أخر الاخبار

رواية حب وتضحية الفصل الخامس5بقلم داليا السيد

رواية حب وتضحية الفصل الخامس

رواية حب وتضحية

الفصل الخامس 
بقلم داليا السيد




عودة الماضي 
بالفعل كان اليوم التالي شاقاً وقد جاءت بشخصية أخرى 




في محاولة منها ألا يتكرر ما حدث بالأمس من ضعف أو تردد، لم تذهب إلى مكتبها وإنما اتجهت 





إلى كل مكان سيتجه إليه الفوج الألماني، من المطعم إلى القاعة الليلية والغرف وحتى قسم التنظيفات، مرت على كل شيء وشعرت أن نظرات





 الجميع إليها اختلفت كما لو كان ما حدث أمس قد أثر عليهم فلم يحاول أحد الاعتراض على قرار كانت تتخذه، وربما




 نظرات أخرى كانت تحمل تساؤلات كيف فتاة مثلها وصلت لتلك المكانة بهذا الوقت القصير؟ 
عندما جاءت التاسعة كانت في مكتبها تنتظر أن ينزل من جناحه كالعادة، وبالفعل لحظات وناداها فدخلت وهي تقول "صباح الخير يا فندم" 
قال بطريقة عملية اعتادتها "صباح النور، قبل أي شيء احجزي لنا تذكرتين إلى لندن الأسبوع القادم، لابد أن نذهب للإعداد لافتتاح الفندق الخاص بي هناك، لو لم تجدي حجز اطلبي طائرة خاصة، أعتقد أنني أخبرتك عن الافتتاح من قبل وقد ارسلوا لي أنهم كادوا أن ينتهوا ولابد أن نذهب لإعداد الترتيبات الخاصة بالافتتاح"
نظرت إليه وقالت بحذر "تذكرتين لمن؟" 
تأملها وقال "لا أفهم، أنا وأنتِ بالطبع هل هذا سؤال يا أمل؟" 










قالت وهى تجلس أمامه "أنا لا أستطيع أن أسافر، لا يمكنني" 
كانت عيونه كلها تساؤل وهو يقول "ما الذى تقوليه؟ لابد من أن تذهبي معي أنتِ بمركزك الجديد أصبحتِ مسئولة عن أشياء كثيرة، وقرارات اعتمدت عليكِ فيها وبالتالي لابد أن تكوني معي كي تباشريها أنتِ بينما أتفرغ أنا لأشياء أخرى تحتاج قراراتي ووجودي" 
هزت رأسها نفياً وقالت "لا يمكنني، أنا لا أستطيع أن أترك ماما وأختي وحدهم" 
قام من وراء مكتبة وأخرج عصير من الثلاجة وجلس أمامها وقال وهو يتناوله في هدوء "لا تتصرفي مثل الأطفال وتشعريني أنكِ لا تستطيعي أن تتركي أمك" 
شعرت بالضيق من كلماته التي دائما ما تشعرها أنها طفلة بالنسبة له فقامت وقالت "لماذا تصر على أنني مجرد طفلة؟ أنا لست كذلك ولو أنني كذلك كيف تحملت كل هذه المسؤوليات" 
ابتسم وقال "وكيف لا أفعل وأنتِ تبدين الآن كالأطفال وأنتِ غاضبة" 
زاد غضبها وقالت "لماذا تصر على ذلك؟ أنا أكره هذا الحديث لماذا لا تراني إلا طفلة رغم أنني لست كذلك، لست كذلك" 
ما زالت الإبتسامة على وجهه وهو يقول "لأنني أحب أن أراكِ وأنتِ في مثل هذه الحالة من الغضب"  
نظرت إليه والدموع تملؤ عيونها فذهبت ابتسامته وقام ووقف أمامها وقال بجدية "أمل أنتِ تبكين؟"
استدارت لتخفى دموعها فأمسكها من ذراعها وأعادها إليه وقال "أمل كنت أمزح معكِ ولم أكن أعرف أنكِ حساسة إلى هذه الدرجة" 
نظرت إليه وكادت تقول وأنا امرأة لي قلب ومشاعر وأنت تجرح هذه المشاعر دون أن تشعر. 
لمس وجنتها فجأة بأصابعه ومسح دموعها وقال "هيا اجلسي، لابد أن تفهمي أنكِ بالنسبة لي" 
قالت تقاطعه باستنكار "لا تقول، فأنا لست كذلك" 
ابتسم وقال "وهل يمكن لطفلة أن تدير مكتب رجل أعمال مثلي؟ وتصبح مدير مؤقت لفندق كبير كهذا بوقت قصير؟ ألا تفكرين أيتها الطفلة العصبية؟" 
لم تعرف بماذا ترد وهي تحدق بعيونه وتستمتع بكلماته التي منحتها راحة سرت بكل وجدانها، هو على حق كيف لم تفكر كما قال؟ أخفضت عيونها من الخجل فقال 
"لماذا لا تريدين السفر معي؟" 
مسحت دموعها ونظرت إليه وقالت "ماما امرأة مسنه وأختي صغيرة وطائشة أخشى من أن أتركهم وحدهم" 
تراجع وجلس أمامها وقال "ولكن هذا عمل وأنتِ تعلمين أن العمل يفرض علينا أشياء كثيرة ربما ضد رغباتنا ولكنها ضرورية، ثم أنا متأكد من أن والدتك يمكنها تدبر الأمور بدونك فهي التي كانت ترعاكِ أنتِ وأختك وليس العكس، وأختك ليست صغيرة كما تظنين وإنما أنتِ من يريد رؤيتها صغيرة هكذا لأنكِ الأخت الكبرى وتشعري











 بالمسؤولية، ولكن الآن الوضع اختلف أنتِ أصبح لكِ عمل وعليكِ مسؤوليات لابد أن تتحملينها وأنا متأكد من أن والدتك ستتفهم الأمر جيداً، وإذا أردتِ يمكنني الحديث معها شخصياً" 
قالت بسرعة رافضة عرضه "لا، يمكنني تدبر الأمر، إنه أنا التي تخشى أن تتركهم كما قلت أنت، فهي أول مرة" 
قال بهدوء "ولكن عليكِ أن تعتادي بعدها ففي يوم ما ستتزوجين من أحدهم وربما أراد أن يأخذك ويرحل بكِ إلى الخارج فماذا ستفعلين؟ أنا أعتقد أن وضعنا أهون سنذهب أسبوع أو اثنين وسنعود بعد ذلك، الأمر بسيط هيا لا داع لتضييع الوقت أكثر من ذلك احجزي التذاكر وعودي للعمل" 
كان أمر صعب عليها أن تخبر والدتها بالسفر ولكن لابد أن تفعل وكان الأمر صعب على والدتها ولكن لا مفر من أن توافق. 
زادت مسؤوليتها أكثر مع الوقت وأصبح يعتمد عليها أكثر حتى بحياته الشخصية فهي مسؤولة عن أي شيء يخصه ملابسه طعامه تنظيم مواعيده كل شيء وأصبحت تقضي معه وقت أكثر مما تقضيه مع نفسها وربما هو نفسه أصبح يطلبها باستمرار ولا يذهب لأي مكان بدون وجودها ومناقشتها بكل أمور عمله وكأنها أصبحت جزء من حياته ولكن هو بالنسبة لها أصبح كل حياتها. 
وصل الفوج الألماني في موعده وكانت هي في انتظاره رحبت بالجميع وتأكدت من أنهم حصلوا على كل شيء وعندما نزل وليد كانت في المطعم تشرف على الغداء فأرسل في طلبها فذهبت إليه. 
عندما دخلت مكتبه كان يقف أمام النافذة وكأنه لم يشعر بدخولها فقالت "أستاذ وليد صباح الخير" 
عندما لم يرد عليها اتجهت إليه واقتربت منه وكادت تنادي عليه لولا أنه استدار فجأة فتراجعت وفقدت توازنها وكادت تقع لولا أنه أحاطها بيده بقوة ورفعها إليه، ولأول مرة تقترب منه إلى هذه الدرجة لتجد نفسها بين ذراعيه، رائحة عطره انتشرت حولها ونظراته موجهة إلى عيونها الفزعة الناظرة إلى عيونه الرمادية، وانهار القلب يدق في حدة وكأنه فرحا بقرب حبيبه أو ربما خائفاً من قربه 
حدق فيها لحظات قبل أن يحررها وهو يقول "كنت أعلم أن عيونك خضراء ولكني لأول مرة ألاحظ أنها جميلة" 








شعرت بأن وجهها احمر من الخجل وتراجعت فقد كانت دائما ترى نفسها أقل جمالاً من كل البنات ولأول مرة تسمع كلمة غزل من أي رجل وليس أي رجل إنه من اختاره قلبها قالت وهي تهرب من مواجهته والخجل يلفها  
"أنا آسفة، ناديت عليك فلم تسمعني" 
اتجه إلى مكتبه وقال "لماذا تأخرتِ؟" 
قالت "أنا لم أتأخر، أنا هنا منذ الصباح الباكر ولكني كنت استقبل الفوج وأشرف على التسكين والطعام" 
قال بصوت مرتفع وبعصبية واضحة "نعم كل شيء الفوج، الآن ستعلقين كل أخطائك على الفوج، هذا عمل بسيط يمكن لأي موظف لدينا أن يؤديه ببساطة دون أن يقصر في باقي أعماله" 
اندهشت من كلامه وغضبه الواضح فقالت "ولكن أنا لم أقصر في شيء"
قال بنفس الطريقة "أنا لا أريد أي مبررات للخطأ، أنتِ أصلا لا تدركين أوجه تقصيرك، يبدو أنني أخطأت عندما وضعت ثقتي في فتاة صغيرة متهورة لا تستطيع أن تتحمل أي











 مسئولية، أنا لا أعرف كيف فعلت ذلك؟" 
نظرت إليه بذهول وهي لا تعرف ماذا يحدث وماذا يقول، وكأنه رجل آخر لا تعرفه ينطق بكلمات عكس ما سبق وقاله لها 
دق بيده على مكتبه مما أفزعها وقام وهو يقول "أنا كنت مخطأ في اختياري، لا يمكن لفتاة في مثل سنك أن تتحمل هذه الأعمال، هيا اذهبي لا أريد أن أراكِ الآن هيا" 
تحركت والدموع في عيونها وهى لا تعرف ما الخطأ الذي ارتكبته ولكنها قالت "سأذهب ولكن أريد أولا أن أعرف ماذا فعلت؟" 
اتجه إليها والغضب في عيونه وقال "ما زلتِ تحاولين الجدال، حسنا لقد اتصلت بمكتب السياحة لأرى موعد السفر فأخبروني بأنكِ لم تحجزي، أنتِ لا تنفذين أوامري ولا تؤدين عملك كما أطلبه منكِ أليس كذلك؟"
مسحت دموعها وقالت وهي ترفع رأسها لمواجهته بقوة "بل اؤديه على أكمل وجه، أنا بالفعل لم أحجز عندهم لأنهم أخبروني بعدم وجود أماكن خلال الوقت الذي نطلبه ولكني حصلت على حجز لدى شركة أفضل  وفي الوقت المناسب، أنا لم أقصر في عملي، لذا أنا لن أقبل أن يهينني أحد بهذه الطريقة خاصة إذا لم أكن مخطأة اعتبرني مستقيلة" 
واستدارت لتخرج لولا أنه أسرع إليها وأمسك بيدها ليوقفها بقوة فتوقفت رغم أنها كانت تشعر بغضب وألم وجرح ولم يكن في استطاعتها مواجهته ولكنه عاد وجذبها برفق واقترب منها ولانت ملامحه ونبرة صوته وهو يقول 
"أمل انتظري" 
لم تحاول أن تنظر إليه كانت غاضبة ومجروحة والدموع تغشى عيونها 
سمعته يقول "انتظري يا مجنونة، هل تظنين أن بإمكانك تركي بسهولة؟"
رفعت عيونها إليه بحزن وتمنت لو أخبرته أنها لا تستطيع أن تتركه أبدا ولا تتمنى إلا قربه 
عاد يقول "أنا لا أعرف ما الذي أصابني ولكن، يا إلهي كفي عن البكاء أنا لا أحب أن أراكِ تبكين، تعالي" 
جذبها برفق وأجلسها وجلس أمامها وقال "أمل من فضلك كفي عن البكاء، أنا أعلم أنني كنت قاسي قليلاً، ولكن كيف لي أن أعرف أنكِ غيرتِ الشركة التي نتعامل معها؟" 
قالت دون أن تنظر إليه "كان يمكنك أن تسألني أولاً" 







قام من مكانه وأخذ يتحرك بدون تركيز ثم قال "حسنا كان بالفعل علي أن أفعل ولكن .." 
دق هاتفه فرد عليه وكما فعل معها فعل مع المتحدث ثار عليه وأهانه وأغلق الهاتف وقذفه على المكتب بعصبية واضحة ليس لها سبب، هنا أدركت أمل أن هناك أمر غير طبيعي يحدث فقالت 
"أستاذ وليد هل أنت بخير؟ أنا لأول مرة أراك هكذا هل هناك شيء يضايقك؟" 
اتجه إلى مكتبه وجلس وقال "هل يبدو علي الضيق؟ بالطبع لا، لأنه لا يمكن لأي شيء أو أي شخص أن يضايقني" 
مسحت ما تبقى من دموعها ونست ما كان وهي تحدق بوجهه  "ولكن أنا لم أراك هكذا من قبل" 
قال بنفس العصبية "هكذا؟ ماذا تعنين بهكذا؟ هل أبدو مجنون أمامك؟" 
أسرعت تقول "لا لم أقصد ذلك ولكن كنت أعتقد أنني أعرفك جيدا بما يجعلني أشعر بك و" 
توقفت ونظر هو إليها ودق قلبها وهي تخفي عينيها عنه، ما الذي قالته؟ هل جنت؟ 
أسرعت تقول "أقصد أنني عرفتك جيدا بالفترة السابقة ولكن اليوم أراك شخص آخر غير الذي عرفته، لذلك أنا متأكدة أن هناك أمر ما يضايقك، اسمح لي أن أسألك ما هو؟ أعلم أنه قد لا يحق لي أن أسأل ولكن لابد أن أفعل" 
تراجع في كرسيه وأحاط وجهه بيده لحظة ثم نظر إليها وقال "لقد رأيتها اليوم" 
تسارعت دقات قلبها بقوة حتى شعرت بألم يعتصر صدرها، وقد ظنت أنها تفهم معنى كلماته ولكن مع ذلك أرادت أن تكذب قلبها فحاولت أن تفهم جيداً ماذا يقصد فقالت 
"رأيتها؟ من هى؟" 
قال بهدوء عاد إليه بعد العصبية "سارة المرأة التي حكيت لكِ عنها، لقد رأيتها اليوم صباحاً هنا في الفندق" 
شعرت بأن أنفاسها تتلاحق وكأن الغرفة فرغت من الهواء فجأة ولم يعد بإمكانها التنفس وارتجف جسدها وحاولت أن تنهض من مكانها لتهرب من أمامه قبل أن تخونها نظراتها وتعلن عن الغيرة التي بدأت تملكها ولكنها لم تستطع أن تتحرك، فأدركت أنها لابد ألا تبدي أي شيء لذلك قالت 










"حسنا هذا أمر لابد أن يسعدك على ما أعتقد لا أن يغضبك إلى هذه الدرجة أليس كذلك؟" 
رجع إلى كرسيه وقال وهو يحاول أن يبدو هادئا "لقد كنت كذلك، ولكن ما عرفته هو الذي جعلني كذلك" 
جف حلقها ودق رأسها بصداع  فقالت "أستاذ وليد أنا لا أحب الألغاز ولا أفهم شيء، من فضلك تحدث بوضوح" 
نظر إليها وقال "ليس هناك ألغاز، هي لم تكن وحدها، كانت مع خطيبها" 
نظرت إليه بدهشة وشعرت بأمل يقترب من بعيد هل من الممكن أن ترحل هذه المرأة من حياته وتفسح لها الساحة لتحتل هي قلبه؟ ولم لا؟ لن تحبه كما تحبه هي، هي من تستحق قلبه ومشاعره، هي تشعر أن تلك المرأة لم تحبه بأي يوم، ولكن كلها ظنون قد تخطأ وقد تصيب لذا لابد ألا تتعجل. 
قالت محاولة أن تكون هادئة "يا إلهي، وأنت؟" 
نظر إليها بعيون تائهة وقال "لا أعلم ماذا أمثل أنا بالنسبة لها؟ ولكن لا أنا أعلم أنها كانت تحبني، بالتأكيد هناك سبب وراء هذه الخطبة، أنا متأكد من أنها أحبتني كما أحببتها، لقد قالتها لي وأنا صدقتها" 
قالت بغضب مكتوم "من السهل قول الكلمة ولكن من الصعب أن نشعر بمعناها وأن نكون صادقين فيها" 
تأملها وقال "أحب كلامك، أنتِ تعتقدين أنها قالتها دون أن تشعر بها؟" 
هزت رأسها وقالت "لقد سألتك من قبل، هل تسمي ما حدث بينكم حب؟ فأجبت نعم، ولكني أعلم أن حتى حب النظرة الأولى لا يمكن أن ينتهي بسهولة مهما كانت الأسباب هذا إذا كان حب صادق فالحب رباط قوي يدوم إلى الأبد ولا يمكن فكه بسهولة خاصة إذا كان صادقاً ونابعاً من القلب"
نهض وتحرك بعصبية وهو يشيح بيده ثم قال "هل تشككين في حبي لها أم حبها لي؟" 
لم تعرف بماذا ترد ولكنها قالت "لا أملك أن أشكك في أيا منكما، ليس حقي أن أفعل فهي قلوبكم، ولكن أنت يمكنك أن تختبر قلبك وقلبها فتعرف، كما أن تصرفاتها أيضاً ستجعلك تعرف ما يخفيه قلبها" 
تحرك مبتعدا في الحجرة على غير هدى ثم قال "على العموم هذا أمر سأفكر فيه مع نفسي ولكن ما يضايقني أني تصرفت بدون أي وعي مني، لأول مرة أفقد السيطرة على نفسي وأفعل أشياء أندم عليها"








نظرت إليه بدهشة وقالت "أنت؟ كيف ولماذا؟" 
قال "لقد أصابني الغضب عندما قدمت لي خطيبها وأخبرتني أنهم في رحلة سياحية إلى العديد من الدول وعندما سألتني عن نفسي وأين المرأة في حياتي؟" 
توقف عن الحديث لحظات وهو ينظر إليها فقالت تحثه على أن يكمل "ما الذي قلته؟" 
اتجه إليها وجلس أمامها وقال "أخبرتها أنني تزوجت منذ فتره قريبة، لا أعلم لماذا فعلت ذلك ولكني أردت أن أضايقها مثلما حدث لي، أو ربما أردت أن أعلم ما إذا كانت ستشعر بالغيرة أم لا، ولكني فعلت وأخبرتها بذلك والمشكلة ليس بذلك وإنما لأنها أخبرتني أنها ذاهبة إلى لندن في نفس الوقت الذي سنذهب فيه هناك وستقيم في فندقي هناك" 
سكت ولم يكمل فقالت "حسنا وما المشكلة في كل ذلك هي راحلة ولن تعرف الحقيقة" 
هز رأسه وقال "ولكني قبل أن أعرف أنها ذاهبة إلى لندن أخبرتها أنني سأقضى إجازتي مع زوجتي هناك لافتتاح الفندق الجديد، هل فهمتِ الأمر؟ كيف أذهب هناك بدون زوجة؟" 
ضحكت بسهولة وقالت "العديد من الحجج والأسباب" 
تراجع بالمقعد وهو يواجها بحدة وقال "أعلم ولكني أريد أن أضايقها كما فعلت معي، لا يمكن لامرأة أن تتلاعب بمشاعري هكذا وتمر دون عقاب" 









قالت بهدوء" كنت بالأمس تتحدث عن حبك لها، فما الذي حدث؟"
حدق بها لحظة ثم قال "ألم أخبرك أنها أتت برجل معها على أنه خطيبها أي أنها لم تكن تهتم بما كان بيننا لذا أردت أن أذيقها من نفس الكأس"
ضاقت عيونها وقالت "ولماذا أنت متأكد من أنها ستتضايق من أمر زواجك؟ ربما لا يمثل لها الأمر أي أهمية؟" 
قال "نعم ربما ولكني رأيت ذلك في عيونها فأدركت أنها ما زالت تفكر بي وأنها ربما تغار من وجود امرأة في حياتي" 
قالت بنبرة ساخرة أثارت غضبه "وماذا؟ تترك خطيبها وترتمي في أحضانك تطلب الغفران" 
تعصب من سخريتها وقال "تسخرين مني؟ أم ماذا؟"
أسرعت تقول "لا، ولكني لا أفهم لماذا تفعل كل ذلك ؟ولمن؟ لامرأة لا تستحق حتى أن تفكر فيها" 
قال بتعابير باردة لا توحي بأي شيء "لا، لانتقم لكرامتي، ولترى أنني يمكن أن أحصل على امرأة أفضل منها بكثير وأني سعيد مع تلك المرأة دون غيرها، ولكن من أين آتي بهذه المرأة؟" 
لم يخطر السؤال على ذهنها ولم تحاول أن ترد عليه عندما سأله، فهي تعلم أنها لا تمثل بالنسبة إليه أي شيء، بل بالنسبة له مجرد طفلة كما قال 
دق تليفون مكتبه فأجابت هى "نعم حاضر سآتي" 
كانوا يريدونها بالاستقبال وهذا ما قالته له فهز رأسه كادت تخرج لولا أن استوقفها "غدا سنقيم حفلة على شرف الفوج الألماني أرجو أن تعدي له وأن تكوني موجوده" 
قالت "حاضر" 
لم تراه طوال ذلك اليوم وقد أخبرها أنه سيذهب للقاء بعض رجال الأعمال بالنادي فلم تحاول أن تعرف لماذا يتركها بمثل هذا الوقت؟
كان العمل كثير فلم تملك الوقت لتفكر في أي شيء ولكن عندما عادت للمنزل في المساء كانت والدتها بانتظارها كالعادة 











نظرت إلى أمها وقالت "ماما، مساء الخير"
ابتسمت أمها بحنان وقالت "مساء الخير حبيبتي، تبدين متعبة" 
أرتمت بجوارها وقالت "جدا يا ماما، لقد ذهب لأصدقائه وترك لي كل شيء" 
قالت الأم "ولكنكِ لم تحاولي الاعتراض؟"
شردت قليلا ثم قالت "وهل يمكنني ذلك؟ إنه عملي" 
سكتت وعادت إلى شرودها إلى أن سمعت أمها تقول "أمل أنا أتحدث اليكِ ألا تسمعيني؟" 
نظرت لأمها وقالت "آسفة ماما لم أسمعك، ماذا قلتِ؟"
أجابت أمها بنظرات حائرة "أسألك كيف حال قلبك؟"
نظرت لأمها وقالت "كما هو يا ماما، لا يمكنه أن يدق إلا في الخفاء دون أن يسمعه أو حتى يشعر به أي أحد" 
تأملتها أمها وقالت "وإلى متى؟" 
أشاحت بيدها وقالت "لا أعلم يا أمي ولا أريد حتى أن أسأل" 
قامت وقالت "أريد أن أنام، غداً يوماً آخر شاق وآخره حفلة، فلابد أن أذهب لشراء ملابس تليق بالحفلة " لم ترد أمها 
رأته في الصباح، لم يتحدثوا كثيراً وكان مزاجه كالأمس فلم تحاول الاقتراب منه
انتقت فستان سهرة لأول مرة كان مثيراً عليها عندما ارتدته للتجربة وأعجب العاملين بالمحل فاختارته واتجهت إلى كوافير الفندق الذي قام بتصفيف شعرها وعمل المكياج، لقد قررت أن تكون اليوم امرأة كي يعلم أنها ليست طفلة وهو ما كانت تحاول أن تثبته له وستفعل. 
كانت راضية عن نفسها أمام المرآة امرأة كاملة الأنوثة رغم أن الفستان ليس مفتوحاً إلا أنه أبرز مفاتنها التي لم تكن واضحة من قبل وتماشي لونه مع لون عيونها الخضراء فبدت فاتنة وتسلب العقل. 










لم تحاول أن تخرج إلى القاعة مبكراً إلى أن دق هاتفها وقد كان هو فردت "نعم أستاذ وليد" 
سمعته يقول بعصبية واضحة "أين أنتِ؟ كان من المفترض أن تكوني هنا مبكراً" 
كانت قد تحركت بالفعل فقالت "دقائق وأكون عند حضرتك" 
وبالفعل ما هي إلا دقائق وكانت تتحرك بثقة غريبة لم تكن تعلم من أين أتت بها؟ وشعرت بنظرات العامليين بالفندق تتابعها ولكنها لم تعبأ بأحد. 
وصلت إلى القاعة ووقفت أمام الباب، كان الجميع تقريبا موجودين بحثت عنه بعيونها وعندما وجدته كان هو الآخر ينظر إليها وكأنه يبحث عنها أو ينتظرها، اتجهت إليه بخطى لا تدل على دقات قلبها، ولا انبهارها به عندما رأته في كامل أناقته ووسامته وبدلا من أن تفتنه بجمالها قتلها هو بجاذبيته ورجولته التي تهزم أي قوة لديها.
وصلت إليه بخطوات ثابتة ورشيقة وقالت بابتسامة رقيقة "آسفة للتأخير" 
كانت عيونه تنظر إليها وبها بريق غريب وكأنه لا يسمعها، أو ربما يراها لأول مرة فقالت "أستاذ وليد هل هناك شيء؟ أنت لا ترد!" 
هز رأسه وقال "لا أبداً، ولكن هذه أول مرة أراكِ هكذا، تبدين مختلفة" 
لم يحاول أن يقول جميلة فقالت "ترى أفضل أم؟" 
أسرع يقول "بالطبع أفضل" 
قاطعهم الحاضرين فاندمجوا معهم في الحديث ولكن من وقت لآخر كانت تختلس النظرات إليه وكثيراً ما التقت بنظراته الجريئة والغريبة بذات الوقت وكم قالت عيونها بلغة العيون ولكن ترى ماذا تقول عيونه؟ إنها لن تقول أحبك كما تقول عيونها، ليتها تستطيع أن تتوقف عن حبه ولكن هيهات.
وأخيراً انفض الجميع من حولها إلى الرقص ووجدت نفسها وحدها معه واقفة أمامه ليس بينهم أي حواجز سوى الماضي الذي يسكن جنباته، وأصلها الذي لا يلائمه، ومع كل ذلك كانت ما تزال تراه بعيون الحب الذي يروي قلبها ويحيي نفسها، تراه الرجل الذي تتمناه أي فتاة وهي أولهم وتتمنى لو كانت آخرهم فليس على الأرض من يمكن أن يحبه مثلها، ليته يعلم ما بقلبها، ليته يعلم أنها أحبته لم تعرف متى وكيف ولكنها فعلت، ورغم علمها أنه المستحيل إلا أنها لا تملك إيقاف قلبها.











سمعته يتحدث إليها ويقول "يمكننا أن نشاركهم الرقص" 
ابتسمت وقالت "حضرتك تعلم أنني لا أعرف الرقص، فلا داعي للإحراج" 
ابتسم هو الآخر وقال "وهذا أغرب شيء فمنذ عرفتك وأنتِ لا يوقفك شيء إلا الرقص، عموما أنتِ فتاة ذكية وتتعلمين بسرعة، هيا مظهرنا غير لائق أمام الجميع" 
أمسكها من ذراعها وتقدم بها إلى الجميع ووقف ونظر إليها فمنحته نظرة الحيرة أو الخوف أو التيه بعيونه التي تجذبها بلا موانع، شعرت بيده تلتف حول خصرها ليجذبها إليه برفق ورقة، مما أشعرها بخوف وارتباك لم تعرفه من قبل، شعور تحول إلى سعادة عندما أدركت أنها بين ذراعيه، وربما لو تأملت النساء من حولها فبالتأكيد ستدرك أنهم يحسدونها عليه، رجل في وسامته ومركزه يرقص مع فتاه مثلها! لكم حلمت أن تكون ولو للحظة بين ذراعيه وها هي تحقق حلمها ولكنها تعلم أنها ليست الحقيقة وإنما مجرد مظهر كما قال من أجل الموجودين فمن هي حتى تحلم بفارس أحلام مثله؟ مجرد سكرتيرة لا فارق لوجودها بحياته من عدمه، ومع ذلك  تريد بل تصر على أن تعيش تلك اللحظات حتى ولو كانت غير حقيقية، تمتع نفسها بها لأنها سعيدة وما عليها إلا أن تظل كذلك إلى أن يجد جديد.
"أخبرتك أنكِ تبدين مختلفة ترى لماذا؟" 
نظرت إليه بنظرات تحمل الكثير من الكلمات والمشاعر، كانت تريد أن تقول من أجلك ولكنها قالت "ربما لأنني ارتدي فستان لأول مرة مع أني أشعر أني أبدو غريبة فيه وأنه غير مناسب أليس كذلك؟" 
تأملها بعيونه الجميلة بنظرات أذابت ما تبقى داخلها من قوة وبدت كالقشة أمامه لو نفخ بها لطارت إلى الضياع 
احتارت فيما يمكن أن تقول تلك العيون الصماء التي تخفي أكثر مما تعلن، سمعته يقول "على العكس، أنا أرى أنه مناسب تماما تبدين امرأة " 
رددت قوله ببرودة اكتسبتها من تلك التي سرت بجسدها من كلماته "أبدو امرأة؟ وماذا أكون غير ذلك بنظرك" 










زاغت نظراته بعيدا قبل أن يعود إليها ويقول "هل أعددت الأمور للسفر؟" 
أدركت أنه يغير الحوار بالطبع فهي تعلم أن السؤال لا يمثل أي أهمية بالنسبة له فقالت بضيق "نعم اتصلت بلندن، مستر جاك سيكون في انتظارنا بالمطار، وغدا سأتصل بالشركة لتأكيد الحجز، والفندق على علم بوصولك" 
هز رأسه ثم قال "ولكن ما زالت هناك مشكلة لم نصل لحلها" 
قالت بتساؤل "أي مشكلة؟" 
قال وهو ينظر في عيونها بنظرة جريئة ولكن غير معبرة عن أي شيء "زوجتي!" 
هزت رأسها وكأنها تذكرت وقالت "آه آسفة لقد نسيت، ألم تتوصل لحل؟" 
قال "بلى توصلت إلى الحل الأمثل" 
ضاقت عيونها ودق قلبها وهي تفكر بعمق، ترى هل عثر على امرأة أخرى بذلك الوقت القصير؟ بالتأكيد عثر على واحدة من تلك السيدات الآتي يأتين إليه، فكرت وهي تلعن حظها يا إلهي في كم جهة سأحارب؟ وكم امرأة علي مواجهتها؟
كادت تسأله عن الحل الذي توصل إليه لولا أن انتهت الموسيقى وتوقف الجميع يصفقون للعازفين، وانتقلت الفرقة إلى الموسيقى الصاخبة فتركها وقال 
"لا تناسبني تلك الموسيقى دعينا نجلس أم تفضلين الاستمتاع وحدك" 
هزت رأسها بالرفض وقالت "بالتأكيد لا أنا لا أفضلها أيضاً"
تحرك وهي تتبعه ولكن أوقفهم بعض الموجودين فانهمكوا في الحديث.
وأخيراً انتهت الحفلة بعد العشاء الفاخر وانصرف الجميع في وقت متأخر، شكرهم المسؤول على الحفل الفاخر والإقامة الرائعة فكانت سعيدة وراضية عن عملها. كادت تذهب لولا أنه ناداها 
"أمل انتظري سأوصلك" 








لم تحاول أن تذهب أو تعترض فهي تحب أن تكون معه بأي وقت وأي مكان.
قاد هو السيارة وقال "لقد جعلت السائق يذهب لأنني أردت التحدث معكِ قبل أن تذهبي" 
نظرت إليه وظنت أنه سيتحدث عن العمل أو ربما ينتقد أي شيء مما تم الليلة فقالت "هل هناك شيء؟ أعتقد أن الأمور سارت على ما يرام" 
قال دون أن يبعد عيونه عن الطريق "ليس الأمر كذلك ولا يرتبط بالعمل، أنا أتحدث عن لندن" 
تذكرت أمر الزوجة المجهولة فدق قلبها ترى ماذا سيفعل؟ هل سيطلب منها أن تأتيه بامرأة؟ لا إنها لن تفعل 
سمعته يقول "أنا أخبرتك أني اخترت المرأة التي ستكون زوجتي، ولكن أخشى ألا توافق وتخذلني" 
حدقت به لحظة قبل أن تقول بصوت يكاد لا يسمع "لا أعتقد أن النساء اللاتي تعرفهن يمكن أن يرفضن لك أي طلب" 
نظر إليها  بنظرات لم تفهمها كالعادة ثم عاد إلى الطريق وقال "لا، هي ليست منهن لا يمكنني أن أقبل بأن تكون زوجتي منهن، حتى ولو كان الأمر غير حقيقي، سمعتي على المحك ولابد أن تكون المرأة ممن تليق بي وبمركزي" 
لم تفهم أي شيء ولكنها قالت “حقا لا أفهم أي شيء لو لم تكن واحدة منهن فمن هي إذن؟" 
نظر إليها مرة أخرى ثم عاد إلى الطريق فرأته يوقف السيارة على جانب الطريق حيث يسود الهدوء المكان فدق قلبها والأفكار تملأ رأسها وتنذر بالخطر على قلبها، ترى من تكون تلك المرأة؟ وماذا سيكون وضعها معها؟ وكيف ستتعامل معها؟ 
قطع صوته تفكيرها وهو يقول "إنها أقرب الناس إلي ولا أعلم كيف لم أفكر بها من قبل؟"
احتارت من كلماته وزاغت عيونها بين نظراته الغامضة ولم تفهم وهي تقول ببطء "أقرب الناس إليك؟"
هز رأسه وقال بهدوء "نعم"
أبعدت وجهها وهي تفكر ليس بحياته إلا سارة فهل هناك امرأة أخرى قريبة منه كما يقول؟ لم تسأل وهو يكمل











"لماذا لا تسألين من هي؟"
تحجر فمها وارتجفت شفتاها وهي تقول بآلية غريبة "من هي؟"
أطلق مفاجأته التي لم تصدق أنها سمعته "أنتِ؟" 
تراجعت في مقعدها والتفتت إليه بوجهها بقوة وعيونها تنظر إلى عيونه وكلها تساؤلات ودهشة وحيرة وهي تردد كلمته 
"أنتِ ؟ أنتِ من؟ أنت لا يمكن أن تكون تقصدني أنا أليس كذلك؟" 
قال بهدوء يكاد يصيبها بالجنون "بلى أنا أقصدك أنتِ، أنتِ المرأة التي اخترتها، لأنكِ أكثر الناس تناسباً مع ما أريد، أنتِ تعرفين الموضوع كله وتفهمين ما أريد، أنتِ من تليق بأن تكون زوجتي أمام الجميع، كما وأني اليوم رأيت امرأة جميلة أمامي لم أكن أراها من قبل، لذا أعتقد أني لا يمكن أن أجد امرأة أخرى مثلك، امرأة يمكنها أن تفهمني من مجرد نظرة، نعم أنتِ ستكونين زوجتي ومديرة أعمالي أمام الناس" 
حاولت أن تستوعب الأمر ولكنها لم تستطع أن تفهم أو ترد؟ 
قال يحثها على الرد " أمل لماذا لا تردين علي؟ لم أكن أعلم أن الأمر بهذه الصعوبة، مجرد أسبوع أو اثنان وبدولة غريبة لا يعرف أحد بها أي شيء"
اعتدلت في مقعدها وقالت وهي تحاول أن تخرج من صدمتها "يا إلهي! هل أنا رخيصة إلى هذا الحد بالنسبة لك؟ أرجوك أوصلني إلى المنزل الآن" 
أمسك يدها فسحبتها فعاد وأمسكها مرة أخرى بقوة فلم تقوى على أن تشدها مرة أخرى، شعرت بالدموع تملاء عيونها وألم يدب في قلبها، ترى ماذا يظن بها كي يفعل بها ذلك؟ 
قال بنبرة حانية "أمل ماذا تقولين؟ تلك الكلمات لا معنى لها، أنتِ لستِ كذلك ولن تكوني أبداً، فلو كنت أريد امرأة رخيصة لكان من السهل الحصول عليها ولكن اسمي وسمعتي لا تسمح لي بذلك، لابد من أن أحصل على









 إنسانه محترمة أتشرف بها أمام الجميع حتى ولو كان لعدة أيام أنا لا يمكن أن أضع اسمي وسمعتي بين يدي امرأة رخيصة كما تقولين فالمرأة التي يمكنها أن تكون زوجتي لابد وأن تكون أفضل امرأة في العالم وأنا لم أجد امرأة أفضل منكِ؟" 
نظرت إليه من وراء دموعها وقالت "هذه هي زوجتك الحقيقية ولكن أنا لن أكون كذلك إنها مجرد تمثيلية" 
قال بصدق واضح بنبرته "تمثيلية نعم، ولكنها ستكون في الواقع بين أشخاص حقيقية وليس على المسرح، كيف يمكنني أن أغامر هناك بين موظفيني وعملائي بامرأة رخيصة كما تقولين؟ صدقيني أمل أنا فكرت كثيراً أنتِ المرأة المناسبة، فأنا منذ اليوم الذي حكيت لكِ فيه قصتي اعتبرتك صديقتي المقربة واليوم كصديق أطلب منكِ المساعدة فهل ستتخلين عني؟" 
كانت عيونها تنظر إليه بحيرة وحزن هي مجرد صديقة؟ نعم هي كذلك بالنسبة له ولكن هو حبيبها ولا يمكنها أن تتخلى عن حبيبها يمكنها أن تضحي بأي شيء وبكل شيء من أجل سعادته لقد كانت تتمنى في كل يوم أن تكون قريبة منه وها هو يقربها منه أكثر وأكثر فلماذا تعترض؟ إنها الآن تأكدت من أنه لن ينظر إليها كحبيبة بأي يوم فلا يمكنها أن تخسر صداقته كي تظل بجانبه إلى الأبد ولكن ليس بهذه الطريقة. 
سحبت يدها من يده وقالت "لقد تأخر الوقت لابد أن أذهب من فضلك" 
ولكنه قال "ولكنى ما زلت أنتظر رأيك" 
لم ترد عليه فعاد وقال "أمل من فضلك ردي علي" 
سألته فجأة من بين دموعها "لماذا تفعل ذلك؟ إذا كنت تحبها فاذهب إليها وأخبرها بحبك وإلا فدعها وشأنها" 
نظر أمامه وقال "لم يعد هناك مكان للحب ولا أستطيع أن أتركها، لا يمكن أن تتلاعب امرأة بمشاعري وأتركها هكذا، لابد أن أجعلها تندم على ذلك" 
قالت بعصبية واضحة "وما الندم الذى ستشعر هي به عندما تراك متزوج؟" 
قال بحزم "عندما تعرف أني تركتها لامرأة أخرى وتراني سعيد معها بالتأكيد ستشعر بالغيرة ويأكلها قلبها أو ربما" 







أكملت هي بحدة واضحة "أو ربما تندم وتشعر أنها ما زالت تحبك، فتترك خطيبها وتعود إليك وهذا ما تريده بالتأكيد أليس كذلك؟" 
ولكنها شعرت في صوته بشيء غريب لم تفهمه وهو يجيب "وقتها سأجعلها تندم حقا على ما فعلت معي" 
تراجعت وشعرت بالخوف من نبرة صوته وقالت كلمات لم تفهمها "ولكنك وقتها ستترك زوجتك من أجلها؟" 
نظر إليها بدهشة وقال "زوجة!؟ أي زوجه؟"
ولكن سرعان ما تدارك نفسه وقال "آه أقصد بالطبع لا، لن أمنحها ذلك الانتصار" 
قالت "ولماذا لا تسامحها وتتركها؟ من يحب شخص بصدق لابد أن يسامحه لأنه لا يملك إلا أن يسامحه، فالحب لا يبنى على الكره والانتقام، وإنما يبنى على المودة والتسامح" 
نظر أمامه وقال "الحب جرح يدمي القلب ويستنزفه حتى يموت وترحل منه الحياة، فهل يمكن لمن فقد الحياة أن يسامح؟ لا يا أمل لم يعد بإمكاني أن أسامحها، السماح بالنسبة لي ضعف وليس قوة، من أخطأ فلابد من عقابه وبخاصة من تلاعب بمشاعر الآخرين وقتل قلوبهم" 
حدقت به وقد أدركت أن جرحه أقوى من عقله ويسيطر عليه بقوة فقالت "هذه قسوة لا تليق بالحب" 
قال "إذا كان الحب صادق فلابد أن تقابل الخيانة بالقسوة" 
قالت بإصرار "ما زلت عند رأي، الحب تسامح وليس حرب نتيجتها نصر أو هزيمه"
نظر إليها وقال "أمل من فضلك الوقت لا يتسع للنقاش لقد اتخذت قراري ولن أتراجع فيه، لابد أن تقرري الآن ما إذا كنتِ معي أم ضدي" 
قالت بحنان صادق 









"أنا لا يمكنني أن أكون ضدك أبداً ولكني لا يمكن أن أفعل ذلك، لا أخلاقي ولا ديني يسمح لي بذلك
أبعد نظراته وصمت لحظة ثم عاد وقال "حسنا 






يا أمل سأتزوجك بالفعل ليكون وجودك معي شرعي وديني وأخلاقي، 






غداً نتزوج عرفي ونرحل ولكن بمجرد عودتنا سأتركك لتعودي إلى حياتك"

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-