CMP: AIE: رواية عروسي الكاذبة الفصل الاول
أخر الاخبار

رواية عروسي الكاذبة الفصل الاول

رواية عروسي الكاذبة الفصل الاول

رواية عروسي الكذابة 


 الفصل الاول 

بقلم سارة علي

" انت اتجننت ..؟! عايز تطلقني وتجوزني صاحبك ..؟!"

صرخت بها بعدم تصديق بينما عينيها الجميلتين ترسلان شرارات نارية ناحيته ..

" اهدي يا ميرنا .. خليني اشرحلك .."

صاحت به بإنفعال اكبر وقد ألمها حديثه بشدة :

" تشرحلي ايه وتهبب ايه ..؟!"






" يا بنتي افهمي .. دي فرصتنا انا وانتي عشان نعيش وننطلق بقى .. وفالمقابل احنه هنقدمله خدمة العمر .."

قالها بجدية وثقة لتخفت نبرتها وهي تقول بضعف :

" عاوزنا نعيش بالطريقة دي ..؟! بأني اتجوز واحد غيرك ..؟! هو ده جزاء حبي ليك يا نزار ..؟! عاوز تضحي بيا عشان الفلوس اللي هتاخدها من صاحبك الغني ..؟!"

اغمض عينيه محاولا السيطرة على الغضب الشديد الذي على وشك ان ينفجر في وجهها بسببه ثم قال بتأني بعدما فتح عينيه :

" يا ميرنا اديني فرصة واحدة بس .. باسل محتاج يتجوز .. وانا لقيت انوا دي فرصتنا .. يتجوزك مقابل مبلغ كويس ويطلقك بعدين ونرجع لبعض .."

" دي فرصتك انت مش فرصتي انا .."

قالتها بوجع ظهر جليا في نبرة صوتها المبحوحة ليقترب منها وهو يهمس بخفوت وحب :

" لا فرصتنا احنه .. الفلوس دي هي اللي هتخلينا نعمل المشروع بتاعنا .. وهي اللي هتخلينا نخلف الطفل اللي مستنينه بقالنه سنين ومش قادرين نخلفه بسبب الفلوس اللي مش موجوده .."

اغمضت عينيها وكلماته الرقيقة تنساب داخل اذنها .. لطالما احبته ولطالما كان لكلماته وقعا اخر داخلها .. فبسبب حبه جاءت هنا .. تركت كل شيء خلفها وعاشت معه .. تركت احلامها وطموحاتها بل و اقرب الناس اليها ..

ضغطت على شفتيها بقوة وهي تشعر برغبة شديدة في البكاء .. رغبة لطالما أتتها كلما عادت تلك الذكريات الماضية تتدفق داخل عقلها ..

" صدقيني يا ميرنا .. جوازك من باسل مؤقت .. فترة وهينتهي … بس مقابل الفتره دي هناخد مبلغ محترم جدا .."

قاطعته بقوة :

" هتجوزه .. عارف معنى ده ايه …؟! يعني هبقى مراته .. هناك فحضنه بدل حضنك .."

قاطعها بحدة :

" لا طبعا .. الجواز هيكون عالورق وبس .. انتي فاكراني اني ممكن اخليكي تكوني لواحد غيري .. يا ميرنا استوعبي .. باسل عاوز زوجة مؤقته .. فترة محددة يسكت بيهه اهله .. وبعدها يطلقك .. "

" وانت ضامن منين انوا مش هيخلي الجوازة دي بجد ..؟!"

قالتها بتهكم من ثقته الزائدة بصديقه ذلك الذي لم تره بل ولم تسمع عنه قبلا سوى بأحيان قليلة ..






" مش هيحصل .. باسل يعرف مليون وحده ومش هيوقف عليكي .. غير انوا ده هيكون شرط من اتفاقنا .. انوا الجوازة عالورق بس .. كمان انا واثق فيكي يا ميرنا .. "

قال جملته الاخيرة بجدية ممزوجة بثقة جعلتها تشعر بحسرة شديدة وهي تفكر أنها كانت تثق به بدورها ولكن ثقتها به اهتزت بشكل جعلها تشعر أن رجلا اخر غير الذي احبته يقف امامها ..

" وهو ايه اللي يخليه يوافق على كده ..؟! مهو ممكن يتجوز مليون واحده ..؟! ليه يوافق يتجوز مرات صاحبه ..؟!"

تنحنح وهو يجيب :

" مهو مش هيعرف انك مراتي .. "

" نعم ..؟!"

صرخت بها بقوة جعلتها يهتف بهدوء محاولا امتصاص غضبها :

" انا مش هقوله .. هقوله انك قريبتي او صديقتي وعندك ظروف ومحتاجة فلوس .. ولما احكيله انك ثقة وعلى ضمانتي خصوصا انوا خايف يتجوز واحدة نصابة او تستغل اتفاقية الجواز المؤقت دي اكيد هيفرح .. مش هيلاقي حد يثق فيه اكتر مني .."

" انت مبسوط اوي وانت عارف انوا بيثق فيك .. ؟! لا وكمان بتخدعه ..؟!"

تقدم نحوها بملامح قاتمه وهتف بقوة :

" اسمعي بقى .. انا قرفت بجد .. انتي ليه مش قادره تفهمي ..؟! استوعبي بقى .."

قالها جملته الاخيره بنبرة حازمة فاضية جعلت جسدها يرتجف كليا قبل ان يكمل بقسوة :

" انا مش هسمح للفرصة دي انها تضيع من ايدي .. ولو مش هتوافقي يبقى انسي كل حاجة بينا .."

اتسعت عيناها وهي تهمس بجزع :

" يعني ايه ..؟!"






اجابها بهدوء :

" يعني هطلقك وكل واحد يروح لحاله بدل منا شايل الحمل لوحدي .."

اندفع بعدها خارجا من الشقة بأكملها لتنهار هي على ارضية المكان ..

……………………………………………………………

اخذ دخان سيجارته يتصاعد عاليا بينما صديقه المقرب عصام يهتف بجدية :

" انا مش مقتنع باللي بتعمله ده ..  باسل لو عرف بمخططك هيقتلك .."

نفث نزار دخان سيجارته عاليا ثم قال :

" ليه ان شاءالله ..؟! هو عايز عروسة مؤقته وانا هجيبهاله .. ماله هي تطلع مين ..؟! هو مش هيخسر حاجة ..؟!"

" بس دي مراتك ..؟!"

قالها عاصم بنبرة ذات مغزى ليرمي نزار سيجارته ارضا ويدعسهم بقدمه قبل ان يهمس بضيق :

" مش لما توافق هي الاول .. بلاش تنق من دلوقتي .."

" مظنش انها هتوافق .."

قالها عصام بهدوء وجدية ليرد نزار بثقة شديدة :

" هتوافق .. ميرنا بتحبني ومستحيل تتخلى عني خاصة بعدما هددتها اني هطلقها .."

تطلع عصام اليه بضيق فكيف لنزار ان يفعل هذا بواحدة مثل ميرنا .. ؟! ألا يعلم عدد الاشخاص الذين يحسدونه ويتمنون ان يكونوا مكانه والذي للاسف هو واحدا منهم .. ؟!

افاق عصام من شروده على صوت نزار وهو يقول :

" انت بس افتح الموضوع قدامه لما نشوفه واتصرف زي ما فهمتك .."

اشاح عصام وجهه بضيق بينما قال نزار بجدية :

" انت سمعتني ..؟!"

تأفف عصام وهو يردد بملل :

" ايوه ..؟!"

ابتسم نزار بهدوء وقال :





" يلا بينا زمانه وصل .."

سار عصام خلفه بقلة حيلة وهو يشعر بالنفور من هذا الصديق الذي يراه بوجه اخر مختلفا للغاية هذه المرة ..

………………………………………………………………

كان باسل يجلس بجانب فؤاد صديقه المقرب وهو يتناول قهوته بشرود .. 

لم يكن يود الحضور فهو كان يريد ان يبقى في مكتبه يعمل دون هوادة لعل وعسى ينسى كل ما يمر به ..

ارتشف رشفة صغيره من قهوته السادة بينما سمع فؤاد وهو يهتف بجدية :

" انت مش ناوي تفك ولا ايه ..؟! هي دي مقابلتك ليا بعد غياب عشر ايام ..؟!"

تنهد باسل وهو يقول :

" معلش يا فؤاد .. انا بجد مش فالمود النهاردة .."

ابتسم فؤاد بتهكم وهو يجيبه :

" وانت من امتى فالمود ان شاءالله ..؟! انت بقيتِ كده من ساعة الموضوع اياه ومش فاهم لحد امتى هتفضل كده …؟؟"

زفر باسل انفاسه بضيق بينما اكمل فؤاد بقوة :

" الهروب مش حل يا باسل ..انت لازم تواجه .. الموضوع مش مستاهل يعمل فيك كده .."

ابتسم بتهكم وهو يقول :

" لا ابدا .. مش مستاهل خالص .."

قال فؤاد بهدوء :

" ايوه مش مستاهل .. متتجوز وتخلصنا .. ولا انت ناوي تعيش عازب كده ..؟!"

رد باسل بصوت منفعل :

" انا مش فاهم مشكلتكم ايه معايا ..؟! اتجوز او متجوزش فأنا حر ..؟! كل ده ليه ..؟! عشان ماريا هانم ..؟! يا اما اتمم جوازي منها يا اما اروح اتجوز غيرها .. ؟! ليه مش قادرين يفهموا اني مش عاوزها وانها عمرها مهتكون زوجة حقيقية ليا ..؟! انا مش هقدر اعيش حياة طبيعية مع ماريا ..؟! لازم يفهموا ده .."

تنحنح فؤاد وهو يقول :

" اهدى يا باسل .. محدش غصبك انك تتمم جوازك من ماريا .."

صاح زياد بقوة وألم :

" لا غصبوني .. غصبوني اتجوز اول ما خلصت عدتها بعد موت اخويا الله يرحمه .. ودلوقتي عاوزين يغصبوني اخلي جوازنا حقيقي .. واخلف منها .. طب مهي خلفت اتنين ربنا يخليهم بكره يشيلوا اسم العيلة .. مش لازم انا اخلف بردوا .."

زفر فؤاد انفاسه وهو يقول :

" يا باسل افهم .. هما عاوزينك تستقر فحياتك .. عاوزينك تعيش حياة طبيعية .. يبقى ليك بيت وعيلة .. هما مش عاوزين ماريا تحديدا .. هما عاوزين إنك تستقر حتى لو مع اي وحدة تانيه .. حتى لو مع اللي تختارها انت .."

تشدق فم باسل بتهكم وهو يردف :

" اختارها انا ..؟! وانا من امتى اخترت وحدة ست دخلت حياتي ..؟! روبي مكانتش اختياري .. ومارلا بردوا مكانتش اختياري .. وماريا كذلك .. كلهم كانوا اختيارهم هما وحتى دلوقتي عاوزين هما يختاروا .."

صمت قليلا قبل ان يكمل بخفة :






" عمر بيه عاوزني اكمل مع ماريا واخلف منها .. خايف الهانم تطلب الطلاق وتاخد الولاد .. عشان ولاد ابنه يعيشوا جمبه لازم انا اجبر نفسي على واحدة مبحبهاش .. و نورا هانم عاوزاني ارجع لروبي بنت اخوها رغم كل اللي عملته زمان .. شفت بقى هما عاوزين ايه ..؟!"

" مش عارف اقولك ايه يا باسل .. بس اللي انت فيه ده مش حل .."

صمت باسل وهو يشيح بوجهه نحو نافذة المطعم بينما تقدم نزار وعصام نحوهم حيث هتف نزار وهو يجلس في مقعده امامهم :

" مساء الخير .."

اجابه باسل بهدوء :

" مساء النور .."

وفعل كذلك فؤاد ..

سألهما نزار عن احواليهما وبدئوا يتحدثون سويا بينما شعر عصام بنزار يدعس على قدمه كتنبيه له كي يبدأ حديثه ..

" صحيح عملت ايه فموضوعك يا باسل ..؟!"

اجابه باسل بهدوء :

" مفيش جديد ..  ابويا وامي على نفس رأيهم .."

ثم اكمل بتهكم :

" بيهددوني انهم يسحبوا مني الشركات .."

نظر عصام اليه للحظات قبل ان يهتف بجدية :

" طب متتجوز  ..؟! حتى لو لفترة مؤقته .."

نظر فؤاد اليه بتركيز بينما رد باسل :

" ايه اللي بتقوله ده يا عصام ..؟!"

رد عصام بجدية :

" يابني مش هما بيعملوا كل ده عشان تتجوز وتستقر بحياتك .. ؟! طب انت اتجوز .. خليهم يسكتوا .. "

هم باسل بالحديث لكن عصام قاطعه بسرعة :

" اسمعني الاول .. اتجوز مؤقتا .. فترة كده تخلص فيها من زنهم .. كم شهر وبعدين طلقها وقولهم محصلش توافق  بينا .. "

" ساعتها هيقولوا اتجوز غيرها .. وكمان انا مش خايف منهم عشان امشي كلمتهم .."

قالها باسل بقوة ليرد نزار بخبث :

" بس الشركة فإيديهم .. يعني ابوك لو حطك فدماغه ممكن يسحب منك كل حاجة .. "

قال فؤاد بدوره :

" انا شايف انوا كلام عصام منطقي جدا .. اتجوز لفترة وخليهم يهدوا عليك شويه .. وطلق بعدين وارجع زي مانت .. "

" وبردوا هيقولوا ارجع اتجوز تاني .. ده اصرارهم هيزيد ساعتها وممكن يقولوا انوا ده نتيجة سوء اختياري ويفرضوا عليا وحدة على مزاجهم .."

تدخل نزار في حديثه قائلا :

" مانت الكام شهر دول هتضبط امورك وتعمل شغل خاص بيك وتطلع من تحت سيطرتهم .."

ابتسم باسل بتهكم وقال :






" ماشاءالله ضبطتوا كل حاجة .. مش ناقص غير اجيب العروسة .."

ثم سألهما بسخرية :

" ودي مين بقى اللي هترضى بجوازة زي دي ..؟!"

رد فؤاد :

 " احنه فأمريكا يابني .. فيه مليون واحده امريكانيه ترضى بالاتفاق ده .. "

هم زياد بالرد الا ان نزار قال بسرعة :

" لا امريكانية ايه بس .. ؟! ابوه هيقلب عليه اكتر .. لازم تكون وحدة عربية ومسلمه .."

حل الصمت المطبق بينهم بينما اكمل نزار :

" وطبعا ده صعب .. مفيش وحده هنا ممكن تقبل بحاجة زي دي .."

نظر اليه الجميع بوجوم بينما عقل باسل يردد كلمات عصام واقتراحه داخل رأيه والغريب انه لم يشعر بالراحة ناحية هذا الاقتراح ..

افاق باسل من شروده على صوت عصام يقول :

" ممكن نشوف وحده هنا محتاجة فلوس .. فيه عرب كتير هاجروا هنا وعايشين بالعافية .."

" فكرة .. بس البنت لازم تكون محل ثقة .." 

قالها نزار بجدية ليهتف عصام مدعيا التردد :

" انا اعرف وحدة كده .. ممكن تفيدنا وانا واثق بيهه جدا .. "

" مين ..؟!"

سألته فؤاد بسرعة ليرد عصام بتوتر مصطنع :

" منا خايف من نزار ليدايق .."

رفع نزار حاجبه مدعيا الجهل :

" ادايق ليه  ..؟! هو انا اعرفها ..؟!"

اومأ عصام برأسه وهو يجيبه :

" انا بتكلم عن ميرنا .."

انتقص نزار من مكانه وهو يصرخ بقوة :

" نعم ..؟! انت اتجننت ..؟!"

" فيه ايه يا نزار .. ؟! اهدى شويه .. ومين ميرنا دي ..؟!"

قالها فؤاد بسرعة بينما باسل يراقب الوضع بوجوم فكل ما يحدث لا يعجبه ..

" ميرنا دي تبقى جارته من زمان .. بيعرفوا بعض من وهما اطفال وكمان راضعين على بعض .."

قالها عصام بجدية بينما صاح باسل :

" ميرنا لا .. انا مستحيل احطها فموقف زي ده .. دي تعتبر اختي .."

" مهي محتاجة فلوس .. وممكن باسل يتجوزها مقابل انوا يديها الفلوس اللي هتعمل بيهه عملية ابوها  .. ابوها بقاله سنين بيموت ومش قادر يعمل العملية بسبب تكلفتها .."

صمت نزار مدعيا التفكير قبل ان يقول :

" ومين قال انها هتوافق .. ؟! "

نهض باسل من مكانه وقال بجمود :

" مش لما اوافق انا الاول .."






ثم حمل هاتفه وسترته وخرج من المطعم ليستأذن فؤاد وهو يتبعه بينما هتف نزار :

" برافو يا عصام .. حقيقي اقنعتني بطريقتك فالكلام .."

" تربيتك يا باشا .."





قالها عصام بتهكم بارد قبل ان يسأله :

" بس انت ليه خليتني اقوله انها اختك فالرضاعة وكده ..؟!"

رد نزار بجدية :

" عشان يعرف انها قريبة مني ومتربية معايا يعني مصدر ثقة .."

ابتسم عصام بسخرية ثم قال :

" بس شكله مش هيوافق …"

رد نزار بثقة :

" هيوافق .. غضبا عنه هيوافق .."

" طب وميرنا..؟!"

رمقه نزار بنظرات غامضه وهو يردد :

 " هتوافق هي كمان .. حتى لو غصبا عنها مع اني اشك اني هضطر اغضبها .."

………………………………………………………………….


دلف باسل الى جناحه بعدما فتح الضوء الذي سطع في ارجاء المكان ..

خلع سترته ورماها ارضا ثم اتجه نحو الحمام الكبير الملحق بغرفته ليأخذ حماما طويلا يزيل من خلاله ذلك التعب المسيطر عليه ..

بعد دخوله الى الحمام بحوالي خمس دقائق فتحت ماريا باب جناحه ودلفت الى الداخل وصوت كعب حذاءها العالي يطرق على ارضية الغرفة بقوة ..

وقفت امام المرأة للحظات تتأمل هيئتها المغرية بقميص نومها الذي يظهر اكثر مما يخفي .. لقد اختارت قميص نوم شفاف باللون الاحمر قصير قليلا يبرز منحنيات جسدها المثير بشكل رائع ..

كان شعرها الطويل منسدلا على جانبي وجهها بشكل ساحر والمكياج الصارخ يرسم ملامح وجهها بعناية فائقة بينما رائحة عطرها القوي سيطرت على اجواء المكان ..

ابتسمت بثقة وهي تسير داخل الجناح تتأمل غرفة نومه بعشق جارف قبل ان تنتبه الى سترته الملقاة على الكنبة فتحملها وتتنفس عطره بهيام ..

اغمضت عينيها ورائحة عطره تتغلغل داخل انفها ..

كم ارادته ..؟! وكم تمنت نظرة واحدة منه ..؟! هو فقط دونا عن كل رجال هذه الارض سرق قلبها وروحها .. أرادته ورغبت به كما لم ترغب بأحد قبله .. 

تتمنى ان يشعر بها ويبادلها غرامها وشغفها بأخر مثله ..

ذلك الرجل الذي يصغرها بأربعة اعوام هو معذب قلبها وروحها .. هو حبها الذي لن تتخلى عنه ولو بعد حين ..

سمعت باب حمامه يفتح فاتجهت مسرعة تقف في الجهة المقابلة لخزانة ملابسه كي لا يراها ..





خرج وهو يلف منشفة حول خصره بينما تراقب هي جسده المفتول وقطرات الماء التي تتساقط فوقه بنظرات راغبة متعطشة ..

وقف امام المرأة واخذ كفه يتخلخل داخل شعره ثم حمل عطره وبدأ يرش منه على جسده ..

سارت ماريا بخطوات بطيئة وصوت غير مسموع نحوه .. 

سوف يتفاجئ بها وراءه وهي سوف تناله اليوم مهما حدث ..

كان باسل يسرح شعره حينما شعر بأحدهم يقترب منه ليلتفت الى الخلف فيجدها امامه بهيئة مثيرة غير عادية على الاطلاق ..

تصنم في مكانه للحظات مصدوما من كمية الانوثة التي تظهر من خلال قميص نومها الفاضح قبل ان يستوعب من هي وماذا تفعل فيصيح بها بحدة :

" انتِ بتعملي ايه هنا ..؟!"

اقتربت منه وعلى شفتيها ابتسامة خلابة وهمست امام وجهه :

" واحشني .. واحشني ومحتاجاك يا باسل .. محتاجاك جمبي .."

ابتلع ريقه من قربها المهلك فهو بالنهاية رجل لديه مشاعر واحاسيس خاصة اذا كانت الواقفة أمامه كتلة مليئة بالاغراء وفوق هذا كله زوجته حلاله ..

ابتسمت بحب وهي تكمل بينما أناملها تسير على ذراعه :

" مش كفاية يا باسل .. هتفضل حارمني منك لحد امتى ..؟!"

ابعد أناملها من فوق ذراعه وقال بجمود :

" عمري مقربتك مني يا ماريا عشان ابقى بحرمك … "

ابتلعت ريقها وهي تردد بوهن :

" بس انا بحبك .."

قاطعها بغضب :

" اخرسي .. مش عاوز اسمع الكلمة دي على لسانك .."

اخفضت رأسها بوجع بينما هتف بها بقوة :

" ودلوقتي اتفضلي اخرجي .. ومش عايز المحك هنا تاني ابدا .."

رفعت عينيها الحزينتين امامه لينظر اليها بلا مبالاة فتوليه ظهرها وهي تسير مبتعده عنه قبل ان تتوقف مكانها للحظات وتأخذ نفسا عميقا وتحسم امرها ..

تطلع باسل اليها بجمود وهو يراقب وقوفها فجأة مسافة خطوتين عنه قبل ان يتفاجئ بها تلتفت نحوه من جديد وتجذبه اليها وتقبله بقوة ..

لم يستطع باسل ان يمنع نفسه من مبادلتها قبلتها تلك بينما اخذ يقبلها بقوة وهي تبادله قبلاته  بلهفة وتوق شديدين  .. 

ابتعد عنها محاولا اخذ انفاسه لتعاود تقبيله من جديد فهي لا تريده ان يستعيد وعيه ويبعدها عنه من جديد ..

يجب ان تصبح زوجته الليلة مهما حدث ..





دفعها باسل على السرير وعاد يقبلها بشغف بينما يداه تعبثان بجسدها البض وقد اشتعلت نيران الرغبة في جسده ..

لحظات قليلة كاد ان ينتهي بها كل شيء ..

لحظات قليلة وكادت ان تصبح زوجته قبل ان يبعدها عنه فجأة وينهض من مكانه مثبتا المنشفة حول خصره متمتما بكل عبارات الغضب والشتائم التي يعرفها ..

نهضت ماريا من فوق سريرها بوهن .. لقد قتلها بعدما أحيا تلك الانثى بداخلها من جديد ..

اقتربت منه ولمست ظهره المقابل لها وهي تهتف :

" باسل .."

وكأن لمستها تلك أشعلت نيران الغضب داخله فالتفت نحوها هاتفا بغضب شديد ونفور غريب :

" اخرسي وكفاية بقى .. انا مبقتش قادر استحملك ولا بقيت طايقك .. انتِ ايه .. ؟! فوقي لنفسك بقى وابعدي عني ..؟! انتي مش هتسيبيني فحالي بقى ..؟! عاوزة مني ايه ..؟! عاوزة ابقى جوزك بحق .. بتعملي كل ده عشان تجبريني على حاجة مش عايزها ..؟! حتى ابويا خليتيه يقلب عليا .. ؟! عاوزة تحققي امنيتك الاولى  والاخيرة ..؟! مش هيحصل يا ماريا .. عمرك ما هتكوني زوجة حقيقية .. انتي بالنسبالي كنت وما زلت مرات اخويا الكبير .. مرات اخويا اللي كنت مضطر احترمها واعمالها كويس عشانه رغم اني عارف انها متستحقش ده .. فوقي بقى .. فوقي وشوفي عيالك اللي كبروا ومحتاجينا .."

صاحت به وقد نفذ صبرها بقوة :

" عيالي .. عيالي .. عيالي .. انا ضحيت ولسه بضحي عشانهم .. فضلت عايشة مع اخوك مجبرة عشانهم .. واتجوزتك عشانهم .. فضلت متجوزة واحد مش شايفني عشانهم بردوا . .. بس  خلاص بجد كده وكفاية .. من هنا ورايح انا مش هستحمل .. انا هفوق لنفسي واعيش حياتي .."

ابتسم ساخرا وقال :

" بلاش تكذبي الكذبه وتصدقيها يا ماريا .. انتي طول عمرك عايشة حياتك .. من امتى وانت مهتمة فعيالك ..؟!"

رمقته بنظرات باردة وهي تردد :

" ماشي يا باسل .. هتشوف ماريا هتعمل ايه ..؟! انا بقى هرفع قضية طلاق واطلق واعيش حياتي مع راجل يستحقني .."

" مستنية ايه ..؟! الباب يفوت جمل .."

قالها ببرود لتهتف به :

" قول الكلام لباباك اللي عاوز يخليني عايشة هنا طول العمر وناسي اني ست وليا احتياجات .."

" اطلقي وسيبي ولادك هنا .. وانا اضمنلك انك هتعملي اللي عايزاه.."

" انا مش هسيب ولادي .."

رد بتهكم :






" مش دول ولادك اللي تعبتي من التضحية عشانهم .. اديني بنفسي بعفيكِ من التضحية دي .. عيشي حياتك يا ماريا والولاد سيبيهم عليا .. وانا اوعدك هربيهم احسن تربيه .."

رمقته بنظرات كارهة قبل ان تخرج من جناحه وهي تتوعد له بالكثير ..

……………………………………………………

بعد مرور ثلاثة اسابيع ..

كانت ماريا تجلس بجانب والد زوجها عمر وهي تكتم شهقاتها بصعوبة بينما الاخير يربت على ظهرها ويهدئها ..

كانت قد حدثته عن معاناتها مع باسل التي لا تنتهي واهماله لها .. 

افاق من افكاره وهو يتذكر حديثها على صوتها وهي تقول بحزن :

" انا لازم اروح دلوقتي .. جومانة عاوزاني اختار معاها فستان عيدميلادها .. عن اذنك يا بابا .."

ابتسم عمر ونهض من مكانه رابتا على كتفها هاتفا بجدية :

" متقلقيش يا حبيبتي .. كل حاجة هتتحل .. اوعدك بده .."

" ميرسي يا بابا .. انا واثقة فيك .."

اتجهت خارج جناح والد زوجها بينما تنهد هو بقوة قبل ان ينطلق خارج جناحه ويهبط الى الطابق السفلي وتحديدا نحو مكتب ابنه ..

فتح الباب ودلف الى الداخل ليرفع باسل عينيه عن حاسوبه الشخصي بينما يتقدم والده نحوه ويهتف :

" انت مش ناوي تعقل بقى ..؟! ليه مش راضي تسمع كلامي ..؟! ذنبها ايه ماريا تعمل فيها كده .. ؟! "

انتفض باسل من مكانه وقال :

" ملهاش ذنب … وانا مليش ذنب .. قلتلك مش عايزها .. افهم بقى .. "

اقترب منه والده وقال بقوة :

" مش عايزها ومش عايز اي وحده .. عايز تفضل تتسرمح كل يوم مع وحده ..؟! فاكر اني مش فاهم دماغك ..؟! عاوز تصيع براحتك .. ؟! اسمعني انا مش هسكت .. قدامك اسبوع واحد ماريا تكون مراتك فيه .. انت لازم تتجوز بجد واشوف احفادي منك .."

رمقته باسل بنظرات جامدة قبل ان يتركه ويخرج من المكان ..

اندفع الى الطابق العلوي نحو جناح ماريا ..

فتح باب الجناح ودلف الى الداخل وهو يصيح على اسمها بقوة لتخرج من غرفة الملابس تتبعها جومانة ابنتها ..

ضغط باسل على اعصابه وهو يرى نظرات جومانة المستغربة لصوت عمها العالي فيبتسم بهدوء وهو يحتضن وجهها ويهمس لها :

" ممكن تسيبيني مع مامي شوية يا حبيبتي ..؟!"

ابتسمت جومانة وهي ترد بإذعان :

" اكيد يا انكل .. اروح اغير فستاني بس .."

ابتسم وهو يتأمل فستانها الذي يليق بسنوات عمرها الستة عشر فقال :

" جميل اوي الفستان يا جوجو .. ماشاءالله كل ما بتكبري بتحلوي اكتر .."

" شكرا يا انكل  .."






قالتها جمانة بسعادة من اطراء عمها ثم اتجهت بسرعة لتبديل ملابسها تاركة والدتها مع باسل الذي هتف بها :

" برافو .. بخيتي سمك كالعادة .. عاوزة تجبريني يا ماريا ..؟! "

" انت اللي اخترت .. انت اللي خليت نفسك بموقف زي ده .."

منحها ابتسامة غريبة وقال :

" تفتكري اللي خلاني الاربع سنين اللي فاتوا احافظ على كلمتي ووعدي لنفسي ممكن يقل وأغير رأيي تبقي غلطانه .. انتي اللي جبتيه لنفسك .. استحملي بقى .."

خرج بعدها من الجناح تاركا اياها تشعر بقلق من كلامه الذي كان تهديدا صريحا لها ..

…………………………………………………………

دلفت الى شقتها وهي تحمل العديد من الاكياس التي تحتوي على انواع مختلفة من الخضروات والفواكه واللحم ..

وضعتها ارضا ثم جلست على الكرسي وهي تضع رأسها بين كفيها بوهن ..

سقطت دموعها على وجنتيها بغزارة وقد علت شهقاتها تدريجيا ..

اخدت تبكي وصوت بكائها يعلو بشدة حتى تحول الى صراخ مؤلم ..

ظلت تصرخ بوجع من اعماق روحها التي اصبحت تحترق بألم ..

توقفت عن نحيبها المؤلم بعد مدة لتنهض من مكانها وهي تسير نحو غرفتها بخطوات مترنحة ..

جلست على سريرها بينما امتدت يديها تحمل علب الدواء الموضوعة امامها ..

اخذت تخرج حبة من كل علبة وتتناولها بسرعة قبل ان تتمدد على جسدها محتضنة جسدها كالقرفصاء مغمضة عينيها بوهن قبل ان تغط بنوم عميق ..

بعد ساعات طويلة فتحت ميرنا عينيها لتشعر بنحول شديد يسيطر على جسدها ..

ابتلعت ريقها بوجع وضغطت على عينيها التي بدت تهدد بالانهمار ..

ظلت على هذه الحال لعدة دقائق قبل ان تضغط على جسدها وهي تشده وتجلس باعتدال على سريرها ..

نهضت بعد لحظات وهي تشعر بدوار يسيطر عليها لكنها تماسكت وهي تحمل هاتفها وتفتحه على امل ان يكون قد تذكرها او اتصل بها ..

تأملت الهاتف الخالي من اي رسالة او اتصال منه ..

تنهدت بوجع وهي تتذكر كلام صديقتها الوحيدة في هذه البلاد :






" عنده حق .. دي فرصه متتعوضش .. عمرها مهتتكرر .. هي كلها مدة صغيره وكل واحد يروح لحاله .. ده جوزك ولازم تسمعي كلامه .. متبقيش عبيطه … خدي بالك ليسيبك .. جوزك حلو والف وحده تتمناه والبنات هنا كتير وهيموتوا عليه .."

ابتلعت ريقها بتردد وصدى كلمات تلك الصديقة تتردد داخل اذنها قبل ان تحسم امرها وتتصل به ..

رفض مكالمتها فشعرت بطعنة قوية داخل قلبه قبل ان تجده بعد لحظات يرسل لها رسالة مختصرة :

" تعالي فالمطعم اللي انا فيه دلوقتي .. هبعتلك اللوكيشن .."

ضحكت بسعادة وهي تتجه مسرعة نحو خزانة ملابسها تخرج فستان رقيق منها ترتديه .. فستان يحبه عليها بشدة ..

اغمضت عينيها براحة وهي تفكر انه ما زال يحبها وما زال يريدها ..

فتحت عينيها وهي تحمل فستانها وترتديه ثم تسارع لوضع المكياج على وجهها كي تخفي شحوبه الزائد والواضح بشدة وهي تسابق الزمن كي تصل اليه ..

………………………………………………………..

كان نزار يقف امام باب المطعم ينتطر قدومها حينما وجدها تهبط من التاكسي ..

ما ان لمحته حتى سارت نحوها بخطوات تسابق الزمن وهي تبتسم بحماس ..

وقفت امامه وهي تحتضنه و تهتف بعدم تصديق :

" وحشتني اوي يا نزار .."

ابعدها عنه برفق وهو يهتف :

" وانتي اكتر يا حبي .. تعالي جوه عشان تشوفي باسل .."

ابتلعت ريقها وهي تهمس بدهشة :

" اشوف مين ..؟!"

رد بقوة ونظرات قويه :

" باسل يا ميرنا .. وإياكِ ترفضي .."

قالت ميرنا بوهن وقد ترقرت الدموع داخل عينيها :

" ارجوك يا نزار استنى وخلينا نتناقش .."

صاح بها بحدة :

" هي كلمة تدخلي معايا ولا اطلقك حالا .."

ارتعش جسدها من صوته الحاد بينما عادت الذكريات البشعة تتكرر داخل ذهنها لتشعر بكفه يقبض على ذراعها ويهمس بقسوة :

" قلتي ايه يا حبيبتي ..؟! قدامك خيارين .. تدخلي جوه او تنسيني للابد .."

نظرت الى وجهه بعينين زائغتين قبل ان تهمس بشفتين مرتعشين :

" هادخل .."





ابتسم براحة قبل ان يهتف بجدية :

" قدامه انتي جارتي وصديقة طفولتي .. متقوليش اي حاجة تخص ماضيكِ .. سيبي كل حاج عليا .."

هزت رأسها موافقة وهي ترتعش بخوف قبل ان تسير جانبه بخطوات واهنة ..

دلفا سويا الى الداخل حيث الطاولة التي يجلس عليها باسل وعصام وفؤاد ..

كان نزار يسير ناحيتهم بخطوات واثقة وهو يبتسم بينما ميرنا تسير بجانبه والشحوب يسيطر على وجهها بوضوح قبل ان يتجمد جسدها وهي تنظر اليه .. لا يصدق ان يكون هو نفسه .. باسل صفوان ..


                                   الفصل الثاني من هنا

                            لقراة باقي الرواية اضغط هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-