CMP: AIE: رواية حب وتضحية الفصل الثالث والرابع بقلم داليا السيد
أخر الاخبار

رواية حب وتضحية الفصل الثالث والرابع بقلم داليا السيد

رواية حب وتضحية الفصل الرابع


  رواية حب وتضحية

الفصل الثالث و الرابع
بقلم داليا السيد



مشاعر جديدة
لم تعد تعرف عدد الأيام التي مرت إلا عندما حصلت على أول راتب



 لها عندما أحضره لها أحد السكرتارية في مكتبها 





وعندما فتحت المظروف لم تصدق نفسها وهي تمسك بذلك المال الكثير الذي لا تعرف عدده، شعرت بالسعادة، أخيراً يمكنها أن تريح أمها 





وأن تجعلها تتوقف عن العمل بهذا المال كما يمكنها أن تتكفل بكل شيء و.. 
قطع تفكيرها خروج تلك المرأة من مكتب وليد وهي تعلم أن تلك المرأة سيدة أعمال ولكنها ليست ككل السيدات





 وكل مرة تأتي لابد وأن ترى اختلاف على وليد من بعد خروجها كما لو أنها تأتي لسبب آخر غير 




العمل، فأصبحت تتضايق كلما رأتها بل وأصبحت تتضايق من أي امرأة تأتي إليه وتتمايل عليه بطريقة أو أخرى، سمعته يناديها في الجهاز فقالت: 
"نعم يا فندم" 






قال "تعالي" 
أجابت بغيظ وهي تتبع المرأة وهي تذهب "حاضر" 
كانت ما تزال تمسك بالظرف فوضعته بحقيبتها ودخلت. 
بالطبع كما توقعت كانت الكؤوس على المنضدة وزجاجة الويسكي بجانبهم وهي تعلم أنه لا يشرب أثناء العمل وإنما هي تلك المرأة اللعينة التي تدفعه لذلك. 








تضايقت أكثر وهي تعيد الأشياء إلى أماكنها وهو يقف أمام النافذة كما لو لم يكن يشعر بوجودها عندما انتهت قالت 








"هل طلبتني؟" 
استدار إليها ولاحت عيونه في المكان وقال "أحب لمساتك في المكان" 
ابتعد عن مكتبه وجلس على الفوتيه وقال "هل أكد الفوج الألماني الحجز؟" 







هزت رأسها نفيا وقالت "لا ليس بعد" 
قال وهو يتأمل ملامحها "ماذا بكِ تبدين غير سعيدة" 
أشاحت بنظرها بعيداً عنه وقالت "ليس هناك شيء"
ظل ينظر إليها بحدة وقد بدت غريبة بهروبها منه ومن نظراته "لا أصدقك، أنا أستطيع أن أعرفك جيداً نحن نقضي معا







 وقتاً أكثر مما نقضي مع أنفسنا وأصبحت أعرفك جيداً، ماذا هناك؟" 
قالت كاذبة دون أن تواجهه "صدقني لا يوجد شيء" 







شعرت به يتحرك فاستدارت لتجده خلفها مباشرة ورائحة عطره تخنق أنفاسها كما هو حزنها الذي لا تعرف سببه. 
نظرت بعيونه الرمادية التي تشبه السماء بيوم من أيام الشتاء تلونت





 سماؤه بالغيوم فتذهب زرقتها وتتلون بالرمادي من كثرة ما تحمله من مياه
زاغت نظراتها هاربة منه وقد أدركت أنها أصبحت ضعيفة أمام تلك العيون






 الهادئة وتلك الملامح الجذابة والرجولة الصادقة بدون مبالغة، تمنت أن تنطق وتخبره أن وجود تلك المرأة أصبح يبعث الضيق بنفسها 






بل أي امرأة تأتي إليه أو تتعامل معه، لم تعد تتحمل نظرات النساء إليه ولا كلمات الإعجاب التي يلقينها على مسامعه أو تدللهم عليه بطريقة فاجرة تبعث الاشمئزاز بنفسها، ولكن من هي






 لتقول ذلك وبأي حق؟
نادها باهتمام "أمل ماذا هناك؟ ألم يعجبك الراتب الذي أمرت به؟ إذا كان كذلك" 
أسرعت تقول "لا، لا بل على العكس إنه كثير، بل أكثر مما أستحق" 






ابتسم وقال "بل أنتِ تستحقينه، أنتِ فتاة مجتهدة حقا ولقد أصابت مدام فوزيه عندما قالت أنكِ أكفأ إنسانة لمثل ذلك العمل، هيا أخبريني ما الذي يزعجك؟





 أم أن هناك شاب ما في حياتك هو الذي فعل بكِ ذلك؟ هيا أخبريني ولا تخجلين" 
اندهشت هل يظن أن في حياتها رجل؟ أي رجل يمكن أن تراه أو يثير 






اهتمامها بعد ما رأته؟ إنها لم تعد ترى أي رجل آخر سواه، ولكن كيف يمكنه أن يعرف وهي لا يمكنها أن تبوح بما يجول داخلها له بأي وقت. 






هزت رأسها نفياً وقالت "شاب؟ أي شاب؟ أنا ليس في حياتي أي شاب ولا أعتقد أنه سيكون هناك"
أجلسها أمامه وقال "ولماذا؟ أنتِ فتاة صغيرة وجميلة ويمكنكِ الحصول على أفضل شاب ولا تحاولين إخباري أنه لا يوجد بحياتك قصة حب" 
تأملته، قبل أن تعرفه 







لم تكن تعرف للحب أي معنى ولكن اليوم تعلمت معنى الحب وهو ليس أي حب، وإنما حب من طرف واحد، حب ومشاعر نمت داخلها دون أن تدري متى وكيف، فاجأها قلبها بذلك الضعف فلم






 تكن تعرف أنه هكذا ضعيف منكسر أمام ذلك الرجل ولو أدركت أنها كانت تسير بطريق حب ذلك الرجل لتوقفت وأجبرت نفسها على التراجع لأنها تعلم أن مثل ذلك الرجل لا يمكنه






 أن ينظر إلى السكرتيرة التي تعمل لديه من أجل احتياجها المادي وهو يساعدها ماديا لأنه يشفق عليها كادت عبراتها تخونها ولكنها أبعدت وجهها وتماسكت وقالت بهدوء: 






"ولكن أنا فعلاً لا يوجد بحياتي أي حب ولا أفكر في أي شاب" 
لاحت الدهشة على ملامحه وقال "كيف ذلك؟ لا توجد فتاة اليوم لم تحب ولم تفكر في فتى الأحلام، كل من هم بعمرك يحلمون بالرجل الذي يخطف قلبهم فما 






وجه اختلافك عنهم؟" 
نظرت بأصابع يدها وقد انكمش قلبها خلف ضعفها وظهر أمامها مشوار حياتها فقالت "لم يكن عندي وقت حتى لأفكر في ذلك، كان علي أن أذاكر جيداً لأكون من المتفوقين لأحصل على التعليم المجاني لأن كما تعلم ظروفنا كانت لا تسمح لنا بأن توفر لي





 مصارف التعليم، بالإضافة إلى أني كان لابد أن أعمل لأساعد أمي وأوفر المال اللازم لمساعدتها، أعتقد أنها حياه معقدة لا مجال للحب فيها" 
تحرك تجاهها ووقف يواجها وقال "بل هي حياة مشرفة تستحقين عليها وسام من الدرجة الأولى، على العموم معي لن






 تشعري بأنكِ في حاجة للصراع من أجل المال، فأنتِ فتاه مجتهدة ورائعة تجيدين ما لم يجيده من هم أفضل منكِ لذا أنا لن أترك كنز




مثلك ابداً، فأنتِ تعملين معي ومن يعمل معي له حقوق علي ولابد أن أوفرها له، وهذا أمر أنتِ تعرفينه جيداً وبالطبع كلما زاد نجاحك زاد تمسكي بكِ





 أكثر وبالتالي مكافأتك لأنه حقك، وأعتقد  أن هذا يسمح لكِ بأن تعيشي حياتك كأي فتاة من حقها أن تحب وتحب" 
نظرت إليه لحظة ثم 











ابتعدت من أمامه وهي تسمع دقات قلبها الذي ينادي بالإفراج عنه وعن مشاعره الواهنة، تجاهلت





 قلبها بقصد وقالت بتساؤل ربما تستعيد قوتها: 
"ربما، ولكن طالما حضرتك تتحدث عن الحب فهذا يعني أنك تعرفه؟"






صمت هو الذي أجابها فنظرت إليه وتاهت بعيونه التي لا تتحدث عن صاحبها وإنما ضاقت وهو ينظر إليها وقال 






"ولم لا أعرفه؟ أم تظنين أني كبير سناً بدرجة لا تسمح لي بالحب، أو أن 






قطار الحياة فاتني"
أسرعت تقول بصدق "لا. لا أنا لم أقصد ذلك، أي عمر هذا الذي تتحدث عنه وأنت ما زلت في الخامسة والثلاثين؟






 أنت ما زلت في ريعان الشباب أقصد أنني لم أر لك أي عائلة أو أقارب أو، أقصد امرأة معينة وإنما أولئك النساء اللاتي يأتين هنا" 
احمر وجهها عند ذكر الأمر بينما تأملها بهدوء وقال وهو يتراجع 







مبتعداً "أولئك النساء لا يمثلن لي أي شيء هن يفعلن ما يردن لكن أنا لا أهتم أو أبالي ولا مكان لم يريدونه 







عندي، هذا لأنني منذ الصغر وأنا أكاد أشبهك، أبي وأمي كانوا من النوع الحاد وكنت ابنهم الوحيد وهم بدأوا حياتهم سويا وحققوا





 نجاحاً بأول فندق صغير افتتحوه في الفيلا الخاصة بعائلة أمي، ومن وقتها كان كل همهم 





الأول أن يكبر مشروعهم الصغير، وهمهم الآخر أن أكون رجلاً ناجحاً مثل أبي كي أحافظ على 




النجاح الذي حققوه، وليفعلوا ذلك لم يعطوني أي فرصة كي أعيش طفولتي كأي طفل بسني،





 كأن ألعب مثل الأطفال أو أهنأ بحياتي مثلهم وعندما بلغت الثانية والعشرين من عمري مات الاثنان في حادث سيارة على الطريق




 السريع أثناء عودتهم من القاهرة ليلاً، وأصبح الأمر أكثر صعوبة وأصبحت المسؤول الأول والأخير عن كل شيء وأوله







 حلمهم ونسيت نفسي وشبابي كما نسيت طفولتي ويمكنك تخيل الباقي إلى أن .." 
ودق قلبها عندما ابتعد من أمامها واستجمعت قوتها وهي تقول "إلى أن ماذا؟"






التفت إليها لحظة وكأنه يستجمع قواه هو الآخر من نظراتها الثابتة قبل أن يكمل "بعد أعوام قليلة كانت حياتي 





فيها قد اقتصرت على العمل في محاولة أن أكون ناجحاً وحدي كما أراد والدي وفي غمرة






 توهاني بالحياة  قابلتها في لندن، منذ أن رأيتها وتعلق قلبي بها كانت امرأة بكل المعاني، فاتنة





 سحرتني من أول نظرة، أسرعت بالتعرف عليها وخرجت معها كثيراً حتى قضينا سويا أيام جميلة لم نكن نفترق إلا عند النوم، نسيت نفسي 




وعملي وأصبحت أستيقظ على صوتها وأنام بعد أن أراها، كنت أعتقد وقتها أننا لن نفترق ولكن فجأة اختفت وأصبحت كالمجنون وأنا أبحث 





عنها بدون هدى، لا أريد أن أذكر تلك الأيام وكأنها تعيد أحزاني على والدي يوم فقدتهم"
ابتلعت ريقها بصعوبة من الجفاف الذي أصابها ولكنها لن تتوقف هنا





 لابد أن يكمل فقالت "وهل عرفت ماذا حدث؟ أو أين ذهبت؟"
قال بنفس الهدوء الذي لم يفارقه لحظة وكأنه درب نفسه كثيراً على أن يحتفظ به "نعم عرفت أنها عادت إلى لندن 







مع والدها فجأة لظروف خاصة بعمله، ربما حاولت الاتصال بها 


ولكن لم أنجح بذلك وقد أغلق هاتفها ولم أعرف أين يمكن أن أعثر عليها بلندن





 رغم أعمالي التي أباشرها هناك ولم أراها منذ ذلك الوقت ومع ذلك ما زالت صورتها لا تفارق خيالي" 






شعرت بنفسها وهي تفرك يديها ببعضهم إلى أن أدركت نفسها وهي تشعر بالحرارة تتسلل إلى جسدها وقلبها لا يتوقف





 عن الخفقان في سباق مع الثواني وهي تدرك أن لا أمل لها في أن يشعر بها أو حتى يراها ويدرك وجودها، وأدركت أيضاً أنها كانت غبية عندما لم







 تفكر أن هناك امرأة بحياته فلا يمكن لرجل مثله به كل تلك المميزات، ألا تكون بحياته امرأة 







فهي لن تحصل حتى على فرصة واحدة في الفوز بقلبه، لماذا تقسو عليها الايام هكذا؟
قالت تحاول أن تخفى ما يجول داخلها وهي تشعر أن علاقته هذه







 ربما ليست حب "وهل تسمى ذلك حب؟" 
نظر إليها بدهشة وقال "ماذا تقصدين؟" 
قالت "تحب امرأة من أول لقاء؟ امرأة لم تكن تعرفها ولم تقض معه







 إلا أيام قليلة ثم ترحل وتتركك دون أن تتأكد من مشاعرك تجاهها أو العكس" 
قال وهو يفكر "أظن أنه لا يحق لكِ الجزء الأول من السؤال أم أنكِ 









لا تعلمين شيء عن الحب من أول نظرة؟ الحب لا يحتاج أن نتعارف إنه إذا تلاقت الأعين واهتزت






 المشاعر واصطدمت بالقلب، انتصر الحب بدون أي مقدمات وعلى كل شيء" 
هزت رأسها هو على حق هي عرفت ذلك لأن حبه فعل بها المثل، لم 






تجادل وقالت "نعم الحب لا يمكن أن يوقفه أي





 شيء بالتأكيد هي امرأة محظوظة تلك التي





 تحظى بقلب مثل قلبك" 
لم تعرف كيف قالت ذلك إلا عندما قال "أهذا أنا الذي تتحدثين عنه؟" 







نظرت إليه وقالت بدون تردد "بالتأكيد، فأنت إنسان رائع وأي امرأة تتمناك" 







ابتعد وقال بضيق واضح "نعم تتمناني من أجل أموالي فقط، هذا هو تفكير أي فتاة أو امرأة في ذلك الزمن" 







قال تدافع عن نفسها ومشاعرها الصادقة تجاهه "ليس كلهن سواء" 
ابتسم وقال "إذن لا يمكن أن تكون بمثل عمرك وإنما لابد أن تكون





 قريبة من عمري فلا يمكن لفتاة في مثل عمرك أن





 تقبل رجلا في مثل سني دون أن يكون لديه الكثير من الأموال كي تتغاضى عن فارق السن؟" 





قالت دون تردد "إذا أحبتك فلن يهمها إذا ما كان معك مال أم لا، ستعيش 





معك أيا كانت ظروفك هذا هو الحب الصادق





 الذي ليس له أهداف أخرى سوى أن يجتمع الحبيبان على سنة الله ورسوله، فيجتمعان سويا ويبنيان 





حياتهما التي يحلمان بها يظللهما الحب والمودة والرحمة" 
تأمل ملامحها وقال "إنها أفكار جميلة يا أمل ويا له من رجل محظوظ





 الذي سيحظى بفتاة مثلك، ولكن ما زلتِ صغيرة





 على أن تدركي أشياء كثيرة، منها أن الحب في هذه الأيام لم يعد يمثل هذه المثاليات التي تفكرين






 بها، فالمادة الآن هي أهم شيء وكل الفتيات لا يبحثن إلا عنها" 
قالت بضيق "أولا أنا لست بفتاة صغيرة ولقد تعلمت من الحياة





 الكثير وما زلت أتعلم، وأنا التي يمكنني أن آتي بالمادة وليس العكس، ثانيا إذا كان الرجل الذى اختاره





 قلبي مثلي أي فقير وليس لديه الأموال الطائلة التي تتحدث عنها حضرتك فما الجديد 







بالنسبة لي؟ أنا اعتدت على أن أجتهد في حياتي وسأفعل المثل ولكن الحياة وقتها ستكون أفضل





 بوجوده معي وأكيد سيشجع أحدنا الآخر ويكفى أننا سويا وقلوبنا لم تفترق" 
قام وقال "أنا معجب بتفكيرك ولكن الحلم غير الواقع يا أمل، والأمر 






ليس بسهل لذا أتمنى أن لا تفعلي ذلك بنفسك، أنا 




لن أوافق على أن ترتبطي بأي شخص والسلام، لأنكِ





 تستحقين شخصاً مميزاً ولا تنسين أنكِ أصبحت تعملين معي ومن سيكون شريك حياتك لابد أن يليق بمكانتك الجديدة لأني لن أقبل 






بأقل من ذلك" 
تمنت أن تخبره أنها لن ترتبط بأي أحد سواه ولكن لم يعد ذلك من حقها ..أخذ جاكتته وقال "لا أعلم كيف أمكنكِ 







استخراج تلك الذكريات من داخلي، لم أتحدث بها لأحد من قبل، لابد أن أذهب الآن فأنا أريد






 أن أنال بعض الراحة قبل حفل زفاف أحمد صديقي هل جهزتِ لي البدلة الخاصة؟" 






قامت وقالت "نعم لقد تأكدت أنها في جناحك واخترت لك القميص وربطة العنق أتمنى أن يعجبك ذوقي"






ابتسم وتحرك نحو الباب وقال "ألن تأتي معي؟" 





هزت رأسها وهى تقول "لا" 





قال "حسنا، ولكن عندما يصل الفوج الألماني لن 





يكون هناك لا لأي شيء، كوني على استعداد لكل شيء بما في ذلك التأخير ليلاً" 





هزت رأسها ولم ترد وهي تتابعه وهو يذهب تاركاً إياها بين أحزانها وحدها  
...

الفصل الرابع

أنا أحب
أعادت كل شيء بالمكتب لمكانه وهي تحاول أن تستعيد طبيعتها بعد 









أن أدركت أنه لا يمكن أن يكون لها في أي يوم، جاءها تليفون بلغوها أن الفوج أكد الحجز




 والوصول بعد الغد، أغلقت المكتب واتجهت إلى




 مكتب مدير الفندق الذي كانت تعلم أنه لا يفضل التعامل معها بحكم أنه يكبرها سنا وخبرة وقد 



تمنى أن يحصل على مركزها بيوم ما، وكثيرا ما كان يهاجمها بكلمات




 لاذعة ولكنها لم تكن ترد ولم تحاول أن تتعامل معه من باب أنها مديرة







 مكتب وليد وبإمكانها أن تلقي الأوامر أو أن تبدوا أنها مديرة عليه رغم أن وليد أعطاها هذه الصلاحيات وبخاصة تجاه ذلك الرجل الذي لا يفضله أحد والجميع يعلم أفعاله.
دقت الباب ودخلت وقالت "مساء الخير أستاذ أكرم" 
نظر إليها الرجل من وراء نظارته الطبية وقال "مساء الخير آنسة أمل"
ابتسمت وقالت "لقد أخبروني بأن الفوج الألماني أكد الحجز وأنت تعلم أن الأستاذ وليد يهتم شخصياً بهذا الفوج فجئت لنعد معاً الترتيبات الخاصة" 
خلع نظارته وقال "أي ترتيبات التي تريدين الإعداد لها؟ البرنامج معد مسبقاً كما تعلمين ولا توجد أي ترتيبات أخرى" 
قالت بهدوء وهي تجلس أمامه "أعلم ولذلك جئت لأحصل على رأيك في بعض التغييرات" 
قام من وراء مكتبه واتجه اليها وقال "أي تغييرات ومن الذي سمح لكِ بالتدخل في مثل تلك الأمور الفنية؟ أنتِ مجرد سكرتيرة للأستاذ وليد، مجرد طفلة أتى بها لتلعب بالأوراق التي توضع أمامها أو تسعدينه بوجودك معه، ولكن أن تتدخلي في عمل الرجال فهذا ما لن أسمح به" 
لم تتوقع أن يتحدث معها بمثل ذلك الأسلوب أو يلقى عليها تلك الكلمات المهينة ومع ذلك حاولت ألا تغضب وقالت "أوراق ألعب بها؟ أسعده؟ ماذا تعني بكلماتك هذه؟ وكيف تتحدث معي بمثل ذلك الأسلوب؟ أنا لست طفلة ولم أتي هنا لألعب بالأوراق كما تقول، ولو كنت كذلك لما تركني الاستاذ وليد يوماً 






واحداً، ولست هنا لأسعد أحد، أنا كان يمكنني أن أفعل ما أشاء دون الرجوع إليك ولكني احترمت مكانتك وسنك" 
لم يمنحها فرصة لتكمل وهو يقاطعها بغضب وبصوت مرتفع 





"تفعلين ماذا؟ أنتِ لا تستطيعي أن تفعلي أي شيء أنتِ لا تصلحي أصلاً لشيء، أنتِ مجرد دمية يلعب بها الأستاذ وليد لتسلية وقته ويسعد بها نفسه،






 هل صدقتي نفسك وأنكِ مديرة مكتبه كما يقول؟ أنتِ لا تعرفين أي شيء عن الإدارة وأنا لن أسمح لفتاة من الشارع أن تأتي لتعلمني كيف أعمل" 






أخذها كلامه الحاد والمهين لدرجة جعلتها تشعر بالمهانة والضآلة وحاولت أن تفكر بالرد ولكنها سمعت صوت وليد يقول بغضب 
" كفى" 
نظر الاثنان إليه وقد بدا الغضب على ملامحه بينما حاولت هي التحكم في عبراتها التي حلقت على أفاق عيونها من 






إهانة الرجل لها وما أن رأته أمامها حتى تحركت إلى الخارج لتهرب من كل ذلك ولكن ما أن اقتربت منه حتى أمسك هو ذراعها وقال بحزم






"انتظري لم أسمح لكِ بالذهاب" 
توقفت فترك يدها وأغلق الباب ونظر إلى الرجل بعيون نارية وقال "كيف تجرؤ وتتحدث مع مديرة مكتبي بمثل 






هذه الطريقة؟ أنا إذا كنت منحتك صلاحيات كثيرة فهذا لأنني أحترم سنك وخبرتك وصداقتك لوالدي، ولكن أن تهين أحد العاملين معي فأنت بذلك تهينني شخصياً، وبخاصه إذا كانت هذه المرأة" 






نظرت إليه من وراء دموعها وهي تتساءل هل يمكن حقا أن يدافع عنها هكذا؟ هل يعنيه أمرها حتى يرفض إهانتها أم لأنها كما قال أحد العاملين عنده؟ 






سمعت الرجل يقول بنبرة متغيرة "أستاذ وليد إنها تحاول التدخل في عملي وتتحدث معي بأسلوب غير لائق ومنذ أن دخلت وهي تلقي علي الأوامر، هي التي حاولت إهانتي وقالت أنني أصبحت عجوز ولا أصلح لأي شئ" 
نظرت إليه بدهشة فهي لم تقل ذلك لذا قالت "ولكن أنا لم أقل ذلك، بل هو" 







ولكن وليد أشار إليها وقال "لستِ بحاجة للرد يا آنسة أمل، لقد سمعت الحوار كله وبصراحة لم أتخيل أن مدير فندقي الذي أثق به يدعي بالباطل على أحد العاملين عندنا، ثم من الواضح أنك نسيت من أنا ولم تعد






 تعلم أنني لست ذلك الشاب التافهة الذي يحضر الفتيات في مكتبه ليقضي معهن وقتاً سعيداً كما قلت، أنا أضع تحت يدي من هو جدير بثقتي 




وهي كذلك بدليل أنها ليست فقط مديرة مكتبي وإنما مديرة أعمالي"
قاطعه الرجل الذى اصفر وجهه "ما الذى تقوله مستر وليد؟ أنت تمنح


 تلك الفتاة مركزاً لا يليق بها بدلاً من أن تؤنبها على ما فعلته معي أنا؟ هل نسيت من أنا وماذا














 فعلت لهذا المكان طوال كل  السنوات التي عملت فيها من أجلك؟"
اقترب وليد منه وهو يضع يده في جيوبه ويقول "أنا لم أنكر سنواتك التي قضيتها هنا بدليل أنك لم تعمل بدون مقابل 











وإنما تحصل على راتب يفوق أي راتب يمكن أن يحلم به الوزراء، غير المكافآت والعلاوات وما إلى ذلك من الأمور التي تظن أني لا أعرفها 





ولكن للأسف أعرفها كما تعرفها هي أيضاً، لقد طفح الكيل من تصرفاتك ومن كلامك أنا لم أعد أتحمل" 









جلس الرجل على أقرب مقعد وقال "مستر وليد أنا .." 
قاطعه وليد بنفس النبرة الغاضبة وقال "أنا لا أريد أن أسمع أي كلام آخر، من فضلك سلم كل شيء خاص بالعمل إلى





 الأستاذة أمل، وهي ستتأكد من أنك حصلت على كل حقوقك المالية"
تحرك تجاه الباب ثم







 استدار إليها وقال "نفذي الأوامر أستاذة أمل وعندما تنتهين اتصلي بي وتأكدي من أن يحصل على كل حقوقه المالية وإخلاء الطرف، استعيني 






بالشئون القانونية" 
كان الذهول يتملكها فهي بالطبع لم تتخيل أن يحدث كل ذلك لها أو لذلك الرجل، ولكن وليد كان قاسي وحازم مع الرجل وتملكها الصمت وقد تاهت منها الكلمات






 فلم تقو على أن تقول أي شيء وهي تهز رأسها بالموافقة وتتابعه وهو يذهب
بالطبع كانت نظرات الرجل لها كلها مليئة بالحقد والغضب ولكنها لم تهتم 






وتصرفت كما طلب منها وتحلت بالقوة والشجاعة بعد الثقة التي منحها لها، استعانت بالشئون القانونية لإنهاء ما يخص الرجل وتسلمت كل شيء منه وكل ما يخص العمل وقد شحب 







وجهه ولم يحاول أن يتحدث مرة أخرى حتى هي لم تحاول أن تتحدث لقد انتهى الأمر واتخذ هو قراره ولم يعتاد أن يتراجع عن أي قرار اتخذه 







وأخيراً انتهت فاتصلت به كما أمرها ولكنه لم يرد عليها، أعادت الاتصال مرة أخرى وبعد رنات كثيرة أجاب عليها فقالت 
"آسفة يا فندم على مقاطعتك ولكن أنا أنهيت كل شيء كما أمرت" 






جاءها صوته هادئا "حسنا أديري الأمور من عندك حتى أعود لن أتأخر أخبري والدتك أنني سأوصلك إلى البيت بسبب التأخير، لابد أن نراجع بعض الأشياء قبل وصول الفوج" 







وقبل أن ترد كان قد أغلق الهاتف  فأبعدت الهاتف عن أذنها ونظرت إليه وقد احتارت بذلك الرجل الذي يخفي حنان غريب




 خلف قسوته الظاهرة.
اتصلت بوالدتها وأخبرتها بالأمر فلم تحاول الأم الاعتراض وكأنها تدرك أن حياة ابنتها اختلفت تماماً. 





عندما عاد كانت العاشرة تقريبا وقد كانت ما زالت بمكتب المدير لتعد للفوج الألماني فتح الباب فجأة فنظرت 






إلى الباب فرأته يتقدم، نهضت من وراء المكتب لتفسح له المكان وهي تقول 
"حضرتك لم تتأخر" 
اتجه إلى المكتب وجلس وقال "لا مجال للتأخير الفندق أصبح بدون 






مدير والفوج على وشك الحضور فهل تظنين أنني يمكن أن أتأخر من أجل فرح؟" 






بالطبع كان على حق ولكنها شعرت أنه ليس على ما يرام فقالت "هل أنت بخير؟ هل هناك شيء؟" 
نظر إليها بقوة وقال "شيء؟ أي شيء؟ أنا لا أفهم سؤالك"  







ارتبكت من حدته بالحديث ولكنها قالت "أشعر أن هناك شيء يزعجك" 
نظر إلى الأوراق وقال "ليس هناك شيء أكثر من الفندق وما يحدث به





 الآن أم الأمر لا يستحق بنظرك؟ هيا دعيني أراجع ما فعلتيه في غيابي" 
تغاضت عن عصبيته وغضبه الواضح وراجعت معه كل شيء من 






حيث بدأت وإلى حيث انتهت، أكمل معها بحماس واضح منها وهي تشرح خططها الجديدة وهو يهز رأسه دون أي اعتراض إلى أن تراجع في كرسيه وقال 






“ تعجبني أفكارك وأوافق عليها لكن عليكِ متابعة تنفيذها وأعتقد أن الأمور استقرت الآن" 
هزت رأسها وهى تشعر بالصداع يدق فيها وقالت "نعم أظن ذلك" 





قال وهو ينهض "حسنا دعينا نذهب لقد تأخرنا كثيرا وأرى الإرهاق باديا على وجهك وملامحك"  






حاولت أن تكون طبيعية ولكن اليوم كان شاقا ومتعبا وأحداثه كثيرة فقالت "إذا كان هناك شيء آخر تريده فدعنا ننتهي منه" 
اقترب منها وقال "أنا أعلم أن اليوم كان صعباً ومزعجاً ولكنك تعلمين أني لن أستطيع أن أمنحك أي إجازة" 






قالت بتفهم "أنا أعلم ولا أريد أي إجازات، أنا أحب عملي" 
نظر إليها وهي تحاول أن تخفي عيونها التي امتلأت بالخوف والحزن والحيرة فما زال الكلام الذي قاله لها عن تلك 






المرأة يؤثر عليها ويشغل بالها رغم انشغالها بالعمل، وذلك لأنها أدركت بنفس اليوم أنها أصبحت حبيسة حبه ولن تستطيع أن تبعد أو تتراجع.






تاهت من الوجود لحظة ولم تعد إلا عندما أمسكها فجأة من ذراعها فارتجف جسدها وهي تنظر إليه بدهشه فقال "ماذا بكِ؟ هل أنتِ بخير؟"







هزت رأسها وقالت "نعم بخير"
قال "حسنا هيا دعينا نذهب، الأيام القادمة ستكون أصعب" 
ركبت بجانبه في السيارة فقالت "أريد أن أسألك سؤال؟" 
قال دون أن ينظر إليها "أعلم، تريدين أن تعرفي لماذا أقلت المدير وقد كان من الممكن أن يكون العقاب أقل من ذلك أليس كذلك؟" 
أجابت وهي مندهشة من أنه عرف ما تريد "نعم فعلاً هذا ما أردت أن أعرفه، كيف عرفت؟ أنا من وقتها وأنا أشعر بالذنب لأنني تسببت في فصل إنسان أيا كان"  
ابتسم وقال "بصراحة أنا استغليت الأمر، منذ فترة وأنا أعلم أنه يتجاوز في أشياء كثيرة كتلك التي كنتِ تخبريني بها وغيرها من التي عرفتها وعرفت أنه بدأ يتخذ قرارات كثيرة دون الرجوع إلي، غير التجاوزات 






المالية التي عرفتها فأنا لي عيوني في كل مكان، وبالطبع لم تعجبني طريقته في التعامل معكِ اليوم والكلام الذي تلفظ به لذا كان ما كان أي لم أظلمه ولكن تحينت اللحظة المناسبة" 







هزت رأسها وقالت "نعم، ومع ذلك  شعرت بأنني تدخلت في عمله" 
ابتسم وقال "إذن أنتِ لا تعلمين منصبك جيدا، إنه يمنحك صلاحيات كثيرة أكثر مما يمكنك أن تتصوري، ولكنك ما زلتِ 




صغيرة لتتعاملي مع هؤلاء الأشخاص، على العموم ما زال أمامك الكثير لتتعلميه وأنا لست متعجلا لأن ما لديكِ الآن من قدرات يؤدي









 الغرض ويفي باحتياجاتي، المهم عليكِ الآن بمباشرة مهنة المدير بالأيام القادمة مؤقتا حتى نأتي بمدير جديد، ولكن ذلك من مكتبك إلى جانب عملك الأصلي" 















كانا قد وصلا إلى بيتها الذي كان بمنطقة هادئة بالإسكندرية  فقال "منزلك في مكان هادئ، هيا انزلي الوقت تأخر جدا ولا يمكنك مناقشة أي شيء الآن" 







كانت تريد أن تعترض ولكنه لم يمنحها فرصة، كيف يمكنها أن تقوم بكل تلك الأعمال ماذا يظن بها؟ وهل يمكنها أن تفعل ما يطلبه منها؟ 
عندما دخلت المنزل كانت والدتها ما زالت في انتظارها، نظرت إليها ثم رمت نفسها على أقرب مقعد فقالت أمها 
"لماذا تأخرتِ هكذا؟" 






حكت لوالدتها ما حدث باختصار فقالت الأم "ولكني رغم ذلك النجاح والثقة التي منحها لكِ أراكِ غير سعيدة بهذا النجاح فلماذا؟"
نظرت لوالدتها وقالت "لا أبداً يا ماما، ولكن فقط أشعر أنني لن أستطيع تحمل كل ذلك وحدي الأمر ليس بسهل وأنا ما زالت خبرتي بهذه الأمور صغيرة، كما أن العاملين هناك قد لا يتقبلون فتاة صغيرة لتصبح مديرة عليهم كما حدث اليوم مع المدير السابق" 







قالت الأم بهدوء "إذن أنتِ تشعرين بالخوف" 
نظرت لوالدتها وقالت بصراحة "نعم"
لاحت نظرات تساؤل بعيون الأم وقالت "فقط؟ أقصد هل هذا هو كل ما في الأمر؟" 
نظرت بعيون أمها ربما ترى ماذا تعني ولكنها لم تر أي شيء فاحمر وجهها دون أن تشعر وقالت "لا أفهم يا ماما، ماذا تقصدين؟" 
أجابت الأم بنبرة حانية مطمئنة "أقصد أني لا أظن أن ذلك هو سبب الحزن الذي أراه بعيونك، منذ متى وأنتِ تخشين من العمل أي عمل؟ أنتِ جديرة بأي مكان تكونين فيه، لذا ذلك الحزن الذي أراه في عيونك ليس سببه العمل وإنما شيء جديد فما هو؟" 
دق قلبها هل يمكن أن تكون والدتها تشعر بها أم أنها أصبحت كالشفاف واضحة وظاهرة؟ أم هل تفضحها عيونها وتنطق بمكنون فؤادها؟ 
قالت بهروب واضح "ماذا يمكن أن يكون جديد يا ماما؟ ليس هناك غير ما أخبرتك به، أنتِ تذكريني بالأستاذ وليد فقد سألني نفس السؤال تقريبا" 
ابتسمت الأم وقالت "حقا فعل؟ ربما يكون الأستاذ وليد هو الأمر الجديد" 







حدقت في والدتها، هل من الممكن أن تكون أمها كشفت مشاعرها قالت "أي جديد به يا ماما أنا معه منذ شهر وأكثر فما الجديد بخصوصه؟"
ربتت الأم على يد ابنتها بحنان وقالت "انظري إلى عيونك وأنتِ تتحدثين عنه، أنا أمك وأعرفك جيداً، ماذا تخفين عني يا ابنتي؟"
شعرت بالصداع يزداد وبأن جسدها يرتجف رغم ازدياد حرارته، لم تجد إجابة وهي تبحث في بحور الكلمات عن إجابة عندما قالت
"أنا، أنا لا أخفي أي شيء"
كانت نظراتها تهرب من مواجهة أمها  ولكن الأم قالت "بل هناك وعيونك تفضحك يا ابنتي ماذا تكنين لذلك الرجل يا أمل؟" 
تفاجأت من سؤال أمها الصريح وشعرت بأنها تغرق في بحر من الضياع لأنها لا تعرف أين هي وماذا يمكنها أن تفعل أو تقول؟ هل يمكن أن تخفي مشاعرها عن أمها صديقتها الوحيدة؟ أم تخبرها رغم أنها تعلم أن الأمر كله خطأ؟
وضعت رأسها بين يديها ربما توقف دقات الصداع به وقالت بحزن "وإن كان هناك شيء يا أمي فالأمر ليس بالهام"






تراجعت الأم وقالت "وما هو هذا الشيء يا ابنة عمري؟ لن تخبريني أنه الحب؟"
لم ترد ولم تنظر إلى أمها ولكن المرأة فهمت وقالت "لماذا يا أمل؟ لماذا فعلتِ ذلك بنفسك يا ابنتي؟"
زاد حزنها أكثر من كلمات أمها وقالت "ليت الأمر كان بيدي يا ماما"
قالت الأم بحزن "هل يعلم شيء عن مشاعرك هذه؟"
هزت رأسها نفياً وقالت "بالطبع لا إنه لا يراني أصلاً إنه طريق مظلم مغطى باليأس ألقيت نفسي فيه دون أن أشعر منه وملأت قلبي بالألم" 
قالت الأم بألم على ابنتها "ولماذا يا ابنتي تركتِ قلبك ينقاد في ذلك الطريق طالما تعرفين نهايته؟" 
لم ترفع وجهها وهي تجيب بألم يزداد "لم أشعر يا ماما ولم أكن أعلم، اليوم فقط أدركت أنني أحب وأحب ذلك الرجل، وفي نفس الوقت أدركت أن ذلك الحب خطأ من كل النواحي، فكيف أحب رجل مثله في مثل مركزه ومكانته؟ ماذا أكون أنا بالنسبة له؟ مجرد فتاة أتت لتعمل عنده لأنها بحاجة لأمواله فهل يمكن أن يمنحني أكثر من نظرات الشفقة والإحسان؟"





رفعت وجهها المليء بالدموع وهي تنظر إلى أمها وأكملت "والأهم من ذلك أنني لم أنتبه إلى مشاعره هو إلا اليوم أيضا عندما أدركت أن هناك امرأة في حياته أي أن الطريق مسدود من كل ناحية" 
زادت الدموع تجري هاربة من عيونها فاقتربت منها والدتها وأحاطتها بيديها وقالت بحنان "يا ابنتي الحبيبة ماذا فعلتِ بنفسك؟ أنتِ أصغر من أن تتحملي كل هذه الأشياء، حبيبتي لابد أن تعلمي أن ما بدأته من الصعب انهاؤه لأنكِ تعلمين أن الحب حائط صلب إذا أقيم لا يكون من السهل هدمه"
نظرت لأمها وقالت "أعلم والغريب أني لا أريد أنهاؤه يا ماما، لا أريد إخراج حبه من قلبي أنا أحب حبي له واهتمامي بكل ما يخصه أعلم أن كل ذلك خطأ ولكن غصب عني ليس بيدي صدقيني غصب عني"
ثم انهارت دموعها بدون توقف فضمتها الأم إلى أحضانها وربتت عليها حتى هدأت وابتعدت من أحضانها فقالت الأم
"أعلم حبيبتي لكني أعلم أيضاً أنكِ قوية ويمكنكِ مواجهة أي صعوبات وليس من طبعك الاستسلام أو الضعف أو الهزيمة" 







أبعدت عيونها وقالت بضعف "إنها ليست حرب يا ماما، إنها مشاعر جديدة لا أعرفها، فقط تؤلمني ولا يمكنني أن أوقفها ولا تغيرها"
قالت الأم "لا يا ابنتي، كل شيء ممكن حتى المشاعر يمكن تغييرها





 إذا تم توجيهها إلى الطريق الصواب، يمكنكِ أن تتركيه وتبتعدي عنه وعن حياته، والبحث عن  عمل في أي مكان آخر، فرص العمل كثيرة، ولا تهتمي بالمال أنا" 
قاطعتها قائلة بحزم 







"لا يا ماما، أنا لا أريد أن أترك العمل معه، بل لا يمكنني أن أفكر بذلك ليس بعد ما وصلت إليه كما لا أستطيع أن أتخلى عنه في ذلك الوقت أو في أي وقت، أنا أضعف من أن أبعد عنه أنا أحبه يا 





ماما وراحتي ليست في البعد عنه بل لا أشعر بالراحة إلا وأنا بجانبه، أنا آسفة يا ماما ولكن لا أستطيع أن أتركه لا يمكنني" 
صمتت الأم قليلا ثم قالت "حسنا يا ابنتي هوني على نفسك لأنكِ اخترتِ






 طريقا صعبا ولن يكون من السهل عليكِ اجتيازه"
قالت بحزن "هذا قدري إذن ولن أستطيع أن أغيره، اسمحي لي أن





 أذهب لأنام فأنا مرهقة جداً اليوم، وأعلم أن الأيام





 القادمة ستكون أكثر إرهاقاً بدنياً وذهنياً" 
قبلت أمها التي كانت حزينة لابنتها، بينما ألقت جسدها على الفراش





 ومازالت الأفكار تتلاعب بها بدون رحمة، وكأنها تستعيد كل كلماته وحكايته وكلما فعلت أوجعتها 





الغيرة ومن داخلها كانت تتساءل هل حقاً أحب تلك المرأة التي قابلها أيام معدودة ثم رحلت 




بدون أي مقدمات، لا تعلم لماذا كانت تشعر أن تلك القصة لا يمكن أن تكون حب.                    
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-