رواية عطارة جدو
بقلم اسماء ايهاب
الفصل التاسع عشر
دموع وجع آلم تمزف روح مشاعر احست بها مكة و هي تنزل علي الدرج متخبطة بالجدران و دموعها تنزل بغذارة لم تعد تعرف شئ مشتتة شاردة ضائعة كل هذا يوصف حال مكة عندما سمعت والديها عفواً ليسوا والديها
مكة لنفسها ببكاء : و ادي اخرتها يا مكة ملكيش لا اب و لا ام و لا حد ياتري انا بنت مين
اختبئت بغرفة مالك المخصصة للتدريب في احد زاويات الغرفة منكمشة علي نفسها وتبكي بقوة و هي تقول : انا لازم امشي من هنا لازم معدتش هبقي عالة علي حد
*****************************
وقفت و اخذت حقيبتها و كادت ان تذهب الا ان اوقفها صوته الحاد
مالك بحدة : وايحة (رايحة) فين
لتتنهد بضيق و تكمل سيرها ليقف و يجذب يدها و يقول بغضب : لما ابقي بكلمك تقفي و تسمعي للاخو (للاخر) و تودي (تردي) بكل احتوام (احترام)
لتنظر لها نظرة زلزلة بدنه و تقول : لو سمحت ابعد بقي
مالك : هتسمعيني يا كاومن (كارمن)
لتقف و تعقد يدها امام صدرها و تقول : نعم اتكلم سمعاك
ليجذبها لتقترب منه قليلا و يقول وهو يجز علي اسنانه : اتعدلي يا كاومن (كارمن)
كارمن بغضب : يا بجحتك يا اخي انت اية
مالك بغضب و عروق بارزة : انتي اللي اية مش عايزة تسمعي غير نفسك
كارمن : مانا واقفة اهو وبسمع بس انت معندكش حاجة تقولها
ليمسك بيدها و يجرها الي السيارة
سراج : براحة يا مالك
التفت له مالك و قال بغضب : خليك في حالك
ليفتح لها باب السيارة الامامي و هو يمسك بذراعها و يقول : اوكبي (اركبي)
كارمن بعند اغلقت باب السيارة الامامي و فتحت الخلفي و افلتت ذراعها و صعدت الي السيارة ليغلق هو الباب بقوة خلفها و يصعد الي مقعد السائق و يلتفت لها و يقول : ما انا السواق بتاع جنابك
كارمن بعصبية و عفوية : بس يالا
صمت مالك قليلا ثم انفجر بالضحك ثم قال : ولاه بلعب معاكي انا
كارمن : اخلص لو سمحت عايزة امشي
مالك : تمشي تووحي (تروحي) فين
كارمن : ملكش فيه
ليلتفت لها بحدة و يقول : انا سايبك بواحتك (براحتك) و مسايسك لكن هتتمادي اقسم بالله ما هوحمك (هرحمك)
كارمن : بص يا مالك متخدنيش بالصوت لان انت غلطان لما اتصل عليك عشان اطمنك عليا زي ما سعاتك امرت و الاقي واحدة بتقولي مالك حبيبي مش فاضي او سلام عشان مالك بيناديلي و تيجي الاقي روج علي لياقة القميص و تيجي تقولي فاهمة غلط ارحمني من الكدب دا بقي
لينزل مالك من السيارة و يجلس بالخلف بجوارها و يقول بحنو بالغ : و الله يا حبيبتي ما في حاجة من دي هي اكيد اللي قصدت تعمل كدا و انا في الحمام و الله العظيم هي اللي دايما تتعدي حدودها
كارمن : و الروج ؟!
مالك : اول ما وصلت عندهم فجأه جت عليا و عملت كدا و اكيد بودو (بردو) قصدها و انا مأخدتش بالي
كارمن : يبقي تثبتلي ان مفيش حاجة بينكوا بانك متروحش هناك تاني
مالك بسرعة : موافق اصلا كنت هعمل كدا
كارمن : كلمها حالا و قولها انك مش جايلها تاني
مالك وهو يخرج هاتفه : حاضو (حاضر)
****************************
خرجت فاتن من المطبخ مع نهي لتسأل لمياء : فين البنات
لمياء : ليان و كارمن في المحل و جاسمين فوق بتشوف مواعيد دروسها الجديدة
فاتن : و مكة
لمياء : مش عارفة
فاتن : هروح اشوفها حرام تقعد لوحدها و اجي
نهي بهدوء : ماشي
بعد دقائق نزلت فاتن و تقول : مكة مش موجودة
في حين كان ينزل عصام و سمع تلك الجملة ليلتفت بزعر و يقول : امال راحت فين
فاتن : مش عارفة اتصل عليها كدا
ليخرج عصام هاتفه و يهاتفها و هي لا ترد و بعد دقائق تصله رسالة منها ليفتحها ليجد محتواها
(( محدش يدور عليا انا هدور علي اهلي و هروحلهم ))
صدم عصام واحس ان الارض اهتزت من تحته و هو يقرأ رسالتها ليهاتفها مرة اخري لكن هاتفها اغلق معني حديثها انها استمعت لكل شئ ليصرخ بكل قوة اوتت له : مككككككككككككككة
ليجتمع الجميع حوله و الكل يستفسر بما يحدث ليجلس هو و هو نادم انه لم يحسب حساب ليوما كهذا
******************************
في سيارة مالك لازال مالك بجوار كارمن ليغلق الهاتف بعد مهاتفت كاميليا و الاعتذار منها انه لا يقدر علي القدوم اليها مرة اخري
مالك : هاااا كدا تمام
كارمن و هي تعقد يدها امام صدرها : تمام
ليرن هاتف مالك ليجده والده ليفتح الاتصال علي الفور ليجد نبرة والده علي وشك البكاء : مكة مش موجودة في البيت و مش هترجعله تاني يا مالك
لينتفض قلب مالك زعرا و يقول بخوف شديد : اية اللي حصل
عصام : تعالي يا مالك شوف اختك
مالك بقلق ينهش قلبه : طيب انا جاي حالا جاي
ليعود مالك الي مقعد القيادة سريعا و يقود بسرعة جنونية
كارمن : في اية يا مالك مالك في اية
لم يرد عليها مالك و لكنه زاد من سرعته لتصرخ به بشدة : ردد عليااااا
مالك بحدة : هششششششش
كارمن بحدة هي الاخري : مترد الله هو اية اللي هشش
مالك : مكة مش موجودة لو مكة جوالها (جرالها) حاجة هموت
كارمن بغضب : بسس اياك تقول حاجة زي دي تاني ان شاء الله هنلاقيها
لتنزل دمعة من مالك و هو يقول باختناق : ياوب (يارب)
*****************************
اجتمع الجميع في ردهة المنزل و الجميع حزين علي غياب مكة تلك الفتاه المرحة
ليهب فجأة شادي و يركض و يتردد. باذنه صوتها : انا دايما بروح من ورا مالك اوضة التدريب بس دا سر
شادي بخفوت و هو مازال يركض : سر يا حبيبتي سر
اما بغرفة تدريب مالك حل الظلام بالغرفة و مكة ترتجف اوصالها تخشي ان تضئ الانوار ينكشف مكانها و تردد : يارب ساعدني يارب مليش غيرك يارب
فتح شادي الباب فجأة و فتح الاضاءة و كما توقع وجدها موجودة منكمشة علي نفسها ليقول بلهفة : مكة
لتقوم سريعا و تذهب له و ترتمي بين ذراعيه و هي تبكي و تمتم له بكلام غير مفهوم و لكنها شكوة ليمرر يده علي شعرها و هو يضمها له و بغمض عينه بشدة تفكيرا منه ان آلم قلبه يزول
شادي و هو يضمها : مش عايز اسمع اهدي اهدي الاول
مكة ببكاء و تمتمة : انا مليش حد انا مش بنتهم انا من غير حد
شادي و هو يمرر يده علي شعرها : هششششش خلاص متخافيش انا معاكي
لتشعر مكة انها لم تعد قدمها تحملها لتقع بركبتها علي الارض و هو معها و لازال محتضنها و يهداها و هي حتي الآن لا تستطيع الوقوف علي قدمها ليحملها و يقف بها و يسير بها نحو المنزل و هي تردد ببكاء : مش عايزة اروح تاني مش عايزة ابقي عالة علي حد
ليدلف شادي الي الداخل و هو يحمل مكة ليتقدم منه مالك سريعا بلهفة و يحملها منه و يقول : لقيتها فين
شادي : دخلها و خليها تهدي
ليركض بها الي الغرفة و هي مازالت تبكي حتي ان عينها انتفخت و ادمت من كثرة البكاء
*****************************
جلس مالك بجوار مكة يمسح دموعها و يقول بحنان : العيون الجميلة دي مين زعلها
لم ترد مكة عليه و انما تتذكر ايام طفولتها مع اخيها الحنون التي اكتشفت بين ليلة و ضحاها انه لا شئ لها
عصام : سيبنا و اطلع انت يا مالك
مالك : حاضو (حاضر) يا بابا
ليقبل جبهت شقيقته و يخرج الي الخارج ليجلس عصام بجوار ابنته و يقول : سمعتي كلامي مع سامية مش كدا
مكة : انا اسفة بس كنت جاية اكلم حضرتك بس
توقفت مكة عن الحديث و بدأت في البكاء
عصام : هتسمعيني يا مكة من غير عايط
مكة : انا بس عايزة اعرف مين اهلي
عصام : هقولك اية الحكاية بس اسمعيني من غير ماتعيطي
مكة و هي تمسح دموعها : حاضر
*****************************
وقفت امامه و قالت له ببرود : حمد الله علي سلامة اختك
كادت ان تذهب الا انه امسك ذراعها و قال : في اية علي المسا ماكنا كويسين
كارمن : مفيش و نزل ايدك عشان بابا و ماما قاعدين
مالك : عادي و لا يهمني
كارمن : لم نفسك يا مالك
مالك : لمي نفسك انتي الاول
ماهر : كاااارمن
كارمن و هي تركض لوالدها : منك لله يا مالك
***************************
في غرفة مكة امتلئ وجهها الملائكي بالدموع ابيها يروي لها ما حدث لتقول لابيها ببكاء : يعني ليها حق تعاميلني وحش ليها حق طب فين ماما فين
عصام : لسة بدور عليها من خمستاشر سنة
مكة : و هي مدورتش عليا
عصام : ربنا الاعلم بحالها يا حبيبتي
مكة بانهيار : يعني اية يعني ممكن تكون ماتت
عصام و هو يقترب من ابنته و يحتضنها : لا لا مكة مماتتش
مكة : هي اسمها علي اسمي
عصام : سميتك علي اسمها مكنتش اعرف انك هتبقي ذكري جميلة منها
مكة ببكاء و هي مازالت بحضن ابيها : انا عايزاها يا بابا
عصام : هجيبهالك و الله لجبهالك يا مكة متخافيش
ليسطحها علي الفراش و يقبل جبهتها و يتركها و يخرج مغلقاً الباب خلفه لتتنهد هي بحسرة متذكرة معاملة زوجة ابيها لها
****************************
بغرفة ماهر كانت زوجتة خارجة من المرحاض حين كان ينوي التسطح اعلي الفراش لتفرد شعرها المصبوغ مأخراّ بلونه الطبيعي و هو الاسود الفاحم كشعر الخيل كابنتها كارمن
ماهر : هتنامي ؟!
نهي بنبرة عادية : اه هنام
ماهر : طيب
كاد ان يتسطح لتنادي عليه ليلتفت لها بلهفة و فرحة : و اخيرا
نهي مكملة : انا هنام مع كارمن
ماهر بحدة : لا
نهي : انا ببلغك بس انا راحة راحة
ماهر : هو انتي مش هتقولي كفاية علي الراجل الغلبان دا كدا يعني و لا اية
نهي : انا عملتلك اية انا بحاول هعمل اية اكتر من كدا بحاول ارجعك مكانك تاني يا ماهر
ماهر : حاولي و انتي في حضني موحشتكيش
فرد ذراعيه لها استقبلته بالجمود لكن سرعان ما ارخت نفسها و ركضت اليه سريعا ليحتضنها هو بشوق و لهفة رجاء استحسان و الوقت الفائت كله ليبني الليلة قاعدة جديدة من قواعد
العشق المتينة الذي سوف يبني عليه و يؤسس عليه علاقته بها من جديد ليكون اسمي معاني الغرام و تعويذة سحرية القاها احد المشعوذين عليهم ليثبت عليهم لعنة العشق و سحره الاسود
****************************
في صباح يوم جديد انتظره الجميع بلهفة حتي يمحو ما تبقي من الليلة الماضية
ذهب اربعتهم الي محل العطارة ليبدأوا يومهم
ليدلف مازن الي غرفة اخته ليجدها شاردة حزينة ليقول مازن بمرح : الووو مسا التماسي يا ورد قااعد علي الكرااااسي
مكة بعبوس : كثيف اوي سيبني في حالي
مازن : كدا يا كوكو تصدي اخوكي حبيبك كدا نوسسسة دا انتي العشق يا بت
.
مكة بابتسامة : خلاص خلاص
ليجلس مازن بجوارها و يمرر يده علي اذنه لتقول مكة باستغراب : مالك يا بني عينك تحتها ازرق كدا لية
مازن : هاا لا ابدا دا بس من قلة النوم
مكة : قلة نوم اية بس يا بني دا انت مدمر خالص شكلك ماشاء الله دراكولا
مازن : بقولك اية انا جاي اطمن عليكي مش وقت حورات
مكة : طب امشي بقي امشي مش عايزة من خلقتك حاجة
مازن : ماشي ياختي و انا اللي كنت هفسحك و هبسطك
مكة بحنان : طمني عليك يا قلب اختك
مازن : متقلقيش دا انا مازن الجامد
مكة : لو فيك حاجة قول يا مازن
مازن : متقلقيش سلاموز
مكة بضحك : سلاموز
خرج مازن و خرج من جوار الباب شادي المختبئ حتي يخرج مازن ليدلف سريعا غالقاً الباب خلفه
مكة بخضة : في اية
شادي بغضب : انتي ازاي تعملي كدا مكلمتنيش لية و انا كنت جتلك متهورة و غير مسئولة
مكة : انت بتكلمني كدا لية انت عارف اية اصلاً
شادي بحدة : انتي تخرسي خالص انتي معنديش ريحة الدم انتي عارفة انا قلقت ازاي و لا كلنا قلقنا ازاي مكلمتنيش لية مكلمتيش مالك ليه
مكة بغيظ : و انت مالك
شادي و هو يذهب لها و يمسك بذراعها بشدة : مل علي جنابك انتي متحلفة
مكة : مكنش اتفاق اننا بيست فريند يعني هتعمل فيها جوزي
ليترك شادي ببطئ و يقول : صح يا بنت عمي صح
ليخرج و يتركها لتلعن تحت انفاسها و تسب نفسها و تخرج خلفه منادية عليه و لكنه لم يرد
مكة : يا شادي
لتركل قدمها بالحائط دون ان تقصد لتتأوة بشدة ليلتفت لها هو سريعا و يذهب لها و يسندها و يقول بلهفة : استني استني علي مهلك
مكة و هي تبعده : خلاص خلاص روح انت
ليسندها رغماً عنها و يدخلها غرفتها و يجلس بجوارها و يقول : بصي نص ساعة و هجيبلك مرهم للكدمات و اجي
ليقول جملته سريعا و يذهب دون ان تلحق ان تنطق
****************************
ذهب مالك مع جاسمين بعد ان قال له ابيه ان يصلها الي دروسها و انه يعتمد عليه بذلك اوقف مالك السيارة و قال لها : اطلعي و انا هاجي اخدك
جاسمين برجاء : مالك بليز اطلع معايا و كمان عشان تتعرف علي المدرس بتاعي انا بخاف من اي حاجة جديدة عليا
مالك بحنان عندما تخيلها مكة شقيقته : ماشي يلا نطلع سوا
صعدا سوياً و فتحت صديقة جاسمين الباب ليدلفا سويا عندما اخبرتها ان المدرس الجديد بالداخل وقف المدرس و استقبل مالك و صافحه
مالك : مالك عصام بدوان (بدران)
ليقول الاخر و هو ينظر لعينه : اهلا و سهلا يا استاذ مالك انا وجدي غانم الاسيوطي
