(الفصل الرابع والعشرون)
........................
أسرع چايدن بحمل والدته ووضعها على الأريكة وتجمعت جميع العائلة لأفاقتها بينما ركضت ماريا لغرفتها لتحضر زجاجة عطرها وعادت لهم
نفثت بها على ظهر يدها وقربتها من أنف والدتها بعد عدة محاولات فتحت عينها بألم أسرع السكندر بقول: انتي كويسة يا ڤيكتوريا؟ دي اول مرة تحصلك
نظرت لرفائيل وأمسكت بكفه وأردفت بصوت حزين: رفاييل.. انت قولت.. انك تأرف انه هو ابني.. ازاي؟
أومأ رأسه وأبتعد عن ڤيكتوريا أبنائها ليجعلوا لها مكان لدخول الهواء ثم جلس أسفلها وهو ممسك بيدها وقص. لهم كل شيء عن كيف عرف بدر ورأى بالقلادة الذهبية
أحتقن وجه چايدن بغضب فهو يريد ان يعرف الحقيقة كاملة، دفعة واحدة فأردف بحنق: انا مش فاهم حاجة.. وانتوا ليه رافضين تقولوا الحقيقة؟ طمني يا بابا وقولي ايه اللي حصل زمان وازاي ستيڤن طلع عايش؟ انتوا بتكدبوا علينا؟
رمق السكندر أبنه نظرات فتاكة كان يود ان يضربه لكي يجعله يندم على حديثه المستفز الذي يثير حنقه ولكنه تحدث بنبرة صارمة: لاحظ اني بفوتلك كتير يا چايدن.. لو مادخلتش لسانك جوا بؤك وخرجت من الموضوع هزعلك
لم يطق ان يسمع أكثر من ذلك الهراء فأشاح وجهه للجانب الأخر، أعتدلت ڤيكتوريا بتعب وهتفت بعزم وعبراتها كينبوع مياه: ڤاموس (هيا بنا) لبيته
نهض چايدن بعنف وصرخ بحدة: تروحوا فين؟ ده مش ابنكم
تشنجت قسمات وجه السكندر فلقد زودها لدرجة لا تغفر من صوته العالي هم بالرد عليه وملامح وجهه لا تبشر عن اي خير فأسرع رفائيل بالوقف حائلاً بينهم وهو يقول بتوجس: يا جماعة احنا فـ ايه؟ وانتوا فـ ايه.. أهدى كده يا چايدن انت مش هتروح انا وبابا وماما بس اللي هنروح ومش هنتأخر
تابع الأمساك برسغ والدته وهو يخرج من الشقة والسكندر يتبعهم اغلقوا الباب خلفهم وظل چايدن وماريا التي هدأت شقيقها بتريث: براحة يا چايدن الأمور مابتتحلش بالعصبية.. بتتحل بالعقل
أرتمى على الاريكة بعنف وأجابها بحدة وهو يهز ساقه: هما خلوا فيها عقل!!.. ده أستغفلونا سنين كتيرة.. وليه رافضين يتكلموا غير لما يكون موجود ده مش أبنهم ولا هيكون أخونا
جلست ماريا بجواره وتابعت حديثها مهدئة أخاها: بس شبهنا
حدجها بصدمة ليصرخ بها الأمر الذي جعلها تفزع من مكانها وأحست بخلع قلبها: انتي كمان مصدقاهم؟!.. انا هتعب نفسي معاكم ليه.. أعملوا اللي عاوزين تعملوه ياكش حتى تجيبوه يعيش معاكم هنا.. بس انا همشي مستحيل اقعد معاكم ومعاه
أنتهى چايدن من القاء جمرات غضبه عليها لينهض ويخرج من الشقة بعصبية رغم نظرات شقيقته المنصدمة منه ومن قوله
.....................
بداخل منزل (فارس هاشم) بعد أن استكان بدر أخبرهم بأمر عائلته وقص عليهم كل شيء حدث في الماضي الى اليوم هذا
اعدت له توحيدة كوب من عصير الليمون ودلفت به الى غرفته التي كان ينام بها أحياناً
مدت يدها بالكوب وهى تردد بهدوء: عصير لمون.. عشان تهدى
التقط منها ووضعه على سطح الطاولة التي بجانب فراشه ناولت أبنها كوب أخر وجلست بجواره على الاريكة مكملة قولها: أمرك غريب.. واحد غيرك كان فرح انه عرف اهله وابوه وامه الحقيقيين
أتكأ بظهره على السرير وأجابها بجمود ليس به اي ذرة للمشاعر: كنت فرحت لو عشت معاهم فترة ومثلا ضعت منهم، او اتخطفت، لكن اعيش نص حياتي في ملجأ والنص التاني باسم مش اسمي وهما يعيشوا وينبسطوا؟ وانا مش مهم
فرك فارس رأسه بحيرة ليقول بتفكير: يعني انت رافض انك تواجهم عشان هما مسيحيين وانت مسلم؟
هز بدر راسه بنفي واجابه بنبرة ضائقة: لأ.. عشان جبوني على الدنيا ورموني.. وكملوا حياتهم ولا كأن مفتاح ضاع منهم مش بني ادم
زفرت توحيدة بهدوء ثم أستأنفت بتفكير متريث: ماتحكمش عليهم وانت ماسمعتش منهم هما ليه عملوا كده.. عارف يا بدر السلسلة اللي سابوها معاك دليل ان في حاجة حصلت غصب عنهم انهم عاوزين يعلموك بيها لما تتقابلوا من تاني.. لو زي مابتقول عشان يخلصوا من الفضيحة ماكنوش سابوها عشان هتكون دليل عليهم
نظر بدر للسقف بلامبلاة فعم الصمت قليلاً فكسره فارس بالحديث بنبرة مرحة: امك اسبانية يا بدر.. كنت ديما بسأل نفسي انت مافيش شبه بينك وبين عمي عاصم ومراته الله يرحمهم
عاود بدر النظر إليه مجددا وقال بتأكيد: مش امي يا فارس.. انا امي الست دي
أشار على عمته وتابع قوله الجاد: وابويا عاصم.. كان نفسي يحضر فرحي وهو اللي يخطبلي الانسانة اللي حبيتها من ابوها
أقتربت توحيدة وجلست بجواره على الفراش ربتت على وجنته وقالت بتنهيدة: مكية؟
رمقها بدر مطولاً بدهشة ليقترب فارس ويجلس بجواره على الفراش وقال بإبتسامة واضحة: دي مصر كلها عرفت انك بتحبها
...........................
وصلت سيارة رفائيل اسفل العمارة التي يسكن بها بدر الدين ترجلت ڤيكتوريا من السيارة بسرعة وخلفها زوجها اردف رفائيل بتوجس وهو يخرج من السيارة ايضا: الدنيا مش هتطير
حدثه السكندر بنبرة جادة: شقته في انهي دور
دلف بهم للمصعد وضغط على الازرار الذي صعد للطابق الخامس اشار رفائيل لشقة اسرعت ڤيكتوريا بالطرق ورن الجرس
ليمسك بيدها ابنها ويمنعها بصوته: عيب يا ماما كده الراجل يقول علينا ايه؟
لم تعبأ به وصاحت بصوت عالي: بدر.. آبر لا بورتا (افتح الباب).. انا امك
ساعدها السكندر بالطرق وقرع الجرس ولكن لم يرد بدر عليهم او يخرج للقائهم استمر الطرق والصياح حتى نزلت مكية بصحبة شقيقتها مريم من فوق رأت والده رفيقته ماريا وتعجبت أكثر لتسألها بتعلثم: في حاجة يا طنط؟
هتفت ڤيكتوريا باهتياج وكرب في آن واحد: بدر فين؟ ليه مش بيفتح؟
رمشت مكية بأعينها عدة مرات لتنظر لمريم بدهشة فتابع السكندر الكلام بجدية: هو مش بدر ساكن هنا؟ بقالنا كتير بنخبط عليه ومش بيفتح ماتعرفيش ليه؟
خرج صوتها من بين احبالها الصوتية بصعوبة لاتدرك شيء عنهم وعن قدومهم المفاجأ سألتهم بتوتر: هو مش موجود جوا؟
أتكأت ڤيكتوريا على الحائط وهتفت بحزن كبير: اكيد ارف الحقيقة.. ابني زألان مني
لم تفهم مكية من حديثها سوى كلمة "ابني" لتهتف بانكار: ابنك؟!
أومأت ڤيكتوريا رأسها وأجابتها بنبرة حزينة: سي (نعم) بدر ابني انا والسكندر اخو ماريا تو آميغو (صديقتك)
أتسعت مقلتي مكية بصدمة كبيرة من حديثها ولم تعرف بماذا تقول اثرت الصمت لتعاود ڤيكتوريا نحيبها: هشوفه ازاي تاني؟
راقبتها مكية بتعجب وترى حالتها تزيد من الحزن والبكاء اقتربت منها واردفت بهدوء: ممكن حضرتك تهدي.. يا مريم هاتي مية بسرعة من فوق
هزت رأسها باعتراض وأجابتها بنبرة ممتنة حزينة: جراثياس (شكرا) مش لازم
نظرت لزوجها بحزن وابتعدت عنهم لتدلف بالمصعد قبل ان يلحق السكندر بها همس لمكية بتوتر: شكراً يا بنتي ازعجناكي معانا
تنهد رفائيل ولم يعرف بماذا يقول او يفعل نظر لمكية ثم تبعهم وغادر من الطابق الى الاسفل
حدجت مريم شقيقتها بعينيها المليئة بالأسئة الكثيرة لتقول بفضول: هما ازاي اهله؟ وهو عنده اهل؟ وازاي كان اسمه يحيى ودلوقتي بدر الدين؟ ولو دول أهله كيف هما مسيحيين وهو مسلم؟ ولا هو مسيحي؟
نفضت مكية رأسها بحيرة أكبر كانت تعلم بالشبه المشترك الذي بينه وبين والدة رفيقتها لكن لم تعرف بأنه أبنها وهو هو يعلم ام لا؟ أجابت شقيقتها بحيرة: ماعرفش حاجة يا مريم.. يلا على فوق
صعدت هى وشقيقتها الدرج حتى وصلن للشقة عند دخولهم خلعت الأثنان الحجاب وجلست مكية بشرود أيقظها صوت هالة بجدية: مين يا بنات اللي كان بيزعق تحت
أجابتها مريم بدهشة رافضة للتصديق: جارنا اللي اتخطفت معاه مكية عنده ضيوف
كانت ستكمل حديثها بعفوية ولكن مكية أوقفتها بنظراتها الثاقبة لتبتلع مريم باقي جملتها في جوفها
خرجت مودة من غرفتها ووجها عابس جلست على الأريكة وحدجت اختها الكبيرة بضيق تنهدت ببرود ثم قالت بحنق: والحجاب ده لبستيه عشان الناس اللي أنتقدتك؟
أبتسمت لها ابتسامة مصطنعة وردت عليها بنفس نبرتها: لأ لبسته عشان فرض عليا
أرخت مودة ظهرها على المسند وتابعت حديثها المستفز: ودلوقتي اللي عرفتي انه فرض؟ ولا لما الناس شتمتك؟
أحتدت ملامح مكية معلنة عن بداية غضبها وأردفت بصوت عالي بنه نسبة وعيد: بلاش نتكلم في حاجة هتزعلك.. والله يا مودة لو أتعصبت عليكي مافيش حد هيقدر يبعدك مني
لوت مودة فمها بسخرية كبيرة وصاحت بأستفزاز: ما اهو اكيد ماحدش هيقدر يبعدني منك عشان انتي غوريلا
غلت دماء مكية وشعرت بحرارتها في عروقها، حدجتها بغضب ممزوج بوعيد همت بالأمساك بها ولكن أمسكتها مريم وقالت بتريث: أستني يا مكية ماتعمليش حاجة
أقتربت هالة من مودة بغضب وأمسكتها من ذراعها بحدة ونهرتها: وبعدين معاكي.. انا سكتالك عشان بقول انها لسة صغيرة وبتحب تهزر مع اختها رغم انه هزار بايخ
أبعد والدتها برفق ونظرت لمكية بتشفي بعد ان رأت عبراتها بعيونها: هتعملي ايه يا ست مكية؟
ردت عليها بصوت عالي وشهقاتها مختلطة به: انا اقدر اقولك كلام زي السم بس برجع واقول مش هتقدر تستحمله لكن انتي بتتعمدي ديما تزعليني وتخليني اعيط عشان حاجة ربنا هو اللي عملها مش انا.. انتي بتعيبي في ربنا.. انا مش عاوزة اتكلم معاكي تاني
أكملت سيرها لغرفتها ولكن أمسكتها هالة وطففت عبراتها وهدئتها: خليكي معانا يا مكية ماتمشيش يا حبيبتي ولا كأنك سمعتي حاجة
لوت مودة فمها بسخرية وتهكم ثم قالت بحنق وهى تدلف لغرفتها: أسبهالكم انا
لم يكترث بها أحد وجلست هالة وبجوارها مكية تجفف عبراتها وتقول بأبتسامة: زي القمر يا مكية اللي هيتجوزك هيكون بيعشق التراب اللي بتمشي عليه عشان عارف قيمتك.. بلاش عياط العيون الواسعة دي ماتعيطش
جلست مريم في الوسط بغيظ مصطنع: الله يا ست ماما وانا ماليش في الكلام والغزل ده
قرصتها على وجنتها وتابعت بمرح: مكية اللي هتتجوز الأول
.........................
وصل السكندر وڤيكتوريا وابنهم بخيبة أمل، كان چايدن متأكد بأنه لن يأتي معهم أبنهم المنسوب الذي تذكروه الأن ولكنه لم يتحدث معهم
استاءت حالة ڤيكتوريا والسكندر كثيرا يريدون ان يعرفوا اين اختفى بدر الدين، مر يومان على هذا
چايدن يواصل الذهاب للمطعم ورفائيل يبحث عن اي مكان ليعثر على بدر حتى انه ظن محالة وجوده مجدداً ليأتي له المصباح المنير في عتمته رسالة من سيف رفيق بدر مدون بها
" بدر موجود عند عمته توحيدة وده العنوان (......)"
أبتسم رفائيل وخرج من غرفته يهرول بصوت عالي: يا ماما.. عرفت بدر موجود فين؟ يا بابا؟
خرجت من احد الغرف مرددة بعدم تصديق: انت بتتكلم جد يا رفاييل
أومأ رأسه بأبتسامة واسعة: ودلوقتي هاخدك ليه بس غيري هدومك بسرعة
دلفت الى غرفتها بابتسامة سعيدة وأمسكته ماريا من ذراعه هامسة له باستعطاف: ممكن انا اجي معاكم
هز رفائيل راسه بموافقة وسرعة ليدلف لغرفته يغير ثيابه، بعد فترة وجيزة تجمعت عائلة الخواجة عدا چايدن منتظرين ذهابهم استقلوا السيارة وسار بهم
.....................
بمنزل (فارس هاشم)
كان بدر مدد على الأريكة يشاهد التلفاز بملل وفارس يعبث بهاتفه وتوحيدة بالمطبخ تعد لهم الغداء
الأن هناك طرق على الباب بتريث، تكلم فارس وهو ينظر لشاشة هاتفه: قوم شوف مين يا بدر انا بكلم رواء
نهض على مضض وسار حافي القدمين في الصالة فتح الباب بتعبيرات وجهه العادية ثم تحولت للصدمة عند رؤية ڤيكتوريا تحتضنه بشغف وحنين واضح بها لفت ذراعيها حول خصره وهمست بأبتسامة: ابني ميامور (حبيبي)
رمش بدر بأعينه عدة مرات ولم يتحرك ثم تحولت نظراته لألسكندر ورفائيل وماريا أبتعدت عنه قليلا وهمست له بحب: انت ابني انا.. شبهي
عاودت ڤيكتوريا احتضان أبنها والسكندر يحاول ان يقترب منه ولكنه متردد، أبعد بدر والدته برفق من حضنه ثم أبتلع لعابه وقال بصلابة مصطنعة هادئة: ابن مين؟ انا اسمي بدر الدين طـ
قاطعته توحيدة محمحمة بهدوء متوجسة: آآ.. بدر
ألتفت لها وقال بجدية وهو يشير عليها: دي امي
أقترب السكندر منه ووضع كفيه على وجه بدر لم يقدر بأن يتجاهله اكثر من ذلك ليحتضنه بحنين أبوي وهمس له بأبتسامة حزينة: وحشتني اوي يا ابني ماتعرفش احنا كنا عايشين ازاي من غيرك
كل ذلك وبدر يكبت أعصابه ويتحامل عليها لا يريد ان يظهر اي شيء لهم فهتف بغضب: ابن مين؟ انا ماعرفكمش وجايين هنا ليه؟
أنتفضت ڤيكتوريا بفزع وردت عليه ببكاء: هقولك.. زمان
قاطعها بأبتعاده عنهم ودلف للداخل الصالة لتمسكه توحيدة من ذراعه وتحدثه بهدوء: رايح فين؟ اسمعهم عشان ترتاح
جز بدر على أسنانه بغضب وصاح بنفاذ صبر: هما يبعدوا عني وانا هرتاح
أقتربت منه ڤيكتوريا وتابعته بخطوات حذرة فقالت بحزن: انا متأكدة انك ابني زي ما أنت متأكد اني امك الشبه والسلسلة الصليب.. كل ده أدلة
ألتفت لها بدهشة كيف تعرف ان لديه القلادة الذهبية فتابعت وهى تجفف عبراتها: بس.. أس
بتر حديثها مرة أخرى بصراخه لم يعد قادراً على الصمت والبرود وضع يديه على أذنه: مش عاوز اسمع حاجة.. سبوني في حالي
أقترب فارس من بدر وأمسكه من ذراعيه وهمس له: براحة يا بدر.. أنت عندك أسئلة كتيرة محتاج أجابتها هما هيجاوبوك
بدأ الغضب يتصل بتوحيدة من صراخ وصياح بدر لتقول بنبرة صارمة: أتفضلوا ادخلوا جوا.. مش هنكمل كلامنا على الباب
رمقهم بدر بحدة وأردف بنبرة غلظة: يدخلوا فين؟
لم تعيره توحيدة اي اهتمام لتفرد ذراعها وتتابع بجدية: أتفضلوا هنا
أسرعت ڤيكتوريا بالجلوس وخلفها السكندر والابناء جلست توحيدة ونظرت لبدر وبدأت في القول: بدر فعلا أبنكم هو
هتف بدر بحدة واضحة برزت عروق رقبته: انتي بتقولي ايه.. انا مش أبنهم.. وماعرفهمش
دفع فارس بدر بصعوبة ليدخل بالغرفة رغم صياحه ورفضه أغلق خلفه الباب ونظر لبدر الذي سيفتك به في حديثه: امك هتقولهم على تحليل الدي ان اي
.......................
خارج الغرفة أخبرت توحيدة قصة بدر منذ ان وجده الراجل وهو قطعة لحمة حمراء وسط الكلاب الى دار الايتام التي عاش بها فترة ثم عاصم واسم يحيى ليرجع الى اسمه القديم ومعرفته بهم وخدعته لرفائيل بتحليل الدم لتثبت انه فعلا أبنهم
كان الجميع ينصت لها بانتباه وڤيكتوريا تحولت عينيها لجمرتين من اللهب، تنهد السكندر بحزن: ربنا اللي يعلم اني مافرطناش في ضفره.. بس هو رافض يسمعنا نقوله الحقيقة
أمسكت ڤيكتوريا يد توحيدة وأستعطفتها ببكاء: ممكن أدخل اكلم بدر
سحبت يدها المرتجفة بسرعة ونهضت لتدخل في غرفته أمرت أبنها بأن يخرج وقالت لبدر بتحذير: قولتلهم على كل حاجة.. انت بلاش عصبيتك وأسمعهم
خرجت مع ابنها ودلفت ڤيكتوريا والسكندر الى أبنهم الذي كان يشتعل غضباً وقبل ان يتحدث كليهما هتف بحدة: مش عاوز أسمع حاجة.. ومش عاوز أشوفكم وأخرجوا برا
أقتربت ڤيكتوريا بحذر ونطقت بصعوبة بالغة تتذكر جميع الكلمات العربية: مش هتكلم.. بس سبني أخدك في حضني.. بورفاڤور (من فضلك)
تراجع بدر خطوات للخلف وهز رأسه بنفي لتزيد من بكائها وعويلها ڤيكتوريا، حاول السكندر الأقتراب منه وحدثه بتريث: أنا مش هقولك غير دينك.. خليك مسلم بس أسمع الحكاية يمكن في يوم قلبك يحن علينا وتيجي تزورنا.. ده انت الكبير وساعدت اخواتك كلهم رفاييل صاحبك اول مرة شوفته وقفتله عشان عربيته وماريا اللي ساعدتها من الخطف دول أخواتك الصغيرين
أبتسم بدر بسخرية على حديثهم وتابع حديثه الحاد الغاضب: والمفروض أعمل ايه أخدهم واخدكم بالحضن وحصل خير.. انا مقدرش اسامحكم انتوا ماتعرفوش حصلي ايه بسبب غلطتكم.. أترميت في دار ايتام وانتوا عايشين ومكملين حياتكم وخلفتوا
برر السكندر كلامه بسرعة مغلفة بالحزن: انت مش عارف حصلنا ايه.. اسمعنا وأحكم
هز بدر رأسه بعنف وشعر بدوخة قليلاً وأرتخت عصبيته فدلفت توحيدة ومعها أبنها فارس
سارع بأمساك بدر وأسناده اعتقد بأنه سيدخل بالنوبة قلقت ڤيكتوريا عليه فقالت بتعلثم: ماله؟
ضرب فارس على وجنته برفق في حين أبعد بدر يد فارس وقال بعصبية مرهقة: انا كويس واللي عندي قولته ومش عاوزــ
أبتسمت ماريا وهمست بصوت خافت: من اول يوم شوفتك فيه يا بدر وانا حسيت انك أخويا
هدر بها بصوت عالي جعلها ترتعد خوفاً: انا مش أخوكي.. أخرجوا بره مش عاوزكم
أمسك رفائيل بذراع والدته وهمس لها بهدوء: لازم نمشي يا ماما.. مش هينفع تقعدي اكتر من كده.. لما يهدا
خرج السكندر بصدمة كبيرة على ابنه وڤيكتوريا تحدج بدر نظرات وداع ثم قالت له بثقل: لوسينتو (اسفة) اني سببتلك الوجع والكره اللي في قلبك.. بس انا هفضل تيكيرو (احبك) أشان انت أبني.. هجيلك تاني
جذبها رفائيل ليخرج بها ولكنها مستمرة بالنظر عليه وعبراتها تنساب على وجنتيها غير قادرة يعز عليها ترك ابنها مرة اخرى
سار خلفهم فارس ووالدته يواسون عائلة بدر بعد تأكيد مغادرتهم عادت توحيده له بغضب شديد: ممكن أفهم عملت كده ليه؟
فرك بدر على جبهته بألم شديد ولكنه تحامل على نفسه وأجابها بضيق: هو ده ردي ليهم.. عشان هما مش اهلي.. الاهل باللي يربي ويكبر ويسهر مش باللي يحمل ويخلف ويرمي
جلست توحيده بجواره وتذكرت منظر ڤيكتوريا الحزين ثم قالت بحنق: أنت ماشوفتش منظر امك وابوك ايه.. ياخي حرام عليك.. أسمعهم
هز بدر رأسه بعند وردد: لا مش هسمعهم
نهضت مرة أخرى وكانت مترددة في الفكرة التي لمعت برأسها لتهتف بغضب متعلثم: اخرج برا يا بدر ده مش بيتك عشان تقعد فيه؟
أتسعت حدقتي عينيه وهتف بصدمة: انتي بتطرديني يا عمتي؟
أجابته بحزن جاهدت بأخفائه الى الغلظة: عشان انا مش عمتك.. ولا احنا اهلك.. هما اللي اهلك ويقدروا يستحملوك
رمقها بدر مطولاً للمرة الأولى وهو يعلم بأنها تكذب لكي يذهب الى عائلته: بس ده ماكنش كلامك لما عرفتي اني بدر مش يحيى
أومأت رأسها بتأكيد وفرت دمعة ساخنة من مقلتيها: في فرق بدر ماكنش ليه اهل ودلوقتي طلع ليه اهل.. فأنا بقولك اهو أخرج انا مش عاوزة أشوفك هنا تاني
صاح فارس بدون تصديق: ايه اللي بتقوليه ده يا ماما
نظر بدر لعمته وهمس لها بتأكيد: بس انتي لما توحشيني هاجي ازورك وبرضو مش هروحلهم
خرج بدر من الغرفة وفارس يمنعه من الخروج لكن الأمر نفذ وهو ايضا لم يريد ان يمكث اكثر من اللازم
أغلق خلفه الباب فأسرع فارس للعودة لوالدته ينهرها: ليه كده يا ماما.. هنبقا احنا والزمن عليه.. طب بتعيطي ليه.. لما انتي اللي طردتيه
أجابته توحيدة مجففة عبراتها بحزن: غصب عني.. بس لازم يسمع أهله وبعد كده يقرر اذا كان هيعيش معاهم او لأ
..........................
في شقة مكية خلال اليومين الذي مروا كانت قلقة جدا على بدر تسألت هل يعقل بأن تكون عائلته هى عائلة رفيقتها؟ تكاد تجزم بأنها عندما رأت ڤيكتوريا للمرة الأولى بأنها والده بدر فعلا، هاتفت رفيقتها ماريا لتخبرها بحقيقة كل شيء ولكنه لم يسامح
قررت الذهاب الى مشتله الخاص المكان الذي باتت تعشقه وترتاح به خصوصاً من حديث اختها اللازع ارتدت ثيابها واستأذنت والدتها بأنها ستخرج ولكن الأمر الذي جعلها تبكي سماع شقيقتها مودة سبها والسخرية من وحمتها مرة أخرى
عند وصولها المشتل وجدت الباب مفتوح دلفت بهدوء لتتفاجأ ببدر جالس بشرود حمحمت فالتفت لها أبتسم بتلقائية ثم جلست قابلته وقالت بخفوت: مختفي فين؟
تنهد بدر ونظر للزهور وهو يجيبها: بهرب
فركت مكية في أصابعها قليلاً وتعلثمت في حديثها تريد ان تخبره بشيء ولكنها تخاف ان يتعصب او تثير غضبه فسألها هو: عاوزة تقولي ايه؟
أبتلعت لعابها وهمست بوجع: الناس بقت قلوبها قاسية اوي
حدجها بتساؤل ممزوج بفضول: في حاجة حصلت يا مكية زعلتك
هزت مكية رأسها باعتراض كبير ولكنها لم تتحدث فتابع هو سؤاله: مين زعلك؟ انا بحس بيكي لما بتكوني فرحانة او زعلانة
لم تعد مكية قادرة على الصمت اكثر من ذلك فآجهشت بالبكاء وهى تردد: انا مابحبش اختي.. على كرها لشكلي
لم يتحدث او يرد عليها جعلها تفرغ شحنتها المكبوتة حتى هدأت تدريجياً ثم قال بهدوء: في ايه في القرآن بتقول {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}
عارفة معناها ايه؟ معناها ان ربنا بيتحدى الناس اللي بتقول في خلل في خلق ربنا بيقولهم بصوا مرة تانية ودققوا النظر هتلاقوا حاجات جميلة جدا
الجمال مش جمال الشكل الجمال جمال الروح ربنا مابيزودش حسانت للي شكله حلو او بيخصم حسنات من اللي شكله وحش سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قال في حديث شريف "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ"
جمال الراجل مش في شكله الأبيض ولا شعره الناعم وعيونه الملونة وإنما جماله في رجولته العفيفة وحرصه على الأخلاق وغيرته على اهل بيته
وجمال البنت مش في انها تبين زينتها ومكياجها وجسمها، جمالها في عفتها وطهارة قلبها ونقاء روحها وأخلاقها
بعد ده كله ولسة مقتنعة ان الجمال جمال الشكل وحتى لو مقتنعة بده انتي جميلة اوي يا مكية انا حبيتك بوحمتك زي ما انتي حبتيني بحالتي ومرضي
أبتسمت مكية بشدة فقد أختارت أنسان ناضج فكريا يعشقها ويعشق وحمتها لتقول بفرحة خفيفة: بخصوص موضوع اهلك.. انت ليه رافض تسمع منهم.. مش يمكن هما معاهم حق
ثبت بدر نظره على زهرة ما وأجابها بنبرة هادئة: في فرق كبير بيني وبينك يا مكية
اسرعت بالرد عليه بنبرة فاترة: لأ مافيش فرق.. احنا بنشبه بعض في ان كل واحد عنده عقده حبها عشان التاني.. انا حبيت الوحمة اوي بس أنت ماحبتش اهلك.. انت ديما يا بدر بتقولي ايات قرآنية لما بقع في ضيقة بس انت مابتعملش لنفسك كده
حدجها بضيق ثم قال بحدة خفيفة: اهلي الحقيقين طلعوا مسيحيين وعاوزيني اسامحهم ازاي سبوني وانا صغير.. حتى لو سمعتهم مستحيل اسامحهم
ابتسمت مكية له فلاحظ بدر ذلك ليسألها بدهشة: ايه اللي بيضحك؟
أجابته بوجه مرسوم عليه الابتسامة بحبور: انا هجاوبك بنفس الاجابة اللي قولتهالي وهى من القرآن في سورة لقمان ربنا قاب (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)
يعني لو ابوك وأمك قالولك أكفر خليك ملحد مالكش دين أنت ماتسمعش كلامهم بس أفضل بار بيهم وعاملهم احسن معاملة، تخيل ابوك بيقولك خليك على دينك بس أسمع منهم ايه اللي حصل زمان لكده وسامحهم
أنصت لها بانتباه ولكنه لم يرد عليها فأكملت مكية وهى تنهض: انا همشي دلوقتي ولو انت فعلا بتحبني هتيجي تخطبني من بابا ومعاك اهلك غير كده انا مش هوافق
خرجت مكية من المشتل بسرعة لكي لا يوقفها وينظر بعينيها وتفضحها سرعان ما عادت إليه مجددا والقلق والذعر على وجهها، سألها بجدية: في ايه؟
أجابته بهلع وهى تلتفت خلفها: في كلاب برا ممكن تعديني
أبتسم بدر لها وحدجها بسخرية ثم أستأنف ببنبرته: والمقابل؟
وضعت مكية يديها على خصرها وأجابته بنفاذ صبر: طلباتك
رد عليها بنفس نبرتها ولكن اقرب الى السخرية: تتجوزيني
جزت على أسنانها بحنق فسمعت نباح الكلاب بالخارج لتقفز بقلق: طب عديني عشان ماتأخرش بالله عليك
خرج بدر معها وافسح لها المجال ثم ابعد عنها الكلاب التي كانت تعرفه ولم تؤذيه استقلت سيارة اجرة وغادرت وهو شعر بدوار في عينيه ليستقل سيارته ويتوجه الى منزله
عندما وصل دلف للداخل بتعب شديد في رأسه ارتمى على الاريكة لكنه لم يهنأ سمع خبط على الباب قام حاول فتحه بصعوبة
كان رفائيل الطارق تعجب بدر منه ومن حقيبة ملابسه التي بجواره تحدث بتعب ممزوج بعصبية: نعم
رد عليه رفائيل بمرح: جاي لأخويا
لم يقدر بدر على الصمود اكثر تركه ودلف ليجلس على الاريكة وهو خلفه وسأله بضيق: أخرج برا.. انا مش اخوك انت اسمك بالكامل ايه
جلس رفائيل على حقيبته وأجابه بدون اكتراث: رفائيل السكندر اسحاق الخواجة
تحدث بدر بتهكم مستمر بالفرك على جبهته بسخرية: وانا بدر الدين طه محمود.. هو بس تشابه اسماء مش اكتر
ارظف رفائيل بضيق: لا أنت أخونا انا عرفت انك عملت الفلم بتاع البطجية عشان تاخد عينة دم وكمان شوفت السلسلة... آآ.. انت بتتنفض كده ليه