رواية مراة الحب الفصل الخامس5بقلم نجلاء لطفي


 مرآة الحب

الحلقة الخامسة

بقلم نجلاء لطفي 



انتهت المقابلة دون أن أقول شيئا، كنت أشعر بالحيرة فأنا وعبدالله مختلفان تماما 



فكيف وافق على الزواج مني؟هل أرغمته أمه؟ هل وافق لينال رضاها فقط؟ أنا أعلم أنه لا يناسبني ولكن هل أرفضه وأظل أحمل لقب عانس؟ أم





 أقبله لأتخلص من اللقب وبعد الزواج سأعتاد عليه؟ وماذا عن ياسر؟ كنت أظن أن بيننا شيء ما هل هذا حقيقي أم أني واهمة؟ 



طلبت من السائق توصيلي للمول لشراء بعض الإحتياجات فسألني هل ينتظرني 




فأجبت بالنفي وتركته ينصرف. ذهبت للمول فوجدت ياسر مشغولا والمحل مكتظ وعندما رآني رحب فقلت له بصوت منخفض:

-أريد الحديث معك حالا

-انتظريني في مقهى المول ربع ساعة حتى يأتي زميلي

-سأشتري بعض الأشياء وعندما تنتهي اتصل بي




خرجت وقد صممت أن أخبره بما حدث لأرى رد فعله وأعرف حقا هل لي مكانة عنده




 ويرغب في الزواج بي أم أننا مجرد أصدقاء، انتهيت من مشترياتي سريعا وذهبت للمقهى فجاء بعدي بقليل وقال:

-خير ما الموضوع ؟

حكيت له ما حدث وسألته:

-مارأيك هل أقبل أم أرفض؟

سكت للحظات ولم يبد عليه أي رد فعل ثم قال:

-الأمر متروك لك إن كان خوفك من الوحدة وكلام الناس مهم نجلاء لطفي عندك 




فتزوجيه إنه فرصة لن تتكرر وإن ضاعت فستندمين عليها، وإن كانت المشاعر والتوافق الفكري أهم عندك فلا تقبلي وانتظري الشخص المناسب




-وإن لم يأت ذلك المناسب سأظل على وضعي هذا كثيرا؟

-لذا أقول لك إنه اختيارك

-كنت أظنك ستساعدني لأتجاوز حيرتي فأنت أكثر شخص يعرفني جيدا




-هذا قرار يصعب أن يتخذه شخص نيابة عن الأخر

نظرت إليه بيأس وقد أدركت أني مجرد صديقة ولا مكانة لي في قلبه وقلت:

-سأسافر غدا

-وحدك؟

-لا مع هالة وخالد على نفس الرحلة فقد اتفقا على الخطوبة وهو ذاهب ليطلب يدها من أهلها

-حقا؟

-لقد أعجبها وأعجبته فلم ينتظران؟ ولماذا يضيع العمر في الخوف والتردد؟؟ أراك بخير

-أرجوك لا تقطعي الإتصال بي لأطمئن عليك

-اطمئن سأكون بخير




عدت لبلدي وأنا كمن أطاحوا به من فوق برج يناطح السحاب ليصطدم بالأرض ، كنت 




أظنه يحبني أو على الأقل معجب بي وكما عرفت منه ليس هناك ظروف تمنعه من الزواج، وإن كان حقا يحبني لما فرط في، إذا لقد كنت واهمة 




ونسيت أني لا أجذب الناس لحبي بسبب دمامتي، كان يجب أن انتبه لتلك الحقيقة جيدا، والأن حقا أمامي فرصة لن تتكرر بل فرصة تحلم بها كل فتاة




 فلم أضيعها بل سأستغلها لأحصل على لقب زوجة حتى لو بلاحب. أخبرت والداي بطلب عبدالله للزواج مني فرحبت أمي كثيرا وقالت لي:

-تلك فرصة عمرك إن أضعتها فلن تجدي غيرها

وقال أبي:

-سأوافق إن كنت متأكده أنه سيسعدك

وقالت أختي:

-أخيرا لن أظل مربوطة بلا زواج لأن والدنا يرفض زواجي قبلك

شعرت بمدى سخافتها وأنانيتها فهي لا تهتم بسعادتي بقدر اهتمامها بمصلحتها الشخصية. بعد يومين اتصلت بي أم سهيلة فأخبرتها أن أهلي ليس لديهم مانعا فقالت:

-على بركة الله سأرسل عبدالله في أول طيارة ليتعرف عليهم

وصل عبدالله بعد ثلاثة أيام وانبهرت أسرتي عندما وجدوه شابا فقالت لي نهى هامسة عندما رأته في المطار:





-يالحظك شاب وسيم ورياضي ومن أسرة مالكة ليتني لم أكن جميلة وكان لي مثل حظك

شعرت أن كلماتها تفيض غيرة وحسدا فتعجبت فأنا لم أحسدها يوما نجلاء لطفي على جمالها وحب الجميع لها.

ظهرت الفرحة واضحة على وجه أمي عندما رحبت به وأصرت على دعوته في اليوم التالي لتناول الغداء عندنا، وظهر الارتياح على وجه أبي  وأصر على توصيله للفندق وأكد عليه أننا ننتظره غدا.بعد انصرافه قالت لي أمي:

-لم كنت متردده؟ شاب صغير في السن وثري ووسيم ومن عائلة الملك هل كنت تطمحين في أكثر من ذلك؟!!

وقال أبي:

-كنت أظنه كبير في السن لكني الأن مطمئن عليك

كنت أستمع لكلماتهم وأقول لنفسي:

-حقا لم أرفضه؟ لأننا غير متفقين؟ سأعرف طباعه وأتأقلم عليها مع الوقت، ألا يكفيني أنه شاب تحسدني عليه كل الفتيات؟ مثلي لا يجب أن تطمع في المزيد.

في اليوم التالي كان البيت كله يستعد لإستقبال عبد الله بشكل يليق به ماعدا أنا فلم أريد أن أكون سوى نفسي لقد رآني عدة مرات ويعرف شكلي وحقيقتي فلم






 أزيف تلك الحقيقة بمساحيق التجميل بينما هو سيعيش معي ويراني بلا زينة ، ارتديت فستانا عاديا وطرحة ملونة وخرجت لإستقباله بينما كانت نهى في أبهى زينتها وارتدت فستانا يظهر مفاتن جسدها ويبرز لون بشرتها وأطلقت





 لشعرها العنان وأتقنت زينتها التي زادتها جمالا فبدت في أبهى صورة، أدركت حينها أنه أعجبها وتريد الإيقاع به في حبائلها حيث لم يكن هناك أي وجه للمقارنة بيننا. جاء عبد الله فاستقبله والدي وأدخله الصالون فدخلت أنا وأمي للترحيب به ولم تدخل أختي معنا، رحب به والدي ثم قامت أمي لإعداد الطعام فقال لي هامسا:

-لم أكن أتصور أن مستواكم المادي مرتفع بل كنت أظنكم فقراء لأن كل من تأتي للتدريس في بلدنا تأتي من أجل المال لكن يبدو أنك غير محتاجه للمال فلم أتيت؟

-جئت لقدري

لم يفهم كلماتي وفي تلك اللحظة دخلت نهى تحمل صينية العصائر بنفسها- وهو مالم تفعله من قبل- وتقدمت بكل رقة ودلال وقالت له :

-مرحبا بك في بيتنا تفضل

ظلت نظراته معلقة بها للحظات وهو مأخوذ بجمالها ولم يفق إلا على صوت أبي وهو يطلب منه أن يشرب العصير حتى يتم إعداد الغداء ثم قال لأختي بحدة:

-اذهبي لمساعدة أمك

يبدو أن أبي فهم مثلي ما تخطط له نهى فشعر بالخوف لأنه واثق أنها قادرة على الفوز به فوزا ساحقا، لم أشعر بالخوف أو الغضب مما فعلته بل سلمت أمري لله . سألني عبد الله بصوت منخفض:

-من هذه؟

-أختي الأصغر سنا

-لكنكما مختلفتان تماما في الشكل

-فعلا وفي الشخصية والطباع والأفكار هي مازالت طالبة في الجامعة بسبب تكرار رسوبها ولا تهتم سوى بجمالها وأناقتها والحفلات والسهرات بينما كنت دائما من الأوائل وكنت ناجحة دائما في أي مكان أعمل به

نظر إلي صامتا ثم دخلت أمي لتدعونا للغداء ،جلس عبد الله بجواري على المائدة بينما تعمدت نهى أن تجلس في 





مواجهته ، ظل عبدالله ينظر إليها بين حين وأخر وهي تمنحه ابتسامتها ونظراتها التي تحمل الكثير والكثير من الوعود، وبالطبع نسي وجودي 





بجواره تماما  نجلاء لطفي وغرق في بحر عينيها. بعد الغداء خرجنا لحديقة الفيلا لتناول الحلوى والشاي ودار الحديث بين الجميع فحكى لهم عبدالله عن نفسه وعن بطولاته وكيف أنه بعد وفاة أبيه صار مرشحا لمنصبا سياسيا كبيرا ولم يكن يرغب فيه بسبب كثرة قيوده وأعباؤه لكن هناك إلتزامات يجب أن يقوم بها، وحكى له والدي عن تجارته وثروته وكيف أنه كل ما يهمه أزواج صالحون يرعون بناته ومالهن. قبل انصراف عبدالله دعانا لقضاء سهرة معه في نايت كلوب الفندق فوافق أبي ولم يهتم أحد برأيي أو إن كنت أحب السهر هناك أم لا وكأن رأيي مفروغ منه. شعرت بالحنق والغضب فها أنا ذا أعود لنفس البيت بنفس التجاهل لشعوري ونفس اللامبالاة لرأيي ، كل مايهمهم اصطياد ذلك العريس اللقطة فقط ولايهم إن كنت سعيدة أم لا.

في المساء اعتذر أبي عن الحضور في اللحظات الأخيرة بسبب انشغاله مع شركاؤه في اجتماع طارىء بخصوص العمل فأوصلنا للفندق وحيا عبدالله و اعتذر منه ثم تركنا وانصرف حياني عبدالله ببرود ولكنه انبهر عند رؤية نهى بملابسها المبهرجة التي تكشف عن معظم جسدها، اصطحبنا للداخل حيث الصخب والضجيج والفتيات اللاتي يرقصن مع الشباب بل ويشربن الخمور وأنا أشعر بالقرف من كل تلك المناظر والتفاهات ، وأختي تشعر بالسعادة فكم كانت تحلم بزيارة تلك الأماكن لكن كان أبي يرفض بشدة.دعاني عبدالله للرقص فقلت:

-أنا لا أعرف الرقص وحتى لو أعرف لن أرقص أمام كل الناس

فسارعت نهى وقالت:

-أنا أرقص معك

ابتسمت أمي وقد أدركت أنه واقع لا محالة في شباك نهى التي لا يستطيع أحدا الفكاك منها وكان ذلك سببا لسعادتها فهي ترى أن نهى تستحق أفضل مافي




 الكون، ظلا يرقصان حتى أنهكهما التعب فعادا .طلب لنا العشاء ثم بعد العشاء ذهبا لإستكمال مافاتهما من الرقص ولم يبال بي أحد ولا بمشاعري ،




 ومن العجيب أني لم أشعر لا بالغضب ولا بالغيرة ولا حتى خفت من أن يفلت من يدي بل لم أكن أهتم أصلا بما سيحدث، بينما كنت أرى نظرات السعادة في عيني أمي.

قضى عبدالله معنا أسبوعا تنزهنا فيه في كل الأماكن وكل يوم أرى اقترابه من نهى يزداد أكثر فأكثر، حتى قبل سفره بيوم واحد طلب لقاء أبي في مكتبه فرحب أبي به كثيرا وبعد أن عاد أبي للبيت وكان مهموما 





صعد لغرفته هو وأمي وأغلقا بابهما وبعد نحو الساعة جاءت أمي لغرفتي وقالت:

-منة حبيبتي أعلم أنك عاقلة ولن تُحملي الأمور أكثر مماتحتمل هناك خبر ينبغي أن تعرفيه ولا تغضبي

-أعرف عبدالله طلب الزواج من نهى أليس كذلك؟؟ انا موافقة ولست حزينة

-حقا؟ لقد كنت أخشى عليك أنا ووالدك من الصدمة

-عبدالله لم يكن بالنسبة لي سوى فرصة للهروب من لقب عانس فقط ولا أكن له أية مشاعر نهائيا وإن كان يريد أختي وهي تريده فلا بأس

قبلتني أمي فرحة وقالت:

-بارك الله في عقلك يا حبيبتي

لم يؤثر في اختياره لأختي فقد اعتدت هذا منذ زمن ولكن ما أثر في





 حقا نجلاء لطفي هو فرحة أمي لنهى على حسابي- كعادتها- بل وتشجيعها الذي كان ملحوظا من




 البداية فقد كانت تراها أحق به مني، هل تكرهني أمي لأني لست جميلة؟ ألست ابنتها سواء كنت جميلة أو قبيحة؟ هل درجة جمالنا هي التي تحدد مقدار حب الأخرين لنا؟؟

تحدثت لوالدة عبدالله- حسب رغبة أمي- وأقنعتها أن أختي هي الأنسب له وهي من ستسعده أكثر مني ورغم حزنها إلا أنها وافقت على الخطبة وجاءت لعمل الإستعدادات اللازمة . بمجرد حضورها ضمتني لصدرها لأول مرة وقالت:

-لاتحزني سيرسل الله لك من يُقدر قلبك الطيب وروحك النبيلة

-أنا سعيدة من أجلهما فهما مناسبان لبعضهما

وقفت أمام مرآتي مرة أخرى وتساءلت:

-يامرآتي ترى هل سأجد من ينظر إلى روحي وقلبي ولا ينظر لشكلي؟ هل سأتذوق الحب يوما؟؟


                       الفصل السادس من هنا

لقراة باقي الفصول اضغط هنا



تعليقات



<>