستدار إليه قائلاً:
–فى إيه يا ريان فى حد يصرخ فى ودن بابا كده وهو نايم قولتلك يلا روح مع ماما أنا مش هاكل أقولك انا هصوم النهاردة عن الأكل علشان خاطرك قوم بقى يا ابن ميرا من هنا
أرتمى الصغير على صدر أبيه قائلاً :
–أنا أسمى ريان حسام جمال الرافعى أنت مش عارف إسمى يا بابا
رد حسام متفكهاً:
–أنعم وأكرم يا أخويا تشرفنا سيبنى أنام بقى ينوبك ثواب
عادت ميرا وأستلقت على الفراش ثانية قائلة :
–أنا هنام ولما تخلصوا أبقوا صحونى
عادت لتكمل نومها ،فترك حسام الفراش يحمل صغيره وخرج من الغرفة ،هبط الدرج حتى وصل للمطبخ ،وجد جليلة يبدو عليها أنها أفاقت من نومها منذ قليل فهتف بها قائلاً:
–صباح الخير ممكن تعملى كورنفليكس للأستاذ ده علشان صدعنا على الصبح
تبسمت جليلة قائلة:
–من عينيا يا باشمهندس حسام تعال ياريان
أخذت جليلة ريان تضعه على أحد المقاعد ،وشرعت فى تحضير طعامه الصباحى المفضل
عاد حسام للغرفة ثانية،تمدد على الفراش يتمطى بكسل يهيأ جسده للنعاس ، وجد زوجته تقترب منه تلقى برأسها على صدره قائلة:
–هو ريان راح فين يا حسام
داعب حسام رأسها قائلاً:
–أنتى لسه فاكرة خدتى تعسيلة وقايمة تسألى عليه نزلته تحت فى المطبخ بيفطر
–طيب
قالتها وعادت لنومها ،فتبسم على فعلتها فربت عليها وغفى هو أيضاً ،بعد مرور ساعتين نهض حسام من نومه وجد ميرا سبقته وخرجت من الغرفة ففكر أنها ربما تجلس مع والداته
الآن ،أغتسل وأرتدى ثيابه هبط الدرج بخطى سريعة كأنه يقفز ،فتبسمت ميرا وهى تراه يفعل ذلك فطباعه لا تتغير أبدا أقترب منهن فقبل فيروز على وجنتها قائلا:
–صباح الخير يا ماما
ردت فيروز قائلة بإبتسامة:
–صباح النور يا حبيبى
فين الفطار أنا جعان وكمان علشان أنا عايز أروح الحارة أشوف عفيفى بقاله شوية مش باين ليكون حصل حاجة
قالها حسام وهو يرفع أكمام قميصه على ساعديه ،فمن يراه يظن أنه ذاهب لوليمة وليس لتناول صعام الإفطار
ضحكت ميرا قائلة :
– أنت بتشمر ليه على العموم هقولهم يحضرولك الفطار وخد ريان معاك علشان هروح أشوف ماما ماشى
رد حسام غامزاً إياها:
–ماشى بس بسرعة يا مهلبية علشان جعان
فرت ميرا هاربة إلى المطبخ فحملت أطباق الطعام للمائدة فتناول حسام طعامه وبعد أن فرغ مما يفعل أخذ ريان معه بسيارته ،وصلا أمام الورشة التى كانت سابقاً له فهو بعد أن إمتلك معرض السيارات أهدى الورشة لعفيفى لتصبح ملكاً خاصاً به
رأى عفيفى حسام وهو يترجل من السيارة اقترب منه يهتف بترحيب:
–أهلا يا أسطى حسام دا الدنيا نورت وكمان جايب ريان معاك دا إيه النور ده كله
–أزيك يا عفيفى فينك ياض أنت بقالك شوية مبتسألش
قالها حسام وهو يقترب منه يحتضنه يربت على ظهره ،فرد عفيفى قائلاً:
–متزعلش منى كنت بس مشغول شوية
إبتسم حسام قائلاً:
–كنت مشغول فى ايه يا روميو كده
ملأ الحزن ملامح وجهه فإبتسم إبتسامة واهنة شعر حسام بالقلق فعقب قائلاً:
–مالك يا عفيفى حصل حاجة مالك باين عليك شايل هم الدنيا فوق راسك تعال أقعد واحكيلى
جلس حسام على مقعد خشبى وجلس عفيفى على مقعد مقابل له ،نظر حسام لريان وهو يلهو بجواره قبل أن يعاود النظر لعفيفى
زفر عفيفى بثقل قائلا:
–الموضوع أن مراتى موضوع الخلفة مأثر فى نفسيتها وحاسس أنها تعبانة ومضايقة ويوم عن التانى بتضايق أكتر من كلام الجيران اللى كل شوية يسألوها هى مخلفتش لدلوقتى ليه
ربت حسام على يده فرفع عفيفى رأسه فإبتسم بوجهه قائلا:
–طب ما تعملوا عملية حقن مجهرى العمليات دى بتنجح بنسبة كبيرة دلوقتى
أومأ عفيفى برأسه قائلاً:
–عارف وكنت بفكر فى كده بس محتاج مبلغ كبير فإن شاء الله يمكن على الشهر الجاى يمكن ربنا ييسر الحال ونشوف موضوع العملية دى
رد حسام قائلا:
–متشلش هم يا عفيفى فى المستشفى بتاعة أبويا فيها أحسن دكاترة ومتشلش هم أى حاجة خالص لو ناوى عرفنى وإن شاء الله أكلم بابا وتعمل العملية لمراتك
شد عفيفى على يد حسام بإمتنان ، فحتى بعدما أصبح من الأثرياء لم يلمس عفيفى به التكبر والغرور فدائما يشمله برعايته كأنه شقيقه ،ولا يتوانى عن تقديم يد العون والمساعدة له بأى شأن يخصه
_________
حاول الترويح عنها وأن يجعلها تنسى تلك الذكرى المأساوية التي تعرضت لها ،فجعلها تمتطى ذلك الجواد ،فهى أصبحت تهوى ركوب الخيل
أنحنى على وجهها يقبل وجنتها قائلا:
–مبسوطة يا حبيبة بابا
أومأت مليكة برأسها قائلة:
–أيوة يا بابى هو الراجل الوحش ده مش هيخطفنى تانى يا بابى مش كده
أحتضن أيسر جسد الصغيرة يتمتم:
–لا يا قلب بابا محدش هياخدك منى تانى متخافيش فخلاص أنسى بقى إيه رأيك تيجى معايا الشركة النهاردة
صفقت مليكة قائلة بحماس:
–ماشى يا بابى يلا بينا
أخذ أيسر إبنته وولج للداخل وجد ثراء تنتظرهم لتناول طعام الإفطار ، فهى فضلت تركهم بمفردهم على أن تقوم هى بمساعدة الخادمة فى تحضير الطعام
ركضت مليكة إلى ثراء قائلة:
–مامى بابا هياخدنى معاه الشركة
داعبت ثراء وجنة الصغيرة فأقتربت منها تقبلها بحب :
–طب يلا تعالوا أفطروا علشان تروحوا تشوفوا شغلكم
حاولت ثراء بمزاحها التخفيف من وطأة الضغوط التي تعرضوا لها جميعاً ،تناولا طعامهم وأخذت المربية مليكة لتبديل ثيابها ،صعدت ثراء للغرفة برفقة زوجها لتتهيأ هى الأخرى للذهاب لعملها
وقفت أمام المرآة تضبط وضع حجابها ،وجدته يخرج من غرفة الثياب يغلق أزرار معصمه فأقتربت منه باسمة تغلق له أزرار قميصه فهتفت قائلة:
–أيسر أنا النهاردة هروح مع ضحى علشان تشترى شوية حاجات علشان الفرح ماشى
–تمام بس مش عايزك تتأخرى عليا مفهوم
قالها وهو يداعب طرف أنفها بإصبعه رغبة منه فى مشاكستها
رفعت وجهها إليه تجعد أنفها بحركة طفولية قائلة:
–لما بتعمل كده بتخلينى عايزة أعطس ولو عطست هبهدلك القميص
إرتد خطوة للخلف قائلاً:
–وعلى إيه تبهدليلى القميص خلاص مش هعملها تانى
زينت إبتسامة وجهها فعاد وأقترب منها ثانية يدنيها منه ليضع رأسها على صدره قائلاً:
–سامعة دقات قلبى دى بتقولك بعشقك يا ثراء
أغمضت عينيها تتنهد شوقاً قائلة:
–وأنا كمان بعشقك يا حبيبى نفسى أفضل على طول أسمع دقات قلبك لأن بتخلى قلبى أنا كمان بيدق جامد وكتير بحس أن بيوجعنى بس وجع لذيذ
أنحنى على وجهها فتشابكت أنفاسهم ،بحثت بعينيها عن ذلك الفيض من الحنان الذى تراه دائماً عندما يقترب منها ، أغرقها ببحور الشوق والهوى ، فعادت تلتقط أنفاسها اللاهثة ،تلملم شتات قلبها
هتفت بصوت هامس:
–يلا بينا بقى هنتأخر على شغلنا كده
تأمل بريق عينيها اللامع فأجابها قائلاً:
–لما ببقى معاكى بيبقى نفسى الوقت يوقف علشان مبعدش عنك ولا تبعدى عنى وأتحرم منك حتى لو ساعات قليلة
تخشى أن تخذلها قدميها بين ثانية وأخرى ،وتجد نفسها هى من ترجوه أن لا يجعلها تذهب إلى عملها اليوم وأن تظل برفقته ولكن تذكرت ضحى فهى ستنتظرها اليوم فهى لا تريد أن تحنث بوعدها لها أو تتركها بهذا الوقت الذى تحتاجها به أشد الحاجة
__________
سمعت سما صوت رنين هاتفها فتبسمت إبتسامة خفيفة تحدق بالاسم الذى ينير شاشة هاتفها وجدت نفسها تهمس قائلة:
–أمير
فتحت الهاتف تجلى صوتها قائلة:
–السلام عليكم أزيك يا أمير
رد أمير قائلا بسعادة:
–وعليكم السلام أنا الحمد لله أنتى أخبارك إيه تمام
جلست على الأريكة خلفها فأجابته بهدوء قائلة:
–الحمد لله تمام كنت بتتصل عليا فى حاجة
صمت أمير برهة ثم قال:
–الصراحة كنت عايز أجى اشوفك النهاردة بس قولت أشوفك موجودة ولا لاء
إبتسمت سما بخحل قائلة:
–أيوة موجودة النهاردة يوم إجازتى من العيادة وببقى طول النهار فى البيت مش بخرج
زفر أمير بإرتياح قائلاً:
–خلاص تمام إن شاء الله هاجى أنا وماما بقولك إيه يا سما ما نكتب الكتاب ونتجوز بعد ٣ شهور مفيش مشكلة بس على الاقل أعرف أجى عندكم وبقاش محروج ولا تبقى أنتى كمان مكسوفة منى قولتى ايه
–كلم ماما
قالتها سما وأغلقت الهاتف قبل أن يتمكن من الرد عليها فما الذى يجرى لها ؟ فكل شئ يريده توافق بدون مناقشة فخطبتهم لم يمر عليها سوى أسبوعين فقط ولكن خلال تلك المدة القصيرة ،جعلها تشعر بشعور مغاير لمشاعر القلق والخوف التى دائما ما كانت تصيبها عند رؤية أى رجل كان
ولجت والداتها وجدتها تجلس شاردة ولكنها مبتسمة أيضاً فأقتربت منها تجلس بجوارها قائلة:
–مالك يا سما سرحانة كده وبرضه بتبتسمى خير
ردت سما قائلة:
–أصل مبسوطة جدا يا ماما
شعرت والداتها بالسعادة فربتت على يدها قائلة:
–ربنا يسعدك يارب يا حبيبتي بس خير فرحينى معاكى
أطرقت سما برأسها أرضاً قائلة بصوت منخفض:
–أصل أمير جاى النهاردة وكمان عايز يطلب من حضرتك نكتب الكتاب ونبقى نتجوز بعد ٣ شهور عادى
رنت ضحكة عالية من والداتها وسحبتها تضمها لصدرها قائلة:
–أممم قولتيلى أمير دا باين عليه سره باتع أوى
أحتقن وجهها بدماء الخجل قائلة:
–ماما
زوت والداتها ما بين حاجبيها قائلة:
–ماما إيه وبتاع إيه بقى ما خلاص كل حاجة انكشفت هو الصراحة أمير يتحب راجل ومحترم وإبن ناس وناجح فى شغله يعنى زى ما بيقولوا عريس ميتسابش وأنا يا حبيبتى مبسوطة علشانك وعلشان هتخرجى من الحالة اللى كنتى فيها الحمد لله
أسندت سما رأسها إلى كتف والداتها قائلة:
–أنا فعلا مش عارفة انجذبت ليه بسرعة كده إزاى بس فعلا يا ماما حاسة إحساس جميل أن أمير عوض ربنا ليا إن شاء الله
ربتت والدتها على ظهرها قائلة بحبور:
–إن شاء الله يا حبيبتى ربنا يسعدك يارب قومى بقى معايا علشان نعمله عشا ويتعشى معانا هى مامته جاية معاه
أومأت سما برأسها فنهضت من مكانها تسير خلف والدتها يتوجهن صوب المطبخ فشرعت سما فى مساعدة والدتها فى إعداد الطعام من أجل أمير وقلبها بات يعد الدقائق حتى يحين موعد مجيئه
__________
وثبت مليكة على تلك الأريكة الجلدية تقفز عليها بمرح تصفق بيدها ، حدق بها أيسر باسماً وعاد يطالع الأوراق الموضوعة أمامه
ولجت السكرتيرة قائلة بتهذيب:
–دكتور أيسر فى واحد عايز حضرتك بيقول أن أسمه متولى
أشار اليها بأن تسمح له بالدخول قائلاً:
–أه خليه يدخل بسرعة
خرجت السكرتيرة تخبر متولى بشأن إنتظار أيسر له ،فولج متولى بأقدام مرتجفة يزدرد لعابه بتوتر شديد
ترك أيسر مقعده قائلاً:
–تعال أتفضل يا متولى أدخل
ولج متولى إلى منتصف الغرفة فأقترب منه أيسر مصافحاً له قائلاً:
–أهلا بيك أتفضل تحب تشرب إيه
رد متولى قائلا:
–شكرا حضرتك مش عايز حاجة أنا جيت زى ما حضرتك قولت
أشار أيسر بيده لإحدى الارائك قائلا:
–طب أتفضل أقعد واقف ليه
جلس متولى يضم ساقيه يفرك يديه بتوتر ،يخشى حتى رفع وجهه ليرى وجه أيسر ،فتركت مليكة مكانها تقترب من أباها قائلة:
–مين ده يا بابى
رد أيسر بابتسامة خفيفة قائلاً:
–ده عمو اللى أنقذك من الراجل الشرير اللى كان هيخطفك يا مليكة
أستكانت الصغيرة بين ذراعى والدها تنظر لمتولى فرفع رأسه بنظرة خاطفة ليعود ويطرق برأسه أرضاً ثانية
وضع أيسر مليكة على ساقه يحدق بمتولى قائلاً:
–أنا طبعا مش عارف أشكرك إزاى على إنقاذك بنتى فلو فى أى حاجة أنت محتاجها ممكن تقولى على طول أنا برضه عرفت أنك مش بتشتغل حالياً ده بجد
أومأ متولى برأسه إيجاباً بدون أن ينبت ببنت شفة فهتف به أيسر قائلا:
–تمام مفيش مشكلة تحب تشتغل حارس شخصى اظن انت جسمك مناسب وبتعرف تضرب نار وكمان فى مركز تدريب تبع الشركة لو حابب تتدرب على شغل الحراسات فإيه رأيك
رفع متولى رأسه قائلا بإمتنان:
–تسلم يا دكتور أيسر أنا موافق وإن شاء الله مش هخيب ظنك فيا
أخرج أيسر من جيبه عدة أوراق نقدية فأقترب منه يضعها بيده قائلاً:
–ودى حاجة بسيطة على ما تبتدى الشغل علشان لو عايز تشترى حاجة وكمان تستعد علشان شغلك ممكن تيجى من بكرة هتروح مركز التدريب وبعدها هنشوف هتشتغل مع مين تمام
ترك متولى مكانه قائلاً بإبتسامة:
–تمام من بكرة إن شاء الله هكون موجود عند حضرتك ربنا يباركلك يارب
خرج متولى مسروراً بالحصول على عمل وأيضاً أنه سيبدأ من جديد، سيحرص على أن يحسن إستخدام تلك الفرصة التى منحها الله له ليبدأ تطهير نفسه من ذنوبه الماضية
نظر للنقود بيده قائلاً:
–ألف حمد وشكر ليك يارب
خرج من الشركة يشير لسيارة أجرة ليعود إلى المنزل الذى مازال يقطنه برفقة مدبولى ففكر فى شراء شئ يسعد به ذلك العجوز فأشار للسائق أن يقف أمام إحدى متاجر الثياب ولج للداخل أشترى ثياب له ولمدبولى فهو يجب أن يكون حسن المظهر من أجل تلك الوظيفة الجديدة،حمل الحقائب إلى إحدى عربات النقل فهو لايريد صرف كل ما أعطاه له أيسر دفعة واحدة فلينتظر حتى يحصل على راتبه الأول
___________
ظل لسانها يلهث بالدعاء والثناء لله تداوم على أدعية الاستغفار والشكر ،منذ نصحتها والداتها بأن تفعل ذلك فهى حتى لم تترك فرضاً من فروض الله ، شعرت بالسكينة تغزوها وروحها أصابها الاطمئنان عوضاً عن ذلك التشتت الذى نهش عقلها وقلبها من كثرة الإنتظار ، طوت سجادة الصلاة بعد أن فرغت من صلاتها وتسبيحها ، خلعت ثوبها المنزلى وأرتدت ثياب مناسبة للخروج برفقة والداتها من أجل شراء بعض الأغراض المنزلية من إحدى الاسواق القريبة منهن ، خرجت مايسة من شقتها حتى وصلت منزل والدها وجدت والداتها بإنتظارها
هتفت روحية بإبتسامة قائلة:
–إيه يا مايسة كل ده أنا قاعدة من بدرى مستنياكى
إبتسمت مايسة تقترب منها تقبلها على وجنتيها قائلة:
–معلش يا ماما لو كنت أتأخرت عليكى يلا بينا
خرجن متجهين إلى السوق ،يثرثرن ببعض الأحاديث النسائية ولتطمئن روحية على أحوال إبنتها ،إبتاعوا كل ما يريدن ولكن شعرت مايسة بدوار خفيف وضعت يدها على رأسها ،أصبحت الرؤية لديها مشوشة وضبابية ،ظلت واقفة مكانها ريثما تستعيد توازنها
شعرت روحية بالقلق قائلة:
–مالك يا مايسة فى إيه مالك يا حبيبتى
أفتر ثغر مايسة عن إبتسامة واهنة فردت قائلة:
–أبدا يا ماما الظاهر دماغى لفت علشان مفطرتش قبل ما أخرج متقلقيش دلوقتى هبقى كويسة
–طب تعالى يا حبيبتى أقعدى إرتاحى على ما أجبلك أى حاجة تاكليها
قالتها روحية وهى تسحب يد إبنتها ولكن تسمرت مايسة بوقفتها وغامت عينيها وسقطت مغشياً عليها
صاحت روحية قائلة:
–يا حبيبتى يا بنتى إيه اللى جرالك
ساعدتها بعض النسوة فى إفاقة مايسة حتى إستعادت وعيها
فتحت عينيها تهتف بصوت منخفض:
–ماما هو إيه اللى حصل ده أنا..
لم تكمل جملتها وأفرغت مابجوفها حتى شعرت بوهن شديد،هتفت إحدى النساء قائلة:
–ألف سلامة عليكى يا حبيبتى هو أنتى حامل لو كده جيتى السوق ليه كده فى الحر والتعب
نظرت مايسة لوالداتها التى بادلتها بنظرة سعيدة أكثر منها مشدوهة فهل حقاً تلك أعراض الحمل؟ ،لم تتوانى روحية دقيقة واحدة حتى هتفت بمايسة قائلة:
–مايسة قومى بينا فى مستشفى قريبة نكشف ونشوف فى إيه يمكن فعلا يكون ربنا كرمك وحملتى
كم تأمل هى أن تكون محقة ، أستقامت بوقفتها وقدميها ترتعشان من خوف ولهفٍ ،سارت مع والداتها حتى وصلت للمشفى الحكومى القريب من مكان سكنهم
قبضت مايسة على يد والداتها بخوف قائلة:
–ماما
ربتت روحية على يد إبنتها تبث الأمان بقلبها فتمتمت بصوت هادئ:
–متخافيش يا مايسة إن شاء الله خير مش هنخسر حاجة لو أتاكدنا
هى تخشى أن يخيب أملها ورجاءها مثلما حدث معها بالاعوام الماضية عندما كانت تمنى نفسها بحدوث الحمل ليخيب ظنها بالأخير ،ولكن ما الضرر فى أن تسمع لوالداتها فهيأت نفسها للدخول ،بعد الولوج لغرفة الطبيبة ،أرادت منها عمل إختبار للدم للتأكد من حدوث حمل أم لا ،ذهبت للمعمل الموجود بالمشفى وبعد سحب الدم منها لعمل الاختبار ،خرجت مايسة وروحية يجلسن لانتظار النتيجة ،كل دقيقة تمر عليها تشعر بالخوف الشديد ،فهى حتى تريد الفرار قبل أن تسمع نتيجة الاختبار التى تخشى أن تأتى مخيبة لآمالها
خرجت إحدى الممرضات تنادى بإسمها فلم تتحرك من مكانها فأقتربت روحية منها لمعرفة النتيجة فهتفت الممرضة قائلة:
–فين البشارة بقى مبروك المدام حامل
أخترقت الجملة مسامع مايسة ، سرت القشعريرة بجسدها التى مُزجت بفرحتها وعدم تصديقها لما سمعته إلتفتت لها والداتها تقترب منها قائلة بدموع السعادة:
–ألف مبروك يا حبيبتى ألف مبروك يا مايسة أنتى حامل، حامل بجد يا مايسة
تجلس متصنمة بمكانها لا تصدر رد فعل سوى عينيها التى لم تكف عن ذرف الدموع ،وضعت يدها على فمها تبتسم ابتسامة عريضة تخللتها صدمتها فراحت تردد قائلة:
–أنا حامل معقولة أنا حامل
رفعت وجهها تحدق بوالداتها مستطردة:
–أنا حامل يا ماما بجد أنا حامل اللى سمعته ده صح
أقتربت منها روحية سحبتها من مرفقيها تضمها بحنان ومايسة مازالت لم تعى بعد ما سمعته أو ما يحدث فهتفت بها روحية قائلة:
–أه يا حبيبتى بجد ،بجد يا مايسة أنا الدنيا مش سيعانى من كتر الفرحة
تركت روحية إبنتها ،واستدارت إلى الممرضة ،أخرجت جزدانها تخرج ما به من نقود وضعتها فى يد الممرضة قائلة:
–مش خسارة فيكى يا وش الخير خدى البشارة أهى
عُدن للطبيبة ثانية التى نظرت لورقة الاختبار وتأكدها من وجود حمل ،فتمت فحصها بشكل كامل وكتبت لها الأدوية اللازمة لها خلال شهور الحمل الأولى
خرجن من المشفى ،أشارت روحية لاحدى عربات النقل المستخدمة فى تلك المنطقة ،ركبن العربة ومايسة صامتة لم تفعل شئ سوى أنها ظلت تبتسم وصدرها يعلو ويهبط من فرط تلك السعادة التى سكنت قلبها منذ سماع ذلك النبأ السار وهى أنها تحمل بأحشاءها الآن جنيناً وأنها بفضل الله وكرمه ستنجب أطفالاً لزوجها
وصلت إلى شقتها فسحبت هاتفها من جيبها سريعاً أنتظرت حتى فتح زوجها هاتفه لتمتم قائلة بصوت متحشرج:
–عفيفى تعال الشقة بسرعة علشان عيزاك
أختلط البكاء بصوتها فشعر عفيفى بالقلق فأردف قائلاً:
–مايسة فى إيه ومال صوتك كده أنتى بتعيطى حصل حاجة
ردت مايسة قائلة بإبتسامة كأنه سيراها :
–تعال بس وهقولك على كل حاجة متتأخرش
أغلقت الهاتف وذهبت للمرحاض توضأت وخرجت بسطت سجادة الصلاة فإنكفأت عليها تشكر الله على تلك المنة التى أنعم بها عليها ،وصل عفيفى الشقة ،فأسرع الخطى حتى وصل لغرفة النوم ،وجد مايسة تؤدى صلاتها فأنتظرها على أحر من الجمر أن تنتهى وتخبره بما تريد فبحة صوتها الباكية بالهاتف أقلقته فيخشى أن يكون حدث لها سوء ،أنهت صلاتها وأستقامت بوقفتها تحدق بزوجها
فدنا عفيفى منها يضع يديه على كتفيها يهتف بخوف قائلاً:
–مايسة فى إيه أنتى قلقتينى وخصوصاً لما حسيت أنك كنتى بتعيطى
مدت يدها تمسح تلك الدمعة التى أنزلقت من عينيها تبتسم بإتساع قائلة:
–دى دموع الفرح يا عفيفى الحمد لله ربنا مَن علينا ورزقنا يا حبيبى
أخذت إحدى يديه تضعها على بطنها مستطردة:
–أنا حامل يا عفيفى حامل
ظنت أنه لم يسمع ما قالت حتى وجدت وجهه يضئ بسرور وفرحة عارمة ظل ينقل ببصره من بطنها لوجهها فتمتم قائلاً بسعادة:
–ححامل معقولة بجد يا مايسة أنتى دلوقتى حامل
أومأت برأسها عدة مرات قائلة بثقة :
–أه والله يا حبيبى ولسه انا وماما جايين من المستشفى وعملت تحليل وكشفت كمان أخيراً المعجزة حصلت يا عفيفى وهيبقى عندنا أطفال
ضمها إليه بسعادة تتراقص بين جنبيه ولا يعرف أيجعلها تكف عن ذلك البكاء الذى مزج بسعادتها أم يجعل عينيه تكف عن ذرف دموع الفرح والسرور من ذلك النبأ السار الذى تلقته مسامعه منذ دقائق
__________
تركت ثراء الشركة بعد مراجعة سريعة لبعض الأوراق المهمة فضحى تنتظرها الآن للذهاب للتجول بالمتاجر الخاصة بالثياب لشراء ثيابها المنزلية وكل ما يلزمها من أجل زواجها ،وصلت ثراء لمتجر ضحى فولجت للداخل وجدتها تجلس أمام ذلك الثوب الأبيض الذى تعمل على حياكته
هتفت ثراء قائلة:
–هالووو أنا جيت
أستدارت ضحى برأسها إليها قائلة:
–أهلا ببنت الاكابر لسه بدرى يا أختى أنا مكلماكى من ساعة وقولتى أنك جاية أتأخرتى ليه
وضعت ثراء حقيبتها على مكتب ضحى وجلست على المقعد الموضوع أمامه فزفرت قائلة:
–كان فى ورق كتير فى الشغل محتاج مراجعة منى وكمان الاستاذ شهاب بما أنه عريس ومأنتخ اليومين دول ومشغول بتجهيزات الفرح فالشغل كله على رأسى لما راسى وجعتنى يلا كله عند ربنا أنا ساكتة بس علشان فرحكم غير كده كنت يعنى
رفعت ضحى حاجبها قائلة:
–كنتى إيه سمعينى كده يا ثراء عايزة تقولى إيه ثم هو مش المفروض جوزك يكون معاكى فى الشركة
إبتسمت ضحى بدهاء فزمت ثراء شفتيها قائلة:
–هو بييجى على قد ما يقدر بس علشان شركة الحراسة وأشغاله التانية مبيقعدش وقت كتير هو لو كان معايا كنت أتكلمت مكنتش هعوز اشوف وش حد كان كفاية هو عليا
تعالت صوت ضحكتها بعد جملتها الأخيرة فقذفتها ضحى بقطعة قماش قائلة:
–أه منك أنتى وجوزك اللى واكل عقلك ده
وضعت ثراء يدها على وجنتها تردف بحالمية:
–أه يا ضحى كل عقلى واخد قلبى وسكن روحى ومش سايبلى حاجة خالص مش عارفة إيه ده
إبتسمت ضحى وتركت مكانها تستقيم بوقفتها تشير بيدها للثوب قائلة:
–طب صحصحيلى يا أختى مقولتليش رأيك فى الفستان أنا مخلتش حد يشوفه ولا حتى شهاب مفيش غيرك بس اللى خليتها تشوفه فقوليلى رأيك بقى
تركت ثراء مقعدها أقتربت من الثوب تجيل ببصرها عليه حتى هتفت بإعجاب:
–واوووووو بجد تحفة يا ضحى جميل أوى دا أنتى هتجننى شهاب يوم الفرح بفستانك ده
على ذكر اسم شهاب توردت وجنتيها فحدقت بها ثراء قائلة بدهاء:
–يا نهار أبيض على خدودك اللى بتقلب ألوان بس لما تسمعى أسمه هنيالك يا إبن عمى هتاخد عروسة زى الكتاب ما قال حاجة شغل اصلى يعنى
ضمت ضحى حاحبيها قائلة بغرابة:
–هموت وأعرف بقيتى لوكل كده إزاى يا ثراء
ضحكت ثراء فوكزت ضحى على كتفها قائلة:
–طب يلا بينا بقى علشان نشوف عايزة تشترى إيه وألحق أروح قبل أيسر ومليكة ما يروحوا
بعد خروجهن من المتجر الخاص بضحى ،ركبن سيارة ثراء وأدارت المحرك حتى وصلن لإحدى المتاجر الشهيرة بذلك الحى الراقى ،تجولن عدة ساعات لانتقاء أفضل الثياب والخاصة منها التى تروقهن ،حملت ثراء احد تلك الاثواب قائلة:
–حلو ده عاجبنى أنا هاخده
حاولت ضحى أن توارى ضحكتها فحملقت بها ثراء قائلة:
–بتضحكى على إيه يابت أنتى وعلى فكرة عرفت قصد ضحكتك إيه يا لئيمة ما أنتى واخدة زيه بالظبط بس اللون مختلف
تصنعت ضحى الجهل قائلة:
–أنا يا ثراء لئيمة أنتى دماغك راحت فين
رفعت ثراء شفتها العليا قائلة:
–مطرح ما راحت دماغك يا ضحى وأنجزى بقى خلينى أروح أظن كده أشتريتى كل اللى أنتى محتجاه يلا بقى زمان أيسر ومليكة روحوا بقالنا ساعات بنلف رجلى وجعتنى يا شيخة حرام عليكى
نقرت ضحى بإصبعها على ذقنها قائلة:
–أستنى كده يمكن فى حاجة نسياها ومش فكراها أصبرى بس يا ثراء جوزك مش هيطير
أتسعت حدقتي ثراء وقذفتها بإحدى الحقائب الصغيرة ،فهى تعلم أن ضحى تفعل معها ذلك من أجل أن تمازحها فتمتمت بتهديد:
–عارفة لو ممشتيش ساكتة هسيبك هنا لوحدك وأمشى ولا أقولك هتصل على شهاب ييحى ياخدك وبالمرة أبقى خليه يتفرج على الحاجات اللى أشترتيها دا حتى هيفرح أوى وهيدعيلى
أزدردت ضحى لعابها من حديث ثراء فتخيلها فقط أن يرى شهاب ما أبتعته ،جعلها تريد أن تنشق الأرض وتبتلعها فما بالها عندما يرى كل هذا ،فهى لم تبتاع كل ذلك إلا من أجل عُرسها
لملمت الحقائب مسرعة تهتف بتهذيب:
–يلا بينا يا ثراء أنا خلصت أهو نمشى بقى يا حبيبتى مش عيزاكى تتأخرى على جوزك وبنتك
قرصتها ثراء من وجنتها ممازحة :
–شطورة يا قلبى مبتجيش إلا بالعين الحمرا يعنى لازم تخلينى أهددك بشهاب يلا ما علينا خلينا نمشى بقى
زمت ضحى شفتيها تصيح بها قائلة:
–إصبرى عليا يا ثراء ليكى يوم
جعدت ثراء أنفها بحركة فكاهية قبل أن تقول:
–يومى جه من زمان يا ضحى
فأقتربت منها تربت على وجنتها بحنان مستطردة:
–ربنا يسعدك يا قلبى وأشوفك أحلى عروسة وتعيشى متهنية وتخلفى صبيان وبنات
شدت ضحى على يد ثراء تبتسم بوجهها قائلة بحب:
–ويسعدك أنتى كمان يا حبيبتى أحلى صديقة وأخت وحبيبة ليا فى الدنيا دى
خرجن من المتجر يحملن حقائبهن يضعنها بالسيارة فعُدن لمتجر ضحى ثانية لتأخذ سيارتها وتعود إلى منزلها ،بعد إطمئنان ثراء لذهابها ،أدارت محرك سيارتها تنطلق بها لتعود إلى منزلها هى الأخرى، فهى تتمنى العودة للمنزل قبل عودة زوجها لتفاجئه بالمساء بذلك الثوب الذى أبتاعته من أجله ،عادت إلى المنزل فلم تسمع صوت صغيرتها فعلمت أنهم لم يعودوا بعد ،صعدت إلى غرفتها وضعت الحقائب من يدها وأخذت ذلك الثوب تخفيه قبل أن يراه أيسر ،فوضعته بمأمن بعيداً عن أنظاره ،ولجت للحمام وفتحت الماء بالمغطس ووضعت عطور الاستحمام لتنعم بحمام منعش وبعد إنتهاءها عادت للغرفة، وقفت أمام المرآة تمشط شعرها ،دقائق ووجدت زوجها يلج الغرفة مغلقاً الباب خلفه
سحب أيسر رابطة عنقه يزفر بإرهاق فأقترب منها يقبلها على وجنتها قائلا:
–رجعتى أمتى ؟
ردت ثراء قائلة بهدوء:
–لسه واصلة من شوية يادوب أخدت شاور وخرجت
أستند برأسه على كتفها قائلاً بإرهاق:
بنتك النهاردة طلعت عينى والشغل كان كتير تعبتنى معاها لاء وكمان كانت عايزة تروح الملاهى
رفعت يدها تربت على وجنته تحدق به بالمرآة :
–وعملت معاها إيه
–وديتها طبعاً أشتريت نفسى قبل ما تعيط وتزعل وأنا مبحبش أشوفها بتعيط
قالها أيسر وهو يبتعد قليلاً عنها ،فأستدارت إليه قائلة:
–أنت اللى مدلعها زيادة عن اللزوم أعملك إيه بقى على العموم يلا خدلك شاور على ما العشا يجهز
ولج أيسر للمرحاض ،وهبطت ثراء الدرج حتى وصلت للمطبخ،طلبت من الخادمة وضع العشاء على المائدة
ألتفوا ثلاثتهم حول مائدة الطعام تثرثر مليكة كعادتها بقصصها الطفولية تضحك ثراء على مغامراتها اليوم بمكتب أيسر ،حتى أنتهى العشاء وذهبت مليكة لفراشها ،فخرج أيسر للحديقة وذهب لحظيرة الخيول كعادته كل مساء قبل نومه،وذهبت ثراء لغرفتهم أخرجت الثوب وأرتدته وضعت عطرها الثمين وأنهت زينتها وأنتظرت مجيئه،أدار أيسر مقبض الباب للغرفة وهو يدندن ،ولج للداخل ،رأها تنتظره فأطلق صفيراً عالياً إعجاباً بها
فأقترب منها يأخذ أحدى يديها بين كفه يجعلها تدور حول نفسها قائلاً:
–إااايه الجمال والحلاوة دى كلها والحاجات اللى تجنن دى
أفتر ثغرها عن ابتسامة فاتنة وهى تدمدم :
–حلوة يعنى
رد أيسر قائلا بعشق:
–هو أنتى حلوة بعقل يا ثراء دا أنتى جننتينى وهوستينى يا بنت عمى
–تصدق أول مرة تقولهالى يا أيسر
قالتها وهى تطوق عنقه بذراعيها الناعمتين فدنا بوجهه منها هامساً:
–إنتى بنت عمى ومراتى وحبيبتى وأم بنتى ونور عيونى وأغلى حاجة فى حياتى
ربما همسه قريباً من وجهها جعلها تشعر بمداهمة الضعف لأوصالها فأغمضت عينيها تستشعر حلاوة تلك الكلمات التى يهمس لها بها ،قبل أن يعانقها سمعا طرق على باب الغرفة فأبتعد أيسر متأففاً فتح الباب فوجد الخادمة التى قالت بتهذيب:
–حضرتك فى واحدة ست تحت فى الصالون عايزة ثراء هانم
قطب أيسر حاجبيه قائلا:
–ست مين دى وإسمها إيه مقلتش على إسمها
ردت الخادمة وهى تطرق برأسها أرضاً:
–لاء حضرتك رفضت تقول على إسمها بس قالت عايزة تقابل ثراء هانم ضرورى
سمعت ثراء من الداخل ما قيل فوضعت رداء عليها وأقتربت منهم قائلة:
–أنا جاية معاكى أشوف مين دى اللى عايزة تشوفى وفى وقت زى ده
هبطت ثراء الدرج، فظلت تفكر من تكون تلك المرأة؟ وماذا تريد منها بهذا الوقت ؟ عندما يأست من تفكيرها نفضته جانباً فهى سترى الآن من تكون هى ؟ وصلت لغرفة الصالون فحدقت ثراء بتلك الجالسة وهى مشدوهة فأتسع بؤبؤ عينيها فدمدمت قائلة :
–معقولة .....
سر غائب
البارت الثامن والعشرون
هبطت ثراء الدرج بتأنى كعادتها فظلت تفكر من تكون تلك المرأة؟ وماذا تريد منها بهذا الوقت ؟ عندما يأست من تفكيرها نفضته جانباً فهى سترى من تكون الآن ؟ وصلت لغرفة الصالون فحدقت بتلك الجالسة وهى مشدوهة فأتسع بؤبؤ عينيها فدمدمت قائلة :
–معقولة عفاف !!
أستقامت عفاف بوقفتها تبتسم إبتسامة واهنة تربت على صغيرها الذى لم يتجاوز السبعة أشهر من عمره يضع طرف حجابها بفمه الذى أنحسر قليلاً عن رأسها وصغير أخر يتمسك بثوبها طفل ربما فى الثالثة من عمره
–إزيك يا ست ثراء
قالتها عفاف وبدأت الدموع تحرق جفنيها، الأمر الذى جعل ثراء تشعر بالشفقة عليها من حالتها التى تبدو مزرية للغاية وذلك الثوب الأسود الذى ترتديه مع حجاب أسود مماثل كأنها قادمة من زيارة أحد القبور
أقتربت منها ثراء باسمة تتمتم قائلة:
–الحمد لله يا عفاف أخبارك إيه أنا كنت سألت دادة جليلة عنك قالت أنك أتجوزتى بعد أنا ما سافرت هم دول ولادك
أومأت عفاف برأسها فسقطت دموعها على وجنتيها شعرت ثراء بالقلق فماذا حدث جعلها حزينة هكذا
أشارت لها ثراء بالجلوس قائلة بإهتمام:
–أتفضلى أقعدى يا عفاف
جلست عفاف بإستحياء تهدهد طفلها الذى بدأ يتململ على ذراعها قائلة:
–يزيد فضلك يا ثراء هانم
اقتربت ثراء تجلس بجوارها تريد معرفة سبب تلك الحالة التى تبدو عليها فربتت على ذراعها بخفة قائلة:
–أنتى مالك كده يا عفاف لابسة أسود وباين عليكى حزينة أوى حصل حاجة
ضمت عفاف شفتيها لتوقف إرتجافها فأغلقت أهدابها التى تسللت الدموع من بينهما فتحشرج صوتها قائلة بغصة:
–أنا كنت جاية بخصوص أشوف ليا لقمة عيش عند حضرتك أنا جوزى عمل حادثة وأتوفى من حوالى شهر ونص وأهله طردونى من البيت أنا وعيالى وروحت عيشت فى بيت أبويا مع أمى بس هى ست كبيرة ومريضة ومعاش أبويا مبيكفناش نعيش بيه وجوزى الله يرحمه كان شغال باليومية وملوش لا تأمين ولا معاش حاولت أشتغل بس محدش راضى يشغلنى علشان معايا عيال صغيرة فأفتكرت حضرتك والست فيروز بس خالتى جليلة شغالة عندها ومبتكلمنيش من ساعة اللى حصل وأتعرف ان الراجل اللى كان عايز يخطفك كنت اعرفه وانا اللى جبته الحفلة بتاعة عيد ميلادك افتكرونى شريكته وطبعا لما سيبت القصر أتجوزت وكنت عايشة مستورة والحمد لله لحد اللى حصل فسألت على عنوان حضرتك وجتلك
صارت دموعها كفيضان أغرق وجنتيها حتى شهقاتها سمعتها ثراء بوضوح وهى تحاول كتم فمها بيدها
ربتت عليها ثراء قائلة بعطف:
–إهدى يا عفاف ووحدى الله ربنا يرحم جوزك ويرحم موتانا جميعاً بس ولادك دول هتعرفى تراعيه إزاى وإنتى بتشتغلى دول صغيرين خالص ومحتاجينك جمبهم
أزدردت عفاف لعابها قائلة بصوت خافت:
–حضرتك متشليش هم أنا ممكن أسيبهم مع أمى بس عايزة أشتغل علشان أقدر أصرف عليهم
أخذت ثراء منها طفلها الموضوع على ساقها قبلته تداعبه قائلة:
–إيه القمر ده هو إسمه إيه
إبتسمت عفاف إبتسامة خفيفة قائلة:
–إسمه عمرو وأخوه إسمه عادل
وضعته ثراء على ساقها فعاود النظر إليها قائلة بحنان :
–ربنا يباركلك فيهم يا عفاف متحمليش هم حاجة بس مش عيزاكى تسيبى ولادك وتهمليهم استنينى لحظة واحدة ورجعالك
أعادت الصغير لأمه ثانية وولجت لغرفة مكتب زوجها بعد بضع دقائق عادت إليها ثانية مدت يدها بعدة أوراق نقدية ذات الفئة العالية وضعتها بيد عفاف تهتف قائلة:
–خدى يا عفاف المبلغ ده وسبيلى عنوانك اللى قاعدة فيه وإن شاء الله ربنا يقدرنى وأحل ليكى مشكلتك من غير ما تسيبى ولادك ولا تبعدى عنهم هم فى السن ده محتاجين رعاية وإهتمام فخلى بالك منهم
حدقت عفاف بالنقود التى وضعتها ثراء بكفها فعاودت النظر إليها قائلة بنهنهة خفيفة وإمتنان:
–تسلمى وتعيشى يا ست ثراء ربنا يباركلك يارب أنا عايشة فى....
–تمام يا عفاف ميكونش عندك فكر خالص إن شاء الله خير
قالتها ثراء وهى تنظر لها بعطف وحنان فنهضت عفاف عن مقعدها تتهيأ للإنصراف ودعتها ثراء فتنفست عفاف الصعداء من أن ربما ثراء ستجد لها ما يعينها على تربية أطفالها ، أرتقت ثراء درجات السلم ووصلت لغرفتها ،وجدت أيسر ممداً على الفراش
–مين دى اللى كانت عايزة تشوفك يا ثراء
هتف أيسر بجملته وهو يعتدل بجلسته ،رأت ثراء الفضول بعينيه لمعرفة ما حدث فأقتربت تجلس على الفراش مقابل له
–دى تبقى عفاف اللى كانت شغالة عندنا فى القصر فاكرها
أومأ أيسر برأسه فعاود سؤالها:
–هى كانت عيزاكى ليه فى حاجة
قصت ثراء لزوجها الحديث الذى دار بينها وبين عفاف ومجيئها طلباً لمساعدتها ووعدها إياها بإيجاد حل سريع لها
حكت ثراء جبهتها بتفكير فهتفت قائلة:
–لقيتها إيه رأيك نساعدها تفتح محل بقالة أو أى حاجة تعرف هى تشغلها منها يبقلها مصدر دخل وفى نفس الوقت تراعى ولادها دول صغيرين خالص
أيد أيسر إقتراحها وأثنى عليه وقال:
–فكرة حلوة دى يا ثراء تمام من بكرة إن شاء الله أبعت حد للعنوان اللى قالتهولك ويشوف محل كويس فى المنطقة دى وتفتح مشروع متشليش هم وهخليه يخلص الموضوع فى أسرع وقت
أفتر ثغرها عن ابتسامة وضاءة فأقتربت منه هامسة:
–هو أنا قولتلك يا أيسر أن أنا بحبك وأنك أحسن راجل فى عينيا
–إحنا كنا بنقول إيه بقى قبل ما تنزلى
ترك أيسر كل تفكيره جانباً راغباً فى إستكمال ما تركاه عالقاً قبل تركها له ،صوت دقات قلبها علا على صوت حفيف الستائر المتطايرة بفعل تيار الهواء المنعش المتسرب من شق النافذة الزجاجية التى تصدرت حائط بأكمله بتلك الغرفة التى خُفضت إضاءتها رغبة منها فى أن ترى برق خضراوتيه عندما يشتد الشوق العاصف بقلبه، فتصبح أشد إخضراراً على ضوء ذلك المصباح ذو الإضاءة الخافتة
_________
أعلن أمير عن رغبته فى عقد قرانه على سما ،فأنطلقت الكلمات منه بإنسيابية وسهولة ولكن ظل ذلك الذى يكتنفه بين ضلوعه يهدر بدقات عالية خشية من عدم موافقة والداتها على ما قاله فهو حصل على موافقتها حتى وإن لم تبدها له صريحة
فحمحم قائلاً بهدوء:
–قولتى إيه ياطنط فى اللى قولته موافقة نكتب الكتاب بكرة والجواز عادى بعد ٣ شهور
حولت بصرها لإبنتها التى تجلس تفرك يدها بتوتر وتطرق برأسها أرضاً دون أن تنبت ببنت شفة ،ولكن ملامح وجهها لم تكن ممتعضة او عابسة فما تراه على وجهها اليوم أنها توارى موافقتها أسفل ذلك الخجل الذى نضحت به وجنتيها من تدفق الدم الحار بهما
فردت قائلة بروية:
–هو والله يا إبنى أولا وأخيراً الرأى لسما لأن هتبقى دى حياتها هى
تشنج جسدها وتوترت عضلة قرب فمها خشية من طرح والداتها السؤال عليها فماذا تفعل ؟ فهى تخشى أن يفضحها لسانها بالموافقة ،ولكن حدث ماكانت تخشاه فسمعت صوت والداتها تهتف بها قائلة:
–مقولتيش رأيك إيه يا سما موافقة على كتب الكتاب ولا لاء
ماذا تفعل هى الآن؟زاد تعرق يديها ووجهها كمن أصيبت بحمى مفاجئة ولكن حاولت أن تخرج كلماتها متزنة وهى تبدى برأيها فيما سألتها إياه:
–الرأى رأيك يا ماما اللى تقولى عليه أنا موافقة
لم يكن بإنتظار سماع هذا منها ، فهو كان يرغب في إعلانها عن موافقتها الصريحة ولكن لما دائماً تخلف توقعه لردود أفعالها فتلك الفتاة يوماً عن أخر تثير فضوله ورغبته فى أن يسبر أغوارها ،فهو يكاد أن يجزم أن ما شعر به بصوتها عندما هاتفها أنها كانت ترحب بما يريد تسلمه أمرها ليدير دفة حياتها كيفما يريد لتأتى الآن وتتنصل من ذلك الوعد الذى ترافق بصوتها العذب عندما أخبرته بأن يخبر والداتها بما يريد
أومأت والداتها برأسها إيماءة خفيفة قائلة:
–وأنا يا حبيبتى موافقة وهكلم خالك حسن ومظنش أنه هيعترض على أنكم تكتبوا الكتاب
ندت عنه زفرة إرتياح بعد سماع موافقة والدة سما ،فشقت إبتسامة واسعة شفتيه من أنه حصل أخيراً على تلك الكلمة التى أنتظرها طوال جلوسه معهن فهو أتى بمفرده على أن يجنب والدته مشقة المجئ والعودة خاليين الوفاض ففضل أن يأتى هو ليحصل على الموافقة على أن يأتى بالغد برفقة والديه لعقد القران
–طب حضرتك أنا همشى دلوقتى وبكرة إن شاء الله هاجى أنا واهلى علشان نكتب الكتاب سلام عليكم
لم ينتظر دقيقة أخرى فهب واقفاً يريد الذهاب خشية أن تعاود سما التفكير بالأمر وترفضه بالأخير ،فليتمهل بمعاملته لها ، فهى بحاجة ليد حانية تخرجها من تلك المتاهة السوداء التى وضعها بها رجل أخر يحمل نفس جنسه البشرى مخلفاً بنفسها مأساة
بعد خروج أمير حدقت والداتها بها فوجدتها مازالت على جلستها الخجولة فتبسمت قائلة:
–خلاص يا سما أمير مشى أرفعى راسك بقى
رفعت رأسها بروية وهى تسمع صوت ضحكة والداتها الخافتة فزاغت بعينيها عنها قائلة:
–قصدك إيه يا ماما
مدت والداتها يدها تقبض على كفها برفق قائلة:
–قصدى إن ربنا يسعدك يا حبيبتى أمير فعلا راجل وهيحافظ عليكى يعنى لو جرالى حاجة هبقى مطمنة عليكى أن سيبتك فى إيد أمينة
فزعت سما من حديث والداتها فتركت مقعدها تقترب منها تجلس بجوارها تطوق كتفيها بمحبة قائلة:
–بعد الشر عليكى يا ماما مش عايزة أسمع منك الكلام ده تانى ربنا يباركلى فى عمرك يارب ومتحرمش منك ابدا أنا مليش غيرك فى الدنيا دى يا ماما
–طب وأمير يا سما
قالتها والداتها ممازحة فتركت سما كتفيها تهرول سريعاً لغرفتها حتى لا ترى أصطباغ وجنتيها بذلك اللون القانى ولا تسمع صوت شهقاتها وأنفاسها الخافتة التى تتعالى بصدرها على ذكر إسم أمير
_________
وضعت قدح القهوة من يدها على المكتب لتعاود النظر بتلك الأوراق الموضوعة أمامها ، دققت جيداً بها لترى إذا كان هناك أى شئ يعرقل عقد الصفقة المنتظرة ، قرأت بنود العقد كاملة لتتأكد من أنه يخلو من أى تلاعب من جانب الطرف الآخر ،فوجدته مطابق لتلك الشروط التى وضعتها هى وزوجها ،صوت الدقات المتالية على الباب جعلها ترفع رأسها لتخرج من نطاق تفكيرها بالعمل لترى من الطارق
ردت قائلة بصوت رقيق:
–أدخل
فتحُ الباب وقفت تلك الفتاة مبتسمة تستند بذراعها على مقبض الباب قائلة:
–هااالو ثراء وحشتينى
–مش معقول كاارلا
صاحت بها ثراء بفرحة وسعادة من رؤيتها لرفيقة غربتها ولجت كارلا مسرعة تقترب منها تحتضنها تربت على ظهرها قائلة:
–ثراء وحشينى أخبارك ايه كده ترجعى مصر وتنسينى
عاتبتها كارلا بلطف فحدقت بها ثراء بأسف توارى خلف إبتسامتها الهادئة فسحبتها من يدها تجلسها بجوارها على الأريكة موضحة لها أسباب انقطاع تواصلها معها خلال الفترة الماضية
–أنا أسفة يا كارلا بس لما رجعت مصر حصلت حاجات كتيرة فأنشغلت بس والله غصب عنى عدم سؤالى عنك أكيد أنتى شيفانى نادلة دلوقتى
أملت ثراء أن تتقبل أعذارها ،فكارلا كانت خير معين لها أثناء إقامتها بلندن
ربتت كارلا على يدها بابتسامة مشرقة :
–متقوليش كده يا ثراء أكيد أنا مقدرة ظروفك وكمان لما عرفت انك رجعتى لجوزك
قطبت ثراء حاجبيها قائلة:
–وأنتى عرفتى منين أن رجعت لجوزى
تعالت صوت ضحكات كارلا الرنانة فهتفت قائلة:
–لأن لما روحت بيت باباكى اللى أنتى كنتى مديانى عنوانه روحت هناك وقابلت مامتك وعرفت أنك رجعتى لجوزك وأدتنى عنوان بيتك على بس مقدرتش أصبر علشان أجيلك بيتك قولت أجى دلوقتى لأن كمان بعد بكرة هرجع لندن تانى أنا وجوزى
–أنتى إتجوزتى يا كارلا
قالتها ثراء مشدوهة ،فكم من مرة أبدت كارلا عدم رغبتها بالزواج ،فتذكرت تلك الأيام التى كانت تقيم معها بها عندما تجد والدها يصر على زواجها فما كان منها سوى حزم أمتعتها وتذهب لثراء لتقيم برفقتها حتى تمر سحابة غضبها وسخطها وتعود لوالدايها ثانية ،بعد عدة مكالمات هاتفية أسترضاء لها من والداتها
إبتسمت كارلا بجانب فمها قائلة:
–أكيد مستغربة علشان كنت كل شوية أغضب وأجى أقعد عندك بس فعلا أتجوزت من حوالى شهر ومش هتصدقى أتجوزت مين
–أتجوزتى مين يا كارلا حد أعرفه
زاد الفضول لدى ثراء لمعرفة من ظفر بها أخيراً بعد إعلان راية العصيان على الزواج
ردت كارلا قائلة:
–جون اللى كان الدكتور بتاعنا فى الكلية
–أكيد بتهزرى يا كارلا زى عوايدك صح
أتسعت عيناها بعد سماع إسم ذلك الرجل فهن كن يلقبنه بالعازب الأشهر بالجامعة فهو حتى لم يكن يبد أى إهتمام بالفتيات ،فهو عملى بدرجة مخيفة يعشق العلم يتخذ من كتبه عالم أخر يعيش به ولا سلوى له سوى تقدمه العلمى وإحراز مكانة علمية مرموقة، وتتذكر أيضاً مشاداته الكلامية مع كارلا ، فهى كانت تفعل كل شئ يثير غضبه وسخطه حتى وصل به الأمر ذات مرة بالتوصية لرفدها من الجامعة
أهتز جسد كارلا بفعل ضحكتها التى تكبتها بجوفها فهى تعلم ما تظنه ثراء الآن وكيف لها أن تجتمع هى وجون بميثاق الزواج تنحنحت قليلاً قبل أن تقول:
–أنا عارفة أنك مش مصدقة بس هو ده اللى حصل وحتى هو كمان معايا هنا فى مصر علشان كان بيحضر مؤتمر خاص بالاقتصاد وإدارة الأعمال بس هو فى الفندق حالياً وقولت أجى أشوفك مش عندكم فى مصر بتقولوا النصيب غلاب وجون كان نصيبى وأحلى حاجة فيه أنه مبيفهمش عربى لما بضايق وأشتم بالمصري مبيفهمنيش ،بعشقه الراجل ده
ختمت كارلا حديثها متفكهة كالعادة لم تمنع ثراء هى الاخرى من أن تبدو اللطف معها على مجيئها لرؤيتها فهتفت قائلة:
–خلاص بكرة إن شاء الله نقضى اليوم مع بعض لأن كوكى هتفرح أوى لما تشوفك وكمان أيسر يتعرف على جوزك ماشى سبيلى عنوان الفندق وبكرة إن شاء الله نيجى وأفرجك على مصر قبل ما تسافرى
تركت كارلا مقعدها تبتسم بوجهها وضعت حقيبتها على ذراعها ،ورفعت إحدى خصلاتها المتمردة خلف أذنها قائلة:
–تمام يا ثراء هستناكى عنوان الفندق...... وكمان رقم التليفون اللى بستعمله هنا.....باى ثراء أشوفك بكرة ومتنسيش تجيبى معاكى كوكى
مثلما تقابلن أفترقن واضعة كل منهم قبلة على وجنة الأخرى ،لوحت كارلا بيدها لها وأنصرفت، بعد دقيقة واحدة ولج أيسر يحمل بيده عدة أوراق فحدق بزوجته قائلاً بغرابة:
–مين اللى كانت عندك دى أول مرة أشوفها هى عميلة جديدة دى ولا إيه
ردت ثراء قائلة على ما سألها إياه:
–دى كارلا صاحبتى من لندن كانت معايا فى الكلية
قصت له ثراء كل ما يخص معرفتها بكارلا تخبره بعلاقتها الوطيدة التى ربطتها بها بالأعوام التى قضتها بمدينة الضباب وأخبرته أيضاً بشأن دعوتها لها ولزوجها لقضاء يوم بالتنزه قبل عودتها لبلادها مرة أخرى
أبدى أيسر موافقته على ما قالته فوضع الأوراق أمامها قائلاً:
–دى كشوف حسابات البنك النسخة بتاعتك أهى ونسخة شهاب بعتها على مكتبه
زفرت ثراء قائلة بإرهاق:
–أنا تعبت من مراجعة الكشوفات والحسابات والصفقات وكل حاجة بتنتهى بالأت دى
مطت ذراعيها أمامها تتثائب فأستندت برأسها على طرف مقعدها فندت عنها زفرة قوية:
–ما تيجى نروح بقى يا حبيبى علشان عايزة أنام
أنحنت بجزعها للأمام فأستندت بذراعيها على حافة مكتبها تضع رأسها عليهم تغمض عينيها فغمغمت قائلة:
–يلا بينا نروح بقى بلا شغل بلا بتاع النهاردة كفاية علينا كده نقفل الشركة بدرى ونروح
جلس أيسر على حافة المكتب بجوارها قائلاً بضحكة عالية:
–هو إحنا فاتحين دكان علشان زهقتى وعايزة تقفليه وتروحى تنامى يا ثراء
فتحت إحدى عينيها تحدق به قائلة:
–بجد تعبت النهاردة يا أيسر شغل و كمان مشاوير ضحى اللى كل يوم سحلانى وراها فى حتة دا خلاص الفرح بعد كام يوم دا أنا حاسة أن هنام بعد الفرح شهر على بعضه
داعب أيسر وجنتها قائلا بحنان:
–خلاص يا نور عيونى روحى إنتى وأنا لما أخلص شغل هنا هرجع على البيت روحى كمان علشان مليكة متبقاش لوحدها
تحاملت على جسدها وتركت مكانها فأخذت حقيبتها تتهيأ للإنصراف ،رأى أيسر أنها حقاً تشعر بالارهاق الذى بدا ظاهراً على ملامح وجهها الجميلة فهتف بها قائلا:
–أستنى يا ثراء نروح سوا أنتى شكلك نايمة على نفسك خالص
أقتربت منه تستند عليه فأومأت برأسها عدة مرات قائلة:
–أنا نفسى بجد أنام حاسة أن فصلت شحن
طوقها بذراعيه ،فهدأ زفيرها المرهق فخشى أن يغلبها النعاس وهى تقود سياراتها وتتسبب بإيذاء نفسها فترك الشركة هو الآخر يأخذها معه بسيارته فأستندت برأسها على كتفه يداهمها النعاس الذى لم تعد جفونها قادرة على مقاومته لتغط بنوم عميق قبل وصولها إلى المنزل
_________
رتبت ضحى ثيابها بتلك الحقائب الموضوعة على فراشها فبعد أيام قلائل ستترك هذا المنزل لتذهب لمنزل زوجها ،تساقطت دمعة من عينيها وهى تحمل تلك الصورة بداخل الإطار الخشبى المطلى بلون الذهب ،تحسست الصورة بيدها تدمدم بحزن:
–كان نفسى تبقى معايا فى يوم زى ده يا ماما الله يرحمك
قربت الصورة من شفتيها فقبلتها لتعاود وتضمها بين ذراعيها كأنها تحتضن والداتها التى رحلت عن العالم قبل أن تعيش ضحى برفقتها وقت أطول عن تلك الأعوام العشرة التى بلغتها وقت وفاتها تاركة إياها بكنف والدها
ولج منير الغرفة بإبتسامة سرعان ما تلاشت عندما لمح دموع إبنته ووقع بصره على صورة زوجته الأولى لاسيما أنه كان سبباً فى رحيلها ،خشى أن تكون إبنته مازالت تحمل له ضغينة بقلبها حتى وإن مازالت تعامله بود ورفق وإحسان ،يخشى التفكير أنها تفعل ذلك من منطلق البر به
رفعت ضحى رأسها فمسحت عيناها بكف يده تبتسم له قائلة:
–مالك يا بابا واقف ليه كده
تتبعت نظرته فوجدته ينظر للصورة بيدها فعلمت ما يفكر به وخاصة صمته ،فتركت الصورة من يدها تقترب منه تناولت كفيه تقبلهم بمحبة قائلة بهدوء:
–بابا مش عيزاك تفكر أن أنا زعلانة منك أو أن أنا فى حاجة فى قلبى من ناحيتك لاء يا بابا طمن قلبك أنت بابا وسندى وكل حاجة حلوة فى حياتى ومفيش إنسان فى الدنيا دى إسمه مبيغلطش كلنا بنغلط وربنا بيسامح أه ممكن أكون زعلانة أن ماما مش هتبقى معايا فى أهم يوم فى حياتى بس برضه مبسوطة وسعيدة أنك جمبى يابابا
إحتضنها والدها يربت على ظهرها بعطف وحنان تلتمع بعيناه الدموع قائلاً:
–ربنا يسعدك يا حبيبتى ،وأنتى يا ضحى الحاجة الحلوة اللى طلعت بيها من الدنيا ربنا ما يحرمنى منك ابداً وربنا يطمنى عليكى يارب خلاص فاضل يومين وهتسبينى يا ضحى وتروحى بيت جوزك
فصغيرته قريباً ستتركه وتذهب لزوجها فتلك الفراشة التى راعها منذ مجيئها لهذا العالم أصبحت الآن مستعدة لترك كنفه لتصبح بكنف رجل أخر تحمل إسمه وتنجنب له أطفالاً يسعى هو لحمايتها ودلالاها مثلما كان يفعل هو معها ،فدائما ما تبحث الفتاة عمن يشبه أباها ،فالفارس الأول بحياة الفتاة هو والدها تسعى أن تجد رجلاً يحمل صفاته وأن يصبح لها سنداً وعوناً يُقيها نوبات الدهر ،يصبح كالجدار الأمن الذى تتوارى خلفه من مشقات الحياة
____________
صف أيسر سيارته أمام ذلك الفندق الذى أخبرته زوجته بعنوانه لمقابلة صديقتها ،نظر بجانبه لثراء التى أخرجت هاتفها تبحث عن ذلك الرقم الذى تركته لها كارلا بالأمس، وضعت الهاتف على أذنها حتى جاءها الرد على الطرف الآخر قائلة:
–أيوة يا كارلا أنا ثراء وأنا تحت فى العربية قدام الفندق
ردت كارلا قائلة:
–تمام ثراء دقايق ونازلين
أغلقت ثراء الهاتف وحدقت بطفلتها التى أغرقت وجه والدها بالقبلات فهى لم تكف عن تقبيله منذ مجيئهم فتبسمت قائلة:
–أنتى بتعملى ايه يا مليكة كفاية بقى اللى بتعمليه ده
وضعت مليكة قبلة على وجنة أيسر قائلة:
–بحب بابى يا مامى وبحب أبوسه كتير مش كده يا بابى
قبل أيسر رأس الصغيرة بحنو بالغ قائلاً:
–وبابى بيموت فيكى يا قلب بابى شكل أمك غيرانة منك يا كوكى
شهقت ثراء بخفوت على نعته لها بالغيرة، فإن غارت هى من نساء العالم أجمع فلن تغار من عشق صغيرتهم له كما تعشقه هى، ولكن ربما فى بعض الأحيان تشعر بالانزعاج الطفيف من إستئثارها بإهتمامه
فنظرت ثراء من نافذة السيارة قائلة بعدم إكتراث مصطنع:
–وأنا هغير منها ليه إن شاء الله أخلف ولد ويحبنى هو كمان وأنت تغير منه لما تلاقينى طول الوقت معاه وخليك أنت بقى مع الست كوكى
مسد أيسر على رأس مليكة قائلا بابتسامة:
–مليكة حبيبة قلبى عندى بالدنيا كلها بس ده ميمنعش يعنى أن هحب أخواتها زيها بس علشان هى البكرية بيبقى ليها مكانة خاصة بس أعمليها أنتى بس يا ثراء وخلفى وأوعدك أن هحبهم كلهم زى بعض أنتى مش كنتى بتقولى عايزة تخلفى منى عيال كتير والبيت يبقى فى أوض كتير علشان خاطر ولادنا
ماسبب تلك الحرارة التى تشعر بها هل حرارة الجو فى ذلك اليوم الصيفى أم حرارة الخجل الذى تشعر به من تذكيره إياها بأمانيها التى رسمتها ليكون هو طرف أخر بها فتلك الأمنية نبعت من رغبتها فأن يصبح لديها أطفال كُثر منه لتراه بكل وجه من وجوههم ويحمل كل منهم صفة من صفاته وأخلاقه
تنحنحت قليلاً تجلى صوتها قائلة:
–هى كارلا أتأخرت كده ليه
أرادت أن تزوغ من نظراته التى ترمقها بعبث نبع من رغبته بمشاكستها وإثارة خجلها ،دقائق ولمحت خروج كارلا إليهم تتأبط ذراع زوجها ذلك الرجل الثلاثينى ذو الملامح الانجليزية الخالصة من بشرة بيضاء وشعر أشقر وعيون زرقاء يرتدى نظارة طبية أضفت على وجهه لمسة عملية ،ترجلت ثراء وزوجها وطفلتها من السيارة
فركضت مليكة تجاه كارلا صارخة بصوت طفولى:
–كاااارلا
تلقت كارلا مليكة بين ذراعيها ترفعها عن الأرض تقبلها على وجنتيها قائلة:
–كوكى وحشتينى أوى كده ترجعى أنتى وأمك مصر وتنسونى نسيتوا العيش والمكرونة اللى كنا بناكلها مع بعض
تفكهت كارلا بجملتها تثير ضحكات الحضور فزوجها الآخر تبسم ضاحكاً رغم جهله بما قالته
تقدم جون قليلاً من أيسر يصافحه قائلاً:
–أهلا سيد أيسر كيف حالك علمت من زوجتى أنك زوج ثراء فأنا أتذكرها جيداً فهى كانت الفتاة العربية الوحيدة التى تصادقت مع تلك المشاغبة التى أصبحت تسمى زوجتى الآن
رد أيسر باسماً:
–أهلا بك سعيد بمقابلتك أتمنى لك قضاء وقت ممتع برفقتنا اليوم
أدار أيسر محرك السيارة بعد إتخاذ كل منهم مقعده، قضوا نزهة بين المعالم السياحية بالقاهرة ،وظلت مليكة تركض أمام ثراء وكارلا ،يتبعهم أيسر وجون يتحدثان حول بعض الأمور الخاصة عن التاريخ وأيضاً بسوق العمل فكلاهما يحمل شهادة الدكتوراة بإدارة الأعمال ،استمرت النزهة حتى مغيب الشمس فأكملوا نزهتهم بتناول العشاء بأحد المطاعم ببرج القاهرة كوداع لكارلا وجون قبل رحيلهم للندن بالصباح الباكر ، وصلوا للفندق المقيمين به فترجلوا من السيارة
اقتربت كارلا من ثراء تحتضنها بإمتنان قائلة:
–شكراً يا ثراء على الفسحة الجميلة دى والوقت الحلو اللى قضناه مع بعض اشوف وشك بخير ومش عيزاكى بقى تنسينى تكلمينى على طول فى التليفون ماشى
أومأت ثراء برأسها قائلة:
–حاضر يا كارلا توصلوا بالسلامة إن شاء الله مع السلامة
قبلت كارلا مليكة وصافح أيسر جون ،فولجوا للداخل وأخذ أيسر زوجته وإبنته عائدين لمنزلهم
___________
وضع أمير يده بيد خال سما لعقد القران فردد خلف المأذون ما يخبره به حتى أنتهى مما يقول وأُعلن أن تم عقد القران أطلقت الزغاريد بالمنزل
فتقدمت والداتها منها تقبلها على وجنتيها قائلة بحب:
–ألف مبروك يا حبيبتى مليون مبروك يا سما ربنا يتمم بخير يارب
دمدمت سما بصوت منخفض:
–الله يباركلى فيكى يا ماما
فهى تريد معجزة إلهية حتى ترفع رأسها لتنظر لذلك الذى أصبح يسمى الآن زوجها فكم يتحين هو تلك اللحظة التى يجلس بها معها بمفردهم ويخبرها بتلك الكلمة التى تحرق جوفه الآن راغبة فى الإنطلاق وأن تصيب مسامعها لعلها تشعر بما يشعر به من سعادة كونه ظفر بها بالأخير
ربتت سوزان على كتف أمير فنهض من مكانه فاقتربت منه تقبله على وجنتيه بسعادة غامرة:
–ألف مبروك يا حبيبى ربنا يسعدك يارب ويتمم بخير يا أمير
أخذ أمير يد والدته يقبلها بحب قائلاً:
–تسلميلى يا ماما وربنا ما يحرمنى منك أنتى وبابا
اقترب من والده يقبل يده هو الآخر فربت فهمى على كتف أمير بحنان قائلاً:
–مبروك يا حبيبى عقبال ما أفرح بولادك ويتربوا فى عزى
أفتر ثغر أمير عن إبتسامة من حديث والده فأنصرف الحضور تباعاً ،فوجدت سما نفسها بمفردها معه بغرفة الصالون فوالدتها ذهبت لتحضير طعام لهم
رأت أمير يترك مقعده ليقترب من المقعد المجاور لها فهتفت به قائلة:
–أنت قومت ليه من مكانك
رفع أمير إحدى حاجبيه قائلا:
–إيه هقعد على الكرسى ده عاجبنى أكتر ثم دلوقتى عادى أقعد جمبك مفيهاش حاجة أنتى دلوقتى مراتى حتى لو كقت فى دماغى أخدك معايا وأنا مروح محدش يقدر يقول حاجة بس طبعاً مش هعمل كده لأن هموت وأشوفك بالفستان الأبيض
–بعد الشر عليك
قالتها سما بسرعة فشعرت برعونة تصرفها من بيان خوفها من أن يصيبه مكروه ولكن فكرت فهو مثلما أخبرها أنها أصبحت الآن زوجته فلا تخشى ان تظهر له ما تكنه له بقلبها
زادت إبتسامته إتساعاً قائلاً:
–أنتى خايفة عليا يا سما
رفعت يدها تحك جبهتها بحرج قائلة:
–أه فيها حاجة لما أخاف على جوزى يعنى هو حرام
–بقولك إيه يا سما إحنا نتجوز الشهر الجاى قولتى إيه
قالها أمير فجأة فنظرت له سما بغرابة وعقدت حاجبيها بتفكير فحسم الأمر مستطرداً:
–أنا الصراحة حبيتك وشايف أنك أنتى كمان ممكن تكونى حسيتى بحاجة من ناحيتى وإحنا كتبنا الكتاب فملوش لازمة أن نفضل ٣ شهور على ما نعمل الفرح خير البر عاجله ومتفتكريش أن رجعت فى كلامى معاكى أو خلفت وعدى أن هستناكى ٣ شهور بس علشان عايزك تيجى تنورى بيتى وحياتى
ردت سما بتلعثم واضح:
–ببس مش عارفة ماما هتقول إيه لما تلاقيك رجعت فى كلامك معاها فخلينا على ميعادنا زى ما احنا على الاقل تدينى فرصة أعرفك فيها كويس
أحترم أمير رغبتها فرد قائلاً:
–خلاص يا سما زى ما تحبى و أنا مش هغصب عليكى توافقى المهم أنك بقيتى ليا ومن نصيبى وأحلى نصيب ده ولا إيه
أفلتت إبتسامة منها ففرت هاربة من الغرفة وهو يضحك من قلبه على فعلتها فحقاً حظه تلك المرة وفير بأنه رأى بعينها ما كان يبحث عنه أن يرى خوف وحب تخصه بهما
__________
بعد يومين فقط..إستطاع أيسر أن يفى بوعده لزوجته من أن يعثر على المكان المناسب لذلك المتجر الصغير الذى ينوى إفتتاحه من أجل عفاف وأن يتم تجهيزه بالكامل بكافة البضائع اللازمة له
وقفت ثراء بجانب زوجها وطفلتها تتابع تلك السعادة التى ملأت وجه عفاف من رؤية ذلك المتجر
فألتفتت إليها تقترب منها تحاول تقبيل يدها قائلة ببكاء:
–أنا مش عارفة أقولك إيه يا ست ثراء على المعروف والجميل اللى عملتيه معايا أنتى والبيه ربنا يباركلكم فى بنتكم يارب ومتشفوش حاجة وحشة أبدا فى حياتكم
سحبت ثراء يدها سريعاً قبل أن تمسها عفاف بشفتيها فزجرتها بلطف قائلة:
–إيه اللى بتعمليه ده يا عفاف،ومتنسيش أن أنتى برضه غالية عليا
أبتسم أيسر لعفاف قائلاً بهدوء:
–التاجر اللى هتتعملى معاه راجل كويس أوى وأنا اضمنه ولو عوزتى اى بضاعة قوليله وهيبعتلك كل اللى أنتى محتجاه وإن شاء الله يبقى فاتحة خير عليكى وعلى أولادك
–أنا والله مش عارفة أقولكم إيه على كرمكم ده معايا
عجزت عفاف عن إيجاد الكلمات المناسبة التى توفى حقهم بالشكر والثناء،ناولها أيسر المفتاح الخاص بالمتجر وبعد مرور ساعة تقريباً بعد أن اطمئنت ثراء عليها ،هبت واقفة تشير لزوجها بالانصراف ،تتبعهم نظرات عفاف الممتنة تغمغم بصوت خافت تشكر الله على ما رزقها إياه جاعلاً ثراء وأيسر سبباً فى ذلك
بمطار القاهرة الدولي..
ترقب حسام وصول تلك الطائرة التى تحمل على متنها رضوان وسميرة بعد تأديتهم مناسك العمرة ببلد الله الحرام فاليوم هو اليوم المفترض به وصولهم لمصر ،فحضر كل من حسام وزوجته وجمال وفيروز لإستقبالهم بالمطار
نظر حسام لساعة معصمه قائلاً:
–هى الطيارة أتأخرت كده ليه مش المفروض تكون وصلت من نص ساعة
ربتت ميرا على ذراعه قائلة بابتسامة:
–يعنى أنت مش لسه سامع أنهم أعلنوا ان الطيارة اتأخرت فى الوصول وخلاص زمانهم هيوصلوا دلوقتى إهدى بقى وترتنا معاك يا حسام
رد حسام قائلاً بصوت منخفض:
–وحشونى يا مهلبية أوى أى ينعم انت يا قمر منسينى نفسى بس مرمر وحشتنى أوى وخصوصاً وهى بتقولى يا واد يا حسام
شهقت ميرا بخفوت واتسعت عيناها قائلة:
–حسام ايه اللى بتقوله ده أحترم نفسك احنا فى المطار
حدقت فيروز بحسام وميرا فعاودت النظر لزوجها الجالس بجانبها فهتفت قائلة:
–أنت عارف يا جمال لما ببص لحسام وميرا ولا لثراء وأيسر بفتكر أيام ما كنا صغيرين ،لما شوفت وحبيتك وأنا مبسوطة أوى ان ولادى كمان لقوا الحب اللى لقيته معاك ربنا ما يحرمنى منك ابدا يارب
ربت جمال على يدها بحنان فتبسم بوجهها قائلاً:
–ولا يحرمنى منك يا فيروز يافرحة عمرى كله
–وااد يا حسام
صاحت بها سميرة ملوحة بيدها ، فركض إليها حسام يرتمى بين ذراعيها يقبل يديها ورأسها يتمتم بسعادة قائلاً
–مرمر وحشتينى أوى أوى حمد الله على السلامة
ترك حسام سميرة التى أقتربت منها ميرا تقبلها وتناول يد رضوان يقبلها بحنان قائلاً:
–جدى حمد الله على السلامة
دمعت إحدى عينى رضوان قائلا:
–الله يسلمك يا حبيبى وحشتنى يا حسام كان نفسى تبقى معانا
أقترب جمال يصافح رضوان قائلا:
–إن شاء الله المرة الجاية هنبقى كلنا يا حاج رضوان
شد رضوان على يد جمال بحرارة وإمتنان:
–تسلم يا ابنى على كل اللى عملتوه معانا وكرمكم معانا السنين اللى فاتت دى كلها
أقتربت فيروز باسمة :
–متقولش كده يا حاج رضوان إحنا لو عيشنا الباقى من عمرنا مش هنقدر نوفى جميلكم علينا من حبكم ورعايتكم لحسام إبننا وأنتوا نور بيتنا وبركته كمان ويلا بقى دا أنا عملالكم أكل هتأكلوا صوابعكم وراه
ردت سميرة قائلة:
–تسلم إيدك وأنا جبتلكم هدايا من هناك جميلة أوى وأنت يا واد يا حسام كلم الواد أيسر يجيب ثراء ويجى علشان جبتلهم هدايا معايا
قرص حسام وجنتها قائلا:
–هو إحنا كلنا ولاد عندك كده يا مرمر ها ومعلش أيسر عنده شغل كتير النهاردة واعتذر أنه معرفش ييجى بس كان هييجى البيت علشان يشوفكم
صفعت سميرة يده الموضوعة على وجنتها بخفة قائلة:
–أه أنتوا هتفضلوا عيال كده فى عينيا على طول ربنا يباركلى فيكم
تأبط حسام ذراعها تسير بجواره بخطواتها الوئيدة حتى وصلوا للخارج ،فوضع حقائبهم بسيارته وأنطلق بها بعد تأكده من جلوسهم بالمقعد الخلفى وجلوس زوجته وطفله بالمقعد المجاور له تتبعه سيارة والديه
فى المساء..وصل أيسر وثراء ومليكة لمنزل عمه جمال يقوده شوقه فى رؤية رضوان وسميرة
ولج للداخل يهتف بشوق قائلاً:
–جدى مرمر وحشتونى أوى أوعوا تكونوا نسيتوا تتدعولى أحسن أزعل
ترك رضوان مكانه فأقترب منه أيسر يضمه بحنان يربت على ظهره قائلاً :
–وأنا برضه أقدر أنساك يا أيسر دعيتلك كتير ربنا يتقبل إن شاء الله
أعلنت فيروز عن تجهيز المائدة بأشهى المأكولات التي أعدتها هى إحتفالاً بعودة رضوان وسميرة ومن أجل تناول عشاء عائلى وسط الضحكات والابتسامات والدعابات التى لم يكف حسام عن قولها تذكيراً ببعض المواقف التى حدثت بينه وبين أيسر عندما كانوا صغاراً
فهتف قائلا بضحكة عالية:
–فاكر يا أيسر لما كنا بنسرق العجلة بتاعت الواد اللى كان ساكن تحتينا
فتبسم أيسر ضاحكاً:
–الله يكسفك يا حسام مبتفتكرش اللى الذكريات المنيلة أفتكر حاجة عدلة
ردت ثراء قائلة:
–أنتوا على كده كنتوا بلطجية بقى
تنحنح حسام يجلى صوته قائلاً:
–دا إحنا كنا فتوات كمان والله الواد كان بيصعب عليا لما يعيط وأحنا مرجعين العجلة مبوظينها يلا ربنا يسامحنا بقى على عمايلنا السودة دى كنا أطفال شريرة أوى
إستمر حسام فى سرد ذكرياتهم التى أشعرتهم بعضها بالخجل من تصرفاتهم الطفولية ولكن تلك هى طبيعة حسام إذا بدأ بالتفكُه بنوادره لا يستطيع أحد كبت ضحكته على ما يقول
__________
حملت ثراء طفلتها تتراقصان على أنغام الموسيقى العالية بمنزل ضحى فاليوم " الحنة" التى أقيمت للنساء فقط لأخذ حريتهن
طوقت مليكة عنق ثراء قائلة برجاء طفولى:
–مامى أنا عايزة أرسم على إيدى زى طنط ضحى
تبسمت ثراء على قولها فأقتربت من تلك المرأة السمراء التى تنقش بالحناء على يد ضحى فسألتها قائلة:
–ممكن بعد ما تخلصى لضحى ترسمى للبنوتة دى على إيدها
–من عينيا يا حبيبتى
هتفت بها المرأة مبتسمة وهى تدندن بأغانى نوبية ،رفعت ضحى رأسها لثراء قائلة:
–حلوة الحنة على إيدى يا ثراء
ربتت ثراء على وجنتها قائلة بحب:
–جميلة أوى يا قلبى هو أنتى وكوكى ترسموا حنة وأنا لاء أنا مليش دعوة عايزة أرسم حنة أنا كمان
قالتها ثراء ممازحة وهى تجلس بجوار ضحى بإنتظار دورها فأقتربت ميرا هى الأخرى تصيح بصوتها الناعم:
–وأنا كمان هرسم حنة أنا أخوكى ضحك عليا ومعملتش حنة
ملأت الضحكات أفواههن، سرى إلارتياح بخلاياها من معاملة ميرا ولبنى معها فهى كانت تخشى أن ينشأ بينهن جدار من عدم توافقهن الطبقى ولكن هى تراهن الآن يعاملنها بمودة وحب جعل الخوف ينقشع عن قلبها يسكنه الطمأنينة والسكينة
باليوم التالى .....بغرفة فارهة بإحدى الفنادق الفخمة ،وضعت أخصائية التجميل اللمسات الأخيرة على وجه ضحى ،فدمعت عين ثراء بسعادة فأقتربت منها تنحنى بجزعها قليلاً للأمام تضع يديها على كتفيها تنظر لصورتهن معاً بالمرآة
قبلتها على وجنتها قائلة بسعادة:
–مبروك يا ضحى ربنا يتمملك بخير ويسعدك يارب أجمل عروسة فى الدنيا
رفعت ضحى يدها تربت على يد ثراء الموضوعة على كتفها فملأت الدموع عينيها فتحشرج صوتها قائلة:
–الله يبارك فيكى يا ثراء يأحلى وأجمل أخت وصاحبة وبنت أكابر فى الدنيا
لمحت ثراء الدموع بعينيها فقرصت وجنتيها بدعابة قائلة:
–بس بقى أوعى تعيطى وتبوظيلنا الدنيا زمان شهاب مستنى على نار تحت هو والمعازيم مش عايزين نتأخر عليهم
تبسمت ضحى تمنع الدموع من الانزلاق من عينيها ولكنها لم تستطيع منعها إذ لمحت والدها يلج الغرفة بإبتسامة تغشاها الدموع وهو يتمتم بسعادة غامرة قائلاً:
–يلا يا عروستنا الحلوة علشان ننزل جاهزة
تركت ضحى مقعدها أمام المرآة تقترب من والدها فأرتمت بين ذراعيه يضمها هو بحنان وعيناه فاض بها الحنان فذرف دموع الفرح والسرور من رؤية إبنته ترتدى ذلك الثوب الأبيض الذى ستزف به لزوجها فهو أنتظر هذا اليوم منذ أن كانت تلهو بدميتها لتصبح الآن عروس
تأبطت ضحى ذراع والدها تسير خلفها ثراء تحمل طرف وشاحها الأبيض تلقى فيروز ببتلات الورد على ضحى التى أمتنت كثيراً لقيامها بدور والداتها بهذا اليوم الهام بحياتها
وصلوا أمام القاعة ففتح الباب على مصراعيه تتعالى أصوات التصفيق من الحاضرين وصدح صوت الأغانى
أسرع شهاب الخطى يقترب منهم وعيناه علقت بتلك الحورية وثوبها الأبيض الذى مازاده جماله سوى حياءها وخجلها ،مد يده اليمنى لها ،فوضع منير يد إبنته بيد شهاب قائلاً:
–مبروك وخلى بالك منها دى أغلى ما عندى فى دنيتى يا إبنى
– دى ضحى فى عينيا وقلبى يا عمى منير متقلقش عليها
قالها شهاب بوعد صادق بالحفاظ عليها وأن يكون لها خير زوج وسند بحياتها المقبلة بدأ حفل الزفاف ملأت السعادة قلوب الحاضرين ، أخذ شهاب يد ضحى لمنتصف القاعة وبدأ بالرقص على أنغام الموسيقى الهادئة ليتبعهم كل زوجين من الحضور
وضعت ثراء يديها حول عنق زوجها تقترب من أذنه هامسة:
–أيسر فى حاجة عايزة أقولهالك......
قبل أن تكمل قول ما تريد سمعا صوت يأتيهم من جوارهم يهتف بهم قائلا:
–أزيكم أخباركم إيه..
حدق أيسر وثراء كل منهم بالآخر ليعاودا الاستدارة برؤوسهم لمصدر الصوت
