CMP: AIE: رواية جاريه لا تصلح للمتعه كامله بقلم ساريتا جميع الفصول من الاول حتي الاخير
أخر الاخبار

رواية جاريه لا تصلح للمتعه كامله بقلم ساريتا جميع الفصول من الاول حتي الاخير

رواية جاريه لا تصلح للمتعه الفصل الاول


 رواية جاريه لا تصلح للمتعه 

المقدمه والفصل الاول

والثاني

 بقلم ساريتا 


المقدمه

هو يريدها ..

كلمات مقتضبة ألقاها على مسامعها مخبرا اياها بقدومه إليها مساء 




اليوم بعد غياب امتد لأكثر من إسبوعين دون أن تعرف سبب هذا






 الاختفاء المفاجئ ودون ان تهتم حتى فليختفي او يذهب الى الجحيم ..





نظرت الى الهاتف الموضوع في يدها وهي تفكر داخلها ان ليلة






 أخرى من الجحيم تنتظرها .. 

ليلة اخرى سوف تفقد بها جزءا جديدا من روحها .. روحها التي لم






 يتبقَ بها سوى القليل .. القليل الذي لا يصلح للتنفس حتى .





.ورغم هذا تعاند تلك الروح وتتمسك بالحياة رغما عنها ..

تأملت الغرفة الفخمة





 بملامح جامدة لا يختفي جمودها في أصعب الأوقات .. جماد 





يسيطر على كل إنش من وجهها الذي لا يتحرك به عصب واحد .





. وجهها الجميل لكن بجمال لا روح فيه وكأنها تمثال لا شيء أخر ..




نهضت من مكانها وسارت بخطوات متكاسله نحو الخزانة وفتحتها 





لتتأمل تلك الفساتين باهظة الثمن والتي صممها أهم مصممي الأزياء 





في العالم .. اتجهت ببصرها نحو الدرج الجانبي والذي ما ان تفتحه سوف تجد به العديد من أطقم المجوهرات






 التي جلبها لها في أيامهم الأولى حيث تفنن في محاولة جذبها له بكل 




ما هو غالي ونفيس اما الأن وبعدما اكتشف انه لا يوجد ما يؤثر بها او يخفف







 من حجم برودها الذي بدا له متأصلا بها فإبتعد عن محاولاته الفاشلة تلك ..





رمقت تلك الفساتين بملل قبل ان تخرج أحدهم بلونه الأحمر القاني وتقرر ارتدائه ..





 

وضعته على السرير ثم اتجهت نحو الحمام الواسع الملحق بغرفتها لتأخذ دوشا سريعا قبل ان تخرج وتتجهز له ..






بعد حوالي نصف ساعة كانت تجلس أمام المرأة تجفف شعرها قبل ان





 تتوقف عن ذلك وهي تتأمل ملامح وجهها الفاتنة 





بصمت حيث تسير بنظراتها على كل إنش من وجهها الفاتن والذي أوصلها الى هنا ..

كم تمنت لو لم تكن 





جميلة الى الحد الذي يجعل الرجال يتنافسون لنيلها فتصبح هي كاللعبة يحركونها كما يشاؤون .. 

ألقت المنشفة جانبها ونهضت من مكانها محاولة إزاحة أفكارها جانبا حيث وقفت بجانب السرير وفكت روبها الحريري




 لتخلعه ثم تلتقط ملابسها الداخلية وترتديها اولا لتتبعها بذلك الفستان





 المثير والذي أضاف اليها هالة من الأنوثة والجاذبية المتأصلة بها ..




عادت الى مكانها أمام المرأة حيث بدأت تجفف شعرها اولا .. ثم وضعت مكياجها الناعم قبل ان تبدأ بتسريح شعرها





 الطويل والذي تركته حرا طليقا فوق كتفها لتلقي نظرة اخيرة الى المرأة





 تتأمل ذلك الجمال الفتان بملامح هادئة سرعان ما اختفى هدوئها





 وحل محلها الكره والنفور وهي تصرخ داخلها كما اعتادت ان تفعل :




" اكرهكِ .. اكره كل شيء فيكِ .. ليتكِ تموتين او تحترقين .. ليتكِ




 تختفين من هذه الحياة الى الابد .."

……………………………………………………………..

أغمضت عينيها وبدأت تعود بذاكرتها الى الماضي .. ماضي مرت عليه سنين طويلة لكنها لم تستطع ان تنساه .. رغم كل اختلافها الان الا ان الماضي ما زال يخيم بظلاله عليها ..






تشنج جسدها للحظات وهي تشعر بلمساته على مختلف انحاء ذلك الجسد يتبعها قبلات متفرقة تستقبلها هي بعينين 




مغمضتين وجسد بارد كالخشب وروح خاوية او ربما هي من تحاول ان تجعلها مليئة بهذا الخواء .. كانت قبلاته ولمساته وأنفاسه لا تزيدها سوى نفورا من نفسها هي قبل أي شيء أخر ..

وكالعادة ما إن يتأكد من استمرارية برودها كالعادة يتحول الى وحش جائع فيتصرف معها بجنون وعنف غريب .. عنف إما أن ينتهي بإغمائها او إنهاكها بشكل يجعلها غير قادرة على الحركة .. هو بإختصار



 يفعل كل ما يستطيع كي يحصل منها على ردة فعل او استجابة حتى لو كانت  استجابتها تلك بهذا الشكل ..





فهو يحاول بذلك ان يثبت رجولته لها بل ولنفسه بعدما جعلته يشعر بمدى فقره لتلك الإمكانيات التي تثير إمرأة جميلة مثلها دون ان يدرك أن الخلل فيها لا فيه هو




 فهي إمرأة معطوبة داخليا  .. إمرأة يزينها وجه وجسد جميل من الخارج بينما هي ميتة حقا من الداخل ..

شعرت بجسدها يأن بقوة بعدما ابتعد عنها مرتديا بنطاله متجها الى الحمام بينما فتحت هي عينيها تنظر الى السقف أمامها بحدقتين




 جامدتين تفكر أنها لم تعد قادرة على الاستمرار في لعب دور الجارية التي فشلت في تأديته من اول يوم مع هذا الرجل ..






وفي كل مرة يقترب بها منها تتأكد أنها لا تصلح لأي شيء .. لا تصلح لأن تكون جارية حتى 





..

اعتدلت في جلستها وهي تضم غطاء السرير الى جسدها بينما ظهر الوجع أخيرا في حدقتيها .. وجع يفوق وجع جسدها الحالي بمراحل .. وجع متأصلا في روحها ..

نظرت الى الخزانة الموضوعة بجانب سريرها ففتحتها لتخرج علبة الدواء الموضوعة فيها .. تأملتها للحظة وذكرى جميع الاشياء التي مرت بها تتقاذف أمامها ..




 لم تكن المرة الأولى التي يحصل بها هذا .. ليست اول مرة يمتهن جسدها بهذا الشكل العنيف .. ليست اول مرة تتذكر مدى حقارة وضعها وليست اول مرة تزورها الذكريات القديمة لكنها اول مرة تشعر بالإكتفاء .. الاكتفاء فقط لا غير .. فتحت علبة الدواء وفرغت الكثير من الحبات على كفها قبل ان تتناولها دفعه واحدة تتبعها بالكثير من المياه الموضوعة



 جانبها ثم تعيد العلبة في الدرج وقنينة المياه الى مكانها .. تمددت بجسدها على السرير وهي تحكم الغطاء حوله مغمضة عينيها بقوة مستعدة لنومة سوف تستمر الى الابد .. 

انتهت المقدمة ..

الفصل الاول..






 ..

وقفت أمام مرآتها تتأمل ثوب زفافها الفخم ذو التطريز  المنمق الجذاب بملامح تشع سعادة .. سعادة سعت كثيرا لنيلها وهاهي






 تتحقق أخيرا .. ستتزوج اليوم من أكثر رجل تمنته في هذا العالم .. الرجل الوحيد الذي أرادته زوجا لها .. زوجا وشريكا في السنوات القادمة من حياتها ..

لقد نالت مبتغاها أخيرا وأصبحت حرم شهاب الخولي رسميا وهاهي اليوم سوف تزف إليه وتصبح في منزله بين ذراعيه .. 

فكرت بكل هذا وهي تتأمل ملامحها الجميلة المزينة بمساحيق التجميل التي وضعت على وجهها بعناية فأضافت إليها جمالا ضاعف من جمالها وفتنتها ..

سمعت صوت الباب يفتح يتبعه دخول أختها الصغرى صفا وهي تهتف بصوت هادئ لكنه لا يخلو من الفرحة :

" هيا يا بوسي .. لقد وصل شهاب مع عائلته وأصدقائه وهم في انتظارك .."

التفتت بوسي بملامح تسيطر عليها السعادة والحماس لتقول بنبرة مترقبة :

" هل الجميع في الأسفل ..؟! ماذا عن شهاب ..؟! هل يبدو سعيدا  مثلي .. ؟! هل يبدو متحمسا هو الأخر ..؟؟"

اقتربت منها صفا وهي تمسك كف يدها بدعم وترد بجدية يشوبها الكثير من الحب لأختها الوحيدة :

" حبيبتي .. نعم الجميع في الأسفل بإنتظارك .. جميعهم متحمسين للغاية وأكثرهم حماس عريسك .."

ثم أكملت وهي تغمز لها بعبث :

" كيف لا يكون متحمسا وهو سيتزوج الليلة من أجمل فتاة في المدينة بل في البلاد بأكملها ..؟!"

ردت بوسي بمرح :








" معك حق .. ألا يكفي أنه سيتزوج إمرأة فاتنة مثلي .. ؟!"

ثم ألقت نظرة أخيرة على شكلها في المرآة قبل أن تتحرك متجهة نحو الباب تتبعها أختها الصغرى ..

………………………………………………………….

في الأسفل ..

يقف شهاب بملامح هادئة يرسم على شفتيه إبتسامة جذابة منتظرا نزول عروسه من غرفتها ..

بجانبه يقف صديقه المقرب عادل يمازحه بين الحين والأخر هامسا إليه ببعض الكلمات الوقحة الذي إستقبلها شهاب بملامح مسترخية وقد بدا للمرة الأولى منتعشا بشدة وصافي البال ..

على الجانب الأخر كانت تقف كلا من  شهد ودينا أختي شهاب تتهامسان بينهما على العروس التي تأخرت في نزولها إليهم لتجدان هالة ابنة عمهما تقترب منهما وهي تهتف بمزاح :

" لم يبدأ الزفاف بعد كي تبدئا وصلة النميمة المعتادة في هذا النوع من الحفلات .."

ردت دينا بنبرة متهكمة :

" أحيانا البعض هو من يجبرنا على النميمة هذا إذا كانت تسمى نميمة من الأساس .."

رفعت هالة حاجبها وهي تسأل :

" ماذا تسمى إذا ..؟! "

ردت دينا بثقة :

" انتقاد .. انتقاد للعروس التي تتفنن في جذب الانظار إليها في جميع تصرفاتها حتى حينما تكون هي نجمة حفل الليلة .."

أكملت شهد بجدية :

" تأخرت كثيرا يا هالة وكأنها سوف تهبط إلينا من المريخ .."

ضحكت هالة وهي ترمق ملامحهما المنزعجة وتردد بمكر :

" ها قد بدئنا دور الحموات المعتاد .."

ثم أكملت بسرعة وهي تلاحظ ملامح دينا التي احتدت برفض لهذه الكلمات :








" أمزح طبعا .. لكن حقا لا يوجد شيء جديد .. طوال معرفتنا ببوسي التي بدأت منذ عدة أشهر وهي تحب دوما أن تجذب الأنظار إليها بكافة الطرق الممكنة مع إنها لا ينقصها شيئا .. "

قاطعتها دينا بصراحة :

" بل ينقصها أهم شيء يا هالة ..تنقصها الثقة بالنفس .."

قالت شهد بسرعة وهي تتجه بأنظارها الى الدرج حيث تهبط بوسي وخلفها أختها :

" حسنا إصمتا أنتما الإثنين .. لقد هبطت العروس أخيرا .."

نظرت الفتيات الثلاث إليها لثواني قطعتها دينا وهي تردد بصوت متهمكم خافت :

" من كان يرى مدى تكتمها على تصميم فستان الزفاف سيظن أنه فستان خيالي لا مثيل له .."

أيدتها هالة هذه المرة :

" حقا .. أليس هذا الفستان نفسه والذي ثمنه يحتوي على سبعة أصفار .."

صححت لها شهد بملامح مرحة :

" ستة يا هالة .. لم تصل بوسي بعد الى مرحلة السبعة أصفار .."

ردت دينا ببرود ساخر :

" سوف تصل قريبا .. هي دخلت الى عائلتنا كي تصل الى هذا العدد من الأصفار يا أختي العزيزة .." 

نظرت إليها الفتاتين بصمت امتد لثواني قبل ان تضحكان بقوة فتشير إليهما دينا بتحذير وهي تنظر حولها لتكتمان ضحكاتهما وهما تسيران خلف دينا وبقية الموجودين متجهين الى القاعة التي سيقام بها الحفل ..

…………………………………………………………


في إحدى الشقق السكنية التي تقع في أرقى مناطق البلاد ، كانت لينا تجلس على سريرها وهي تقلب في هاتفها دون أن تنظر الى المنشورات التي تمر أمامها حتى .. فقط تمرر تلك المنشورات بلا وعي بينما عقلها شاردا في شيء واحد لا ينتهي مهما حدث …

أفاقت من شرودها على صوت باب غرفتها يفتح يتبعه دخول والدتها وهي تهتف بضيق :








" لماذا لم تذهبِ مع هشام الى حفل زفاف ابن عمه يا لينا ..؟!"

نظرت إليها بملامح ذابلة رغم الصمود الذي ترسمه بقوة عليها لتشعر والدتها بالألم لأجلها فتقترب منها وتجلس بجانبها مرددة بحنو :

" لينا حبيبتي .. هشام كان يريدك معه .. لماذا تركتيه يذهب لوحده في مناسبة مهمة كهذه ..؟! "

نظرت إليها لينا بملامح هادئة وردت بنفس هدوء ملامحها والذي يناقض تلك النيران المشتعلة داخلها :

" لا رغبة لي بالذهاب .. لا رغبة لي برؤية أحدهم وسماع تلك الكلمات المعتادة وهم يدعون لي بالشفاء العاجل والصحة بينما نظراتهم تحاكي شفقة حقيقية أنا لن أتحمل أن أراها أبدا .. شفقة لا أطيقها .. شفقة سوف تؤدي بي إلى إنهيار حتمي سوف يسبب لي فضيحة انا في غنى عنها .. "

ما إن أنهت كلماتها حتى هطلت من عينها اليمنى دمعة يتيمة متمردة مسحتها بقوة وهي تردف بوجع نابع من أعماق روحها :

" اتركيني ماما .. اتركيني لوحدي من فضلك .."

رمقتها والدتها بنظرات شديدة التعاطف قبل ان تقول برجاء :

" لينا ابنتي .. هذا ليس حلا أبدا .. أنا أموت في كل مرة أراكِ بها هكذا .. حبيبتي ما حدث ليس نهاية العالم .. أنتِ يجب أن تكوني أقوى وتتقبلي ما حدث بثقة وإيمان بإلله .."

شهقت لينا باكية رغما عنها وهي تردد بحرقة :

" من قال لكِ أنني لا أحاول ..؟! من أخبركِ بهذا ..؟؟ أنا أحاول .. أقسم لكِ أنني أحاول .. أنا أحاول وأحارب منذ عامين على أمل أن ينتهي كل هذا العذاب .. أجاهد كي أستطيع الإستمرار .. أقاوم تلك الألام النفسية والتي تفوق مثيلتها الجسدية أضعافا .. لكن بعدما حدث وبعدما انتهى أملي بالشفاء ونسيان جميع ما مررت به في فترة علاجي المؤلمة لم يعد بمقدوري المقاومة .. كيف أقاوم وأنا حتى لا أستطيع أن أنسى ما حدث ..؟! لا أستطيع تجاهله .. بل كيف أتجاهله وأنا أنظر كل يوم الى جسدي وأرى ذلك الفراغ الذي خلفاه ثديي المستأصلين ..؟!" 

شهقت والدتها باكية بينما علا نحيب لينا حتى وصل ذروته لتجذبها والدتها إليها تضمها بقوة دون أن تطلب منها التوقف عن ذلك البكاء الذي يمزق قلبها ..






أعطتها مساحتها الكافية كي تفرغ من خلالها تلك الدموع التي كانت تخفيها طوال السنوات المنصرمة تحت رداء القوة المصطنعة ..

لقد عانت ابنتها كثيرا وتحملت ما يفوق طاقتها بمراحل ..

عامين كاملين منذ إكتشافهم لذلك المرض .. عامين قضتهما من مستشفى لأخرى على أمل الشفاء دون حاجة الأطباء للجوء لعملية الإستئصال تلك ورغم كل محاولاتهم تلك كان للرب إرادته والتي أجبرتهم بالنهاية الى اللجوء للحل الوحيد الموجود أمامهم ..

نظرت الى لينا التي ابتعدت عنها بملامح واجمة تغطيها الدموع اللاذعة لتجدها تخبرها بجدية ممزوجة برجاء شعرت هي به :

" اتركيني لوحدي من فضلك .."

احترمت والدتها رغبتها فنهضت من مكانها وخرجت من غرفتها بينما مسحت لينا وجهها بعنف وهي تعود برأسها الى الخلف مغمضة عينيها للحظات فتشعر بالدموع الحارقة تتشكل داخليهما من جديد ..

فتحت عينيها لتبدأ دموعها بالتساقط بغزارة .. دموع صامتة لكنها معبرة عن الكثير داخلها .. تركت لتلك الدموع العنان كي تتحرر بحرية ..

بعد عدة دقائق شعرت بالقليل من الراحة تغمرها فنهضت من مكانها متجهة الى الحمام الملحق بغرفتها ..

فتحت صنبور المياه وبدأت تغسل وجهها بالمياه الباردة ثم جففته بعنايه وعادت الى غرفتها مرة اخرى تسترخي على سريرها قليلا ..

حملت هاتفها وفتحته لتظهر لها صورتها مع خطيبها هشام بإبتسامة هشام الهادئة وإبتسامتها السعيدة للغاية يزين تلك الإبتسامات نظراتهما التي تعكس روحهما المنطلقة بفرحة عارمة ..

كتمت دموعها بقوة فهي لا تحتاج لوصلة بكاء جديدة ..







فتحت حساب الإنستغرام تقلب به حينما وجدت هالة أخت هشام نشرت قصة جديدة على حسابها فتحتها لتجد صورة مباشرة من للعروسين من حفل الزفاف الذي بدأ منذ حوالي ساعة ..

تأملت العروسين بفرحتهما الطاغية بألم وهي تسأل نفسها للمرة الألف ، هل سوف تعيش لحظة كهذه مع حبيبها هشام كما تمنيا كليهما يوما ..؟! والاهم هل ما زال هشام يتمنى أن يعيش تلك اللحظة معها هي دوما عن غيرها ..؟!

………………………………………………………………..

تقدمت الخادمة نحو الباب وفتحته بسرعة حينما وجدت صاحبة المنزل تدلف الى الداخل وهي تسألها بوجه مبتهج :

" أين ماريا يا كارول ..؟!"

نظرت علا إليها بتعجب من تلك السعادة الطاغية على ملامحها لترد بجدية وهي تشير بإصبعها الى الجانب الأيمن :

" في غرفة الموسيقى يا رويدا هانم .."

زمت شفتيها المطليتين باللون الأحمر القاني وهي تومأ برأسها متفهمة ثم تشير الى خادمتها بالإنصراف ..

تقدمت الى الجانب الأيمن من المنزل الفخم الذي يشبه الفيلا حيث توجد غرفة الموسيقى التي لا تتركها ماريا أبدا ..

دلفت الى الداخل بهدوء وحذر لتستقبلها أصوات الموسيقى الهادئة والتي تبث الراحة في نفس أي شخص مهما بلغت درجة تعبه أو إضطرابه ..

رمقت ابنتها التي تجلس على الكنبة برأس يميل الى الجانب بينما عينيها مغمضتين وإبتسامة هادئة تعلو شفتيها بنظرات  متهكمة تبعتها بالحديث بصوت هادئ :

" ماريا .."

لم تجبها ماريا لتسير بخطوات سريعة نحو إسطوانة الموسيقى وتوقفها لتفتح ماريا عينيها بسرعة وترميها بنظرات شديدة الحدة قابلتها والدتها بنظرات لا مبالية وهي تقول ببرود مغيظ :







" هل تسمح لي إبنتي العزيزة بالجلوس وتبادل القليل من الأحاديث معها  بدلا من قضاء يومها كاملا بالإستماع الى هذه الموسيقى..؟!"

تحولت نظرات ماريا الى الجمود وهي تنظر بعينيها الى الأسفل حيث تصب جل تركيزها على أصابعها النحيلة تنتظر أن تبدأ والدتها حديثها الذي سوف يحمل لها خبرا مزعجا كالعادة ..

بدأت والدتها تتحدث عن عدة أمور قابلتها ماريا بنظرات هادئة حيث تستمع اليها بملامح مبهمة لا تدل على شيء ..

رمقتها والدتها بنظراتها من أسفل رموشها حينما قالت أخيرا الخبر الذي سوف سيبدأ حديثهما المنتظر :

" لقد تحدثت مع عصام باشا بشأن الفيلا .."

نظرت إليها ماريا بإهتمام جعلت إبتسامة الأم تتسع تدريجيا وهي تردف :

" سوف يعيد الفيلا إلينا .. لقد وعدني بذلك .."

سألتها ماريا بإستغراب :

" هل تكفي الأموال التي تبقت معنا لشرائها من جديد ..؟!"

قالت والدتها محاولة تغيير الموضوع فما زال الوقت مبكرا على التحدث بصراحة تامة عن كل شيء :

" سوف يكفي .. المهم .. هل سمعت أخر الأخبار ..؟! "

هزت ماريا رأسها نفيا وهي تجيب بلا مبالاة :

" أية أخبار ..؟!"

ردت والدتها بجدية :

" شهاب الخولي تزوج من بوسي مختار .. بوسي ابنة هلال مختار .. بالتأكيد تتذكرينه .."

هزت ماريا رأسها بشرود لتكمل والدتها بنبرة ذات مغزى :

" إذًا الأن قد حان دور جواد الحفيد الثاني لعائلة الخولي بالزواج بعد زواج حفيدهم الأكبر .."







نظرت الى ملامح ماريا التي سيطر عليها الوجوم للحظات قليلة ثم اختفى لتسألها بخبث : 

" شهاب كان يكبر جواد بعام تقريبا ..أليس كذلك يا ماريا ..؟!"

أجابتها ماريا بإقتضاب وهي تنهض من مكانها متجهة نحو اسطوانة  الموسيقى لتشغيلها :

" لا أعلم .."

لكنها توقفت عما تفعله وهي تسمع والدتها تقول وهي تتقدم نحوها :

" انظري الى هذه الهدية .. أرسلها لكِ عصام باشا قبيل سفره .."

والنظرة التي رأتها في وجه ابنتها بعدما استدارت نحوها كانت كفيلة بإخراسها تماما ..

…………………………………………………………..

في قاعة الزفاف الذي امتد حتى ساعات الفجر الاولى  ..

تقدمت نهى نحو ظافر زوجها الذي كان يقف بجانب جواد ابن عمها يتحدث معه منذ اكثر من نصف ساعة ..

وقفت بجانب زوجها تحيط ذراعه بذراعها تشير لإبن عمها بمرح مفتعل :

" هل تسمح لي بأن أسرق زوجي منك قليلا يا جواد ..؟!"

ابتسم جواد بخفة ثم رد عليها وهو يرمق ظافر بملامحه الباردة بهدوء :

" بالطبع يا نهى .. هذا زوجك .. يعني كله لكِ .."

لاحت السخرية في عينيها قبل ان تخفيها وهي ترد بصوت مبحوح :

" أشكرك .."

ثم جذبت ظافر الذي ضغط على كف يدها بقوة ألمتها لتتوقف مكانها تنظر اليه بوجوم وتسأله بضيق :

" ماذا حدث ..؟! لقد ألمتني يا ظافر .."

أجابها وهو ينظر حوله بحذر فهو لا يريد لفت انتباه أحدهم :

" ماذا حديث ..؟! تسألين عما حدث يا نهي وأنتِ تجرينني ورائك كطفل صغير .."

أجابته وهي تمط شفتيها بلا مبالاة :







"  ماذا أفعل وأنت تتركني لوحدي منذ بداية الحفل وكأنني لست زوجتك ..؟! كيف سأتصرف أخبرني ..؟!"

حدق بها بملامح ساخرة ورد عليها :

" اذهبي وتحدثي مع أقاربك .. هذا حفل زفاف ابن عمك .. يعني أهلك وعائلتك جميعا هنا .. ماذا تريدين مني ..؟! ألا يمكنك تركي أنعم بالراحة ولو قليلا حتى ..؟!"

منحته نظرة معاتبة وهي تسأله بحزن :

" هل أصبح وجودي حولك سببا للمتاعب يا ظافر ..؟!"

ليرد هو بما جعل الدموع تتجمع بقوة داخل عينيها :

" وجودك منذ اول يوم لم يجلب سوى المزيد من التعب والمشاكل يا نهى .. مشاكل أنا في غنى عنها .."

ثم تركها وإنصرف هاربا منها ومن دموعها التي تشعره بنذالته لتقبض نهى كفيها بقوة وهي تجاهد لكتم دموعها حينما وجدت اختها نهلة تسألها :

" هل أنتِ بخير يا نهى ..؟!"

أومأت نهى برأسها دون أن ترفع وجهها نحوها ثم سارت مسرعة خارج القوة تتبعها نظرات نهلة القلقة ..

انتبهت نهلة لجواد الذي يقف على مسافة قريبة منها يتابع الحفل بملامح شاردة فتقدمت نحوه ووقفت بجانبه لينتبه لها حيث نظر اليها للحظة قبل ان يعاود النظر الى الحفل بعدم اكتراث فتسأله هي :








" الحفل رائعا .. لقد أبدعت بوسي في تنظيمه …"

اومأ برأسه وأجابها بإقتضاب :

" صحيح .."

" عقبالك .."

قالتها وهي تبتسم له فينظر اليها بملامح هادئة قبل ان يرد عليها وهو يبتسم بهدوء :

" وعقبالك انتِ ايضا يا نهلة .. اتمنى لكِ الزوج الذي يحبك حقا .. "

ابتسمت وهي ترد بتلاعب بينما انظارها تتجه الى تلك الجالسة على بعد مسافة منهما تنظر اليهما بملامح يسيطر عليها الضيق الواضح :

" وعقبالك انت ايضا .. مع من تستحقك يا جواد .. تستحقك وتفضلك على اي شيء أخر .."

ذهب ببصره الى حيث تنظر ليسيطر الضيق على ملامحه وهو يرد بينما يعود ببصره نحوها :

" الأهم مع من تحبني حقا .. تحبني وليست مبهورة بمركزي ووسامتي .."

ضحكت بصعوبة وهي ترد :

" هل تعلم أين تكمن مشكلتك يا جواد ..؟!"

نظر إليها بصمت لتكمل وهي تلعب بخصلات شعرها الأشقر :

" مشكلتك أنك ما زلت ترى نفسك قادرا على التمييز بين من يحبك ومن يستغلك .. بين من يختارك لأجلك أنت و من يختارك لأجل ما قلته قبل قليل رغم فشلك مسبقا في التمييز بين هذا .."







حدق بها للحظات متأملا ملامحها الواثقة ليرد بهدوء شديد :

" ربما يعد عدم التمييز بين المحب الحقيقي من غيره مشكله لكن هناك مشكله أكبر منها يا نهلة .. مشكلة أن الشخص نفسه لا يميز بين مشاعره اذا ما كانت حقيقة أو أوهام يحاول هو أن يجعلها حقيقية بالإجبار .."

اشتدت ملامحها وهي ترد بشراسة :

" ولكني أحبك وأنت تعرف هذا وتتجاهله .."

رد وهو ينظر الى عينيها بقوة :

" لإنني لا أحبك يا نهلة .. والأهم إنكِ لا تحبيني .. أنتِ فقط منبهرة بي لكنك لا تصدقين هذا وأنا حقا مللت من محاولة شرح هذا لكِ .."

توقف عن حديثه وهو يستمع الى صوت يعرفه جيدا يهتف بإستخفاف :

" وقوفكما سويا بهذا الشكل سوف يفسره المعازيم بشكل خاطئ لن يليق بكما على الإطلاق .."

التفتت جواد نحو نيفين التي تقف أماميهما عاقدة ذراعيها أمام صدرها تنظر إليهما بملامح يسيطر عليها الغضب لترد نهلة بقوة وهي تتفحصها بعينين هازئتين :

" ليس بقدر تفسيرهم حينما يرون خطيبة جواد السابقة لا تنفك أن تلحقه من مكان لأخر بينما لا يبالي هو بها .."

جحظت عينا نيفين من وقاحة تلك الفتاة فقالت وهي ترد بحدة :







" أنتِ حقا بلا تربية ..تركضين خلفه من مكان الى أخر على أمل أن ينظر إليك .."

كان جواد ينظر إليهما ببرود حتى سمع نيفين تطلب منه التدخل :

" جواد قل شيئا .."

نظر اليها جواد للحظات قبل ان يرد بجدية :

" عودي الى طاولتك .."

" جواد .."

صاحت مستنكره قبل ان تجده ينظر الى بنظرات قوية صارمة لتنظر اليه بخيبة وهي تعاود الذهاب الى طاولتها بينما التفت جواد نحو نهلة التي تراقب نيفين بملامح منتصرة فقال لها :

" وأنتِ اسمعيني جيدا ..ابتعدي عن نيفين .. اتركيها وشأنها والأهم من ذلك ، ابتعدي عني .."

ثم منحها نظرة أخيرة محذرة واتجه بعيدا عنها لتراقبه بضيق وهي تردد داخلها :

" لا بأس يا نهلة .. اهدئي .. انتِ ما زلتِ في بداية الطريق .. أمامك الكثير من الوقت .. لقد رأيتِ كيف طردها بأدب .. إنها البداية فقط .. على نيفين أن تعرف مع من تتعامل ..انتظري يا نيفين هانم .. منافستك ليست هينة ابدا بل انا خصم قوي جدا .."

……………………………………………………………..

على احدى الطاولات تجلس مرام  بجانب خطيبها سراج  تتابع الحفل بملل شديد ..






لو لم تكن ابنة عم العروس وخطيبة أخيها ما كانت لتحضر فهي لا تحب حفلات الزفاف بل لا تحب الحفلات عموما حيث تجدها مضيعة للوقت .. وقت يمكن استغلاله في أشياء أفضل ..

سمعت صوت خطيبها يسألها بإهتمام :

" لماذا لا تبدين سعيدة حبيبتي .. ؟!"

ردت عليه بصراحة متأصلة بها :

" لا أحب كل هذا يا سراج .. الحفلات والاغاني والرقص .. تلك الفقرات التي لا تنتهي و هذا البذخ المبالغ فيه .. مصاريف تكفي لإعالة مئات الفقرات .."

قاطعها مازحا :

" تتحدثين وكأنك لستِ ابنة ملياردير يا مرام .. وكأنكِ لم تولدي وبفمكِ ملعقة من ذهب .."

ردت عليه بصوت متأهب :

" نعم ولدت غنية بالفطرة لكنني لم أستغل يوما هذا بل على العكس لقد اعتمدت على نفسي .. ربما ما زلت صغيرة وربما أنهيت دراستي فقط منذ شهرين لكن جميع ما حققته حتى الأن 







مهما كان ضئيلا حققته بنفسي دون الاعتماد على أموال أبي رحمة الله عليه .. وحتى القادم سوف أحققه بنفسي .."

حدجها بنظرات ساخرة أخفاها بمهارة ليهز رأسه بتفهم وهو يرد :

" نعم حبيبتي .. جميع ما تقولينه صحيح .. ولكن ما المشكله اذا منحنا أنفسنا حق المتعة قليلا ..؟! "

سألته بدهشة :

" متعة .. أي متعة بالضبط ..؟! ما الممتع في إقامة حفل زفاف كهذا العروس لا تفعل به شيئا سوى التقاط الصور بمختلف الوضعيات او الرقص بشكل يلائم مقام الموجودين .. أين المتعة في أن تكون جميع حركاتك متصنعة حتى إبتساماتك ليست صادقة .."

نظر إليها بإهتمام للحظة وهو يفكر أنه حقا لا يشعر بالإستمتاع رغم كونه يجلس في أفخم فنادق البلاد في حفل زفاف اخته الكبرى الذي تم إعداده بشكل رائع وفخامة لا مثيل لها ..

" اذا أخبريني يا مرام .. كيف يمكننا أن نستمتع الأن وفي هذه اللحظة ..؟! "

ضحكت بخفة ثم مالت بوجهها نحوه تهمس له بعبث :

" طرق استمتاعي لا تناسب الموجودين يا ناجي .."

نظر حوله ثم عاد يرميها بنظرات هائمة وقال : 

" اذا تعالي نهرب سويا يا مرام .. "

نظرت اليه وهي تهتف بخفوت :

" هل تريد من والدتك أن تقتلني ..؟!"

" خطيب وخطيبته ويريدان قضاء القليل من الوقت سويا .. أين المشكلة في هذا ..؟!"

ردت عليه بمرح :

" المشكله أننا لسنا في أمريكا يا سراج .. هل علمت أين المشكلة الأن ..؟!"

ضحك بإستمتاع وهو يومأ برأسه بينما نظرت هي أمامها لتجد زوجة عمها تنظر إليها بضيق لتقابل نظراتها بأخرى لا مبالية







 قبل أن تعود بإنتباهها الى الحفل الذي يبدو وكأنه لا ينوي أن ينتهي ..

…………………………………………………………….


كانت هالة ترقص مع بنات عمها حينما لفت انتباهها أنس إبن خالها وهو يقف بعيدا يتحدث مع فتاة جميلة للغاية ترتدي فستان قصير يصل الى منتصف فخذيها بلون فضي لامع .. بينما شعرها الأسود الحريري  منسدل خلفها حيث يصل الى نهاية ظهرها ..

توقفت عن الرقص وهي تتجه نحوه لتقف أماميهما فينظر اليها أنس وهو  يغمغم بسخرية :

" أخيرا توقفتِ عن الرقص يا هالة هانم ..؟!"

اصطنعت هالة الإبتسامة وهي ترد :

" سوف أعود بعد قليل .. استراحة قصيرة .."

ثم أشارت الى الفتاة متسائلة بلطف :

" ألن تعرفني على صديقتك …؟!"

لترد الفتاة بسرعة :

" لست صديقته .."

ثم أكملت وهي تشير إليه :








" انا لا أعرف اسمه حتى .."

نظر إليها أنس بإعجاب فشل في إخفاؤه وقال :

" إسمي أنس يا أنسة .. وهذه هالة ابنة عمتي ..ماذا عنك ؟! ما إسمكِ ..؟!" 

ردت وهي تصطنع الإبتسامة :

" اسمي رولا .."

سألت هالة هذه المرة :

" هل أنت قريبة العروس ..؟!"

أجابتها رولا بإقتضاب منزعجة من هذا الكم الهائل من الأسئلة الذي لا تحبه اطلاقا :

" لقد جائتنا دعوة من عائلة العريس الذي تجمعنا بهم معرفة قديمة .. أنتم من عائلة الخولي .. أليس كذلك ..؟؟"

أجابها أنس مشيرا الى ابنة عمته :







" هي من عائلة الخولي .. هالة الخولي ابنة عم العريس .. وأنا إبن خالها  .. أنس الهاشمي .."

ابتسمت بهدوء وهي تعرف عن نفسها :

" وأنا رولا الحداد .. تشرفت بمعرفتكم .."







ثم سارت بعيدا عنهم تتابعها هالة بعينيها قبل ان تعود ببصرها الى ابن خالها الذي هتف بإعجاب شديد :

" إنها فاتنة .."

ردت وهي تمط شفتيها :

"  وصغيرة للغاية .. "

رفع حاجبها وقال ممازحا :

" الصغيرة تكبر .."

" أنس .."

نهرته بقوة ليضحك وهو يقرصها من وجنتها رادا عليها :

" أمزح معكِ يا بالونتي .."

حدجته بنظرات ساخرة وهي ترد :

" فقط كف عن قول بالونتي وسوف تصبح أحسن شخص في هذا العالم .."

غمز لها وهو يسأل :

" ألستُ أحسن شخص في العالم يا بالونة ..؟!"

ردت عليه وهي تسير بعيدا عنه :

" ابدا ..بل إنك الأسوء على الاطلاق .."

رد مدعيا الضيق والتوعد :







" حسنا يا بالونة .. إياكِ أن تندمي على كلامك هذا .." 

التفتت نحوه مخرجة لسانها نحوه بحركة طفولية بحتة جعلته يبتسم بخفة وهو يراها تعاود الذهاب الى ساعة الرقص ليغمغم بسخرية :

" طفلة .. إنها حقا طفلة .."

…………………………………………………………….

عودة الى أمريكا ..

تقف ماريا أمام والدتها تنظر اليها بعينين تنذران بخطر كبير يشع بوضوح منهما ..

" ما معنى هذا ..؟!"

جاء سؤالها باردا قويا لتشعر رويدا بالتردد للحظات قبل أن ترسم على شفتيها إبتسامة مصطنعة  وهي تسأل مدعية عدم الفهم  :

" ماذا تقصدين ..؟! أنا لا أفهم حقا .. ولا أفهم لماذا تنظرين إلي هكذا …؟! لقد قابلت عصام باشا قبل سفره بناء على طلبه .. أعطاني هذه الهدية البسيطة مخبرا إياي إنها لكِ .."

" هذه هدية بسيطة .. "

قالتها وهي تنظر الى العقد الماسي الموضوع في تلك العلبة الزرقاء المخملية بكره شديد ثم سرعان ما جذبتها من والدتها وهي تخلع العقد من مكانه  .. تحمله بكفها وترفعه عاليا حيث تحركه أمام أنظار والدتها  وهي تشير إليها  :






" تعتبرين هذا العقد هدية بسيطة أليس كذلك ..؟!"

نظرت والدتها إليها بحذر لتجدها ترميه أرضا وتدعسه بقدميها بعنف وهي تردد بغضب نادرا ما يظهر عليها :

" طالما تعتبرينها هدية 







بسيطة لنفعل بها هذا اذا .. "

جذبتها والدتها من ذراعها تبعدها عن العقد ثم تنحني وتجذبه وهي تصيح بها :







" هل جننت يا ماريا ..؟! ما هذا التصرف الغبي  .. ؟! كيف تتصرفين بتلك الحماقة ..؟!"

عاد البرود يكسو وجهها وهي ترد بنفور :







" كلا لم أجن .. إن كان هناك شخص ما أصابه الجنون فهو انتِ .. عصام باشا ..؟! هل وصل بكِ الذل الى هنا ..؟!"

صرخت والدتها مستنكرة حديثها :

" اخرسي أيتها الحمقاء الغبية .. ما به عصام باشا ..؟! إنه رجل ثري .. ليس ثري فقط بل فاحش الثراء .."

" وبعمر والدي .."







قالتها ماريا بحدة ثم أكملت بعدم تصديق :

" أنا لا أصدق ما تفعلينه .. ألم تجدي غيره ..؟! كيف تفكرين بشيء كهذا ..؟! كيف تحاولين وضعي في موقف حقير كهذا ..؟! كيف …؟!"

ردت والدتها بجدية :

" بل لم أجد من هو افضل منه .. رجل غني ذو مركز مرموق .. سوف يقدم لكِ كل ما تريدنه على طبق من ذهب .. ما مشكلته ..؟! أين يكمن عيبه ..؟! يكبرك بأكثر من ثلاثين عاما ..؟! لقد سبق لك الزواج بمن يصغره ولم تفلحِ أبدا .."

رمقتها بنظرات محتقرة وهي ترد بتحدي :

" في أحلامك .. لن يحدث هذا أبدًا .. هل فهمت ِ ..؟!"

ثم سارت متجهة نحو الباب حينما سمعت والدتها تقول :

" لا يوجد حل أخر أمامك .. ماذا تظنين نفسك يا ماريا ..؟! من سيقبل بكِ أصلا .. مطلقة مرتين .. بلا أمل لديها بالإنجاب .. من يتزوجك فسوف يفعل هذا لسبب واحد فقط كلانا نعرفه .. سبب لا مفر لك منه .. فأنتِ يا صغيرتي لا تصلحي سوى للمتعة ..المتعة فقط لا غير .."

اعتصرت قبضتي يديها بقوة وهي تحاول السيطرة على إرتجافة جسدها القوية لكنها فشلت كالعادة فإنتفضت مشاعرها عليها وتحكمت بها من جديد في موجة لن تفق منها بسهولة ..

……………………………………………………….

دلفت نهى خلف ظافر وهي تصرخ بقوة :

" الأن يجب أن نتحدث يا ظافر.. لن أصبر بعد .. لقد مللت .. نفذ صبري .. أقسم لك أنني على وشك الموت كبتا .."






التفت نحوها متأملا ملامحها المتوسلة ليقول أخيرا :

" ماذا أفعل ..؟! أخبريني هيا .. "

صاحت بوجع :

" اهتم بي .. كن مخلصا لي .. أحبني .."

صرح وقد فقد أعصابه كليا :

" لا أستطيع .. لا أستطيع أن أحبكِ .. افهمي هذا .. استوعبيه .. بعد مرور أعوام على زواجنا وأنتِ ما زلتِ تعيشين على أمل أن أحبكِ .. لم تفهمِ بعد أن قلبي مات منذ زمن .. مات ولا أمل أن يحيى أبدا .." 

قالت وكأنها تحادث طفلا صغيرا لا رجلا في الثلاثينات من عمره :

" لأنك لا تمنحني الفرصة كي أحييه .. لا تسمح لي بالإقتراب منك … بمداواة جرحها .. بتعويض غيابها .."

صاح بها مختنقا :

" لأنني لا أريد .. لا أريدك .. ولا أريد منك أن تعوضين غيابها .. ولا أريد منك اي شيء .."

هم بالإبتعاد لكنها جذبته وهي تحتضنه بقوة تهتف بجنون :

" ظافر انا احبك .. لا تفعل بي هذا .. امنحني فرصة واحدة ارجوك .."

دفعها بقوة وهو يشعر بنفور شديد بينما يردد :

" يكفي يا نهى .. لا تفعلي هذا .. أنت لا تثيرين شفقتي حتى بتصرفاتكِ هذا .. أنت في هذا الوضع تثيرين بي شيء واحد فقط .. النفور .. النفور يا نهى.."







" ولكني أحبك .. وأريدك .. وأنت لي .. هل فهمت يا ظافر ..؟!"

هز رأسه بعدم تصديق وهو يردد :

" أنتِ مهووسة .. ومريضة ايضا .."

هم بالإبتعاد عنها لتجذبه من ذراعه مرة اخرى وهي تصرخ بها وقد فقدت أخر ذرة من تعقلها :

" أين ستذهب ..؟! الى عشيقتك الجديدة ..؟! لن أسمح لك بالذهاب .. لن أسمح لك بخيانتي مرة اخرى .."

دفعها بقوة وقد فقد صبره كاملا ولم يعد بمقدوره الاستمرار بهذه العلاقة المريضة من وجهة نظره :

" يكفي .. "

حل الصمت المطبق بينهما للحظات قطعها هو بصوت جامد وملامح قاتمة :

" يجب أن ننهي هذه الزيجة وحالا .. أنت طالق يا نهى .. طالق .. طالق .."

……………………………………………………………

في صباح اليوم التالي ..

فتحت عينيها وهي تبتسم بسعادة .. تتذكر  لحظاتهما سويا .. كم كان رائعا .. رجوليا .. راقيا .. كل شيء به يضج بالقوة والرجولة .. وكم هي محظوظة به .. 

مدت يدها على جانب السرير الأخر قبل أن تتلمس المكان الفارغ والذي شعرت به باردا .. 

فتحت عينيها الناعستين ثم اعتدلت في جلستها تنظر الى الفراش الخالي جانبها بحيرة ..

نظرت الى الساعة فوجدتها قد تجاوزت الحادية عشر صباحا ..

نهضت بسرعة من مكانها متجهة خارج الغرفة بقدمين حافيتين وقميص نومها الشفاف يتطاير خلفها لتجده جالسا على الكنبة ينظر أمامه بصمت تام قطعته وهي تهتف بسعادة :

" حبيبي متى إستيقظت ..؟!"

ثم نظرت الى ملابسه بدهشة فتسأله وهي تنظر الى عينيه اللتين ترمقانها بنظرات مبهمة :

" هل كنت في الخارج يا شهاب ..؟!"

نهض من مكانه مقتربا منها متأملا ملامحها الفاتنة بغموض قبل ان يصفعها على وجهها بقوة ..

صرخت بوجع وهي تشعر بوجهها على وشك أن ينفجر من شدة الألم ..

صاحت بصوت مرتعش وملامح مصدومة :

" شهاب هل جننت ..؟!"






عاد وصفعها بقوة أكبر لتسقط هذه المرة أرضا وتشعر بخط رفيع من الدماء يسيل بجانب فمها …

رفعت ملامحها الباكية نحوه لتجده يهتف بها بصوت قاسي :

" اجمعي أغراضك وإخرجي من هنا حالا فأنتِ طالق .. "











الفصل الثاني 

تأمل نظراتها المصدومة الغير مستوعبة لما نطقه لتوه بملامح جامدة 







يشوبها الكثير من النفور .. النفور لإمرأة كانت منذ ساعات بين ذراعيه يبثها رغبته وشوقه ..








 يعاملها بكل ما لديه من حب واحترام .. حب وإحترام لم تستحقه أبدا ..

منحها نظرة كارهة تماثل ذلك الكره الذي ملأ قلبه ناحيتها ثم هم بالتحرك بعيدا عنها خارج المنزل بأكمله لكنها كانت 








أسرع منه وهي تجذبه من ذراعه تديره نحوها تهتف بصوت لاهث متوسل :

" انتظر شهاب .. انتظر ارجوك .. "




ثم تسأله محاولة ابتلاع صدمتها مما حدث قبل لحظات :

" لماذا فعلت هذا ..؟! لماذا ..؟!"

جذبها من شعرها  بقسوة لتصرخ بوجع وهي تشعر بأصابعه تقبض على خصلاتها الشقراء بقوة تكاد تخلعها من مكانها ..

أجابها شهاب وهو ينظر الى عينيها الزرقاوين بنظرات حادة مخيفة :

" تسألين لماذا ..؟! أخبريني أنتِ .. لماذا ..؟! لماذا طلقتك يا زوجتي العزيزة ..؟! لماذا أيتها المحترمة ..؟! الشريفة .. ابنة الحسب والنسب .."

صرخت بجزع وهي تحرر شعرها من أنامله القاسية  :

" ماذا تقول أنت ..؟! ماذا تقصد ..؟!"

نظر الى عينيها المذعورتين بإستهزاء منها ومن إدعائها الجهل بما يقوله ليهتف بصوت صلب بارد :

" تدعين عدم المعرفة يا بوسي وتسألينني أيضا عما أقصده .. حسنا سأخبرك ما أقصده لكن قبلها دعيني اسألك سؤال مهم للغاية .."

حدقت به بملامح مضطربة سيطر عليها الشحوب الكامل ما إن طرح سؤاله :

" أخبريني يا بوسي .. أخبريني يا طليقتي .. كم رجل دخل حياتك قبلي ..؟! كم رجل لمسك قبلي ..؟! "

راقب ملامحها التي أصبحت مشدودة للغاية بينما عينيها تصارعان هزيمتهما التي أصبحت واضحة بالنسبة لها ..

لم تجب على سؤاله ولم ينتظر إجابتها بدوره فهو لم يعد مهتم لسماع أي مبررات بشأن هذا .. لقد عرف ما أراد واكتفى .. 

رفعت عينيها المترددتين بخجل وقد بدت تحاول إستعطافه من خلال ذلك وقد تأكد ظنونه حينما وجدها تتحدث بصوت منخفض متردد :

" شهاب أقسم لك كان ماضيا .. كنت صغيرة و .."

قاطعها بصرامة مخيفة :

" لا أريد أن أسمع .. لا يهمني كل هذا .. أريد شيئا واحدا فقط وهو أن تجمعي أغراضك وتخرجي من هذا المنزل الى الابد .. ورقة طلاقك سوف تصلك رسميا خلال اقرب فرصة .. سوف أسعى بكل جهدي كي أتخلص من إرتباط إسمك بإسمي ولو على الورق فقط .. حقوقك لن تأخذي منها شيئا لإنك بضاعة مستعملة وفاسدة ايضا .."

تجمعت العبرات داخل عينيها وهي تستمع الى حديثه الجاف ونبرة الكره المسيطرة على صوته لتقول برجاء :

" ارجوك لا تفعل  هذا .. أنتَ بهذه الطريقة تدمرني كليا .. سمعتي وسمعة عائلتي سوف تتدمر .. سوف ننتهي الى الابد .. ارجوك يا شهاب .. أتوسل إليك .."

حدجها بنظرات باردة لا مبالية وهو يهتف بها :

" لا تهميني أنتِ و عائلتكِ بشيء .. فلتذهبوا جميعا الى الجحيم .. كان عليكِ أن تفكري بنفسك وعائلتك قبل أن تقومي بشيء حقير كهذا .."

" اعتبرني شهد او دينا .."

صاح بها بقوة أجفلتها :

" إياكِ .. إياكِ أن تجلبي سيرة واحدة من أخواتي على لسانك .. أخواتي أشرف فتيات وأنقى من أن تنطق واحدة مثلك إسميهما على لسانها .."

كتمت غضبها بصعوبة كي لا تقول شيئا تندم عليه بينما سمعت صوته الغليظ يدوى قائلا :

" سأخرج الأن .. عندما أعود مساءا لا أريدك هنا .. هل فهمت ..؟! سأترك مهمة اخبار عائلتك بما حدث لكِ .. أنتِ حرة بما ستقولينه لهم .."

ثم قال أخيرا بنبرة آمرة قبل أن يخرج من المنزل :

" وإياكِ ثم إياكِ أن تجلبي أي وسيط بيننا .. سواء من عائلتك او عائلتي .. حينها سوف ترين شيئا مني لم تريه من قبل ولن تريه فيما بعد .."

هوت بجسدها على الأريكة وهي تسيطر على شهقاتها بصعوبة ..

اعتدلت في جلستها بعد لحظات وهي تفكر بما ستفعله وكيف ستتصرف لوحدها ...

......................................................................

في فيلا محمد مختار ..

هبطت مرام درجات السلم وهي تعبث بهاتفها حينما وجدت الخادمة تقف أمامها تخبرها بأدب :

" السيد محمد يطلب منك أن تذهبي الى غرفة الطعام وتشاركيهم الإفطار يا أنسة .."

رفعت وجهها من فوق هاتفها تمنحها ابتسامة صافية وهي تومأ برأسها قائلة :

" حسنا .."

ثم تحركت متجهة الى غرفة الطعام بعدما وضعت هاتفها في حقيبتها ..

تقدمت نحوهم ملقية تحية الصباح وهي ترسم على شفتيها إبتسامة محببة قبل أن تشير الى عمها قائلة :

" اعذرني يا عمي لن أتناول فطوري معكم كالعادة فلدي موعد هام في الوزارة .."

سألتها زوجة عمها هناء بسخرية خفية :

" جيد ما تفعلينه .. اذهبي وحاولي عسى ولعل تجدين وظيفة مفيدة هنا .."

رمقتها مرام بنظرات هادئة وقد فهمت سخريتها تلك فهي تعرف تلك المرأة أكثر من نفسها لترد بصوت مرح قاصدة إغاظتها :

" بالطبع سأجد يا زوجة عمي .."

ثم أكملت بصوت ذا مغزى وهي تغمز لها مدعية المزاح:

" فالوزارة هي من حددت هذا الموعد بعدما إطلعوا على شهادتي وإمكانيتي وعلموا أنني الأولى على دفعتي طوال فترة دراستي في إحدى أرقى جامعات أمريكا .."

التوى فم هناء بإبتسامة متهكمة وهي ترد :

" اذا هنيئا لكِ بالوظيفة مقدما يا عزيزتي .."

أومأت مرام رأسها بعدم إكتراث ثم إستأذنت منهم  راحلة بينما نظرت هناء الى ابنتها صفا تشير بعينيها الى سراج الذي نهض لاحقا بخطيبته لتمط صفا شفتيها بضيق على أخيها و إهتمامه الزائد بخطيبته التي لا تطيقها كوالدتها تماما ..

اما في الخارج وقفت مرام أمام سراج الذي قال بجدية :

" سنخرج الليلة سويا .. هناك مكان رائع سنذهب إليه ..؟!"

سألته بخفة وهي ترفع حاجبها  :

" هل تأخذ رأيي أم تخبرني بهذا وقد إتخذت قرار الخروج لوحدك ..؟!"

رد بغيظ :

" بالطبع أخذ رأيك يا مرام .. منذ متى ويحق لي أن أقرر شيء دون إذنك ..؟!"

خرجت جملته الأخيرة هازئة فتجاهلتها وهي تقول بجدية :

" هذا الطبيعي يا سراج .. أي شيء يخصنا لا يتم سوى برضا كلينا .. أما الأشياء التي تخصك فأنت لك الحرية في التصرف بها مثلما أفعل أنا فيما يخصني .. "

أكملت بعدها بنبرة ذات مغزى :

" أظن أنك تعرفني جيدا وتعرف شخصيتي وطريقة تفكيري .. أليس كذلك ..؟!"

حدق بعينيها للحظات قبل أن يرد بهدوء :

" صحيح .. "

ابتسمت بخفة وهي تسأل بفضول :

" اذا ، إلى أين سنذهب ..؟!"

أجابها بنبرة بدت لها رائقة :

" سوف تعرفين مساءا .. "

سألته بترقب :

" هل هي مفاجئة ..؟!"

اومأ رأسه ثم أكمل بخبث وهو يغمز لها :

" مفاجئة خاصة يا مرام .. خاصة جدا .."

جارته في عبثه الصريح وهي تقول :

" أتمنى ألا تشمل مفاجئتك بعض الأشياء الوقحة .."

رد بمكر :

" تشمل الكثير منها .."

اقتربت منه وقالت بينما تحاصر عينيه الزرقاوين بعينيها :

" أنتظر مفاجئتك بشوق شديد يا سراج .."

ابتلع ريقه وهو يردد بصوت مبحوح :

" أنتِ تثيرين الكثير من الأشياء المجنونة بداخلي من خلال تصرفاتك هذه يا مرام .."

ضحكت بعذوبة ثم قالت بنبرة مليئة بالإنوثة والغنج وهي تهز كتفيها :

" أعلم ذلك يا عزيزي وأستمتع به أيضا .."

قال بنبرة صادقة :

" تعجبيني كثيرا حينما تدللين علي يا مرام .. تصبحين مشعة ... مشعة بشكل يخطف القلب .."

ابتسمت وهي تقول بنبرة ذات مغزى :

" أنا أعرف كيف أكون مدللة ناعمة يا سراج .. وكيف أكون مثيرة .. وأعرف أيضا كيف أكون عملية وجادة .. أنا أستطيع أن أكون بمختلف الحالات يا عزيزي .. لكن كل حالة لها وقتها "

رد وهو يتمعن النظر في تفاصيل وجهها والتي لم تكن جميلة جدا بل ربما هي في مقياس الجمال عادية جدا لكن مرام في تصرفاتها وجرئتها وثقتها بنفسها تعطي لتلك الملامح شيئا مختلفا .. شيئا لا يدرك ماهيته لكنه يجذبه وبقوة :

" وهذا أكثر ما أحبه فيكِ .."

أضاف وهو يداعب شفتيها بإبهامه :

" ولكن أحب أكثر الجزء المثير منك والذي تحرمينني منه يا مرام .."

مالت بشفتيها الى جانب شفتيه تهتف بصوت خافت مغري :

" ربما سوف ترى هذا الجزء قريبا يا عزيزي .. لا أحد يعلم .."

ثم أكملت وهي تقبل طرف شفته بخفة :

" أراك مساء واتمنى أن تكون مفاجئتك على قدر التوقعات .."

ثم تحركت مبتعدة عنه يراقبها هو وحديثهما يتردد داخل اذنيه وهو يفكر أن هذه القبلة الجانبية سوف تتطور لشيء أخر في القريب العاجل وربما الليلة تحديدا ..

......................................................................


كانت مرام تسير نحو سيارتها حينما سمعت صوت رنين هاتفها فأخرجت الهاتف من الحقيبة لتتفاجئ بإسم بوسي يضيء الشاشة ..

أجابتها بسرعة رغم دهشتها من إتصال ابنة عمها الذي لم يحدث مسبقا سوى مرتين أو ثلاثة ليأتيها صوت بوسي بنبرته الغريبة :

" تعالي فورا يا مرام .. أنا أحتاجك .. لا تخبري أحدا بإتصالي هذا ولا بطلبي .. أرجوكِ لا تخبري أحدا .."

ردت مرام بسرعة مندهشة من طلب بوسي الصادم :

" سآتي ولكن لدي موعد في الوزارة .."

قاطعتها بوسي وهي تهتف بصوت مترجي :

" ارجوكِ لا تتركيني الأن .. لا أحد يستطيع أن يساعدني غيرك .. "

ردت مرام بوجوم ..

" حسنا سآتي حالا .. فقط ارسلي لي الموقع .."

ثم أغلقت الهاتف وأخذت تنظر إليه وهي تفكر في موعدها المهم مع أحد أهم المدراء في الوزارة ..

موعد مهم بالنسبة لها لكن طلب بوسي الغريب أقلقها وهي بالطبع لن تتركها في وضع كهذا بالرغم من كل ما بينهما من جفاء ..

سمعت صوت هاتفها يرن لتجد رسالة من بوسي بموقع منزلها فتنهدت وهي تغمغم بخيبة :

" يجب أن أتحدث معهم وأطلب منهم منحي موعدا أخرا مع إني أشك بقبولهم هذا .." 

ثم ركبت سيارتها وقادتها الى الموقع الذي أرسلته لها بوسي ..

وصلت بعد حوالي ثلث ساعة لتهبط من سيارتها تتأمل الفيلا الفخمة والتي لم تتوقع شيئا أقل منها لإبنة عمها بوسي بتفكيرها الذي ينحصر بالحصول على كل ما هو غالي وثمين وهذه الفيلا غالية بل خيالية بتصميمها المدهش وحداثة بناءها ..

فتحت لها بوسي الباب ويبدو أنها رأتها من النافذة المطلة على الخارج لتجذبها الى الداخل ثم تغلق الباب خلفها ..

نظرت مرام الى ملامح ابنة عمها المتألمة قبل أن ترى بوضوح أثار الصفعتين على وجنتها لتقترب منها بسرعة وهي تتفحص وجنتها وتردد بعدم تصديق :

 " ما هذا ..؟! من فعل هذا ..؟!"

ثم احتدت ملامحها وهي تسأل :

" زوجك النذل .. أليس كذلك ..؟!"

أجابتها بوسي بتعب :

" دعينا نذهب اولا ونتحدث فيما بعد.. "

لم تستوعب مرام نبرة بوسي ورجائها وحزن عينيها وهي تتذكر ابنة عمها طوال معرفتها بها بغرورها وعجرفتها لتهمس بهدوء :

" أين ستذهبين دون أن تأخذي حقك ..؟!"

ردت بوسي بمرارة:

" حقي .. أي حق بالضبط ..؟!"

صاحت مرام بجدية :

" حقك منه فهو ضربك ويجب أن يعاقب .. يجب أن تذهبي الى الشرطة وتقدمي بلاغ ضده .."

قالت بوسي بسرعة :

" ارجوكِ لا .. لست بحاجة لمشكلة جديدة .."

نظرت مرام إليها بذهول لتكمل بوسي :

" لنذهب الأن يا مرام .. من فضلك .."

هزت مرام رأسها وهي تقول على مضض :

" كما تشائين .."

بينما ذهبت بوسي الى غرفتها لتحمل حقائبها وتخرج من منزلها الذي دخلته قبل ساعات قليلة ..

....:.................................................................

في منزل اكرم الخولي ..

تجلس نهى بجانب والدتها تبكي بلا توقف بينما الأخيرة تربت على كتفها بمواساة ..

تراقبها أختها نهلة بوجوم بينما والدها ينظر إليها بتحفز ليأتيه صرت نرمين زوجته وهي تقول  :

" ماذا ستفعل الأن يا أكرم ..؟! كيف ستتصرف مع ذلك النذل ..؟! "

أجابها أكرم وهو ينظر الى ابنته المنتحبة :

" ماذا سأفعل مثلا ..؟! ابنتك من فعلت بنفسها هذا حينما قبلت به زوجا .. "

ازداد نحيب نهى لتحتضنها والدتها وهي تمنح زوجها نظرة حادة قابلها هو بلا مبالاة ليجدها تهتف بقوة :

" تصرف معه .. دعه يندم على ما فعله بإبنتك .."

ضحك أكرم لا اراديا وهو يقول ساخرا :

" ظافر يندم .. اسم ظافر لا يجتمع مع الندم ابدا .. شخص مثله بلا احساس لن يندم مهما حدث .. إنه بلا إحساس يا نرمين .. متى سوف تفهمون هذا ..؟! لقد طلق ابنتك دون أن يرف له جفن .. وسوف تجدينه بعد عدة ايام يرسل اليها ورقة طلاقها رسميا ومعها حقوقها كاملة وينهي الموضوع تماما .."

صاحت نهى من بين بكائها :

" والله سوف أقتله .. ذاك الحقير .. أنا لا أستحق هذا منه .. ليس بعد كل ما فعلته .."

قالت نرمين بغيظ من زوجها وبروده :

" افعل شيئا يا أكرم .. الصفقات بيننا وبين عائلة الحداد ليست بقليلة أبدا .."

حدجها بنظرات محذرة وهو يقول :

" لا دخل لأمور العمل في مشاكلنا الشخصية .."

همت بالرد حينما نهض من مكانه وهو يحمل هاتفه مرددا :

" سوف أتصل بالمحامي لأفهم منه أكثر عن وضع ابنتك القادم وما سيترتب عليه .."

هتفت زوجته بسرعة :

" واتصل بأخويك ..  أليست نهى إبنة أخيهم ويجب أن يقفوا بجانبها في وضع كهذا .. ؟!"

ثم أردفت وهي تلوي فمها بضيق :

" لنرى ماذا سيفعل السيد جواد مع صديقه المقرب بعدما طلق ابنة عمه ..؟! "

ردت نهلة بضيق من حديث والدتها الغير منطقي :

" وما علاقة جواد الآن ..؟! هو ليس بمسؤول عن صديقه .. كما إن ابنتك تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية .."

منحتها نهى نظرة محتقنة بعدما ابتعدت من إحضان والدتها بينما ردت نرمين تزجرها :

" إصمتي أنتِ .. "

ثم نهضت من مكانها واتجهت خارج الصالة حيث مكتب زوجها بعدما أشارت لإبنتها الصغرى :

" سأذهب وأرى ماذا سيفعل والدك العزيز .. ابقي بجانب أختك .."

نظرت نهلة الى أختها بملامحها المليئة بالوجع فقالت وهي تنهض من مكانها وتجلس بجانبها :

" لا بأس يا نهى.. لا تحزني نفسك .. لقد حدث ما حدث .. سوف يعوضك الله خيرا عنه .. صدقيني زواجك منه كان أكبر خطأ ومن الجيد انه انتهى .."

حدقت بها نهى للحظات قبل أن تقول :

" ولكنني لا أريد سواه .. أنا أحبه ولن أقبل برجل غيره .."

سألتها نهلة بعدم تصديق :

" ما معنى هذا ..؟! هل ما زلتِ تودين الإستمرار معه ..؟! تريدين العودة إليه ..؟!"

" أتمنى ذلك .. ليتني أعود إليه .."

قالتها نهى بعينين دامعتين لتصيح نهلة بلا وعي :

" ولكنه طلقة بالثلاث .. "

ردت نهى بضعف :

" أعلم .. لكن ربما هناك حلا لهذه المعضلة .."

" حلا ..؟!"

رددتها نهلة بإندهاش بينما نهى تكمل بشرود :

" فتوى او ما شابه ..كما إننا لا نعلم بعد حكم الشرع فيما حدث .. ربما لم يكون واعيا او .."

حل الصمت للحظات قبل ان تهتف بسرعة وقد تذكرت أمرا هاما :

" لحظة هو لم يقل طالق بالثلاث .. يعني كرر كلمة طلاق ثلاث مرات .. هل يمكن ..؟!"

خفتت نبرتها وهي تكمل برجاء غير منتبهة لملامح أختها التي شعرت بمدى خطورة وضعها :

" ربما تكرار الكلام لا يعتبر طلاقا .. ربما يجب أن يقول ثلاث .. أنا لا أعلم بعد .."

ثم أكملت وعينيها تشع بأمل :

" دعينا نبحث على الانترنت او نسأل شيخا مثلا .. "

" نهى .."

قالتها نهلة بصوت باهت وملامح شاحبة لتتطلع إليها بملامح اختفى الأمل منها حينما سمعتا صوت والدهما وهو يهتف بهما :

" أعمامك سوف يصلون بعد قليل .. لا أريد لأي واحدة منكم أن تتواجد في الطابق السفلي .."

هزت نهلة رأسها بتفهم ثم أشارت الى أختها :

" دعينا نذهب الى غرفتي يا نهى .."

نهضت نهى من مكانها تتبع أختها بينما والدهما يتابعهما بملامح حزينة وهو يفكر في وضع ابنته السيء والذي يتحمل جزءا منه حينما وافقها على هذه الزيجة ولم يمنعها عنها ..

...........................................................................

في منزل رياض الحداد ..

اندفع رياض الى صالة الجلوس وهو يحمل هاتفه بيده بعدما أنهى مكالمته يصيح على زوجته بصوت منفعل :

" هل علمتِ بما فعله ابنك يا زوجتي العزيزة  ..؟!"

انتفضت علا من مكانها تسأله بوجل :

" ماذا حدث ..؟! ماذا فعل ظافر ..؟!"

رد رياض بغضب كبير :

" طلق زوجته .. ابنك المحترم طلق زوجته .. ما رأيك الأن ..؟!"

شهقت علا لا اراديا ثم سألته بتوتر :

" طلقها .. طلقها يا رياض .."

رد رياض ساخرا :

" نعم طلقها يا علا .. هل رأيتِ الى أي مدى وصلت جرئة ابنك ولا مبالاته ..؟!"

جف حلقها وهي تقول :

" يا الهي .. كيف يفعل شيئا كهذا ..؟! ألم يفكر بي قليلا ..؟! كيف سأنظر في وجه نرمين بعد الأن ..؟!"

صاح بعدم تصديق :

" هذا ما يهمك .. كيف ستنظرين في وجه صديقتك العزيزة ..؟! ماذا عني أنا ..؟؟ وماذا عن أعمالي وشراكتي أنا وأخي وزوج أختي مع عائلة الخولي ..؟! أخبريني ماذا سنفعل ..؟؟"

توقف عن حديثه حينما دلفت ابنته الصغرى الى الداخل بملامح جامدة ليهتف بها بسرعة :

" تعالي يا فيروز .. تعالي لتسمعي ما فعله أخوكِ العزيز بنا .. ابني الوحيد ووريثي الذي من المفترض أن أعتمد عليه في كل شيء .."

ردت فيروز بضيق خفي :

" صياحكم وصل الى جناحي لدرجة أنني إستيقظت من نومي .. ألا يستطيع أحد أن يرتاح في هذا المنزل قليلا ..؟!"

رمتها والدتها بنظرات محذرة قابلتها بلا مبالاة قبل أن يدوي صوت والدها عاليا :

" هذا ما يهمك .. نعتذر يا انسة فيروز لأننا أيقظناكِ من نومتك المبجلة .. "

ثم أكمل وهو ينظر إليها بغضب مكتوم :

" كم أنتِ باردة وعديمة الاحساس يا فتاة ..؟!"

ردت بعينين حادتين تلمعان بقوة :

" لا أسمح لكِ أن تتحدث عني بهذا الشكل .. "

ثم أكملت هازئة :

" تتحدث عن الأحساس وأنت لم تهتم بإبنك وأحاسيسه حينما أجبرته على الإقتران بمن لا يريدها فقط لأجل مصالحك الشخصية .."

احتقنت ملامحه من حديثها الوقح ليرد وهو بالكاد يسيطر على نفسه كي لا يفعل شيئا يندم عليه :

" ما زلتِ تعتقدين أنني فعلت هذا لأجل مصالحي وليس لأجله .. لماذا لا تفهمين أنني أردت بتلك الزيجة أن ينسى تلك الفتاة ..؟! لماذا لا تستوعبين هذا ..؟!"

صاحت بصوت منفعل :

" لكنه لم يفعل .. لم ينسها .. وأنت لم تنجح بما أردته .. "

أكملت وهي تنظر إليه بقوة :

" عليك أن تعترف بأنك المسؤول الوحيد عما حدث ..؟! لقد ظلمت ابنك وظلمت نهى مثلما اعتدت أن تظلم الجميع .."

نظر إليها بصمت ثم رد بهدوء غريب لا يشبه إنفعاله الشديد قبل لحظات :

" لم أكن أعلم أنه يحبها الى هذه الدرجة ..لم أظن أنها ستبقى داخله بعد كل هذه السنوات .."

هتفت بتهكم :

" ربما لأنك لم تعتد على الوفاء .. لأنك لا تعرف معنى أن يحب رجلا إمرأة الى الابد والأهم أن يبقى مخلصا لها .. هذه صفات أنت لن تستوعبها لأنك لم تجربها مسبقا .."

صاحت والدتها بضيق :

" حسنا يكفي .. أرجوكما يكفي .. توقفا عن كل هذا .. ابني مختفي ولا أعلم أين هو .. أخاف أن يصيبه مكروه .."

توقفت عن حديثها وهي تستمع الى صوت جواد الذي اقتحم المكان مرددا :

" أين ظافر يا عمي .. ؟! أين ابنك المحترم ..؟!"

أجابه رياض بصوت ثقيل :

" لا أعلم .."

" بالطبع لن تعلم .. طالما ظافر بك هرب بعيدا بعد أن فجر قنبلته فأنت لن تعلم مكانه .."

قالت علا محاولة امتصاص غضب جواد :

" حسنا يا جواد .. اهدأ يا بني .. بالتأكيد سوف يعود ونفهم منه كل شيء .."

قاطعها محاولا التحكم بنبرة صوته في ظل وجود والدة صديقه التي يحترمها للغاية :

" ماذا سنفهم يا خالتي ..؟! ابنك طلق نهى دون أن يضع إعتبارا لأي أحد منا .. لا للشراكة التي بيننا ولا للصداقة التي نشأت بين العائلتين والأهم لم يضع إعتبارا لصداقتنا بل إخوتنا التي بدأت منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما .."

اخفضت علا رأسها بخجل بينما هتفت فيروز بضيق مكتوم :

" ألا ترى أنك تبالغ قليلا يا جواد ..؟! إن كانت مشكلتك حقا في الطلاق فهذا شيء بديهي يحدث في كل عائلة .. فظافر ليس اول من يفعلها وإن كانت مشكلتك في طريقة حدوث الطلاق فظافر بالتأكيد لم يطلقها بدون سبب .. "

" وما هو السبب يا فيروز ..؟!"

سألته محاولا كتم غيظه من برودها المستفز لترد وهي تهز كتفيها بلا مبالاة :

" لا أعلم ولا يهمني أن أعلم .. لأنني لا أتدخل بأمور لا تعنيني .."

ثم أردفت وهي تنتقي كلماتها بحكمة :

" لكن دعنا نتحدث بصراحة يا جواد .. كلانا يعلم أن هذه الزيجة خطأ منذ البداية .. وأن استمرارها كان مستحيلا .. نهى كانت تذبل أكثر مع كل يوم تقضيه مع ظافر .. أما ظافر فهو قد فقد شعوره بالحياة منذ سنوات .. ليس من العدل أن تتحدث بهذه الطريقة وتحاسب ظافر على صداقتكما الطويلة والعميقة بينما أنت بدورك لم تهتم بهذه الصداقة بموقفك هذا .."

رد جواد مستنكرا حديثها :

" أنا ..؟! أنا يا فيروز ..؟! لو كان ما تقولينه صحيح ما كنت تغاضيت عن معاملته الجافة مع نهى طوال تلك السنوات بحجة عدم التدخل بينهما كما قلت أنت منذ لحظات بالرغم من كون نهى ابنة عمي وبمثابة اخت لي خاصة أنه لا يوجد لديها أخ كبير مسؤول عنها .. "

ردت فيروز بدورها :

" أتفهم هذا جيدا يا جواد .. ولكن ماذا عن ظافر ..؟! ماذا عن وضعه ..؟! وضعه الذي تعلمه جيدا بل وعايشته أيضا .. أنت أكثر من يعلم معاناته ووجعه ومع هذا تقف أمامنا وتتحدث عن ظافر وعدم تقديره لصداقتكما بينما انت تقف ضده في وضع كهذا دون أن تضع إعتبارا ولو واحد بالمئة لوضعه ومعاناته .. اذا أنت أيضا لم تعطي صداقتكما حقها وتقديرها .."

" هل تطلبين مني الوقوف بصف أخيك ضد ابنة عمي التي خطأها الوحيد كان إنها أحبت اخيكِ ..؟!"

هزت رأسها نفيا وهي ترد :

" كلا .. بالطبع لا أطلب هذا .. ولكني أطلب منك ألا تنسى كل شيء يمر به ظافر وتتهمه دون مراعاة فقط كي تقف بجانب ابنة عمك التي بدورها كانت تعلم جيدا بمشاكل ظافر وعدم رغبته بالزواج منها لتأتي أنت وتحاول أن تضعها بموقف الفتاة الضحية بينما هي نفسها من إختارت كل هذا وهي الوحيدة المسؤولة عما وصلت اليه .."

قال جواد مستنكرا حديثها :

" انتبهي على حديثك يا فيروز ولا تنسي إنها فتاة مثلك .. وربما سوف تمرين بتجربة مشابهة لتجربتها يوما ما  .."

رفعت رأسها وهي تردد بثقة :

" ربما بالفعل قد أمر بتجربة طلاق مماثلة لكنني لن أهدر كرامتي إزاء مشاعر سخيفه مع رجل لا يراني من الأساس .."

نظر إليها بغضب مميت قابلته هي بإبتسامة باردة ليلتف نحو والدها قائلا بهدوء مصطنع :

" أخبره أنني لا أرغب برؤية وجهه بعد الان .. من الأن فصاعدا كل ما بيننا انتهى .. لو بيدي لأنهيت حتى شراكتنا لكن هذا ليس قراري لوحدي .. "

أنهى كلماته ورحل ليلتفت رياض نحو فيروز هاتفا بصوت مغتاظ :

" هل كان يوجد داعي لإعطاءه محاضرتك تلك ..؟! ألا يكفي ما فعله أخيكِ ..؟!"

ردت بعدم اهتمام :

" هو من بدأ .. كما إنني لم أقل شيئا خاطئا وتحدثت بكل هدوء وأدب .."

سألها متجاهلا حديثها :

" ألا تعلمين أين هو ..؟!"

سألته مدعية الغباء :

" من تقصد ..؟!"

كتم غضبه وهو يرد :

" من أقصد مثلا ..؟! بالطبع ظافر بك .."

أجابته كاذبة :

" بالطبع لا أعلم .."

أغمض رياض عينيه بنفاذ صبر بينما جلست علا على الكنبة بوهن لتشرد هي تتذكر مكالمة أخيها المقتضبة قبل أن يغلق هاتفه :

" طيارتي إلى باريس بعد أقل من نصف ساعة .. لا أعلم متى سأعود لكن ليس قبل عدة أشهر على الأقل .. أخبريهم بذلك كما أخبريهم أيضا أنني سألغي خطي ولن أتواصل مع احد الفترة القادمة فلا يتعبوا أنفسهم بمحاولة الوصول الي .. حقوق نهى عند والدي .. فليدفعها هو وينهي الموضوع برمته مع عائلة الخولي .. واذا اعترض عل هذا ذكريه أنه المسؤول عن هذه الزيجة التي لم أرغب بها يوما .."

........................................................................

خرجت لينا من غرفتها تبحث عن والدتها بعينيها لتشعر بها خلفها تهتف بها :

" إستيقظت أخيرا يا لينو ..."

ابتسمت لينا بهدوء بينما سمعت والدتها تكمل :

" اتبعيني الى المطبخ كي أعد لكِ طعام الإفطار .."

ردت لينا بسرعة :

" كلا لا أريد .. فقط أريد كوبا من الكاكاو خاصتك الذي أحبه كثيرا ..."

ابتسمت والدتها بحنو وهي تقول بسرعة :

" سأعده لك فورا ..."

ثم سارعت لإعداده وهي تتحدث بجدية :

" لقد تحدثت مع ضحى اليوم .."

سألتها لينا بإهتمام :

" حقا ..؟! كيف حالها ..؟! "

أجابتها حنان وهي تخرج علبة الحليب من مكانها :

" بخير .. سألت عنك كثيرا .. تقول أنها ستأتي الى البلاد خلال شهرين او ثلاثة بالكثير  باذن الله .. "

" هذا خبر رائع فأنا اشتقت لها حقا .."

قالتها لينا بفرحة حقيقية لتبتسم حنان وهي تتمنى بداخلها أن تأني ضحى بأقرب وقت فهي تعلم مدى مقدار إشتياق لينا لأختها وكم عانت بعد سفرها الى الخارج بعدما تزوجت من مهندس مقيم في ألمانيا ..

" وما أخبار ولدها الشقي حبيب خالته ..؟!"

تألقت عيني والدتها بسعادة حقيقية بعدما ذكرت إسم حفيدها الأول أمامها لتهتف بلهفة :

"'مشاكس كالعادة .. وأختك تتذمر منه .."

ضحكت لينا بينما سألتها حنان بجدية :

" لينو ، ما رأيك أن نذهب لأحد المولات كي نتسوق قليلا .. ؟! "

نظرت لينا اليها بتردد وهي تقاوم رغبتها في الرفض لتنجح أخيرا بذلك وهي ترد :

" حسنا موافقة .. ولكن دعيها مساءا فأنا سأذهب بعد قليل الى الشركة .."

سألتها والدتها مندهشة :

" الشركة ..؟! لماذا ستذهبين ..؟! أقصد يعني مر وقت طويل على عدم ذهابك .."

قالت لينا بهدوء :

" لهذا السبب يجب أن أذهب .. لقد أصبحت بخير .. لا داعي لمكوثي في المنزل أكثر .."

نظرت والدتها إليها بتدقيق قبل أن تقول أخيرا :

" كما تريدين يا لينا.. مع إن أصحاب الشركة اللذين هم بالأساس عائلة هشام لم ينزعجوا أبدا من غيابك المسبق فهم بالطبع متفهمين وضعك .."

قالت لينا بضيق شديد :

" ولكن أنا منزعجة .."

ثم أردفت وهي تهتف بجدية :

" هم لم يقصروا حقا ولكن ما سبب استمرار عملي لديهم رغم غيابي المتكرر بل و ومبالغتهم بمراعاتي غير كوني خطيبة أحد أفرادهم ..؟! "

ردت والدتها بوضوح :

" وهذا سبب أكثر من كافي يا لينا .. أنت أصبحتِ تنتمين لهم بعد إرتباطك بولدهم .. والطبيعي أن تكون معاملتهم لكِ مختلفة .."

أومأت برأسها دون رد فلم يكن لديها الرغبة في النقاش بهذا الموضوع تحديدا..

حملت كوبها واتجهت الى غرفتها بعدما أخبرت والدتها أنها سوف تشربه هناك ثم ترتدي ملابس الخروج بسرعة ..

أنهت مشروبها ثم أخرجت لها ملابس مناسبة بسرعة قبل أن تهم بخلع الجزء العلوي من بيجامتها لكنها توقفت وهي تشعر بضربات قلبها تتصاعد لا إراديا بينما يديها عاجزتين عن خلع ملابسها عنها لتجلس على السرير بضعف تكتم دموعها بقوة ..

ظلت على وضعها للحظات قبل أن ترمي الملابس بعيدا وتتمدد على سريرها تضم جسدها بقوة وتبكي بصمت ..

.....:.....................................................................

فتحت ماريا عينيها الزرقاوين قبل أن تقفز من مكانها وذكريات ما حدث البارحة تطاردها ..

تأملت الساعة والتي لم تتجاوز العاشرة صباحا وهي تفكر أنها لم تنم حتى الخامسة صباحا وهاهي تستيقظ بعد ساعات قليلة دون أن تأخذ كفايتها من النوم ..

نهضت من فوق سريرها وهي تحاول ان تبعد ذكريات الليلة الماضية عنها ..

تقدمت نحو النافذة الواسعة تتأمل الحديقة الخارجية منها بملامح هادئة سرعان ما تعكرت وهي تسمع أكثر صوت تكرهه يخترق مسامعها ..

" جيد أنكِ مستيقظة .."

قالتها رويدا وهي تغلق الباب خلفها ثم تتأمل ملامح ابنتها الجامدة بتروي لتجد ماريا تهتف ببرود :

" أليس من المفترض أن تستأذني قبل دخولك ..؟!"

ردت رويدا بجدية :

" ظننتك نائمة فدخلت كي أوقظك .."

" هذا ليس مبررا ... غير مسموح لكِ أبدا بالدخول الى أي مكان خاص بي دون إستئذان .."

قالتها ماريا بصرامة لتضم رويدا شفتيها بقوة قبل أن تقول بلطف مصطنع :

" لقد جئت لكِ بأخبار رائعة .."

ردت ماريا هازئة :

" أخبار رائعة ..؟! ومنك أنتِ ..؟! لا أصدق هذا .."

قالت رويدا متجاهلة حديثها الساخر :

" لقد نجحت في إستعادة الفيلا يا ماريا .. مبارك لكِ .." 

بهتت ملامح ماريا لا إراديا وهي تستمع الى حديث والدتها .. من المفترض أن تكون سعيدة بخبر كهذا فالمنزل الذي قضت به طفولتها وأجمل أيام حياتها قد عاد إليهم ولكنها تعلم جيدا ما وراء ذلك وما تنوي عليه والدتها من هذا ..

أعادت ملامحها الى صلابتها المعتادة وهي تسأل ببرود :

" اذا لقد نجح السيد عصام بذلك .. يبدو أنه مستعجلا للغاية على إتمام كل شيء .. "

ثم أردفت وهي تغمغم بنبرة ذات مغزى :

" مساء البارحة كان سوف يعيد وفي ظرف سويعات قليلة أعادها .. يا سبحان الله .."

ردت رويدا بغيظ :

" برأيي هذا كله غير مهم .. المهم أن الفيلا عادت إلينا .. ومن المفترض أن نشعر بالإمتنان للسيد عصام بدلا من الحديث في أشياء جانبية لا معنى لها .."

هزت ماريا رأسها وهي تهتف بها :

" نعم سوف نشكره .. لكن كيف سنفعل ذلك ..؟! هل لديك طريقة معينة ..؟! فأنتِ متخصصة في طرق الشكر غير المعتادة .."

" تسخرين مني .. أليس كذلك ..؟!"

قالتها رويدا بضيق لترد ماريا بأسف مصطنع :

" حاشا لله أن أسخر منك يا والدتي العزيزة .. أنا فقط أقول الحقيقة .."

قالت رويدا وقد نفذ صبرها وملت من هذه اللعبة فهي تحب أن تنفذ قراراتها بالعادة بسرعة دون مماطلة :

" طالما أنك تعلمين كل شيء وتفهمين ما يجري ، لماذا تماطلين إذا ..؟! "

أجابتها ماريا بقوة :

" أنا لا أماطل .. أنا أرفض الموضوع .. أنهيه تماما .. "

" تظنين أن إنهاء الموضوع من عدمه قرارك ..؟!"

سألتها والدتها بسخرية لترد ماريا بغضب مكتوم :

" نعم قراري .. قراري انا وحدي .. وليس قرارك بالتأكيد .."

اقتربت رويدا منها حتى وقفت أمامها تهتف بقوة وثقة :

" بل هو قراري يا ماريا .. كل شيء يتم بإرادتي .. أنا وحدي .. أما أنتِ فعليكِ أن تنفذي ما أقرره كما فعلتِ دوما ..."

تحشرج صوت ماريا وهي تقول :

" أكرهك .. لا أكرهك فقط وإنما أحتقرك .. أحتقرك وأشمئز منك ومن نفسي لأنني أحمل دمائك اللعينة .."

صفعة قاسية هطلت على وجهها تلقتها ماريا بجمود تام ونظرات قوية لا يظهر بها أي تأثر من أي نوع لتسمع والدتها وهي تهتف قبل خروجها :

" طيارتنا الى البلاد بعد ثلاث أيام .. جهزي نفسك .. "

.........................................................................

تأملت مرام بوسي الواجمة بملل فهاهي تجلس قبالها منذ أكثر من ساعتين  دون أن تفهم منها شيئا واحدا ..

تأملت الجناح الفندقي الفخم بضيق وهي تتذكر كيف جاءت بها الى هنا لتتفاجئ بها بعد لحظات يغمى عليها فتسارع بأخذها الى الطبيب الذي أخبرها أن ضغطها قد هبط وطلب منها أن تطعمها بعض الأطعمة التي سوف تساعد برفع ضغطها لتخرجان سويا من المشفى بعد حوالي ساعة وقد استقر ضغطها قليلا فتعودان الى الفندق وتبدأ مرام رحلتها الصعبة بإقناع بوسي بضرورة تناول طعامها بينما الأخيرة تعاند بتعنت مزعج ..

قالت مرام أخيرا محاولة قطع هذا الصمت المستمر :

" ماذا الأن يا بوسي ..؟! ألن تقولي شيئا ..؟!"

ردت بوسي أخيرا وقد شعرت بدورها أن عليها التحدث مع مرام كونها الوحيدة التي من الممكن أن تتقبل الحقيقة بل وربما تساعدها فهي لن تجرؤ على إخبار أي أحد بفعلتها تلك حتى أختها الوحيدة التي سوف تغضب منها بشدة بل وسوف تتفنن بإلقاء كافة الكلمات المزعجة على مسامعها لذا فإن مرام الخيار الأفضل أمامها وهي كونها عاشت طوال حياتها في أمريكا فسوف تتفهم وضعها وخطأها :

" سوف أتحدث .. علك تساعديني يا مرام .."

أومأت مرام برأسها وهي تنظر إليها بترقب بينما بدأت بوسي حديثها لتستمع مرام إليها بإذعان :

" لقد حدث كل شيء قبل عامين  .. تعرفت على شاب من عائلة غنية  .. شاب غني ووسيم .. بدأ يقترب مني وأنا انجذب إليه ثم تطورت علاقتنا و .."

قالت مرام نيابة عنها :

" تطورت الى علاقة جسدية ، أليس كذلك ..؟!"

أومأت بوسي برأسها لتهتف مرام بجدية :

" حسنا ، ولكن لا أفهم .. ألم تخبري خطيبك بذلك ..؟! "

حدقت بها بوسي مصدومة قبل أن تقول :

" ماذا تقولين أنتِ يا مرام ..؟! أخبره بماذا ..؟! هل كان سينظر الى وجهي لو أخبرته أنني كنت على علاقة كاملة مع غيره ..؟!"

مطت مرام شفتيها وقالت :

" هذا  برمته كان سيكون  أفضل من إكتشافه هذا بعد الزفاف .. "

" لم يكن ليكتشف شيء يا مرام .."

قالتها بوسي بخيبة لتسألها مرام بدهشة :

" كيف يعني ..؟! بالطبع كان سيكتشف .."

نظرت اليها بوسي بصمت لتجحظ عينا مرام وهي تهتف بعدم تصديق :

" يا إلهي لا أصدق .. كيف فعلت هذا ..؟! هذا غش وخداع .."

نهرتها بوسي بضيق :

" اتركينا من المثاليات الفارغة الأن يا مرام .. لم يكن أمامي حل أخر.. لم يكن ليقبل بي .. لا هو ولا غيره .."

ردت مرام بقوة :

" اسمعيني يا بوسي .. أنا لا أهتم لموضوع العذرية الذي تقدسونه أنتم بشكل غريب .. فأنا أرى أن لكل أنثى حقها في عيش ما تريد من تجارب تخصها هي وحدها وأن الرجل عليه أن يحاسب زوجته او حتى حبيبته في مرحلة ارتبطاهما أما ماضيها يخصها وحدها لكنني ضد الخداع .. مثلما لدي حقي الخاص بالمرور بكل التجارب التي أريدها  فلدى شريكي القادم الحق في الاستمرار معي بكل تلك التجارب  أو لا .. نعم عدم تقبله لذلك تخلف ورجعيه أمقتها بشدة .. ربما أنا أحتقر رجلا مثل زوجك هذا لكنني لن أنكر خداعك له يا بوسي.."

" هل سوف تتركيني  يا مرام ..؟! لا أحد يستطيع مساعدتي سواك .. لا أحد سيتقبل خطأي هذا غيرك .. شهاب طلقني .. فضيحتي قادمك لا محالة .."

اتسعت عينيها بصدمة قبل أن تردد بضيق :

" طلقك أيضا .. كم هو نذل ..؟!"

" مرام أرجوكِ .. افعلي شيئا .. "

" ماذا سأفعل يعني ..؟!"

سألتها مرام بحيرة لترد بوسي بترجي :

"  يجب أن يردني الى عصمته وإلا سمعتي وسمعة عائلتي سوف تتدمر .. فضيحتنا سوف تصبح سيرة يتناقلها الجميع .. أنتِ تعلمين معنى أن تتطلق واحدة صبيحة زفافها .. يا إلهي .. سوف أنتهي .. والدي يموت فيها والله .."

نظرت مرام إليها بصمت لتكمل بوسي :

" يجب ألا يعلم أحد بما حدث اليوم ويجب أن أعود الى منزلي .."

ثم أكملت بصوت مرتجف :

" الجميع يظن أني سافرت صباحا الى أوروبا .. "

قاطعتها مرام :

" هل تظنين أن شهاب لم يخبر عائلته بعد ..؟!"

هزت بوسي رأسها نفيا وهي تجيب :

" لن يفعل .. ينتظرني أنا أفعل وأبلغ عائلتي اولا .. لذا يجب أن نستعجل .. يجب أن يردني إليه قبل أن ينكشف كل شيء .."

سألتها مرام بعدم استيعاب :

" كيف .. ؟!"

لتجيبها بوسي بعد لحظات وهي ترجوها أن تذهب الى شهاب وتتحدث معه على إنفراد عله هدأ قليلا ..

...................................................................

هبطت هالة درجات السلم وهي تستمع الى صوت والدتها التي يبدو أنها تتحدث مع زوجة خالها سهر تخبرها عن طلاق نهى ابنة عمها ..

سمعت هالة صوت والدتها تودع زوجة خالها أخيرا لتلتفت إليها وهي تقول  :

" استيقظتِ أخيرا يا انسة هالة ..؟!"

ابتسمت هالة وهي ترد :

" نعم إستيقظت وجائعة للغاية .."

" العشاء جاهز .. أنتظر قدوم والدك وأخوتك كي نتناوله سويا .."

سألتها هالة بإستغراب :

" جميعهم في الخارج ..؟!"

أومأت والدتها برأسها وهي تجيب :

" والدك وجواد ذهبا منذ الصباح الى منزل عمك كما تعلمين .. هشام لم يعد الى المنزل بعد .. وغيث لم يعد هو الأخر من عمله .."

ما انتهت من حديثها حتى وجدت هشام يدلف إليهما ملقيا تحية المساء لتلتفت هالة إليه وهي تبتسم بخفة ليمنحها إبتسامة لم تصل الى عينيه وهو يشير الى والدته قائلا :

" أنا متعب للغاية .. سوف أنام فورا فلا توقظيني لأجل الطعام .. " 

سألته والدته بإهتمام :

" ما بك حبيبي ..؟! تبدو حزينا هذه الأيام .."

رد هشام وهو يكتم تلك المرارة التي يمتلأ بها قلبه :

" انا بخير حبيبتي .. اطمئني .."

ثم رحل تاركا والدته تنظر الى ابنتها بضيق على حال إبنها الأوسط قبل أن تسمع صوت زوجها وولدها الأكبر يلجان الى الداخل ..

تمعنت النظر في وجه جواد الواجم والذي يماثله وجه زوجها وجوما لتهتف بسرعة وهي تستقبلهما بترحيب محاولة كسر ذلك الضيق الذي يملأ ملامحهما :

" اهلا بكما .. وأخيرا عدتما .. كيف حال نهى ..؟! وكيف حال أكرم ونرمين ..؟!"

أجابها عامر زوجها بهدوء :

" جيدون .. لقد حدث ما حدث .. هكذا أفضل  للجميع .."

" اذا لا يوجد أمل للعودة ..؟!"

سألتهما نازك ليرد جواد هذه المرة بعصبية :

" أي عودة يا أمي ..؟! أي عودة بعدما فعله ظافر ..؟! والله لو بكي ندما ما كنت لأعيدها إليه .."

حذره عامر بصرامة :

" انتبه على على صوتك حينما تتحدث مع والدتك يا جواد .."

" لا بأس يا عزيزي أنا اتفهم مقدار غضبه مما حدث .."

قالتها نازك بجدية ليهتف جواد بهدوء :

" أعتذر ماما.. لم أقصد أن أرفع صوتي عليكِ .."

ثم نهض من مكانه وقال بصوت خالي من الحياة :

" اعذريني فأنا مرهق للغاية وأرغب في النوم لساعات طويلة كتعويض عن تعب البارحة واليوم .."

ثم رحل دون ان ينتظر ردا لتتأمله نازك  وهي تقول بحزن :

" انه حزين للغاية على ما حدث .."

اومأ عامر برأسه ورد :

" أظن أنه حزنه ليس بسبب الطلاق ذاته بل بسبب تصرف ظافر أقرب صديق إليه .. "

تنهدت نازك وهي تقول :

" لا أعلم ماذا يجب أن أقول .. هون الله عليهم جميعا .. "









" امين .."

قالها عامر بينما نهضت هالة وهي تهتف بهما :

" اسمحا لي أيضا بالذهاب الى غرفتي .."

" ألن تتناولي طعامك معنا .. ؟!"

سألتها نازك بجدية لترد هالة :

" سوف أطلب من الخادمة أن تجهز لي الطعام وتصعد به الى غرفتي .. أخوتي جميعهم بالخارج لذا سوف أترك الطاولة لكما لتقضيا عشاء رومانسي مميز .."

منحتها نازك نظرة حادة لتهرب مسرعة وتدلف الى غرفتها قبل أن تسمع صوت هاتفها يرن برسالة جديدة من شهد التي تخبرها بمزاح :

" نهى تطلقت ليلة زفاف شهاب على بوسي .. برأيك من جلب الشؤم الى عائلتنا ..؟!"

كتبت هالة وهي تضحك :

" حرام والله .. أنتِ تتهمين الفتاة إتهامات باطلة .."

جاءها رد شهد بعد لحظات :

" لم أقل شيئا خاطئا .. أول يوم لها في عائلتنا تطلقت نهى .. ماذا سيحدث في الأيام القادمة .."

كتبت لها هالة :

" تحدثي عنها أنتِ ساخرة منها بينما هي تقضي أجمل أيام عمرها في باريس ..  "

أنهت رسالتها برمز تعبيري يغمز لها ليأتيها رد شهد برمز تعبيري غاضب يتبعه رسالة كتبت فيها :






" تلك اللعينة أصرت أن تذهب في شهر عسل الى أربعة دول اوروبية .. كانت تريد شهرا كاملا لكن شهاب لم يقبل بأكثر من اسبوعين ورغم هذا أصرت على زيارة أربع دول خلال اسبوعين .."

" عروس ومن حقها أن تتدلل ..."

كتبت لها هالة هذه الكلمات مشاكسة ليأتيها رد شهد برمز تعبيري باكي ..

ابتسمت بخفة ثم خرجت من صفحة الرسائل الخاصة بشهد وأخذت تنظر الى الاصدقاء النشطون حينما وجدته نشطا فأرسلت له :

" مساء الخير على ابن الخال .."

ليأتيها الرد بعد ثواني :

" مساء الورد على ابنة عمتي .. بالونة الجميلة .."

سعدت بسرعة رده عليها ثم كتبت وهي تتجاهل كلمة بالونة :

" كيف حالك ..؟!"

رد عليها :

" انا من يجب أن يسأل عن أحوالك بعد طلاق ابنة عمك .."

كتبت بصدق :

" انا بخير .. لا تقلق .."

ثم عادت وكتبت :

" بالطبع حزينة لأجل نهى لكن هذا أفضل فزيجتها كانت فاشلة .."

سألته متعجبا :

" غريب .. ألم تقولي مسبقا أنها تحبه ..؟!"

كتبت له :

" نعم هي تحبه .. ولكنه لا يحبها .. والأسوء من ذلك أنه يعشق غيرها ... زيجة تقوم على مشاعر من طرف واحد لن تنجح مهما أعطى هذا الطرف من حب واهتمام .. زيجتهما تلك استنفذتها كليا .. لذا الطلاق افضل لها من البقاء بجانب رجل لا يشعر بها .. " 

" إذا أنتِ تؤمنين أن الزواج لن ينجح بدون حب ..؟!"

ردت بجدية:

" كلا .. بالطبع هناك زيجات تنجح بدون حب .. تنجح بالمودة والرحمة والتي ينتج عنها حب العشرة .. وهو حب مميز ايضا وأحيانا يكون ذو قيمة أكبر من حب العشاق المعتاد .. لكن كل هذا يكون في حالة أن الطرفين 








مشاعرهما حيادية تجاه بعضيهما .. لا يوجد احد يعشق والأخر لا يشعر بعشق مماثل .. حتى لو لم تكن المشاعر بنفس القوة لكن يكفي أن كليهما يحبان بعضيهما .."

جاءها رده بعد لحظات :

" كبرتِ يا هالة وأصبحت تفهمين في إمور الكبار ..."

توردت وجنتيها لا اراديا فكتبت وهي تغير الحوار :

" سأذهب الأن .."

" ماذا ستفعلين ...؟!"

سألها فردت :

" سوف أستمع الى بعض الأغاني .."

عاد وكتب لها متسائلا بفضول :

" هل لديك أغنية جديدة اسمعها .. ؟! لقد مللت من الأغاني المعتادة التي أسمعها ..."

" حسنا انتظر لحظة .. سأرسل لك أغنية أحبها كثيرا .."

ثم أرسلت احدى أغانيها المفضلة في الفترة الأخيرة لتفتحها بدورها وتقرر سماعها للمرة التي لا تعلم عددها ..


   عم بتعلق فيك شوي شوي

وعم حس بحنية

ولا مرة حسيتها بعمري

اللي عشته أنا

قلي إنك حاسس فيي

وشايف شو بيحكوا عينيي

لما بتمرق حدي

وبرجف قدامك أنا


أنا عم بلش حبك

أنا لما بشوفك بتلبك

مع إنك بتضلك ساكت

قلبي عم يسمعك

أنا عم حبك هلأ

أنا بعيونك عم بتعلق

بالإيام اللي جايي

حدي عم بقشعك


كلن عم يحكوني

كل شوي بيسألوني

شو تغير فيي وشو صارلي

عنن عم بختفي

شو بقلن عشقانة بقلن

بعيونك غرقانة بقلن

على قلبك هربانة

اتركني اتخبى فيه


أنا عم بلش حبك

أنا لما بشوفك بتلبك

مع إنك بتضلك ساكت

قلبي عم يسمعك

أنا عم حبك هلأ

أنا بعيونك عم بتعلق

بالإيام اللي جايي

حدي عم بقشعك


انتهت الاغنية لتفيق من شرودها على صوت رسالته يخبرها :

" جميلة يا بالونة لكن هذه المشاعر الفياضة لا أحبذها .. ابعثي لي شيئا أقل شاعرية .."

" أحمق .."










كتبتها له ثم عادت ووضعت سماعاتها داخل أذنيها لتستمع الى المزيد من الأغاني ..

..........................................................................

وقفت مرام امام الفيلا الخاصة بشهاب الخولي وهي تشعر بالحنق الشديد .. 







تذكرت كلمات بوسي المترجية فأخذت نفسا عميقا وهي تخبر نفسها أنها مجرد محاولة .. 

إن استمع لها خيرا على خير وإن لم يستمع فليذهب الى الجحيم ..





ضغطت على جرس الباب فيفتح شهاب لها الباب لتحتل الدهشة ملامحه وهو يتذكرها على الفور بالرغم من كونه لم يرها سوى مرتين إحداهما يوم الزفاف وهي تبارك له برسمية .. 







ربما سمع عنها القليل من طليقته والذي لم يكن جيدا على الاطلاق لكنه فعليا لم يرها سوى هاتين المرتين فمالذي جلبها ..؟!

هل وصلت الجرأة بطليقته أن ترسل ابنة عمها الأمريكية إليه كي تحاول إقناعه بالعدول عن الطلاق ..؟! 

أفاق من شروده على صوتها وهي تهتف بنبرة باردة وملامح بدت له نافرة :

" ألن تدعني أدخل ..؟!"

" تفضلي .."

قالها وهو يفكر أنها لن تهتم بكونه وحيدا في هذه الفيلا الواسعة بالطبع ..






تبعها وهو يشعر بالضيق الشديد من تدخل فتاة غريبة بأمور حياته ..

وجدها تلتفت نحوه تتأمله بصمت طال لثواني قليلة قبل أن تقول بهدوء غريب :

" لقد علمت بما حدث .. بوسي شرحت لي كل شيء .. وأنا هنا  لنجد حلا لهذا الوضع .."

نبرتها العملية  في الحديث وطريقتها وهي تفرض عليه ضروره ايجاد حل  أدهشته ليقول محاولا كتم غيظه :




" عفوا.. لا يوجد حل لموضوع منتهي .. والموضوع انتهى منذ أن ألقيت يمين الطلاق على ابنة عمك .."

ردت بجدية :

" ولكن الطلاق قرار مشترك لا يحق لك أن تتخذه لوحدك .. "

رد بصوت بارد :

" وأنا إتخذته لوحدي ونفذته أيضا .. هل لديكِ مانع ..؟!"

ردت بعصبية ظهرت بوضوح في ملامح وجهها التي احتدت لا اراديا :





" نعم لدينا .. ابنتنا ليست لعبة عندك .. لديها حقوق عليك .. أم نسيت هذا أيضا ..؟!"

أجابها بنفس البرود :

" كلا يا أنسة .. ابنة عمك فقدت جميع حقوقها بخداعها لي .. لذا هي لن تحصل على أي حقوق مادية مني .. لن أمنح لتلك المخادعة فلسا واحدا .."

ضغطت على اعصابها وهي تقول :

" ليت الأمر يقتصر على الأمور المادية فقط .. هناك أمور معنوية أيضا













 يا سيد .. أمور أنت تجهلها كليا لذا تصرفت بهذه الطريقة مع زوجتك .. "







أكملت وهي تنظر إلى عينيه بقوة :

" زوجتك يا سيد شهاب .. زوجتك التي يجب أن تحميها وتحافظ عليها لا أن تعاملها بتلك الطريقة البغيضة .."






حدق بها شهاب للحظات قبل أن يهتف بتهكم بارد لطالما نجح به هو بشدة :





" و هل أنتِ من سوف يخبرني كيف أتعامل مع زوجتي ..؟! عفوا من كانت زوجتي .." 










ردت بقوة وعينيها البنيتين تشعان بثقة مغيظة :

" أود ذلك حقا لكن لدي أشياء أهم من تلقينك دروسا عن كيفية التعامل 







مع الإناث .. ودروس أخرى عن كيفية السيطرة على رجولتك الفياضة التي سمحت لك بضرب








 إنثى لا ذنب لها أنها خلقت ببنية جسدية أضعف منك فلا تقدر على ردعك .."

أكملت وهي تتابع نظرات عينيه المشتعلة بإستمتاع :






" في الحقيقة أنت بحاجة لدروس عديدة لكن كما أخبرتك لدي ما هو أهم من ذلك .."

اقترب منها بخطوات سريعة قاطعا المسافة القصيرة بينهما واقفا









 أمامها يرمقها بنظرات قوية مرعبة وقد اختفى بروده المستفز ونجحت هي في إثارة غضبه المدمر :






" اغربي من وجهي حالا .. لست مستعدا لأن أفعل شيئا خارج عن إرادتي .. "

" ماذا ستفعل مثلا ..؟!"









سألته ساخرة ليرد بحزم :

" لو لم تكوني فتاة لفعلت الكثير .."

ردت مستخفة بحديثه :






" تتحدث وكأن ما تعجز عن فعله معي كوني فتاة لم تفعله البارحة مع فتاة مثلي .."

صاح بها وقد نفذ صبره :






" ماذا فعلت ..؟! هيا أخبريني .. ضربتها مرتين .. تستحق هذا ..





 ولو عاد بي الزمن لفعلتها مرة اخرى ولن أتردد لحظة في ذلك .. "





حدقت بها مذهولة ثم رددت بعدم استيعاب :

" أنت مجنون .. لو كنت في بلد أخر لسجنت بتهمة التعنيف .."

رد بسخرية :









" هذا لو كنت .. أما هنا الوضع مختلف .. والان تفضلي وأخرجي فالحوار الى هنا انتهى .."

رمقته بنظرات محتقرة من رأسه حتى أخمص قدميه ثم هتفت بلهجة إنكليزية :








" وضيع .."

حدجها بنظرات متوعدة وهو بالكاد يسيطر على 













نفسه كي لا تفلت أعصابه عليها بينما سارت هي متجهة خارج المنزل لتسمعه يهتف قبل رحيلها :





" مرة أخرى دعي عائلتك ترسل إلي رجلا بدل عنك فأنا لا يجمعني حديث كهذا مع الفتيات يا انسة .."

خرجت من الفيلا وهي تسب شهاب وتلعنه ولم تنسَ أن تسب بوسي معه ..

نظرت الى هاتفها الذي ير



                                  الفصل الثالث من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-