(الفصل الأخير )
..........................
نهض بدر الدين عازماً على المغادرة سلم على والديه قبل أن يُغلق الباب تحدثت ڤيكتوريا بتريث: هتمشي أمتى؟
حدجها بأبتسامة ثم قال بعد ان زفر من رئتيه: بكرة أن شاء الله
رغم الأبتسامة المرسومة على وجهها مجاهدة بإظهارها لم تنجح وملأت عبراتها مقلتيها وقال بحزن: لازم تمشي بدر؟ خليك هنا
عاود إليها ثم رفع ذقنها ونظر بعيونها التي أكتسب لونه منها وتابع بصدق: كل يوم هجيلك وهزورك وهبقا أبات في شقتي.. انا بحب الورد وماقدرش أبعد عنه هو زي الأنسان بيحتاج اللي يسأل عنه ويسقيه.. وعد مني مافيش حد هيربي يحيى غيركم
ثم قبل رأسها وربت على كتف أخيه وغادر من منزل والديه بإرتياح كبير كأن هموم العالم مقيدة بجانب قلبه، أبتسم وعاد لمنزله دلف لغرفته بهدوء ليجد مكية تداعب أبنها
حدق بهم بفرح ممزوج بلهفة قضى اليومين بصعوبة ولم يذق طعم الراحة لإبتعاد ابنه، ربما حدث ذلك ليكون له عبرة في أن يشعر بوالديه ويغفر لهم
رأته مكية فقالت بأبتسامة فرحة: تعالى يا بيدو ملي عنيك من يحيى.. هو مين اللي خطفه؟ وأنت حبته ازاي؟
أشرف عليها ثم جلس على الفراش ينظر لملامح وجه أبنه قبل يده الصغيرة وحدث زوجته وأعينه مسلطة على أبنه: المهم انه رجع لحضنك.. أنا مستعد أعمل اي حاجة عشان تكونوا مبسوطين
قبلت رأسه وقالت بأبتسامة ممتنة: أنت ويحيى أعز ما عندي.. انتو عوض ربنا ليا
ثبت عينيه عليها وأردف بتأكيد: أنا حياتي ماكنش ليها معنى قبل ما أشوفك.. أجمل حاجة حصلتي وغيرت حياتي هو الأتفاق اللي بينا انا واقع في عشقك يا أم وحمة
قرب وجهه منها وتلامست الشفاه بعشق ممزوج بلهفة أبتعدت عنه بسبب صراخ الصغير وقامت بحمله تحركه بلطف ليهمس بدر بداخله بنبرة ساخرة: ما شاء الله خدت من خالتك مريم أنك تقطع على رزق بابا
رفع نبرة صوته بجدية: يحيى جعان رضعيه... ايه الريحة الوحشة دي؟ لأ ده انتي تغيريله
وضع بدر أبهامه وسبابته على أنفه وأبتعد عنهم أوقفته مكية بنبرة حانقة بها اشمئزاز: استنى أنت هتسيبني لوحدي؟ فين كلامك اللي من شوية؟
رد عليها بلا مبالاة مستعد للخروج من الغرفة: ده اللي ناقص أغير البامبرز ليحيى؟
أوقفته مرة أخرى تحدثه بتقزز: طب خليك واقف معايا مش من اول مرة هتجري وتسيبني
أعتدلت ودلفت للحمام وبدر خلفها أخرجت من الدرج حفاظ منه وقامت بوضع بفرش قماشة قطنية على الحوض ثم أراحت أبنها عليه برفق
ألقت نظرة لبدر الذي أمسك بزجاجة معطر للجو وبدأ بالضغط عليه لتنفث الزجاجة في ارجاء الغرفة وبصعوبة قصت حفاظه وأبعدته عنه حركت رأسها للأتجاهين تقول بعدم معرفة: أنا أتبهدلت لما خلفت
ضغط بدر في الأعلى وقال بتقزز: دي لسة أول مرة امال باقي الايام والسنين هتعملي ايه؟
...............................
لم يتذكر سيف شكل والده إلا عندما رأى صورته في منزل عمه شوقي أخذ صور كثيرة لوالديه حتى حفظ شكلهم بالرغم من تغير عمه واصراره الدائم على أن يسامحه ولكن مستمر بالرفض عن عمه قرر الخروج من منزله لكي يشم هواء رطب
نظر لساعة هاتفه وبخ نفسه لعدم السؤال على رفيقه في أخطر فترة عاشها بغياب أبنه همس لنفسه بتعب: أنا اسف يا بدر أول مرة أبعد عنك وأنت في محنتك
طفق في تقليب تطبيق الواتساب بشرود ليرى أن صاحبه نشط على الفور قام بالأتصال به وأتاه الرد بتعجب: في حاجة يا سيف؟
مرر سيف أصابعه في خصلات شعره ورد بثقل: لقيتك فاتح قولت اكلمك واقولك مبروك لرجوع ابنك لحضنك.. انا عارف اني قصرت وكنت واطي معاك وماسألتش عليـــ
سمع صوته الساخر يوقفه عن استكمال حديثه: أنت متصل بيا في نص الليل عشان تقولي الكلمتين دول؟
نفخ سيف بضيق ثم صاح بتأفف: أنا مخنوق اوي يا بدر
سأله بتفكير كبير: أنت قاعد في البيت؟
جلس على رصيف الشارع وقال بحزن: قدام البيت
زفر بسرعة ونطق بعزم مختصراً عليه الكثير: عشر دقايق وهكون عندك
سارع سيف باللحاق على قوله: أستنى يا بدر.. وآآ
لم ينصت عليه بسبب أغلاقه للهاتف نظر سيف للطريق بشرود
...............................
نهض بدر من الفراش الذي كان يلاعب عليه أبنه وحدث زوجته ولكن لم تسمعه بسبب انهمار المياه دلف للحمام وقال بجدية: مكية انا خارج
نظرت له بعد أن ازاحت جزء بسيط من الستارة ثم مسحت وجهها وقالت بتعجب: دلوقتي؟ انت عارف الساعة كام؟
أومأ رأسه ورد عليها بدون اكتراث: مش هتأخر أكتر من ساعة.. يحيى نام
ألقى لها قبلة في الهواء وغادر بسرعة من المنزل استقل سيارته وتوجه الى رفيق دربه وجده جالس أمام منزله صف سيارته أمامه وترجل منها ثم جلس بجانبه وقال بتنهيدة طويلة: مخنوق ليه؟
نظر سيف لعيون بدر ليُلقي نفسه في حضنه وشرع في الكلام: انا في صراع يا بدر بين قلبي وعقلي مش عارف اعمل ايه؟
أبعد رفيقه وأردف بجدية: عشان عمك؟ انا جاي اقولك اني سمحت أبويا وأمي ونسيت اللي حصل زمان.. خطف يحيى خلاني افكر وأعقل اللي بعمله كان هيتربى بعيد عني والله اعلم مين اللي هيربيه؟ هيكبر وهو كارهني اللي حصل ده خلاني اسامح وأنسى.. اي حد يسألني دلوقتي أسمك ايه؟ هرد وبصوت عالي بدر الدين السكندر اسحاق الخواجة
فاكر يا سيف لما كنا في الدار وبنسرح لو أهلنا عايشين وجوا خدونا هنفرح ونسامحهم هيكون معانا اهل من لحم ودم واحد.. وربنا مابينساش أنا رجعت لأهلي مش فارقة مسلم وهو مسيحين المهم شلت أسم اهلي الحقيقي وعندي اب وام واخوات بيحبوني انا على ديني وهما على دينهم
سامح يا سيف عشان تعرف تعيش عشان ماتكونش ملعون عند ربنا في سورة محمد «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ• أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ»
لا يدخل الجنة قاطع رحم كل الأدلة اللي قولتهالك وأنت مُصر على اللي في راسك؟ انا وياك كنا رافضين نسامحهم غير لما ربنا أذن يا سيف
نظر له رفيقه بتفكير أخبره بالدلائل الدينية على وجوب مسامحته زفر على مهل ثم نظر للسماء بشرود ظل بدر معه وتحدثوا سوياً وعاود لمنزله وجعل سيف يفكر بحديثه بإهتمام وإقتناع ثم دلف لمنزله هو الأخر ونام على حديث بدر
..................
في صباح اليوم التالي بعد ان استيقظت سوزان وأدت صلاتها أعدت الإفطار لزوجها ثم دلفت للغرفة توقظه بمجرد لمسه أنتفض بعنف جعل زوجته تقول بهلع: بسم الله الرحمن الرحيم مالك بس انت كنت بتحلم في كابوس؟
ألتقط أنفاسه وغامر بالتلفظ بتعب: تقريباً.. أنا أنا لازم اشوف عمي
ثم نهض وكان سيدلف للحمام فأسرعت بأمساكه من رسغه وقالت بفضول: دلوقتي؟
هز رأسه وقال على مضض: آه دلوقتي حضريلي هدومي بسرعة
لم ينتظر رد منها وأسرع للدخول للحمام سارع بالأغتسال وارتداء ملابسه وغادر منزله في قلبه صميم على فعل شيء
.............................
بينما ذهب بدر وأخذ أبنه لمكتب الصحة كي يسجله وأصر على أن يأتي چايدن معه، وضع بدر الدين الأوراق المطلوبة على المكتب أمام الموظف الذي نظر بها وقال بجدية: أهلاً وسهلاً.. نوع المولود ايه؟ وأسمه رباعي
أردف بدر بنبرة هادئة: ولد وأسمه يحيى بدر الدين السكندر اسحاق
تعجب الموظف بسبب الأسم والأوراق التي أمامه تؤكد أن الوالدين مسلمين فسأله مرة أخرى: ازاي الأوراق قدامي بتقول إنك مسلم أنت ومراتك؟ كيف يحيى بدر الدين السكندر اسحاق؟
رد عليه بنبرة مزاح بها الإختصار: وحدة وطنية.. ممكن بسرعة عشان عندي مشوار مهم
قيد الموظف مستلزمات تسجيل أسم المولود وعند خروجه أعطى أبنه لأخيه وقال بتلقائية: خد يحيى للمستشفى عشان يطعم مالحقش من يوم ما اتخطف وبعد ما تخلص رجعه لمكية ودي مفاتيح عربيتي
حمل چايدن أبن أخيه وسأله بتعجب: أنت رايح فين؟ وهتروح من غير العربية!
لخص بدر أجابته بدون اكتراث: فارس هيجيلي.. سلام
سار بسرعة في خطواته وأخرج هاتفه يحدث أبن عمته، وضع چايدن الصغير في حقيبته من الخلف ثم أستقل السيارة للوصول للمستشفى سأل عن أمر التطعيم دله ممرض على غرفة ودلف بها بعد فترة تبعته يؤنا بالدخول وتحدث الممرضة: والد الطفل هنا؟
سمعت صوت چايدن المتريث: عم الطفل
توترت قليلاً ثم لملمت شجاعتها بسبب چايدن المبتسم بخفة لرؤيتها لم يتحدث معها ولا يعرف شيء عنها سوى اسمها أفاق على صراخ يحيى اثر الحقنة نفض رأسه وربت عليه ثم أعطته تطعيم أخر فموي
سألها بنبرة متوجسة: ممكن يتعب عشان أتأخر؟
هزت رأسها نافية وقالت بلهجة جادة: لأ.. هى من بعد ٢٤ ساعة لشهر بس يستحسن مايكونش فيها تأخير.. هو ليه ماطعمش لما كان في المستشفى؟
لبى چايدن سؤالها بهدوء: كان مخطوف
أتسعت أعينها وأعين الممرضة بذهول ورددت بتأكيد: هو ده الطفل اللي أتخطف؟ الحمد لله انه رجع انا كنت قلقانة عليه
ثم ألتمعت عينها وخافت من ردة فعله اذا سألته حسمت أمرها بنبرة جادة: ممكن أسألك سؤال؟ أنت قصدك انك عمه صاحب باباه ولا عمه فعلاً
هز رأسه وأجابها بأبتسامة: عمه فعلاً أبوه أخويا مش صاحبي
عضت على طرف شفتها السفلية وتابعت بعدم تصديق: ازاي؟
قبل أن يرد عليها سمعت صوت طبيب بالخارج يقوم بالنداء على اسم الممرضة فخرجت دون سابق أنذار، نهض چايدن بحذر وعلى ساعديه يحيى وقال بتنهيدة: نفس اللي حصل مع يحيى حصل مع بدر من تلاتين سنة بس الفرق ان يحيى رجعلنا لكن بدر مارجعش غير لما كبر
يمكن القول بأن يؤنا فهمت سبب الخيوط المتشابكة برأسها هزت رأسها له وصمتت فواصل قوله بعزم: انتي عندك عيادة؟
أومأت يؤنا رأسها ليقرر قوله بجدية: ممكن رقمك عشان أعرف أتواصل معاكي لو يحيى تعب
أبتسمت مجاملة له ثم خرج من الغرفة وسار في رواق المستشفى قبل أبن أخيه وقال بأبتسامة: ده أنت هتنفع عمك يا يحيى كتير
................................
وصل بدر الدين للمزرعة لمقابلة فارس كان في مخطط عقله أن يفتك بلطفي ليأتيه وعلى وجهه علامات تدل على الحزن والضيق
جلس بجواره ثم بدأ بدر في قوله الجاد: بص أنا فكرت في خطة تسهل علينا جر لطفي ومنها نسجنه وآآ
قاطع فارس بنبرة شاردة: مابقاش ينفع الكلام ده.. لطفي ماات
كأن الزمن توقف لبرهة لم يصدق بدر مسامعه فكرر بإنكار: مات؟ ازاي يموت من غير مايتحاسب؟
حدق فارس به وأجاب بدر بكرب: دي أكتر موتة صعبة ومخيفة.. مات على غفلة هيقابل ربنا وهو كان عاوز يقتلنا بعد ما قتل خالي ومراته وولاده عشان ياخد الفلوس كان فرحان بالفلوس والدنيا ربنا في ثانيه خد روحه
أحتبست الدماء بشراينه غير قابلة للحركة وتابع بغضب: كنت عاوزه أشوفه مذلول بيترجاني عشان ماقتلهوش
خبط فارس على كتفه وصاح بتنهيدة: ربنا اللي هياخد حق كل الناس اللي أذاها
ضغط على أسنانه وسأله مستفهماً: طب ورواء؟
أحتضن رأسه براحة يديه وصاح بحزن: تعبانة يا بدر اوي أتصدمت في أبوها أنا هاخدها لدكتور نفسي وأعالجها
اشفق على المسكينة التي تعرضت لصفعة كبيرة من كذب والدها وقال بعدم حيلة: ربنا يكون في عونك وفي عونها
..............................
صف سيف سيارته وترجل منها بخطوات مترددة عندما أقترب لمنزل عمه وجده مفتوح دلف للداخل بدون سابق انذار أعتقد بأن مكروه أصابه تفاجأ به يخرج من المطبخ متشبث بصينية عليها الطعام
أبتسامة كبيرة على وجهه ثم أقترب منه وقال بفرحة: يا أهلاً وسهلاً بيك يا سيف يا أبني في بيتك
وضع شوقي الطعام على المقعد الخشبي المتهالك وتابع كلامه بأبتسامة: اقعد واقف ليه؟ عامل ايه انت وبدر؟
جلس قابلة عمه فبادر بالكلام الجاد: كويسين.. عمي أنا.. انا سامحتك مش الخصام اللي هرجعلي ابويا وأمي انا جاي أقولك تعالى عيش معايا من أول ما عرفتك وأنا بكابر لما كنت باجي هنا عشان أطمن عليك كنت بحسك ابويا اخر مرة جبت أبني عشان تشوفه
أنصت لحديثه بدقة واهتمام كبير في البداية لم يصدق قوله ولكن لتطلعه له تأكد انه صادق أحتضن ابن أخيه بسرعة وأردف بلهفة: يااااااااه أخيراً يا سيف نطقتها؟ أنا حاسس ان كان حجر هلى قلبي ودلوقتي اللي ارتاح.. آآآه يا سيف ماتسبنيش يا حبيبي
بادله ابن أخيه نظرات تأكيد وطمأنينة ثم تابع قوله: مش هسيبك يا عني ده انا هاخدك تعيش معايا في بيتي عشان أطمن عليك أكتر
أمسك شوقي بكف سيف وجلس على الأريكة وتنهد بأبتسامة كبيرة: أنا ماقدرش اسيب بيت اخويا وماعرفش اعيش في بيت غيره.. صدقني مش هقدر بس ابقى زورني كل يوم أنت وابنك ومراتك
أوشك سيف بمقاطعته ولكن لم يستطيع بسبب أستأنافه: والله ماهقدر أنام على سرير غير سريري ومخدتي.. ماتخافش على عمك ده يرقص الجن الأزرق انا فرحتي وصحتي جات عليك يا حبيبي وهستناك كل يوم تيجي تزورني.. افطر معايا يلا
ثم نهض وجلس قابلته بسعادة شديدة تناول مع ابن اخيه الفطور وشاركه في طعامه، السعادة التي احتلت قلبه لم يقدر احد لوصفها كذلك سيف الذي عمل بكلام رفيق دربه شعر بسعادة عند الصفح وفي الحقيقة كان يحتاج له
..............................
عاد بدر الدين لمنزله بداخله كرب على وفاة لطفي دون الانتقام منه، رسم على وجهه ابتسامة ثم دلف وصاح بأسم زوجته وذهب لغرفته
وجدها ممدة بجوار يحيى اقترب منها وقبل رأسها ورأس الطفل شعرت بضيقه فسألته بهدوء: في حاجة حصلت ضايقتك؟
هز رأسه ورسم ابتسامة على ثغره ثم قال بترحاب: لا مافيش حاجة ضياقتني.. اجهزي وغيري هدومك هنخرج
أعتدلت بتعب خفيف ثم أردفت بتلقائية: نخرج فين يا بدر؟ انا تعبانة ومش قادرة اتحرك وامشي
نهض وحدثها بجدية: مش هتمشي.. الطريق بالعربية يلا يا مكية انا هساعدك قومي
فتح خزانة الملابس ثم أخرج ثياب محتشمة في حين أسرعت بالدخول للحمام اغتسلت وخرجت ساعدها بإرتداء ثيابها ليحمل طفله وقبله
انتهت مكية من لف حجابها وقالت بتعجب غير قابل للصبر: هنروح فين بقا؟
غادروا من الشقة وأغلق الباب ثم رد عليها بتلقائية: هنسلم على ابويا وامي الأول وبعدين هقولك فين؟
سار ممسك بأبنه حتى وصل لمنزل والده طرق الباب وفتح له رفائيل قائلاً بصوت فاتر: أدخل يا بدر
ثم أخذ أبن أخيه وأبتسم في نبرته: هات يويو
ولج مع زوجته وكانت ماريا زات البطن المنتفخة جالسة بجوار والدتها سلم عليهم وقال بجدية: انتي هتعمليها وتولدي بدري زي مكية؟
أبتسمت وردت بتعب خفيف: شكلها كده.. إبرام سافر وانا جيت هنا
جلس رفائيل بجوار ابيه وقال بأبتسامة: عيونه ملونة زي امي وبدر
ظل معهم لمدة ساعة يتحدثون في أمور عدة وأستاذنهم بنبرة عازمة: أحنا هنمشي دلوقتي وهبقا اجي ازوركم وبرضو هبات في شقتي.. سلام
لم تعي مكية بقول زوجها فأين سيذهب؟ وكيف سيأتي ويبيت مجدداً؟ لاحظت حزن ڤيكتوريا قبل جبهتها ووعدها بصدق: صدقيني هجيلك يا ماما انا مش مسافر؟
أومأت رأسها وهمست بتمني: سي سولو (ياريت)
هتف بدر بعدم فهم: ايه؟
وضعت كفها على وجنته وأبتسمت ثم قالت: آآ.. ياريت تيجي كل يوم خبيبي
همست مكية بعدم فهم: انا مش فاهمة حاجة؟
سلم على والده واشقائه ولم يعبأ احد بها ليفتح باب المنزل وصاح بصوته: ابقوا سلموا على چا
رأى أخيه يوشك على فتح الباب فصاح بسعادة: الله يسلمك مش محتاج حد يبلغني.. لما تحتاجوا دكتور لليحيى قولي وانا اعرف دكتورة كفاءة
عاتب السكندر ابنه بنفاذ صبر: انت بتفول على يحيى؟
دلف لداخل منزله وقبل أن يتحدث أسرع أخيه الصغير بإفصاح سره: لا دي الدكتورة اللي هيخطبها هو بس واخده كوبري
رمقه بغيظ كبير وهدر به: ماتلم لسانك يا رفاييل بدل ما اضرب زي زمان
حمل بدر الدين أبنه وأردف باختصار: لا انا مش هخلص منكم.. اشوفك وشكم بخير
خرج من المنزل ومكية خلفه عندما استقلوا السيارة سألته بفضول: ممكن افهم هنروح فين يا بدر؟
أجاب سؤالها بتلقائية وعينيه مسلطة على الطريق: هنروح بيتنا الجديد وماسمعش صوتك غير لما نوصل
...........................
أوقف سيارته امام السور الملتف حول المشتل سألته بأبتسامة: ياااااه المشتل من يوم ما حملت ماقدرتش اجي هنا
ترجل بدر من السيارة وسارع بإمساك طفله منها وقام بفتح البوابة الكبيرة كانت مكية تتبعه تفاجأت بشدة لذلك المبنى المقارب من المشتل نظرت له وقالت بعدم تصديق: ايه اللي انا شيفاه ده يا بدر؟
قبل رأسها وقال بأبتسامة: بيتنا الجديد يا كوكيز تعالي نتفرج عليه
رأته جميل جدا ومزين بالزهور الكثيرة والمشتل زاد رونقه وروعته دلفت معه بإعجاب كبير عندما شاهدت الشقة مغيية عن الواقع ثم جلسوا على الاريكة وأحتضنت بفضل: ربنا يحفظك ليا يا بيدو البيت عجبني أوي.. انا حبيت الورد عشانك.. بس ليه بعد ما اتصالحت مع اهلك هتمشي؟
أعطاه يحيى لتضعه على حجرها وتنهد ثم قال بجدية: الفكرة دي جاتلي من يوم ما لطفي حرق شقتي وقتها كنت عاوز أعمل شقني هنا بس مافيش وقت.. احنا هنسكن هنا وهناك يا مكية
أومأت رأسها ثم قرب وجهه منها تلامست أنفه بأبنفها وقبلها بهدوء قبل ان ينسجم كان الصغير يبكي بصوت عالي تكلم بدر بنفاذ صبر: ايييييه؟ بتعيط ليه؟
أجابته مكية بتسلية: جعان
..................................
في المساء اصطحب فارس والدته توحيدة للڤيلا خاله، تكاد تجزم انها حزنت على لطفي لأنه أخاه تربى وعاش معها ولكنه آثر نفسه والمال وكانت نهايته الموت المفاجئ بأي وجه سيقابل الله
اعتقد ان المال سيأتي ويأنسه وحدته في القبر، دلفت واستقبلتها كوثر المرتدية اسود بحزن هدأتها
ونزلت رواء من غرفتها حزينة مهمومة لم يجعلها تجلس معهم فأستأذنهم: مش هنتأخر
ثم سار ممسك بيدها مغادران الڤيلا عندما استقل السيارة وقادها لم تكبت عبراتها ليلاحظ فارس تنهد وقال بجدية: مش هترجع حاجة الدموع يا رواء
نظرت بعينيها الحزينة وقال ببكاء: انا اتغشيت في ابويا يا فارس.. ابويا اللي قتل عمي وولاده وكان عاوز يقتلك مات ومالحقش يكفر عن ذنوبه.. وأنت لسة متمسك بيا.. انا من غيرك هضيع
جفف عبراتها وأردف بتأكيد: وأنا مستحيل اسيبك يا رواء.. انا مش هتجوزك دلوقتي غير لما ترجعي لطبيعتك زي الأول هتبدأي العلاج مع الدكتورة وهتخفي وكل حاجة هتتصلح
توجه بها الى اقرب العيادات النفسية واخبرته الطبيبة بأنها أوشكت على الدخول في حالة أكتئاب لتشرع في علاجها
..................................
بعد مرور شهر أستقرت الأيام بدر الدين زادت علاقته مع أهله وأواصره، وسيف تقرب مع عمه ولكنه اصر على البقاء في منزله، واظبت رواء على الذهاب للطبيبة النفسية وفارس يساندها
..................................
بمنزل (بدر الدين الجديد)
لمدة يومين لم تنل مكية قسطاً من الراحة بسبب بكاء يحيى المستمر كانت جالسة مربعة ساقيها والصغير نائم عليها تأكدت من نومه فأبعدته برفق
وذهبت للمطبخ تعد الطعام لزوجها زفرت بضيق شديد أثناء طهيها دلف بدر للمنزل سارع بالذهاب للحمام ليغتسل عندما خرج وجد مكية اعدت المائدة جلس بجوارها والتعب ظاهر عليها سألها وطمأنته
عند تناول اول معلقة امتعض وجهه فسألته بفضول: وحش؟
هز رأسه بنفي فتناولت الطعام علمت بأنها ضاعفت الملح وضعت راحة يدها على جبهتها ثم قالت بحزن: هعملك أكل تاني
لتنهض بسرعة الى المطبخ تعجب بدر من ردة فعلها فتبعها وقال بجدية: مش لازم يا مكية ممكن نطلب دليڤري
تنهدت وقال بأسى مهموم: معلش يا بدر انا اليومين دول تعبانة اوي
أمسك كفها وقبل ظهره وأردف بأبتسامة: ولا يهمك انتي شكلك حنيتي لأيام ما كنتي عروسة جديدة مابتعرفيش تطبخي.. قوليلي يحيى تعابك؟
أومأت رأسها وردت عليه: ديماً بيعيط
سأل بدر زوجته بتفكير: مش يمكن يكون تعبان يا مكية؟ هبقا أكلم چايدن على اسم الدكتورة ونروح ونطمن عليه
.................................
بالطبع لم يتأخر چايدن على ذلك سعد وتحجج بالذهاب معه بسبب خوفه المبالغ بأبن أخيه
أخبرتهم الطبيبة انه كان يعاني من مغص ودونت لهم على الورق بدواء يستمر عليه لمدة
لم يعد قادر على الإنتظار اكثر من اللازم وكتم حبه لها صارح عائلتها بأمر خطبتها ووافقوا عليه فقرر أن يحضر عائلته معه ولسوء حظه ماريا وضعت مولودتها قبل ذهابه بأيام فقررت مكية بعدم الذهاب لكي تلبي حاجات رفيقتها
.....................................
هتفت مكية بضيق: عاجبك كده يا ست ماريا حبكت تولدي في اليومين دول اهو ماروحناش خطوبة چايدن
نظرت لأبنتها النائمة وردت عليها بسخرية متألمة: وطي صوتك هتصحي ماتيلدا
لوت فمها على مضض وأكملت حديثها: يا ترى العروسة شكلها ايه؟ وآآ
قاطع حديثها دلوف العائلة للمتزل خرجت لهم وسألتهم بأبتسامة: ايه الأخبار؟ نبارك؟
جلس چايدن وقال بأبتسامة مرتفعة: كل خير.. وافقوا والفرح بعد سنة
هنئت على خطوبته ودلفوا لماريا يخبرونها البشائر ثم مكث بدر معه وحمل ابنه وعادوا لمنزل المجاور
نطق چايدن بتمني: امتى السنة تخلص؟
.................................
عدت مثلما تأتي وتذهب السنين والدهر حدثت بها اشياء كثيرة وأهمها تعافي رواء من مرضها وعادت مشرقة مقبلة للحياة وتم تحديد ميعاد زفافهم
سيف زادت قرابته هو وعمه وافراد عائلته وتم اعلان خطوبة يوسف أخيه ومنار شقيقة زوجته
...................................
بقاعة افراح جميلة رائعة مجتمعين بسبب زفاف چايدن ويؤنا الأن، تم دعوة فارس ورواء وعائلة سيف
سلم فارس على رفيق دربه وابن خاله بالتبني ثم ابتسمت رواء وحملت يحيى الصغير بشاشة كبيرة: ايه القمر ده ابو عيون ملونة شبه بدر بالظبط
ربتت مكية على كتفها بإبتسامة: ربنا يرزقك يا حبيبتي.. امتى فرحك؟
أردفت بهدوء سعيد: بعد عشرين يوم
أشار چايدن على أخيه أن يحضر على الكوشة فسحب الجميع يأخذوا صورة تجمعهم كل زوج بجانب زوجته عدا رفائيل الذي بدأ يحوم الضيق حول لمح فتاة واقفة بمفردها يعلم انها شقيقة يؤنا الصغرى أمسك يدها وقال بتلقائية: تعالي هنتصور معاهم
حاولت جذب يدها ولكنها لم ترض بذلك فكرر قوله الحانق: أبوس ايدك شكلي بقا وحش كلهم كابلز أجمل من بعض جات عليا انا تعالي وهنعمل اننا مرتبطين عشان نعدي يومنا بدل مايقولولك ماتجوزتيش ليه لحد دلوقتي؟
تركت اصابع يدها المتشبثة حول المنضدة وركض بها يلاحق الصورة جميعهم مبتسمين فرحين، اي ضغينة وكره لن يوجد بداخلهم
...............................
"بعد مرور عدة سنوات" أنتهى بدر الدين وزوجته من صلاة الفجر وأبنهم خلفهم يدعي بصوت طفولي: يارب أجمع عيدية كتيرة وفلوس أكتر عشان اشتري شوكولاتة وشيبسي.. يارب الاقي لعب كتيرة تحت سريري
نهض بدر وقال لأبنه بمرح: يلا يا يحيى نعيد على جدو وتيتة بدري عشان نلحق صلاة العيد
ثم حمله على كتفه وخرج مع زوجته مرتدي اسدال للخروج اسود في حين بدر مرتدي جلابية بيضاء وأبنه مثله يزيدها طاقية صغيرة فوق رأسه
طرق على الباب في الظلام لم تشرق الشمس إلى الأن فتح السكندر لأبنه الذي سارع بأحتضانه ثم قال لأبنه بفكاهة: خد العيدية من جدك
قبل يد والدته وأسرعت بتهنئته: كل سنة وانت طيب انت ومكية ويخيى
سلمت مكية على والد بدر ووالدته فهتف الصغير بأبتسامة بعد ان اخذ المال: وأنت طيب يا جدو
حمله بسرعة وقال لهم بجدية ممزوجة بسرعة: محدش ينسانا في الفطار هنروح نصلي ونرجع يلا يا شيخ يحيى
خرج بدر مع زوجته واستقل سيارته كان أصوات تكبيرات العيد عالية فحدث أبنه بجدية: ردد مع الشيخ يا يحيى
وكأنه أعطاه الأذن فبدأ بتكرير التكبيرات بأبتسامة كبيرة:الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده
تابع بدر الدين وزوجته مكية التكبيرات بأبتسامة فرحيين بالعيد: وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا
...........................
أنتهوا من صلاتهم بسعادة وأشترى بدر الدين لعب لأبنه وأبناء أخوته ثم عاد بهم لمنزل والديه حيث وجد يحيى أبن عمه چايدن الذي أطلق عليه فيما بعد ستيڤن وماتيلدا وأخيراً ڤيكتوريا صغيرة رفائيل من مريم شقيقة يؤنا
رفائيل بطبعه محب للأطفال عندما علم بالتجمع زذهاب ابنته لأجدادها دلف هو وزوجته واسرعت بأحاطته جلس على الارض وقال بأبتسامة: بتشبهوني بالكتاكيت
هز يحيى رأسه بنفي وقال بتأكيد طفولي: لا يا عمو رفاييل الكتاكيت صغيرة لكن أنا كبير قولي ديك
أبتسم على مرح ابن أخيه وحدث الكبار بجدية: كل سنة وانتو طيبين
ردوا عليه التهنئة ثم أستأذنهم بدر: وانت طيب يا رفاييل.. اسيبكم دلوقتي عشان اروح اعيد على الكتاكيت التانين
نهض يحيى بصعوبة وقال بأبتسامة: خدني معاك يا بابا بور فاڤور "من فضلك"
لينهض ستيڤن ويقول بنفس نبرة ابن عمه: وانا يا عمو
لم تستطع الصغيرة النهوض فحدثها بدر بمرح: وانتي كمان عاوزة تروحي معايا زيهم.. طب انا مش هكون الدادة بتاعتكم يلا يا چايدن أنت ورفاييل تعالوا معايا.. انا هكلم سيف وفارس يحصلونا على الدار
لم يشأ احد ان يرفض طلبه خاصة ان الأطفال يتامى كل اخ ذهب مع زوجته وأشتروا الكثير من الألعاب لهم عند وصولهم لم يتأخر سيف وفارس ورواء وابنها مالك الصغير
سألت مكية سيف بفضول: سوزان ماجتش ليه؟
ابتسم وقال بتلقائية: هتولد في اي وقت بس انا جبتلكم يوسف ومنار وبدر
تنهد بدر وسألهم بتعجب: وانتوا مستنين ايه؟ الأطفال قدامكم فرحوهم بالعيد
جميعهم اقتربوا من الصغار وقدموا لهم الهداية ليشعروهم بالعيد وجو العائلة الذين حرموا منه
زادت السعادة بهم فكل زوج وزوطته وأبنائه يلاعبون أطفال كثيرة راقبهم بدر بأبتسامة كبيرة واحتضن زوجته قائلاً بأبتسامة: كل سنة وأنتي معايا ووش الخير عليا
ربتت على صدره بأبتسامتها المعهودة ثم ردت: وأنت معايا وفي قلبي
صاح يحيى على أبويه بصوت عالي: يا بابا تعالى انت وماما اقعدوا جنبنا
أوما رأسه لأبنه وأقترب منه ليجلس بجانبه وهو وزوجته والكثير من الأطفال اليتامى ملتفين حولهم وحول الأخرين فرحين بالعيد والهداية الجميلة
تمت بحمد الله