رواية وقت الذروة الفصل الثامن8 بقلم نهلة جمال


 

رواية وقت الذروة 

الفصل الثامن 


بص ودور جوة حياتك ... تلقى قانون الدنيا الساخر 

لما الحاجة بتبدأ عادي ... مبتحلوش غير في الأخر 

أصل قانون الدنيا الساخر ... إن حلاوة الحاجة أواخر 

يعني الحاجة بتبدأ عادي ... ومتحلوش غير في الأخر ! 

_ نبيل عبد الحميد 


 هل تجرعت كوباً ساخناً من القهوة المحلاة في أحد المقاهي العامة في ليلة شتوية ممطرة ؟ أتعلم تلك اللذة عندما تحيط يدك الكوب الدافيء وتجلس بإسترخاء بينما الأخرون في الخارج يركضون سعياً لمنازلهم 

وزخات المطر التي تنزلق على الزجاج الذي يعزلك عنهم لتشكل خطوطاً طويلة توضح لك الرؤية في الخارج ! 




ناهيك عن ذلك ، أم هل أعددت قالب من الحلوى في منزلك وجلست تنتظره إلى أن ينتهي وجعل رائحة منزلك واركانه كرائحة الفانيلا النضرة ! ثم عندما تنتهي تحضر كوباً من الشاي الساخن وتقطعها لتضعها في الصحن ثم تجلس في مقعدك المفضل في المنزل لتشاهد فيلماً كرتونياً محاولاً إزاحة ضغوط العمل والسعي وراء المال الذي لا ينتهي سوى عندما نلفظ أرواحنا وننتقل للذات الإلهية ! 

في الحالة الأولى ستحصل على بعض الدفيء والإسترخاء في البداية لكنك لن تجد سيارة أجرة تقلك للمنزل وسيكون الطريق مخيفاً لإنه يخلو من المارة الذين سبقوك وركضوا لمنازلهم بينما أردت أنت أن تهنيء بساعة صفا 





وفي الحالة الثانية صباح اليوم التالي ستذهب لعملك متأخراً وسيوبخك رب العمل لإن الحلوى أصابتك بالتخمة وجعلتك تنام بعمق 

للبدايات لذة ك بداية إشعال عود ثقاب ، لكن نهايتها جافة ومخيفة ، كأن ينتهي العود لتحترق أصابعك ! 

_ نهلة جمال 


عاد للمنزل في وقت متأخر متعمداً لإنه كان في حالة نفسية يرثى لها ! حالة لا تسمح له بالجلوس أمام سديم وسماع ثرثرتها المتكررة عن عش الزوجية السعيد وشقة الأحلام ، إنها لا تلبث أن تكرر مقولة أنها ستصبح حرم السيد ريان الحاكم




 وكأنها حصلت على طموحها وأهدافها في الحياة ، ثم يدور الحوار بإن تسأله والدته عن كم طفل يود أن ينجب وأين ستكون وجهتهم لقضاء شهر عسل لطيف 




دخل غرفته بهدوء ووضع المفاتيح على المنضطدة وهو يتذكر السيدة ذات خصلات الشعر السوداء الطويلة التي رآها في كابوسه المفزع خلال رحلتهم لكوابيس موتيل 

تمدد على فراشه وهو يحاول إستيعاب ما إذا تلفت خلايا عقله لتنسج له كابوسه على هيئة حقيقيه ، نفض تلك الأفكار المخيفة عن عقله ليعود تفكيره إلى النقطه ذاتها " صِبا " ! 





يود رؤيتها ومعرفة أحوالها ولكنها لم تتصفح مواقع التواصل الإجتماعي منذ شهرين ويعتقد أنها قامت بتغيير شريحة الهاتف وحتى عندما يتواجد للعمل تظل جالسة في غرفتها طوال اليوم ! لا يعلم ولكن يبدو أنه أشتاق لها ! 


♤ في غرفة صِبا 

أصبح الجو بارد في الليل لذا لفت جسدها الضئيل بالوشاح القرمذي الخاص بوالدتها لتقوم وهي تمد يدها المنهكه للنافذة بحذر حتى لا يسقط المانيكان الذي تصنع عليه فستان الزفاف 




، أغلقت النافذة بهدوء ثم عادت لفراشها وجلست عليه وهي تمسك بكتاب صغير لتقرؤه ، إستمعت لصوت نقر على زجاج النافذة ولكنها تجاهلته حتى بدأ الأمر يزداد سوءاً 




أغلقت الكتاب وأعتدلت في جلستها وهي تنظر للمانيكان تارة وللنافذة تارة أخرى ، ضمت شفتيها لتقول بهمس أيات قرآنية




 وتحاول تهدئة قلبها حتى سمعت صوت حفيف على أرضية غرفتها الخشبية ، إتسعت عيناها وهي تنظر للمانيكان الملتف على جسده فستان الزفاف وتجد أن أصابع يده المضمومه قد




 فردت ! وتزداد طولاً ، وضعت يدها على فمها محاولة متع نفسها من الصراخ لكنها لم تستطع لتقوم ركضاً إلى باب غرفتها وتحاول فتحه لكنه كان محكم الغلق 

وضعت يدها على قلبها وهي تكرر الأيات القرآنية لكنها وجدت أن رأس المانيكان الفارغ قد نبت به الشعر الاسود وخصلات الشعر تزداد طولاً ، لم يتحمل قلبها الرقيق ما يحدث ف سقطت أرضاً ..

هل إختلط الحُلم بالواقع ؟؟ 






♤ في غرفة فارس 

وضع العلكة التي كان يمضغها طوال اليوم في سلة النفايات وأغلق مصباح الضوء ليستسلم لنوم عميق 


كان في منزله ولكن والدته ووالده لم يكونوا هنا ، طان يجلس في الصالة ولكنه كان يستمع لصوت كأن أحدهم يجُر شيئاً ثقيلاً على الأرضية ، قام بهدوء ليرى من هناك ونظر من العين السحرية ليصاب الهلع عندما رأى جسد ضئيل ذو جلد ببون أبيض وعروق بارزة ، ورأسه ممتليء بالمسامير الحديدة




 مصطفة على رأسه كما لو أنه تاج ، والدماء تسيل من راسة لتغطي عينيه الصغيرتين ، ويمتلك ذيل طويل ويحاول جر الخزانه الخشبية على الباب وهو يصرخ بصوت مكتوم 

إرتعد فارس ليعود للوراء وهو ينظر للباب المغلق ثم وجد باب المطبخ ينفتح ببطيء ، نظر له برعب ، كان هناك أحدهم يدندن بفحيح مخيف ، شعر فارس أنه لم يعد قادراً على ألتقاط أنفاسه 


هب من نومه صارخاً وحبات العرق قد ملأت جسده ، دخلت والدته مذعورة ألى الغرفة ثم جلست على اىفراش بجانبه لتقول : يا حبيبي يا ستار يارب أهدى إهدى 





فارس وهو يحاول التنفس : ك كابوس 

إحتضنته والدته بقوة لتقول : لا حول ولا قوة إلا بالله مفيش حاجه يا حبيبي تعالى قوم خد شاور 

نظر فارس لوالدته بذعر ثم قال بنبرة غريبة : متخرجوش من البيت أنهارده ، وسيبوا نور المطبخ دايماً مفتوح 

قالت له والدته : حاضر يا حبيبي 

قال فارس بنبرة مرتعبة : هما الشياطين ليه لون جلدهم أبيض ؟ 





والدته بذعر : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، دي سيرة تجيبها دي ؟ أنا هشغل سورة البقرة في البيت وأنت قوم خد شاور وأتوضى وصلي ، ربنا يهديك يابني 

خرجت والدته ليقوم فارس من الفراش ثم خلع سترته وحذفها أرضاً لأنها مبتلة وظل عاري الصدر ثم قال : عمري في حياتي ما حلمت بكابوس ، إشمعنا دلوقتي؟


♤ صباح اليوم التالي


صف ريان سيارته في حديقة المنزل الخاص بصبا ثم خلع نظارته الشمسية وهو يلقي نظرة إلى الأعلى ، لغرفتها تحديداً

ظل واقفاً عدة دقائق ولكنها كالمعتاد لم تظهر 

سار داخل المنزل ولم يجد السيد سليمان لذا جال في خاطرة فكرة ما 

صعد للأعلى ووقف أمام باب الغرفة الخاصة بصبا ، كاد أن يدق الباب ولكن شعر بيده ترتجف 





فتح الباب بهدوء ليجد صبا واقفة أمام مرآة غرفتها وهي ترتدي فستان أسود كانا قد أنزلت السحاب الخاص به لتنظر لكدمة في ظهرها عن طريق المرآة ، غض ريان بصره وتنحنح لتنتفض صبا وهي ترتدي ثوبها وتنظر له ثم قالت بصوت منخفض : إيه جابك هنا ؟ 




ظل واقفاً مكانه يتأملها قبل أن يقول : إختفيتي ، محدش عرف عنك حاجة من فترة ؟ كان لازم أجي 

نظر ليدها الممتلئة بأسلاك المحاليل الطبية لينظر لوجهها الشاحب ف أفاقه ردها المقتضب عندما قالت : والله زي ما حضرتك شايف حالتي الصحية متسمحليش لا أحضر حفلات




 خطوبة ولا يكون عندي صحاب أنا حتى الجامعة أعتذرت عنها السنه دي ، ولو سمحت طالما شغلك مع بابا متطلعش لأوضتي تاني عش  عشان .. مي 

شعرت بالدوار ليقتحم ريان الغرفة ويحملها بين يديه ، تأوهت بين ذراعيه لتقول : ضهري ، ضهري بيوجعني 

نظر لها ريان وهو يقول : مالك ! إيه اللي حصلك وحصل لضهرك ؟ 

شعرت بالدوار والخمول لتغفو بين ذراعيه ، كانت بخُف الريشة لذا لم ترهقه وظل يتأمل وجهها مدة من الزمن قبل أن يعزم أمرة وينزل بها ألى سيارته ليأخذها للمشفى ..

                 الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>