وقت الذروة
الفصل الثانى عشر
قسّمت نفسي على اربعة
قسمة وفاق..
ف لقيت تلات تربع لُقا
وربعين فراق..
فيه ربع زاد م الاشتياق...
_ نبيل عبد الحميد
السقوط من الهاوية ؟ ما مدى حتمية موتك ! إذا كان إرتفاع الهاوية أكثر من نصف متر ف حتماً أنت في عداد الموتى ، قد ينكسر عنقك أو عظامك أو ربما سرعة سقوطك في الهواء تصيبك بالخوف ف يتوقف قلبك قبل إرتطامك بالأرض ، فرص النجاة ضئيلة بالرغم من ذلك أجد أن الإكتئاب المحيط بعقلك
يحركك ك الدمية ، تقف بقدميك على حافة الهاوية وتحاول العد لتسقط مستسلماً ، معتقداً ك فان جوغ أنها نهاية البؤس والذهاب للجنة الوردية ذات الفراشات الطائرة اللطيفة
تاركاً خلفك غرفتك والحائط الممتليء بمحاولات فاشلة للرسم ، وأقلامك وأوراقك المصطفة فوق بعضهما والورقة الظاهرة هي رسالة إنتحارك " لقد كان العالم مؤذي بما يكفي ، ربما تشعر عائلتي بي للمرة الأولى والأخيرة ليمنعوني من القفز ، ربما يحن قلب والدتي وتقتحم غرفتي لتخبرني ان طعام الغداء جاهز وأنني لم أتناول شيئاً ليومين متتاليين
أو يرأف بحالي والدي ويدخل غرفتي ليخبرني أنه يود أن أشاهد معه مباراة كرة القدم التي ستذاع بعد ساعتين ، ربما تحدث تلك المعجزة ويجدوني أقف على سور الشرفة وينقذوني في اللحظة المناسبة "
لكنه يوم ك سائر الأيام ، خيبة الأمل في أمنياتك التي لا تتحقق ، كانت هي الدافع لسقوطك عن أقتناع وتخليك عن الحياة .
_نهلة_جمال
منذ أكثر من ثلاثة أعوام :
وقفت بجانب والدتها في مطبخ الشقة الصغير ، تمسك بالأوراق الخضراء لتضعها في الطبق وهي تنظر لوالدتها وتبتسم لتقول بسعادة : ماما أنا نقيتلك الخضار الكويس من وسط الخضار اللي خربان ، أغسله ولا أقطعه الأول ؟
والدتها : بصي لما يتغسل من غير ما يتقكع هيكون أسهل أن التراب يقع من عليه ، بعد ما تغسليه تقطعيه صغير وتحطيه على الرز المغسول ، بعدين يا ستي تعملي الصلصه ، تضربي الطماطم في الخلاط .. يووه دا مفيش طماطم
قالت هي بلهفة : أنزل السوق أجبلك طماطم ؟
والدتها بحزن : ماشي خلي بالك من نفسك ومتتأخريش عشان نلحق نخلص المحشي
ربطت شعرها بالوشاح المفضل لديها لتقول : حاضر
خطت أولى خطواتها داخل السوق الكبير ، ثم وقفت أمام الطماطم تنظر لها بعينيها السوداء الصغيرة
أنزلتها لتضعها في السلة لتجد فارس يقف أمامها ، ف ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها ثم نظرت الجهة الاخرى ليستند فارس على منضدة الخضروات ويقول : المرة اللي فاتت معرفتش إسمك إيه ، المره دي مش هسيبك تمشي من غير ما أعرفه
ضمت السلة لجسدها ثم قالت بخفوت : إسمي ليال ، ومينفعش أتأخر عشان أمي مستنياني
ثم ذهبت سريعاً من أمام ناظريه ليكرر هو الأسم بشفتيه وكأنه يستلذه
♧ عودة للوقت الحالي
قام فارس من نومه وهو يحاول إلتقاط أنفاسه بصعوبة بالغة
وضع يده على وجهه ثم بكى بخفوت وألم ، ليته تركها ولم يراوده فضوله معرفة إسمها أو التقرب منها ، ليته لم يقطف تلك الوردة الجميلة ، لكانت أزهرت الأن وبقت على قيد الحياة
قام وألتقط المنشفة من خزانة أنس ليذهب لدورة المياه في غرفة صديقه ، ما إن أغلق الباب ووقف أمام الحوض حتى أنحنى برأسه تحت مياه الصنبور ، أعتدل وهو يجفف شعره ولكنه لم يصدق عينيه عندما رأى كلمة " layal " كتبت بالدماء على المرآة !
♧ في منزل صبا
كانت تجلس على فراشها في غرفتها بينما يقف ريان بألم وتعب أمام المانيكان ليفحصه بعينيه ، وضع يده على رأسه بألم ليقول : المانيكان مفيهوش حاجة وملهوش شعر هي تقريباً تهيؤات بس الأفضل تخرجيه من أوضتك
صبا : إنت كويس دلوقتي ؟ الدوا اللي خدته خففلك الوجع ؟
ريان : أه الحمد لله بس حاسس بشوية دوخة ، ف هروح أستريح في أوضتي شوية لإني مش هقدر اروح إنهاردة
صبا بهمس : مكنتش هخليك تروح وإنت تعبان كدا
تنحنح ريان ليقول : أنا ف اوضتي لو إحتاجتي حاجة رني عليا
خرج وأغلق الباب خلفه ، بينما إرتدت صبا القلادة الخاصة بها ثم أخرجت الوشاح المهتريء الذي إلتقطته من المنزل القديم
وبكت !
♧ في المشفى
ضعف تام وعدم القدرة على الحركة ، مؤشراتها الحيوية تضعف ثم تعود بصورة طبيعية مرة اخرى ، نصح الطبيب والدتهت بأهمية مراجة سديم لطبيب نفسي لإنها تخشى العودة للمنزل ، حاولت والدتها مراراً وتكراراً التحدث معها عن الامر ولكن سديم في كل مرة تفقد وعيها
صباح اليوم التالي ذهب الجميع لزيارتها ، فارس وصبا وريان وتالين وأنس
إنتظروا خارج الغرفة وهم ينظرون لها من خلف الزجاج متعبة ونائمة
وضع ريان يده على رأسه ليقول : إزاي كل دا يحصلها وأنا معرفش !
فارس بحزن : الأهم من دا كله ليه بيحصلنا كدا !
هنا لم تحتمل صبا أن تستمع لنبرة صوته لذا إقتربت منه وبكل بوتها صفعته صفعه جعلتهم ينظرون لها بصدمة
قالت من بين أسنانها : يمكن بيحصلنا كدا عشان في شيطان قرر ينهي حياة واحدة بريئة ملهاش ذنب ، في شيطان بيننا إيديه ملوثة بالدم وواقف يسأل بكل براءة ليه بيحصلنا كدا
فارس بغضب وحزن : إنتي بتقولي إيه أنتي إتجننتي ؟؟
ريان وهو يسحب صبا للخلف : هي بس أعصابها تعبانة عشان الظروف اللي إحنا فيها
سحبت صبا ذراعها من يد ريان لتقترب لفارس وتخبره بأعين تشع منها النار : أنا كنت في الكوخ القديم اللي على الشارع الصامت القريب من كوابيس موتيل ، وشوفت كل حاجة
نظر لها فارس بصدمه قبل ان تظلم ممرات المشفى رغم انهم في الصباح !
ويصدر صوت أزيز من احد الابواب المصفحة القديمه ، غالباً باب المشرحة ..