رواية سر غائب الجزء الثاني2الفصل الحادي و العشرون والثاني والعشرون بقلم سماح نجيب مدونة كرنفال الروايات


 سر غائب

البارتالحادي والعشرون و الثاني والعشرون

بقلم سماح نجيب




فكرت أنه ربما أتخذ كافة الاحتياطات اللازمة ليتجنب أى إحتكاك بها أو ربما مازال مصر على أن يفى بذلك الوعد الذى وعده لها فتسلل الحزن إلى صوتها وهى تهتف به:



–بس أنا يا أيسر مش عايزة أقعد فى الأوضة دى أنا عايزاك تخلينى أقعد مع مليكة


هكذا حاولت إنقاذ كبرياءها وأن تلجم لسانها عن الطلب منه أن تقيم معه بغرفته ، تسلل الإحباط إليه بعد سماع ما تفوهت به فهو كان يأمل أن تصرح له برغبتها أنها تريد الإقامة معه بنفس الغرفة إلا أنه حاول إصطناع الهدوء قائلاً:



–هى أوضتها جمب أوضتك على طول مش هتبقى بعيدة واظن فى بيت باباكى كانت مليكة بتنام فى أوضة لوحدها مش كده



أومأت ثراء برأسها موافقة فألقت بحقيبتها على الفراش ترتمى هى أيضاً تريد خلع حذاءها فوضعت ساق على الأخرى تسحب حذاءها من قدميها وجواربها فربما تناست أنه مازال يقف عند


 باب الغرفة فرفعت ثوبها تسحب جوربها الشفاف فكشفت عن ساقيها وعندما رفعت وجهها وجدته يحملق بها فسحبت الثوب سريعاً وهى لا تفه بكلمة ولكنها علمت من نظرة عينيه وحركة عظمة نحره صعوداً وهبوطاً بأنه يكبح جماح عواطفه لا تعرف



 لما شعرت بالسعادة من كونها تستطيع إثارة إهتمامه بها فربما هى مازالت تملك حيل حواء فى إخضاع إبن أدم فطرأت لها فكرة برأسها وهى أنها ستظل تضعف من صموده ومقاومته لها




 ببعض الاغراءات الأنثوية مثلما نصحتها ضحى أن تفعل معللة بذلك أنها رأت الكثير من المسلسلات العربية تفعل البطلة ذلك رغبة منها في نيل قلب زوجها فهذا ليس عيباً فهو زوجها ومن حقها أن تفعل ما تريد بدون وجل أو خوف أو خجل فنهضت



 عن الفراش وقفت أمام المرآة تمد يدها للخلف تفتح سحاب ثوبها 


فتصنعت فشلها بفتحه فدمدمت ساخطة:

–أوووف وبعدين بقى هى مالها السوستة دى


نظرت خلفها تحدق بذلك الذى رفضت قدميه التحرك قائلة بصوت رقيق :

–ممكن تساعدنى يا أيسر


لبى طلبها على الفور فكم يتحين هو الفرصة للإقتراب منها فأقترب دون تردد مد يده يسحبه بخفة فالسحاب لم يكن عالقاً ولم يصيبه تلف فقطب حاجبيه من عدم قدرتها على فتحه إلا أنه لم يشأ إحراجها 


فتقابلت نظراتهم بالمرآة فهتفت بهمس ناعم:

–شكراً يا أيسر

أنتشى أيسر من سماع صوتها الرقيق فكم يشتهى هو الآن أن يطوق كتفيها بذراعه و يستند برأسه على كتفها ويغرق وجهه بين طيات شعرها الحريرى،فأرادت أن تزيد من حيرته فسحبت



 الثوب من على كتفها تمهيداً لنزعه عنها متصنعة عدم الإكتراث بوجوده فتسارعت قدميه فى الخروج من الغرفة يصفق الباب خلفه فتلك ليست معادلة منصفة


نظرت خلفها تضحك على تصرفه تصفق بيدها بحماس قائلة بعزم:

–أصبر عليا يا أيسر مبقاش ثراء إلا لو خليتك ترجع ليا تانى 

ذهبت إلى إحدى حقائبها تفتش عن تلك الملابس التى ترتديها بالمنزل ولكنها لم تبحث سوى عن المنامات القصيرة الكفيلة



 بإطاحة عقله وزعزعة صموده فأختارت منامة حريرية باللون الأسود أرتدتها وخرجت من الغرفة فهى تعلم أنه لايوجد بالمنزل سوى المربية والخادمة فتستطيع أخذ حريتها بالتجول فى المنزل كيفما تريد




وصلت إلى غرفة إبنتها فوجدته يجلس على الفراش بجوار مليكة بعد أن قام بتبديل ثيابه بثياب أكثر راحة وهى تقص عليه بعض الدعابات الطفولية فحمحمت لتسترعى إنتباههم


 ،فياليته لم يرفع رأسه ويراها هكذا فتشنج جسده على الفور فهو لم يراها هكذا منذ خمس سنوات كاملة فهو يتذكر جيداً كيف كانت تبدو بتلك الثياب البيتية وتذكر أيضاً فتنها بالثياب


 الخاصة التى كانت ترتديها من أجله فى تلك الآونة التى كان يعيش بها معها معذباً بأفكاره يشعر بالتقيد وعدم مقدرته على الإقتراب منها


فأردفت بصوتها الناعم:

–يلا يا كوكى علشان تغيرى هدومك وتنامى بدرى


تعلقت مليكة بعنق أيسر قائلة برفض:

–لاء أنا عايزة أقعد مع بابى مش عايزة أنام يامامى دلوقتى


مسد أيسر على رأسها قائلاً بسعادة غامرة:

–كوكى إسمعى كلام ماما علشان الصبح أخليكى تركبى الحصان زى ما أنتى عايزة


نهضت مليكة عن الفراش تقترب من ثراء تهتف بطاعة:

–ماشى يلا يا مامى علشان أنام


أخذت الصغيرة وساعدتها فى تبديل ثيابها فعادت مليكة مسرعة إلى الفراش فسحب أيسر الغطاء يدثرها به 


حدقت به مليكة قائلة:

–بابى إحكيلى حدوتة زى ما مامى كانت بتعمل قبل ما أنام تعالى يا مامى بابى هيحكيلنا حدوتة


جلست ثراء بجوار الصغيرة على الطرف الآخر فمليكة تنام بالمنتصف فظل أيسر يقص عليها قصص الأطفال حتى سمع صوت إنتظام أنفاسها وليست هى وحسب فثراء أيضاً غلبها



 النعاس وهى تستند على الوسائد الموضوعة خلفها ومازالت قدميها تتدلى على الأرض ففراش مليكة لن يكفيهن الاثنتين ففكر بحملها ليذهب بها إلى غرفتها ليضعها بالفراش ،فوضع



 ذراع خلف رأسها وأخر أسفل ساقيها وقربها منه يحملها فوجدها تدفن وجهها بتجويف عنقه ،وصل بها إلى غرفتها ووضعها بين طيات الفراش الناعمة يدثرها جيداً وعندما أراد الابتعاد سمعها تدمدم بإسمه وهى ناعسة:

–أيسر 


لم يكبح جماح نفسه أن يقترب من الفراش يجلس بجوارها يتأمل وجهها الفاتن رفع خصلات شعرها عن وجهها وهو يمرر يده على وجنتها بعشق جارف فتململت بنومها تلقى بذراعها على ساقه فتصلب جسده فكلما حاول النهوض وجدها تتشبث


 بملابسه أكثر حتى يأس من إقناع نفسه بأن ينصرف ولكن أغرته نفسه بأن يتمدد بجوارها فوجدها تلقى برأسها على صدره فطوقها بذراعيه يغلق عينيه بإبتسامة عريضة وخفقات قلبه كأنها تعزف أنشودة الغرام

_________

حاولت تمارا الفكاك من تلك المرأة ولكنها لم تفلح في محاولاتها للهرب من المنزل فتمارا قصت عليها ما حدث معها فى شركة الرافعى وأخبرتها بنيتها فى أن تحلها من ذلك الإتفاق وتتركها تذهب إلا أنها لم توافق على ذلك فهى بحاجة إلى مساعدتها


ظلت تمارا تطرق الباب من الداخل تصرخ عالياً:

–أفتحى الباب بقولك وسبينى أمشى من هنا أحسن ما أرمى نفسى من الشباك وهجبلك مصيبة


هتفت من خلف الباب ببرود:

–أرمى نفسك يا تمارا على الأقل تريحينى منك 


ركلت تمارا الباب بقدمها وهى تسبها وتلعنها بأفظع الألفاظ والشتائم فعادت وجلست على الفراش تفكر فى حيلة أخرى تستطيع بها الهروب فتذكرت هاتفها سحبته سريعاً لتهاتف أحد



 معارفها فربما يستطيع إخراجها ومساعدتها ولكن لسوء حظها هاتفها مغلق ولكن تستطيع مهاتفة أحد فكأن كل الظروف تحالفت ضدها الآن بعد عدة دقائق وجدت باب غرفتها يُفتح وهى تقف على الباب تحمل بيدها طعام من أجلها


فأقتربت من فراشها تضع الطعام أمامها قائلة:

–يلا كلى يا تمارا


أشاحت تمارا بوجهها عن ناظريها فقبضت على فكها حتى شعرت تمارا بالألم فهتفت بها بشر:

–مش بقولك كلى يا تمارا مبتحبيش تسمعى الكلام ليه


رفعت تمارا يديها تحاول حل يدها القابضة على فكها بقوة ألمتها

–شيلى إيدك عنى بقى وسبينى أنتى وجعتينى عايزة منى إيه تانى قولتلك خلاص أنكشفت ومش هقدر أساعدك تانى لو رجعت الشركة تانى مش هيرحمونى


ردت قائلة ببرود:

–ومين قالك أن أنا عيزاكى ترجعى الشركة تانى لاء يا تمارا خلاص اللعب هيبقى على المكشوف ولو لسه عايزة الشيكات بتاعتك وعايزة تخلصى منى تعملى اللى هقولك عليه وتنفذيه بالحرف الواحد من غير غلط مفهوم


رمقتها تمارا بإهتمام فى إنتظار إخبارها بما تريد فهتفت قائلة:

–يعنى إيه مش فاهمة وعيزانى أعمل إيه


إبتسمت بخبث فأملت عليها ما تريد منها أن تفعله وكل كلمة تتفوه بعا تجعل تمارا تعقد حاحبيها بغرابة


هتفت تمارا بتساؤل:

–يعنى هو ده بس المطلوب منى


أومأت برأسها إيماءة خفيفة قائلة:

–أيوة وبعد الموضوع ما يخلص خلاص هنفترق لأن أنا هسافر برا مصر مش هقعد هنا تانى لأن هكون خلصت مهمتى وأخدت حقى


زفرت تمارا بقوة وهى لا تعلم ماذا تفعل ؟ هل تستمع لحديثها  أم تحاول الفرار من هنا قبل أن يصبح الأمر أسوء من ذلك فتلك المرة ربما لن تنقضى على خير بما تنوى تلك المرأة فعله

.......

بقصر الرافعى...أنتظر شهاب إجتماع والديه على المائدة لتناول العشاء لإخبارهم بهذا النبأ الهام وأنه أخذ قراره بالزواج أخيراً فجلى صوته يقول بصوت هادئ:

–بابا ماما فى حاجة مهمة عايزة أقولكم عليها 

أنتبه عزام ولبنى على ما قاله شهاب فنظرا إليه بأهتمام فى انتظار سماع ماذا يريد أن يقول؟


وضع شهاب الملعقة من يده يضم كفيه يستند بمرفقيه على طرف المائدة قائلا ً:

–أنا خلاص قررت أتجوز إن شاء الله


ملأت البهجة والفرحة وجه عزام ولبنى فسارعت لبنى بالسؤال عن هوية تلك العروس :

–وتبقى مين العروسة يا شهاب بنت حد نعرفه شوفناها قبل كده


–أه يا ماما شوفتوها وتقريبا تعرفوها تبقى ضحى صديقة ثراء بنت عمى جمال

تمتم شهاب بجملته وأنتظر سماع رد والديه ،ولكنه حول بصره لوالده الذى إبتسم بوجهه قائلاً:

–مبروك يا حبيبى


انفرجت شفتي شهاب عن إبتسامة عريضة قائلا بسعادة:

–يعنى أنت موافق يا بابا


أومأ عزام برأسه موافقاً فحول شهاب بصره لوالدته يحدق بها صامتاً فى إنتظار سماع ردها هى الأخرى فهل سترفض والداته ضحى لكونها فتاة من أصل فقير أم ستقبل بعد أن تغيرت



 طباعها المتعجرفة فهو لا يعرف علام تنم ملامح وجه والدته فى ذلك الوقت فملامحها هادئة ساكنة فهل هذا هو الهدوء الذى يسبق عاصفة حديثها عن الأنساب وأنه لا بد له من أن يختار عروسه من ذلك الوسط المخملى ،قطب حاجبيه عندما طال إنتظاره لسماع ردها 


إبتسمت لبنى على ملامح وجه إبنها المقطبة فهتفت قائلة:

–وهنروح إمتى نخطبها البنت كويسة وأنا شوفتها هى فعلا حلوة مبروك يا حبيبى


لم يصدق شهاب أذنيه من أنه سمع رد والدته بالايجاب على ما قاله فترك مكانه يقترب منها يقبل رأسها وأقترب أيضاً من والده يقبل يده يشعر بالسعادة على حصوله على موافقة والديه

___________

فى الصباح...فتحت ثراء عينيها بعد أن ملأ نور الشمس الغرفة  فأعتدلت بجلستها تضع يدها على فمها تتثائب بنعاس ولكنها نظرت حولها لترى أيسر فلم تجده فهى تتذكر أنه كان نائم



 بجوارها فهى أثناء أستيقاظها بمنتصف الليل رأته ممداً بجانبها ولكن أين ذهب هو الآن؟ تركت الفراش سحبت الستائر المخملية تزيحها عن النافذة تملأ رئتيها من ذلك الهواء المنعش ولكن لمحت زوجها يمتطى ذلك الجواد" رهوان" يضع مليكة


 أمامه التى ملأت صوت ضحكاتها الأجواء وهى سعيدة بدلال أيسر لها ،إبتسمت ثراء وذهبت إلى المرحاض لأخذ حمام دافئ وتذهب لزوجها وطفلتها بعد إنتهاءها مما تفعل خرجت سريعاً من الغرفة تهبط الدرج شبه راكضة حتى وصلت إلى حظيرة الخيول 


رفعت يدها تلوح لهم لتسترعى إنتباههم قائلة :

–كوكى


رفعت مليكة يدها تلوح لثراء قائلة بسعادة:

–مامى تعالى إركبى الحصان ده حلو أوى يا مامى


رفع أيسر يده يشير إليها بالتقدم منهم قائلاً بهدوء:

–تعالى يا ثراء 


ترك أيسر مكانه يقف بجوار الجواد فأقتربت ثراء منه قبل ان تقول شئ وجدته يحملها من خصرها بخفة يضعها على ظهر الجواد ومليكة مازالت جالسة أمامها 


فهتفت مليكة قائلة بحماس:

–يلا يا بابى أركب الحصان  أنت كمان


تلاقت عيناه بعينيها بحوار صامت يريد أن يعلم هل سيصيبها الضيق مما سيفعل أم سترحب بذلك ؟إلا أنه وجدها تهتف بصوت خجول:

–كوكى بتقولك يلا


بقفزة واحدة كان يمتطى الجواد يجلس خلفها كان قريباً منها حتى شعرت بدقات قلبه تصدر رنيناً بعمودها الفقرى ،ممسكاً باللجام يسير بالجواد بروية وهوادة لايعى سوى تلك الرائحة



 العطيرة المتسللة لأنفه من رائحة شعرها من أسفل حجابها ،فتسللت السعادة إليها رويداً وهى تشعر بدفء ساعديه تحيطها فأستندت بجسدها عليه براحة فلو ظلت الباقى من عمرها على هذا الوضع فلن تسأم أبداً، فهى تفتقد قربها منه ،



 فتلك الساعات المنصرمة التى قضتها حبيسة صدره و ساعديه جعلت قلبها يريد المزيد من ذلك الدفء ،بعد مرور بعض الوقت أنتهوا من تجولهم بالجواد ،أخذ أيسر ثراء ومليكة وعادوا للداخل لتناول طعام الإفطار


سمعت ثراء رنين هاتفها وجدت إسم شهاب فإبتسمت قائلة:

–صباح الخير يا شهاب مش عوايدك تتصل عليا بدرى كده خير


رد شهاب ممازحاً:

–أنا منمتش من إمبارح أصلاً وأستنيت النهار يطلع علشان أقولك تكلمى ضحى علشان نروح النهاردة نخطبها أنا كلمت بابا وماما وهم موافقين بس عايزك تاخديلنا ميعاد علشان نروح نزورهم ونتمم الموضوع


زادت إبتسامة ثراء تهتف بسعادة:

–بس كده حاضر هكلمها وأعرفك يا شهاب ومبروك مقدماً


أنتظر أيسر حتى أنتهت من مكالمتها فهو يريد سؤالها عما يحدث فهتف بصوت هادئ:

–خير فى حاجة شهاب عايز إيه على الصبح كده


ردت ثراء قائلة:

–اصله شكله كده وقع في حب ضحى وعايز يتجوزها وطلب منى أكلمها علشان أخد له ميعاد يروح يتقدملها عمرى ما أتوقعت أن شهاب يحب 


حدق بها بهدوء قبل أن يقول:

–ربنا يوفقه مع أن فى ناس بتحب ومش بتطول غير الوجع وأنا وأنتى أكبر مثال حبنا كان لعنة علينا إحنا إلاتنين 


ماتت بسمتها على شفتيها مما سمعته منه فلماذا يصف عشقهم باللعنة؟ فأذدرت لعابها قبل أن تقول:

–ليه بتقول كده يا أيسر


ترك أيسر مقعده قائلاً:

–أنا لازم أروح الشركة دلوقتى ورايا شغل كتير 


أقتربت منه مليكة تتطلع إليه قائلة بوداعة :

–بابى هاجى معاك بليز بليز


لم يرد لها كلمة بل أنحنى يحملها قائلاً بحنان:

–حاضر يا روحى خلى الدادة تلبسك هدومك على ما ألبس وتيجى معايا


  أتجه إلى غرفته يرتقى درجات السلم بخطى واسعة لم ترى ثراء فائدة من مكوثها بالمنزل اليوم فهى ظنت أنه سيقضى اليوم برفقتهن فتركت مقعدها لتذهب لغرفتها لتتأهب للذهاب إلى الشركة أثناء ذهابها إلى غرفتها مرت من أمام باب غرفته


 المفتوح على مصراعيه ولكنها لم تراه لم تمنع فضولها من أن تولج للغرفة لرؤيتها فولجت على أطراف أصابعها تتأمل الغرفة فلا يوجد جدار إلا ويحمل إحدى صورها كأن الغرفة أصبحت


 معرض للصور ووجدت أيضاً ثوب موضوع على الفراش حملته بين يديها تتفحصه إلا أنها شهقت بخوف بعد سماع صوت زوجها يهتف قائلا:

–ثراء بتعملى إيه هنا


إستدارت ثراء إليه وهى تراه يخرج إليها لم يغلق أزرار قميصه وضع يديه بجيبى بنطاله فانحسر القميص كاشفاً عن صدره 


تلعثمت ثراء قائلة:

–ممفيش حاجة بس شوفت الفستان على السرير فكنت عايزة أعرف فستان إيه ده


رد أيسر قائلا:

–ده كنت أشتريته ليكى فى عيد ميلادك اللى فات

واتجه إلى أحد الأدراج يخرج منه الهدايا التى أستمر فى شراءها لمدة خمس سنوات فاستطرد قائلا:

–ودى كمان الهدايا اللى كنت بشتريهالك فى عيد ميلادك 


تناولت ثراء الهدايا من يده وعادت لتحدق بوجهه وعيناها تنشد اللين من خضراوتيه ،فكر أيسر ماذا سيحدث إذا مد يده يتلمس وجنتها؟ هل ستذهب من بين يديه كحلم دافئ يداعب جفنيه وعندما يستيقظ يجده قد ذهب ؟ولكن لم يجد ضرر من


 المحاولة فأقترب منها يرفع وجهها إليه فظل يدنو بوجهه منها حتى صار يسمع صوت أنفاسها سقطت الأشياء من يدها و وجدها تريح كلتا يديها على صدره تغمض عينيها فى إنتظار



 عناقه فهى قد إشتاقت إليه كثيراً ولكن قبل أن يحدث شئ سمعا صوت مليكة وهى أتية من الخارج قائلة:

–بابى خلاص لبست هدومى يلا علشان نروح الشغل سوا


سحبت ثراء يديها على مضض وأبتعد عنها هو الآخر يحمحم بحرج فأغلق أزار قميصه ينهى إرتداء ثيابه بينما ذهبت ثراء لغرفتها وأخذت معها تلك الهدايا التى أشتراها من أجلها



 وضعت الهدايا على فراشها كأنها كنزها الثمين وكيف لا وهو من أهداها لها؟ ففضت تلك العلب لترى ما بداخلها وجدت سوار ماسى وعقد أيضاً ولكن لدهشتها وجدت إسمها منقوش على العقد والسوار ووجدت أيضاً بلورة زجاجية صغيرة بداخلها



 دمية صغيرة تصدر ألحاناً موسيقية ناعمة ووجدت ثوب أخر غير ذلك الثوب الذى رأته بغرفته فهو ثوب أبيض يشبه ثياب الأميرات وبحوزته تاج مزين بأحجار كريمة صغيرة كأنه مخصص لحفل زفاف فتحسست قماش الثوب بسعادة فربما



 كان يتمنى منها أن ترتدى ذلك الثوب من أجله فكم تتحين هى تلك الفرصة لترتديه ولكنها تعلم أنه ربما يجب أن تتحلى بالصبر حتى مجيئها، فربما ندوب قلبيهما بحاجة للإلتئام والشفاء،رتبت تلك الأغراض بغرفتها وأرتدت ثيابها وذهبت إلى الشركة

_________


ظل عباس مرابضاً أمام شركة الحراسة الخاصة بأيسر فهو صار يتبعه بكل مكان كظله رأه يخرج من سيارته يحمل فتاة صغيرة علم على الفور أنها إبنته بعد تقصيه عن أخباره وأحواله المعيشية رفع هاتفه يلتقط لهم عدة صور وبعد أن ولج أيسر للداخل 


طالع عباس الهاتف بيده قائلا:

–طالما معرفتش أطول أم البنت بسببك يبقى هتكون بنتك وهدفعك تمن رميتى فى السجن السنين اللى فاتت دى لأن أنت



 اللى كنت عاملى زى العضمة فى الزور ومبوظلى كل حاجة هشوفك المرة دى هتعمل إيه علشان بنتك وأظن دى هتكون حلاوتها أكبر


رحل عباس من أمام الشركة يستقل عربة أجرة ليعود للشقة فهو ترك متولى بمفرده مع ذلك الرجل العجوز المدعو مدبولى فكر عباس فى شراء بعض الأغراض الخاصة بالطعام من



 خضروات وفاكهة فربما يجد عذر يوهم به متولى عندما يعود للمنزل فهو لا يريده أن يعلم بشأن ما يخطط له ،وصل عباس للشقة فتح الباب وولج للداخل


قابله متولى الذى هتف به قائلاً:

–أنت كنت فين يا عباس كده على الصبح صحيت من النوم دورت عليك وملقتكش وعمك مدبولى صدعلى دماغى من طلباته كنت فين وسايبنى معاه لوحدى


وضع عباس الأكياس البلاستيكية من يده على تلك الطاولة المتهالكة يرد قائلا:

–كنت بشترى طلبات للبيت أنت عارف عمك مدبولى مش هيسكت وهيصدعنا 


ولج عباس إلى الغرفة التى يقيم بها يغلق الباب خلفه أخرج الهاتف يبحث عن رقم ذلك الرجل الذى سيكون شريكه بتلك المهمة فظلت عيناه عالقة بالباب ليتأكد من إغلاقه جاءه الرد على الطرف الآخر 


فهتف عباس مسرعاً:

–أيوة يا أبنى أنت فين أيوة خلاص أنا جبت كل المعلومات عنه خلاص اه مفيش غير بنته الصغيرة هى دى اللى هتكون الهدف وحظنا أنه عايش مع بنته ومراته بس فى البيت مفيش



 غير إتنين ستات بس بيشتغلوا فى البيت عنده وحتى مش حاطط حراسة على بيته يعنى الدنيا أمان على الآخر أنت جهز نفسك فى أى وقت ممكن أرن عليك علشان ننفذ العملية ماشى يلا سلام دلوقتى


شك متولى بأمر عباس لذلك ظل يلصق أذنه بالباب لمعرفة ما يخطط له فأستطاع إلتقاط بعض الكلمات وأن عباس ينوى إختطاف طفلة صغيرة عندما سمع صوت حركة بالداخل عاد وجلس مكانه


فخرج عباس من الغرفة يبتسم ابتسامة خفيفة قائلا ً:

–هو ده كله عمى مدبولى نايم أحسن يكون فطس ولا حاجة


–إن شاء الله أنت يا أبو لسان زفر

هكذا قال مدبولى موبخاً عباس على ما تفوه به فتقدم من أحد المقاعد يستطرد قائلا:

–يلا غور أعملى شاى وحضرلى لقمة أكلها يلا أتلحلح


دب عباس الأرض بقدميه وهو يرغب فى القبض على عنق ذلك العجوز فهو ينتظر أن ينهى تلك المهمة ولن يبقى بتلك الشقة دقيقة أخرى،فولج للمطبخ لينفذ ما طلبه منه ولكن متولى ظل يحك ذقنه بتفكير فيما سمعه منذ قليل فهو لن يسمح لعباس بإيذاء شخص أخر فهو يجب أن يعرف من تكون تلك الفتاة التى تحدث عنها

______________

باشرت ثراء عملها بعد ولوجها إلى غرفة مكتبها فتذكرت أنها يجب أن تتحدث مع ضحى بشأن ذلك الموعد الذى يريده شهاب للذهاب لخطبتها فسحبت هاتفها تطلبها ثوانى معدودة وجاءها صوتها الممازح قائلة:

–أهلا أهلا ببنت الأكابر أخبارك إيه وحشانى أوى


ردت ثراء قائلة :

–الحمد لله كنت عايزة أسالك شهاب يجيب باباه ومامته ويجوا لباباكى أمتى علشان يخطبوكى هو كلمنى الصبح وطلب منى أسالك فا اقوله إيه يا عروستنا الحلوة


صمتت ضحى حتى ظنت ثراء أنها فقدت الإتصال بها فأزاحت الهاتف من على أذنيها فوجدت أنها مازالت على إتصال بها فأستطردت قائلة:

–إيه يا ضحى مش بتردى ليه القطة أكلت لسانى ولا مكسوفة تردى ردى ردى يا اختى متتكسفيش كلنا لها


رنت صوت ضحكة عالية من ضحى فردت قائلة:

–خلاص هسأل بابا وأرد عليكى كمان يومين كده ألا قوليلى أخبارك إيه مع جوزك


ردت ثراء قائلة بغيظ:

–قصدك تقولى مع أخويا مش جوزى أنا هتشل يا ضحى هتشل

–يا سلام يعنى الخطة منفعتش معاه و جمالك ده مش عامل معاه أى نتيجة دا جوزك ده جبار بقى يا ثراء دا أنا بحسده على قوة تحمله

هكذا قالت ضحى ممازحة كعادتها فلم تمنع ثراء تلك الابتسامة التى شقت شفتيها بإتساع فردت قائلة:

–جبار أوى يا ضحى وما شاء الله عليه أعصاب ولا أحدث فريزر شكل أقتراحاتك فاشلة يا ضحى


ردت ضحى قائلة :

–فاشلة إزاى يعنى دا انا شفتها فى ١٠٠ فيلم ومسلسل وجابت نتيجة أسمحيلى بقى دا جوزك اللى مفيش حاجة بتنفع معاه ولا تكونيش أنتى يا ثراء اللى كرهتيه فى السلالة كلها 


ردت ثراء بتبرم قائلة:

–دا المفروض أنا اللى أكون كرهت السلالة مش هو من اللى عمله فيا 


تنهدت ضحى قائلة بقلة حيلة:

–وربنا أنتوا إلاتنين تشلوا بتحبوا بعض وبتموتوا فى بعض وإيه العند اللى راكبكم ده الله يكون فى عون مليكة منكم


ظلت تثرثر متفكهة ببعض النوادر مع صديقتها المقربة وبعد إنتهاء المكالمة عادت لتباشر عملها حتى أنقضى الوقت وحان ميعاد عودتها إلى المنزل خرجت من الشركة تستقل سيارتها تقودها بذهن شارد فيما أصبحت عليه علاقتها بزوجها لم تنتبه إلا على صوت زمور إحدى السيارات لتنبيهها بأنها على وشك الاصتطدام بأحد أعمدة الإنارة فأوقفت محرك السيارة


فأنتفضت بخوف شديد قائلة:

–الحمد لله إيه ده كنت هلبس فى العمود الحمد لله 


لتلتقط أنفاسها وبعد شعورها بعودتها إلى هدوءها قادت السيارة ولكن تلك المرة كانت حذرة بقيادتها وصلت إلى المنزل 


فسألت الخادمة عن زوجها والصغيرة إذا كانوا عادوا من الشركة:

–هو لسه أيسر وكوكى مرجعوش


ردت الخادمة بتهذيب:

–لاء حضرتك رجعوا والأمورة مليكة نامت والدادة كانت معاها فى أوضتها والبيه فى أوضته فوق


أشارت إليها ثراء بأن تنصرف فصعدت الدرج حتى وصلت غرفتها وهى تفكر فى السبيل الذى تستطيع به إعادة زوجها إلى ذلك العاشق لعينيها 

_________

أثناء إرتداءه لثيابه البيتية بعد عودته من عمله  لمح زوجته تولج الغرفة بابتسامتها الجذابة قائلة:

– حبيبى خلصت العشا جاهز وأه حسام متنساش أيتن عزمانا على العشا أخر الأسبوع بمناسبة عيد ميلادها مش عارفة ليه مش حابة تعمل عيد ميلاد السنة دى وعزمانى أنا وأنت بس نتعشى معاها فى اليوم ده


كست ملامح الضجر وجه حسام فهو لا يريد رؤية تلك الفتاة فرد بصوت صارم:

–مش هروح أتعشى مع حد يا ميرا مش فاضى وخصوصاً صاحبتك دى مبتنزليش من زور رخمة كده وبترمى جتتها عليا والصراحة قرفان أن اشوف شكلها


أتسعت حدقتى ميرا مما تسمعه من زوجها فهتفت بصوت مصدوم:

–حسام أنت بتقول إيه


إستدار حسام إليها قائلاً بنزق وتبرم:

–اللى سمعتيه يا ميرا فوقى بقى صاحبتك دى عينيها منى تحبى أفسرلك أكتر ولا فهمتينى


تلك هى المرة الأولى التى تراه يحدثها بصوت عالى وبحدة منذ زواجهم فجلست على حافة الفراش وعينيها دامعتان فأغلق حسام عينيه بإرهاق فأقترب منها يجلس بجوارها يجذب رأسها إلى كتفه قائلا بأسف:

–حبيبتى مش قصدى ازعلك بس كذا مرة لمحتلك يا ميرا انك تبعدى عنها ومش عارف متمسكة بيها ليه دى ممكن تخرب بيتنا عايزانى أبعد عنك يا ميرا وحياتنا تبقى خراب


أبعدت رأسها عن كتفه تحدق به قائلة:

–معقولة اللى بتقوله ده يا حسام معقولة أيتن تعمل كده فيا


رد حسام مشمئزاً من ذكر إسم تلك الفتاة قائلاً:

–أيوة يا ميرا وحركاتها معايا مش مظبوطة أنا بحاول أوقفها عند حدها بس عايزك أنتى كمان تبعدى عنها ولو مش مصدقانى أنا ممكن أثبتلك يا ميرا مش بتقولى عزمانا على العشا أنا هخليكى تسمعى بودنك كلامها ليا ولو طلعت صح مش عايزك تعرفى المخلوقة دى تانى مفهوم


أومأت ميرا برأسها موافقة على ما تفوه به زوجها فهى لا تتخيل حياتها بدونه أو أن تأتى أنثى أخرى لتأخذه منها

فلو صح كلام زوجها عن أيتن ستقوم بقطع كل صلة تربطها بها 

–بس هتثبت ده إزاى يا حسام


رد حسام قائلا بدهاء:

–دا شغلى أنا بقى بس دلوقتى مش عايزك تزعلى يا مهلبية منى مكنش قصدى أزعلك بس أنا دمى بيفور لما بسمع إسم البنى أدمة دى


وضعت ميرا رأسها على كتف زوجها تحيطه بذراعيها تغمغم بخفوت:

–مش زعلانة منك يا حبيبى مجرد أن أتخيل واحدة تاخدك منى دا أنا أتجنن لو ده حصل وأنت بعدت عنى أنت مش عارف بحبك قد ايه يا حسام


فصدق صوتها جعله يُقن من عشقها له فهو ليس بأقل منها فهى أول أنثى تستطيع إختراق قلبه تجعل دقاته تدون إسمها  كأنغام العشق العازفة على أوتار قلبه ،خرجا من الغرفة متشابكى الأيدى كعادتهم يهبطون الدرج وصولاً إلى مائدة الطعام فألقى حسام التحية عليهم  وجلس على مقعده ولكنه لاحظ شرود رضوان فهتف به قائلا:

–مالك يا جدى سرحان فى إيه


إبتسم رضوان قائلا بهدوء كعادته:

–لاء يا حبيبى مفيش حاجة بس سرحت شوية فى فرحتى أن هسافر أزور بيت الله 


–تروحوا وترجعوا بالسلامة ان شاء الله متنسيش تدعيلى يا مرمر

هكذا رد حسام ناظراً لسميرة التى بادلته الإبتسام


فردت سميرة قائلة :

–أن شاء الله يا حبيبى هدعيلك هو أنا عندى كام حسام وعايزة لما أرجع تقولى ميرا حامل هو أنتوا خلفتوا ريان وسكتوا على كده ولا إيه لاء أنا عايزة أحفاد تانى


رد حسام مشاغباً:

–بس كده يا تيتة دا أنتى تؤمرى يا خبر أنا عندى كام مرمر يعنى اخلفلها عيال وتقولى قدامهم يا واد يا حسام


ملأت الضحكات أفواه الجميع وأستحال لون وجه ميرا للون الأحمر خاصة عندما غمزها بإحدى عينيه بمكر فخفضت وجهها تنظر للطبق أمامها تخشى أن ترفع وجهها وتجده مازال يحدق بها بتلك النظرة العابثة بعينيه

___________

إنتصف الليل ولم يعد زوجها للمنزل بعد ،حاكت بخاطرها العديد من التخيلات منها ما جعل قلبها ينقبض خوفاً ،ومنها ما حاولت أن تواسى به قلبها الملتاع والمنقبض على غيابه كل هذا الوقت ،فمنذ مجيئها للمكوث معه بالمنزل وهى تعلم ميعاد عودته بالدقيقة والثانية فعندما كانت تدق الساعة التاسعة كان يدلف من باب المنزل يحمل شوقه لصغيرتهم يرمقها هى بنظرات مشتاقة متوارية خلف مقلتيه ،تتصنع هى الجهل بذلك الوعد الذى وعدها إياه تتحين من الحين للآخر أن تتلامس حتى أصابعهم تتلاحم سوياً أو أن تتشابك نظراتهم فى حوار صامت


أشرأبت بجسدها على سور الشرفة لعلها تراه ولكنها لا تجد سوى السكون الذى يحيط بالمكان وصوت أوراق الشجر الذى يتلاعب به النسيم فتمتمت بخوف شديد قائلة:

–ياترى أنت فين يا أيسر وإيه اللى أخرك لحد دلوقتى حتى تليفونك مقفول


كأن تلك الآفة أصبحت تلازمه وهى أن يترك هاتفه مغلق جاعلاً الخوف والقلق يتسرب لفؤادها ،ضمت ردائها البيتى إلى جسدها تعقد ذراعيها أمام صدرها فتركت الغرفة تتجه صوب الحديقة،وصلت إلى الأسفل فظلت تدور حول بستان ورد الجورى تلك الورود الحمراء ذات الأوراق اليانعة والناعمة  ،فجلست القرفصاء تتحسس الورود بيدها قائلة:

–ياترى هو أتأخر النهاردة ليه ولا بيعمل كده علشان يهرب منى علشان لما يرجع من برا أكون أنا نمت ومشفهوش تفتكروا هيجى دلوقتى 


تخاطب الورود كأنها ستجيبها بالحال على ما سألتها إياه ، زفرت ثراء قائلة :

–هو كمان أتجننت وبكلم الورد وفكراه هيرد عليا


تركت مكانها وجدت أريكة خشبية أسفل إحدى الشجيرات جلست عليها تعلق نظراتها بالباب الخارجى للمنزل تترقب وصوله فهى جعلت مليكة تخلد للنوم بصعوبة فالصغيرة كانت لا تهدأ بسبب سؤالها المتكرر عن والدها وسبب تأخره اليوم وأنها لم تراه إلا بالصباح ،رفعت ساقيها تحيطهم بساعديها تضع رأسها بينهم وعيناها مازالت عالقة بالباب ،فجاهدت على فتح جفونها حتى لا يغلبها النعاس فهى لا تريد أن تنام قبل أن تطمأن لعودته سالماً إليها ،ولكن تلك النسمات التى ما برحت تداعب وجهها تصدر حفيف بطرف رداءها يضرب كاحليها بخفة جعلت النعاس يزحف إلى عينيها وهى مازالت جالسة تلك الجلسة المترقبة 


ولج أيسر بسيارته يصفها بالمرآب الخاص بالسيارت وخرج متجه إلى الداخل ولكن أسترعى أنتباهه جسد ضئيل تحت أسفل إحدى الأشجار فتقدم بخطوات سريعة ليرى من يجلس هكذا بهذا الوقت المتأخر من الليل ،بضع خطوات وعلم هوية تلك النائمة فأقترب منها بقلق وجلس بجانبها فهى كانت تسند أحد جانبى وجهها على ذراعيها اللذان احتضنا ساقيها 


مد يده يتلمس الظاهر من وجهها قائلاً بهمس:

–أنتى إيه اللى مخليكى نايمة كده يا نور عيونى


تناهى صوته إلى مسامعها فظلت مغمضة العينين لتستمع للمزيد من حديثه ولكنها لم تفلح فى أن تمنع تلك الإبتسامة أن تزين ثغرها الفاتن فعلم على الفور أنها ليست نائمة فربما تلك حيلة جديدة من تلك الحيل التى صارت تمارسها عليه منذ أن وطأت قدميها هذا المنزل


جلى صوته قائلاً بصوت رزين شابه بعض الحنان:

–ثراء أصحى أنتى نايمة كده ليه 


فتحت عينيها ورفعت رأسها عن ذراعيها وأنزلت ساقيها أرضاً قائلة بصوت خالطه النعاس:

–أيسر أنت كنت فين ده كله وأتأخرت ليه كده قلقتنى عليك وكوكى مكنتش مبطلة زن ولا سؤال عنك لحد ما نامت


أستند أيسر بظهره للخلف فأراح رأسه على حافة الأريكة الخشبية يغمض عينيه قائلا بارهاق:

–أصل أتأخرت فى المستشفى النهاردة


حدقت بملامح وجهه المرهقة فتذكرت تلك المرة التى سمعت بها صافى تخبره بضرورة الذهاب إلى المشفى فبهتت ملامحها هل يعانى من مشكلة صحية وهى لا تعلم؟ فتمتمت بقلق وخوف:

–أيسر أنت كنت فى المستشفى بتعمل إيه أنت تعبان ولا حاجة، فيك إيه قولى أرجوك


ألتفت برأسه إليها يعتدل بجلسته فرآى صدق خوفها عليه بعينيها وملامح وجهها المتشنجة رغبة منها فى معرفة ما أصابه فهى حتى لم تكتفى بذلك فأحاطت وجهه بين يديها تزدرد لعابها خشية من نطق تلك الكلمات العالقة بجوفها ولكنها لم تمنع نفسها من سؤاله:

–أيسر أنت فى حاجة مخبيها عليا 


رفع يده يضغط على يدها الموضوعة على وجنته بمحبة قائلاً:

–صدقينى يا ثراء مفيش حاجة أنا كويس كل الموضوع أن ببنى مستشفى لعلاج الأورام علشان تبقى صدقة جارية على روح أمى فكنت بتمم على كل حاجة لأن خلاص كمان ٣ أسابيع وهنفتتح المستشفى وكنت أكيد هقولك علشان يوم الإفتتاح كنت هأخد أنتى ومليكة معايا 


زفرت براحة بعد سماع كلامه فسحبت يديها تزوغ بعينيها من تحديقه بها فوجدته يستقيم واقفاً قائلاً بهدوء:

–يلا علشان تدخلى جوا وتنامى


تركت مكانها هى الأخرى تسير بجواره حتى وصلا إلى الداخل  وضعت ثراء قدميها على أولى درجات السلم فوجدته يتركها ذاهباً للمطبخ فقطبت حاجبيها فلما ذهب إلى المطبخ ولم يذهب لغرفته؟ ولجت خلفه وجدته يفتح باب الثلاجة 


فتمتمت ثراء بغرابة:

–أنت بتعمل ايه وفاتح التلاجة ليه 


رد عليا وهو ينحنى ينظر بداخل الثلاجة:

–أصل من ساعة ما فطرت الصبح ما أكلتش والصراحة جعان


كيف تغافلت هى عن هذا؟ فأى نوع من الزوجات هى حتى لا تسأله إذا تناول طعامه أم لا ؟


فأقتربت منه سريعاً قائلة:

–طب هجهزلك الأكل علشان الشغالة روحت بدرى النهاردة ممكن تطلع تاخد شور على ما أحضرلك الأكل


أغلق باب الثلاجة ثانية ينظر إليها بابتسامة خفيفة قبل أن يخرج من المطبخ صعد الدرج حتى وصل لغرفته ،فأخرجت ثراء الطعام الموضوع بالثلاجة وبدأت فى تجهيزه 

تشعر بالسعادة كونها تهتم بشئ من أجله بعد إنتهاءها حملت الطعام له إلى غرفته طرقت الباب طرقات خفيفة قبل أن تفتح الباب وتولج للداخل سمعت صوت الماء بالحمام فعلمت أنه لم ينتهى بعد من إغتساله وضعت الصينية على المنضدة وخرجت متجهة إلى غرفتها فكرت فى أخذ حمام دافئ يساعدها قليلاً على الاسترخاء والنوم أخذت ثياب لها وذهبت للمرحاض بعد انتهاءها من الاغتسال أرتدت مئزر الحمام وخرجت  أرادت تمشيط خصلات شعرها المبتلة ولكن بمجرد امساكها فرشاة الشعر الخاصة بها انقطع التيار الكهربائي عن المنزل 


تأففت بصوت مسموع قائلة بنزق:

–هو ده وقت النور يقطع كمان مش كفاية النهاردة كان يوم ما يعلم بيه الا ربنا وحرقة أعصابى وأنا مستنياه


زفرت عدة مرات ولكن تذكرت طفلتها النائمة بالغرفة المجاورة لها فتذكرت أنها تخشى الظلام فظلت تتحسس بيدها الجدار حتى تصل إلى هاتفها لتضئ المصباح الخاص بها التقطته من على الكومود بعد اصطتدام قدمها بحافة الفراش فأطلقت تأوه بصوت عالى:

–أااااه ياربى بقى ضلمة وصباعى يتخبط فى السرير


إلا أنها فتحت الهاتف بسرعة سلطت الاضاءة على الطريق أمامها أدارت مقبض الباب وخرجت ولكن لم تنتبه له وهو قادم فاصطتدمت به فسقط الهاتف من يدها ولكنها سعيدة الحظ إذ تلقاها بين ذراعيه وإلا كان انتهى بها المطاف ساقطة من على الدرج القريب من غرفتها ،القى ضوء المصباح بظلاله على تلك العينان التى ترمقانها بشوق


اذدردت لعابها وهى ترى نفسها محاصرة بين صدره وذراعيه فشعرت بارتجاف جسده الملتصق بها ولكن لاحظت أيضاً انخفاض وزنه عن ذى قبل ولكن لم تخف وسامته فمازال جذاباً مثلما كان دائما بل تشعر انه ازداد جاذبية عندما كثفت لحيته قليلا تبرز دقة فكه الرجولى 


فهتفت بصوت متلعثم:

–الننور قطع ومليكة بتخاف من الضلمة


رفع يده يزيح خصلات شعرها المبتلة من على وجنتيها قائلا بهمس:

–أنا دخلت اطمنت عليها هى نايمة وشغلتلها إضاءة فى الاوضة علشان متخافش لو صحيت


رفعت يديها تدفعه قليلا لتزيح ذراعيه التى كانت على وشك كسر عظامها فهتفت به بخجل:

–طب شيل أيدك هتكسرلى عضمى يا أيسر


لم يسمع ما تقوله فهو كل ما يعيه الآن أن الظلام أهداه فرصة لم يكن يحصل عليها بوقت أخر فأكمل همسه قائلا:

–عيزانى أبعد عنك يا ثراء


أراد ربكتها أكثر أن يجعل تلك الشجاعة الواهية التى تبدو عليها تتلاشى فهو لم يعيد يطيق الوعد الذى قطعه لها ذلك الوعد الذى لم يكن سوى أصفاد تكبله تحرمه من الاقتراب منها 


هتفت بصوت تخلله الضعف من ذلك القرب المهلك تخشى أن يخونها قلبها بين الدقيقة والأخرى

–أيوة يا أيسر علشان ..


لم تستطيع ان تفه بكلمة أخرى فماذا تقول؟ فلو قالت شئ فهو سيعلم على الفور بما تريده،لم يشعر بانتشاء مثلما يشعر به عندما تناديه بصوتها ذو البحة الخلابة والرقيقة

–وحشتينى أوى يا نور عيون أيسر قدرتى تبعدى عنى كل ده قدرتى تشلينى من قلبك وتكرهينى يا ثراء 


ربما صار يعد أنفاسها من خلال قربه منها،رفعت يدها لتدفعه عنها قليلاً وتحرر نفسها من بين يديه فعظامها بدأت تؤلمها فتسمرت يديها على صدره شعرت بدقات قلبه المتلاحقة أسفل يدها كأنها تتحالف مع نبضاتها تخرج عقلها خارج نطاق التفكير فمن يريد التصرف الآن هو القلب فقط


وجدت نفسها قائلة بدموع ملأت عينيها:

–أنا مقدرتش أشيلك من قلبى لو كنت عايزة أعمل كده كنت هحتاج أشيل قلبى من بين ضلوعى علشان أقدر أكرهك أو أنساك يا أيسر


يعلم أنها محقة لم يريد نقاشاً يفسد تلك اللحظة الحالمة رفعت وجهها تطالعه بعد أن كانت تطرق برأسها أرضاً فلفحت حرارة أنفاسه وجهها اغمضت عينيها تريد من داخلها أن يحنث بذلك الوعد و أن يضرب بكلامه عرض الحائط فزحفت يديها حتى وصلت لعنقه تعلقت به لم يكن بحاجة لأكثر من هذا التشجيع ضمها إليه برفق صم أذنيه عن سماع اى شئ سوى صوتها وهى تردد اسمه كلما سنحت لها الفرصة بالتنفس والكلام

–أيسر 


نشبت بداخله نيران لن تطفأها أنهاراً لن يخمدها سوى الشعور بها قريبة من قلبه ذلك القلب الذى وصل أنينه أقصى درجات العذاب 


سمعت صوته يتمتم بشوق بالغ:

–نور عيون أيسر سامحينى يا قلبى على أى وجع سببتهولك أنا مبقتش قادر على بعدك عنى أكتر من كده خلاص رصيد الصبر خلص من عندى مبقاش عندى طاقة للصبر تانى 


أرادته هى أيضاً فقررت إطلاق العنان لمكنونات قلبها فلم يعد يجديها نفعاً إخفاء شوقها إليه فازدادت التصاقا به ولم تعد بحاجة الى الكلام واخذت تفكر كيف لها مقاومة شغفه الذى ظهر بوضوح فى عينيه المُلحتين التى أصرت على أن تلقى كافة مقاومتها جانباً






سر غائب

البارت الثاني والعشرون



أرادته هى أيضاً قررت اطلاق العنان لمكنونات قلبها فلم يعد يجديها نفعاً إخفاء شوقها اليه فازدادت التصاقا به ولم تعد بحاجة الى الكلام واخذت تفكر كيف لها مقاومة شغفه الذى ظهر بوضوح فى عينيه الملحتين التى اصرت على ان تلقى كافة مقاومتها جانباً


فسمعته يكمل حديثه قائلاً:

–ثراء أنا عارف أنك محتارة بين أنك عايزة تقربى منى وأنك تبعدى عنى لسه خايفة منى يا ثراء مش كده بس عقوبتى دى هتخلص أمتى


حركت رأسها بعنف تنفى ما يقوله فتهدج صوتها بشوق:

–أنا مش خايفة منك يا أيسر أنت وحشتنى أوى يا حبيبى


جملة كفيلة بالقضاء على ما تبقى له من صمود ومقاومة ظل يدنو بوجهه منها حتى كان قاب قوسين أو أدنى من عناقها فعاد التيار الكهربائي فارتعدت بخفة فهى الآن تراه بوضوح ترى ما أرتسم بعينيه من عشق وشوق فخشيت أن يفسر إرتعادها بأنها عادت إلى عنادها مرة أخرى فهى تراه يحدق بها وهو صامتاً ولكنها لا ترغب فى العودة لنقطة البداية من جديد فأقتربت هى منه تلك المرة تعانقه تباغته بفعلتها التى جعلته يحملها على أجنحة الشوق يسافر بها إلى عوالم أخرى عالم لم تدخله برفقته سوى مرة عن طريق المصادفة ولم يكن هو واعياً أما الآن فهو يشعر بكل لمسة وهمسة منها يسمع صوتها الشجى وهى تردد إسمه بكل محبة وذلك التوق الذى أطل من عينيها يأسر عيناه فى عناق شغوف ،أغرقته ببحور رقتها ،فأغلقت أبواب الهجر ،لتفتح أبواب الشوق ذلك الشوق بداخل قلبين ذاقوا مرارة الفقد ومُر التعلق


ألقت برأسها على كتفه تغمغم بخفوت قائلة:

–بحبك 


تساقطت حروف الكلمة على مسامعه كترقرق الماء العذب على شفاه أصابها الضمأ والجفاف لم يكن رده عليها سوى أن طوقها بذراعه يدنيها منه حتى كاد يشعر بدقات قلبها المتلاحقة تتسارع فقبلها على جبينها يدمدم لها بعشق:

–وأنا بعشقك يا نور عيونى


رفعت عينيها إليه ترمقه بعشق لم يخلو من الخجل وهى ترى نفسها أصبحت أسيرته من جديد ولكن تلك المرة بإرادتها الحرة فدائما ما يكون هو بدايتها ونهايتها ،فعشقه آسر لها لا تستطيع الفكاك منه فأملت أن تحمل أيامهم القادمة تلك السعادة التى كانت تنشدها منذ أن دق قلبها له فهى لن تستطيع أن تتحمل حزن أخر


فهتفت به بصوت خافت :

–أيسر عيزاك توعدنى أنك متخبيش عنى حاجة تانى ولا أن يحصل بينا حاجة تفرقنا تانى لأن صدقنى لو ده حصل تانى أنا ممكن ....


لم تستطع إكمال حديثها فعلم بما كانت تنوى قوله فتخلل أصابعها بأصابعه يتشابكان سويا يطمئنها قائلا:

–أوعدك يا حبيبتى أن مش هحاول أزعلك تانى لأن أنا مقدرش اعيش من غيرك ولا من غير بنتنا يا ثراء بس توعدينى أنتى كمان أن متتسرعيش فى الحكم عليا إسمعينى الأول


أومأت برأسها إيماءة متكاسلة وتلك الإبتسامة تزين ثغرها الفاتن فظلوا وقتاً لا بأس به وهم يتعاتبون عتاب المغرمين راغبين فى تصفية نفوسهم لبدء أوقات جديدة تحوى تلك السعادة التى هجرت حياتهم أعوام قضوها فى البكاء على أطلال الحب ،إبتسم إبتسامة خفيفة وهو يراها ناعسة بمنتصف حديثهم فدثرها بالغطاء وهو يتحسس بيده ذلك السوار الفضى الذى عادت وأرتدته من جديد فذلك السوار رمز للحب 

__________

نقرت بأصابعها على تلك الطاولة التى تجلس عليها منذ ما يقارب النصف ساعة تقريباً فى إنتظار مجئ صديقتها المقربة وزوجها ذلك الرجل الذى لم يدخر جهد فى صد محاولاتها المستميتة فى التقرب منه وكل رفض منه يزيد التحدى لديها كأنثى تأبى أن تجد من يحط من شأنها وكبرياءها وغرورها كانثى على قدر من الجمال والفتنة


فتمتمت بإبتسامة جانبية قائلة بهمس:

–صبرك عليا يا باشمهندس حسام كان غيرك أشطر خليك كده متمنع علشان اللعبة تحلو أكتر 


مدت يدها تزيح شعرها التى حرصت هى اليوم على إكسابه مظهر جديد فجعدته بتسريحة غجرية وطلت شفتيها بلون أحمر داكن وأرتدت ثوب ضيق كأنها تفننت اليوم فى جمع كل مظاهر الاغواء بها تنتظر فقط مجيئه،شردت بتفكيرها كيف سيكون الحال لو أصبحت زوجة حسام عوضاً عن ميرا فهى تريد أن تشعر بتلك الأحاسيس التى كانت لا تنفك ميرا عن ذكرها وذكر عشق زوجها ودلاله لها فبالرغم من أن ميرا لم يصل بها الأمر ان تخوض بتفاصيل حياتهم الزوجية الدقيقة إلا أن مدحها لتلك الصفات التى يتحلى بها زوجها من قوة وشجاعة وإقدام وأخلاق حميدة جعلتها هى تتمنى أن تتقرب منه 


رفعت أيتن رأسها عندما سمعت صوت خطوات تقترب منها فوجدت ميرا تتأبط ذراع زوجها فشعرت بالغيرة إلا أنها رسمت إبتسامة منمقة على شفتيها قائلة:

–أتأخرتوا ليه كده أنا بقالى حوالى نص ساعة مستنياكم


جلست ميرا على المقعد المجاور لها بينما أتخذ حسام المقعد المقابل لها نظرت إليها ميرا قائلة:

–معلش بقى يا أيتن على ما ريان نام تعبنى أوى كل سنة وأنتى طيبة يا أيتن


ردت أيتن بإبتسامة وهى تطالع وجه حسام:

–وأنتى طيبة يا ميرا


رأت حقاً تحديقها بزوجها فحاولت أن تحافظ على رابطة جأشها فهى طوال الطريق لهنا وهى تحاول أن تظبط أعصابها وأن تتصرف بروية حتى ينفذ حسام ما برأسه ويبرهن لها عن مدى حقارة صديقتها


إبتسم لها حسام على غير العادة قائلا بصوت جذاب:

–كل سنة وأنتى طيبة يا أنسة أيتن عقبال ١٠٠ سنة إن شاء الله


لم تصدق أيتن أذنيها أنه يحدثها هكذا بهدوء فدائما كانت تلمس تأففه وضجره من رؤيتها ولكن ربما خطتها التى رسمتها اليوم ستأتى بثمارها فربما علم الآن مدى جاذبيتها وفتنتها 


تهدج صوت أيتن قائلة بصوت ناعم:

–وأنت طيب يا باشمهندس حسام مبسوطة أنكم قبلتوا دعوتى على العشا


إستغل حسام إنشغالها بالحديث مع النادل فأشار لزوجته بالنهوض على حسب ما هو متفق عليه بينهم قبل المجى

تركت ميرا مقعدها قائلة :

–عن إذنكم هروح الحمام


ذهبت ميرا فسحب حسام هاتفه يهاتف زوجته فترك الإتصال مفتوح بينهم ووضع الهاتف على الطاولة فعاود النظر لأيتن يبتسم لها 


وضعت أيتن يدها على وجنتها قائلة بغنج:

–تصدق كنت فاكرة أنك مش هترضى تيجى النهاردة مع ميرا


ضم حسام يديه ينحنى للأمام قائلاً:

–ليه بتقولى كده يا أيتن علشان يعنى مقابلتنا اللى قبل كده مكنتش ظريفة بس ليه متقوليش أن أنا كنت فاهم وعارف قصدك إيه بس أنتى صاحبة مراتى وأنا الصراحة مليش فى الشمال فمكنتش عايز أتعلق بيكى يا أيتن يحصل إزاى ده وهيبقى موقفك إيه من ميرا لو حست أن فى حاجة بينا


مدت أيتن يدها تضعها على يده قائلة:

–بس الحب مش بإيدينا يا حسام أنا بحسد ميرا أنها متجوزة واحد زيك كل مرة كنت بقابلك فيها مبقدرش أشيل عينى من عليك ولا أمنع نفسى أن أتخيل أن أكون مكان ميرا 


سحب يده من أسفل يديها يحاول الحفاظ على هدوءه فكم يرغب هو فى صفعها على وجهها الآن ولكنه لابد أن يكمل ما بدأه فهتف بها متسائلاً:

–يعنى تقبلى تتجوزينى عرفى و فى السر يا أيتن 


فغرت فاها وهى لا تعى بعد ما سمعته منه ألتقطت أنفاسها مردفة بتلعثم:

–ننتجوز ! أنت بتعرض عليا الجواز يا حسام


أومأ حسام برأسه فى إنتظار ما ستتفوه به فوجدها تستطرد قائلة :

– وأكيد أنا موافقة دا هيبقى أسعد يوم فى حياتى أن أتجوزك يا حسام أنا


لم تستطيع التفوه بكلمة من تلك الصفعة التى تلقتها على وجنتها من يد ميرا التى حدقت بها بغضب عارم تهدر بسخط:

–بقى أنتى يا أيتن تعملى فيا كده عاملة صاحبتى وأنتى عينيكى من جوزى وكمان عايزة تتجوزيه حتى لو فى السر دا أنتى طلعتى زبالة أوى أنا ميشرفنيش أعرف واحدة زيك وبحذرك أهو أبعدى عنى وعنى جوزى وإلا همحيكى من على وش الدنيا أنتى فاهمة


لم تتجاوز أيتن صدمة ما فعلته ميرا فوضعت يدها على وجنتها التى تركت ميرا آثار اصابعها عليها فحدقت بها بذهول:

–أنتى عرفتى ده كله إزاى يا ميرا


أفتر ثغر حسام عن إبتسامة يرفع هاتفه يشير به أمام وجهها قائلاً:

–أصل سمعت ميرا كل اللى إحنا قولناه وأنا خليتها تيجى النهاردة علشان تعرفك على حقيقتك ومكدبش عليكى كنت قاعد قرفان وأنا بتكلم معاكى وخصوصاً أنك واحدة معندهاش أخلاق حتى لو مكنتش جوز صاحبتك مكنش عندك مانع أنك تسلمى نفسى لأى راجل زى أى سلعة رخيصة

يلا بينا يا ميرا


أخذ حسام زوجته يرمقها بإشمئزاز وهى ما زالت جالسة مكانها ترى نظرات الزبائن إليها يتهامسون فيما بينهم فأخذت حقيبتها تفر هاربة وهى من داخلها تقسم على ألا تمرر ما فعلوه بها مرور الكرام وستثأر منه ولكن سيكون ثأرها مروعاً ستحرص على أن تجعل حياتهم جحيماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى 

__________

علا صوت الهاتف بجانبه عدة مرات ففرك جمال عينيه ليرى من يهاتفه بهذا الوقت المتأخر من الليل فهو يخشى أن يكون هناك مريضاً بالمشفى بحاجة لمساعدته الآن ولكن قطب جبينه عندما وجد رقم دولى فلم يشأ أن تدوم حيرته طويلاً 


ففتح الهاتف يرد بصوته الرزين:

–ألو أيوة مين معايا


جاء الرد على الطرف الآخر قائلا بهدوء:

–حضرتك أنا من السفارة المصرية بالنمسا حضرتك دكتور جمال الرافعى


اعتدل جمال بجلسته بالفراش يرد قائلا:

–أيوة حضرتك خير فى إيه


–البقاء لله حضرتك

قالها ذلك المتحدث على الطرف الآخر فضم جمال ما بين حاجبيه لا يعلم عن ماذا يتحدث؟ ومن توفى؟ وما صلته به؟


هتف جمال بتساؤل:

–ونعم بالله بس مين اللى مات وعلاقتى بيه إيه


رد الرجل موضحاً:

–بنت عم حضرتك ثريا الرافعى أتوفت وبالصدفة لقينا فى شقتها أرقام تليفونات حضرتك هى ماتت بعد ما جالها ذبحة صدرية مفاجئة والسفارة هتبعت الجثمان فى طيارة بكرة إن شاء الله فإتصلت بحضرتك إنك تستلم الجثمان وكمان كانت سايبة وصية أن املاكها كلها اللى يورثها حضرتك 


إستمع جمال لكل ما قيل لم يمنع نفسه من الحزن على تلك المرأة المدعوة إبنة عمه بالرغم من تلك الجريمة النكراء التى فعلتها بحقهم ولكنها الآن أصبحت بين يدى الله 


فرد جمال بصوت شابه الحزن:

–تمام حضرتك هى الطيارة هتوصل الساعة كام


–إن شاء الله الساعة ٢ العصر بتوقيت مصر السلام عليكم

أنتهت المكالمة ووضع جمال الهاتف على الكومود ثم ترك فراشه ،تململت فيروز بنومها ألقت يدها بجوارها فلم تجد زوجها ففتحت عينيها على الفور لترى أين ذهب بذلك الوقت ؟ أزاحت الغطاء عنها تترك الفراش نظرت بالغرفة فلم تجده ففكرت أنه ربما يجلس بالشرفة فأقتربت منها وجدته يجلس على أحد المقاعد ولكن يبدو على وجهه الحز


أقتربت منه قائلة بقلق:

–مالك يا جمال فى إيه وقاعد كده حصل حاجة


رفع جمال رأسه ينظر إليها قائلا:

–فى واحد إتصل عليا من السفارة بالنمسا وقالى أن ثريا ماتت


ربما شعرت فيروز بإرتعادة خفيفة بعد سماع ما تفوه به زوجها فجلست على مقعد مجاور له قائلة بأسف:

–إن لله وإن إليه راجعون ربنا يرحمها ويغفر لها


زفر جمال بثقل قائلاً:

–الله يرحمها بالرغم من اللى عملته فينا بس زعلت لما سمعت خبر موتها ماتت متغربة فى بلد غير بلدها وعاشت أخر كام سنة فى حياتها بعيدة عن الكل جايز كانت حست بغلطها علشان كده بعدت 


مدت فيروز يدها تربت على يده تواسيه :

–وحد الله يا جمال بس هى هتدفن هناك ولا هترجع هنا تدفن فى مصر


رد جمال قائلاً بهدوء:

–لاء هترجع مصر بكرة فى طيارة الساعة ٢ عايز أبقى أكلم عزام ونروح نستلم الجثمان هى ملهاش حد غيرها لأنها لا أتجوزت ولا خلفت ولا ليها حتى أخوات يلا بينا ننام علشان أصحى بكرة بدرى وأروح لعزام ونجهز لدفنها


ترك جمال مكانه يولج للغرفة تتبعه زوجته فعاد للفراش من جديد وهو يُقن بأنه لن يستطيع جلب النوم لجفنيه الليلة بعد ذلك الخبر الذى سمعه منذ دقائق قلائل

__________

فى اليوم التالى..ملأت أشعة الشمس المنبعثة من النافذة أرجاء الغرفة وصوت ذلك  المنبه جعلها تفتح عينيها بصعوبة فزحفت ببطئ على الفراش لتغلقه ولكن عندما نظرت للهاتف قطبت ثراء حاجبيها فهذا ليس هاتفها ففتحت عينيها على إتساعها وهى تنظر حولها فتلك الغرفة ليست غرفتها أيضاً فتلك الصور المعلقة على الجدار بغرفة زوجها إستدارت على الفور بجانبها فرأت أيسر يغط بنوم عميق كأنه لم ينام منذ عقود فملامح وجهه الوسيم  مسترخية كأن حل مكان الوجوم والعبوس الذى كان يلازمه ملامح الراحة والاسترخاء لا تعرف لما شعرت برغبة فى الغناء 

فبدأت تدندن بصوت عذب هامس وهى تمرر يدها بخفة على وجنتيه ولحيته

الغربة توهتنى لكن ما غربتنى عنك طول السنين

شايلاك في نن عيني يا عينى واللى بينك و بينى 

اشواق كل الاحِبة وحنين المحرومين يا عيني وحنين المحرومين آه يانا م الحنين 

لو حد بينسى روحه انا كنت نسيت هواك 

لو قلب بينسى حبه انسى الحياة معاك

يا زماني و الاماني آه ياللى مالكش تانى ويا حبى الاولاني شايلاك في نن عيني يا عينى واللى بينك و بينى اشواق كل الاحِبة وحنين المحرومين يا عيني وحنين المحرومين آه يانا م الحنين

يا اعز واغلى حب لفيت الدنيا بعدك مالقتش فيها قلب

يا كل ما بتمنى الجنة نار في بعدك والنار في قربك جنة انا منك وانت مني انا توهني البعد عنك انا من غيرك ابقى مين 

شايلاك في نن عيني يا عينى

واللى بينك و بينى اشواق كل الاحِبة 

وحنين المحرومين يا عيني وحنين المحرومين آه يانا م الحنين

رجعالك يا حبيبي انا بالهوى مش بالامر 

جايالك وحنيني انا جيالك 

و حنيني ده احر من الجمر

وانا شوقي يا حياتي شوق الموج للبر 

خدني ف حضنك شوية 

و امسح دمعة عنيا خليني انسى اللي بيا


وجدت إبتسامته تزداد إتساعاً فربما لم يكن غافياً وإستمع إليها وهى تغنى لا تعرف لما شعرت بالخجل وخاصة عندما وجدته يطالعها بعينيه الناعستين تلك العينان التى أشبعتها غراماً بالأمس وتركتها غارقة في بحور الشوق جذبها إليه يدنيها منه وهو يراها كمن تريد الفرار بعد إحمرار وجنتيها وشعورها بالخجل


فقبلها على مقدمة رأسها قائلاً :

– صباح الخير يا نور عيوني صوتك حلو أوى يا ثراء وكلمات الأغنية كمان حلوة


ازدردت ثراء لعابها تحاول التخفيف من وطأة ذلك الخجل الذى تشعر به عندما حاولت الكلام خرج صوتها ضعيفاً هامساً

–صباح النور بس صوتى مش حلو أوى ولا حاجة أنا بس أفتكرت الأغنية فحبيت أغنيها


أفتر ثغره عن إبتسامة قائلا بمشاغبة:

–يعنى مكنتيش بتغنيلى يعنى يا ثراء


أغلق إحدى عينيه يحدق بها بتكاسل ، فشعرت بنبض عنيف بأذنيها من فرط ذلك الخجل الذى تشعر به ومن نظرات عينيه التى أصبحت أشد جرأة ،لم يرغب فى إزعاجها أكثر من ذلك فأعتدل بجلسته يستند بظهره إلى الوسائد خلفه فأنحسر الغطاء عن جزعه العلوى فأرادت الفرار ولكن قبل ان تقوم جذبها إليه قائلاً:

–راحة تجرى على فين كده ها 


تلعثمت ثراء قائلة:

هههروح أشوف كوكى صحيت ولا لاء


دنا بوجهه منها قائلاً:

–أنتى مش عايزة تشوفى كوكى أنتى شكلك عايزة تهربى منى أنا بعد كده هجبلك كلبشات علشان متعرفيش تجرى وتهربى


لم تكبح ضحكتها التى خرجت من جوفها بصوت عالى وهى تستمع إليه يهددها ويحذرها بلطف لا يخلو من المشاكسة سمع رنين هاتفه تأفف قليلاً ولكنه رد بالأخير فسكرتيرته بشركة الحراسة تهاتفه لأمر هام بعد الإنتهاء من المكالمة نظر لزوجته قائلاً :

–ثراء أنا مضطر أروح شركة الحراسة دلوقتى فى مشكلة هحاول متأخرش ماشى يا حبيبتى


أومأت ثراء برأسها موافقة وهى ترمقه بمحبة فأقترب منها يعانقها قبل أن يغادر الفراش وبعد مرور نصف ساعة تقريباً كان أيسر يستقل سيارته ينطلق بها إلى حيث وجهته ،ظلت ثراء بضع دقائق بشرفة الغرفة تراقب رحيله ثم عادت ثانية للداخل بعد أن رأته يخرج بسيارته من البوابة الرئيسية للمنزل

___________

تسللت عبراتها من بين أهدابها وضعت رأسها بين يديها فهى لا تنفك تفكر فى حياتها مع زوجها التى يهددها عدم إنجابها بالرغم من حرصه على أن تترك التفكير بذلك الموضوع رفعت رأسها عندما سمعت صوت خطوات قادمة ولم تكن سوى والداتها


اقتربت روحية منها تربت على ظهرها المنحنى بحنان:

–مالك بس يا مايسة فى إيه يا بنتى وحدى الله مش كده


حدقت مايسة بوجه والداتها فأقتربت منها تلقى برأسها على صدرها لتربت عليها بحنو وهى تشعر بالحزن على حالة إبنتها


قالت مايسة من بين شهقاتها الخافتة:

–تعبت يا ماما من التفكير فى موضوع الخلفة ونفسيتى تعبت مش عارفة أعمل ايه


ردت روحية قائلة:

–العمل عمل ربنا يا مايسة هتعملى إيه أنتى وجوزك الحمد لله كويسين ومفيش حد فيكم عنده مانع للخلفة بس ربنا لسه مش رايد دلوقتى فأصبرى يا بنتى


مسحت مايسة عينيها بكف يدها قائلة:

–أصبر لحد أمتى تانى بقالى أكتر من خمس سنين ومحصلش حمل أصبر لحد أمتى تانى يا ماما


أعطتها روحية محرمة ورقية تجفف بها دموعها قائلة:

–الصبر مفتاح الفرج أستغفرى ربنا كتير الاستغفار بركة دا ربنا سبحانه وتعالى قال بسم الله الرحمن الرحيم: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً" صدق الله العظيم


ربتت روحية على كتف إبنتها قائلة ببشاشة:

–قومى يلا غسلى وشك ووحدى الله  وأتوضى وصلى وأعملى زى ما قولتلك وأستغفرى كتير وربنا إن شاء الله هيرزقك وخلى أملك فى ربنا كبير


شعرت مايسة بإطمئنان من حديث والداتها معها فلتستغفر الله ولترى كيف سيكون عطاء الله لها ، تركت مايسة مكانها ولجت للمرحاض فتحت صنبور المياة وظلت تغترف من الماء ترشق وجهها وهى مازالت تتذكر نصيحة والداتها لها فتوضأت وخرجت تؤدى صلاتها تدعو الله بسجودها أن يمن عليها بالذرية الصالحة ،بعد ان فرغت من صلاتها سمعت بالخارج صوت والداها يبدو عليه أنه عاد للمنزل برفقة زوجها الذى سمعت صوته بوضوح هو الآخر وهو يمازح أشقائها الصغار خرجت من الغرفة فأشارت إليها والداتها بتجهيز العشاء ليتناولوا طعامهم بجو أسرى لطيف فبعد الانتهاء تجهزت مايسة للعودة مع زوجها إلى شقتهم وهى ما زالت تفكر فيما أخبرتها به والداتها فعزمت على العمل بتلك النصيحة التى نصحتها إياها ،وصلا إلى الشقة فولجت لغرفتها يتبعها عفيفى فهو قد لاحظ تورم عينيها وهى ببيت والدها


فسألها بقلق قائلاً:

–مايسة أنتى كنتى بتعيطى عليه


إستدارت إليه تقطب حاجبيها قائلة بغرابة:

–هو أنت عرفت أن كنت بعيط إزاى يا عفيفى ماما اللى قالتلك


أومأ عفيفى برأسه رافضاً:

–لاء مش هى عينيكى باين عليها ووارمة من كتر العياط كمان أكيد كنتى بتعيطى على موضوع الخلفة صح يا مايسة ماهو مفيش موضوع غيره بتفكرى فيهبتفكرى فيه


خرج صوته حاداً فتلك ليست عادته ولكنه ربما سأم تفكيرها المستمر فى ذلك الأمر فهو لا يريدها أن تظل باكية على شئ بيد الله وحده فهم لا يملكون سوى الدعاء والانتظار لمح تجمع الدموع بعينيها ثانية فعلم أن ذلك رعونة من جانبه أن يعاتبها على غريزة الأمومة التى خلقها الله بها


أقترب منها يبدى أسفه على ما تفوه به:

–مايسة متزعليش منى أنا مش قصدى أزعلك بس بجد أنا بقيت أضايق من تفكيرك الكتير فى الموضوع ده وزعلك أنتى كده ممكن تخلى حياتنا نكد أحنا مش فى إيدنا حاجة اللى علينا عملناه والرزق من عند الله وهو القادر على كل شئ ولو ربنا ما أرادش يا مايسة أن إحنا نخلف هتعيشى عمرك كله معايا كده حزينة ومتنكدة كده مينفعش يا حبيبتى ماشى


هزت رأسها موافقة فهى تعلم مدلول حديثه جيداً ومتيقنة من حبه لها ولكن ذلك الشعور بداخلها لا تستطيع التغلب عليه بسهولة وخاصة أنها هى من ساعدت والداتها فى تربية أشقاءها الصغار فهى تعشق الأطفال 

_______

وقف عزام يستند على عصاه بجواره جمال فى إنتظار وصول تلك الطائرة التى تحمل جثمان ثريا فبعد معرفة جمال بما حدث لها أخبر عزام وذهبوا لإستلام الجثمان فثريا لم يكن لديها سوى أبناء عمومتها 


نظر عزام لساعة يده الثمينة قائلاً:

–هم قالولك الطيارة هتوصل إمتى يا جمال


رد جمال قائلاً:

–قالوا هتوصل الساعة ٢ بتوقيت مصر يعنى خلاص المفروض هتوصل دلوقتى


دقائق وأُعلن عن وصول الطائرة فتح بابها وخرج إثنان من الرجال يحملون الجثمان أقترب جمال منهم قائلاً:

–أنا الدكتور جمال الرافعى إبن عم المرحومة


تقدم أحد الرجال ببذلة أنيقة يرتدى نظارة شمسية رفعها لمنتصف رأسه قائلاً:

–أهلا دكتور جمال أنا من السفارة فى النمسا حضرتك ده ورق الوصية للمرحومة وكمان ورق أسباب الوفاة فحضرتك أمضلنا على الورقة دى أنك أستلمت الوصية والجثمان


أخرج جمال قلماً من جيب سترته يوقع على تلك الورقة فأشار الرجل للرجلين الواقفين خلفه بوضع الجثمان بتلك العربة الخاصة بنقل الموتى ،خرج عزام وجمال من المطار يتبعون تلك السيارة بسيارتهم حتى وصلوا إلى مقابر العائلة فوقوا أمام إحدى تلك القبور التى تحمل إسم الرافعى ،تم دفن ثريا وبعد الإنتهاء بحث جمال عن عزام الذى أختفى منذ دقائق بعد دفن الجثمان ظل يبحث عنه حتى وجده أمام القبر الخاص بوالدهم وشقيقهم هاشم


هتف جمال قائلاً بقلق:

–إيه يا عزام روحت فين كنت بدور عليك واقف هنا ليه


إستدار عزام برأسه لجمال قائلا ببسمة حزينة:

–كنت بقرأ الفاتحة وبدعى لأبونا وهاشم يا جمال وبفكر يا ترى يومى قرب ولا لاء بس مش عايز أموت يا جمال ولسه فى دين فى رقبتى 


شعر جمال بالقلق أكثر من صوت شقيقه المتعب :

–بعد الشر عليك يا عزام ليه بتقول كده ربنا يديك الصحة وطولة العمر بس دين إيه ده اللى لسه فى رقبتك


زفر عزام قائلاً:

–أيسر يا جمال لسه أيسر مطلبتش منه يسامحنى على اللى عملته فيه وفى أمه زمان 


تأبط جمال ذراع شقيقه يسيرون بخطوات متمهلة فهتف جمال قائلاً بهدوء:

–لسه فى إيدك يا عزام أن تخلى أيسر يسامحك أيسر ورث أبوة فى طيبة قلبه حتى لو كان عمل اللى عمله بس برضه هو مش وحش هو كان مجروح وعايز يشفى غليله من اللى شافه


ربت عزام على يد شقيقه بإبتسامة :

–أنت كمان قلبك كبير وطيب يا جمال انا اللى كنت وحش كنت فاكر جبروتى هيفيدنى بس عرفت أن الحياة أقصر من أن الواحد يفضل يظلم وياكل حق غيره وهو مش ضامن اصلا أنه يلحق يتنعم بيه الموت بيبقى قريب مننا زى النفس اللى بنتنفسه ممكن نفس يدخل منلحقش نتنفس غيره


شعر جمال بشئ من السعادة لأعتراف شقيقه بأفعاله ورغبته بالتكفير عما فعل ،وصلا إلى السيارة التي كان ينتظرهم بجوارها السائق الذى أنحنى أحتراماً لسيده وفتح له الباب يتخذ مكانه وبجواره شقيقه جمال ينطلق بالسيارة حيث وجهتهم


كسر عزام حاجز الصمت قائلاً:

–جمال عايزك تخلى أيسر وثراء ييجوا البيت عندك بكرة


رد جمال قائلاً:

–حاضر بس عايزهم ليه


نظر عزام من نافذة السيارة بجواره ثم رد قائلاً:

–عايز أتكلم معاهم وأصفى الخلاف بينى وبينهم يعنى زى ما تقول نتقابل على أرض محايدة


تبسم عزام ضاحكاً من كلمته الأخيرة فربت جمال على يده قائلاً:

–بس كده من عينيا يا عزام هات لبنى وشهاب ونتعشى كلنا مع بعض بكرة كلنا محتاجين القعدة دى ولازم كل النفوس تصفى أحنا فى الأول والآخر دم واحد 


فكر عزام أن ربما هذا هو الحل الأمثل فربما تصبح عائلة الرافعى عائلة متحابة مترابطة و يد واحدة بعد تلك السنوات التى خيمت عليها المشاحنات والخصام فربما الجيل الجديد من تلك العائلة يتفادى أخطاء السابقين

__________

زفر بإرهاق بعد إنتهاءه من حل تلك المشكلات العالقة بالعمل وضع رأسه بين يديه يضغط بأصابعه على جانبى رأسه فعوضاً عن مكوثه بجوار معشوقته ها هو يقضى يومه بالعمل الذى شعر أنه لن ينتهى 

دلفت السكرتيرة قائلة بتهذيب:

–دكتور أيسر فى عميل عايز يقابل حضرتك ضرورى


أغلق عينيه بتعب يشير إليها بيده قائلاً:

–خليه يدخل وأطلبيلى فنجان قهوة كمان دماغى هتنفجر 


ولج ذلك الرجل وبعد الإتفاق بينهم على أن يرسل إليه أيسر أحد الحراس الشخصيين أنصرف الرجل ،دقائق وولجت صافى التى أصابها التعجب من ملامح وجهه المتشنجة فهتفت قائلة:

–مالك فى إيه باين عليك مطحون جامد النهاردة


لم تمنع صافى ضحكتها التى سمعها أيسر فضيق ما بين عينيه قائلاً:

–أنتى جاية تضحكى عليا كمان مش كفاية بقالك كام يوم مبتجيش الشغل


إبتسمت صافى قائلة بهدوء:

–كنت بظبط كل حاجة علشان خلاص حمزة حجزلى أنا وتيتة فى طيارة بكرة وهنسافرله وعلشان كده كنت جيبالك كل الملفات والأوراق المهمة اللى كانت معايا وعلشان أقولك أشوف وشك بخير يا أيسر


وضعت صافى الأوراق أمامه فحدق بها بصمت لم يدم سوى ثوانى فتمتم قائلاً:

–توصلى بالسلامة يا صافى وربنا يسعدك وإن شاء الله أنا هاجى أوصلك المطار بكرة بنفسى علشان أودعك أنتى وجدتك


أومأت صافى برأسها إيماءة خفيفة فهى سعيدة الحظ إذ جعلها القدر تقابل رجل مثله يتحلى بأخلاق دمثة فهو لم يتركها بمحنتها هى وجدتها فكان سند لهن حتى صارت أمورهن إلى الأفضل فهى تدعو الله أن يرزقه السعادة فقليل  من الرجال يمتلكون تلك الأخلاق الحميدة


ركضت ثراء خلف مليكة بحديقة المنزل والصغيرة ظلت تقفز فرحاً تشعر بالحماس للفرار حتى لا تستطيع ثراء الإمساك بها


هتفت مليكة قائلة بضحكة عالية:

–هااااا مامى مش هتعرف تمسكنى


وقفت ثراء تلتقط أنفاسها من كثرة الركض خلف صغيرتها قائلة:

–الله يسامحك يا كوكى قطعتى نفسى حرام عليكى يا بنتى


–بعد الشر عليكى يا نور عيوني

قالها أيسر الذى يبدو أنه وصل لتوه من الخارج بعد قضاء عمله الطارئ الذى جعله يتركها هذا الصباح بغير إرادته


إستدارت إليه ثراء تركض إليه قائلة بإبتسامة عريضة:

– حمد الله على السلامة يا حبيبى 


تعلقت بعنقه فطوقها بذراعيه يشدد من ضمه لها حتى إلتحمت نبضات قلبيهما قبلها على مقدمة رأسها قائلاً:

–الله يسلمك يا حبيبتى مالك بتجرى ورا كوكى ليه كده


ردت ثراء قائلة :

–كنا بنلعب مع بعض أصل بنتك غاوية لعب إستغماية وتقطع نفسى وراها من الجرى


أقتربت الصغيرة منهم راكضة تصرخ بسعادة لرؤية والدها:

–بابى 


وصلت إليهم عقدت ذراعيها تمط شفتيها بتبرم تستطرد قائلة:

–بابى أنا زعلانة منك أنت شايل ماما وأنا لاء


أتسع بؤبؤ عينيها من حديث صغيرتها ففكرت بوضعها الحالى فهى حقاً متعلقه بعنقه يطوقها بذراعيه وقدميها لا تلامس الأرض فسحبت ثراء يدها سريعاً قائلة بصوت منخفض:

–أيسر نزلنى بنتك هتفضحنا كده


أرخى أيسر ساعديه عنها فأرتدت بخطواتها للخلف وهو يضحك من كل قلبه على ما تفوهن به فلا سعادة تضاهى سعادته الآن عندما يعود من عمله يجدهن بإنتظاره تتسابق كل منهن فى الحصول على مودته 


أقتربت الصغيرة متصنعة الوجوم فتقدم هو منها يحملها يقبلها على وجنتيها المكتنزتين يخاطبها بمودة :

–قلب بابى أنتى زعلانة منى يا روحى


أومأت مليكة برأسها قائلة:

–أيوة زعلانة منك علشان حضنت ماما وأنا لاء مش تحضن ماما تانى تحضن كوكى بس 


وضعت الصغيرة يديها حول عنق والدها تلقى برأسها على كتفه بعد تقبيله على وجنته تستطرد قائلة:

–بابى أنا عايزة أركب الحصان تانى


ظل أيسر يمسد على رأسها وجسدها بحنان يزيد من ضمها له ودقات قلبه تقفز فرحاً فهمس للصغيرة قائلا:

–من عينيا يا قلب بابى كل حاجة كوكى عيزاها هنعملها بس دلوقتى نتغدا علشان بابا جعان أوى وبعدين نركب الحصان ماشى


أنزل الصغيرة من بين يديه تسبقه فى الدلوف للمنزل فمد يده  لثراء فوضعت يدها بكف يده الدافئ يغلق أصابعه على يدها يأخذها معه وصلا إلى غرفته وجد ثراء نقلت كل ثيابها وأشياءها إلى غرفته فإبتسم قائلاً:

–أنتى نقلتى كل حاجتك من أوضتك لهنا


أومأت برأسها إيماءة خفيفة ومازالت مبتسمة المحيا:

–إيه مكنتش عايز كده يعنى


أقترب منها يمطرها بعبارات الغزل حتى أصبح وجهها اشد إحمراراً من تلك الورود الحمراء اليانعة 

–إزاى يعنى مبقاش عايز كده أنتى لو مكنتيش عملتى كده كنت هروح أنا أجيب كل حاجة من أوضتك وأحبسك هنا علشان أنا مش عايز فى دنيتى غيرك أنتى وبنتنا أنتوا حياتى وأغلى ما فيها وبالمناسبة أنتى وحشتينى أوى يا نور عيونى


أراد عناقها وجدها تضع إصبعها على شفتيه تحذره من الإقتراب قائلة :

–يلا علشان نتغدا علشان هتلاقى كوكى دلوقتى داخله عليا زى المخبرين وهتقلنا بتعملوا إيه والصراحة بتسأل أسئلة مبعرفش أجاوب عليها وخصوصاً لما كانت بتقولى يا ماما عايزة نونو زى أصحابى


زادت إبتسامته إتساعاً فقال بدهاء:

–بنتى ومش لازم نزعلها لازم ننفذلها كل طلباتها يا ثراء مش لازم نحرمها من أى حاجة

ربما أصبح وجهها الآن متوهجاً كأنها وضعت أمام أشعة الشمس الحارقة فأزدردت لعابها بخجل تخفض وجهها عن مرمى عينيه المتفحصتين

فهتفت بصوت هامس:

–أيسر بطل كلامك ده وبطل تبصلى كده علشان علشان...


تاهت منها الكلمات عندما وجدته يضع رأسها على صدره يسمعها دقات قلبه التى تناغمت بصخب كأن خفقات قلبه أنغام تتغنى بعشقها فالحب كنسمات الهواء العليلة التى تلامس وجنتيها لايمكن رؤيتها ولكنها تشعر بها كموجات دافئة المشاعر تسرى بعروقها تحمل الدم حاراً إلى وجنتيها ،زحفت يديها بنعومة حتى وصلتا إلى عنقه فأغلقت عينيها بأنهزام وهى تتنهد بضعف فهى لن تستطيع مقاومة عواطفها إذا بلغت الحد الذى ينسيها أى شئ سوى أنها عادت إلى ملجئها من جديد بين ذراعيه ،صوت أنفاسه اللاهثة أنبأتها أنه ربما فى الدقيقة التالية لن يجعلها تخطى خطوة واحدة خارج تلك الغرفة 


فهمست له بصوت منخفض:

–أيسر يلا علشان زمان كوكى مستنيانا على السفرة تحت علشان نتغدا


–ها

قالها أيسر ومازال مستمر فى عناقها فهو كعابر ضل طريقه بالصحراء وبلغ العطش منه منتهاه فوجد ماء عذب فظل يرتشف منه حتى يروى ذلك الظمأ الذى أنهك قلبه وروحه فهو حتى يخشى عليها من فرط إشتياقه لها الذى يجعله يهفو إليها بكل وقت ،يريدها أن تظل قريبة منه  فحاول بقدر الإمكان أن يعاملها بحنان فهى كالبلور تريد أن يكون مراعياً لها رقيق بتصرفه فحواء خلقت من ضلع أعوج فإذا قسوت عليه إنكسر وإذا حننت عليه ظل محتضناً قلبك

رأى أنه من الأفضل الابتعاد عنها الآن ليجعلها تلتقط أنفاسها التى تكاد تتلاشى فداعب وجنتيها ففتحت عينيها فرأى عسليتيها الصافيتين تخبره صراحة عن مدى إشتياقها إليه رفع وجهها يتفرس بملامحها الفاتنة، يريد أن يشيد لها منزلاً بين أضلعه تتخذ من قلبه متكئاً ومن نبضاته ألحاناً ومن عينيه زاد العشق ومن ساعديه حصناً و ملجئاً 

ظل يحدق بها وقتاً طويلاً حتى قطبت حاجبيها بغرابة قائلة:

–فى إيه مالك بتبوصلى كده ليه وساكت 


تنهد بشوق قائلاً:

–مش عايز عينى تشوف حاجة غيرك يا نور عيونى مش مصدق أن ممكن تكون الدنيا أخيرا هتدينى السعادة اللى عشت محروم منها عمرى كله أول مرة شوفتك فيها لما كنتى بتجرى وخايفة من اللى كانوا بيجروا وراكى حسيت بوخز فى قلبى ساعتها كانت أول مرة أحس الإحساس ده  


أسندت رأسها على صدره تطوقه بذراعيها قائلة :

–لاء صدق يا حبيبى فى اليوم ده أتحاميت فيك ومن ساعتها معرفتش أشوف أى حد يبقى حمايتى وأمانى غيرك أنت أنا معاك وهفضل معاك على طول لأن مقدرش اعيش من غيرك لأن قلبى فى إيدك أنت سعادتى وجنتى أنت حب حياتى


ربت عليها بعشق قائلا:

–وأنتى كل حياتى وعلى فكرة ياثراء فى حراسة هتبقى على البيت هنا وحراسة ليكى ولمليكة كمان


رفعت رأسها عن صدره تطالعه بتساؤل:

–ليه ده كله يا أيسر


أفتر ثغره عن ابتسامة خفيفة قائلا:

–علشان أنتوا أغلى ما ليا وعلشان محدش يضايقكم ولا أن فى حاجة بعد الشر تحصلكم وأنا مش موجود معاكم بعد كده مش هتروحى فى أى مكان إلا لو كان فى عربية حراسة وراكى وكمان هيبقى فى حرس هنا على البيت بإستمرار


تذكرت تلك الأيام الخوالى عندما أتخذته حارساً لقلبها منذ تلك الوهلة الأولى التى وقع بصرها عليه، أومأت برأسها موافقة فهى وضعت زمام أمورها بين يديه ،فخريف الفراق قد رحل،وحل ربيع الغرام ،وتفتحت أزهار الشوق، ولمعت نجوم الاشتياق بسماء العشق

___________

بأحد النوادى الليلية تجرعت أيتن كأسها لتقذفه بعد ذلك ليسقط متحطماً على الأرض ويتناثر زجاجه بكل مكان فيعتمل بصدرها مشاعر الكره منذ ذلك اليوم الذى مارس عليها حسام خدعة ليكشف حقيقتها أمام زوجته لتنقطع أواصر الصداقة بينهن ،رفعت رأسها لترى من جلس على الكرسى المجاور لها على البار


هتف مجدى قائلاً :

–مالك يا أيتن مزاجك متعكر أوى ليه كده صاحبك سابك ولا إيه


رمقته بنظرة عابرة لتعود وتتجرع ذلك الكأس الذى وضعه أمامها ذلك النادل الشاب لتسحب من دخان سيجارتها التى أوشكت على الإنتهاء 


فهتفت به بإقتضاب:

–وأنت مالك أنت يا مجدى ملكش فيه خليك فى حالك ماشى 

ثم دمدمت بصوت وصل لأذنيه:

–أنا وأنت والزمن طويل يا حسام يا ابن الرافعى مبقاش أيتن إلا لو خربت حياتك


سمع مجدى إسم حسام فقطب حاجبيه بتفكير قائلا:

–حسام الرافعى أنتى قصدك أبن الدكتور جمال الرافعى


رمقته أيتن بغرابة قائلة:

–وأنت تعرفه منين يا مجدى


تذكر مجدى محاولاته التى كانت تبوء بالفشل من النيل من حسام طوال تلك السنوات الماضية فهو لم يستطيع مجابهته وخاصة بعد علمه بمن يكون وعلم أيضاً أن أى ضرر يريد أن يلحقه به سيعود عليه بمصائب لا حصر لها وخاصة أن عائلة الرافعى تتمتع بالثراء والنفوذ الواسع


إبتسم مجدى بخبث يهتف بكره:

–إلا أعرفه أنا أعرفه لما كان حتة ميكانيكى فى ورشة وعايش فى حارة قبل ما يعرف مين أهله


أستدارت أيتن بمقعدها تجلس مقابل له تهتف بإهتمام :

–أنا مش فاهمة حاجة بس عيزاك تحكيلى كل حاجة تعرفها عنه يا مجدى


قص عليها مجدى كل شئ من بداية معرفته به مروراً بإرغامه على خوض سباقات السيارات إنتهاءاً بتلك المشاجرة التى حدثت بينهم بعد معرفة حسام من تكون عائلته ومحاولاته المستميتة فى أن ينتقم منه ،لاحظ ملامح السرور على وجه أيتن فعلم أن ربما تستطيع مساعدته فى تحقيق إنتقامه من حسام 


فأفتر ثغرها عن ابتسامة خبيثة قائلة:

–بقى الباشمهندس حسام الرافعى كان حتة ميكانيكى لا راح ولا جه والعز ده كله جاله كده على طبق من دهب وكمان مخلى ميرا متشوفش غيره لاء بجد محظوظ إبن الايه ده فرصة مبتجيش غير مرة واحدة فى العمر بس أنا مش هسيبه فى حاله لازم أدفعه تمن اللى عمله معايا ده هو ومراته غالى أوى وأندمهم ندم عمرهم


إحتسى مجدى مشروبه قائلاً بدهاء:

–واللى يخليكى تحققى إنتقامك ده منهم تعملى إيه


حدقت به أيتن باهتمام فهتفت قائلة:

–أزاى يا مجدى أنتقم منهم قولى وأوعدك اللى تطلبه هنفذهولك فوراً


مرر مجدى إصبعه على ذراعها العارى قائلاً بإبتسامة قائلاً:

–كلك نظر بقى يا أيتن


علمت ما يرمى إليه مجدى بتلميحه هذا فنأت بجسدها عن مرمى يده قائلة بإبتسامة :

–أه فهمتك يا مجدى أوك معنديش مانع بس تقولى الأول ايه خطتك علشان ننتقم من حسام


انحنى مجدى بجزعه قليلاً للأمام ولكنه ظل صامتاً لبرهة فزوت ما بين حاجبيها بغرابة فهى بإنتظار سماع ما سيقوله طال الصمت لمدة دقيقة كاملة حتى هتف مجدى بإبتسامة بشعة:

–إحنا مش هننقم منه بس لاء هنقتله...   

         الفصل الثالث والعشرون من هنا


القراة باقي الفصول الجزء الثاني جميع الفصول من هنا

لقراة الجزء الاول كامل  من هنا


تعليقات



<>