رواية عروسي المشوهة الفصل الاول1والثانى2بقلم سارة علي


روايةعروسي المشوهة بقلم سارة على 

الفصل_الاول والثاني

ساره على 

🌸🌹🌸🌹🌸🌹🌸🌹🌸🌹

  

فيلا راقية تقع في قرية صغيرة تبعد عن المدينة بمسافة كبيرة نوعا ما ... اسوارها عالية بعض الشيء وتحوي حديقة واسعة مزينة بافضل انواع الورود وأزكاها ... كان هناك فتاة تمشي



 لوحدها في الحديقة تبدو في العشرينات من عمرها ...كانت ترتدي جينز ازرق وفوقه بلوزة خضراء وشعرها البني الطويل منسدل على ظهرها من الخلف ...




وفِي نفس الوقت كان هناك طفل صغير في العاشرة من عمره يلعب في الكرة بالقرب من تلك الفيلا ... رمى الكرة بعيدا لتسقط داخل حديقة الفيلا ... زفر بضيق وتقدم اتجاه الفيلا ودلف من الباب الذي كان مفتوح ... بحث عن الكرة بعينيه فلم




 يجدها ولكنه وجد تلك الفتاة الوحيدة تقف امام احدى الزهور الموجوده هناك ويبدو انها تشمها ... كانت مولية ظهرها له فتقدم ناحيته وهو يقول باعتذار :

" انا أسف اني دخلت هنا من غير إذن بس الكرة بتاعتي وقعت عندكم ..."

ما ان استدارت الفتاة حتى شهق الطفل برعب من وجهها المشوه ! اطلق صرخة فزع ثم ما لبث ان ركض باقصى سرعته هاربا منها وصورة وجهها المخيف تطارده ...




تكونت الدموع داخل عينيها وملأ الالم قلبها من هذا الموقف الذي وضعت به ... سارت متجهه الى داخل الفيلا والدموع تغطي وجهها ... ارتقت درجات السلم متجهه الى غرفتها والتي ما ان ولجت اليها حتى ارتمت على سريرها تبكي بمرارة ...




اما في الخارج وتحديدا في مطبخ الفيلا ... تقدمت احدى الخادمات الى داخل المطبخ وهي تقول بقلق :

" مدام علياء ،الست سالي مش عارفة مالها ... سمعت صوتها وهي بتعيط في اوضتها ..."

استدارت لها علياء وهي تقول بدهشة :

"ايه !!! بتعيط ليه ...؟!"

هزت الخادمة رأسها نفيا وهي تقول بجدية :

" معرفش والله ... انا سمعتها بالصدفة وانا بمشي جمب اوضتها ..."




تركت علياء ما بيدها وصعدت بسرعة الى سالي ... طرقت باب الغرفة ثم ولجت الى الداخل لتجدها جالسة على سريرها تحتضن جسدها بيديها .... رأسها منخفض نحو الأسفل وتبكي بقوة ... 

" سالي حبيبتي ... مالك ...؟ بتعيطي ليه ...؟"

رفعت سالي وجهها ثم اجابتها بنبرة باكية :

" اترعب مني اول مشافني ... هرب على طول قبل حتى ما اتكلم او اقول اي حاجة ..."




" هو مين ..؟"

سألتها علياء بعدم فهم لتجيبها سالي بصوت متحشرج :

" طفل صغير ... رمى الكرة فالغلط عندنا ... وجه عشان ياخدها ولما شافني خاف وهرب على طول من غير حتى ياخدها ..."

شعرت علياء بالشفقة على سالي ولم تعرف ماذا تقول الا انها ربتت على كف يدها بحنان وقالت :

" حبيبتي متعمليش بنفسك كده ... ده طفل صغير واكيد مش قصده ..."





قاطعتها سالي :

" انا مش زعلانة منه ... انا زعلانه على نفسي ... ليه بيحصل معايا كده ... اشمعنا انا اللي اتشوهت وبقيت أخوف الناس بالشكل ده ..."

" متقوليش كده يا سالي ... ده قضاء ربنا ولا اعتراض عليه ... استغفري ربك يا حبيبتي ..."

كفكفت سالي دموعها باناملها ثم قالت :

" استغفر الله العظيم ..."




نهضت علياء من مكانها وهي تقول بابتسامة مصطنعة :

" يلا قومي معايا وساعديني فالطبيخ ... النهاردة هعمل ليكي كيك الشوكولاتة اللي بتحبيه ..."

ابتسمت سالي بضعف ثم قالت بخفوت :

" بجد ..."

" ايوه بجد يلا قومي بقى..."

نهضت سالي من فوق سريرها وخرجت مع علياء من غرفتها متجهة الى المطبخ لتساعدها في الطبخ ...




سالي الشناوي ( في الخامسة والعشرين من عمرها ... متوسطة الطول نحيفة ... تمتلك شعر بني طويل يصل الى منتصف ظهرها ... عيناها زرقاوتان بلون البحر ... وجهها مشوه بالكامل




 بسبب حادث تعرضت له منذ ان كانت طفلة صغيرة ... تعيش لوحدها في هذه الفيلا مع علياء مربيتها والخدم ... منعزلة عن المحيط الخارجي ولا تفضل الاختلاط بأي احد )


                                  


                    


**************************************

دلفت الى داخل غرفته بعد ان طرقت الباب لتجده واقفا امام المرأة يعدل ربطة عنقه ... تقدمت ناحيته بخطواتها الأنثوية الأنيقة وهي تقول :

" صباح الخير ..."

استدار ناحيتها ما ان اكمل ما يفعله واجابها قائلا :

"صباح النور ..."

سألته بتردد :

" هتروحله النهاردة ..."

اجابها بجدية :

" ايوه ..."

استطردت في حديثها قائلة بتحذير :

" خد بالك منه ... ده شخص مش سهل وعصبي جدا ..."

زفر بضيق ثم قال بحنق :




" عارف ... سمعت عنه حاجات كتير كلها لا تبشر بالخير ..."

" احنا مضطرين نستحمله ... عشان خاطر فلوسنا وأملاكنا ..."

" تتوقعي هيتساهل معايا ..."

سألها باضطراب لتجيبه بأمل :

" طالما وافق يقابلك يبقى ممكن يتساهل معاك ويساعدك ..."

تنهد بصمت بينما أردفت هي بنبرة جادة :

" حاول تقنعه يا مازن ... دي فرصتنا الوحيدة ... لو ضيعناها من ايدنا هنعلن افلاسنا ... وانا مش مستعدة بعد العمر ده كله اتفضح وسط اهلي وصحابي ..."




ربت على كتفيها بكفي يده وهو يقول بثقة مصطنعة :

" متقلقيش ... كل حاجة هتبقى كويسة باذن الله ... وانا هعمل المستحيل عشان ارجع فلوسنا واملاكنا منه ..."




مازن الدمنهوري ( في الثلاثين من عمره ... طويل وسيم ذو شعر اسود قاتم وعيون سوداء واسعة ... والده كان من أغنى أغنياء البلد الا انه خسر جميع امواله في احدى صفقاته




 التجارية وتوفي بعدها بسبب صدمة خسارته ... والدته اسمها نهى وهي مثلها مثل جميع سيدات المجتمع الراقي اللواتي يعشقن المظاهر ... لديه اخت واحدة في السابعه عشر من عمرها اسمها ريم ...)

انتفض مازن من مكانه بعصبية ما ان سمع اقتراح الرجل الماثل امامه ليهدر به قائلا " انت اتجننت ... ازاي تعرض عليا حاجة زي كدة ..."

" اهدى واقعد ... بلاش تتسرع فكلامك لأحسن تندم بعدين ..."

قالها الرجل ببساطة جعلت مازن يشب غضبا اكثر وأكثر ... جلس مرة اخرى امامه على مضغ فهو يعلم ان لا حل امامه سوى الاستماع له ففي النهاية هذا الرجل بيده ان يعيد اليهم ثروتهم كاملة او العكس ...




تحدث الرجل بجديه وهو يجلس على كرسيه بأريحية :

" ملهاش لزمة العصبية دي كلها يا مازن ... انا بقدملك عرض ... وانت من حقك تقبله او ترفضه ..."

رمقه مازن بنظرات مزدرئة ثم قال بتهكم :

" انت عارف كويس اووي انوا صعب عليا ارفض العرض ده ..."

" يعني انت موافق ..."

" انا مقررتش لسه ..."





قالها مازن بحزم جعل الاخر يعود بظهره الى الوراء ثم سأله بعد فترة قصيرة من الصمت :

"ممكن اعرف يا مازن انت لي رافض عرضي ده ...؟"

اجابه مازن بجدية :

" عشان عرض حضرتك غير منطقي ... انت بتطلب مني اتجوز حفيدتك وأخلف منها مقابل اني ارجع ثروتي من عندك ... "

" وفيها ايه لما تتجوز حفيدتي ..."

كز مازن على اسنانه بغيظ من استفزاز الرجل الماثل امامه ثم قال بنبرة حاول ان يجعلها هادئة :




"يا حامد باشا ده جواز مش لعب عيال ... يعني ايه اتجوز حفيدتك وأخلف منها مقابل ثروتي ... انت ازاي ترضى على حفيدتك بحاجة زي كده ..."

" والله انا حر ... ارضى او مرضاش براحتي ... المهم انت ... فكر كويس وردلي جوابك بسرعة ... "

نهض مازن من مكانه واتجه خارجا من المكتب تحت انظار حامد الماكرة وابتسامته الخبيثة ... 

**************************************

عاد مازن الى منزله ليجد والدته في استقباله والتي سألته بسرعة :




" ها .. عملت ايه ...؟"

جلس مازن على الكنبة الموضوع في صالة الجلوس وهو يجيبها بسخريه :

" ولا حاجة ... طلب مني اتجوز حفيدته وأخلف منها ..."

" ايه ...!!! انت بتقول ايه !!!"

قالتها نهى بصدمة شديدة جعلت مازن يكرر ما قاله مرة اخرى :

" بقولك طلب مني اتجوز حفيدته وأخلف منها ..."



جلست نهى على الكرسي المقابل له وهي تحاول استيعاب ما يقوله مازن ... تحدثت اخيرا بعد فترة من الصمت متسائلة :

" وانت قلتله ايه ...؟! وافقت ...؟! "

" لسه مردتش عليه ..."

اجابها مازن بجدية جعلتها تسأله بغموض :

" وانت رأيك ايه فعرضه ...؟"

تنهد مازن بصوت مسموع ثم قال بحيرة :




" مش عارف ... محتار جدا ومش عارف أقرر حاجة ..."

" بس مش غريبة انوا يطلب منك طلب زي ده ..."

"هي غريبة بس ... دي غريبة جدا ... انا لحد دلوقتي مش مصدق انوا بيعرض عليا حاجة زي دي ..."

صمت مازن لوهلة ثم سألها :

"تتوقعي ايه اللي يخلي يعرض عليا حاجة زي كده ... ؟!"

هزت نهى رأسها نفيا وهي تجيبه :




"مش عارفة ... بس احتمال تكون حفيدته فيها عيب معين ولا حاجة ..."

" عيب !!!"

" ايوه عيب ... امال ليه عاوز يجوزها بالطريقة دي ..."

زفر مازن انفاسه وقال بضيق :

" يعني حفيدته فيها عيب وعاوز يلبسهولي ..."

أردف بعدها بجدية :

" انا مش عارف اعمل ايه ... انا محتار فعلا ..."

"وافق يا مازن ... معندناش حل تاني ..."

قالتها والدته بجدية جعلت مازن يقول بعدم تصديق :




" انت عاوزاني أوافق بالسهولة دي ... ده انتي بنفسك قلتي انوا البنّت اكيد فيها عيب ... ازاي عاوزاني أوافق بقى...؟"

اجابته والدته وهي تحاول إقناعه برأيها :

" عشان معندناش حل تاني غير ده ... فكر بفلوسنا واملاكنا ...هنعمل ايه لو حامد الشناوي خدها مننا وطردنا ... هنروح فين وناكل ونصرف منين ..."



شعر مازن بصدق كلام والدته وان معها الحق في جميع ما قالته ... نهض من مكانه واتجه ناحية غرفته ليفكر جيدا في هذا العرض ويحدد جوابه النهائي ...

*************************************

في صباح اليوم التالي 

في فيلا حامد الشناوي 

كان كلا من حامد وحفيديه رزان وفادي جالسين على مائدة الطعام يتناولون فطورهم بهدوء تام ...

تقدمت الخادمة منهم ووضعت الجرائد على المائدة بجانب الجد والذي اخذها بدوره وبدأ يقلب بها ...




تجهم وجهه بالكامل وهو يقرأ احد الأخبار الموجودة في الجريدة ثم رمى الجريدة على الطاولة وقال بعصبية جامحة :

" ايه حكاية رشا ممدوح دي ... هي مش هتبطل تهاجمنا بقى .."

تنحنح فادي وقال بتردد فجده يبدو عصبي للغاية:

" هي كتبت ايه تاني ...؟!"

" بتقول انوا منتوجاتنا كلها مغشوشة وقريب هتجيب الدلائل على الكلام ده ..."



"مش يمكن كلامها صح ..."

قالتها رزان بسخرية مبطنة جعلت الجد ينهرها قائلا :

" يا تقولي كلمة عدلة يا اما تسكتي افضل ..."

" كلامي دايقك ... باين انوا جه عالجرح .."

ضرب الجد على الطاولة بعصبيه وهو يحذرها :

" الزمي حدودك يا رزان احسنلك ..."

ثم أردف بعدها :

" انا اصلا اللي مقعدني معاكم ... انا الغلطان اني قاعد مع أشكال تسد النفس زيكم ..."




قال كلماته تلك ثم نهض من على طاولة الطعام متجها الى غرفة مكتبه ...

رمق فادي رزان بنظرات مستاءه جعلتها تسأله بنزق :

" خير ... مالك ..؟ بتبصلي كده ليه ...؟"

اجابها فادي بازدراء :

" كان ضروري تقولي كلامك السخيف ده وتزعجيه ..."

رفعت احد حاجبيها ثم قالت بتهكم :




" وانت مزعوج عشانه كده ليه ...؟"

" انا مش مزعوج ... انا بس شايف انوا كلامك ده ملوش داعي ..."

"وانا شايفة انوا تدخلك ده بردوا ملوش داعي ..."

" انا الغلطان اني بتكلم معاكي اصلا ..."

قالها فادي بضجر وهو يعود بتركيزه ناحية طعامه حينما صاح الجد بهم بصوت عالي :




"اتصلوا بالزفت وسام خلوه يجي حالا ..."

رزان الشناوي ( في الثالثة والعشرين من عمرها ... متوسطة الطول نحيفة ذات بشرة بيضاء ناصعة و شعر بني مائل للأحمر ...عيناها واسعه بنية ... شخصيتها قوية للغاية ومتحكمة ... تعمل في الشركة الخاصة بعائلتها وتساهم في أدارتها ...)




فادي الشناوي ( في السابعة والعشرين من عمره ... طويل وسيم ذو شعر بني فاتح وعيون زرقاء ... شاب عابث مستهتر ومهمل لاقصى درجه ... ذو علاقات نسائية متعددة ... وهو يكون الاخ الأكبر لسالي ورزان ... )

**************************************

انتفض من نومته على صوت رنين هاتفه الذي يصدح في ارجاء الشقة ... اخذه من فوق الطاولة وهو يفرك عينيه بأنامله حينما وجد اسم فادي ابن عمه يضيء الشاشة ...




ضغط على زر الاجابه ليأتيه صوت فادي قائلا بمرح :

" ايه يا عم الوحش ... ساعة عشان ترد ..."

سأله وسام بضيق :

"خير ... بتتصل عليا من الصبح كده ليه ..."

اجابه فادي بجدية :

" جدي عاوزك تجيله حالا ..."

تأفف وسام بضجر ثم سأله :

" عاوز مني ايه ...؟!"

"معرفش ...هو قال انوا عاوزك حالا ..."

" تمام ... هاجي بعد شويه ..."




اغلق هاتفه وتنهد بضيق ... التفت الى جانبه ليجد فتاة شقراء عارية نائمة بجانبه ... عقد حاجبيه بتفكير ثم سرعان ما تذكر ليلة البارحة التي قضاها معها في احد البارات والتي انتهت بها الامر في سريره ...




نهض من فراشه وارتدى ملابسه على عجل فهو يعرف انه جده يكره التأخير ... خرج من شقته تاركا الفتاة نائمة لوحدها في الشقة ... ركب سيارته واتجه الى منزل الجد ...

بعد حوالي ثلث ساعة 

هبط من سيارته ودلف الى داخل القصر لتفتح له الخادمة الباب فورا ... ولج الى داخل الفيلا واتجه الى غرفة مكتب




 جده ... طرق الباب فاتاه صوت جده سامحا له بالدخول ... ألقى تحية الصباح على جده ثم جلس على الكرسي المقابل له وبدئا يتحدثان سويا في أمور الشركة ...

تحدث الجد بجدية قائلا :

" رشا ممدوح دي لازم تتصرف معاها ... دي تخطت كل حدودها معانا ..."

" اعملها ايه يعني ..."

" معرفش ... اعمل اي حاجة وسكتها ... ان شاءالله تقتلها حتى ..."

اضمحلت عينا وسام بصدمة مما قاله جده وابتسم بداخله بسخرية من هذا الجد عديم القلب الذي مستعد لفعل اي شيء من اجل الا تتضرر مصلحته ...





نهض من مكانه واتجه خارج المكتب بعد ان وعد جده بانه سيتصرف مع تلك المدعوة رشا ... ما ان خرج من مكتبه حتى وجد رزان تهبط درجات السلم وهي ترتدي جينز طويل فوقه بلوزه سوداء ومعهما حذاء رياضي اسود اللون ... حياها بهدوء :

" صباح الخير ..."

رمقته بنظرات مزدرءة ثم تركته وابتعدت عنه متجهة الى خارج الفيلا تحت أنظاره المندهشه من اسلوبها الوقح في التعامل معه ...




وسام الشناوي ( في الحادية والثلاثين من عمره... طويل عريض المنكبين ذو شعر اشقر وعيون زرقاء ... ذو علاقات




 نسائية متعددة ... شخصيته مرحة وحازمة في نفس الوقت ... يدير شركة عائلته الى جانب رزان ابنة عمه ...) 

**************************************

كان جالسا على مكتبه ينظر الى هاتفه بتردد شديد ... لا يعرف اذا كان ما سيفعله خطأ ام صحيح ... مسك الهاتف وبدأ يبحث عن رقمه ... تطلع الى الرقم بتوتر شديد ... ابتلع ريقه ثم ضغط على زر الاتصال ... لحظات قليلة وجاءه صوته ليخبره له بصوت مضطرب :

" حامد بيه ...انا موافق على عرضك ..."

 روايةعروسي المشوهة 

بقلم سارة على 

الفصل الثاني 




كانت جالسة على طاولة الطعام تتناول غدائها مع علياء ... كانت علياء تتابعها طوال الوقت وقد لاحظت شرودها فسألتها بحنان :

" مالك يا سالي ...؟ مش بتاكلي ليه ...؟!"

" ابدا مفيش حاجة ..."

" هتخبي عليا انا ..."

قالتها علياء بتأنيب فاخفضت سالي رأسها خجلا ... سألتها علياء مرة اخرى لتجيبها سالي بنبرة حزينة :





" مخنوقة اووي ... نفسي اخرج من البيت ده ... اتخنقت من قعدتي بين اربع حيطان لا بشوف حد ولا حد بيشوفني ..."

صمتت علياء ولم تقل شيئا فهي تعرف ان سالي معها كل الحق فهي محبوسة طوال الوقت داخل جدران هذه الفيلا لا تخرج منها ابدا ولا ترى اي حد عداها هي والخدم ...

" معلش حبيبتي ... ايه رأيك بعد الغدا نخرج بره في الجنينة نزرع ورد ..."

أشاحت سالي بوجهها ناحية النافذه ثم قالت بعيون دامعة :

" هو كل يوم الجنينة ... مفيش مكان تاني اروحله ... انا مليت منها ... ومليت من كل حاجة في الفيلا دي ..."

" طب تروحي فين بس ...؟"

" مش عاوزة اروح اي مكان ... انا عارفة انوا مكتوب عليا افضل محبوسة هنا طالما جدو عاوز كده ..."

تنهدت علياء بصوت مسموع بينما كفكفت سالي دموعها التي بدأت بالهطول حينما سمعا أصوات سيارة تأتي من الخارج ... قفزت سالي من مكانها وهي تقول بلهفة :





" دي اكيد رزان جت ..."

ركضت ناحية الباب الخارجية وفتحتها وخرجت لتجدها تهبط من سيارتها ... 

هبطت رزان من سيارتها وتقدمت ناحية سالي وعلى شفتيها ابتسامة سعيدة ... سارت اتجاهها بخطوات سريعة ثم ضمتها بقوة ما ان وصلت اليها ...

ابتعدا الفتاتان عن بعضهما بعد لحظات لتقول رزان بنبرة اشتياق :

" وحشتيني ..."

ردت سالي عليها بابتسامة :

" وانت وحشتيني اكتر ..."

اردفت بانزعاج مصطنع :

" كده متجيش عندي اسبوعين كاملين ..."

رزان باعتذار :

" آسفة والله ... كان عندي شغل كتير في الشركة ... "

" خلاص سماح المرة دي ..."

" بصي جبتلك ايه ..."

قالتها رزان وهي تتجه ناحية سيارتها لتخرج منها كيس كبير يحتوي على انواع مختلفة من الملابس وتقدمت به ناحية سالي والتي أخذته منها بلهفة كبيرة و بدأت تقلب في الملابس بسعادة بالغة ...





**************************************

خرج مازن من غرفته وهو يرتدي ملابس الخروج ...هبط درجات السلم متجها الى الباب الخارجية للفيلا حينما لمح والدته تجلس في صالة الجلوس تتابع التلفاز والتي صاحته ما ان رأته قائلة :

" مازن ... انت خارج و رايح فين ...؟"

تقدم مازن ناحيتها وهو يجيبها بجدية :

" رايح أقابل حامد الشناوي ..."

عقدت حاجبيها بتعجب وسألته باستغراب :

" هتقابله ليه ..."

اجابها باختناق :

" عشان نحدد معاد الفرح ..."

ابتسمت والدته لا إراديا وقالت بسعادة واضحة :

" انت وافقت ...؟"

" ايوه وافقت ..."

قالها مازن بحنق واضح جعل والدته تخفي ابتسامتها بسرعة وتنهض متجهة نحوه قائلة بنبرة جذلة :




" معلش يا مازن ... انا عارفة انوا صعب عليك تاخد قرار زي ده ... بس معندناش حل تاني ..."

" حاسس اني ببيع نفسي ليه ..."

قالها مازن بقهر واضح فنهرته والدته بسرعة :

" متقولش كده ... انت بترجع فلوسك و بتحافظ على اسمك ..."

في نفس اللحظة فتح الباب و دخلت اخته ريم الى المنزل ...

" مساء الخير ..." 

ألقت التحية عليهم فردوا عليها بينما تحدث مازن قائلا :

" انا لازم اروح دلوقتي ..."

" رايح فين ...؟"

تسائلت ريم بتعجب لتجيبها والدتها نيابة عنه :

" رايح يحدد معاد فرحه ..."

" ايه ده يا مازن ... هو انت خطبت دينا ..."

رشقتها والدتها بنظرات محتقنه جعلتها تهز رأسها باستغراب بينما قالت والدتها :

" لا مخطبش دينا يا ريم ... مازن هيخطب حفيدة حامد الشناوي ..."

" معقول ... طب ودينا ...؟!"

زفر مازن انفاسه غضبا ثم قال بازدراء :

" انا رايح أقابل الرجل قبل ما انفجر هنا ..."





سار مبتعدا عنهم  خارج الفيلا متجها الى فيلا حامد الشناوي بينما تسائلت ريم بسرعة :

" انا مش فاهمة اي حاجة يا مامي ... احكيلي كل حاجة بلييز ..."

" اقعدي واحكيلك ..."

جلست ريم بجانب والدتها التي بدأت تسرد على مسامعها جميع ما حدث وما يخص زواج مازن من حفيدة حامد ...

**************************************

جلس مازن امام مكتب حامد على الكرسي المقابل له ... تقدمت الخادمة منهما ووضعت فنجان القهوة امامه وفنجان اخر امام حامد ... 

ما ان خرجت الخادمة من المكتب حتى تحدث حامد بابتسامة قائلا :

" كنت متأكد انك هتوافق يا مازن ..."

لم يجبه مازن الذي كانت ملامحه يغلب عليها البرود بينما اكمل حامد بدوره قائلا بجديه :

" نخش في التفاصيل على طول ... انا مش طالب منك اي حاجة ... وانا زي ما قلتلك ... المهم عندي تتجوزها وتخلف منها وبعدها اعمل اللي انت عاوزه ..."

سأله مازن بوجوم :

" والطفل ...؟"

" ماله ...؟ "

اجابه مازن بجدية :





" اضمن منين انك مش هتاخده مني ..."

" لا اطمن خالص ... انا مستعد اكتبلك ورقة تنازل عنه لو عاوز ..."

تطلع اليه مازن باستغراب حقيقي ثم سأله بجدية :

" لما انت حتى الطفل مستعد تتنازل عنه ... مصمم عالجوازة دي ليه ...؟"

اجابه حامد بغموض :

" ده شيء يخصني ... انت ملكش فيه ..."

أردف مازن متسائلا مرة اخرى :

" طب وحفيدتك موافقة ...؟"

اجابه حامد بثقة :

" متقدرش ترفض ليا اي كلمة ... سالي مطيعة ومستحيل تعاند او تمانع حاجة انا بقولها بس خد بالك هي مش عارفة عن الاتفاق اللي بينا ..."

" ليه مقولتلهاش ...؟ كده احنا بنخدعها ...؟"





" قلتلك من الاول الكلام ده ملكش فيه ...انت ليه مصر تدخل نفسك في حاجات متخصكش ... انت المهم عندك فلوس ابوك وأملاكه ... ودي هتاخدها كاملة..."

زم مازن شفتيه بضيق بينما أردف حامد قائلا :

" المهم ... خلينا نحدد معاد الفرح ... وخد بالك انا مش عاوز فرح كبير وهيصة ... عاوز بس المقربين من العيلتين يجوا ... سالي مبتحبش الدوشة والحفلات الضخمة ..."

" حاضر ... حاضر يا حامد بيه ... عاوز معاد الفرح يبقى امتى ...؟!"

حامد بجدية :

" الخميس اللي جاي ..."

" اللي هو بعد بكره ..."

قالها مازن بدهشة ليقول حامد :





" خير البر عاجله ... ولا انت مش عاوز تطمن على فلوسك وثروتك ..."

**************************************

انتفضت دينا من مكانها وهي تقول بصدمة شديدة :

" تتجوز !!! انت بتقول ايه ...؟ انت اكيد بتهزر ...؟"

تنهد مازن وقال بجدية :

" اقعدي يا دينا وخلّينا نتفاهم ..."

ردت دينا بعصبية :

" نتفاهم ايه بس ... انت خليت فيها تفاهم ... بقى انا جايه ليك عشان واحشني الاقيك بتتجوز ..."

نهض مازن من مكانه واقترب منها قائلا بنبرة هادئة :

" دينا ممكن تسمعيني ... انتِ عارفة اني بحبك ... وعارفة انوا ده غصب عني ..."





زفرت دينا انفاسها ضيقا ثم قالت بقهر :

"بس مش لدرجة تتجوز يا مازن ... استحمل ازاي حاجة زي كده ...؟!"

"حبيبتي ، ده جواز مصلحة ... سنة بالكتير وينتهي ... المهم ارجع فلوس من البني ادم ده ... انتِ عارفة انوا ده الحل الوحيد عشان ارجع ثروتي ... مقداميش حل تاني ..."

دينا بعدم اقتناع :

" مش عارفة أقولك ايه ..."

مازن برجاء :

" قوليلي انك هتوقفي جمبي وتساعديني لحد ما أتخطى المرحلة دي ..."





أردف بعدها بجدية :

" لو بتحبيني هتستحملي عشاني ..."

" انت عارف اني بحبك يا مازن ... بلاش تختبر حبي ليك فالطريقة دي ..."

صمت مازن ولم يتحدث وقد سيطر الوجوم على ملامحه ... شعرت دينا بانزعاجه فقالت بابتسامة مصطنعة :

" خلاص يا مازن ... انا هفضل جمبك ومش هسيبك ... وهستحمل جوازتك دي ... بس اوعدني ... سنة واحدة بس مش اكتر ..."





قبض مازن على خصرها مقربا اياها منه وهو يهتف بها :

" وأقل منها لو اقدر ... صدقيني سنة واحدة وهرجعلك وابقى ليكي لوحدك ..."

**************************************

انتفضت من مكانها برعب وهي ترى جدها يدخل الى غرفتها ... اخر مرة رأته فيها منذ عامين ... لم تره طوال عامين كاملين الا انها تحفظ بالتأكيد ملامحه المخيفة وكلامه المؤذي الذي يلقيه في وجهها ...

تقدم ناحيتها قليلا ثم قال بصوته الغليظ الذي يبث الرهبة داخلها :

" جهزي نفسك ... بعد بكرة فرحك ..."

"ايه ...!!!"

صرخت بعدم تصديق ثم قالت باندهاش شديد وهي تشير الى نفسها باصبعها :





"فرحي انا ..."

" ايوه فرحك ... عارف انها صدمة كبيرة ليكي ... مهو مش معقول وحدة زيك تتجوز ... دي مبتحصلش حتى في الاحلام ..."

ابتلعت غصتها داخل حلقها وسألته بجدية :

" ومين ده اللي هيرضى يتجوزني ...؟"

" مازن الدمنهوري... اكيد متعرفيهوش ..."

هزت رأسها نفيا بينما اكمل بدوره قائلا بجدية :

" المهم بكرة هتكوني عندي بالفيلا ... هتلاقي كل حاجة جاهزة للفرح ... قبلها هتعمليلي توكيل عشان اكتب الكتاب نيابة عنك ... فاهمه ...؟"




هزت رأسها موافقة على كلامه بينما خرج هو من الغرفة تاركا اياها لوحدها ترتجف من رأسها حتى اخمص قدميها محاولة استيعاب ما سمعته منه ...

**************************************

دلفت رزان الى غرفة مكتبه وهي تسأله بصوت عالي بعض الشيء :

" الكلام اللي سمعته صحيح...؟"

اجابها حامد بسخرية :

" هي الأخبار وصلتك بالسرعة دي ...!"

" انت ازاي تعمل حاجة زي كدة ... ازاي ...!!"





كانت تصيح بصوت عالي جعله يصرخ عليها بصوت حازم :

" وطي صوتك احسنلك ... ولآخر مرة بقولها الزمي حدودك معايا .."

أردف قائلا بنبرة متسلطة غليظة :

" انا أقرر واعمل اللي انا عاوزه ومحدش يقدر يرفض ... الكل لازم يكون مطيع ليا وانتِ أولهم ..."

" لو فاكر اني هسكتلك وأوافق  على قرارك ده تبقى غلطان ... الجوازة دي مش هتم ... انا مش هسمح ليها انها تتم ...هتشوف رزان هتعمل ايه ..."




خرجت صافقة الباب خلفها بينما أمسك الجد هاتفه بسرعة واتصل على وسام ... ما ان جاءه صوت وسام حتى سأله بسرعة :

"انت اللي قولت لرزان على موضوع الجوازة ..؟"

" ايوه انا ..."

" عاوزك تخفيها باي طريقة لحد ما الفرح يخلص ... شكلها ناوية تعملي مشاكل ..."

" أخفيها ازاي ...؟"





سأله وسام بعدم فهم ليقول جده بعصبية :

" أتصرف يا وسام ... اعمل اي حاجة ... المهم متبوظش الفرح ..."

"  حاضر ...حاضر ..."

قالها وسام واغلق هاتفه ليفكر بطريقة مناسبة يخفي من خلالها رزان ...

*************************************

بعد مرور يومين 

وقفت امام المرأة تتطلع بانبهار الى ذلك الفستان الأبيض الضخم الذي يغطي جسدها النحيل ... لم تتصور في أبعد أحلامها انها سترتدي في يوم ما فستان كهذا ... شعرت بغصة قوية وهي تتطلع الى وجهها المشوه وتمنت لو بامكانها ان




 تمحي ذلك التشوه من على وجهها ... ذهبت بتفكيرها نحو عريسها وتذكرت وسامته ورجولته الطاغيه بعد ان بحثت عن صوره في الانترنت وانبهرت به ... لم تصدق ان هذا الشاب




 المليء بالوسامة والرجولة سيتزوج بها هي ... ما زالت تجهل سبب موافقته على الارتباط به وهي بهذه الهيئة ... استبعدت ان يكون سبب زواجه بها من اجل المال فهو من عائلة غنية مشهورة ... اذا لماذا سيتزوج بها ...؟ 




تقدمت علياء منها وقالت بعينين  مدمعتين ونبرة حنون :

" ماشاء الله يا سالي ... تجنني ..."

" اجنن ايه بس يا دادة ... احنا هنضحك على بعض ولا ايه ..."

قالتها سالي بسخريه جعلت علياء تربت على ذراعها وهي تقول بحنان بالغ أدمعت عينا سالي على اثره :

" في نظري انتي تجنني ... كفاية انك بنتي اللي ربَّتها وعشت معاها سنين عمري ..."






ضمتها سالي بقوة وهي تقول بنبرة صادقة :

" وانتِ امي اللي مجابتنيش وربنا عالم بمعزتك عندي ..."

خرجت من بين أحضانها بعد ذلك وهي تقول بحزن :

"هي رزان مش هتجي ولا ايه ...؟"

اجابتها علياء بارتباك :

" مانتي سمعتي جدك قال ايه ... قال انها مسافرة فشغل مهم تبع الشركة ..."




" مش معقول متحضرش معايا وتوقف جمبي فيوم زي ده ..."

صمتت علياء ولم تتحدث الا انها من الداخل كانت تعرف بان ثمة شيء ما غريب يحدث فالجد يبدو انه يخطط لشيء سيء ... سالي بنفسها تعرف ان هناك لغز وراء هذه الزيجة الا ان لهفتها وعدم تصديقها لما تمر به جعلتها تتغاضى عن كل هذا ...

**************************************

اوقف مازن سيارته امام فيلا حامد الشناوي حينما هتفت والدته بغيظ :




" انا مش عارفة ايه معناه اننا مش هنعمل فرح ولا اي حاجة ..."

مازن بتهكم :

" انتِ صدقتي ولا ايه انها جوازة بجد ..." 

" حتى لو ... دي اول جوازة ليك ... مش معقول تعدي كده ..."

تحدثت ريم بضجر :

"كفاية بقىً ...احنا مش هننزل ولا ايه ..."

أردف هاني وهو صديق مازن المقرب :





" خلونا ننزل يا جماعة وبعدين نتناقش في الموضوع ده ..."

" بلغتي بيت عمي ...؟"

سألها مازن بجديه فاجابته والدته بضيق :

" لا طبعا ... لما يرجعوا من السفر هبقى أبلغهم ..."

هبط الجميع من السيارة وتقدموا الى داخل فيلا فوجدوا كلا من حامد ووسام وعدد قليل من أقاربهم في انتظارهم اما فادي فلم يأتِ الى الزفاف فالامر لا يعنيه  ...




رحب حامد بهم وجلسوا في الصالة ليأتي المأذون بعد دقائق ... تم عقد القران وأطلق الخدم الزغاريد احتفالا بهذه المناسبة ...

نهض مازن من مكانه وصافح حامد الذي بارك هذه الزيجة وطلب من الخدمة ان يطلبوا من سالي النزول ...




بعد لحظات هبطت سالي درجات السلم وهي تخفض رأسها نحو الأسفل ... كانت تشعر بالخجل الشديد والرهبة من التجمع الذي تراه امامها فهي لم تعتد الظهور امام هذا التجمع الكبير من الناس ... تقدمت ناحية مازن الذي رفع وجهه ناحيتها

 لينصدم بقوة ممايراه امامه ولم تكن صدمة والدته والحظور باقل منه ... بينما ابتسم الجد بخبث وهو يشاهد الصدمة والنفور الواضح على وجه الضيوف واولهم العريس الذي ما زال غير مستوعب لما يراه امامه ...

                       الفصل الثالث من هنا

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا


تعليقات