أخر الاخبار

رواية وانهمرت دموع الورد الفصل التاسع


رواية  وانهمرت دموع الورد 

بقلم بتول علي

الفصل التاسع

وصل قاسم بسيارته بالقرب    من منزل منذر ، فتطلعت ورد إلى المنزل الذي كان مألوفا جدا بالنسبة      لها وهبطت من السيارة واقتربت من البيت فلحق بها قاسم بسرعة ؛ لأنه خشي عليها من هؤلاء الناس.


شعرت ورد بيد رقيقة تسحبها إلى ركن معزول فرفعت بصرها ونظرت إلى صاحبة تلك اليد قائلة باستغراب:


-"أنتِ مين ، وليه سحبتيني كده من إيدي؟!"


احتضنتها فداء ورددت بفرحة:


-"أنا مش مصدقة أني شايفاكِ      قدامي يا ورد ، أنا كنت مفكرة أن منذر قتلك بس الحمد لله أنتِ طلعتِ عايشة".


اقترب قاسم منهما ونظر إلى فداء وقال:


-"أنتِ تبقي فداء أخت منذر مش كده؟"


رمقته فداء بتعجب ثم وجهت سؤالها إلى ورد:


-"مين ده يا ورد؟!"


صمتت ورد ولم تعرف بماذا تجيب فهتف قاسم بهدوء:


-"أنا أبقى جوز المرحومة ياسمين أخت مدام ورد".


رددت فداء بذهول:


-"أخت ورد!! وهي ورد من إمتى      عندها أخوات غير أشرف صاحب منذر!!"


نظر قاسم حوله يرى إذا كان هناك من يسترق السمع ثم هتف بهدوء بعدما اطمئن أنه لا يوجد أحد يتابع حديثهم:


-"ده موضوع طويل ومحتاج شرح ومش هينفع نتكلم هنا ، ياريت تتفضلي معانا يا آنسة فداء نروح نتكلم في أي مكان بعيد عن المنطقة وأنا هفهمك كل حاجة".


سارت فداء معهما وصعدت إلى سيارة قاسم الذي انطلق بسرعة قبل أن يراهم أحد.


وصل قاسم إلى أحد المطاعم الفاخرة وجلس برفقة ورد وفداء وشرح أمامهم كل شيء فخرجت الكلمات بنبرة متعجبة من شفتي فداء التي لا تزال غير قادرة على استيعاب تلك الحقائق التي سمعتها: 


-"يا خبر أبيض ، أنا مش قادرة     أصدق الكلام اللي أنا بسمعه ده ، معنى كده أن ورد مش أخت أشرف وعشان كده هو فرط فيها بسهولة جدا ومسألش عليها".


استكملت فداء بجدية وهي تمسك هاتفها:


-"أنت قولت دلوقتي أن أخوك لما لقى ورد مرمية في الطريق هي كانت مضروبة ومتبهدلة ومكنش معاها أي دهب ، أنا لازم أكلم الرائد مجدي وأقوله على كل حاجة".


تحدثت فداء مع مجدي وأخبرته بكل شيء فطلب منهم أن يحضروا إلى قسم الشرطة حتى يأخذ أقوالهم فذهبوا بالفعل إلى القسم وتحدث قاسم أمام مجدي بجميع التفاصيل.


زفر مجدي وهتف بجدية:


-"احنا دلوقتي بقينا متأكدين أنهم حاولوا يقتلوا مدام ورد وعشان يخبوا جريمتهم اتهموها أنها سرقتهم وهربت مع عشيقها ولو واجهناهم دلوقتي هينكروا وهيقولوا أن ممكن يكون العشيق ده هو اللي ضرب ورد وسرق الدهب وهرب".


هتفت ورد بغيظ تملكها من تلك العائلة الحقيرة التي تستحق أن يتم حرقها:


-"المشكلة دلوقتي أننا مش      عارفين لحد دلوقتي هما خبوا الدهب فين".


حك قاسم ذقنه وقال:


-"مش مهم نعرف مكان الدهب ، المهم دلوقتي أننا نثبت أنهم حاولوا يقتلوكِ وأن موضوع الدهب ده مجرد ادعاء منهم عشان يخفوا جريمتهم".


هزت ورد رأسها قائلة بمكر فهي على الرغم من عدم تذكرها لماضيها إلا أنها سوف تنتقم من العائلة التي عذبتها بشدة فقد شهدت أثار هذا العذاب على جسدها المشوه بالندبات:


-"عندك حق يا قاسم وأنا عندي فكرة ممكن أجيب بيها الدليل بس هحتاج مساعدة فداء".


هتف مجدي بتساؤل:


-"ممكن أعرف إيه الفكرة اللي ح     ضرتك بتفكري فيها يا مدام ورد؟"


تحدثت ورد وشرحت الفكرة أمام الجميع فابتسم قاسم بإعجاب على ذكاء ورد بينما هتف مجدي بانبهار:


-"دي فكرة ممتازة جدا بس هنحتاج إذن من النيابة ده غير أننا هنعتمد بشكل كبير جدا على الآنسة فداء".


نظرت ورد إلى شقيقة زوجها تنتظر ردها فحركت فداء رأسها وقالت:


-"وأنا موافقة ومستعدة للمساعدة ، جهز أنت يا حضرة الظابط إذن النيابة عشان التسجيل يبقى قانوني وأنا هظبط كل حاجة عندنا في البيت عشان ورد تقدر تدخل وتواجه منذر من غير ما حد يشوفها".


عادت فداء إلى المنزل بعد مرور    عدة ساعات من الحوار الذي دار بينها وبين ورد في القسم ثم دلفت إلى المطبخ وقامت بتحضير عصير مانجو ووضعت     به مادة مخدرة ثم خرجت إلى الصالة وهتفت بابتسامة بعدما استدعت والدتها وشقيقتها نعمات:


-"اتفضلوا يا جماعة ، أنا لقيت المانجو رخيصة النهاردة فاشتريت شوية وعملت عصير للكل".


تناولت سامية كأسها وفعلت نعمات المثل ، نظرت لهما فداء وأردفت بهدوء بعدما تأكدت من شربهما للعصير:


-"أنا هطلع لمنذر شقته عشان أديله      الكوباية بتاعته وهنزل على طول".


صعدت فداء إلى شقة منذر دون      أن تنتظر ردهما وقبل أن تطرق الباب أخرجت من جيب سترتها مخدر يختلف نوعه عن الذي وضعته في كأس سامية ونعمات.


وضعت فداء المخدر في كأس العصير وقلبته جيدا ثم طرقت باب الشقة ليفتح لها منذر الذي رمقها باستغراب فهتفت بسرعة وهي تعطيه الكأس:


-"ده عصير مانجو احنا عاملينه تحت ، اشربه بسرعة وهات الكوباية والصينية عشان أغسلهم".


-"ماشي".


تناول منذر الكأس وشرب العصير كله ثم أعطى شقيقته الصينية وأغلق باب الشقة.


هبطت فداء إلى الأسفل وكما توقعت فقد نامت كل من والدتها وشقيقتها ، سارت فداء نحو المطبخ      وغسلت الأكواب جيدا ثم توجهت إلى الصالة وقامت بفصل الكهرباء عن المنزل بأكمله.


فتحت فداء البوابة لورد وقامت بإدخالها وأعطتها مفتاح شقة منذر وهي تقول:


-"منذر موجود فوق في الشقة وزمان المخدر عمل معاه مفعول وهتلاقيه دلوقتي مسطول ومش       قادر يتحرك وده هيساعدك في أنك تاخدي منه كل الاعترافات اللي أنتِ عايزاها وفي نفس الوقت تضمني أنه مش هيأذيكِ".


قامت ورد بإشعال المصباح الذي تحمله في يدها ثم صعدت إلى الشقة ودلفت إليها ووجدت منذر يجلس فوق الأريكة ويغمض عينيه بشكل جزئي ولا يستطيع تحريك بدنه.


ارتعش جسد منذر بشدة واتسعت عيناه عندما رأى ورد تحمل المصباح وتقف أمامه بهيئتها المرعبة فقد كانت ترتدي فستانا من اللون الأسود وتضع مكياجا مرعبا ومخيفا على وجهها وأنياب صناعية فوق أسنانها تضغط بهما على فمها الذي يتدلى منه سائل أحمر قاني يشبه الدماء.


نظرت ورد إلى أركان الشقة    وهتفت بلهجة مخيفة مرددة الكلمات التي حفظتها من فداء:


-"ده المكان اللي أنت قتلتني فيه بإيدك وسيبت دمي يتصفى قدامك من غير شفقة أو رحمة ودلوقتي جيت ساعة حسابك يا ظالم".


غطى العرق جبين منذر الذي حاول أن يتحرك ولكنه لم يستطع كما أنه كان مغيبا بشكل جزئي عن الواقع.


اقتربت ورد خطوتين فتمتم بفزع:


-"أرجوك بلاش تقتليني يا ورد ، أنا أسف والله صدقيني أنا ندمان على كل حاجة عملتها فيكِ".


حاول منذر أن يصرخ ويستنجد    بالناس ولكن صوته كان ضعيفا للغاية فضحكت ورد بصوت مخيف بث الرعب أكثر في قلب منذر:


-"ندمان على إيه ولا إيه ، أنا ممكن أسامحك في حالة واحدة بس وهي أنك تقول وتعيد قدامي كل البلاوي اللي عملتها فيا ؛ لأني ساعتها بس هحس أنك ندمان وعايز تكفر عن ذنبك".


غمغم منذر بصوت مرتعش وهو يقاوم الدوار الذي يشعر به:


-"ندمان أني كنت بضربك وندمان     على قتلك وندمت أني سمعت كلام ماما ونعمات وخلصت من جثتك بعد ما رميتها بمساعدة أمي في حتة قريبة من الطريق الصحراوي".


خشَّنت ورد صوتها وهي تصرخ في وجهه بغصب:


-"ومش ندمان أنك اتهمتني بسرقة الدهب وقولت للناس أني هربت مع عشيقي وأنت عارف كويس أني محترمة ومش بمشي على حل شعري".


هز منذر رأسه وهتف بصوت متلجج:


-"أنتِ فعلا محترمة وأنا افتريت     عليكِ لما قولت أنك سرقتي الدهب وهربتي مع واحد تاني بس صدقيني دي كانت فكرة نعمات وهي أصلا العقل المدبر لكل الحكاية دي".


تمكن الدوار من منذر وغاب عن الوعي بعدما سجلت له ورد جميع الاعترافات التي أدلى بها قبل لحظات.


ملست ورد على شعره ثم شدته بغل وقالت:


-"ابقى قول لأمك تبقى تجيبلك عيش وحلاوة لما تيجي تزورك في السجن ده لو ما اتقبضش عليها معاك". 


▪▪▪▪▪▪▪▪▪


في اليوم التالي وفي تمام الساعة الثانية ظهرا سمعت سامية صوت طرقات على باب منزلها فنهضت من فوق الأريكة وصاحت بنزق:


-"حاضر يا اللي بتخبط هفتح أهو ، هي الدنيا طارت ولا إيه!!"


اشتد الطرق أكثر  فصاحت     سامية وقذفت الطارق بوابل من الشتائم السوقية وهي تتوجه نحو الباب حتى تفتح لهذا المزعج الذي يدق الباب بعنف وكأنه يريد أن يكسره.


تيبست أطراف سامية بعدما     فتحت الباب فقد رأت أمامها مجدي برفقة بعض عناصر الشرطة.


تقدم منها مجدي قائلا بخشونة:


-"ادخلي نادي لابنك ، احنا معانا إذن من النيابة بالقبض عليه".


ضربت سامية صدرها ثم أخذت تلطم خديها وهي تصيح بجزع:


-"ليه يا حضرة الظابط؟! ده أنا ابني غلبان ومش بيعمل أي حاجة".


ابتسم مجدي بسخرية وقال:


-"واضح فعلا أنه غلبان وعشان كده حاول أنه يقتل مراته وباين عليكِ أنتِ قد      إيه أم مثالية وده ظهر بوضوح لما أنتِ ساعدتي ابنك في أنه يتخلص من جثة ورد اللي أنتم فكرتوها ميتة".


انتبهت سامية إلى الثلاث      كلمات الأخيرة التي نطقها مجدي فوضعت يدها على قلبها وهتفت بتعجب:


-"فكرناها ميتة!! هي ورد لسة عايشة؟!"


أومأ لها مجدي بابتسامة مستهزئة على حالها الذي انقلب بسرعة البرق بعدما علمت أن زوجة ابنها حية ترزق:


-"أيوة عايشة وقدمت فيكم     على     بلاغ بأنكم حاولتم تقتلوها يعني أنتِ ونعمات هيتقبض عليكم مع منذر".


أشار مجدي إلى العساكر حتى يحضروا منذر فدلفوا إلى الداخل وقاموا بتفتيش المنزل ولكنهم لم يجدوا أي أثر لمنذر أو لنعمات.


نظر مجدي لسامية بغضب وهتف بخشونة:


-"انطقي يا ست أنتِ وقولي ولادك فين بدل ما هخلي يومك أسود النهاردة".


هزت سامية رأسها وأخذت تبكي بانهيار فقد خسرت كل شيء وحان الوقت حتى تنال جزائها.


كرر مجدي جملته بصرامة فصرخت سامية بانهيار وهي تجثو أرضا:


-"معرفش هما فين ، والله العظيم ما أعرف مكانهم ، هما خرجوا الصبح بدري ومحدش منهم قال هو رايح فين".


حصل مجدي على الجواب الذي أ      راد سماعه من سامية بعدما حضر إلى المنزل صبي صغير في عمر العاشرة وهتف بصوت جهوري:


-"الحقي يا ست سامية     ، منذر ابنك قفش نعمات في بيت تامر صاحبه وقتلوا بعض ومحدش منهم خرج عايش".


صرخت سامية بقلب أم مفجوع على أولادها:


-"يا لهوي!! يا ضنايا يا ابني!!"


لم تتحمل سامية هول الصدمة     فسقطت مغشيا عليها أمام مجدي الذي كان ينظر للفتى بذهول.


وانهمرت دموع الورد 

بقلم بتول علي 

الفصل العاشر

انتقلت قوات الشرطة إلى منزل تامر وتحديدا إلى غرفة نومه وحملت سيارة الإسعاف جثة كل من ، منذر ، وتامر ، ونعمات.


ضرب الحاج فتحي كفيه ببعضهما وقال:


-"لا حول ولا قوة      إلا بالله العلي العظيم ، صدق اللي قال كما تدين تدان       وزي ما هما قالوا أن ورد خانت جوزها وهربت مع عشيقها أهو ربنا فضح نعمات اللي كانت على علاقة محرمة بتامر صاحب أخوها منذر ووصمة العار هتفضل ملاحقة العيلة دي طول ما هما عايشين".


سمعت أسماء التي عادت للتو من عملها تلك الكلمات من الحاج فتحي فركضت بسرعة إلى منزل عائلتها ورأت سيارة الإسعاف تنقل والدتها التي أغشي عليها بعدما علمت بموت منذر ونعمات.


أوقفت أسماء توكتوك وطلبت من السائق أن يلحق بسيارة الإسعاف وهذا      ما حدث بالفعل واتصلت بفداء ووفاء بعدما وصلت إلى المستشفى وأبلغتهما بما حدث.


مر بعض الوقت قبل أن     يخرج الطبيب من غرفة العمليات فتوجهت أسماء نحوه وسألته بقلق:


-"طمني يا دكتور ، ماما       أخبارها إيه دلوقتي؟"


هتف الطبيب بأسف وشفقة على تلك الشابة التي ستتلقى منه صدمة قاسية بعدما تعلم بما حدث لوالدتها بسبب الصدمة التي تعرضت لها:


-"للأسف يا آنسة ، والدتك جالها جلطة اتسببت في أنها تتشل ، يعني مش هتقدر تتحرك ولا تتكلم بعد كده".


شهقت كل من أسماء وفداء      بصدمة بينما ابتسمت وفاء بخبث فقد تخلصت بضربة واحدة من جميع العقبات التي كانت تقف أمامها في الحصول على الذهب بمفردها فلا يوجد      أي شيء سيمنعها الآن من تحقيق هدفها ؛ لأنه لا أحد يعلم أن الذهب كله بحوزتها.


تصنعت وفاء البكاء وهتفت بحزن زائف وهي تجثو أرضا وتغطي وجهها بيديها:


-"يا حبيبتي يا ماما ، كان مستخبيلك كل ده فين يا قلبي ، منك لله يا نعمات أنتِ السبب في كل اللي جرى مع ماما".


دلكت فداء وجهها وهتفت بحدة:


-"خلاص يا وفاء ، مفيش داعي للكلام ده دلوقتي ؛ لأن مش ده الوقت ولا المكان      المناسب اللي ينفع نتكلم فيه في الموضوع ده".


تسللت وفاء بعد فترة وخرجت من المستشفى بحجة ذهابها إلى المسجد والتقت بالرجل الذي كلفته بمراقبة نعمات وقامت بإعطائه المال الذي وعدته به ثم سارت مرة أخرى لتعود إلى       المستشفى وعقلها يسترجع أمامها جميع الأحداث التي مرت على مدار اليوم ، وفي الوقت نفسه كانت فداء تتأمل والدتها التي ترقد أمامها وأخذت     تتذكر هي الأخرى ما حدث بعدما هبطت ورد بالأمس من شقة منذر وهي تحمل الهاتف الذي سجلت به كل شيء.


-"عملتِ إيه يا ورد؟"


ابتسمت ورد بفخر وقالت:


-"كل حاجة مشيت تمام وزي     ما احنا كنا مخططين ، أخوكِ طلع خواف أوي واعترف بكل حاجة في ثواني ومن غير ما يغلبني معاه".


عادت ورد إلى منزل والدها وانتظرت حتى أشرقت شمس الصباح ثم ذهبت برفقة قاسم إلى المديرية وقدمت الفيديو الذي تم الاعتداد به في التحقيقات بسبب تصريح النيابة الذي حصل عليه مجدي قبل قيام ورد بالتسجيل لزوجها ، وفي الوقت نفسه استيقظ منذر وهو يشعر بصداع شديد يكاد يفتك برأسه وتذكر رؤيته لورد بمظهرها المخيف ولكنه اعتقد أن هذا كله كان حلم اخترعه عقله بسبب خوفه الزائد من أن تكتشف الشرطة حقيقة ما حدث مع ورد.


خرج منذر من المنزل وذهب إلى ورشة أحد أصدقائه وفي هذه الأثناء خرجت نعمات من البيت وذهبت إلى تامر في منزله وهو الأمر الذي رآه الرجل الذي كان يراقبها فاتصل بوفاء وأبلغها.


ضحكت وفاء وقالت:


-"كلم منذر وابعتله الصور وعرفه دلوقتي أن نعمات موجودة في بيت تامر".


اتصل الرجل بمنذر وأبلغه     بالأمر فذهب منذر بسرعة إلى منزل تامر ورأى نعمات في أحضانه ولا يسترهما سوى شرشف السرير.


صاح منذر بغضب أعمى      وهو يتقدم نحو صديقه الخائن وأخته العاهرة:


-"هقتلكم وأشرب من دمكم يا سافلة أنتِ وهو".


هجم منذر على تامر وقام بغرس السكين في بطنه فصرخت نعمات وحاولت أن تهرب من شقيقها الغاضب ولكنه أمسك بها وسدد لها طعنة وترك السكين مغروس في صدرها فنظرت له نعمات بغل وتماسكت بطرف السرير وهي تتنفس بصعوبة قائلة بحشرجة:


-"أنا مش هموت لوحدي يا منذر".


وقبل أن يدرك منذر قصدها     سحبت نعمات السكين من صدرها وغرسته في قلب شقيقها فسقط جثة هامدة بجوارها.


استفاقت وفاء من شرودها وهي تدلف إلى غرفة سامية التي حاولت أن تتحدث      وتطلب منها أن تحضر الذهب وتبيعه وتنفقه على العلاج ولكن تظاهرت وفاء بعدم الفهم وقد أثارت إشارات سامية تساؤلات أسماء التي تحدثت بحيرة:


-"حاولي يا ماما تشرحي أكتر إيه اللي أنتِ عايزة تقوليه لوفاء وأنا هقولها تريحك وتنفذلك طلبك بسرعة".


أشارت سامية عدة مرات إلى وفاء حتى تحضر الذهب ولكن استمرت الأخيرة      في التظاهر بعدم الفهم وكأنها من بنها كما يقول المثل الشهير فبكت سامية بحرقة بعدما رأت بعينيها هذا الجحود من ابنتها.


▪▪▪▪▪▪▪▪▪


-"كده يا ورد ، بقى يحصل معاكِ كل ده ومتقوليليش!!"


قالها خيري بعتاب وهو ينظر      إلى ورد التي أخبرته بكل ما حدث معها وكيف انتهت قصة مثلث الشر ،  منذر ، ونعمات ، وسامية.


-"حقك عليا يا بابا بس أنا مكنتش عايزة أقلقك بخصوص الموضوع بتاع المحضر اللي هما عملوه فيا وقالوا فيه أني سرقتهم وعشان كده استنيت لحد ما اتعاملت معاهم وقدرت أثبت براءتي".


ابتسم خيري برضا وقال:


-"الحمد لله أن كل حاجة عدت على خير وأنك خلصت من الموضوع ده وقدرتي تاخدي حقك تالت ومتلت من الناس دي".


نظرت ورد أمامها وتحدثت بشرود:


-"أنا فعلا قدرت أسجل لمنذ      ر وأجيب منه الاعتراف اللي يثبت براءتي بس قبل ما يتم استخدام الفيديو ده ربنا جابلي حقي منه هو     وأخته في نفس الوقت وبطريقة الناس عمرها ما هتنساها أبدا".


▪▪▪▪▪▪▪▪▪


مر شهر على وفاة نعمات ومنذر تظاهرت وفاء خلال هذا الشهر بالأسى الشديد على ما حدث لإخوتها وظلت تنتظر طوال هذه المدة      حتى هدأت الأوضاع ثم قررت أخيرا أن تستفيد من الذهب الذي خططت وفعلت كل ذلك لتحصل عليه.


عادت وفاء إلى منزلها وذهبت   إلى غرفتها ثم فتحت الخزانة حتى تخرج الذهب ولكنها لم تجد شيئا.


اتسعت عينيها بصدمة وأخذت تبحث كالمجنونة عن الذهب ولكن دون جدوى فصرخت ولطمت خديها وصاحت بحسرة:


-"يا نهار أسود ومنيل     بستين نيلة ، الدهب راح فين؟!"


شدت شعرها بقسوة وهي تقلب الغرفة كلها رأسا على عقب في محاولة يائسة منها لإيجاد الذهب دون جدوى فجثت أرضا وظلت تبكي بشدة إلى أن انتبهت إلى تلك الورقة المطوية الملقاة بجوار السرير ، فاقتربت منها وانتشلتها وأخذت تقرأ محتواها وكانت الصدمة عندما رأت الكلمات المكتوبة في الرسالة بخط وتوقيع زوجها فوزي:


-"إزيك يا فوفو يا     حبيبتي عاملة إيه ، أنا هتكلم معاكِ بصراحة ومن غير مماطلة ، أنا زهقت من العيشة معاك وعايز أجدد شبابي وأعوض الأيام السودة اللي قضيتها جنبك     مع واحدة تانية أحبها وتحبني والحمد لله أنا لقيت الست دي بس واجهتني مشكلة صغيرة وهي أني كنت محتاج فلوس عشان أقدر أتجوزها والمشكلة دي اتحلت بفضل الدهب بتاع أمك الحاجة سامية وزي ما الناس بتقول ، محدش يقدر يسرق حاجة مسروقة من صاحبها ومعمول محضر في القسم بالكلام ده ، صحيح نسيت أقولك أنك طالق بالتلاتة وورقتك هتوصلك بعد يومين ، سلام يا فوفا وياريت متنسيش تلمي حاجتك بسرعة وتروحي بيت أمك ؛ لأني بعت الشقة قبل ما أسافر والمشتري الجديد هيجي بكرة عشان يستلمها".


تعالت ضحكات وفاء بشكل هستيري من هول الصدمة التي تعرضت لها فقد    ضحت بوالدتها وإخوتها حتى تكون الفائزة الوحيدة في تلك اللعبة ولكنها بدلا من ذلك خسرت كل ما تملكه ولم يتبق لها أي شيء.


▪▪▪▪▪▪▪▪▪


هذا الشهر الذي مر كان كفيل بتغيير أشياء كثيرة منها مشاعر قاسم تجاه الورد والتي كانت في الماضي عبارة عن كتلة من الغضب والغيظ بسبب تشابه الوجه بينها وبين ياسمين أما الآن فهناك شيء أخر يشعر به ولكنه لا يجد له مبرر أو تفسير.


الأمر نفسه كان يحدث مع ورد ولكنها أرجعت هذا الأمر لمساعدة قاسم لها في     مسألة إثبات براءتها من التهمة التي لفقتها عائلة منذر لها.


ابتسمت ورد بعدما رأت أميرة خطيبة إياد التي حضرت لرؤيتها وقالت:


-"أميرة كويس أنك جيتي ، بابا جايب لحمة وناوي يشوي كباب على الفحم".


ارتسمت ابتسامة على شفتي أميرة التي هتفت بمرح:


-"عمو خيري من يوم يومه وهو بيحب الشوي وكان قاسم وإياد بيشاركوه دايما      في الهواية دي ، ده حتى إياد عزمني أنا وماما النهاردة مخصوص عشان أتفرج على مهاراته في الشوي".


جهز إياد عدة الشوي وبدأت المنافسة بينه وبين خيري حول من الذي يقوم بشوي اللحم بشكل أفضل.


▪▪▪▪▪▪▪▪


ذهبت أسماء إلى السجن حتى تزور والدتها التي لم يشفع لها مرضها ولم ينقذها      من العقاب الذي كان بانتظارها وهو السجن لتسترها على جريمة ابنها.


-"حياتنا يا ماما بقت عبارة عن كابوس ، الناس كلها بتلقح علينا في الرايحة     والجاية بسبب فضيحة نعمات ومحدش بقى طايقنا في الحتة وعشان كده أنا وفداء قررنا أننا نبيع البيت ونروح نسكن في مكان تاني بس ما تخافيش أنا هجيلك على طول في الزيارات ومش هسيبك".


تمنت سامية أن تتحدث وتهون على ابنتها ولكن لم تتحقق تلك الأمنية فقد أخرست تلك الجلطة لسانها إلى الأبد.


انتهى موعد الزيارة فخرجت        أسماء من مبنى السجن وهي تشعر بالحزن على عائلتها التي تدمرت بسبب أفعال والدتها وإخوتها



                    الفصل الحادي عشر  من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close