نار_وهدان
بقلم شيماء سعيد
الفصل الاول والثاني
.................
بسم الله ونصلى ونسلم على رسول الله 🌹
خُيم ظلام الليل إحدى قرى نجع الصوامعة بمحافظة سوهاج واحتد الظلام الدامس مع قسوة الصقيع وهطول الأمطار التى تغسل الوجوه قبل القلوب .
وتخلل هدوء الليل صرخات بدور التى باغتتها ألام المخاض فأخذت تصرخ ....ألحجونى يا خلج ، هموت يا ناس خلاص ، حرام عليكم .
فولجت إليها نعيمة خادمة فى دوار العمدة كما يطلقون عليه فى فترة السبعينيات .
وهو بيت توالت عليه العصور ويتوراثه تابع عن تابع لذا هو قديم يتكون من ثلاث طوابق يُزين أغلب حجراته بنقوش بعدة ألوان مختلفة وكذلك تلك النقوش على نوافذ الشرفات .
وكان الطابق الأخير مخصص للعمدة سالم الصوامعى وزوجته نچية بنت عمه ( زهران الصوامعى ) وبناته الثلاث ( زهرة و زينة وزينب ) .
وسالم الصوامعى ( العمدة ) رجل فى بداية الاربعينيات طويل القامة ، ذو جسد ممتلىء ، خمرى اللون يهابه الجميع لسلطته ونفوذه وعلى الرغم من ذلك تراه مثل الحمل الوديع بين زوجته وحبيبته ( نچية ) التى تستغل دوما حبه لها فتفرض سيطرتها عليه وعلى كل من فى البيت .
فلسانها لاذع وقلبها أسود قاسى ، لا تشفع لأحد قط .
لذا يكرهها الجميع ولكن أمامها يمتثلون الطاعة خوفا من بطشها .
وقفت نعيمة خادمة نچية وكاتمة أسرارها أمام بدور واضعة كلتا يديها على خصرها .
وبنظرة تهكم ونبرة حادة .......فى إيه يا غراب البين أنتِ ؟
هتصرخى ليه إكده وسط الليلالى ؟
أكتمى كتك حش وسطك يا بعيدة .
خلينا نعرف ننام فى ليلتك المجندلة دى .
تأوهت بدور ألما من المخاض قائلة بتعب جَلى ظاهر على وجهها ...حرام عليكِ يا نعيمة ، ده أنا هروح فيها وأنتِ السبب فى ده كله ، عشمتينى بالنعيم أتاريكِ رمتينى فى جهنم ، حسبى الله ونعم الوكيل .
نعيمة ببرود .....ما أنتِ مصونتيش النعمة وكنت عايزة تعملى فيها صاحبة الدار ، ونسيتى نفسك يا بت أنتِ مين وبنت مين ؟
وتابعت نعيمة إهانتها بقولها ،،
أنتِ بت إسماعيل حارس المواشى وكنتِ انتِ هتشيلى بيدك الجَـلّة من تحتيهم ( فضلات البهائم ) .
تقوس ظهر بدور من تفاقم شدة الألم عليها فأمسكت ببطنها مردفة .....يارتنى كنت فضلت إكده بدل العذاب اللى شوفته عنديكم ده .
ثم أزدادت صرخاتها حتى زلزلت البيت كُلِه ووصل مسامعه عند سالم ونجية ففزعوا من النوم على صوتها .
سالم فزعا....ايه ؟ هو فيه إيه ؟
مين هيصرخ إكده فى نص الليالى ؟
ثم قام سريعا من فراشه ليضع جلبابه على جسده وعندما اقترب من الباب صاحت به نچية ...على وين العزم إن شاء الله ؟
توقف سالم فى مكانه قائلا بدون النظر إليها...هروح فين يعنى ؟
هروح اشوف ايه اللى حوصل ومين اللى هتسوط دى ؟
فقامت نچية من فراشها وتقدمت إليه بخطوات ثابتة ثم وضعت يدها على كتفه وهتفت بسخرية ....لا ريح نفسك أنت إكده ومدد على السرير وأنا اللى هنزل هشوف مين هتسوط دلوك وهعرفها مجامها .
تلون وجه سالم وابتلع ريقه قائلا بصعوبة....إكده !
طيب ، روحى أنتِ.
فابتسمت نچية بمكر ثم وضعت الشال على رأسها واتجهت للدرج لتجد خادمة تركض مسرعة أمامها بدون أن تلاحظ وقوفها ، فصرخت عليها مردفة ...هو فيه إيه تحت يلى متسمى أنتِ ؟
مين مجصوفة الرجبة اللى هتصرخ إكده دلوك ؟
إرتجفت الخادمة من سؤالها ولكنها سارعت فى الرد خوفا من بطشها .........دى البت بدور يا ست هانم شكلها هتولد الليلة .
وكنت لِسانى هجول لحضرتك ، عشان عايزين نشيع لها أم محروس الداية .
أغتاظت نچية وضمت شفتيها بغيظ وتملكها الغضب وتمنت أن لو ماتت هى ومن فى أحشائها حتى يرتاح قلبها .
لإنها تخشى أن تأتى بالولد الذى تمناه سالم فيسلُب له عقله من شدة حبه له .
ويشتد عوده وتصعُب السيطرة عليه ، ولن يكون لها حينئذ دور أو رأى .
وربما تأخذ مكانها بدور فرددت متوعدة لها ......لا لا ده انا اخد روحها ومتعتبش نحيتى.
ولا تاخد مكانى ولا تجدر تاخد جلب سالم ، انا اللى فى جلبه وعجله بس .
اه يا نارى يارتنى موفجت على اللى جولته يا بوى .
انت اللى جولت أچوزه بنت غلبانة تچبله الولد عشان خلفتى بنات عشان العومدية متروحش منينا .
لا تروح العمودية بس جلبى يرتاح .
اه يا جلبى اه .
الخادمة.......ها يا ست هانم اروح أچبلها الداية عشان دى شكلها هيفطس خلاص من عِزم الألم .
ولو لا قدر الله ملحجنهاش العيل اللى فى بطنها ممكن ينزل ميت .
تنبهت نچية لقول الخادمة فتمتمت فى نفسها ....ياريت كنت خلصت من الهم اللى هتچيبه ده .
ولكنها خافت من بطش سالم ، فآثرت أن تبعث لها بالقابلة حتى لا يتهمها أحد بالتقصير .
نجپة بنبرة تحمل الغيظ والتهكم ......روحى يا بت هتلها الداية خلينا نخلص من الليلة المجندلة دى ونعرف نتخمد ننام .
فأسرعت الخادمة لإستدعاء القابلة أم محروس .
................
انتبهت القابلة أم محروس على صوت طرقات على الباب كثيرة وعالية فرددت بنعاس وتثاؤب.....منك لله يلى طيرت النوم من عيني .
امرى لله هجوم أفتح يمكن حالة مستعچلة اهو ثواب بردك .
فقامت أم محروس بخطوات متثاقلة نحو الباب وفتحت لترى الخادمة هنية أمامها وعلى وجها الخوف والتوتر وصدرها يعلو وينخفض من أثر الركض .
ضربت ام محروس بيدها على صدرها هاتفة.......فيه ايه يا بت ؟ مالك إكده ؟ زى مايكون كان هيچرى وراكِ عفريت .
حاولت هنية إلتقاط أنفاسها بصعوبة هاتفة......إلحجى بدور مرت العمدة التانية هتولد وجَطعة النفس .
بسرعة يا أم محروس دى بت غلبانة وصعبانة عليا جوى .
فزعت أم محروس من حديثها خوفا على بدور وخوفا أيضا من بطش نچية .
فوضعت يدها على صدرها مردفة ....يا حبيبتى يا بتى .
هروح أهو جوام أحط الشال عليه وأچيب حاجتى وأچى .
فأسرعت ام محروس لإرتداء ملابسها ثم ذهبت معها لبيت العمدة .
.............
ولجت نجية إلى حجرة بدور والشر يتطاير من عينيها ، حتى تلون وجهها بالحمرة نتيجة الغيظ والقهر هاتفة بإستهزاء .......إيه يا ولية أنتِ المغاغة اللى عملاها دى ، هو أنتِ اول وحدة تولد ولا إيه ؟
مهي بتولد الحريم فى الغيط وتجوم تشتغل عادى ، ولا هو دلع وخلاص .
نظرت لها بدور بعين الحسرة والندم الممزوج بالقهر وتحاملت الألم بقدر الإمكان حتى لا يمتد إليها بطشها لعلها فى النهاية تخرج بولدها من هذا البيت الذى يشبه الجحيم .
ليحترق اخر أمل لها فى الحياة عند قول نچية ....يكون فى علمك اللى چى دى ولد او كان بنت هيكون ولدنا إحنا ؟
أستنكرت بدور قولها مردفة .....كيف يعنى ولدكم ؟
عقدت نچية حاچبيها مرددة...........يعنى أنتِ إكده مهمتك إنتهت ؟
هتولدى وهناخد الولد وتمشى على بيت ابوكِ بعد ما يرمى عليكِ سالم اليمين كيف ما اتفجت معاه .
لتصرخ بدور صرخة الم زلزلت الجدران ....لا ده ميرضيش ربنا ابدا اللى هتجوليه ده ، أنتِ أم وعارفة كيف غلاوة الضنا ؟
ثم حاولت رغم ألامها أن تقبل يدها مستغيثة بإى ذرة رحمة بها ، أن لا تحرمها من فلذة كبدها .
ولكن الطاغية نچية سحبت يدها سريعا ثم باغتتها بركلة اسقطتها على ظهرها قائلة ....إياكِ تكرريها ، معَيزاش يدى تتوسخ يا بتاعة البهايم .
أصابت ركلة نچية ،بدور بالإغماء ، ولم يطرُف لنچية رمش بل بصقت عليها هاتفة...كفياكِ دلع بجا .
ثم هتفت بزمجرة لـ نعيمة ....انا خلاص معدتش جادرة استحمل البت دى .
انا طالعة عاد اوضتى اريح شوى ، ولما تتهبب تولد ، شيعيلى أچى من سكات إكده ومتعليش صوتك عشان سيدك سالم ميصحاش .
ابتسمت نعيمة بمكر مرددة ..حاضر يا ست الستات .
إطلعى إنتِ مددى إكده ولا يهمك حاچة واصل وانا هتصرف .
نچية بإمتنان ...تعيشى يا نعيمة .
غادرت نچية للأعلى فوجدت سالم مازال مستيقظا .
والرغبة فى معرفة ما يدور بالأسفل ظاهرا بقوة على ملامحه بدون أن ينبس بكلمة .
شعرت نچية بما يدور فى عقله فأرادت بذكائها أن تنفض عن عقله اى غبار حتى تعلم ما انجبت بدور .
فتغنجت بجسدها أمامه بعد أن ألقت الشال الذى كانت تخفى به جسدها من الأعلى .
ثم عبثت بخصلات شعرها ونظرت له بهيام وعشق مصطنع ، لتنثر على جسدها عطرها المفضل ثم جلست بجواره على الفراش .
لتهمس فى أذنيه بدلال تقصده ، لتطفىء نار اشتياقه لمعرفة ما يحدث وتقيد نار أخرى لا يطفئها سوى قربه منها .
.....يا عينى عليك يا جلبى ، لساك عينيك مشافت النوم ، اكيد اتوحشتك مش إكده ؟
سالم وقد إبتلع الطعم .....جوى جوى يا عيون سالم .
أطلقت نچية ضحكاتها النارية وكأنها تسكب البنزين على النار لتوقدها أكثر .
ليطوقها هو بذراعيه لينعم من دفئها ثم يغوص مرة أخرى فى نوم عميق متناسى ما حدث .
لتتنهد نچية بقهر بعده نومه ، ثم أزاحت يده التى تحيط حصرها ببطىء .
و أخذت تتأمل وجهه وهو نائم زافرة بضيق ....والله يا ابن عمى كنت أحب الناس ليا ، لكن بعد چوازك من اللى مَتسمى دى ، والنار اللى جادت فى جلبى من يومها ، بچيت انسان عادى وراح الحب اللى حبتهولك كلاته .
ثم انهمرت دموع التماسيح من عينيها مردفة بنحيب.....
دى لو چابت الولد صوح !
ممكن تخليه ينسى الدنيا ولى فيها وممكن ينسانى انا كمان حب عمره نچية وممكن كمان الواد ده ياخد كل حاچة ، تعبنا وشجانا العمر كلاته أبا عن چد ويمنع كومان بناتى منيه .
....لا ده أنا اشرب من دمها ودم ولدها ده .
....لا وانا لسه هستنى يعيش ويعمل إكده .
...انا اخلص منه من دلوقتى .
.....بس كيف ؟
اموته ؟
لا بس انا جلبى بردك ضعيف ؟ مش هجدر بيدى .
...هخلى البت نعيمة تعملها هى جلبها جاسى عرفاها زين ، وهتجدر عليها .
................
عودة للواقع فما ذكرته هو جزء من ذاكرة وهدان الذى يقبع حاليا فى السجن .
ردد وهدان أثناء نومه حيث تصيبه الأحلام دائما ..
كانت عايزة تموتنى وانا كنت لسانى حتة لحمة حمرا ، بس لحجتنى هانم وچوزها وخدونى عنديهم فى الچبل وحصل اللى حوصل .
بس مش كانت موتتنى احسن ما كنت اشوف العذاب اللى شوفته ده فى دنيتى وانا مليش ذنب .
اه يا حبة جلبى يا وردة
وحشتينى جوى جوى
وردة ، وردة ، وردة
أستيقظ همام على صوت وهدان فحرك رأسه فى آسى حزينا على صديقه وهدان فهتف قائلا.........مفيش فايدة فيك يا صاحبى ،كل ليلة بردك ، هتحلم وهتخطُرف بإسم مرتك وردة.
مش عارف كيف راجل يحب وحدة ست الحب ده كله ؟
امال انا ولا بتيجى فى دماغى خالص البهيمة اللى اتجوزتها ليه ؟
بالعكس انا حاسس إن السجن ده اهون من عشرتها اللى تغم النفس دى .
يا وعدى عليكم .
ياما نفسى أخرج اشوفلى وردة حلوة انا كومان ، واهيص واعيش حياتى اللى راحت بين بوز النكد اللى چوزتها والسجن .
أستيقظ أيضا على صوت وهدان سجين آخر يدعى سيد الشحات يشتهر بسوء الخلق ، فصاح قائلا مصوبا نظره نحو همام .........خلى صاحبك يتكتم ويجتصر الشر أحسنله .
بدل ما اجوم أكتمه انا بيدى ، عشان نخلص من تخاريفه دى كل ليلة .
تملك همام الخوف من نظرات سيد المنذرة بعواقب وخيمة .
فمال على جسد وهدان ونغزه بيده ليستفيق قائلا....جوم يا وهدان جوم ، وبطل تخاريفك دى .
يأما هتكمل نومتك فى المستشفى ومش بعيد المشرحة لو زاد غضب اللى ميمسى سيد عليه لعنة الله ، إمتى ربنا يريحنا منه ومن أذاه ؟
اضطرب وهدان فى نومته فاعتدل فجأة صائحا بغير وعى .....إيه ؟
فى إيه حوصل ؟
أنتِ بخير يا وردة ؟
فضحك همام ثم رخم صوته ليظهر بصوت أنثوى بعض الشيء.......بخير طول ما انت بخير يا بغلى ههههه.
همام....والله تعبتنى يا وهدان ، وان شاء الله لو فضلت على إكده ، مش بعيد تجضى الشوية اللى فضنلك دول فى مستشفى المچانين .
إنتبه وهدان لصوت همام وأدرك إنه كان يحلم فتنهد بألم ......ميتى بس الحلم يكون حجيجة ؟؟
السنين هتمر وخايف أموت جبل ما أطلع من إهنه .
أشفق همام على صديقه وهدان بقوله.....يا راچل جول كلام غير ده ، هتطلع من إهنه إن شاء الله صاغ سليم .
وهتطلع لوردتك وتجبلنا چوز فل وياسمين إكده عال العال .
رفع وهدان بصره السماء ودعا بقلب واثق ......يارب ، يارب .
انت عالم بحالى وعالم إنى توبت عن كل حاچة عفشة عملتها وده بفضل نعمتك عليا ثم بفضل أحن الناس عليا وأحبهم وردة .
فيا چامع الناس ليوم لا ريب فيه ، إجمعنى بيها عن جريب ، أنا مشتاج ليها جوى جوى .
نكزه همام فى ذراعه بدعابة مردفا .......مفيش دعوة لأخوك همام هو كومان ، كله وردة ، وردة .
فضحك وهدان واتبع دعائه ...ويارب توب على اخويا همام ويبطل سرجة واهدى جلبه .
أصدر همام صوتا....إيهه _ولما ابطل سرقة ، هأكل العيال وأمهم منين ؟
وهجيب طلباتها اللى ملهاش آخر دى منين ؟
ويارتنى هتمتع بيهم ؟
الا انا هتحبس إهنه كل شوية ، وهى هتصرف هى والعيال اللطخ اللى انا مخلفهم دول .
وهدان.....يا همام يا خويا اللى خلجك عمره مهينساك واصل .
والحرام عمره ما كان فيه بركة ، وأديك اهو زى مجولت إهنه وهما هيعيشوا حياتهم وياريت حد هيسئل فيك .
طأطأ همام رأسه بحزن هامسا.......ايوه عندك حج .
مهو عيال الفجرية فوزية لزمن يكونوا إكده .
عشان هى ربتهم أن الواحد عنده مصلحته ونفسه فوج الكل ، غير كتر الفلوس بوظهم واخلاجهم بجت عفشة وطلباتهم مبتخلصش .
ربت وهدان على كتفه بحنو هاتفا...شوفت وفى الاخر هتتحاسب جدام ربنا لوحدك .
أما الرزق فده چى چى بس ليه شرط واحد
فتح همام عينيه بإندهاش مرددا ...ايه هو الشرط ده ليمنى عليه ؟
وهدان بإبتسامة....فى قوله تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب )
أغرقت عين همام بالدموع مرددا...والله كلامك حلو جوى جوى ويدخل الجلب يا صاحبى بس نصيبى إكده بجا.
ثم تابع "
بجولك يا واد عمى ...متحكيلى حكايتك .
وازاى وانت راجل طيب إكده وتعرف ربنا ، چيت السجن وكيف عتحب مرتك جوى إكده ؟
أول مرة اشوف صعيدى إكده صراحة .
ابتسم وهدان ثم تسائل ...وه ، كيف يعنى الصعايدة معهيحبوش إياك ؟ ملهمش جلب زى باجى الخلج .
همام .. إيه والله ، ليهم جلب هيغرد كومان بس للأسف ، هيخبوا ويكتموا فى نفسيهم يا واد عمى .
عشان الحُرمة لو أدلجت عليها إكده ، هتركبك ، وهتشوف نفسها عليك وهتمشى موطى راسك جدام الناس .
فعشان إكده عنحب من سُكات ، وهنيچى عليهم من ورا جلوبنا ونسكهم فى راسهم العوچة دى عشان ميجدروش يتحدتوا معانا نص كلمة ،ويسمعوا الكلام من سُكات .
تغير وجه وهدان ثم حرك رأسه برفض قائلا....ايه حديتك الماسخ ده ؟
كيف يعنى نديها فوج رأسها واحنا عنحبها ، تركب كيف دى ؟ وليه ؟
كده يا صعيدى يا خايب انت هتخليها تكرهك مع الوجت وجيمتك اللى هتجول عليها دى ، هتنزل من نظرها ولو يعنى عاشت معاك ، هتعيش مجهورة وغصب عشان العيال وبس .
وبالعكس كل متدى الست حب هتشيلك فوج دماغها وهتريحك وهتديك أضعاف الحب ده كومان يا همام وسيبك من الكلام اللى لا يودى ولا يچيب ده .
وضع همام يده فوق رأسه وضيق عينيه مهمهماً....عع يابوى .
فضحك وهدان .....شكلك فهمت يا نصة .
ثم استيقظ سيد الشحات مرة أخرى ، ليقف أمامهم وكان كالحائط طويلا وشديد الصلابة ويخافه الجميع .
فارتعد همام أما وهدان فظل يردد ( اللهم اكفينه بما شئت وكيفما شئت ) .
فكأنه لم يرى وهدان وإنما يرى فقط همام فنهره قائلا قائلا ......طيب جدامى يا عسل ، بدال مش چيلك نوووم ، هريحيك أنا على الآخر .
ارتعدت أوصال همام واستنجدت عيناه وهدان الذى لم يفهم مقصد سيد الشحات .
وباغته سيد بمسكه من تلابيب ملابسه ولم يتح له فرصة أن يخرج اى صوت استغاثة .
هامسا...جوم معايا من غير شوشرة ، ثم ترك سيد ملابسه .
ودفعه أمامه إلى دورة المياه ، ليفعل ماحرمه الله .
ليبكى بعدها همام كالأطفال ولم يستطيع أن ينبس بإى كلمة لأحد خوفا من بطش سيد وحرجا أيضا .
ولكن عقاب الله شديد .
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ * إِنَّكُم لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسآءِ بَلْ أَنْتُم قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الغَابِرِيْنَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِيْنَ ) (الأعراف: 80-84) .
( بعتذر طبعا عن المشهد ده بس للاسف مشهور جدا فى السجون ولا حول ولا قوة الا بالله ) .
..................
عاد وهدان للنوم لتصارعه أحلامه من جديد على ما حدث قُبيل ولادته .
حيث ولچت ام محروس القابلة على بدور لتچدها تصارع الموت ووجهها يتصبب عرقا بعد أن استفاقت من الإغماءة بعد أن حاصرتها من جديد ألالام المخاض .
فأسرعت إليها وانحنت بجذعها إليها وقد امتلئت عينيها بالدموع قائلة بتودد.......يا عينى عليكِ يا بتى وعلى اللى صابك .
فحركت نعيمة فمها يمينا ويسارا بإستنكار قائلة ...جرا إيه يا ولية أنتِ ، أخلصى ولديها ولا چية تتطبطى عليها بحديتك الماسخ ده .
فأغمضت ام محروس عينيهاا بحسرة على ما آل إليه وضع بدور التى كانت من أجمل فتيات القرية .
ثم قالت لـ هنية .....هاتيلى يا بنتى بسرعة المية السخنة ومجص إكده حامى وقطع قماش كتير وبطانية صغيرة نلف بيها العيل .
اومأت هنية برأسها فى عجالة مردفة ......حاضر ، حاضر .
ثم دعت لها سرا....يارب جومها بالسلامة دى بت غلبانة جوى .
وما أن خرجت حتى سمعت صوت بكاء الطفل .
فابتسمت هاتفة الحمد لله ، لتسرع بعدها لتأتى بما طلبته منها القابلة أم محروس .
ثم ولجت إليهم مرة أخرى لتفاجىء........؟؟
يا ترى شافت إيه ؟؟؟
وإيه رئيكم فى الحلقة .
يارب تكون عجبتكم والاقى تفاعل حلو زى قلوبكم الطيبة اللى أكيد زعلت على بدور 💔
نختم بدعاء جميل ❤️
..............
اللهم إنك وهبت لى اولادى بدون حول ولا قوة منى فاحفظهم بحولك وقوتك ولا ترينى فيهم بأسا يبكينى .
اللهم إنى عجزت عن أصلاحهم فأصلحهم لى
واشرح صدرى وصدرهم لحفظ كتابك .
.......
نار_وهدان
بقلم شيماء سعيد
الفصل الثانى
................
🌹🌹بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله🌹🌹
الكراهية تُكلِّف أكثر من الحب، لأنها إحساس غير طبيعي، إحساس عكسي مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض، تحتاج إلى قوة إضافية وتستهلك وقوداً.
..............
مازال وهدان فى ذكرياته مع ماضيه وهو فى السجن
..................
عند انتظار نجية خادمتها نعيمة لتخبرها بما وضعت بدور ، داهمتها الذكريات قبل زواج العمدة سالم من تلك الفتاة بدور .
حين ولج إليها والدها زهران الصوامعى وعلى وجهه حديث لا يعرف كيف يبدأه .
لتحدثه هي بقولها ......مالك يا بوي ، حاسه إنك عايز تچولي حاچة ومتردد .
ابتسم زهران مردفا ....أحبك وأنتِ هتفهمي ابوكِ من غير ميتحدت عاد .
أجعدي يا نچية چاري واسمعيني يا بتي الله يخليكِ زين وافهمي الحديت برده زين چوي چوي .
ومتخدهوش بعچل ست عادية عشان أنتِ مش أيِّ ست .
أنا ربيتك كيف الراچل وطلعتي چوية وليكي كلمتك حتى على سالم نفسه والكل هيمشي على هواكِ.
ابتسمت نچية لثناء ابيها عليها ثم قالت
“أنت يا بوي عايز تچول إيه ؟ جول بالمفتشر إكده على طول .”
أمسك والدها يدها بحنو وأجلسها بچانبه ....بصي يا بتي ، العوامدية في بيتنا من سنين السنين وعمرها ما خرچت من تحت إيدينا واصل أبًّا عن چد ، والكل يعرف عيلة الصوامعى دي ويعمل لنا ألف حساب .
وورثت أنا العمودية عن أبوي الله يرحمه وكان مفروض أورثها لإبني بس چدر ربنا يموت بدري ومفضلش غيرك أنتِ .
وعشان إكده چوزتك ابن عمك سالم عشان العمودية مهتطلعش بره العيلة دي واصل .
وكومان اتنزلت ليه عنها عشان مبچاش فيّه صحة ولا طاقة للخلچ .
وچولت أنتِ هتچيبي الولد اللِّي يورث العمودية لكن چدر الله إكده ، وانا معيزش واد عمك الخرفان ده هشام يمسكها ، ده واد مش تمام وهيضيع سمعة العيلة كلاتها اللي عملناها من سنين .
وساعتها الناس هتطلع عليه ومش بعيد تروح منه وتروح لعيلة تانية منافسة لينا وكتير يتمناها يا بتي .
ويبچى ضاعت عيلة الصوامعى وتاريخها .
امتعضت نچية من حديث والدها وتجمعت العبرات في عينيها ولكنها ظلت متماسكة كعادتها في صلابة القلب .
نچية ....وأنا في يدي إيه يا بوي ؟ دي حاچة بتاعة ربّنا كيف ما چولت ؟
زهران الصوامعى.......عارف يا بتي ، لكن في حل تاني لزمن ولابد تجبليه حتى ولو مش على هواكِ .
اتسعت عيا نجية هاتفة...إيه هو ده ؟
صمت زهران لحظة قبل أن ينطقها بصعوبة لعلمه مرارة الأمر ولكن ما باليد حيلة ثم نطق ....يا بتِ لزمن سالم يچوز وحدة تانية ، يمكن هي تچدر تچبله الولد اللي هيورث العمودية وكمان يحابي على بناتك ، بدل ميتلطموا في الدنيا وحديهم .
جحظت عينَيْ نچية ثم هبّت واقفة وضربت صدرها بإحدى يديها وهتفت بغضب....أنت اللي هتچول إكده يا بوي ؟
عايز بتك چوزها يچوز عليها ؟
كيف ده ؟
انا مش مصدچة وداني .
ضم زهران شفتيه بأسى ثم تنهد وأمسك مرة أخرى بيدها ليجلسها بجواره ، محاولا تهدئتها بقوله ....يا بتّي .
أنتِ خابره زين مچامك عندي ، وأنتِ أغلى الناس ، ولو كان هيعملها فراغة عين كنت أنا بنفسي وچفتله ، لكن يا بتّي المصلحة عايزة إكده حتى لو مش على هوانا .
ده تاريخ وعمر بحاله ومش معچول يضيع بالساهل إكده ، فلزمن تتنازلي يا بتي شوية عشان العمودية متضعش من الدوار بتعنا .
عقدت نچية حاجبيها مردفة بغضب .. ...يعني رايد تيچي ست تانية الدوار وتچيب الولد كومان وهي تبچى الكل في الكل ومش بعيد تچوله يطلجني كومان وساعتها أدِّفن أنا بالحياه.
هو ده اللي عايزه يا بوي عشان خاطر العمودية ومفكرتش فيا آني.
زهران .......كيف يا بت يا عبيطة الكلام ده ، لا طبعا فكرت زين ويستحيل ده يحصل وأنا عايش .
البت اللي هيچوزها دي ، وظيفتها تخلف بس وبعدين تاخد حسنتها وتمشي معززة ،وچبل متمشي هيكون رامي عليها اليمين .
وأنتِ اللي هتربي الواد والواد للي ربى مش للي خلف ، هتربيه كيف البنات فهيكون سند ليكِ ولأبوه ، وبعد عمر طويل ياخد العمودية .
فشردت نچية قليلا ثم تابعت ...ولو أن چلبي مش مطمن بس بدال إكده فترة وتعدي، ماشي ، أنا موافجة.
بس خايفة يا بوي يعشچها وينساني .
زهران........جاموسة أنتِ أياك ، كيف تجولي إكده ؟؟
أنتِ مهتعرفيش كيف سالم عيحبك ويستحيل يشوف حد غيرك ، فحطي في بطنك بطيخة صيفي .
فوقفت نچية وأخذت تجوب الغرفة ذهابا وايابا تفكر جليا بالأمر وحدثت نفسها ...أيوه سالم معيشجش غيري .
فليه أزعل ، هي هتيچي تقضي واچب وتمشي وعهرفها مچامها بردك عشان تعمل حسابها .
ثم هتفت....ماشي يا بوي ، بس هنچوزه مين ؟
زهران....أب بت مش فارچة .
نچية...لا لزمن تكون فچيرة چوي ، عشان تفرح بالچرشنات وتسكت .
زهران ....أيوه ، عندك حچ ، طب إيه رأيك في البت بدور ، بت حارس المواشي .
أهي بت لا بتهش ولا بتنش وغلبانة چوي .
نچية بلوعة......بس دي حلوة چوي يا بوي، وأخاف سالم يميل ليها .
لا لا شوفله وحدة تانية
زهران...ولا حلوة ولا حاچة ، دي ريحتها من المواشي تچرّف .
وكتّر خيره سالم اللي هيچدر يچرّب منها .
نكست نچية رأسها بشيء من الحزن ثم تنهدت بيأس....ماشي يا بوي ، بس على الله سالم يوافچ ، مش يمكن مش يوافچ عشان ده عيحبني چوي .
تردَّد زهران قبل أن يتمتم ....هو موافچ
فانفعلت نچية وضربت
بيديها على فخذها مردِّدة ...يا مراري ، يعني كان مبيت النيّة من زمان وعايز يتچوز عليه .
إكده يا سالم وأنا اللي چولت لا مش هيوافج عشان عيحبني.
زهران....هدِّي نفسك يا بتي ، هو زي أيّ راچل صعيدي نفسه في الولد لكن هو عيحبك بچد وأنتِ اللي هتفضلي
في چلبه وكيف مچولتلك هي مسألة وچت بس وهيرمي عليها اليمين أوّل متولد وهناخد منها الولد .
أغمضت نچية عينها لحظات تفكر ثم حدّثت نفسها ...بدال هو ناوي وأبوي كمان رايد يبچى مچدمنيش غير إني أوافج .
بس واللي خلاچ الخلچ لأعرفه مين نچية لو حسّيت بس لحظة إنه مال ليها .
ثم قطع تفكيرها زهران بقوله....ها جولتي إيه يا بتي وده لمصلحتنا كلنا .
نچية بتردد ....ولو إني خايفة يا بوي ، بس خلاص ماشي وأهو يعملها چدام عيني أحسن ميعملها من ورايا .
زهران .....تمام ، ربنا يكملك بعچلك يا بتي .
..............
نعود للحظة الولادة مرة أخرى...
ولجت بهية إلى بدور وقد أحضرت ما طلبته منها القابلة أم محروس .
لتتفاجأ بأن بدور رزقها الله توأم ولد وبنت وسبحان من أبدع وصور في خلقهما .
القابلة مهللة ببشاشة وجه ....اللّه أكبر بسم الله ماشاء الله
عريس وعروسة زي الچمر يا بتي .
ألف حمد لله على سلامتك .
تمللت بدور فى فراشها وحاولت برغم ألمها الجلوس لرؤية طفليها عن قرب ولكن خارت قواها وسقطت على الفراش والدموع تغرق عينيها ، فأسرعت لها بهية وأمسكت بالوسادة لتجعلها خلف ظهرها ثم أمسكت بيديها قائلة........إسندى إكده عليه وحولي تچومي بشويش وأنا حطيت المخدة وراكِ أهو عشان تسندي عليها .
بدور بإمتنان صحبها ابتسامة واهنة....تسلم يدك يا بهية ، وبالفعل اعتدلت بدور ، وقامت بهية بلف الطفلين بالبطانية ثم حملتهم إلى بدور التي تطلعت إلى وجوههم بغصة مريرة كانت كفيلة بتمزيق قلبها .
ثم ضمتهم إلى صدرها بحنو لتبكي مرددة .....يااااه على وجع جلبي، لو كنت أعرف چد إيه أنتم غاليين إكده چوي ، مكنتش وفچت على الجوازة دي وإني أفرط فيكم ، لا بس خلاص أنا معيزاش فلوس ولا عايزة حاچة غيركم يا حبايبي، لا مش هچدر أسيبكم واصل ولو هيموتوني .
فرمقت نعيمة بدور بنظرة ساخطة ثم عقدت حاچبيها مرددة ....إيه اللي هتجوليه ده يا متسمى انتِ؟؟
هو مش كان إتفاچ ولا إيه ؟
فـ اللي في دماغك ده مش هيحصل واصل .
وأنا طالعة أهو أخبِّر الستِّ نچية ، أنتِ خلاص ولدتي وهنخلص من طلعتك العفشة دي كل يوم والتاني يا فچر أنتِ .
طالعتها بهية بعين اللّوم والعتاب لكن نعيمة أصّرت رغم استعطاف بدور لها بقولها...الله يخليكِ خليهم ميخدوش مني عيالي .
مش مشكلة يطلچني ماشي، لكن عيالي ولدي وبتي لا ، ولا هموت نفسي .
فظهر على فم نعيمة بسمة ساخرة متمتمة ....طيب يلا في ستين داهية ، وعندك الحبل چمبك أهو أُخنچي نفسك وخلصينا عشان نرتاح .
فهتفت بدور ...حسبي الله ونعم الوكيل .
لتسرع بعدها نعيمة إلى سيدتها نچية لتخبرها بما حدث .
انهارت بدور من البكاء وامسكت بيد بهيّة وبصوت مبحوخ استنجدت بها قائلة....غتيني يا بهيّة ، أنا خابرة إن
چلبك طيب مش زي أختك واصل نعيمة .
غتيني منهم .
بهيّة ...وأنا في يدي إيه بس أعمله ؟
دول ناس چبابرة وأنا بخدم عشان لچمة العيش .
ومچدرش أعمل حاچة ، ولو حتى فكرت ممكن يچتلوني وساعتها مفيش ليَّا دية ولا حدِّ هيفتكرني حتى .
بدور بتوسل ....أبوس يدِّك يا بهيّة ، دول ضنايا وحرام يحرموني منهم .
أنا مش عايزة حاچة غير إنِّك تخرچيني من إهنه من غير محد يدري.
زاغت عيني بهية يمينا ويسارا ثم ردَّدت بقلق...واللّه أنتِ صعبانة عليه بس لو عملت إكده ممكن يچتلوني .
بدور....لا مش للدرچة هما هيخوفوا بس ، لكن محصلتش للچتل يعني.
عشان خاطري يا بهيّة أبوس يدك ، ثم حاولت بدور أن ترفع يدها لتقبِّلَها ولكن بهيّة ابعدت يدها بقولها......اللّه يستر علينا ويچيب العواچِب سليمة .
تعالي وأمري للّه ، هخرچك من الباب اللي ورا الدوار .
فتهلل وچه بدور وتحاملت على نفسها حتى وقفت وناولتها بهيّة طفليها ثم تحركوا بخطوات خفيفة نحو الباب الخلفي للمنزل لتهريبها من بين براثن نچية .
ولكن القدر كان له رأي آخر .
لتسمعا صوتا چبارا مرعبا خلفهما جعلهما ترتعشان من هوله ؟؟؟؟؟؟؟
فـ لمن هذا الصوت المفجع يا تُرى ؟؟؟
......................
عودة للواقع"""'
بينما كان وهدان فى السجن كانت زوجته وردة فى منزلها وسنسرد فيما بعد كيف كان لقاؤهما الاول وقصة حبهم وكيف تزوجها رغما عنها ؟؟
أتت لزيارة وردة زوجة وهدان اختها ولاء ..
استقبلتها وردة بالترحاب الشديد ...البيت نوَّر يا خيتي ، أخيرا چيتي تُطلي على أختك .
ولاء ...معلش يا حبيبتي ، أنتِ عارفة الوِلد وأبوهم والمشغولية مهتخلصش غير خدمة شچة حماتي وإخوات هريدي چوزي وواد عمي .
وكل يوم أچول هاچي ، يخلص اليوم وأنا هلكانة شغل في البيت وتلچيني أممد على السرير محسش بنفسي واصل لتاني يوم .
شعرت وردة بالشفقة على حال أختها ولاء ، فربتت على كتفها بحنو مرددة ...كان اللّه فى عونك يا بت أبوي .
بس چوزك ده مهيحسش بيكِ واصل ولا هيساعدك في حاچة خالص ؟
وكل المسؤولية عليكِ إكده ؟
لغاية مكبرتي چبل الأوان ؟ وحيلك أتهد .
وهو بس فالح يسهر على الچهوة للفچر ويشرب المعسل .
فدمعت عيني ولاء وخرج أنينها المكتوم جوفها ....چيتي على الوچع يا بت أبوي ، بس أعمل إيه ؟
الست مننا ضعيفة چوي، خصوصا إهنه في الصعيد ، منچدرش نفتح خشمنا بنص كلمة وهنخدم وإحنا ساكتين .
وهو الراچل يعمل كيف ما بده .
ويسهر ويشرب الكيف وآخر الليل لا يهمه تعبك ، المهم يريح نفسه هو معاكِ.
فركت كفيها وردة وحركت رأسها بأسى قائلة...إيه والله عندك حچ ، بس متحولي إكده تكلميه في ساعة صفا ، عشان يتغير شوية ويحس بيكِ ويساعدك .
ومش كل يوم تنزلي عند حماتك ،خليها يوم ويوم .
تحشرج صوت ولاء قبل أن تنطق...والله أنتِ طيبة يا خيتي چوي ، هو أنا أجدر منزلش ليها كل يوم ، ده بس عدى يوم كان عندي شوية برد و كحة ومچدراش أصلب طولي فمنزلتش .
وردة بإستفهام...وفيها إيه دي ؟
ولاء........فيها كتير چوي چوي .
وچفتله أمه على السلم لغاية معاود في نص الليالي ، عشان تچوله مرتك على رچليها كان نچش الحنة ولا إيه ومنزلتش النهاردة وأنا كنت تعبانة يا ولدي ، يرضيك إكده ؟
فسمعته يچول بصوت عالي هز چسمي......لا ميرضنيش وهطلع أعلمها الأصول والأدب وش الطين دي .
راحت أمه الله يهديها تچول.......طول عمرك راچل يا ولدي ، ربى يخليك ، وأنا مش هنام غير لما أسمع صوت الأدب.
..راح طالع سبع البرمبة مشحون على الأخر من أمه الله يسامحها وچال وعنيه هطلع نار "
أنتِ عاملة نفسك هانم ومهتنزليش عند أمي ، لا ده أنا أمسح بيكِ البلاط ده .
وحولت أدافع عن نفسي وأچول غصبا عني كنت تعبانة .
راح رزعني چلم كان هيطير عيني ، وچال أنا چيبك هني تخدمي أمي فاهمة ولا أردك بيت ابوكِ ومعنديش ليكِ عيل وترچعي بخلاچتك اللي عليكِ.
وما أن أتمت كلماتها ولاء حتى طفرت العبرات الحارقة من عينيها وغلّف القهر نبرتها أكثر وهي تتم جملتها.....شوفتي كيف حال أختك وأنتِ هتچولي أتكلمي ،ده بچم ولا يفهم وهيهددني كمان يمشيني !
طيب أروح فين وإحنا بلا أم ولا أبو ومليش غيرك أنتِ وأسماء وأخوكِ الله يهديه عادل .
ضمتها وردة لحضنها كي تفرغ كل ما بصدرها من ألم حتى تستريح بين يديها ثم زفرت زفيرا طويلا ملتهبا لتردد........آه يا بت أبوي على اللي صابك وأنا خابرة كمان أخوكِ عادل اللي اسم مش على مسمى ، ده مصدچ خلص مننا احنا التلاتة وچوزنا .
عشان هيمرطع في الدوار هو ومرته وولده وبته ويصرفش علينا چرش وكومان مش راضي يدينا حچنا من ورث أبونا .
ويچول ...معندناش بنات تورث ، ده في شرع مين ده .
وليه إكده ؟؟
مش حرام وربنا سبحانه وتعالى هو الحكم العدل وچال نورث لكن هما للأسف عملوا شرع لنفسيهم .
ولاء .....حسبنا الله ونعم الوكيل .
هنعمل إيه بس ، يلا عند ربنا الحق .
وردة.......ونعم بالله العلي العظيم .
ربنا يهديه چوزك ويحنن چلوب وِلدك عليكِ يا بنت أبوي الغالية .
ولو حسيتي نفسك مش چادرة تواصلي تعالي لخيتك واچعدي عندي ، مكنش تشيلك الأرض ، تشيلك عينيا التنين دول.
ولاء بإمتنان....تعيشي يا بت أبوي ، أدعيلي بس ربنا يصبرني .
وردة.......ربنا يربط على قلبك يا چلب أختك .
ولاء.......وأنتِ كيفك وكيف وهدان ؟
والله كان نفسي تطلچي نفسك منه ، وتشوفي حالك بدل متضيعي شبابك إكده على الفاضي ، وكتير مين يتمناكِ يا چمر أنت ِ غير أخلاچك ودينك يا بت أبوي .
ارتجفت وردة وكأنها أصابتها الحمّى لتهتف ...كيف هتچولي إكده يا ولاء ؟
وهدان ده حب عمري كلاّته من وأنا صغيرة ، يعني هو النّفس اللي هتنفسه ومن غيره أموت حتى لو بعيد عني، بس طيفه عمره ما سبني لحالي ، وأحسه معايا في كل حاچة ، وانتظر خروچه بفارغ الصبر وأدعيله ربنا يچيبه ليا بالسلامة ، فكيف يعني اتطلچ منه ، يعني حكمتى عليه بالموت .
رددت ولاء بذهول....وه وه ، كل ده حب لـ وهدان ، مكنش يعني ابن ليل وكل عمايله عفشة ، واخرتها سچن وچلة
چيمة ، فكيف هتحبيه وأنتِ حافظة كلام ربُنا .
نهضت وردة من مكانها وعضّت على شفتِها السفلى بحرج قبل أن تهمس ...إيه مش بحبه بس ،أنا بعشچه كومان .
وخابره إنه ابن ليل لكن الحب ده مش بِيَدِّي واصل ، دي حاچة بتاعة ربنا ، محدش يچدر يتحكم فيها .
بس عشان أنا آه حفظة كتاب ربنا وخابرة كويس الحلال والحرام ، موفچتش، إني أكون ليه حتى لما اچوزني غصب ، وكمان مش هتصدچي إني چولت ليه إني هكرهه، رغم إن كل حتة فيه بتقول عحبه .
وحولت كتير معاه أنه يصلح من نفسه ويتوب عن كل اللي ييعمله وعرفته الحلال والحرام بس أنا خابرة إن كل ده كان غصبا عنه ، مش بيده .
هو اتربى في الچبل ، عارفة يعني إيه الچبل ؟
يعنى ناس بتسرچ ، ناس بتچتل ، ناس بتعمل كل حاچة حرام .
فهو عايزاه يطلع إيه يعني ؟
ومحدش دلّه الطريق الصح أو عرفه الحلال من الحرام .
لكن حبه ليه ،كان أول الطريق ، وبعدين كملت أنا ووعيته أن كل اللي هيعمله حرام وأنا عمري مهكون ليه إلا لو تاب .
وهو تعبني فترة كبيرة عچبال محصل ده ،عشان مكنش بالساهل يتحول مرة واحدة .
لكن في النهاية الحمد لله ربنا تاب عليه واللي بيتوب ربنا بيبدل سيئاته حسنات .
وعيحبه ربنا كمان ، فليه إحنا كبشر نفضل نذل فيه ونتهمه حتى لو تاب ، كده بنكون عون ليه مع الشيطان وممكن يرچع ينتكس تاني لا قدر الله .
وأهو خد چزاته في الدنيا ، أرحم كتير من عذاب الآخرة .
وإن شاء الله ربنا يكرمه ويطلع چريب وحتى لو اتأخر لآخر العمر هستناه ، ده وعدي ليه ، وأنا جد الوعد .
تنهَّدت ولاء وخرج أنينُها المكتوم جوفها لتهتف ...سبحان الله أنتم بعيد عن بعض وتحبوا بعض الحب الچميل اللي هيبـظ من عينيكِ إكده .
وأنا وچوزى چار بعض لكن محساش بالحب من كتر الجسوة اللي شوفتها منيه .
ثم هطلت دموعها مرة أخرى ، فاحتضنتها وردة بحب ...لإنها تعلم مرارة العيش بدون حب ولكن الحب يزيل أي مرارة في حياة الإنسان .
ولاء بدعاء من قلبها لأختها.......ربي يسعدكم يا بت أبوي ويخرچه بالسلامة ويعوض عليكم العوض الصالح .
وردة بابتسامة ....اللهم آمين أنا وأنتِ يا چلب أختك .
متى سيخرج وهدان للنور ليعوض عمره الضائع مع حبيبة عمره وردة ؟؟