CMP: AIE: رواية حب وتضحية الفصل الاول والثاني بقلم داليا السيد
أخر الاخبار

رواية حب وتضحية الفصل الاول والثاني بقلم داليا السيد

رواية حب وتضحية الفصل الثالث

رواية حب وتضحية
 الفصل الاول والثاني
 بقلم داليا السيد
  
بسم الله الرحمن الرحيم

رواية: حب وتضحية 
الفصل الأول  والثاني
بقلم داليا السيد



الوفاة
أمل فتاة هادئة  تدرس بكلية تجارة،  فتاة مجتهدة تعرف 




طريقها جيدا، تذاكر باجتهاد ولا يمكن أن يمر عام دراسي




 دون أن يكون التفوق مصيرها، فهي لا تملك 




مجال إلا النجاح وليس أي نجاح وإنما لابد من التفوق كي تحصل على فرصة التعليم المجاني






، فمنذ تركهم والدهم عندما كانت فتاة في الخامسة وأختها الصغرى في عامها الثالث وهى




 تعلم أن أمها هى الشخص الوحيد الذى لا ينام كي يوفر لهم مصاريف





 الحياة، كانت مهنة الخياطة مهنة جيدة ولكنها غير مربحة بل ومتعبة 






وشاقة ومع ذلك كانت كافية لتوفر لهم عيشة جيدة دون أن يلجأ






 أولادها للسؤال من أحد وما أن كبرت أمل أكثر حتى بدأت تبحث عن 





عمل وفى الابتدائية طلبت إحدى الزبائن من أمها أن تعمل عندها في المحل الخاص بها ووافقت





 هي وتمكنت من جعل أمها أيضاً توافق، وبالفعل عملت معها سنوات طويلة لا تعلم عددها تعلمت 





منها كل شيء وقد كانت المرأة تحبها لأمانتها وأخلاقها وذكائها وكانت تقول إنها سكرتيرة





 ومديرة أعمال رائعة وأن عندها القدرة على إدارة شركة كاملة وحدها دون أي مساعدة ولا يمكن أن تنسى كم من المال حصلت عليه من






 العمل معها مما ساعدها على أن تتحمل مصاريفها وتتمكن من دراسة بعض اللغات والكومبيوتر 





لأنها كانت تتعامل مع أجانب وقد طلبت منها المرأة أن تتعلم لغات وهي بالفعل فعلت.






 
ربما لم يكن الجمال يميزها، أو يزيدها جاذبية وهي صغيرة ولكن عندما كبرت وترعرعت بعيونها الخضراء وقوامها 







المتناسق حتى أصبحت جميلة، أما جدارتها بالعمل وابتسامتها الرقيقة في التعامل مع الآخرين




 كانت كافية لجذب انتباه الجميع وقد كان ذلك ما يزيد من تمسك المرأة بها إلى أن انتهت الامتحانات






 الخاصة بآخر العام فقد كانت بالعام الثالث بالكلية ومرت الامتحانات على خير وخرجت سعيدة بما أدت. 







اتجهت إلى المحل كما تعودت بالإجازات الصيفية ولكن عندما وصلت لاحظت أن المرأة مريضة جدا حاولت أن تساعدها 





بأي شكل ولكن الأمر كان أكبر من قدرتها فاتصلت بابنها الذى أرسل السائق الخاص به 




دون أي اهتمام وذهبت هي معها إلى المشفى وأخيراً عادت بها إلى المنزل وساعدتها لترتاح 





ولم تتركها إلا بعد أن وفرت لها كل سبل الراحة ثم تركتها لتنام وعادت إلى منزلها.





"أمي أنا عدت" 
خرجت امرأة مسنة ولكن بدا عليها علامات الجمال نظرت إليها وقالت "أمل 





أين كنتِ حتى الآن؟ لقد انتابني القلق عليكِ" 
قبلت أمل أمها وقالت وهى تجلس أمامها "أنتِ التي ترفضين أن




 أحضر لكِ محمول، كنت وقتها سأتصل بكِ وأخبركِ عن مكاني" 









جلست المرأة بجانب ابنتها الكبيرة والتي تعتبرها أختها وصديقة عمرها وقالت "أخبرتك أنني لا أفهم شئ في ذلك الجهاز الغريب"





 قالت أمل "وأنا استسلمت لكِ ماما، أنهيت امتحاني اليوم واتجهت إلى المحل كالعادة، ولكن مدام فوزية كانت



 مريضة جدا فتحركت بها إلى المشفى وانتظرت حتى ذهبت الأزمة ولكن الأطباء أخبروني أن





 حالتها تزداد سوء ولكني لا أعلم ماذا أفعل؟ فقد أخبرت ابنها ولكنه لا يهتم كالعادة" 






نظرت الأم إليها وقالت "هذا شيء طبيعي ولقد اعتدنا على إهماله لها فماذا نفعل؟" 
تنهدت أمل وقالت 





"تعلمين أني أحبها وقد ساندتني كثيرا بحياتي وأخشى أن تموت هذه المرأة فأفقد مورد






 الرزق الذي لا أعرف سواه" 
ربتت المرأة على يد ابنتها وقالت "لا تقلقي يا ابنتي فكما أرسل الله 





لنا هذه المرأة منذ سنوات طويلة فسوف يرسل لنا غيرها فلا تفكرين كثيراً ودعي الخلق للخالق" 





تنهدت أمل فهي بالفعل لا تملك أن تفعل أي شيء إلا أن تنتظر وتترك التدابير للقدر.






في صباح اليوم التالي اتجهت أمل إلى المحل كالعادة ولكن المحل






 كان مغلق اتصلت بالمدام ولكنها لم ترد، اتصلت بابنها فأخبرها أنهم نقلوها إلى المشفى مرة أخرى 





وما زالت هناك وقال أنه أرسل السائق إليها بالمفاتيح كي تفتح المحل حتى يأتي هو إليها، 





وبالفعل لحظات ووصل السائق بالمفاتيح وفتحت المحل ومر منتصف النهار وانشغلت بالعمل






 وانتهت إلى أنه لم يأتِ أحد وانكبت هي على العمل ولم تشعر إلا وآذان المغرب فقررت أن 






تغلق وتذهب، اتصلت بابن المدام فطلب منها أن تحتفظ بالمفاتيح وأن تباشر العمل حتى





 يستطيع أن يأتيها.  مر اليوم التالي إلى نهايته ثم جاءها تليفون طلب منها ابن المدام أن تأتي فالمرأة 





تريد أن تراها بالبيت.
عندما وصلت قادها ابن المرأة إلى حجرتها حيث كانت طريحة الفراش





 وبدا المرض الشديد على ملامحها، دقت على باب الغرفة المفتوح قبل أن تدخل ففتحت المرأة





 عيونها  وهي تتقدم إليها والحزن بملامحها على تلك المرأة التي لم تبخل عليها بأي شيء، قالت المرأة





"تعالي يا ابنتي أنا انتظرك، تعالي بجانبي هنا" 
اتجهت الفتاة إليها






 وجلست أمامها فأكملت المرأة بضعف "أنا أعلم أني كنت قاسية في تعاملي معكِ ولكن لا تنكري





 أن ذلك جعلكِ تتعلمين كل شيء بل وتتقنيه وأصبحتِ ماهرة في إدارة الأعمال والتجارة، وأعلم أيضاً أني كنت مصدر رزق لكِ، وأنكِ اليوم 






تخشين إذا ما أنا مت فسيذهب ذلك المصدر، ولكن أنا أحببتك كابنتي، أحببت اجتهادك وإصرارك على العمل والنجاح ولذلك فكرت أن أؤمن






 لكِ مصدر آخر للرزق من بعدي، خذي هذا الكارت واتصلي بصاحبه، إنه رجل أعمال معروف يدين لي بمعروف كبير ويريد أن يرده، أخبريه أني





 أنا من أرسلك وأنكِ تريدين العمل لديه وأنا كنت قد أعطيته فكرة عنكِ وعن مدى مهارتك وذكائك في الإدارة، اتصلي به غدا ولا تنتظري موتي فأنا 






أعلم أنه هنا هذه الأيام وهو دائم السفر فالحقي به، أنا أعلم أنكِ إذا عملتِ معه فسوف تفتح لكِ أبواب كبيرة من العز"
سالت الدموع من عيون أمل وقالت "ولكن أنا لن أتركك أنا لن أعمل مع 






أحد آخر سواكِ" 
ابتسمت المرأة بضعف وقالت "وأنا ما كنت لأتركك أبداً ولكن أنا ذاهبة ولن يمكنني أن أحتفظ بكِ أكثر من 





ذلك، عيشي يا ابنتي فأنتِ تستحقين حياة أفضل مما تعيشين الآن" 
وبدأت المرأة تسعل بشدة فأسرع ابنها إليها ومنحها بعض الماء 









فتراجعت هي بخوف وأمسكت بالكارت بيدها واستدارت خارجة لم تعد تتحمل أن ترى تلك المرأة التي عاشت معها سنوات طويلة من





 حياتها وهي تذهب هكذا.
عندما عادت إلى المنزل كانت قد بكت كثيراً وما أن رأتها والدتها حتى






 بدا القلق عليها وقالت "ماذا  يا أمل؟ لماذا تبكين هكذا؟" 
جلست ومسحت الدموع وقالت بحزن واضح "لقد كنت عند مدام 



فوزية إنها مريضة جداً" 
وحكت لأمها ما حدث، فقالت الأم "لقد أخبرتك أن الذي رزقنا مرة






 يمكن أن يرزقنا مرات كثيرة" 
أجابت بتفكير “نعم ولكن أنا اعتدت عليها وعلى عملها فكيف سأعمل



 مع غيرها؟ وما هو ذلك العمل؟ وهل أنا أجيده أم لا؟" 







قالت الأم بابتسامة حنونة "أنتِ فتاة ذكية ونشيطة وتحاولين







 أن تحققي ما تريدين وهذا كافي لأن يكون سببا في نجاحك، فلا تخافي ما عليكِ إلا أن تحاولي" 






خرجت هبة أخت أمل الصغيرة فجأة من غرفتها، كانت ما زالت تدرس





 بالثانوية العامة، لم يكن لها دور بحياة الأسرة، جلست بجانب أمها وقالت 
"أنتِ تعلمين أني 






لا أحب تلك المرأة إنها صارمة وحادة وأنا لا أعلم 






كيف أمكنكِ تحملها في السنوات الماضية؟ أنا لم أستطع" 
قالت بصبر واستنكار “





ولكنكِ تتحملين ذلك الرجل الذى تعملين معه أليس كذلك؟" 
كانت هبة أختها






 تعمل هي الأخرى لدى إحدى المكتبات في الصيف فقط، سمعتها تقول "هو رجل عجوز ولا أراه








 إلا مرة في الأسبوع" 
قالت أمل "ولكن زوجته لا تتركك، كل يوم تأتي وتبقى معكِ حتى تأتين








 وأنتِ تكادي تنفجرين منها ومن تصرفاتها أليس كذلك؟" 









أجابت هبة بغيظ "ماذا تعنين؟ إنها أيضا أفضل حالاً من تلك العجوز الشمطاء"








تعصبت أمل وقالت "لا تتحدثي عنها بهذه الطريقة، إنها صاحبة أفضال كثيرة علينا" 
قامت هبة واقفة







 وقالت "عليكِ أنتِ لأنكِ من تتقبلين إهاناتها مقابل ما كنتِ تحصلين عليه منها" 













قامت أمل أيضاً وقالت "أي إهانات تلك؟ أنا لم ولن أتحمل أي إهانات







 منها أو من سواها وأنت تعلمين أن كرامتي






 عندي أهم من أي شيء مهما سأفقد في المقابل،





 ثم المقابل الذي كنت أحصل عليه والذي تتحدثين عنه هل كنت أستفيد به وحدي؟" 







قاطعتها هبة "بلى، كان لكِ و لم نحصل منها على شيء" 






نظرت أمل لأمها وقالت "أمي ألن تقولي لها شئ!؟ إنها تنكر فضل 





تلك المرأة علينا وكم ساعدتنا بالمال والوساطة وكل شيء، لن ننسى فضلها بمجرد موتها" 





قالت الأم "اهدي يا أمل، مازالت أختك صغيرة لا تفهم أشياء كثيرة"






 قاطعتها هبة بغضب "أنا لست صغيرة ولكني أرفض أن أعيش عمري






 كله حبيسة فضل امرأة لا أعرفها، ثم نحن لم نكن نحصل منها على صدقة وإنما كنا نحصل 





على أجر مقابل عمل أختي عندها" 
قالت أمل "نعم ولكن أي أجر هذا الذي كان يمكن 





أن يساوي ما  كانت تمنحه لي هذه المرأة؟" 
قالت هبة ببرود "إذن فالمال







 عائد لكِ وليس لنا فلا تحملينا ما لا يخصنا"





 كادت ترد لولا أنها وجدت أمها تقول "حسنا كفى، كفاكم




 أنتما الاثنتين هيا دعونا نتناول الغداء" 







وانتهى الحوار ولكن بداخل كلاً من الفتاتين الكثير والكثير لأن


 أمل كانت تخشى من القادم، أما هبة فقد كانت 


سعيدة من داخلها لأن الآن لم تعد أختها مميزة


 بعملها ولن يمكنها أن تتحدث عن عملها والأموال التي تمن بها المرأة عليهم










الفصل الثاني
العمل
في اليوم التالي أقنعتها أمها أن تتصل برقم الرجل الذي منحته لها






 فوزية، وبالفعل اتصلت بالرقم الذي كان بالكارت، ولكن لم يجيبها أحد حاولت مرة أخرى ولكن ما من مجيب،  فقدت الأمل في أن يرد بالتأكيد






 لن يرد على رقم غريب لا يعرفه، أدركت أن عليها أن تبدأ بالبحث عن عمل آخر فذلك الرجل لن يظل حبيس الدين كما تعتقد فمن يفعل هذه الأيام؟
على نهاية اليوم علموا أن المرأة وافاها الموت وحزنت بشدة عليها






 وانتابها الخوف من الأيام القادمة وتساءلت ماذا يمكنها أن تفعل؟
 في اليوم التالي طلبت منها أمها أن تحاول الاتصال مرة أخرى





 ورغم اعتراضها إلا أن الأم أقنعتها بأننا من نسعى إلى الرزق وليس العكس فاتصلت على مضض ومرت وهلة حتى جاءها صوت هادئ يقول: 
"نعم" 
دق قلبها بشدة وحاولت أن تبدو هادئة وهي تقول  
"صباح الخير"
أجاب الصوت "صباح النور من المتصل؟"
ارتجف صوتها لحظة 




من جدية الصوت ثم قالت "أمل الفتاة التي كانت تعمل مع مدام فوزية وهي أخبرتني" 
قاطعها الصوت بنفس الهدوء "نعم، نعم أعرف من الجيد أنكِ اتصلتِ،




 يمكنكِ الحضور اليوم في السابعة بالفندق الخاص بي العنوان على الكارت لا تتأخري" 
وأغلق الهاتف ولم يعطها أي فرصة لأن ترد وحكت لأمها التي قالت "لا يهم، المهم أنكِ ستحصلين على العمل،





 هيا اذهبي لتعدي نفسك للعمل فذلك الرجل يبدو مختلفا، كلامه القليل يدل على أن العمل عنده أهم من كلمات لا معنى لها" 
نظرت لأمها ولم تفهم ولم تحاول أن تسأل فما زال قلبها يدق من المجهول الذي ينتظرها. 
كان المكان رائعاً وكانت




 تظن أن هذا هو مكان إقامته، ولكنها عندما قالت لموظف الاستقبال "من فضلك عندي موعد مع الأستاذ وليد كامل في السابعة"




 نظر الرجل إليها بتمعن ثم قال "الاسم من فضلك؟" 
قالت "أمل، أمل محمد عبد الحميد" 
نظر أمامه ثم قال وهو يشير إلى ممر جانبي وقال "نعم تفضلي





 إلى السكرتارية هناك" 
تأملته بدهشة وقالت "السكرتارية؟ أنا أريد لقاء الأستاذ وليد وليس السكرتارية؟" 
نظر الرجل وقال "السكرتارية ستقودك إليه يا آنسة بمكتبه"






تراجعت بدهشة وقالت "مكتبه؟ هل هنا مكتبه أم إقامته؟"
حدق بها الرجل لحظة قبل أن يقول "إقامته؟ هو بالفعل يقيم هنا لأن هذا الفندق كله ملك له إنه المالك يا آنسة، وهناك





 مكتبه مقر أعماله والسكرتارية سيدلونك على ما تفعلين" 
شعرت بالخجل من نفسها، وأدركت أن ذلك الرجل ليس رجل عادي 




كما كانت تظن وشعرت بأنها ترتجف من داخلها ولا تعلم لماذا؟ ربما لأنها تأتي لتعمل عند رجل اكتشفت أنها لا تعرف عنه شيء، أو ربما لأنه أكبر مكانة مما توقعت.  لم تحاول أن ترد أو تنظر





 إلى الرجل مرة أخرى واتجهت في صمت إلى حيث أشار، دخلت المكتب الذي أشار إليه الرجل وقد كتب عليه السكرتارية، اتجهت إلى أحد المكاتب حيث قالت للرجل الذى يجلس خلفه:





"من فضلك عندي موعد مع الأستاذ وليد" 
تأملها الرجل من أسفل إلى أعلى ثم قال "ومن أنتِ؟" 
قالت برهبة







 "أمل محمد" 
تأمل الورق الذى أمامه وقال "نعم تفضلي انتظرى دقائق حتى أبلغه"






لم تحاول أن تجلس، كان القلق يتملكها فكل ما يحدث لها شيء لم تستطع أن تتوقعه خرج الرجل وقال "تفضلي بالدخول"






دخلت بخطى حاولت أن تكون ثابتة ولكن من داخلها كان الخوف والقلق هو الشيء المسيطر، كان المكان جميل ليس ببارد ولا بدافئ وعلى الطراز الحديث ولكن 





غير منظم، لم تر الرجل الذي جاءت للقائه ولكن ما هي إلا ثواني قليلة حتى رأت رجلاً يخرج من باب جانبي ويمسح وجهه بمنشفة قذفها على الفوتيه الذي كان يحتل الجانب الأيمن وأخيراً نظر إليها وتأملها بنظرات شعرت أنها تتخللها





 فشعرت بالحرارة تزداد حولها، هي أيضاً كانت تتأمله، كان وسيماً وأنيقاً رغم أنه كان يرفع أكمام قميصه ويفتح الأزرار العليا إلا أن ملامحه كانت جميلة. 
أخرجها صوته العميق من أفكارها وهو يقول "من أنتِ؟ وما الذى تفعلينه هنا؟" 
اندهشت من كلماته وقالت "أنا أمل، أمل محمد، أرسلتني مدام فوزية رحمها الله" 
عدل من ملابسه أمام المرآة التي تحتل ركن جانبي من المكتب فأصبح أكثر وسامة مما بدأ أول مرة
 قال "أنتِ! ولكنكِ صغيرة جداً، أشعر أنكِ طفلة صغيرة ما عمرك؟" 
شعرت بالضيق يجتاحها كالإعصار، فقالت بعصبية "أنا لست طفلة، أنا في العشرين من عمري وبالسنة النهائية بالكلية" 




ابتسم بهدوء فبدا فمه الرقيق أكثر جمالاً وعيونه الجذابة تتلاعب بنظرات مثيرة لا تفهمها وهو يقول "إذن لم أخطأ، 






بالنسبة لي أنتِ كذلك، على العموم أتمنى أن تكون تصرفاتك أكبر من سنك" 
قالت بضيق "هل تحكمون على الناس بأعمارهم أم بأعمالهم؟" 






قال بهدوء وهو يتحرك إلى مكتبه بجدية واضحة "وهذا ما قلته، أتذكر أنها قالت أنكِ تجيدين بعض اللغات؟"
قالت بجدية "أعرف الإنجليزية والفرنسية وبعض الألمانية"





رفع حاجبه ثم هز رأسه وقال "هذا رائع، ولكن أنا عندي بعض التحفظات قبل أن أوافق على عملك" 




نظرت إليه بعد أن ارتدى جاكتته، كم بدا وسيما جداً، ورغم أنها قابلت العديد من الرجال أثناء عملها مع فوزية إلا أنها






 تشعر أنها أول مرة ترى أمامها رجلا مثله رجل يمتلأ بالرجولة والحيوية وكأن به مغناطيس يجذبها إليه بقوة تجعلها تعجز عن إبعاد عيونها عنه. 






قالت بارتباك حاولت ألا تشعره به "أية تحفظات؟" 
قال وهو يعبث بالأوراق على مكتبه "بالتأكيد ملابسك هذه لا تليق بالعمل هنا، ولابد أن تهتمي بشعرك هذا"






تضايقت من كلماته فقالت وقد شعرت أن هذه الوظيفة قد لا تليق بها "وما دخل ملابسي بالعمل لا أظن أن المظاهر تهم






 فهي ليست كل شيء، المهم عملي ودرجة إجادتي له أليس كذلك؟" 
رفع حاجبة مرة أخرى وهو يتجه إلى المرآة ويقف أمامها وقد بدت





 على شكل تحفة فنية وهو يصفف شعره بعناية واضحة وقال "ألم تعلمك مدام فوزية أن المظهر عنوان صاحبه؟ وبالتالي مظهر العاملين عندي هو عنوان لي"






قالت باندفاع "بل علمتني أن أجيد عملي وأن أجود فيه بقدر إمكانياتي ولم تكلفني بم لا يمكنني تحمله"







فهم كلماتها فالتفت إليها وقال بنفس الهدوء "أعلم أنكِ من أسرة بسيطة وعملك أمر هام بالنسبة لكِ ولأسرتك 





ولم أقصد تحميلك فوق طاقتك، كما أن مدام فوزية أخبرتني أنكِ تمتلكين موهبة جيدة بالعمل وطلبت مني أن أمنحك الوظيفة اعتقاداً منها




 أني بذلك أسدد ديني لها، أنا سأمنحك الوظيفة ليس سداد الدين ولكن لأني أثق بكلماتها ولكن عليكِ تعديل مظهرك كما أخبرتك"






قالت بتهور طفولي "يا فندم إذا كنت مجبر على الأمر فلا داع لذلك، يمكنك أن توفي لها الدين عن طريق آخر لأن شرطك هذا لا يمكنني أن أنفذه عن إذنك"
تحركت للباب ولكن صوته القوي استوقفها وقد أعجبه عندها وجرأتها الواضحة. 







قال بحزم ارهبها "انتظري يا فتاة" 
توقفت ولكنها لم تستدير وقد سمعته يكمل "أنا لم أسمح لكِ بالذهاب، ألا تعلمين مع من تتحدثين؟" 
استدارت وقالت بقوة لا تعلم من أين أتت "أعلم ولكني لم اخطأ أنا 





أظن أني لا أصلح للوظيفة" 
قال وهو يتحرك باتجاهها "بلى أخطأتِ، فأنا الذي أقول متى تذهبين






 ومتى تظلين وأنا الذي يحدد مدى صلاحيتك للعمل عندي من عدمها" 
كان قد اقترب منها ووقف أمامها وتعطر الهواء من حولها بعطره







 الممتزج برجولته الواضحة مما جعلها تشعر بضعف غريب يجتاحها يدمر تلك القوة الزائفة التي تزينت بها أمامه ولكنها الآن تواجه موجة من حرارة






 أنفاسه تدفعها بقوة تجعلها ترتج وتشعر لأول مرة بأنها ضئيلة جداً بجانبه. 
حاولت أن تلملم أشلاء نفسها التي تبعثرت أمامه وقالت "يمكنك أن تفعل ذلك مع من يعمل عندك أما أنا فلست كذلك 





لأنني لن أعمل عندك، وبالتالي يمكنني أن أفعل ما أشاء وقتما أشاء" 
كانت تنظر بتحدِ غريب إلي عيونه الرمادية التي تلمع بنظرة لم تفهمها 







وبدلاً من أن ترى غضبه أو عصبيته من كلماتها وجدته يقول بهدوء: 
"تعجبني جرأتك فهي تليق بمجالنا، فالتعامل مع الأشخاص التي أتعامل 






معها يحتاج إلى الجرأة والعند الذين أراهم بعيونك، ولكن لابد أن أذكرك بأن هذا مع العملاء فقط وليس مع رئيسك هل تفهمين؟" 






رفعت رأسها بكبرياء ولم ترد ولم تفهم هل يعني أنها نالت الوظيفة رغم ما قالت وقبل أن تسأل استدار إلى مكتبة وأخذ الأوراق التي كان يعدها وهاتفه ومفاتيحه وقال: 





"أنتِ تحت الاختبار، أنا عندي سكرتارية كثيرة ولكن مدام فوزية أوحت لي بفكرة مدير الأعمال بالرغم من أني كنت أرفض هذه الفكرة  لأنى أحب أن أدير كل شيء






 بنفسي، ولكن لأن مسؤولياتي زادت فلابد من شخص أعتمد عليه ولا أنكر أني جربت أشخاص كثيرة ولكن لم أجد منهم من يمكن أن يتناسب 






مع طريقتي في العمل فأتمنى أن تكوني فعلاً مثلما وصفتك تلك المرأة، العمل يبدأ في التاسعة أنا أقيم هنا وأنزل للمكتب أيضاً في التاسعة ولكني 







دائم التنقل والسفر ولابد أن تكوني مستعدة لذلك"
وتحرك إلى باب المكتب وقال وهو ذاهب "وأيضاً حاولي أن تفعلي شيء 






في مظهرك هذا ستقابلين هنا أشخاص لا يمكن أن تتوقعيهم لن أقبل بغير ذلك"
وتركها وخرج ولم يترك لها مجال لأن تقول أو تفعل أي شيء ولم يمنحها الفرصة حتى لتتراجع كما أرادت إنه رجل





 لا يمكن أن تقول له لا. 
عادت إلى المنزل وحكت لوالدتها كل ما حدث ربتت الأم على كتف ابنتها وقالت "الرجل عنده كل الحق" 






نظرت لأمها بدهشة وقالت "ماما؟"
قالت أمها "نعم يا ابنتي، هذا الوسط يختلف تماما عن وسطنا لذا





 لابد أن تغيري من مظهرك بما يتناسب مع المركز الذي ستحصلين عليه" 
قامت الأم ودخلت حجرتها ثم عادت وبيدها كيس منحته إليها وقالت 





"امسكي، هذه بعض الأموال خذيها واذهبي لشراء بعض الملابس التي تليق بمركزك واذهبي للكوافير ليضبط لكِ شعرك هذا، هو على حق لابد





 أن تهتمي بمظهرك"
دمعت عيونها وقالت "لا أمي هذا المال ليس من حقي إنه المال الذي نحتفظ به للزمن فماذا سنفعل بدونه؟ لا لن آخذه" 








ولكن الأم دفعت به إليها وهي تقول "ستأخذينه لأنني أعلم أنكِ ستحصلين على ما هو أكثر منه من هذا العمل، وأكيد سنستعيد أكثر منه، أنا أعلم ذلك هيا لا تضيعي الوقت واذهبي" 







ولكنها قبل أن تتحرك سمعت صوت أختها تقول بغضب "لا يحق لكِ أن تمنحيها كل المال، إنه ليس من حقها وحدها






 أنا لي فيه مثلها" 
نظرت أمل إلى أختها وكذلك أمها التي قالت "أي حق هذا الذي تتحدثين عنه؟ إنه مالها الذي كانت تدخره معي" 




اقتربت الفتاة وقالت بنفس الغضب "مالها؟ ومن أين لها بكل هذا المال؟ إنه مالك أنتِ وأنا لي حق فيه مثلها تماماً" 








قامت الأم ووقفت أمام ابنتها وقالت بدهشة ممتزجة بالغضب "مالي أنا! ومن أين لي بكل هذا المال؟ أنتِ تظنين أن هذه الماكينة تأتي بكل هذه الأموال؟ أنتِ تحلمين





 إذن لأنه لولا عمل أختك لما كنا أكملنا عيشتنا هكذا وما كنتِ الآن تدرسين وتحصلين على دروسك الخاصة ولا ترتدين هذه الملابس وتأكلين هذا الطعام"
فقالت الفتاه "أنتِ دائما تدافعين عنها وتجعلين منها الأخت المضحية





 وأنا الأخت المفترية، ولكن كفى أنا لم أعد أتحمل، أنا لم أعد صغيرة"
قالت الأم "إذا لم تعودي صغيرة كما تقولين فتحملي إذن معنا مصاريف هذا البيت، فأنت لا تحاولين أن تدفعي




 أي شيء، كل ما تحصلين عليه من عملك تأخذينه لكِ وتصرفيه على نفسك بدون أي تفكير في ذلك البيت، كيف يسير؟ ومن أين يأتي رزقه؟ والآن





 تأتين وتطالبين بحقك، أي حق الذى تتحدثين عنه؟ هيا اذهبي ولا تحاولي أن تتحدثي معي بهذا الموضوع مرة أخرى" 
حاولت الفتاة أن






 تجادل "ولكن ماما أنا" 
قاطعتها الأم بحسم "قلت لكِ اذهبي من وجهي الآن" 
تدخلت هي "ماما اهدئي من فضلك لا داعِ لكل ذلك" 







تحركت هبة إلى غرفتها بغضب بينما نظرت الأم إلى أمل وقالت "وأنتِ










 هيا اذهبي، الوقت تأخر اذهبي واشترى أفضل الأشياء، هيا لا تضيعي الوقت أكثر من ذلك" 






قبلت يد أمها وذهبت بصمت وهي لا تشعر بخير تجاه تلك الحياة الجديدة التي فرضها القدر عليها
في الصباح تساءلت 





وهي تقف أمام نفس السكرتير "هل وصل الأستاذ وليد ؟"





 
نظر إليها الرجل بتساؤل وقال "من حضرتك؟" 
قالت "أنا أمل لقد عيني الأستاذ وليد أمس ولكني لا أعرف أين مكتبي؟" 




سمعت صوته يقول "لم يعدوا لكِ مكتب بعد، هيا تعالي" 





وقف الجميع عندما رأوه أمامهم وتحركت ورائه إلى داخل المكتب واتجه إلى مكتبه وقال "اطلبي منهم أن يعدوا مكتبك





 في الغرفة التي على يسار مكتبي، اعطيهم الأمر وهم سيفعلون الباقي وحتى يتم ذلك يمكنكِ 





البقاء هنا معي" 
جلس وراء مكتبه ثم نظر إليها وقال وهو يتأملها "هكذا تبدين مختلفة بدأت تتعلمين" 
كادت ترد لولا أنه 





رفع اصبعه وقال "أخبرتك أن تحتفظي بجرأتك هذه للعملاء فقط، ألن تسأليني من الذى ستخبرينه عن إعداد مكتبك؟"
قالت بثقة "أستطيع 






أن أتدبر أمرى، فهناك السكرتارية وكذلك العاملين بالفندق أكيد ستكون لي طرقي" 
تراجع في كرسيه وقال بجدية "هذا شيء جيد بدأت أكون رأي 





عنكِ، هيا دعينا نبدأ العمل ستبقين هنا حتى يتم إعداد مكتبك" 






شعرت بالخوف يهاجمها وهي تتساءل هل يمكنها أن تظل أمام ذلك الرجل طوال اليوم؟ إنها تنهار من لحظات تقضيها معه فما بالها بيوم كامل بجواره؟






هزت رأسها مخفية ما بداخلها وما هي لحظات حتى اندمجت معه في العمل ونسيت أفكارها لأن الأمر لم يكن بالسهل





 واختلف تماما عن عملها السابق فحاز على كل تفكيرها وتركيزها دون التفكير في مخاوفها 





أو ارتباكها، وحاولت أن تكون واثقة من نفسها، سريعة التصرف والتفكير رغم أن الأمور لم تكن سهلة. 





وبالفعل كانت أمها على حق، فقد اختلف ذلك الوسط تماما عما كانت تعيش فيه ورأت سيدات كثيرات مختلفين في





 كل شيء، ملابسهم، مكياجهم وحتى طريقة كلامهم ورأت كيف تتدلل بعض النساء منهم عليه بشكل ملفت حتى دون أن يراعوا وجودها،





 بالبداية كانت تشعر بالخجل ولكن مع الوقت اعتادت ما يحدث وببعض الأوقات كانت تضطر 





إلى البقاء بمكتب السكرتارية أثناء وجود بعض العملاء أو العميلات.






بالثالثة تراجع في كرسيه وقال وهي تراجع بعض الحسابات لأحد فنادقه "كم الساعة الان؟" 
قالت وهي تنظر إلي






 ساعتها "الثالثة عصراً" 
قال "ألن نتناول الغداء؟" 






قالت وهي لا تعرف ماذا يمكنها أن تفعل تجاه ذلك الأمر "حضرتك تتناول الطعام هنا أم أين؟" 
نهض وابتسم وهو يتجه





 إلى الباب الجانبي الذي عرفت أنه الحمام سمعته يقول "أتعلمين رغم أنكِ حتى الآن تبلين حسنا، ولكن مع ذلك لا زلتِ تبدين أمامي طفلة" 





تضايقت وقالت "ولكني لست كذلك"
خرج وهو يجفف وجهه بالمنشفة وقذفها على الفوتيه وقال "حسنا لا تغضبي هكذا أيضاً كالأطفال، أنا أتناول 





الطعام بمطعم الفندق إذا لم يكن لدي غداء عمل، هيا دعينا نذهب" 
اتجهت إلى الفوتيه





 وأخذت المنشفة وأعادتها إلى الحمام وعادت تقول "نذهب؟ أي أنا أذهب مع حضرتك؟" 





لاحظ ما فعلته فابتسم وقال "هل عندك مكان آخر تتناولين فيه الغداء؟ هيا أنا لا أحب أن أتأخر، هم يعدون 




الآن المائدة الخاصة بي"
ثم اتجه إلى الباب دون أي كلمات أخرى، أسرعت تلحق به بخطى ثابتة




 وهي تتحرق شوقاً إلى مجاراة ذلك الرجل الذي يتصرف دون رقيب وهو يعلم أنه لا يخطئ.






عندما وصل كانت ترى نظرات الاحترام الموجهة إليه، جلس وجلست





 أمامه وقد حضر الرجال إليهم باحترام واضح ووقف أمامه فقال وليد:
"أهلاً سعيد الآنسة




 أمل مديرة مكتبي ستتناول معي وجباتي من اليوم، أخبرهم بذلك، أمل هذا سعيد مدير المطعم" 






هزت رأسها للرجل الذي بادلها الحركة، أشار وليد إليه بيده ليذهب فانحنى باحترام وذهب، نظر إليها وقال: 






"لماذا أراكِ مشدودة الأعصاب هكذا؟ هل هي أول مرة تتناولين





 فيها الطعام بالخارج؟" 
هزت رأسها نفياً وقالت "لا، لقد سافرت مع الكلية إلى محافظات كثيرة 





في رحلات المتفوقين وتعودت على المطاعم ولكن ليس مثل ذلك المكان وليس مع صاحب المكان شخصياً" 
ابتسم وقال "صحيح،





 إن الأمر غريب بالنسبة لي أيضاً فلم أفعلها من قبل مع موظفيني ولكن أنتِ مختلفة"






حدقت به بعيونها السوداء المستديرة وقالت وهي تبعد خصلة من شعرها اشتبكت برموشها "ولماذا أنا مختلفة؟"





أبعد نظراته عنها وقال "أنتِ مديرة مكتبي ولابد أن تعرفي كل شيء خاص بي، لا تسأليني كيف أثق بكِ بهذه السرعة




 ولكن أنا أعرف جيدا من أمنحه ثقتي لأني أعرف كل شيء عن الشخص الذي يعمل عندي




 وأنتِ بالطبع أولهم"
قالت وقد احمر وجهها "ثقة أعتز بها يا فندم وأسعد جدا أني نلتها بوقت قصير"
حدق بعينيها وهو 




لا يعلم كيف وثق بها بهذه السرعة ولكن عملها أعجبه وربما كلمات فوزية عنها زاده ثقة






قال "ومع ذلك لابد أني تكوني حذرة حتى لا تفقديها بسرعة كما اكتسبتها بسرعة"





هزت رأسها وقالت "لا أنوي أن أفعل يا فندم، حضرتك تعلم أني





 أحتاج إلى العمل بشدة"
تأملها بهدوء وقال "جهادك هذا أيضا سبب من أسباب ثقتي بكِ"







أخفضت وجهها وتناثرت كرامتها أمامه من فرط إحراجها فعاد يقول "أعتقد أن والدتك فخورة بأن لديها ابنة مجتهدة مثلك"





لم ترفع وجهها إليه وقالت "ربما، ولكن هي أيضاً أم رائعة تحملت من أجلنا الكثير ولم تشكي أو تعترض"




قال "هكذا هي الأم، فهي من يحيط الأسرة بالحب والرعاية والحنان دون ملل أو كلل"
هزت رأسها وقالت "





نعم هي بالفعل كذلك، وهي أول من شجعني على العمل مع حضرتك وأخبرني أن عالمك هذا مختلف"






ابتسم وقال "من الطبيعي أن تكون والدتك بهذه العقلية طالما أنتِ ابنتها، 




ما رأيك بالمكان هنا هل يعجبك؟ لقد كنت أفكر في بعض التجديدات ولكن أقف ساكناً حتى





 أنتهي من الفندق الجديد بلندن، نكاد ننتهي منه، لي فترة لم أذهب فيها لمباشرة الأمور هناك كان لدي الكثير من المشاغل هنا والقاهرة" 





عاد الرجل بقائمة الطعام ووضعها أمامهم وقال "القائمة يا فندم" 
نظرت إلى الرجل وإلى وليد ثم نظرت في القائمة واختارت بثقة كما فعل




 هو أيضا بصمت. 
تناولوا الطعام بهدوء وعادوا إلى العمل ولم يتغير الوضع حتى دقت




 الثامنة فتراجع في كرسيه وقال "كفانا اليوم، كيف حالك بعد أول يوم عمل ؟ هل ستظلين هنا أم لن تعودي بالغد؟" 





قامت مبتعدة وقالت "ولماذا لا أعود؟ أنا أحب العمل أيا كانت درجة صعوبته يا فندم، السؤال الآن إذا سمحت لي، هل




 أنا اجتزت الامتحان؟" 
قال وهو ينهض مبتعدا "ما زال الوقت مبكراً لهذا السؤال، أنتِ لم تخرجي






 معي في جولاتي سواء هنا أو الفندق الآخر بالقاهرة، ولم تجربي اللقاءات الخارجية والمؤتمرات وما إلى ذلك، فهل يمكنكِ التحمل؟" 





نظرت إليه وقالت "سأحاول أن أبذل أقصى ما عندي" 
قال بنفس طريقته التي لا تمنح أي مجال للنقاش "حسنا  كفانا اليوم 



أنا ذاهب تأخرت على عشاء العمل ولابد أن أصعد لأعد نفسي يمكنكِ الذهاب"  
وتحرك إلى الخارج وتابعته بنظراتها في حيرة 
مرت الأيام وبدأت 




 تتغير بالفعل من كثرة ما رأته معه، واستجابت لكل تعليماته خاصة وأنه قد بدأ يأخذها معه في جولاته 



وسافرت معه القاهرة وأعجبها الفندق الآخر هناك ورأت طريقة تعامله مع العاملين عنده من



 حزم وشده ولا يتسامح مع الأخطاء، ولم تكن طلباته تنتهي لذا بدأت تدون كل شيء حتى لا تنسى



 أي شيء، أما هو فلم يعلق على طريقتها في العمل كل ما كان يهمه هو إجادة العمل وقد فعلت




 ومنحته كل اهتمامها مما جعله يدرك أنه لم يخطئ باختياره، بينما رأت نفسها تتغير في طريقة



 تعاملها مع العاملين ورأت نفسها تعطي الأوامر وتتعصب وتغضب وتعود إلى طبيعتها ولكن كما 



قالت أمها "أنتِ أصبحتِ مختلفة" وهي بالفعل أصبحت مختلفة 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-