روايةاقبلني كما انا
(الفصل التاسع والثلاثون)
...........................
بداخل منزل (السكندر الخواجة)، دلفت مكية للحمام للاغتسال ثم توضت وعادت لغرفة زوجها تؤدي صلاتها وفعل مثلها بدر الدين، أرادت ان تساعد ڤيكتوريا في اعداد الفطور ولكنها أمرتها بأن توقظ ماريا فدلفت لغرفة رفيقتها تربت على وجنتها هامسة بمزاح: ميرو.. كل ده نوم اصحي
فتحت أعينها بصعوبة ثم تذكرت أنها باتت معهم أبتسمت وأردفت بصوت فاتر: صباح الخير يا مكية.. يارب تكوني نُمتي كويس
ثم نهضت وحركت ظهرها للجانبين وهمست لنفسها مستذكرة: تعالي نفطر عشان الحق شغلي انا كمان
خرجت مكية وخلفها ماريا التي هرولت للحمام تغتسل، جلست بجوار زوجها على السفرة حيث تجمعت الأسرة بأكملها يشرعون في بداية الفطار، مرت دقائق وجلست ماريا بجوارهم
كانت ڤيكتوريا في حالة جميلة لرؤية أولادها مجتمعين حولها، تحاشى بدر النظر لهم بسبب إحراجه لما حدث البارحة بعد انتهائهم اردف بجدية: شكراً على الفطار.. همشي عشان شغلي
تكلم السكندر بعد ان أرتشف من الشاي: استنى مكية تكمل فطارها
أبتلعت مكية باقي مياه الكوب وقالت بنفي: انا فطرت الحمد الله.. تسلم ايدك يا طنط
ثم همست بجانب فمها بأبتسامة خفيفة: هاخد كورس تعليم طبخ ولغة اسبانية
دلف للخارج بدر الدين وخلفه مكية سار حتى وصل لمنزله وتفقد الأرضية ووجدها ملقية على سطح الارض بعدم اكتراث أخذها وفتح منزله ليغيروا ثيابهم وعادوا للخروج الى الدار
في السيارة تنهدت مكية وقالت لزوجها بأرتياح: فرحت جداً انك وافقت تبات عند اهلك.. لازم تكون ابن بار بيهم عشان ولادنا في المستقبل
لم يلتفت لها وقال بجمود خفيف: بحاول يا مكية
تهزهزت في جلستها وأستأنفت قولها بجدية: لازم تاخد قرار يا بدر لحد امتى هتفضل تختار اللون الرمادي
ألتفت بها بتعجب ونطق بسخرية خفيفة: انتي بتقري كتب علم نفس وتنمية بشرية؟
رفعت مقلتيها بملل لترد عليه بضجر خفيف: بخصوص التنمية البشرية.. النهاردة عاوزة احضر معاك كورس تنمية ممكن؟
أبتسم وأردف وهو يومأ رأسه: ممكن
عم الصمت قليلاً كأنها تتشجع في بداية موضوع آخر للحديث، نطقت بتوجس: بصراحة مش عاوزة اكمل شغلي في الدار انا عاوزة اشتغل في مستشفى؟
سألها مستفهماً: ليه؟
أجابته بنفس نبرتها مغلفة بتنهيدة خفيفة: مش مرتاحة وماعوزاش ابوظلك شغلك انا عارفة نفسي ماهقدرش اتحكم في لساني لو حد قالي حاجة
أعتقدت بأنه سيرفض ويهتف بها كيف ترفض العمل، خيب ظنها بنبرته الهادئة: وأنا موافق مش هغصبك على حاجة.. بس انا عندي طلب انك تيجي تزوري العيال عشان هما حبوكي اوي
أومأت رأسها بتأكيد ثم وعدته بصدق: موافقة.. كل فترة هاجي.. انا شوفت اعلان على النت بس لسة مش متاكده منه هبقا أسأل وأشوفه
..................................
مجدداً بمنزل (السكندر الخواجة)
أخرج السكندر مفتاح من دولابه كان موضوع بين ثنايا الملابس وخرج لهم يرفعه بوجه مبتسم، عبس رفائيل وقال بتذكر: هو ده المفتاح اللي كنا بندور عليه امبارح؟
جلس على الأريكة وأيده بأبتسامة واسعة: اه هو مفتاح شقة بدر
أكمل أبنه رفائيل بنبرة عدم اكتراث: ليه يا بابا ماجبتهوش وقولت انك ماتعرفش هو فين؟
حدج أبنه بنفاذ صبر ليضع المفتاح على الطاولة الصغيرة ثم قال بجدية: عشان يوافق يبات معانا ونتقرب من بعض اكتر.. على فكرة النهاردة عيد ميلاد بدر هيكمل التلاتين.. ٣٠ سنة عدوا بالظبط على يوم ميلاده اليوم اللي عمري ماهنساه
أستمعت ڤيكتوريا لحديث زوجها بحزن لتلك الذكرى المشينة التي تنغص حياتهم في الماضي والندم في مثل اليوم من ثلاثين عام وضعت أبنها للحياة التي تعتني به تحت رحمه الله
دق السكندر على الطاولة بعقلته وقال متحمس لموضع برأسه: احنا نعملهاله مفاجأة نجيب تورتة ونزين بيته بمشيئة الله تفرحه ونعوض جزء بسيط من اللي حنان ودفى العيلة
أستطرد چايدن الحديث بنبرة جادة عاقدة للعزم: حاضر يا بابا انا هجيب التورتة وانا وجاي من المطعم.. يلا يا رفائيل
غادر مع أخيه وكذلك ماريا التي أعطتهم فكرة بأنه ستحضر بعض زينة اعياد الميلاد وتوجهت لعملها، نظر السكندر لزوجته وطمأنها: فكري معايا هنجبله ايه؟
.............................
في دار أيتام (ام القرى)
وصل بدر الدين بصحبة مكية عند دخولها تجمع الصغار حولها فهى عطوفة عليهم بينما دخل بدر لمكتبه، في حال ميادة أرادت أن تفسد عليهم جوهم فهمست لنفسها: مستنية رنة من لطفي بيه وأوعدك يا مكية انتي وبدر هتتمنوا رضا لطفي
ثم فتحت حقيبتها وتأكدت من المسدس الذي بداخلها واغلق سحابها بشماتة هذا لا يمنع من أنها أرادت ان تعبث وتستفزهم ظهرت أبتسامة خبيثة على فمها وقالت: هشككم في بعض
لتقرر الذهاب والأقتراب منها لعبت مع الأطفال بأصطناع مزيف، لم تعيرها مكية اي اهتمام فأردفت بنبرة هادئة مصطنعة: تعالوا يا حبايبي نلعب مع بعض وسيبوا مكية تشوف شغلها
هزت فتاة صغيرة رأسها بنفي وقالت برفض طفولي: ماما مكية طيبة اوي مش زيك شليلة "شريرة"
أحتضنت الفتاة مكية مكملة قولها بأبتسامة: انا بحبك اوي
ليسرع جميع الأطفال بأحتضانها بتحدي من الذي يعشقها اكثر، الله مقسم الأرزاق والنوايا زرع بقلب الأطفال عشقهم الكبير لمكية، أغتاظت ميادة ثم تعمدت ان ترفع نبرة صوتها بعند: طيب انا هروح اشوف دكتور بدر ممكن يحتاج مني حاجة كده ولا كده
هرولت لمكتب بدر الدين وعلى شفتيها أبتسامة منتصرة تغلبت على مكية ولو بشيء بسيط
...............................
بعد أن علم سيف صبري قبر والديه من قبل عمه حرص على ذهابه له كل يوم قبل ذهابه للمستشفى يتأكد انه في صحة جيدة ولا يبدي له اي شعور تجاهه، جلس بجانب قبرهم محتضن الصخر مستمع لصوت قارئ القرآن على هاتفه
ويهمس بحزن ممزوج بلهفة: من يوم ما عرفت قبركم وانا باجي كل يوم اسلم عليكم وامشي.. كان نفسي تكونوا عايشين وتشوفوا ابني بدر بيجري علي حضنكم.. و.. آآ.. واخوك يا بابا مش هسامحه على البهدلة اللي عشتها بسببه انا بسأل عليه عشان عضمك يا أبويا.. المرة الجاية هجبلكم بدر وسوزان يزوروكم
ألتف سيف لليد التي وضعت على كتفه، أردف شوقي بحزن: تعيش وتفتكر يا ابني
نهض من مجلسه ثم نفض ثيابه وقال بجفاء: انا مش ابنك ولا هكون ابنك.. مكلوب مني اجيلك كل يوم اشوفك محتاج حاجة او تعبان وبس.. ولا تقولي يا ابني ولا يا أبن أخويا
وضع هاتفه بجيبه وغادر أمام عينيه فجلس شوقي مكانه يتحدث مع أخيه بحرقة وحزن: انا اللي غلطان يا شوقي انا اللي يتمت سيف ورميته في الملجأ كانت الفلوس عمياني.. يارب طول في عمري عشان أقدر أحنن قلبه ويسامحني
..............................
دلفت ميادة لمكتب بدر الدين سمعت صوته يتحدث في الهاتف معارض ظهره ينظر من النافذة أنصطت لأسم فارس في الحديث
أكمل بدر الدين قوله بلهجة جادة: واخبار شغلك في المزرعة؟
قص فارس عليه كل شيء وخلفه مياده لم يشعر بهمس غير اقتحام مكية المكتب ووجها غاضب بشدة أرتطم الباب بظهر ميادة وهتفت بألم: آآآه.. براحة يا مكية
أكملت مكية فتح الباب على أخره وردت بنبرة تهديد: اسمي مدام مكية ماتنسيش نفسك
نظر بدر الدين خلفه وأستأذن فارس بعدم اكمال حديثه ثم اغلق الخط وقال بنبرة باردة: هو الباب معمول ليه؟ مش عشان نخبط قبل ماندخل جوا
دفعت مكية بيدها ظهر ميادة ونطقت بجدية لها: أنا عاوزة أعرف حاجة واحدة بس وياريت تجاوبيني عليها يا ميادة.. جاية مكتب دكتور بدر ليه؟
جلس بدر على المقعد وأردف بنبرة صارمة: أنسة ميادة حضرتك أخصائية أجتماعية ياريت تركزي في شغلك يا اما هضطر استغنى عن خدماتك.. أتفضلي
رمقت مكية بوعيد خفيف وأردفت بأسف مصطنع: بعتذر يا دكتور بدر عن اهمالي في شغلي وأوعدك هركز فيه.. عن اذنكم
أغلقت خلفها الباب بضيق لترمق مكية زوجها وهمست بحنق: ماقدرش أمسك نفسي وهى متلقحة قدامك حتى لو عارفة انها قاصدة تعمل كده عشان تغيظني
جعلها تجلس على المكتب وقال بأبتسامة متسلية: بتغيري عليا
أومأت رأسها وصدقت على قوله بتلقائية: اكيد بغير عليك مش جوزي وبحبك
..........................
أنقضى اليوم بسرعة في الدار لم يذهب لمنزله وعزمها لتناول وجبة غداء في أحد المطاعم ثم توجهوا الى "مركز بدر الدين" تحت اصرار مكية على الذهب مع برفقته
قررت الدخول في أخر محاضرة بالموعد غلب عليها الملل والنوم همست لنفسها: ده انا قاعدة وماتكلمتش وتعبت امال هو يعمل ايه اللي شغال اليوم كله
غادرت من مكتبه ودلفت للقاعة التي اشتاقت لها حقاً تغير كل شيء بها كذلك معظم الناس لم يكترثوا بها عندما جلست سألتها فتاة بتردد: مش انتي مكية سند؟
أومأت رأسها بأبتسامة خفيفة لتتعجب الفتاة وتسألها بصدمة خفيفة: اتحجبتي؟ شكلك بقا احلى بالحجاب.. بس انتي اختفيتي بقالك اكتر من سنتين محدش يعرف عنك حاجة
الراحة التي عاشتها مكية عندما أبتعدت عن الشهرة لا تحصى فأردفت مجيبة لها بأختصار: انا لقيت راحتي وسعادتي لما بعدت عن السوشيال ميديا
دلف بدر الدين في ذلك الوقت وأستطرد بجدية سريعة: السلام عليكم يا شباب.. محاضرتنا النهاردة هتكون عن تجنب الإحباط والنقد الهدام
ترك الشباب كل شيء يقومون به لشدة تعلقهم بالمحاضرات خاصته فتابع بدر بصوت رخيم: انتوا هتقابلوا ناس هتحبكم فعلاً وناس هتكرهكم وهتلاحظوهم من تصرفاتهم وناس بتقول انها بتحبكم بس هى بتكرهكم من جوا.. مهما تعمل من انجازات ونجاح لازم هتلاقي ناس بتقطم فيك وتنقدك مافيش انسان على وجه الارض سلم من النقد حتى سيدنا محد صل الله عليه وسلم لما اهله اتهموه بالجنون والسحر والعياذ بالله
ربنا قال في سورة التوبة [الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ]
يعني حتى الناس اللي بتتصدق ماسلموش من كلام وتريقة المنافقين فيهم.. تعمل ايه أنت بقا؟ طنش تنتعش زي مابنقولها بالبلدي حاجات كتيرة في حياتنا مش مجبر انك تبرر حاجة او تدخل في جدل عقيم معاه.. الحاجة التانية وأهم حاجة عندي أنا هى الرضا.. ارضى عن نفسك وعن شكلك وأهلك ومستواك وآآ
قاطعه شاب بجدية: بس يا دكتور في ناس لازم نقل أدبنا عليهم عشان يتهدوا ويبطلوا تنمر وشتايم على خلق الله.. مش من صفات ربنا الظلم انا أتشتم او حد يتريق عليا واللي قدامي يضحك
نكست رأسها مكية للأسفل ليكمل بدر قوله بجدية: معظمنا مش مدرك الذنب اللي هياخده لما نغتاب او نتمنر على حد.. محدش بقا يعمل زي ما دينا قال {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} الهمزة يعني اللي بينم على التاني واللمزة اللي ببسخر ويتريق عليه.. متخيلين يعني ايه ربنا بيحذر الناس بعذاب وهلاك ومع ذلك لسة في ناس بتفتخر بالدبش اللي بتقوله
ألتقت اعين بدر بزوجته المنكسة فصاح بها يغير الموضع: مكية سند من الناس اللي عانت من التنمر.. دي مراتي لو لسة محدش يعرف انا من يوم ماعرفتها وأنا سعيد حبيتها وحبيت وحمتها عرفت الحب بسببها
ألتفت الجميع لمكية التي عادت أبتسامتها المشرقة تلألأ وجها ثم أستأنف شرحه: لتجنب الإحباط في كام حاجة لازم تعملها من اهمها ابعد عن المحبطين مثلاً مسألة في الرياضيات محدش عرف يحلها وأنت قولت انك هتحلها يجيوا هما يقولولك محدش عرف يحلها انت اللي هتقدر؟
ماتوقفش على كل كلمة جارحة ليك او نقد.. أشتغل وأتعب عشان توصل لهدفك وحطوها حلقة في ودانكم الأنسان الناجح هو اللي بيتعرض للنقد والتجريح بعض الناس مابتحبش تشوف حد ناجح او سعيد.. بيشوفوا نجاحهم في فشل الناس التانية ويحاولوا بكل الطرق انهم يدمروا اهدافهم ونجاحهم
انا من دقيقتين قولتلكم ماتسمعوش النقد الهدام ودلوقتي بقولكم اسمعوا النقد البناء اللي هو الغرض منه تحسينك للأفضل ولازم تتقبل النقد بصدر رحب مش مجرد ما حد انتقدك او قال رأيه تبجح فيه وأنت مابتفهمش وبتغير وتحقد وصودو كريم وكلام عيال صغيرة في أبتدائي تخلي الناس تكره تنصحك وتتعامل معاك
ثم أرتدى بدر الدين نظارته الطبية وأردف بصوت عالي نسبياً: المحاضرة خلصت.. حد عاوز يسأل عن حاجة؟
رفع شاب ذراعه يستأذنه في سؤال أومأ رأسه له ليقول بجدية: هو سؤال برا المحاضرة ممكن حضرتك تقولي على أسم كتاب ينفعني في التحكم في نفسي
أستطرد بدر الدين قوله بجدية: لا تكن لطيفاً اكثر من اللازم
أعتقد الشاب أنه يسخر منه فتابع بحرج: ايه اللطيف في اني أسأل حضرتك على أسم كتاب؟
عض بدر على شفاه السفلية وأجابه بسخرية كبيرة: اسم الكتاب لا تكن لطيفاً اكثر من اللازم.. الموضوع مالهوش علاقة باللطافة
همهمات بالضحك على الشاب حتى هو سخر من نفسه، جمع بدر محتواياته وغادر من القاعة قبل ان تتبعه مكية أوقفتها فتاة تقول بأبتسامة: ربنا يرزقني واحد زي دكتور بدر في حبه ليكي.. الف مبروك يمكن جات متأخرة شوية
أبتسمت مكية وردت عليها بوجه بشوش ثم لحقت بزوجها وغادرا من المركز، كانت مكية في قمة فرحتها لم تقول شيء إلا عندما وصلوا وفتح باب السيارة ثم همست بأبتسامة وهى تضغط علي يده: انا بحبك أوي
دلف للداخل محتضن مكية مستمر بتقبيل وجنتها لتهتف بمزاح: هى الكهربة قاطعة؟ كفاية يا بدر
فتح باب منزله ثم وقبل وجنتها مجدداً مجيب بنبرة ساخرة: امال انا متجوزك ليه؟
أغلق بيده الباب وأمسك فكها أوشك على تقبيلها، أضاءت أنوار الشقة وأسرته يهتفون جميعهم بفرحة في أيديهم قصاقيص لامعة ألقوها عليهم: كل سنة وأنت طيب
أبتعد الزوجان عن بعضهم بينما همس بدر بدهشة ونظر للشقة ربما أخطأ: مش دي شقتي؟! ولا أنا دخلت شقة غلط؟
تسمرت أسرته ليضع رفائيل الكعكة على الطاولة بدون اي تلفظ لجملة، رمش بدر بجفونه وأستطرد بتلعثم: أنتوا دخلتوا ازاي؟ آآ.. جايين ليه؟
قرصته مكية في ذراعه اثر سؤاله الفظ فأسرع بتصحيح قوله: أقصد عيد ميلاد مين؟ أنا عيد ميلادي فاضل عليه أسبوع
خففت مكية من توترها بتنفيض ثيابها من القصاقيص العالقة بها فأردف السكندر بأبتسامة: زي النهاردة من تلاتين ڤيكتوريا ولدتك وجيت على الدنيا.. احنا بنحتفل باليوم ده كل سنة زي عيد ميلاد چايدن ورفاييل وماريا
أسرع چايدن بالأقتراب منه يجره وتحدث بمزاح: تعالى طفي الشمع وشوف الهدية اللي جبتهالك
ضغط رفائيل على زر قابس التيار الكهربي وأنطفأت الأنوار أُشعلت الشموع وغنوا له أغاني أعياد الميلاد
تذكر بدر والده عاصم الذي يحتفل بجميع أعياد ميلاده أنشلته ماريا من قوقعة افكاره بصوتها الهامس: أتمنى أمنية
نظر لزوجته المبتسمة أشارت بعينيها على الشموع ليطفأها، تنفس وسحب هواء من أنفه ثم زفر وطفأ الشموع عاود رفائيل تشغيل الأنوار وقال بأبتسامة: كل سنة وأنت طيب يا بيدو
أجتمع الجميع بتهنئته ومباركة لعيد ميلاده داعين الله بأن يطيل في عمره قامت ڤيكتوريا بتقطيع الكعك وأعطت جزء لبدر خارجة كلمات من بين شفتيها: "فليز كومبيانيوس" (عيد ميلاد سعيد) كل سنة وأنت طيب بدر
رد عليها بخفوت جاد: وانتي طيبة
أخذ منها الطبق ثم أعطت باقي الأسرة هداية مغلفة له وسط تناولهم الطعام مد السكندر مفتاح لأبنه وقال بجدية: أتفضل ده النسخة التانية من المفتاح
وضعه على الطاولة ثم أكملوا تناول الكعك عند أنتهائهم الجلوس مع أستأذنوا ليغادروا فأوقفهم بدر بنبرة جادة: شكراً
ألتفتت ڤيكتوريا له بأبتسامة سبقها چايدن بالحديث المرح: عد الجمايل بس
غادروا من منزله وبداخل بدر الدين فرح خفيف ألقت مكية نفسها بحضنه وهى تردد: كل سنة وأنت معايا وفي حضني يا بيدو
داعب أرنبة أنفها بأصبعه وقال بتسلية: وانتي مش هتجبيلي هدية؟
فردت ذراعيها للأخر وردت بنبرة عالية: انا هديتك يا بدر
..............................
مرت عدة أيام مستقرة أستطاعت مكية الذهاب لعملها الجديد كانت فرحة جداً، بينما بدر يواظب على عمله بالدار والمركز والمشتل حمد الله على انشغال مكية بالعمل وعدم ذهابها للمشتل لتنفيذ شيء قرر فعله
كذلك ميادة تعجبت من غياب مكية للدار وبهذه أفسدت خطتها هاتفت لطفي وأخبرته وصب عليها غضبه توترت في قولها: زي ما بقولك يا لطفي بيه بقالها أسبوعين مابتجيش ومعرفش ليه؟
هتف في بغضب كبير: يعني ايه ماتعرفيش؟ هو انا كنت مشغلك عشان ماتعرفيش حاجة؟
قضمت أظافر يدها ثم أجابته بتلعثم به شيء من التوجس: ايه رأي حضرتك اني أنفذ العمليه في بدر؟
عند تلك النقطة تحول لغول غاضب كتلة من التوعد في نبرة صوته: اياكي تعملي حاجة تضر بدر.. ما هو لو مات انا ماهطولش ابيض ولا اسود منه انا عاوزه عايش عشان اخد فلوسي فاهمة يا غبية.. اقفلي وشوية بالليل هقولك تعملي ايه؟
أغلقت ميادة الهاتف بخوف وهمست لنفسها بضيق: ما أنت لو راجل صحيح تاخد حقك منه هو مش تأجر ناس
............................
الشيء الذي جعل الأمور تزدتد عقدة عند ميادة ولطفي هو زفاف ماريا وإبرام الذي تم تحديده في الأيام الجارية، كانت مكية ونعم الرفيقة معها مثلما حدث بالأمس معها الأن تقف بجانب ماريا
ليأتي يوم الزفاف الجميل أرتدت ماريا فستانها الأبيض ومكياجها الجميل البسيط، أردفت مكية خلفها بأبتسامة: جميلة يا ميرو
أدارات رأسها وقالت بضيق خفيف: نسيت خالص بوكيه الورد
سمعت صوت أخيها بدر خلفها يقول: بس أنا مانسيتهوش
لم تستوعب مجيئه إليه ورأته بطلته الجميلة ممسك باقة زهور حمراء كثيرة والجمال والرعة بها أعطاها لشقيقته ثم قبل جبهتها وقال بأبتسامة: مبروك يا ماريا
أحتضنت أخيها بفرحة كبيرة وردت عليه بسعادة: حبيبي يا بدر
ظهر رفائيل خلفه وأحتضن شقيقته وكذلك چايدن قاموا بالتهنئة لأختهم الوحيدة اثناء دقائق حضر العريس إبرام لزوجته بأبتسامة فرحة فتوجهوا للكنيسة لأتمام مراسم زفافهم وعادوا للقاعة، أنقضى الزفاف بسلام وفرحت مكية لزيادة القرابة بين زوجها وأشقائه ووالديه
.............................
مزالت الأيام مستمرة وميادة لا تعلم ما سبب غياب مكية عن الدار بالتأكيد لا تعرف عملها التي تذهب به
زادت علاقة بدر بالأطفال الأيتام وبادلوه شعور الأبوبة الجميل كان يلعب مع مجموعة من الصغار ليأتي طفل يصرخ بسعادة: بابا بدر.. يا بابا بدر
تعجب من ركضه وخوفه فحمله وقال بدهشة: خد نفسك يا حموكشة
أردف الصغير بتذمر: انا اسمي حاتم يا بابا مش حموكشة.. المهم عشان مانساش.. مس ميادة الوحشة وقعت من على السلم
أردف بدر بنبرة تلقائية أنسته نفسه: يا فرج الله
ثم وضعه على الأرض وقبل أن يذهب لها سمع صراخ طفل صغير توجه لمصدره فوجد ميادة مسنودة على درجات السلم ومعها مسدس تشهره على دماغ طفلة
صرخ بدر بها بعصبية: ده انا مشغل بلطجية هنا.. سيبي الزفت اللي مسكاه
ليهدأ الطفلة بتريث: ماتخافيش يا حبيبتي
تجمع العمال يهدأون ميادة بعدم أطلاق النار على الفتاة صاحت بعصبية تحذيرية: قدامك حل واحد عشان البت ماتتقلتش.. قدام عنيا دلوقتي تعمل تنازل عن ثروتك للطفي بيه يا اما والله اقتلها وانا مابهزرش
ماهذه الخطة السخيفة بالطبع أنه لطفي افكاره التافهه كيف يصور له عقله وشيطانه الأحمق تلك الجريمة فقال بغضب: أنتي ولطفي أغبى من بعض.. ازاي صورلك انك هتقدري تهربي وانتي قاتلة
أكمل أحد العمال بتوجس: استهدي بالله وسيبي البنت.. والله لو حصلتلها حاجة هتروحي في ستين داهية
كلامهم كان كفيل لجعلها تفزع من المسألة القانونية توترت بشكل خفيف ولكنها مستمرة بالأمساك بالفتاة الباكية، على جانب أخر حضرت مكية ومعها ألعاب للصغار ثم همست لنفسها: هتكون مفاجأة حلوة
سارت في الرواق ولم تجد أحد لتلمحهم مجتمعين بأخر الطرقة شدد أمساك الحقائب المليئة بالألعاب الخفيفة وقالت بشاشة: مجتمعين هنا يا ترى في فيلم شغال لأسبونج بوبـ.. آآآآآآآآه
سقطت على الأرض اثر طلقة نار من ميادة بفخذتها رمش بدر الدين لزوجته بعدم تصديق وأسرع بالدنو وأحتضانها قال بتلعثم: مكية
أردفت بنبرة متألمة بدرجة كبيرة غير قابلة للتحمل: آآآآه.. رجلي يا بدر وجعاني اوي.. حاسة بنار فيها
أنقض عامل على ميادة وأخذ منها المسدس عنوة وقال بصرامة: بلغوا الشرطة دلوقتي للأشكال بنت *****
أبتلع بدر لعابه وحملها بحذر يضعها في سيارته وأسرع على أقرب مستشفى هاتف رفيقه سيف ثم نظر لزوجته التي تتلوى من ألم ساقها أردف بشحوب وجهه: هتكوني بخير يا مكية
رصاصة في الساق ليست بالقلب ولا الرأس لكنه يخشى فقدانها عندما وصل تم أخذ مكية لغرفة العمليات وهو وسيف بالخارج
أنصت لصوت چايدن خلفه يقول: بدر
ألتفت بدر الدين له ليرى أسرته تركض إليه تابع السكندر بقلق: مكية عامل ايه دلوقتي؟
أردف سيف بتوجس: هى لسة في اوضة العمليات
سأل بدر والده بجمود وعقل غائب: انتوا عرفتوا ازاي؟
أمتعض وجه أبيه يسأله عن شيء يجيب بشيء أخر ليهتف بنفاذ صبر: هو ده اللي شاغلك؟ الراجل اللي سلم البت للشرطة اتصل وبلغنا
أبتعد عنهم ليقترب من غرفة العمليات همس لنفسه بوعيد كبير: انا كنت عامل حساب لعضم التربة بس والله من دلوقتي لأنسى كل حاجة يا لطفي وأخليك تتمنى الموت ومش هتطوله.. كله الإ مراتي
خرجت طبيبة من الغرفة ووجها مبتسم وهى تردد: الحمد لله الحالة مستقرة جداً.. والرصاصة ماجتش في عظمة الفخذ.. بالقرب منها هى دلوقتي نايمة
بسبب البنج وشوية وهتفوق بس هنضطر نحجزها يومين تحت الرعاية
خرجت مكية ممدة على السرير المتنقل الى أحدى الغرف سار بدر معها والجميع خلفه عدا چايدن الذي توقف لما رأى الطبيبة يؤنا تقابله في السير
تأففت لرؤيته ثم أقترب منها وأردف ببرود: شوفتي عفريت؟
أومأت رأسها وأجابته بتلقائية: آه شوفت عفريت ابعد عن طريقي
لوى فمه بتهكم ليحدث نفسه بتذكر: انا جاي اتعرف ولا جاي عشان مرات أخويا؟
كان سيكمل طريقه فأوقفته يؤنا باستفسار: مرات أخوك؟ البنت المحجبة اللي من دقيقة خرجت تبقا مرات اخوك؟
أومأ رأسه بطريقة يقلد نبرتها بسخرية: آه مرات أخويا
غادر من أمامها تحت تعجبها الكبير هى لا تعلم أسمه لكنها تتذكر المرة التي رأت الصليب المنقوش على رسغه.
...........................
رفضت الطبيبة دخول الجميع على مكية ليضطر بدر الأنتظار بضع ساعات حتى تفيق مروا كأنهم سنوات
دلف بمفرده وأمسك يدها يقبلها وهى مغيبة عن الواقع همس بحزن: هجبلك حقك يا مكية انا مقدرش أعيش من غيرك.. عرفت قيمتك عندي غالية اوي مالهاش وصف في قلبي
فتحت مكية عينيها بثقل وقالت بآلم: آآآي.. رجلي وجعاني
قبل أصابع يدها وقال بأبتسامة خفيفة: حمد الله على سلامتك يا قلبي.. ماتقلقنيش عليكي.. هترجعي أحسن من الأول يا مكية هو بس البنج أبتدى تأثيره يقل
ضمت شفتيها بوجع وهمست بحشرجة: ميادة الكلب علمت عليا.. وازاي تمسك مسدس في دار أيتام
أجابها بتلقائية يشوبها الوعيد: دي ناخدلها عيش وحلاوة لما نزروها في السجن بس ماتتكلميش كتير يا مكية
زفرت بثقل وردت عليه بتساؤل مرح: قلقت عليا؟
لا إرادياً أبتسم حتى في ألمها تضحك وتبتسم همس بتسلية ساخرة: لا أنا قلقان على اللي في المسكينة اللي هتتسجن
عقدت حاجبها بضيق وتحدث بحدة متوجعة: آآآه.. مسكينة مين اللي قلقان عليها وأنا أخليك تحصلها السجن ولا المشرحة أيهما أقرب.. آآآي يا رجلي
قرب وجهه منها وتابع بسخرية: الدكتورة قالت انك هتقعدي يومين بس انا بقول كفاية عليكي النهاردة ما شاء الله على صحتك
حدجته بغيظ كبير فطمأنها بأبتسامة مازحة: براحة ليطقلك عرق ده انا بهزر
زادت أقتراب وجهه لها قارب أن يقلبها لتفتح مريم الباب تهتف بقلق: مكية حبيبتي الف سلامة عليكي
أبعد بدر وجهه عنها وهو يعض شفتيه أقترب مريم منهم وتابعت ثرثتها: ازاي يا بدر ماتقولناش على اللي حصل.. لأ اخص عليك مش احنا اخواتها برضو
ثم قبلت رأسها ودلفت أسرة مكية وأسرة بدر لهم يسألون عن صحتها طمأنتهم انها بخير وحضرت الطبيبة تفحص مكية وأخبرتهم ان حالتها بسيطة لا داعي للقلق
عند ذهابهم أصر بدر هو الذي سيمكث معها رغم رفض هالة ولكن فعلت مثلما قال بدر، في اليومين مروا بسرعة وتحسنت حالة مكية قبل ان تغادر المستشفى حر الضابط يحقق ويتأكد من فعل ذلك
زادت التهمة على ميادة وأخبرت الشرطة ان لطفي هو السبب لكن ليس موجود، قاد بدر سيارته وهى معه عند وصولهم منزلهم حملها على ذراعيه ودلف بها وضعها على الأريكة بهدوء مردداً: نورتي بيتك
نظر لساعة الحائط وقال بعزم: انا هحضر عشا
أبتسامة كبيرة على وجهها سمعته يكمل بجدية: هعملك شوربة خضار
حمحمت وأردفت بأبتسامة: لأ مابحبهاش اعملي شوربة فراخ
رمقها بسخرية فتابعت بألم مصطنع: لو مش هتعرف أقوم أنا يا بدر
لم يمنع نفسه من الرد الساخر عليها: وانتي من امتى بتعرفي تطبخي؟ خليكي يا ختي
أردفت مدعية الألم بعد أن لف ظهره: ممكن تعدلي رجلي يا بيدو
أقترب منها وعينيه ترمقها بأشتعال ثم عدل جسدها وقال باستخفاف: هتستحلي القعدة يا روح بيدو
ليدلف للمطبخ ويفرك في رأسه فتح باب الثلاجة وشرع في أعداد الطعام لها بعد أنتهائه بصعوبة مكلفة وضع الطبق المليء بالشوربة على صينينة واقترب من زوجته
ساعدها في تناول الطعام كل ذلك يجعلها تبتسم وتفرح حتى فرغ الطبق وشبعت، أستطردت بتعجب: تسلم ايدك يا بدر انت شيف ممتاز
توجست وأكترثت في السؤال الذي ستطرحه عليه تنهدت وقالت بألم خفيف: بص اخر طلب هطلبه منك.. ممكن تغسل المواعين.. لو مش عاوز انا ممكن أقوم عادي
نهضت وهو ممسك بالصينية يقول بسخرية خفيفة: لا يا حبيبتي وتتعبي رجلك ليه؟ مافي دادة بدر يعمل كل حاجة
قذفت له قبل بالهواء وأبتسامتها الجميلة لا تفارق ثغرها عاود بدر للمطبخ كان يريد تشغيل غسالة الأطباق ولم يعرف التحكم بها همس على مضض: بتشتغل ازاي البتاعة دي؟
لوى فمه بسخرية فتأكد أنه سيغسل الأواني على يديه أمسك الأسفنجة وسكب عليها السائل وأستأنف عمله الجديد حتى صادفه وعاء أسود
عقد حاجبيه ونهر زوجته بتأفف: طب مابتعرفش تطبخ ورضيت باللي ربنا كتبهولي.. لكن ماتعرفش تغسل لدرجة الحلة بقت سودة دي ماينفعش اسطت عليها.. انا عاوز سلك مواعين هو اللي ينضف
بحث في الدرج أسفه ووجد بالفعل أمسكه وبدأ في غسيل الوعاء بعزم لا يعرف انه يقشره ويفسدها حتى جعل لونها قاربت للفضي تنهد بتعب: اكيد هتفرح اني غسلتها كويس
أمسكها وخرج يهتف بأسمها واستهزائه يطرب أذنها: من يوم ما اتجوزنا والحلة دي ماغسلتهاش لكن معايا أنا غسلتها وخليتها بتلمع يا مكية بصي كده
رفعها حتى تراها ظن أنها ستفرح ولكن أنصدم من صوتها العالي: ايه اللي انت عملته ده يا بدر؟ انت بوظت الحلة التيڤال