أخر الاخبار

رواية حب وتضحية الفصل الرابع عشر والخامس عشر بقلم داليا السيد

رواية حب وتضحية الفصل الرابع عشر

رواية حب وتضحية



الفصل الرابع عشر
والخامس عشر

بقلم داليا السيد


افتتاح.. جراحة
شعرت بمرارة بفمها وتقلصت معدتها ولكنها تماسكت وقالت "لم يعد معها الآن أليس كذلك؟ فلا داع لقلقك هذا"
اقترب منها مرة أخرى وقال "اسمحي لي أن أسألك، ألم تعودي 







زوجته؟ بالتأكيد حدث شيء بينكم، مستر وليد لم يكن يفعل شيء بدونك مدام"




رفعت نظراتها إليه وأدركت أن وليد يتعمد فضح الأمر رغم أنها تحاول






 أن تحافظ على ما تبقى من مظهر لا يمكن المساس به، لم تجد دموع تشاركها أحزانها بعد لذا قالت بجفاف 







“وهل هناك فارق جاك؟" 
جلس أمامها وقال "بالطبع مدام، زوجته تعني كل شيء وهو يسحب منكِ كل شيء" 
ظلت تنظر إليه بدون أن ترد ولكنه أمسك يدها بحنان وقال" أتعلمين أني كان لدي ابنة بيوم ما ولكن الموت لم يتركها لي أصيبت بمرض وهي بالعاشرة من عمرها، أهملت أمها بالأمر وكنت أنا مشغول بعملي وتطور أمرها إلى أن رحلت من حياتي ولكني منذ أن رأيتك ورأيتها نعم لها نفس عيونك هذه وطيبة قلبك لذا اشتقت لشعور اهتمام الأبنة بوالديها ولكني كنت أخشى من فرض نفسي عليكم ولكن بعد كل ما أصابك وأنتِ بهذا العمر الصغير ووحدك هنا أشعر أن من واجبي أن أكون معكِ وأحميكِ من أي خطر ولكني عاجز يا ابنتي لأني لا أعرف شيء فتحدثي لابد أن تتحدثي"









ظلت تنظر إليه والألم يدق برأسها وقلبها وربما كل جسدها، أغمضت عيونها لحظة ثم عادت وقالت 
“ الأمر ليس سهل، فالحكاية طويلة ولا يوجد وقت لها، صدقني جاك أنا أيضا رأيت حبك وحنانك ولولا وجودك معي لما أكملت الطريق ولكن كل ما يمكنني أن أخبرك به أن وليد فقد ثقته بي و.. نعم أنا لم أعد زوجته ولا تسألني أكثر من ذلك فلا أملك أن أتحدث، ربما أخبرك أني وقعت فريسة لمؤامرة دمرتني وأفقدتني وليد ولكن لابد أن تعلم أني بريئة من أي شيء"
ربت على يدها بحنان وقال "أعلم لأني أري حبك لوليد بعيونك وأعلم أنكِ لا يمكن أن تفعلي إلا ما لصالحه وأنا بجوارك ولن أتركك أبدا كما أعلم أن تلك المدعوة سارة هي سبب كل تلك المصائب ولكن كما أخبرتك أنا معكِ للنهاية مهما كان الثمن"
اطمأنت بكلماته ولم ترد وهو لم يحاول أن يسألها مرة أخرى وزاد من رجاله حول سارة وهو يدرك خططها وأبلغ بها أمل  
وافق موعد الافتتاح اليوم الخاص بإجراء الجراحة الخاصة به وقبل الافتتاح بيوم اتجهت إليه في المشفى كانت الممرضة قد قدمت له الغداء وانتهت، لمت الممرضة أشيائها وخرجت 
كانت تريد أن تراه اليوم وربما تكون المرة الأخيرة، سمعته يقول "الجميع يتحدثون عن الزوجة الوفية التى لم تتوانى عن زوجها، أعجبني إخلاصك في الأداء"





نظرت إليه ولم ترد فعاد وقال "أنتِ لا تملين من لعب دور الغش والخداع كم مرة لابد أن أخبرك ألا تأتين هنا؟ لقد انتهى دورك على أكمل وجه وأمكنكِ خداع الجميع بنجاح فالكل يصدق أنكِ الزوجة الوفية التى تحب زوجها ولا تتوان عن خدمته وأنا فقط من يعرف الحقيقة ولا أعلم كيف أتركك هكذا على قيد الحياة" 
لم تعد لديها دموع كالعادة فقد جفت من كثرة ما بكت لذلك قالت "لأن هناك جزء داخلك يعلم أني بريئة ولم يكن لي يد بم حدث، حتى إذا كنت ترفض أن تصدق إلا أنني لا أمثل"
أبعد وجهه وقال "أنا أصدق ما رأته عيوني التي ذهبت، هل تظنين أن أي رجل يمكن أن يتغاضى عن رؤية زوجته بنفس المنظر..؟" 
لم يكمل فأخفضت وجهها وقالت "أنت على حق، كان علي أنا أن أصدق الفيديو الذي رأيته لك مع سارة وهي بين أحضانك ولكني لم أفعل لأني صدقت قلبي فقط، قلبي الذي أخبرني أن ذلك كذب وأنك لا يمكن أن تخون حبي لك، لم أصدق ما رأت عيني ولكن صدقت قلبي، وأنت أيضا صدقت قلبك لأن قلبك







 يخبرك أنك تحب سارة وأن زواجك مني كان خطأ أو ربما خطة حققت منها ما أردت"
صمت لاح بينهم إلى أن قال "لغة القلوب لم يعد لها مكان هنا لقد انتهى كل شيء ووجودك هذا لا داع له فهو يذكرني بكل شيء ويجدد ما كان"
هزت رأسها وقالت "حاضر، لن أجدد ما كان مرة أخرى"
وتأملت ملامحه وهي تودعه بين نفسها فهي آخر زيارة لها ولن تراه مرة أخرى، غدا صباحاً  سيجرون له العملية، ستحضرها وتعود لتحضر الافتتاح ثم تعود لتبقى كي تحضر فك الضمادات وتتأكد من أن بصره عاد إليه وقتها سترحل لأنها لم تعد تريد البقاء وسيمكنه أن يعود لنفسه وحياته ويكشف سارة وأفعالها 
سمعته يقول "تتحدثين وكأنها آخر مرة لكِ، أتمنى ذلك" 
نظرت إليه وقد ملأها الندم على كل ما كان ولكنها قالت "لن يكون هناك فارق" 
ضاقت عيونه الميتة وقال "ماذا تعنين؟" 
قالت بهدوء "لا شيء" 
لم يرد عليها تأملته مرة أخرى وهي تعلم أنها لن تكون معه بعد اليوم عليها أن تذهب قال بهدوء "يمكنكِ الذهاب لست بحاجة إليكِ لكل منا حياته ومستقبله الذي سيعيشه كما يشاء" 
نظرت اليه وقالت "حقا لدي مستقبل سأعيشه" 
قال "مع أمجد" 
رفعت عيونها إليه وقالت "أمجد؟ أتعلم لم أعد أملك قوة للجدال فقد تعبت، فكر كما تشاء وعش الكذبة التي رسمتها لك حبيبتك وانساني وانسى ما كان"
ثم تحركت إلى الباب ولكنه قال" وأنتِ هل ستنسيني؟" 
نظرت إليه وقالت "يمكنك أن تجيب بنفسك فأنا لن أفعل"






خرجت والألم يسرقها إلى الخارج ومن داخلها كانت تسخر من نفسها وكيف أنها تفعل كل ذلك وكيف تقوى على تحمل كلماته! والأغرب أنها لم تجد دموع تواسيها كما كانت، وتساءلت هل أصبح قلبها قاسياً؟ أم ماذا؟ هل مات الأمل؟ هل انتهت حدود التضحية؟ نعم لقد كسرت سارة ووليد فيها كل أمل يمكن أن تحلم به لقد أهانها هو كثيراً وقسى عليها أكثر ولكن هي تعلم أن لديه كل الحق إنها حتى لم تجد ما يمكنها أن تفعل لإثبات براءتها لذا لابد أن تنتهي من حياته لأنه لم يعد متبقيا لها أي شيء بها. 
في الصباح كانت بالخارج تنتظر خروج الأطباء من غرفة العمليات بالطبع لم يخبروه بشيء ووقعت هي على الأوراق وتحملت المسئولية المشفى، مر الوقت بطيئاً ومخيفاً إلى أن خرج الأطباء واتجه مدير المشفى إليها مبتسماً وقال 
"الجميع سعداء من الجراحة ولديهم أمل لا يقل عن تسعين بالمائة أنه سيبصر مرة أخرى؟" 
ابتسمت بسعادة وقالت "الحمد لله، كنت أعلم أن الله لن يتركه، متى سنعرف النتيجة؟" 
قال "غداً صباحاً سنزيل المضادات، أما الآن فهو ما زال في الإفاقة بالطبع سيتعصب علينا وربما يقاضيني على ما فعلت عندما يعلم أننا أجرينا الجراحة دون علمه، وأنت أيضا بالتأكيد لن يرحمك ولكنك بدون مجاملة تستحقين أكبر جائزة على ما تفعليه معه"
ابتسمت وقالت "هو زوجي يا دكتور وما أفعله واجب على كل زوجة"
ابتسم وقال "ليس كل الزوجات بهذا الإخلاص مدام أنتِ حتى ترفضين إخباره بالحمل حتى لا يوقف وجودك هنا ويطلب منكِ الراحة، أنا معجب بكِ مدام"
شكرته بصدق ثم قالت "هل تظن أنه سيثور بشدة؟"









عاد إلى الجدية وقال "أظن ذلك ولكني أخبرت الممرضة أن تعطيه بعض المهدئات كي لا تزداد عصبيته ستكونين هنا أليس كذلك؟" 
قالت "لا أعلم بعد، لأنني لابد أن أذهب، الافتتاح اليوم ولابد أن أكون موجودة، سأحضر في الصباح الباكر" 
ابتسم الرجل لها وقال "من الجميل أن يكون في حياة الرجل امرأة مثلك" 
بادلته الابتسامة وقالت "أشكرك" 
عادت إلى الفندق الذي أصبح جاهزاً من كل شيء ولم يتركها جاك وموريس يتبعهم ولا تنكر أنها استفادت من خبرت جاك كثيراً
اجتمعت بهم سارة رغم أنها لا تعرف شيء عن الافتتاح فقد أخفى جاك وأمل الأمر عنها لأن الدعاية قد أقيمت قبل حادث وليد وسارة لم تتعمق في دراسة الأمر وإنما كانت اهتماماتها تنحسر في الأموال لذا








 لم يفهم أحد ماذا أرادت من الاجتماع سوى شيء واحد وهو ألا أوامر لأمل وكل الأوامر لها هي فقط وقد تبادل الحاضرين النظرات لأن الجميع كان لا يعلم ماذا يحدث ولكنهم بالنهاية كانوا يفعلون الصواب وهو ما يعني الرجوع إلى أمل أو جاك فقط
أصر جاك على الاجتماع بعد سارة مع نفس الرجال ولكن بعدما ذهبت سارة وحضرت أمل مع جاك وكل المختصين بإدارة الفندق وأعطت هي  كل التعليمات اللازمة وانفرجت أسارير الجميع لكلماتها المشجعة وشكرها لمجهود الجميع ثم انهت الاجتماع وانطلق الجميع للاستعداد لساعة الصفر وتبقت هي وجاك الذي قال 
"كيف حال مستر وليد اليوم بعد الجراحة؟" 
نظرت إليه بدون أي تعبيرات وقالت "بخير غدا سيزيلون الضمادات" 
تابعها بعيون متسائلة وقال "ستكونين معه أليس كذلك؟" 
لم تنظر اليه وهي تقول "سأكون بجواره أكيد" 
نظر إليها وقال "لا أفهم" 
قالت وهي تبتعد هاربة "لا يهم" 
فقام الرجل ليتبعها وقال "الى أين؟" 
قالت "سأذهب لأستعد لقد حان الوقت هيا اذهب أنت أيضا لتستعد" 
وتركته وذهبت 
كان الافتتاح حقاً وهميا هي نفسها لم تكن تتخيل أن ينجح هكذا، لقد أدى الجميع دوره بمهارة حتى العروض التي تم تقديمها كانت على أعلى مستوى والحاضرين كانوا من أكبر رجال الدولة. 











أبدى الجميع إعجابهم بالمكان وكانت هي تحاول أن تبدو سعيدة أمام الجميع إلا أن نظرات الحزن التي بعيونها لم يمكنها أن تخفيها وبخاصة عندما يسألها أحد عن وليد وعن أخباره، فتثور الذكريات وتتجدد الأحزان. 
انتهى الاحتفال قبل الفجر بقليل، ودعت الجميع ونظرت إلى جاك الذي قال بسعادة "أنا لا أصدق أن الأمر انتهى وأن الافتتاح نجح هكذا وكل شيء يسير على ما يرام والأفواج وصلت ولم تعد هناك غرفة واحدة خالية، والأفضل أننا استطعنا حبس سارة بالمخدر الذي وضع لها بالطعام كي لا تشعر بشيء، ألف مبروك يا ابنتي أنتِ امرأة رائعة حقا" 
ابتسمت بصعوبة وقالت "أنا وحدي لم أكن لأفعل شيء أنت من علمني وأرشدني وكل العاملين ساعدوني أنتم من ينسب إليه هذا النجاح، عليك أن تصرف للجميع مكافأة كبرى" 
قال بسعادة "بالطبع سأفعل والآن كلنا بحاجة إلى الراحة هيا لابد أن ترتاحي" 
نظرت إلى نور النهار الذي كان قد بدأ يظهر فقالت "بل لابد أن أغير ملابسي وأذهب إلى المشفى" 







في التاسعة صباحاً كانت في مكتب مدير المشفى الذي قال بدهشة بعد أن سمع كلماتها التي فاجأته "ولكن لماذا لا يمكنكِ البقاء؟" 
قالت وهي تخفي عيونها عنه "سأكون معكم إلى أن اطمأن عليه، ولكن بعدها لابد أن أذهب لذا أخبرتك أن تهاتف مستر جاك في حال حدوث أي جديد" 
قال بحيرة "ولكنه سيكون بحاجة اليكِ"
ابتسمت لنفسها ساخرة وقالت "لا أظن، لقد أصبح بخير ولن يحتاج إلي" 
بالطبع لم يحاول الطبيب الاعتراض فقال "كما تشائين هيا دعينا نذهب" 
دخل الجميع وظلت هي بجوار الباب وبدأ الطبيب يفك الضمادة ووليد عصبي جدا ويقول "أنا سأقاضيكم، ولن









 أترك المسؤول عن ذلك" 
حاول مدير المشفى تهدئته دون أمل إلى أن انتهى الطبيب المختص من عمله وقال "يمكنك أن تفتح عيونك الآن 








ولكن ببطء" 
كانت تقف خلف الأطباء كي لا يراها عندما يستعيد نظره لحظات وسمعته يقول أنا أرى ضوء شديد، بل أنا أستطيع أن أرى كل شيء" 
تراجعت هي بسرعة إلى الخارج وقلبها يهمس الحمد لله اليوم انتهى وجودي هنا، الوداع حبيبي أتى وقت الرحيل وانطلقت إلى الخارج وركبت السيارة التي انطلقت بها إلى المطار وعلى سلم الطائرة نظرت خلفها ستترك هنا كل شيء أفراح، أحزان، ألم وراحة، حب وسعادة، وأخيراً دمار أحاط بها حطمها وأذهب كل ما كان حتى قلبها انتهى ولم يعد له وجود














 لقد انتهى كل شيء وستبدأ رحلة جديدة، رحلة لم تحاول أن تفكر بها من قبل ولكنها الآن تفعل، أمها وما ستفعله عندما تعرف ما أصاب ابنتها 





الكبيرة التى ظنت أنها تميزت بالعقل والحكمة ولكن ذلك الرجل أفقدها كل شيء ولم تعد




 تملك الآن إلا قلب محطم وحمل لا تعرف مصيره وربما عار ستنعتها به أمها للأبد. 

 







الفصل الخامس عشر
مواجهة
وقفت أمام باب الشقة وترددت يدها قبل أن تدق الباب لتنتظر حتى فتحت هبة الباب لتصرخ من المفاجأة عند رؤية أختها وأسرعت تحضنها بشدة 
خرجت الأم على صرخة ابنتها فرأت أمل وهبة فأسرعت إلى ابنتها وهي تناديها بقلب متلهف ومتشوق للقاء فتركت أختها وأسرعت إلى حضن أمها الذي اشتاقت إليه 
هدأت الأشواق وحملت هبة الحقائب إلى الداخل وبدأت تعبث بها وهي تقول "ما كل هذا يا أمل؟" 
قالت "من أجلك وأجل ماما" 
ابتسمت الأم وقالت "حبيبة قلب ماما كم افتقدتك يا ابنتي ولكن لماذا لم تخبرينا بعودتك؟" 
لم تنظر لأمها وقالت "لم أكن متأكدة من موعد وصولي" 
نظرت إليها أمها ثم قالت "ووليد هل عاد معكِ؟ هل شفي وعاد إليه بصره؟" 
تناثرت مشاعرها من داخل قلبها على أرض الواقع ومع ذلك قالت "نعم ماما استعاد نظره ولكنه لم يعد معي مازال هناك"
كانت هبة تلهو بالملابس والهدايا ولكن الأم انتبهت لحال ابنتها فقالت "ولماذا عدتِ وحدك؟ أخبرتينى أنه لا يقبل ألا تكوني معه"
شعرت بحرارة بجسدها وربما عاودها التعب من الرحلة فشعرت بتقلصات بمعدتها، تحاملت وقالت "ولكنه وافق يا ماما، اسمحي لي أنا أريد أن أرتاح الرحلة كانت طويلة ومتعبة" 
نهضت إلى غرفتها وجلست على طرف الفراش وهي تسترجع كل الذكريات وربما منذ عرفته وعندما أتى هنا ليطلب منها السماح لم فعل وأن توافق على أن تكون معه، شعرت بيد على كتفها ففزعت وهي تنظر لتجد أمها
جلست الأم أمامها فهربت بعيونها منها بينما قالت أمها "ماذا حدث هناك؟"
نهضت مبتعدة وقالت "ماذا حدث يا أمي؟ أنتِ تعلمين كل شيء" 
صمتت الأم قليلاً قبل أن تقول "منذ متى تخفين عني شيء يا أمل؟ عيونك تفضحك وتلك العيون الباهتة، والهالات






 السوداء وبشرتك الشاحبة كل ذلك أكيد له سبب ولن تخفيه أكثر من ذلك لإني لن أصدق أن لا شيء أصابك هناك" 




دخلت هبة وهي تحمل الطعام وقالت "وها هو الطعام من أجل أجمل أخت بالدنيا" 






وضعت الطعام فقالت الأم "شكراً يا هبة والآن اذهبي لإفراغ الحقائب أريد أن أتحدث مع أختك قليلا"





حدقت هبة بهم لحظة ثم خرجت دون جدال بينما نهضت الأم إلى ابنتها ووقفت أمامها وقالت "أمل تحدثي وإلا سأتصل بوليد وأعرف منه ماذا حدث"






التفتت إلى أمها وقالت "ماما من فضلك أنا بالفعل متعبة ربما بعد أن ارتاح نتحدث"
صمتت الأم ثم قالت 






"حسنا هيا تعالي لتتناولي الطعام إنه مما تحبينه، أنت بحاجة للطعام" 
لم تكن لديها أي رغبة بالطعام ولكنها لم تشأ أن تثير ظنون أمها أكثر







 من ذلك ولكن خانتها نفسها عندما ثارت معدتها على رائحة الطعام وشعرت بالرغبة في القيء فأسرعت إلى خارج الغرفة للحمام ولم تجد ما تلقيه إلا عصارة صفراء واشترك الدوار وكأنه اتفق مع القيء عليها







غسلت وجهها وهي تستند إلى الحوض من الدوار وشعرت بيد تسندها وصوت ينادي باسمها عرفت أنه صوت أمها، وهي تغمض عيونها وتتحرك بدون هدى من الدوار، أجلستها أمها على الأريكة ونادت على هبة 






ومنحتها بعض العصير تناولته بدون اعتراض إلى أن هدأ الدوار وبدأت تستعيد نفسها ففتحت عيونها لترى نظرات الأم إليها تحوي معان كثيرة 








قالت هبة بلهفة "أمل ماذا حدث؟ هل أنتِ بخير؟" 
هزت رأسها وهي تهرب من أمها ثم اعتدلت فقالت الأم بلهجة حادة "تعالي إلى غرفتك أريدك" 






أدركت أن لحظة المواجهة قد حانت فتابعت أمها بنظرها وهي تتقدم إلى غرفتها ثم نهضت إلى الداخل
سقطت على الفراش بعد أن انتهت وهي تقول "وطلقني" 






صمت مخيف مر وهي تتذكر تلك اللحظات حتى سمعت صوت أمها تقول "والحمل؟" 







نظرت إلى أمها التي عرفت دون أن تخبرها فقالت "لم أكن أعلم، عرفت وأنا بالمشفى بعد إصابته بالحادث" 






لم ترد الأم فقالت أمل بحزن "ماما أرجوكِ لا تفعلي بي ذلك فلن أتحمل" 





أخفضت الأم عيونها ولم ترد، فاتجهت أمل إليها وقالت "غصب عني ماما لم أستطع أن أقاوم، أعلم أني أخطأت ولم أفعل ما علمتيني إياه ولكن" 





لم تشعر إلا وأمها تصفعها على وجهها وهي تقول "كفى، أنتِ لست ابنتي التي ربيتها وعلمتها وشاركتها هموم الحياة"





وضعت يدها على وجهها وسرت دمعة من عيونها وهي تدرك أنها تستحق كل ذلك فلم ترد بينما أكملت الأم






“ ألم تفكري بنفسك وسمعتك وأنت عائدة إلي مطلقة وتحملي ابن رجل يصدق أنكِ خائنة؟ ماذا فعلتِ بنفسك ولماذا؟





 من أجل الحب؟ وأين هو الحب الآن؟ وأين هو الحبيب الذي ألقيت الدنيا كلها خلفك وضحيت من أجله وفقدت عقلك وحكمتك وضحيتِ 







بشرفك وسمعتك؟ أنا لا أصدق أنكِ ابنتي التي أعرفها، لا يمكن أن تكوني هي"
ثم تركتها وذهبت وظلت هي بمكانها لا تقو على الحركة وكلها ندم على






 ما فعلت لأنها كانت خطأ ومن سار بالخطأ وقع أسير نيرانه، ومع ذلك تشعر أن الظلم قد بلغ بها ذروته أيضاً وأنها لم تعد تتحمل هذا القدر من القسوة والظلم والألم 
تهاوت ساقاها من





 ثقل الهم وشعرت بنفسها تسقط على الأرض وألم يمزق أسفل بطنها وظهرها وربما سائل دافئ يتدفق من بين ساقيها وفتحت فمها لتنادي






 على أمها ولكنها تراجعت ولم تفعل ربما تترك نفسها لم دبرته لها الأقدار أو ربما حان موعد راحتها من كل ما حدث، فأغمضت عيونها واستسلمت







 للظلام الذي أحاط بها.. 
عندما فتحت عيونها أدركت أنها بغرفة بمشفى والمحلول متصل بذراعها حركت ذراعها بألم ولكنها سمعت أمها تقول








“أمل، أنتِ بخير؟"
رأت أمها تجلس بجوارها وتنحني عليها بقلق واضح فقالت بضعف شديد "نعم ماما، ماذا حدث؟"




قالت الألم بحزن "وجدناكِ فاقدة للوعي فأحضرنا الإسعاف التي أحضرتك هنا وعرفنا أنه إنذار بالإجهاض يا أمل، جسدك انهار تحت ثقل ما تحملينه"







أخفضت عيونها ولم ترد فقالت الأم "كنتِ تريدين الموت يا ابنتي؟"
وأخيراً فكت قيود دموعها فاقتربت منها الأم وقالت "وأنا؟ لم تعودي تفكرين بي؟"







 
نظرت لأمها وقالت بألم "بل لأني فكرت بكِ أردت الرحيل، أنا سبب ألمك وحزنك، أنا من ألحق بك العار، لا مكان لي هنا فأنا تعبت يا ماما تعبت ولم أعد أتحمل أكثر من ذلك خاصة إذا كنت سأخسرك"









دمعت عيون الأم وأمسكت بيد ابنتها وقالت بحنان "ما حدث قد حدث ولا مجال للندم الآن، علينا أن نهتم بصحتك الطبيب أشار بأن الأمر كان صعب وكدتِ تفقدين الجنين"
قالت بحزن "لو فقدته لانتهى جزء من همومي وأحزاني"







قالت الأم "استغفري ربك يا ابنتي إنها عطية الله ولا يمكننا أن نفرط في عطيته، لا ذنب له في كل ذلك وربما يكون سبب في سعادتك بيوم ما"
أبعدت وجهها وقالت "سعادة؟ أمثالي لم يعد لهم حق في البحث عن









 السعادة لقد انتهت الكلمة بكل معانيها من حياتي وحل محلها اليأس والحزن والألم، سارة كانت على حق بأنها ستنتصر فقد هزمتني ودمرتني"






قالت الأم "وأنتِ تركتِ لها الساحة وهزمتك بسهولة، أنت حتى لم تحاولي إثبات براءتك أمام زوجك فمن حقه أن يتمسك بإنكارك، والآن تريدين الانسحاب 







من ساحة الأمومة أيضاً، لم أكن أعلم أن ابنتي التي كنت أظنها قوية وعنيدة وصلبة يمكن أن تكون بهذا الضعف"







التفتت لأمها التي أكملت "هيا استسلمي أيضا للانهيار وابحثي عن طريقة للموت كي تفري من كل شيء، هل هذا







 ما علمتك إياه؟"
قالت بدموع غزيرة "لم أعرف ماذا أفعل كنت تائهة ووحدي وتخلي وليد عني أضعفني أكثر، لم أفكر بإثبات براءتي بقدر ما فكرت أن أكمل واجبي كزوجة تجاهه






 حتى ولو كنت طليقته، خفت يا ماما، نعم خفت من سارة وشعرت أني لا أعادلها قوة خاصة وقد عادت إليه ومنحها الصلاحيات لإهانتي 





أكثر، وما أن شعرت أني بنهاية الحكاية سأخسرك أنتِ; وقتها فقدت الرغبة في الحياة ولم أعد أريد أن أكمل فلا شيء يجعلني أفعل بعد ذهابك عني"








شدت أمها على يدها وقالت بنفس الدموع "لا يمكن لأي أم تحب أولادها أن تخسرهم مهما كانت أخطاءهم كبيرة،









 فقط هو غضب يأخذ وقته وينتهي حبيبتي وبالنهاية أنتِ ابنتي قطعة مني لا يمكن أن يبعدك عني أي شيء حبيبتي أي شيء هل تفهمين؟



 ستظلين ابنتي لآخر العمر ولن تخرجي من أحضاني مهما بلغت أخطائك" 
ثم مالت عليها واحتضنتها بقوة وقد علا صوت بكائهم هما الاثنان






 وكأنهم يغسلون بدموعهم الماضي الأليم وذكرى التضحية التي كانت في غير مكانها أو ربما كانت صحيحة ولكن الشر لوثها وأساء فهمها. 






خرجت من المشفى إلى البيت ولكن باليوم التالي كانت أفضل حالاً وتعد حقيبتها للرحيل وأمها تقول







“ ما أن تستقري هناك حتى ترسلي إلي لن نتركك وحدك هناك"
ابتسمت وقالت "بالطبع، معتز منحني عرض رائع وأنا تأكدت أنه لم 







يتراجع عنه أمس عندما اتصلت به وأخبرني أن مكان الإقامة جاهز وما أن أتأكد من أنه مناسب 





حتى أدعوكم إليه وتكون نتيجة هبة قد ظهرت ونبدأ إجراءات الكلية لي ولها"
أمسكتها أمها من ذراعها فنظرت إليها بدهشة فقالت الأم "ستكونين






 بخير أليس كذلك؟ أنا لم أعني ما قلت من أنكِ لابد أن تذهبي، أنا أريدك أن تتراجعي لا يمكن أن أتركك وحدك يا أمل لا تذهبي"






اعتدلت ونظرت إلى أمها وقال بحنان "أعلم ماما ولكن أعلم أيضاً أنه لا يمكنني البقاء هنا بعد ما حدث، لابد أن أرحل 






واطمأني لن أعود للضعف مرة أخرى فأنا دفعت ثمن ضعفي مرة غالياً جداً ولم يعد لدي قدرة على دفع المزيد"
رحلت إلى الغردقة 






حيث عرض عليها معتز أبو النصر إدارة فندقه الجديد هناك بعد أن قابلها كثيرا هنا مع وليد ثم قابلها بلندن أثناء حادث وليد، لم يعرف أنها زوجته ولكنه وقتها عرض عليها العمل عنده ولكنها





 لم ترفض أو توافق لأنها كانت مشوشة الأفكار ولكن بعد عودتها كان عليها أن ترحل لن تبق والجميع لا يعرف أنها تزوجت وحملت ولن يصدق أحد أنها شريفة فرحلت دون نقاش. 





لم يكن الأمر بالغردقة بسهل فصغر سنها جعلها غير مقبولة بين العاملين القدامى وربما لم يكن هناك مساندة مثل تلك التي كان يمنحها إياها وليد، ومع ذلك





 استطاعت أن تواجه ما يواجها ولم تتراجع أو تضعف كما وعدت أمها وبنهاية الشهر كانت قد وضعت بصمتها بالمكان واعترف معتز بذلك بنفسه وقال وهو ينظر إليها وقد تغيرت ملامحها بالطبع نتيجة الحمل وقد ارتدت دبلته أمام الجميع ولكنها لم تخبر أحد بمن هو زوجها 
“تبدين مختلفة يا أمل"
قالت "ربما الإرهاق فقد كان الأمر صعب الأسبوع الأخير، خاصة مع عودة الدراسة بالكلية"
نظر إلى قوامها وهو يسير بجوارها وهما يقومان بجولة بالفندق داخل القرية وقال "لا أقصد ذلك، ولكن وزنك زاد وملابسك تغيرت"
فهمت قصده فقالت بصراحة "نعم فأنا حامل"
توقف فتوقفت ونظر إليها فلم تهرب من نظراته وهو يقول "لم تخبريني بذلك يا أمل!"
قالت بثقة "وهل يغير ذلك من الأمر شيء مستر معتز؟" 
أخفض وجهه لحظة ثم عاد وقال "لا أعلم يا أمل ولكن حمل يعني ولادة وأجازة وضع والأمر هنا لا يحتمل ذلك" 







ابتسمت وقالت "لا تقلق سأدبر الأمر قبلها ووقتها ستكون ماما قد أتت ولن أطيل الاجازة"
هز رأسه ثم عاد وقال "وترى من هو والده وأين هو؟"
سمعت صوت ارتج له جسدها وأصابها بدوار كاد يسقطها وهي تسمعه يقول
“ موجود يا معتز" 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-