رواية العشق الطاهر الفصل الثامن والتاسع بقلم نسمة مالك

رواية العشق الطاهر الفصل الثامن

روايةالعشق_الطاهر

الفصل الثامن والتاسع 

بقلم نسمه_مالك


...........................................................

إن الله عز وجل حين قضى بالفصل بين المرأة والرجل من غير محارمها كان لحكم عظيمة فهو قضاء قضاه وحُكم حكم به ولا معقب لحكمه ولذلك لا يجوز لنا ان نبرر هذه العلاقة بأى شكل من الاشكال او نجد سببا لكى نبعد عنها الشبهات بأن نقول أن العلاقة بين الشاب والفتاة صداقة محترمة أو يعاملها كأخت له وفي هذا قال عز وجل..

" وماكان لمؤمنٍ ولامؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً "


فأي علاقة بين أي فتاة وشاب غير محرم لها تعد محرمة لأنه يحرم على المسلم أن يقيم أي علاقة مع أجنبية عنه والأصل في ذلك الكتاب والسنة. أما الكتاب فقد بيَّن الله للمسلم الأحكام التي تحدد العلاقة بين الرجل والمرأة إذا كان غير محرم لها ومن هذه الأحكام أنه يجب على المسلم غض بصره عن المرأة الأجنبية، ولهذا أمر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يبلغ أمته هذا الحكم بقوله..


"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن "..


فالنظرة الى الاجنبية حرام فما بالنا بعلاقة الصداقة والتعامل المباشر بينهم الذى لا يخلو من الهزار والنظر وفى بعض الأحيان يصل الى الخلوة..

...................................

"زمردة"..

أخطأت خطأ فاضح والعقاب لن يكون هين..

لم تكن جديرة بثقة زوجها،تجلس بمنزل والدها داخل غرفتها تحدث رجل غريب عنها تحت مسمى صديقها،اما هو يعشق ادق تفاصيلها،بداية من صوتها الذى يسحره ويأخذه لعالم اخر والأن يتفرسها بعينه بعدما طلبت هى ان يفتح الكاميرا كما فعلت هى ليتمكنا من رؤية بعدهما،يتأمل ملامحها بعيون تصرخ شوقاً وعشقاً،ملتزم الصمت لا يرد على حديثها،

يكتفى بالتنقل بنظره بين شفاتيها وعيونها،أنتبهت هى لنظرته لتعقد حاجبيها وتتحدث بستغراب قائله..

"ايييه يا ابنى مالك متنح فى الكاميرا ليه كده ههههههه"..

أنتبه على حاله فتنحنح محاولاً أخراج صوته قائلاً..

"احححم،مافيش يابنتى سرحت شويه"..

صمت لوهله ورفع يده على جبته يدلكها بقوة حتى يخفى عينه عنها قليلاً وتابع بفضول شديد نجح فى اخفاءه..

"أمال جوزك هينزل الشغل امتى صحيح"..

أبتسم ابتسامة باهته.."ولا مش ناوى يشتغل تانى"..

اجابته زمردة بغرور مصطنع..

"هو فعلاً بعد ما اتجوزنى مش عايز يشتغل علشان يفضل جنبى على طول،بس خلاص هينزل من بعد بكره"..

صك مروان على أسنانه وكور قبضة يده يتمنى لو يلكم خليل وينهى حياته لعله يفوز بها وتكون زوجته ولو ساعة واحده فقط،لتشعل هى نيران قلبه أكثر دون قصد حين تابعت..

"بس لو عليا انا عيزاه ينزل الشغل حالاً علشان اقدر اكلمك براحتى يا مرمر"..

تهللت أساريره وبلهفه فشل فى اخفاءها همس..

"لدرجاتى بوحشك يا زمردة؟"..

أجابته بتلقائيه..

"طبعا يا ابنى بتوحشنى وجداً كمان،انا مقدرش أستغنى عنك يا مروان"..

قال هو بتنهدة متألمه..

"طيب يله اقفلى لحد يدخل عليكى وتبقى مشكله وأنا هكلمك بعد بكرة بأذن الله بعد ما جوزك ينزل الشغل"..

قالت زمردة بحماس..

"أشطا جدا،خليل بينزل الساعه 8 بالظبط كلمنى انت 8وربع كده هستناك يا مرمر"..

ابتسم لها وحرك رأسه بالأيجاب واغلق كلاً منهم هاتفه،

ارتمى هو على فراشه غالقاً عينه بتعب،لتهبط دمعه حارقه على وجنتيه ببطء وبالم حاد همس..

"عشقك محفور جوه قلبى يا زمردة"..

تأوه بصوت عالِ وقلبه يصرخ بنهيار شديد..

"يؤلمني الصمت،وتؤلمني الحياة بدونك، وتؤلمني عواقب البوح بعشقى لكِ حبيبتى"..

.........................................

"جيلان"..

تفتح فمها ببلاهه حين قرأت رسالة طاهر وبلا توقف تعيد قرائتها بذهول..

"والدته جيجي عشق الطاهر!!!"..

دارت حول نفسها وبعدم تصديق همست لنفسها..

"معقول اكون وصلتلها"..بيد ترتعش كتبت له..

"انت كتبت والدتك يعنى تقصد انها مامتك اسمها جيلان؟؟"..

رفع طاهر حاجبيه بدهشه من غبائها وبملل اجابها..

"طبعا أمى،وانتو عندكو بمصر كلمة والدتك بتقولها لخالتكم مثلاً؟؟!!!"..

رفعت جيلان شفاتيها العلويه وضحكت بصطناع قائله..

"ههه شكله خفه الأخ وهيستظرف ويقرفنى"..

حكت رأسها وتابعت بعبوس،..

"عنده حق الصراحه ايه السؤال الغبى اللى سالتهوله دا"..

اسرعت بالرد عليه..

"طيب من فضلك انا عايزة اكلمها ضرورى"..

كتب لها طاهر..

"وهى كمان عايزة تعرف انتى مين بالظبط،وجبتى اسم جيجي عشق الطاهر دا منين؟!!"..

أخذت نفس عميق وبابتسامه عابثة تزين ثغرها كتبت..

"أنت طاهر أبنها صح؟"..

اجابها طاهر بضيق..

"امممم"..

أتسعت ابتسامتها وكتبت بحماس..

"قولها أنا جيلان الصغيرة اللى خالى طاهر سمانى على أسمها"..

جملتها جعلت قلبه ينقبض قبضه عنيفه ونظر لوالدته الجالسه بجوارة تتابع الحوار بصمت وعيون ترقرقت بها العبرات وهمس..

"جيلان الصغيرة!!"..

أخذت والدته الهاتف من يده بلهفه وبرجاء تحدثت..

"خلينى انا اكلمها وانا هعرف هى بنت فاديه فعلا ولا لاء،

وانت روح لوالدك واعمل اللى وعدتنى بيه يا طاهر"..

أبتسم لها طاهر وقبل جبهتها ويدها بحب قائلاً..

"طلباتك أوامر يا ام طاهر"..

نهى جملته وهب واقفاً وسار خارج الغرفه..

أسرعت جيلان بكتابة رساله لجيلان محتواها..

"لو انتى فعلا بنت اخت طاهر،فمامتك عندها صور لخالك محتفظه بيهم ابعتى لى صورة من صوره"..

تتوق هى شوقاً لرؤيته حتى لو صورة له..

عقدت جيلان حاجبيها وتمتمت لنفسها قائله..

"وانا اجبلها صورة ازاى دلوقتى بس وانا اصلاً معرفش خالى دا شكله أيه غير انه شبه الواد كمال بتاع حب اعمى"..

فكرت قليلاً واجابتها بتعقل..

"الطلب دا صعب اوى اطلبه من ماما اللى كل ما تيجى سيرة خالى طاهر تنهار وتتعب،بس هحاول اتكلم معاها واجبلك صوره ليه مقابل أنك تردى على كل أسألتى،وكمان عايزة أشوفك"..

أنهمرت دموع جيلان بغزاره وهى تكتب..

"موافقه على أى حاجه بس تجيبى صورته وتبعتهالى فى أقرب وقت"..

..........................................

"زمزم"..

تتملل بضيق داخل حضن زوجها،وتدفعه بكلتا يدها تحاول أبعاده عنها جعلته ينظر لها بستغراب وتحدث بتسائل..

"فى ايه يا زمزم؟!!!"..تمعن النظر بعيونها وبهمس تابع..

"أنتى مش عيزانى ألمسك؟"..

حركت زمزم رأسها بالنفى سريعاً وبلهفه همست..

"حبيبى انا بس قلقانه على الولاد طول ما هما فى البلكونه لوحدهم،ابنك ماشاء الله شقى وممكن يشب على السور ،خلينى بس أروحلهم اطمن عليهم وأدخلهم اوضتهم واجيلك على طول"..

على مضض أبتعد عنها معتصم لتسرع هى بارتداء أسدالها وسارت نحو الخارج بخطوات شبه راكضه وكلما اقتربت من البلكونه تزيد نبضات قلبها بشدة،خطت داخل البلكونه تبحث بعيونها عن اولادها لتشهق بعنف حين وجدت صغيرها مستند على سور البلكونه بكلتا يده وحتى احدى ساقيه واوشك على السقوط منها،ركضت نحوه بسرعة البرق وأنتشلته داخل حضنها وسقطت به أرضاً لداخل البلكونه وبكت بنهيار وبصراخ نادت على زوجها قائله..

"ياااا معتصم"..

انتفض معتصم على صوتها وركض نحوها بقلب يرتعد"..

وجدها ملقاه أرضاً فوقها صغيرهم تحتضنه وتبكى بنحيب،

أقترب منها وحمله عنها وجذبها داخل حضنه وتحدث بلهفه قائلاً..

"ايه اللى حصل؟"..

دفعته زمرم ونظرت له بغيظ وتحدثت بنحيب..

"لو كنت اتاخرت ثانيه واخدة كنت هتنزل تجيب ابنك من الشارع"..رفعت أحدى أصابعها له وتابعت بتحذير..

"اياك تقولى اسبهم يدخلو البلكونه تانى يا معتصم؟؟"..

رد عليها معتصم ببرود قائلاً..

"ما الحمد لله يا زمزم الولد كويس اهو ومافيش حاجه حصلت..نظر لصغيره وغمز له..وبعدين ما يقع الا الشاطر مش كده يا حمو؟"..

أجابه محمد ضاحكاً..

"ايوة يا بابا وانا شاطر"..

ابتسم معتصم بتساع ونظر لزوجته التى تستشيط غيظاً وبفخر..

"طالع لأبوه"..

أغمضت زمزم عيونها بعنف وتمتمت بداخلها..

"يارب احميلى ولادى ولا ترنى بهم مكروه يارب"..

........................................

"جيلان"..

تجلس بغرفتها تدون احدى خواطرها..


حبيب العمر ابتعدنا وكأن الفراق سحب بساط السعادة من تحت أقدامنا..


ولكن كن مطمئن سأظل دائماً طفلتك التي لا تجيد أبداً مواجهة الدنيا في غيابك..


أنتابنى الحنين، وغلبنى شوقي لك فشعرت بوجودك بجانبى،


بل توهمت أننى داخل حضنك،


أغمضت عينى وأستنشقت عبير أنفاسك الساخنه التى تلفح برودة بشرتى،


يدك الحنونه تزيد من ضمى وتربت على شعرى برفق ممزوج بلمستك العاشقة،


دفنت وجهى داخل حنايا صدرك وتمسكت بثيابك بكل قوتى


 حين أخترق صوتك العذب أذنى بأغنيتك المفضله التى تبعثر مشاعرى وتعصف بقلبى وعقلى.. 


"بحياتك يا ولدي إمرأة عيناها سبحان المعبود"..


"فمهــا مـرسـوم كالـعنقـود"..


"ضحكتها أنــغام و ورود"..


"فمهــا مـرسـوم كالـعنقـود"..


"ضحكتها أنــغام و ورود"..


"والشعر الـغجري المجنـون يسافر في كل الدنـيا"..


"قد تغدو إمرأة يا ولدي يهواها القلب هي الدنيا"..


أنهمرت دموعها على وجناتيها بغزاره حين استمعت لألمه الشديد حين تابع..


"لكن سماءك ممطرة وطريقك مـسدود"..


"فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصـر مرصود"..


"من يدخل حجرتها من يطلــب يدها"..


"من يدنو من سور حديقتــها"..


"من حاول فك ضفائرها"..


"من حاول فك ضفائرها يا ولدي"..


"مفقود، مفقود، مفقود يا ولدي"..


أطلقت أهه حارقه حين تذكرت اليوم الذى فقدت به حياتها..


..عودة للماضى..

"مشهد حقيقى سنة 2002م أدمى قلبى💔"..


صباح يوم الجمعه،داخل قصر عبد الماجد الكويتى،

تقف جيلان بغرفتها جوار الهاتف تنتظر مكالمة من مصر على أحر من الجمر،

يظهر على وجهها الخوف ويرتعش بدنها بعنف دون معرفة السبب،

وأخيراً رن الهاتف لتسرع هى وترفع السماعه على اذنها وتتحدث بلهفه..

"ألو يا انكل سعيد طمنى على طاهر أرجوك،أنا هموت من القلق عليه"..

لم تجد سوى الصمت حليفها يقطعه صوت شهقات مكتومه،

سقط قلبها أرضاً،ولم تعد قدميها تحملها فجثت على ركبتيها وازدرقت لعابها بصعوبه وبصوت متقطع همست..

"أنكل سعيد حضرتك سامعنى؟"..

أجابها سعيد بجملة جعلت قلبها وروحها يغادرو جسدها بلا رجعه حين قال من بين شهقاته..

"طاهر أتسم يا جيلان"..أذدات حدة شهقاته

"البقاء لله يابنتى"..

أيستطيع أحد تخيل هيئتها الأن،

فأنا حقاً عاجزه عن وصفها،

ما يشعر به قلبها لا اجد كلمات تعبر عنه، 

سقط الهاتف من يدها وأصبحت تتنفس بعنف بصوت مسموع،وبذهول وعدم تصديق بدأت تصرخ بنهيار شديد..

أستيقظ الجميع بفزع وهلع زحف لقلبهم حينما وصل لسمعهم صوت صراخات جيلان الشديدة،تصرخ بلا توقف،وبجنون تردد..

"طااااااااااهر لااااااااااااااااا طااااااااااااااااااهر"..

هرول الجميع نحو غرفتها لينصعقو من هيئتها،

وجهها شاحب كمن فقدت حياتها،نظرتها زائغه،لا تبكى ولكنها

فقط تصرخ بأسمه وكانها على يقين أنه سيستمع لصوتها ويأتى لها راكضاً كعادته،وصل بها الأمر لحد الهذيان وبثقه عمياء تحدثت..

"أنت هنا انا شمه ريحتك"..تدور بنظرها بأرجاء الغرفه..

"مجنونتك أنا وحفظاك وعارفة أنك هنا يا طاهر"..

ركض صغيرها ذو الثمان سنوات نحوها وأرتمى داخل حضنها يبكى بنحيب لبكائها قائلا..

"أنا هون يا اماى،أش فيك يا غالية"..

أحتضنته بكل قوتها ولم تتوقف عن الصراخ..

"اااااااااااااه ياااااااااا طاااااااااهر"..

خطى زوجها لداخل الغرفه بخطوات غاضبه واقترب منها وجذب الصغير من حضنها بعنف وتحدث بأمر لأحدى العاملين..

"ما ابغى حدى هون هالحين"..

أستجمعت جيلان قوتها وأنقضت عليه كالأسد الجائع الذى ينقض على فريسته وبصراخ تحدثت..

"أنت اللى سميته، انت اللى موته"قبضت على رقبته..

"هقتلك زى ما قتلته"..

أحكم عبد الماجد يده عليها وقيد يدها خلف ظهرها بكلتا يده وبفحيح أفاعى تحدث..

"أنا راح اقدر حالتك يا زوجتى،وما راح أعقبك على حديثك اللى بلا طعمه هذا،بس بدى منك تكونى عاقله وما أبغى ابنى يراكى بهالحالة والا ما راح اخليكى تريه بعيونك مرة تانيه"..

دفعها بقوة لتسقط أرضاً بعنف وسار للخارج وتابع ببرود..

"راح تضلى هون لحالك لحتى تسيرى منيحه"..

نهى حديثه وسار لخارج الغرفه غالقاً الباب عليها بالمفتاح..

مالت جيلان بجسدها على الأرض بوهن أخذه وضع الجنين ودموعها تهبط على وجنتيها بغزاره وبثقه شديده تهمس لنفسها..

"طاهر معاكى،طاهر جواكى يا جيلان"..

وضعت يدها على موضع قلبها وتأوهت بألم حاد قائله..

"دا قلبه اللى بيدق مش قلبك أنتى يا جيجي"..


لازم انهى البارت وادعو معايا ربنا يسترها على طنط جيجى 

وتفاعل قوى يشجع على الكتابه..

وأستغفرو لعلها ساعة استجابه.


#البارت_التاسع.. 

#العشق_الطاهر.. 

✍️ #نسمه_مالك✍️.. 


هدف الروايه اذكرو طاهر الحقيقي بدعوه بظهر الغيب.. 


البارت بين الواقع والخيال.. 

............................................................... 

"حبيبي ربما تكون روحي قد عجزت عن لُقياك، وتكون عيني أيضاً قد عجزت عن رؤياك، ولكنّ قلبي أبداً لم ولن يعجز عن أن ينساك" .. 


" سيبقى حبّنا أبداً برغم أن البعد عملاقاً، 

فإنّ هواك في قلبي يضيء العمر إشراقاً"..


.. بعد مرو بعد الوقت.. 

"جيلان"..  

تجلس بشرفة غرفتها داخل منزل والدها بعدما عادت لبلدها الحبيبة بعد سنوات من الغربه، ولكنها هذه المره لم تعد بمفردها، أصر أبنها "طاهر" علي مرافقتها.. 


ترك عمله وميراث والده وكافة شئ لأجل والدته بعدما جعل والده يطلقها بصعوبه بالغة، وحسم امره ان يكون لها خير عوض،وسيبذل قصاري جهده ليهون عليها حزنها وقهرة قلبها.. 


أغمضت عيونها واستنشقت الكثير من الهواء بشتياق شديد، تشعر برائحته ممزوجه بنسيم الهواء البارد، فتحت عيونها التي امتلئت بالعبرات ونظرت للطريق الذي كان دوما يأتي اليها منه.. 


تهللت أساريرها وتسارعت نبضات قلبها حين لمحت طيفه يسير نحوها، تأملته بعيون تصرخ شوقاً ، ها هو

"طاهر عشق قلبها" يقف أمام منزلها وقفته المعتاده.. 


ينتظر طلتها عليه بلهفه وعيون تشتعل بالأشتياق، يرتدي معطفه الأسود التي كانت دوما تختبئ هي داخله، وقميصه الابيض،وسروال اسود.. 


مصفف شعره الحريري بعنايه لتتمرد بعض الخصل علي جبهته جعلته اكثر وسامه، ووشاحها الكافيه موضوع حول رقبته يميل هو عليه بين كل لحظه واخري ويقبله بعمق شديد.. 


شدة شوقها وعشقها له جعلها تتوهم وجوده، هبت واقفه واقتربت من السور وتمعنت النظر به بعيون يغرقها العبرات وقلب يصرخ بأسمه راجياً ان يقترب اكثر.. 


بادلها هو النظرة بأخري متوسله ان تكف عن البكاء، وابتسم لها ابتسامته الساحرة وهمس بشفاتيه قائلاً دون اصدار صوت.. 

"واحشتيني يا جيجي".. 


همسه هذا أستمعته هي بقلبها، أنهمرت دموعها بغزاره أكثر وتأوهت بعنف بصوت أشبه بالصراخ قائله.. 

"ااااااه يا طاهر يا قلب جيجي".. 


ارتعش بدنها من شدة بكائها، وتهاوي جسدها وبدأت تتمايل بشكل ملحوظ، تجاهد بصعوبه حتي لا تغيب عن الوعي، تريد النظر اليه أطول وقت ممكن وهي علي علم انها تتوهم وجوده..


ليظهر الفزع علي ملامحه حين استندت علي سور الشرفه وأصبحت علي وشك السقوط، ركض نحوها بانفاس متهدجه من شدة هلعه، لتبتسم هي بفرحه وتزيد من التمايل لخارج الشرفه لعله يقترب منها اكثر.. 


لتبدأ دموعه بالهطول علي وجناتيه، ورفع قبضة يده وضعها علي موضع قلبه وحرك شفاتيه قائلاً.. 

"جيلان اوعي تقتليني انا عايش جوه نبض قلبك".. 


أبتسمت له ابتسامه هائمه به عشقاً، وأخذت نفس عميق، وهمست بوهن.. 

"تعبت من الفراق، تعبت يا طاهر، نفسي اجيلك واكيد ربنا هيسامحني، هو عالم احنا اتعذبنا أد ايه".. 


اتسعت عيناه علي أخرها، وبجنون حرك رأسه بالنفي حين وجدها ترفع رأسها للسماء وبنهيار بدأت تردد.. 

"أشهدك ربي اني لم اقصد عصيانك".. 


عادت النظر له بعيون زائغه، وابتسمت ابتسامه عاشقه وهمست بشتياق.. 

" واحشتني موت ياطاهر ومش قادره أصبر اكتر من كده".. 

..................................................... 

.. بغرفه طاهر.. 

ممسك بهاتفه يتحدث مع جيلان الصغيره بنفاذ صبر قائلاً.. 

" انا مش فاهم دماغك دي متركبه ازاي!!".. 


اجابته بغيظ واستفزاز قائله.. 

"ملكش دعوه بدماغي يا ظريف، وقولي جبت رقمي منين يا ابن عبد الماجد؟".. 


اندهش للسانها السليط وردد بذهول..

"ظريف،وابن عبد الماجد!؟".. 

صك علي اسنانه قائلاً بوعيد..

"ابن عبد الماجد دا هيجيبك وهيعرف طريقك في اقرب وقت ياجيجي".. 


نطقه لاسمها ببحة صوته الرجوليه المهلكه جعلت قلبها ينتفض بقبضه غريبه عليها كلياً، حاولت السيطره علي توترها وضحكت جيلان بسخريه قائله.. 

"اممم وهتجبني الخليج عندك امتي يا ننوس علشان اجهز شنطتي".. 


ابتسم طاهر ابتسامه مصطنعه تظهر جميع اسنانه البيضاء قائلاً ببرود عكس نيران غيظه منها.. 

"ننوس اممم، طيب يا جيجي الننوس جالك بنفسه مصر، استعدي علشان هكون قدامك في اقرب وقت".. 


ارتجف جسدها، وشعرت بخوف يتملك قلبها، وتحدثت دون وعي من شدة فزعها قائله.. 

" جيت مصر ليه؟!، علشان تقتلني زي ما ابوك قتل خالي؟".. 


جملة القتها علي سمعه جعلت الدماء تنسحب من عروقه ووجهه شحب كشحوب الموتي وبعدم فهم تحدث.. 

" انتي بتقولي ايه؟! ".. 


بدأت جيلان تبكي بنحيب وبأسف تابعت.. 

"ايوه انا عرفت من ماما كل حاجه عن خالي وعشقه لمامتك اللي وصله انه يتقتل مسموم واكيد محدش قتله غير باباك".. 


ذادت حدة بكائها واكملت بصعوبه من بين شهقاتها.. 

" ماما صحتها في النازل من يوم ما قالتلي أن اخوها الوحيد اتقتل".. 


صدمه جعلته كمن فقد النطق،حتي الان لم تخبره والدته أن طاهر قد قتل، عقله غير مستوعب أن يكون والده هو الجاني.. 

أغمض عينه بعنف بعدما اكتشف السبب الاساسي بحزن والم والدته الدائم.. 


لينقبض قلبه فجأه، وينتفض بفزع حين استمع لصوت بكاء والدته الذي اخترق قلبه قبل أذنه، ألقي هاتفه وأسرع بالركض نحو غرفتها وهو يصرخ بأسمها بصوت عال للغايه قائلاً..

"أميييييي"


صوته الملتهف جعل والدته تفيق من غفوة حزنها الشديد وتعود لصوابها سريعاً وتدرك ما كانت ستفعله، ابتعدت عن سور الشرفه ونظرت بتجاه طيف طاهر وجدته مازال واقفاً وعيناه غارقه بالعبرات.. 


نظرت له نظره نادمه وهمست بتوسل.. 

"انا اسفه يا عمر جيجي، أوعدك مش هعمل كده تاني ابداً".. 

بلحظه تحولت ملامحه الباكيه لاخري مشرقه، لتنبهر هي من طالته التي جعلته كالبدر بليلة تمامه.. 


وكنسمة دافئه في ليلة شديده البروده اختفي من امام عيونها لتشعر هي بدفئ شديد يحاوطها بحنان بالغ وقطرات دافئه تهبط علي عنقها، وصوت مختنق بالبكاء همس قائلاً.. 

" عايزه تسبيني وترحيلو يا أمي".. 


انتبهت علي يد ابنها التي تحتضنها بقوة ظهرها مقابل صدره، لتكتشف انه هو من انتشلها داخل حضنه بعدما كانت علي وشك السقوط، بل كانت علي حافة الموت.. 


استدارت بلهفه ونظرت له بعيون متسعه قائله.. 

"ارحلو فين يا طاهر؟!".. 

اذرقت لعابها بصعوبه وتمتمت لنفسها بهلع.. 

"معقول يكون عرف؟".. 


ليأكد هو لها ظنونها حين حرك رأسه بالايجاب وبغصه مريره تحدث.. 

"ابويا هو اللي قتله يا ماما؟".. 


جف حلق جيلان وارتعد قلبها ولم تجد مفر من الجواب علي سؤاله غير فقدانها للوعي، لتسقط بين يد ابنها متمنيه بداخلها أن لا تفيق مره اخري..

...................................

.. بشقه معتصم وزمزم.. 

اصبحت امورهم علي خير حال، وقد بدأ معتصم التفاهم مع زوجته ونسيان ما بدر منها.. 


"زمزم" تستكين داخل حضنه بأمان، تقبل كتفه تارا، ووجنتيه تارا، وموضع قلبه تارا اخري، وبعشق شديد همست.. 

"متتاخرش علينا يا معتصم".. 


قبل معتصم جبهتها بعمق، ويده تربط علي كافة ظهرها بعنف محبب قائلاً بتنهيده عاشقه.. 

"حبيبة قلبي يا زمزم أنتي عارفه مستحيل اقدر اتأخر عليكي".. 


التصقت هي به اكثر دافنه وجهها داخل عنقه تلثمه ببطء جعلته يأن بصوت خفيض وهمس برجاء قائلاً..

"يابنت الناس عندي شغل مهم هتخليني اكنسله واقعد معاكي"..


رفعت زمزم رأسها ونظرت له بعيون ناعسه، وعضت علي شفاتيها بميوعه وهمت بالحديث، ولكن صوت طرقات عنيفه علي باب شقتها يليها صوت فاطمه حماتها تتحدث بغضب قائله..

"اطلع من عندك يا معتصم يا نحنوح هتتاخر علي الشغل"..


اتسعت اعين زمزم وبصدمه همست..

" يانهار ابيض هي حصلت تتصنت علينا؟!"..

قطعت باقي حديثها من نظرة معتصم الحارقه وقد ظهر الغضب علي ملامحه فاسرعت هي بالفرار من امامه قبل ان يطولها غضبه.. 

.........................................................

.. بشقة خليل وزمردة.. 

..أستيقظ بنشاط،اخذ حماماً بماء بارد،ارتدى ثيابه المكونه من قميص أسود وبنطلون أسود،مشط شعره الغزير بعنايه..


ألقى نظرة أخيره على هيئته بابتسامة رضا،وهم بنثر عطره ذو الرائحة الرائعه الفواحة،لكنه تراجع سريعا وسار بخطى حذره نحو الفراش النائمه عليه زوجته،تمدد بجوارها مقبلاً كتفها وعنقها بعمق..


وبعشق شديد همس خليل بأذنها..

"زمرده،انا رايح الشغل يا روحى"..

غرز أصابعه داخل شعرها بنبهار وتابع بحنان بالغ..

"حضرتلك فطار خفيف وكوباية لبن جنبك هنا أول ما تفوقى افطرى"..وضع جبهته على جبهتها وتابع بتحذير..


"اوعى تفضلى للضهر من غير فطار،هعرف وهعقبك بطرقتى اللى انتى حفظاها كويس اوى"..

تململت هى بين يديه بكسل،وابتعدت عن حضنه بضيق متمتمه بغيظ..

زمرده:"يااااا بقى يا خليل،كل يوم تقلق نومى كده وأنت رايح الشغل"..


ضيق خليل عينه ونظر لها بغضب مصطنع وبعتاب تحدث..

"علشان بصبح عليكى قبل ما انزل ابقى بقلقك يا زقردتى"..

جزت على اسنانها بغيظ ،واعتدلت جالسه فجأه،وبلحظه كانت امسكت ياقة قميصه وجذبته عليها بقوه حتى تصادمت انفهما،وبتحذير همست من أسفل أسنانها..

"قولت بلاش زقردة دى قبل كده ولا لاء يا خليلى"..


هزته بعنف وتابعت بتسأل.."قولت ولا مقولتش أنا؟؟"..

أبتسم بتسليه وداعب انفها بأنفه وتحدث بأنفاس لاهثه تلفح برودة بشرتها..

"امممم،قولتى بس انا مش هبطل اقولك يا زقرتى"..

قبل وجنتيها بحب متسائلاً.."عندك مانع"..


تنهدت زمرده بهيام وهمست ببلاهه..

"تؤ تؤ مش عندى خالص نهائى"..

نهت جملتها وأرتمت داخل حضنه تضمه بحب شديد مستنشقه رائحته بعمق،ربت هو على شعرها وظهرها برفق وهمس بأذنها بعشق..


"حبيبتى انا مرضتش أحط برفيوم علشان ريحته مضيقكيش وانتى نايمه"..

زادت هى من ضمه لها وهمست بدلع..

"شطور يا بيبى"..أرتمت على الفراش وتابعت بنفاذ صبر..

"اطفى النور وراك وانت خارج بقى عايزه أكمل نوم يا خليلى"..


حرك خليل راسه بياس من تصرفات زوجته الطفوليه واتجه نحو الخارج غالقاً الباب خلفه..


لتسرع زمردة بالاعتدال بعدما تاكدت من ذهابه وامسكت هاتفها وطلبت احدي الارقام، ووضعت الهاتف علي اذنها تنتظر الرد..


لحظات واتاها صوت مروان الذي يظهر عليه الشوق والعشق الشديد قائلاً بتنهيده..

"واحشتيني من امبارح يا احلي زمردة"..


اجابته هي بتلقائيه، وبصوت ناعس اطاح بعقله قائله..

"أنت واحشتني أكتر يا مروان، وبعدين يابكاش لحقت اوحشك وانا بكلمك كل يوم؟؟ "..


قطعت حديثها وصرخت بفزع حين وجدت أمامها ؟؟.. 

                            الفصل العاشر من هنا



تعليقات



<>