CMP: AIE: رواية ندبات الفؤاد الفصل السابع عشر
أخر الاخبار

رواية ندبات الفؤاد الفصل السابع عشر

رواية ندبات الفؤاد الفصل السابع عشر

رواية ندبات الفؤاد 

الفصل السابع عشر.

بقلم زيزي محمد

وصل سليم إلى المكتبة التي تعمل بها شمس، توقف على أعتابها باحثًا عنها بعينيه القاتمة والتي ازدادت ظلام بعدما علم بعملها، لم يتوقع سرعتها في التخلي عنه، ورسم حياة جديدة لها، وكأنه كان يفرض حصاره عليها قسرًا، فبدت وكأنها عصفور انتظر سراح مالكه ليتمرد بعيدًا عنه بعدما سجنه في قفص من الحديد لأعوام.


اهتاجت مشاعره وهو يراقبها تضحك مع رجلاً غريب عنها، واندلعت نيران الغيرة تزجه في قوقعة سوداء تعصف بروحه الشاردة بها، لهذا السبب كان يفرض حصونه المنيعة حولها، فهو غير مسوؤل عن افعال قد تدفعه للجنون والسقوط في هاوية غيرته.


اقترب أكثر بخطوات بطيئة هادئة تنافي اشتعال صدره وهياج مشاعره واضطرابها اللحظي ما بين الاشتياق والغيرة والغضب..فاستمع لحديثهما الخافت حيث كانت شمس تقف ونصف ظهرها موالي له.


- هايل يا شمس، اتعلمتي بسرعة اوي هقول للحاج كلام حلو عنك.


همست بصوتها الرقيق له تشكره:


- ربنا يخليك يا أستاذ طه.


- لا أنا مبحبش القاب بيني وبين اللي بيشتغلوا معانا..قولي يا طه وبس.


وعند هذا الحد ارتفعت أنفاس سليم بغضب جامح، واشتعلت النيران بصدره، فبدا وكأنه وحش ضاري سيقتلع رؤوسهم.


لمح طه..رجلاً يقف في منتصف المكتبة مثبتًا بصره عليهما بطريقة لم تعجبه، فقال لشمس ملوحًا برأسه اتجاه سليم:


- في زبون شوفيه.


التفتت شمس بابتسامة واسعة، اختفت فجأة حينما وقعت عيناها عليه، لا شك أن الخوف داهم قلبها حينما رأت نظراته الداكنة، ولكن تشبثت بتماسكها وقرارتها المنيعة ضد وهج عينيه المخيف.


-  حضرتك عايز حاجة معينه.


خرجت نبرتها مرتجفة بعض الشيء، رغم محاولاتها المستيمته في ابقائها ثابتة، ساد الصمت بينهما للحظات، كانت فيها لغة العيون تسيطر  على ساحة مشاعرهما المتقابلة في حرب لأول مرة بينهما.


وأخيرًا قطع صمته بنبرة خشنة خرجت من جوفة الملتهب:


- يلا.


- نعم!.


رغم أنها تفهم قصده إلا أنها اصطنعت عدم الفهم وأصرت على برودها الذي كان الشرارة التي فجرت غضبه الدفين.


- بقولك يلا من هنا.


كانت نبرته هادرة تعنفها بقسوة طالما كانت تخشها، وتخشى النظر إليه وهو في حالته الشرسة تلك.


تدخل طه بعد صمت طويل منه، يتابع حديثهما الغامض، فلم يعجبه ذلك الرجل أبدًا منذ دخوله للمكتبة بهيبة اخافته قليلاً.


- مين ده يا شمس..تعرفيه.


وقبل أن تجيب، كان هو يتحدث بتحذير قاسِ:


- مدام شمس..متتعداش حدودك، أحسنلك.


حتى وهما مطلقان يتحدث بتملك وعنجهية اغاظتها بشدة، فبدلاً من أن يكون هادئًا، يطلب السماح منها عما بدر منه، يقف كعادته بغضبه وقسوته يفجرهما دون أدنى اهتمام لمشاعرها.


نطقت شمس أخيرًا بضيق حاد:


- لو سمحت اخرج من هنا..ده مكان أكل عيشي.


- نعم!.


قالها سليم في اعتراض تام مستنكرًا قولها:


- أكل عيشك..انتي واعية اللي بتقوليه.


هزت رأسها بعناد وهي تركز ببصرها عليه دون خشية منه:


- اه أنا بشتغل هنا.


- بتشتغلي بياعة..مرات سليم الشعراوي بتشتغل بياعة.


أنهى حديثه بشرارات مخيفة، فالتفتت برأسها يمينًا ويسارًا بسخرية جمة منه:


- هي فين مراتك دي، باين اتلخبطت في العنوان.


لم يعجبه طريقتها الساخرة، فاشعلت عيناه بجهنم لن تنطفأ نيرانها إلا اذا عادت لطبيعتها الخاضعة كما كانت من قبل.


قبض فوق مرفقها رغم الطاولة الزجاجية الكبيرة التي كانت تفصلهما، يجذبها عليه بعنف:


- يلا أحسنلك.


منعه طه وملامحه تتجهم:


- في إيه يا جدع أنت..ما تهدا كده أصل اطلبلك الشرطة.


اغمض سليم عيناه محاولاً لجم غضبه، ولكنه فشل في ذلك، محولاً بصره نحوه هاتفًا بهسيس كالافاعي:


- تطلبلي إيه؟!


كرر طه بشجاعة غير مدركًا أنه كان يلاعب وحشًا فك قيوده الآن:


- الشرطة.


انقض سليم بشراسة عليه، يتفث به غضبًا بهجوم عنيف، حاول طه الدافع عن نفسه ضد ذلك الثور الذي يلكمه بلا رحمة في جميع جسده، انطلقت صراخات شمس تعيد سليم بها للواقع..بعدما غاب بعقله ودفن نفسه في جحيم غضبه.


ابتعد سليم بعد لحظات بعدما خارت قوى طه أمامه..هاتفًا من بين أنفاسه المتقطعة برجاء:


- هموت يخربيتك، ابعد.


فرك وجهه بيده عدة مرات بعدما انهمك جسده في شجار كان هو الاقوى به، طالع هيئة طه المزرية بسخرية:


- علشان يبقى ليك حق وأنت بتطلب الشرطة.


عاد سليم والتفت لشمس التي كانت تنزوي في أحد أركان المكتبة تتابع برعب ما يحدث، ولوهلة شعرت بأن العراك التالي سينصب عليها، وبالطبع هي لا تملك القوة حتى تدافع عن نفسها..رغم أنها تعلم أنه لا ينفث غضبه عليها أبدًا بطريقة عنيفة، ولكن مظهره المخيف أقلقها بشدة..فسارت معه حينما قبض عليها يجرها خلفه.


اختارت النظر إلى طه بنظرات آسفة، قبل أن تختفي بجسدها في سيارة سليم، منطلقًا بها في طرق اسكندرية..والتي برغم هوائها المنعش إلا أنه كان كالعاصفة يضرب جسدها كي تستفيق من غفوتها الخائفة وهي بين يديه.


                                  ***

خرج سيف من غرفة الطبيب وهو يفرك جانبي رأسه بألم، فاندفعت فاطمة نحوه تسأله بقلق:


- خير..في حاجة محدش راضي يطمنا.


جلس سيف على الكرسي بعد اجهاد طال جسده حينما وقعت الصدمة عليه وأصابته بشلل لحظي حينما رآها على هذا النحو، ورغم استغراقه لثوان كي يترجم ما حدث لها، إلا أنه منع الرجال من حملها بشراسة جعلتهم يتعجبوا لأمره الغريب، وأصر على حملها راكضًا بها للمشفى، فبدا خوفه عليها كخوف أب كاد أن يفقد ابنته المحببه له.


- يا سيف قالك إيه!!.


كررت فاطمة حديثها مجددًا بنفاذ صبر، فخرجت نبرته مرهقة للغاية:


- كويسة بس هتفوق من الادوية كمان شوية.


- طيب حلو روح أنت..وانا هقعد معاها هنا.


رمقها بانزعاج بات واضحًا على ملامحه، رافضًا التخلي عنها، فلن يهدأ قلبه من نبضاته الخائفة إلا أن أفاقت ورآها بصحة جيدة، أصر على رفضه لحديثها وامرها بالعودة للمنزل، متحججًا بأنه يتطلب وجود رجلاً، فغادرت تنفيذًا لآمره..


وفور مغادرتها، اندفع سيف نحو الردهة الطويلة، يختصر المسافات بسرعة، كي يطمئن عليها، بعدما سيطر على نفسه والتزم الهدوء كي لا يدخل مع أهل الحارة وخاصةً النساء كي يطمئن عليها، لقد سنحت له الفرصة أخيرًا بعد عناء يجاهد به الوقت البطيء.


دخل الغرفة وقلبه ينتفض بألم لِمَ حدث لها، وبدأ في جلد ذاته، فهو السبب في ذلك، لولا تأخره في اتخاذ قرار صحيح بعلاقتهما، ما كان حدث لها ذلك، لكانت بحمايته الآن، لا يقدر أحدًا على أذيتها.


اقترب من السرير الراقده عليه، تغفو اثر الادوية والمحاليل المثبته بيدها، طالع شحوب وجهها بحزن مزق قلبه النابض في كل دقيقة لها، لا يعلم لِمَ تعلق فؤاده بها رغم اختلافهما، ولكن للقدر أسباب يجهلها..فالحب ليس عليه سلطان، والقلب ما يهوى ويريده، حتى وإن كانت متمردة عنيدة تخالف قواعده وأوامره دومًا.


ابتسم بحب متمنيًا أن تستفيق كي تعود وتعانده بملامحها الشرسة التي كانت تنتفض هجومًا عليه، وكأنه يريد اقتناص شيئًا منها...وهو لا يعلم أنها كانت دومًا تحافظ على قلبها من السقوط في حبه، لأنها كانت تعلم أن بداية طريق الحب هو التنازلات عن أحلامها التي كانت تسعى إليها كي تخرج من تلك الحارة وذلك الوسط الذي لم يعجبها أبدًا.


تنهد سيف وجذب كرسي وجلس بالقرب منها، منتظرًا إفاقتها بفارغ الصبر، فيبدو أن اذنيه تطالب بحقها في الاستماع لنغمة صوتها المميزة، ولن تهدأ عن ثورتها إلا أن أفاقت تلك الساحرة التي سحرته بحبها.

                                  ***

أخيرًا استطاعت منال اسكات يزن بعد بكائه الطويل لحاجته لوالديه، شعرت بالحزن لحفيدها الضائع من غيرهما، فحملت الذنب عليها، وراحت تجلد نفسها في صمت، تلجأ للبكاء كوسيلة تخفف بها تعذيب ذاتها.


لو استطاعت مواجهة سليم وإخراج ما في جوفها بشجاعة، لكانت انتهت من عذاب ضميرها، والذي لم يكف عن جلدها بسبب قرارات اتخذتها في غفلة منها عما سيحدث لها في المستقبل، لم تفكر حينها بمشاعر ولدها وما سيمر به من تخزين لاوجاع كان من الصعب التخلي عنها، كانت تظن أن الزمن له سطوة في نسيانها ولكن يبدو أن هناك أمورًا من الصعب دفنها في وادي النسيان.


وضعت يدها فوق رأسها تندب حظها في صمت، ولمن ستشكو حالها..وهي اختارت الصمت أفضل صديق لها في رحلة تعذيب ضميرها لها.


خرج محمد أخيرًا من قوقعته، ولمحها على حالتها التي لن تتغير أبدًا، فقال بنبرته الهادئة:


- خلصي نفسك من اللي انتي فيه واتكلمي مع ابنك.


رفعت وجهها تطالعه وعيونها تسرد انكسارها:


- اتكلم معاه في إيه ولا إيه..مش كفاية اللي هو فيه.


- وهتفضلي ساكته لغاية امتى، سكوتك مش حل.


- أنا خايفة منه.

صرخت به بنبرة مجروحة، فصمتت للحظات تستجمع هدوئها من وسط بكائها:


- خايفة من كلامه اللي عارفة أنه أكيد هيجرحني ويعرفني قد إيه كنت قاسية معاه..هبررله وقتها بإيه يا محمد.


- باللي عيشته يا منال..بس تتكلمي، تجاهلك لمشاعره بيجرحه..وتجاهله ليكي بيموتك، ابدأي انتي قبل فوات الآوان.


هزت رأسها بصمت وحولت بصرها أمامها تطالع اللاشيء بتفكير..بعدما شعرت بسلبيتها تعود وتسيطر عليها.


أما محمد فعاد لقوقعته، رافضًا التدخل في حياة سليم مرة أخرى، تاركًا له حرية التصرف، فدائمًا ولده مجبرًا عن التخلي والتنازل..دائمًا كانت حياته مشاعه لهم، وبسبب تدخلهم هُدمت على عقيبها، فبعد تفكير طويل قرر أن يلتزم الهدوء تاركًا له حرية التصرف، وإن احتاج نصيحته سيجده خير الصديق والسند.

                                  ***

دخلت نهى  من باب الشقة تحمل حقائب بلاستيكية ذات ماركت شهيرة للثياب، فقررت فجأة أن تغير من نمط ملابسها كي تجذب أنظار زيدان لها، وتلك كانت محاولاتها التي لا تعلم عددها في جذب اهتمامه..


توقفت منيرة أمامها تعارضها بوجوم:


- أنتي يابت ياللي قالبه بوزك عليا، مش ناوية تتعدلي.


رمقتها نهى بضيق، وخطت بخطواتها نحو غرفتها، فأوقفتها منيرة بصراخها:


- أنا بكلمك..اقفي وكلميني بأدب.


استدارت نهى لها تطالعها بتهكم طفيف بعينيها بعدما تأكدت أن والدتها تحاول معرفة ما يحدث بمنزل خالها عن طريقها، ورغم أنها تعلم أن العلاقة بينها وهي زيدان متوترة إلا أنها مازالت تحاول، فراحت تغيظ والدتها:


- وقفت وكلمتك اهو.. أكيد عايزة تعرفي عنهم كل حاجة..بس لمعلوماتك وفري تعبك علشان مش هقولك.


وفي أخر حديثها أنهته بانعقاد يدها أمام صدرها، ونظرة عناد تلوح لها وكأنها تعلم بالفعل كل تفاصيليهم...اغتاظت منيرة وانفجرت بصياح غاضب:


- يعني انتي عارفة ومش راضية تقوليلي يا ***.


هزت نهى كتفيها ببرود:


- اعرف ولا معرفش..موضوعي أنا وزيدان ميخصكيش.


اقتربت منيرة منها في لمح البصر تنهال عليها بالضرب والسباب ومن بين انفعالاتها الغاضبة كانت تردف بشراسة:


- أنا سايبكي بمزاجي يابت..بمزاااجي فاهمة، ده أنا ادوسك انتي وقلبك تحت رجلي، فاهمة ولا لا.


حاولت نهى الدفاع عن نفسها ضد هجوم والدتها العنيف، ولكنها فشلت فانصاعت لها كي تنجو من تحت يدها:


- فاهمة يا ماما..فاهمة.


دفعتها منيرة بغيظ وقوة نحو غرفتها، تهتف بحدة:


- غوري من وشي، داهية تقرفك انتي وسي زفت بتاعك اللي همنعه عنك قريب.


دخلت نهى غرفتها سريعًا تغلقها باحكام خوفً من والدتها، ولكن الخوف الكامن في حروفها التي كانت توضح تلميحها بابعاد زيدان عنها كان أكبر بكثير من الاذى الجسدى التي تلقته..لن تسمح بذلك مهما بلغ الأمر وتعقدت الاحداث من حولها..زيدان لها في نهاية المطاف.

                                   ***

جلست شمس بجانبه وهو يسير في طرق اسكندرية، لا يقف في مكان كي يتحدثا، رغم هدوئه واستكانة أنفاسه الهائجة من قبل دقائق عديدة..


لم تفهم سبب صمته الطويل، ولم يعجبها عما بدر منه بحقها وحق طه.. ولكن لن تناقشه في ذلك الأمر..لأن النقاش يعيني فتح دفتر قصتهما من جديد، وهي قد أغلقته من قبل.


- لو سمحت اقف هنا، لازم انزل.

قالتها شمس بعنفوان امرأة ذاقت مرارة الخذلان.


لم يقابل ردها بشيء، بل تجاهله تمامًا وكأنها مثلاً تهذي وهذا لم يعجبها قط، فعادت تكرر جملتها في حنق:


- بقولك اقف هنا..


لم يعيرها أي اهتمام..بل استمر في قيادته بوجه خالي من أي مشاعر وكأنه أصبح إنسان آليا فجأة.


ابتسمت بتهكم وهي تقول:


- يعني أنت مش هتقف، طيب.


قالتها في توعد وبدأت في فتح مقبض الباب في هياج..جعله ينتفض محذرًا إياها:


- اهدي احسنلك.


التفتت له وهي تصرخ بوجهه غير عائبة له:


- كفاية صيغة التهديد دي، أنا مبقتش اخاف منك يا سليم..مبقتش اخاف.


أوقف السيارة جانبًا ولكنه أغلق الباب، رافضًا محاولاتها في الخروج..قائلاً بهدوء استفزها:


-  ماشي متخافيش..ارجعي لبيتك وابنك.


- بيتي؟!، أنا معرفش إلا بيت واحد وهو شقة أبويا غير كده معرفش.


قالتها بنبرة تحمل قهرًا، فعاد وصحح لها بصرامة:


- بيتك يا شمس هانم...بيتنا.


أشارت نحوه بدموع كادت أن تتساقط من مقلتيها بحسرة:


- بيتنا اللي انت هديته بطلاقك ليا، جاي عايز مني، احنا مبقاش بينا حاجة، سيبني في حالي.


- هرجعك.


قال كلمته سريعًا يستعيد بها من قلبت كيانه في ظل غيابها المفاجئ له، وأحدثت زالزل قويًا داخله، كاشفًا  له كم التصدعات التي كانت تختفي خلف قشرته الضعيفة.


ابتسمت ساخرة تنظر لملامحه التي كانت تصرخ بالاشتياق لها، ولكنه كان صامتًا يخشى التفوه به، فتشدقت بتهكم مرير:


-بجد هترجعني..ده على أساس ان هوافق.


-يعني إيه.

سألها بخشونة، فأجابت بكبرياء:


- يعني لا يا سليم..مش أنا اللي هتنازل تاني، انسى شمس القديمة، مش هرجعلك.


قالت حديثها وفتحت الباب بالزر في غفلة منه، فكان عقله سابحًا في بحر عيناها المظلم.


هبطت من السيارة وركضت في الطريق تدخل بين السيارات الواقفة في إشارة المرور..تختفي بعيدًا عنه، كي لا يحاول اللحاق بها.


التمعت عيناه بشراسة إلى أن اختفت نهائياً، أشعل المقود مرة أخرى يمضي بطريقه خلفها، وهو يقسم على عودتها له مستخدمًا كل أسالبيه  في كسر عنادها الجديد والذي بالطبع لن يأخذ منه وقت لأنه أمرًا جديدًا عليها.


                                 ***

بعد مرور عدة ساعات..


استيقظت ليال بتعب، حاولت التركيز في ظل التشويش الذي أصاب بصرها فور أن فتحت عيناها..شعرت بآلام رأسها، فوضعت يدها على مكان الألم تحاول أن تتحسسه بتروِ..انتبهت إلى صوت سيف الذي صدح فجأة في الغرفة يقول في هدوء:


- حاسبي علشان الخياطة.


- سيف!.


تفوهت بأسمه في همس تام، ولكنه أصاب قلبه بسهام الحب الحارقة، فتأهبت حواسه بشغف إلى ما بعد اسمه..ماذا سيكون؟!، هل سيكون كلمة تكشف هوية مشاعرها اتجاهه..أم سيكون..


- إيه اللي جابك ورايا!.


حقًا هذا ما ستتفوه به!، فظة وستظل هكذا، لم يدري ماذا يقول، فاكتفى بنظرات الضيق التي أرسلها له، ابتسمت باستهزاء:


- أكيد أنت هتقول أنا اللي غلطانة علشان دخلت الحرامي البيت.


- حرامي!!.


كرر كلمته بلا توقف..حتى أنه راح يقول في تهكم واضح من قواها:


- وطبعا حضرتك رفضتي تصوتي علشان قد إيه قوية ومفيش منك اتنين في البلد..علشان لو كان فيه أصلا كانت خربت.


كان يتوقع هجومها ولكنها فاجئته حينما أخبرته بنبرة ساخرة يختلط بها الألم النفسي لِمَ ذاقته من خوفًا بشع كاد أن يتوقف قلبها بسببه:


- هو أنا لحقت!...أنا من كتر خوفي الصوت اتكتم جوايا.


تراجع سيف عن حدته..ولانت نبرته وهو يسألها بهدوء:


- إيه اللي حصل، وشوفتيه ولا لأ.


عقدت بحاجبيها بسبب وجع رأسها المتزايد، وانكمشت ملامحها وهي تطلب منه:


- قولهم بس محتاجة مسكن.


ضغط على قلبه كي لا يدفعه كالأبلة ويحتضنها ليخفف الآمها، وتظاهر بالامبالاة أفضل من الاعتراف بمشاعره لها وهي غير جاهزة لذلك الآن..حتى أنها من الممكن أن تعترف بحبها أيضا ويكتشف بعد ذلك أنه من تحت تأثير ألم رأسها!.


غادر سيف الغرفة باحثًا عن الطبيب، أما هي فأغلقت عيناها ولم تمنع ابتسامتها في الظهور حينما لمست خوفه من نبرته رغم جفائه الظاهري لها.


                                  ***

صعد سليم درجات السلم متجهًا صوب شقة شمس، مقررًا التحدث معها بطريقة لطيفة تخالف الغاضبة التي كان يتحدث بها، لعلمه بمدى تأثيرها عليه..واضعًا هدف أساسي أمامه وسيحققه، فهو لم يفشل من قبل...ولن يفشل على يدها.


حرك رأسه يمينًا ويسارًا، متحدثًا مع نفسه بخفوت:


- خليك هادي مهما استفزتك.


ثم أطرق الباب..فتحت شمس بوجه جامد وكأنها تعلم أنه لن يتخلى عنها بسهولة، تخصرت قائلة بعناد الهب هدوئه:


- نعم..خير!.


شعر وكأنه عابر سبيل يطرق بابها كي تحن عليه، طريقتها الحادة أيقظت الوحش الكامن بداخله، فهتف بشراسة:


- متنسيش نفسك يا شمس، علشان متزعليش مني.


رفعت حاجبيها له، بمعنى أحقا!، ثم أغلقت الباب في وجهه بقوة صدمتها هي شخصيًا وكأنها إنسانة أخرى، من أين لها الجرأة في ذلك؟!، يبدو أن صمته هذا سيكون الشرارة التي ينطلق منها ويكسر الباب فوقها مثلاً، فتراجعت للخلف تراقب الباب بترقب..


وعندما ساد الصمت بطريقة أرعبتها..ذهبت صوب الباب علها تستمع لأي شيء..فالتقطت مسامعها صوت خافت يناديها:


- شمس..


- نعم


أجابت بصوت حاولت أن يكون ثابتًا كي لا تشعره بخوفها الذي كان يلعب فوق أوتار تماسكها..


- افتحي علشان نتكلم.


- لا يا سليم مش هفتح..


ارتفع رنين هاتفه فحاول كتمه ولكن اتصالات يزن المستمرة جعلته يجيب بضيق:


- في إيه يا يزن!.


- سليم بسرعة أنا في مصيبة وتقريبًا كده بتجوز غصب عني....


 - إيه..أنت بتقول إيه يا يزن.

قالها سليم بعصبية بعدما داهم القلق قلبه على أخيه المتهور، فتحت شمس تقبض حاجبيها بخوف:


- في إيه ماله يزن!.


تابع حديثه لسليم يخبره بعنوانه وضرورة مجيئه، فركض سليم سريعًا كي ينقذ أخيه بعدما أخبره بأنه مهددًا بالسلاح.


انطلقت شمس خلفه ونست أمر خلافها معه، فالأمر يخص يزن وهو بمثابة أخاها..وقبل أن ينطلق سليم كانت تصعد للمقعد المجاور تشير له بالانطلاق..


- انزلي واطلعي فوق!.


هتفت بتحدِ:


- لا..لازم الحق يزن.


- هتلحقيه بإيه بضوافرك، ولا بشراسة القطط دي!.


قهقهت بتهكم، قائلة بفخر وهي تشير نحو رأسها ترمقه باستفزاز:


- بعقلي..وذكائي..من الافضل تمشي ومتضيعش فرصتنا اننا نلحقه.


ضغط سليم فوق المقود محاولاً كبح جماح غضبه الذي تفاقم مجددًا، فلم يعد لديه أدنى فكرة في تحجيم المصائب التي تهطل فوق رأسه من جميع الجهات.


                                 ***

طرق زيدان باب شقة عمته، ثم انتظر دقائق كان ينظر بها للباب بتحدِ ممزوج بالضيق لم فعلته.


فتحت الخادمة الباب وما إن رآته حتى فتحت فمها ترحب به، فاستوقفها بسؤاله:


- عمتي فين؟!


- جوا في التراس يابيه.


- ونهى؟!


- نايمة اصحهالك.


أجاب برفض ثم اتجه لداخل صوب التراس مباشرةً تحت نظرات الخادمة المتعجبة منه، 

أنزلت ميرڤت ساقيها من على الاريكة بعدما كانت في حالة استجمام لكسب هدوئها حيث تسرب بسبب أفعال ابنتها الطائشة.


صدمت لوجوده ولكنها رحبت به بحفاوة، ترتدي قناع الحب الزائف:


- نورت يا زيدان اتفضل يا حبيبي.


وضع يده في جيب سرواله متحدثًا بنبرة صارمة وبصره ينظر في عمق عيناها الخبيثة:


- أنا مش جاي اضايف ولا اقعد معاكي، هما كلمتين وماشي..أنا واخواتي خط أحمر متحاوليش تقفي قصادنا تاني ولا توقعي بينا..علشان رد فعلي هيزعلك، سلام


أنهى حديثه ثم التفت كي يغادر ولكنها أوقفته بدموع مصطنعه أجادت في التمثيل بها:


- ليه يا حبيبي بتقول كده، ده أنا بحبكوا واتمنى...


رمقها بطرف عينه بكره قائلاً:


- تتمنى نتفرق بس ده مش هيحصل، ارتاحي   أحسن ليكي ولينا.


غادر زيدان قبل أن يستمع لباقي حديثها المتلون بالبكاء المقهور حتى أنها كادت تقسم أنها لم تفعل شيء..وفور مغادرته نهائيًا بصقت على الارض باشمئزاز:


- داهية تاخدكوا...مش تفرقكوا بس، عكرت مزاجي.


اما زيدان فوصل أمام سيارته مطلقًا لنفسه العنان للتنفس بعدما حبست أنفاسه رهن وجوده بالأعلى، فكم يكره تواجده مع عمته وعائلتها بمكان واحد، لم يعتاد على الكذب في مشاعره..لم يكن يومًا منافقًا..ووجوده معهم من قبل  لأجل والده فقط..ولكن إن مس الامر سليم ويزن سيقف أمامها بالمرصاد.


اخرج هاتفه كي يتصل بوالدته يطمئن على صحتها، فوجد رسالة من أنس يخبره بها أنها على المشارف الزواج من فتاة في منطقة شعبية عائلتها تعمل بالجزارة، حيث اخطأ يزن وتمادى معها  في الحديث، ولم يكن يعرف أن ذلك مجرد فخ له.


استقل زيدان سيارته واتجه صوب اسكندرية في اقصى سرعة لديه محاولاً الاتصال بسليم ولكن هاتفه كان مغلقًا.                                  

                                    ***

وصل سليم بعد عناء منه إلى المنطقة التي وصفها يزن برسالة نصية..اوقف السيارة وتابع حديثه لشمس يأمرها:


- اياكي تخرجي من هنا!.


فتحت الباب وهي تنظر له بتحدِ بات يكرهه، وهبطت بعنفوان امرأة لن تهزم وتخضع من جديد له وخاصةً ان ليس بينهما رابط كي تنصاع لأوامره...هبط سريعًا خلفها جاذبًا سلاحه من الدرج الصغير بالسيارة واضعًا إياه خلف ظهره..ثم انطلق بجانبه يحميها من نظرات لم تعجبه لمجموعه من الشباب واقفين على جانبي الطريق.


قبض فوق يد شمس بتملك، فنفضت يده بعيدًا في خفه ترمقه في استنكار وبصوت خافت أخبرته:


- مالكش الحق انك تمسكها احنا مطلقين.


أنهت حديثها بابتسامة واسعة تثير إغاظته، رفع حاجبيه معاً لشخصيتها التي تبدلت في ظرف أيام قليلة وكأنها تنتظر الشرارة لاشعال الفتيل والانطلاق نحو تمرد لا نهاية له.


وفي لمح البصر ظهر أمامهما رجلاً يحمل سلاحًا كبيرًا لديه ملامح رجولية خشنة وكبيرة، مفتول العضلات بطريقة مثيرة للاشمئزاز..تراجعت شمس بخوف وأصبحت خلف سليم بعد أن كانت تتقدمه بثقة تامه.


- ارفع ايدك..وهات اللي معاك من غير شوشرة.


رفع سليم يده لأعلى وبالفعل سلمه متعلقاته عدا سلاحه واستغل تمسك شمس به من الخلف..همست له شمس بدهشة:


- سليم انت سلمت عادي كده، فين الاكشن.


- وانتي معايا ازاي!.


قالها بغيظ وهو يركز ببصره على الرجل الذي كان يعبث بمتعلقاته، فقالت هي بسخرية:


- حجج فارغة.


اعطاه الرجل متعلقاته مرة أخرى وأشار إليه نحو طريق طويل آخره منزل المعلم قدري..وهو أب الفتاة التي سيتقدم يزن بالزواج بها.


سارت شمس خلفه بخطوات حذره، والقلق يسود صدر سليم خوفًا عليها وعلى أخيه، فزفر بحنق وهو يصعد السلم المتهالك، معانقًا ليد شمس كي لا تتعثر وتسقط أرضًا ويصيبها مكروه..


وصل سليم أمام شقة كبيرة، فاندلعت الزغاريد ترحب به..اندهش وهو يراقب الجمع الكبير من الرجال والنساء..وتلقائيًا عانق  أصابعها بيده وسمحت هي بعدما شعرت باضطراب داهم معدتها نتيجة لتوترها.


- اخو العريس وصل يا جماعة.


اندلعت الزغاريد مجددًا..وبدأت الرجال يرحبوا به بحفاوة..فصاح أحدهم بسعادة بالغة'


- يا أهلاً نورت ادخل..المأذون زمانه على وصول.


- افهم بس يا جماعة مأذون إيه..ويزن فين.. يزن أخويا فين يا جماعة.


ظهر يزن في اخر الصالة جالسًا بجانب رجل يبدوا الاجرام عليه، متوجهًا فوق رأسه العديد من الاسلحة، وما إن رآه سليم حتى ابتسم له يزن بابتسامة مهزوزة، أفرغ سليم غضبه دفعة واحدة:


- اللي بيحصل ده مش قانوني.


قبضت شمس فوق يد سليم بخوف بعدما انحسرت أنفاسها بصدرها نتيجة لانعدام الهواء بالصالة، نظرًا لتجمع الأهالي الكبير.


أشار الرجل بصوت حاد وبنبرة لم يخلو منها الإجرام:


- مين ده يا حلو..


أجاب يزن بتهذيب..فلن يتهور مثلاً ويرد بطريقة تثير جنونه الكامن بعينيه الاجرامية، حيث لوح له من قبل بعدد جرائمه التى ارتكبها بقصد ودون قصد.


- اخويا الكبير.


حك الرجل شاربه وهو يتابع هيئة سليم:


- اه باين عليه باشا وابن ناس اوي.


تابع يزن حديثه بفخر تام:


- لا وتاجر دهب كبير اوي.


مال الرجل نحو صديقه يربت فوق ساقه يشير بفخر وسعادة:


- شوفت النسب..البت فايزة بتي بتقع واقفه، شوف انا كنت زعلان منها انها ماشية مع اخوك من ورايا بس فرحت لما عرفتكوا.


وجه اواخر حديثه لسليم المصدوم..فسارع يزن بالتحدث:


-طب والله أبدًا يا حج...


توقف يزن يسأله بأدب:


- حج إيه؟!


-طلقة.

أجاب الرجل بغرور دهش يزن وسليم..فتابع تفسير اسمه:


- اصل كنت بحب الم الطلق من السلاح في أي عركة...ادمان لامؤاخذة.


- المهم..أنا بحاول اقولك بقالي تلات ساعات ان بنتك اكيد مش قصدها عليا.


طرق المعلم يده فوق الطاولة بعنف سائلاً إياه:


- الله مش أنت كنت قاعد معاها.


- صح بس..


رفع المعلم يده للأعلى:


- مفيش بس..أنا بتي قالت انك بتحبها وعايز تسيبها وتقهرها..يرضيكوا قهرة بنتي الوحيدة.


 هز الجميع رأسه برفض، فضغط سليم فوق رأسه بيده الأخرى وبدأ نفاذ صبره يهدد باشعال فتيل غضبه..فثار منفعلاً طالبًا الفرصة منهما كي يتحدث.


- ممكن افهم في إيه.


أشار إيه رجلاً ما بالجلوس، وفور جلوسه وضعت أمامه اركيلة، توسعت أعين سليم..فصاح الرجل مربتًا فوق كتف سليم:


- اشرب يا باشا وروق..


ثم مال عليه يهتف بهمس:


- نضيفة متخافش.


غمز له بطرف عيناه يضغط على شفتيه السفلي مؤكدًا حديثه تحت صدمة سليم:


- نضيفة والله متخافش..روق أصلك مضايق.


-لا أنا زي الفل..بس افهم في ايه.


وبطرف عيناه أرسل ليزن نظرات مشتعلة تحمل وعود بقتله عما مر به.


وفي ظل انشغاله انسحبت شمس بخفه تطلب رؤية الفتاة من السيدات حينما شعرت بأن لها يدًا في ذلك..


دخلت شمس لها وكانت فتاة بسيطة، تجلس بجانب النافذة تراقب شيئًا ما..تشجعت شمس ودخلت معاها بالحديث مباشرة وحديثًا خلف الاخر حتى اعترفت الفتاة بأنها زجت بيزن كي تثير غضب حبيبها..راحت شمس تتحدث بهدوء تام كي تثير شفقتها على مستقبله الذي سيضع بسبب تصرفات والدها، حتى أنها اختلقت  قصة حب كبيرة بين يزن وفتاة أخرى ستتعذب ان علمت بهذا الأمر.


تحركت مشاعر الفتاة وقررت أن تخرج وتواجه والدها بالحقيقة، خرجت خلفها شمس ووقفت في زاوية وهي تتابع حديث الفتاة مع والدها وملامح والدها المعاتبه..نظرت لسليم وأشارت نحو رأسها بغرور لامس جنونه وهمست له في تورٍ..

- ذكائي.

                                   ***


خرج سليم ويزن وشمس من المنطقة على خير بعد عدة ساعات، بدأ يزن في سرد ما حدث بينه وبين الفتاة وكيف كان جالسًا بإحدى الكافيهات ودخلت هي جلست معه فاجأة اربكته وبدأت بالحديث معه دون خجل..وكعادته  السيئة تحدث معها غير مدركًا أنها  هناك عيون تترصده، وبعد الانتهاء معها وقرر المغادرة على وعد لقائها ثانية، وعندما وصل أمام سيارته وجد نفسه مخطوفًا ومقيدًا بالحبال..منساقًا رغمًا عنه لكبيرهم المعلم قدري.


- شوفت مصايبك كانت هتعمل فينا إيه!.

قالها سليم بغضب تام..فرد يزن ببرود:


- مصايب إيه..انا يدوبك اتكلمت معاها بس اومال لو...


صاح سليم بصرامة:


- اقعد ساكت مسمعش صوتك..أنا يتقلي خد اشرب شيشة  علشان اروق اعصابي.


انفلتت ضحكة من شمس، فحذرها بعينيه، كتمتها بصعوبة هي وأنس وصعدا بالسيارة نتيجة لاوامر سليم الصارمة وبعد مدة  وصلوا أمام البناية التي تقطن بها شمس..فوجدوا زيدان  يقف أمامهم بوجه جامد..


- ممكن افهم رفضتوا اجاي ليه..


هتف يزن بلامبالاة:


- الموضوع خلص ياعم.


توقفت شمس تطالعهم بمكر وهي تقرر إغاظة سليم: 


- كان نفسي اعزم عليكوا تطلعوا تتعشوا  معايا فوق يا اخواتي..


صمت لثوان تشير بعينيها عليه وبأسف مصطنع احتل ملامحها قالت:


-  بس مينفعش للأسف معاكوا سليم...


انفجر يزن ضاحكًا بعدما تحولت ملامح سليم للصدمة، اما زيدان وضع يده فوق فمه يمنع صوت ضحكه، تقدم سليم خلفها في خطوات واسعه فركضت هي بسرعة صوب الدرج...

وقف على أعتاب الدور الاول يطالعها بخبث حينما آلت إليه فكرة ما تعيد ترويضها فصاح فورًا كي ينفذها متلذذًا برؤية الرعب بعينيها:


- هردك يا شمس وبعدها هطلبك في بيت الطاعة.


                    الفصل الثامن عشر من هنا

رواية ندبات الفؤاد للقراة اضغط هنا

  

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-