رواية سيليا والشيطان الفصل الاول1والثاني2 بقلم رولا هاني

رواية سيليا والشيطان 
بقلم رولا هاني 

الفصل الأول



وضعت الهاتف علي أذنها تحاول التواصل مع شقيقها لكي يخرجها من تلك المنطقة المهجورة و لكن كما توقعت لم يرد عليها، زفرت بضيقٍ هامسة بنبرة خافتة و شعور التوتر يسيطر عليها بسبب وجودها بذلك المكان المرعب:

-كان لازم يعني أروح الحفلة دي!؟...أديني توهت! 







سارت بخطواتها البطيئة تحاول البحث عن أي أحد، ثم نظرت لهاتفها بترددٍ لتنوي وقتها مهاتفة والدتها فهي لا تملك أية حلول أخري، كادت أن تضغط علي الهاتف عدة ضغطات و لكنها توقفت تلقائيًا ليقع من بين يديها الهاتف عندما جاء رجل ما ليكمم فمها من الخلف، ليهمس بنبرة مقززة و هو يطوق خصرها النحيف:

-كدة بردو تتعبيني كل دة، بس من حظي إنك جيتي هنا. 

حاولت ضرب ذراعه الذي يكمم فمها بشراسة فلم يتأثر بما تفعله، حاولت هي و بكل صعوبة الوقوف بمكانها لتصرخ حتي لو بنبرة مكتومة و لكنها لم تستطع بسبب سحبه العنيف لها





 للخلف، فتراجعت هي معه رغمًا عنها و هي تحاول الفرار من بين يديه بكل الطرق، و فجأة وجدته يسحبها ناحية ذلك البيت المظلم فعلمت وقتها مدي خطورة الأمر، لذا غرزت أظافرها






 الطويلة بكفه و هي تحرك جسدها بعشوائية، و بحركاتٍ عصبية  ثنت ساقها لتضربه بركبته و لكنه لم يتركها و ظل ملتصق بها و هو يسحبها للداخل هامسًا بنفس النبرة التي تصيب المرء بالإشمئزاز: 

-متحاوليش يا "سيليا". 

و بالرغم من صعوبة الموقف إلا إن قوتها في رفض ما يحدث لم تقل، ظلت تضرب ذراعيه بعنفٍ و مع الأسف سحبها لداخل البيت، ثم إبتعد عنها قليلًا و هو يتجه ناحية الباب ليغلقه فإستغلت هي الأمر لتصرخ بنبرة عالية مزعجة و هي تسبه بسباب لاذع: 

-إنتَ عايز مني إية يا إبن ال ***. 

إستطاع إغلاق باب ذلك البيت المهجور ليستدير لها و علي وجهه تلك الإبتسامة الخبيثة، فتراجعت هي بخطواتها للخلف هامسة بنبرة شبه مهتزة: 

-إنتَ عايز مني إية!؟ 

إقترب منها بعدة خطوات و هو يخلع سترته ليلقيها بإهمالٍ علي الأرض، ثم رد عليها بمكرٍ و إبتسامته المخيفة تتسع: 

-عايزك يا "سيليا"، بقالي فترة كبيرة أوي عايزك. 






تلاحقت أنفاسها لترد عليه صارخة بذعرٍ و هي تسبه مجددًا بسبابها اللاذع: 

-هو إنتَ تعرفني أساسًا يا ***. 

أومأ لها عدة مرات و لم يرد عليها بتلك المرة، فقط رمق ملامح وجهها بروية ليتأمل رماديتيها التي أصابته بالجنون، و شفتيها التي تمني تذوقها، و خصلاتها البنية الفاتحة كالقهوة، ثم إنتقلت نظراته تجاه جسدها النحيف الرائع، و خاصة خصرها الممشوق! 

إزدردت ريقها بصعوبة  و ظنته شارد فكادت أن تركض تجاه تلك النافذة بالجهة اليمني و لكنه ركض نحوها بسرعة لا توصف ليقبض علي خصلاتها الكثيفة قائلًا بنبرة خافتة تأملتها هي لتتأكد من شكوكها فقد كان ثمل: 







-مش هتمشي من هنا يا "سيليا" غير لما أخد اللي أنا عايزه. 

عضت علي شفتيها بألمٍ بسبب قبضته التي شددها علي خصلاتها، فتأوهت وقتها بنبرة عالية تدل علي عدم تحملها لما يحدث، و فجأة إقترب هو منها ليقبل عنقها قسرًا و هو يفك أزرار قميصه الأبيض، حاولت هي إبعاده عنها بكل الطرق فلم تستطع، لذا ثنت ركبتها لتضربه ببطنه بصورة عنيفة جعلته يتأوه بصراخٍ يصيب المرء بالإنزعاج، و بتلك اللحظة ركضت





 هي تجاه تلك النافذة لتخرج منها بسهولة و من فرط توترها تعثرت قدماها لتقع علي وجهها بالإضافة إلي ركبتها التي جُرحت مما جعل أيضًا بنطالها القماشي يتمزق بتلك المنطقة، جزت علي أسنانها بعصبية و هي تنهض ببطئ لتحاول الركض تجاه الشارع و لكنها لم تستطع بسبب قبضة ذلك الأحمق التي






 أمسكت بذراعها بقوة كادت أن تحطم عظامه، ثم أخذ يقبل عنقها بلا وعي و هو يمرر كفه الغليظ علي ظهرها غافلًا عن نفورها منه، حاولت إبعاده عنها مجددًا و عينيها تتوسله حتي يتركها، كادت أن تهبط عبراتها من فرط الهلع و لكنها توقفت






 عندما رأت تلك العصا الغليظة مرمية بجانبها، فإنحنت قليلًا للأسفل تحاول الإبتعاد عنه لتلتقط تلك العصا و بالفعل نجحت لتبعده عنها بصورة عنيفة و مفاجأة و هي تضرب رأسه بها فوقع هو علي الأرض و الدماء تسيل علي جبينه بصورة مفزعة جعلت العصا تقع من بين يديها لترمقه بصدمة و عدم تصديق،






 إنحنت بجذعها للأمام لتنظر له بتمعن خشية من أن يكون أصابه شئ ما و فجأة إنتفضت بخوفٍ عندما إستمعت لنباح ذلك الكلب فأخذت تركض بلا وعي لتخرج من الباب الخلفي لذلك البيت فقد كان لها الأقرب، و فجأة رأت أمامها سيارة أجرة فأخذت تشير لها و الدموع تترقرق بعينيها من فرط






 الرعب الذي سيطر عليها ليلاحقها كظلها، وقفت السيارة أمامها فصعدتها و هي تملي علي السائق عنوان بيتها لتنهمر عبراتها وقتها بإنهيارٍ لتدعو وقتها بإرتعادٍ أن لا يصيب ذلك الرجل شئ ما، و طوال الطريق حاولت إقناع نفسها إن ما فعلته فقط كان للدفاع عن نفسها!
__________________________________________
-الساعة بقت حداشر بليل و الهانم لسة مجاتش!

قالتها "سندس" بغضبٍ و هي تحاول مهاتفة إبنتها "سيليا"، و لكن لم تستطع بسبب هاتفها المغلق، و بتلك اللحظة رد عليها إبنها "يحيي" و هو ينهض من علي فراشه بعدما إستيقظ:

-هتلاقي الدنيا زحمة. 

جزت "سندس" علي أسنانها ببعض من العصبية قبل أن ترد عليه بقلقٍ ملحوظٍ علي تعابير وجهها التي إنكمشت بوجلٍ:

-يا بني دي قالتلي الحفلة هتخلص الساعة تسعة! 

نظر لهاتفه قبل أن يرد عليها بذهولٍ:

-دي شكلها حاولت تكلمني من يجي ساعة! 

تنفست "سندس" بعمقٍ لتضع كفها علي موضع قلبها قائلة بتوجسٍ:








-أنا قلبي مش مطمن. 

هدأها هو بنبرته اللطيفة بعدما وضع هاتفه علي تلك الطاولة:

-يا ماما يعني هيكون حصلها إية بس!؟

هزت رأسها نافية لترد عليه بخوفٍ بدأ يزداد ليحتل قلبها:

-بيت صاحبتها دة هي أول مرة تروحه، و إنتَ عارف أختك بتوه كتير خصوصًا لو رايحة مكان لأول مرة.

و بعد عدة دقائق من الصمت تعالي صوت تلك الطرقات علي باب البيت فركضت وقتها تجاهه حتي تفتحه و لكن سبقتها إبنتها عندما فتحت هي الباب بمفتاحها الخاص لتدلف للبيت و علي وجهها علامات الذعر الواضحة، بالإضافة إلي شحوب وجهها الملحوظ و ما إن رأتها والدتها لاحظت جرح ركبتها فصرخت بفزعٍ و هي تقترب منها بخوفٍ:

-"سيليا"!...حصلك إية يا بنتي؟

إزدردت ريقها بصعوبة بالغة و هي ترمق والدتها و شقيقها الذي خرج من غرفته ليري ما يحدث بحيرة شديدة، أتخبرهما بما حدث!؟...أتخبرهما بقتلها لذلك الرجل!؟...أم إن الصمت هو أفضل حل لذلك الموقف!؟...هربت بعينيها من مواجهتهما فسألها بتلك المرة شقيقها "يحيي" و هو يتأمل حالتها المضطربة بقلقٍ تبين علي تعابير وجهه التي تقلصت بعدم إطمئنان:

-"سيليا" إنتِ كويسة؟

ردت عليه كاذبة و هي تلوح بكفها المرتعش بالهواء:

-العربية اللي كنت راكباها عملت حادثة. 

لطمت "سندس" علي صدرها صارخة بإرتعابٍ:

-إنتِ كويسة يا بنتي؟ 

لاح علي وجه "سيليا" إبتسامة باهتة ثم ردت عليها بنبرة ضعيفة:

-أنا كويسة يا ماما، عايزة بس أدخل أنام شوية في أوضتي و لما أصحي هبقي أحكيلكوا كل حاجة. 

نظرت لها والدتها ببعض من الشك فتسائلت وقتها بجدية و هي ترمق إبنتها بتمعن:

-"سيليا" إنتِ بتقولي الحقيقة؟ 

رمشت بعينيها عدة مرات لتنظر في عيني والدتها مباشرةً و هي ترد بثباتٍ:

-أيوة يا ماما. 

ثم همست برجاء و هي ترمق والدتها بتوسلٍ:

-ممكن تسيبيني عشان أنا فعلًا تعبانة. 






أومأت لها "سندس" عدة مرات ففرت هي هاربة تجاه غرفة التي ما إن دلفتها أغلقت بابها جيدًا لتجهش بالبكاء و هي تقع علي الأرضية الباردة لتضم ركبتيها لصدرها و عبراتها تتهاوي علي وجنتيها بلا توقف لتغمرهما، تعالت شهقاتها فنهضت لتتجه للفراش حتي تلتقط منه تلك الوسادة التي كتمت بها صوت نحيبها ليتحول لأنين خافتٍ، إهتز جسدها و إرتجف و هي تتذكر ما حدث بالتفصيل و كأن الأحداث تخبرها و بصورة صريحة إنها لن تفارق ذكرياتها أبدًا!
___________________________________________
صباح يوم جديد.

-ما إنتَ لو تبطل سهر كل يوم لوش الصبح كان زمانك صاحي و نازل شغلك زي الناس.

قالتها تلك المرأة بنبرتها الحادة و هي تهز جسد إبنها النائم علي الفراش بصورة عشوائية عجيبة، فنهض هو ببطئ ليعتدل في جلسته قائلًا بصوتٍ أجش:

-صباح الخير يا "بيسان".

نظرت له بغضبٍ طفيفٍ لترد عليه بتأففٍ:

-إمتي هتتعلم تقولي يا ماما!؟

هب واقفًا ليقبل جبينها برقة قائلًا بلطفٍ:

-صباح الخير يا أحسن أم في الدنيا دي كلها.






إبتسمت بخفة لترد عليه بتهكمٍ مصطنعٍ:

-إضحك عليا كويس أوي.

رفع حاجبيه بقلة حيلة ثم رد عليها بنبرة شبه عادية:

-الساعة كام؟

أجابته بضيقٍ و هي تخرج من الغرفة لتجحظ هو عيناه بصدمة:

-تسعة.

زفر بحنقٍ هامسًا بإهتياجٍ و هو يعود مجددًا ليتمدد علي الفراش:

-إتأخرت علي الشغل!

تنهد بعمقٍ قبل أن يهمس بنعاسٍ:

-حيث كدة أكمل نوم.





و لكن صراخ والدته المفزع بشقيقته أصابه بالهلع فجعله يعتدل في جلسته بغيظٍ و هو يتسائل بدهشة حقيقية:

-هو "إياد" مكلمنيش لية!؟

إلتقط هاتفه ليجده يحاول مهاتفته فإبتسم هو بسخرية قائلًا:

-بتيجي علي السيرة.

رد عليه ليجد صوت رجل أخر يهاتفه، و ليس إبن خالته كما توقع:

-حضرتك تعرف صاحب التليفون دة؟

همس بوجلٍ و عينيه تجحظ ببعض من التوتر:

-أيوة!

وجد رد ذلك الرجل ليجعله في صدمة لا توصف من شدتها:

-مع الأسف صاحب التليفون مات، البقاء لله.

رواية سيليا والشيطان 

بقلم رولا هاني 

الفصل الثاني


-"إياد" لا يا "إياد" قوم، فوق يا "إياد" سامعني؟ 


صرخ بها و الدموع تترقرق بعينيه بعدما جثي علي ركبتيه ليهزه بعنفٍ فإقتربت وقتها "بيسان" منه قائلة من بين دموعها التي كانت تغمر وجنتيها:


-قوم يابني، اللي بتعمله دة مش هيفيدك بحاجة. 


ألقي نظرة أخيرة علي جثة إبن خالته و عبراته تتهاوي علي وجنتيه بلا توقف، ثم نهض و هو يصرخ بإهتياجٍ:


-"برق". 


أتي إليه صديقه الذي جاء معه الي هنا ليكن في مؤازرته، نظر "برق" في عيني صديقه التي كانت مظلمة بصورة لا تبشر بالخير ليراه يهتف وقتها بحدة:


-"برق" كاميرات المراقبة اللي هنا مش عايز حد يراجعها غيري، إنتَ فاهم؟...يعني أنا عايزك تتصرف في الموضوع دة قبل ما البوليس يجي. 


أومأ "برق" عدة مرات قبل أن يتراجع بخطواته للخلف ليبتعد قليلًا عنه، بينما هو ينظر لجثة إبن خالته بقهرٍ هامسًا بقتامة:


-مش هسيب حقك يا "إياد". 

____________________________________________

بعد مرور عام


-أنا أهو مستنياكي إنتِ فين؟ 


قالتها "سيليا" و هي ترتشف عدة رشفات من فنجان القهوة الذي أمامها، فردت عليها صديقتها التي كانت تهاتفها قائلة بأسفٍ:


-أسفة يا "سيليا" مش هعرف أجي إنهاردة عشان بابا مصمم أروحله الشركة. 


زفرت "سيليا" بعبوسٍ قبل أن تهتف بتجهمٍ و قد إكفهرت تعابير وجهها:


-ماشي خلاص سلام. 


و لم تعطها فرصة للرد بل أغلقت الخط سريعًا لتنهي فنجان قهوتها.


و بعدما أنهتها بالفعل كادت أن تنهض من علي كرسيها و لكنها توقفت عندما وجدت ذلك الرجل يتقدم ناحيتها ليجلس علي ذلك الكرسي الذي كان أمامها فنظرت هي له ببعض من الحدة قبل أن تهتف بفظاظة:


-نعم! 


وجدته يبتسم بلطفٍ غريبٍ قبل أن يهتف بصوتٍ أجش:


-"تميم الحديدي". 


لوت شفتيها قبل أن تهتف بنبرة شبه عالية لفتت أنظار بعض من الناس التي كانت معهم بالمقهي:


-إنتَ شارب حاجة يا عم إنتَ! 


إبتسم لها مجددًا مما جعلها تظنه يتعمد إستفزازها فجزت علي أسنانها بغضبٍ لتتابعه و هو يصيح بهدوء عجيبٍ:


-لية الصوت العالي و العصبية اللي ملهومش لازمة دول. 


زفرت بنفاذ صبر قبل أن تلتقط حقيبتها الجلدية من علي الكرسي الذي كان بجانبها لتنهض قائلة بإحتقارٍ:


-لا دة إنتَ شكلك كدة فاضي. 


إستدارت للخلف لتغادر و لكنها توقفت عندما وجدته يصيح بنبرة عالية:


-إستني يا "سيليا".


عقدت حاجبيها بتعجبٍ لتستدير له قائلة و هي تتقدم ناحيته بخطواتها السريعة:


-إنتَ تعرف إسمي منين!؟ 


إبتسم لها قبل أن يجيبها بثقة أدهشتها:


-أنا أعرف عنك كل حاجة. 


تفحصته بعينيها بحيرة قبل أن تهمس بإمتعاضٍ:


-أنا مبحبش الكلام اللي مش مفهوم. 


تنفس بعمقٍ قبل أن يرد عليه بنبرة رقيقة جعلتها تطمئن له:


-طب ممكن تقعدي عشان أفهمك كل حاجة. 


ألقت عليه نظرة سريعة قبل أن تجلس علي كرسيها مجددًا قائلة بفضولٍ لم تستطع إخفاءه:


-إتفضل فهمني. 


نظر لها بهيامٍ لم تفهمه قبل أن يرد عليها و علي وجهه تلك الإبتسامة الواسعة، بينما هي تستمع لما يقوله بعدم فهم:


-مش عارف إذا كان اللي هقوله دة هتتقبليه ولا لا بس أنا إستنيت كتير أوي و مش هقدر أستني أكتر من كدة. 


نظر في عينيها مباشرةً قبل أن يكمل بنبرته الهائمة:


-أنا بحبك. 


إتسعت حدقتاها بصدمة لتحاول وقتها إستيعاب ما قاله ذلك الأحمق، أي حب ذلك!؟....من أين يعرفها ذلك الشخص من الأساس!؟...كان سؤالها واضح من أين يعرفها، لم تسأله هي عن مشاعره الغير مفهومة تجاهها و مع ذلك تابعته مجددًا و هو يهتف بتوترٍ ملحوظٍ:


-أ...أنا أول مرة شوفتك فيها كان من يجي خمس شهور، ك...كنتي وقتها واقفة في الصيدلية بتاعتك و أنا جيت و إشتريت من عندك أدوية و طول الخمس شهور دول كنت بجيلك كتير الصيدلية أشتري أدوية لأمي و فيهم حبيتك، ع...عارف كلامي ملغبط و ممكن محدش يصدقه و لكن أنا حبيتك فعلًا، حبيت طريقتك في الكلام...إبتسامتك، كل حاجة بتعمليها أنا كنت بعشقها، أنا حتي كنت س..ساعات براقبك و أعرف إنتِ رايحة فين و خارجة فين عشان أشوفك أكتر، و بصراحة كدة إنهاردة أنا قررت إني أصارحك بكل دة. 


ظلت ترمقه بتمعن و هي تعقد حاجبيها بذهولٍ فهي لا تتذكره أبدًا، لعقت شفتيها قبل أن تهتف بثباتٍ:


-و المطلوب مني إية؟


رد عليها ببساطة و هو يهز كتفيه:


-فرصة لينا إحنا الإتنين، يعني نتعرف علي بعض و يا قبلتي حُبي يا مقبلتوش. 


إبتسمت له بسخافة قبل أن ترد عليه بعجرفة:


-أسفة مبديش حد فُرص، إنتَ لا خطيبي ولا جوزي عشان تقولي أحبك ولا محبكش.


إبتسم لها هو الأخر بثقة قبل أن يهمس بهدوء:


-بسيطة جدًا، تحبي أجي أقابل والدتك إمتي؟ 


جحظت عيناها بإرتباكٍ عندما وجدت تلك الجدية في نبرته، فإزدردت ريقها بصعوبة و هي تسب صديقتها في نفسها بسبابٍ لاذعٍ فهي من تركتها لتواجه تلك المصيبة التي حلت علي رأسها، لذا و بعد عدة دقائق من الصمت صاحت هي لتوبخه:


-تيجي تقابل مين يا مجنون إنتَ!؟...هو أنا كنت أعرفك ولا إنتَ كنت تعرفني! 


عقد حاجبيه قبل أن يتسائل بإستغرابٍ:


-مش إنتِ اللي قولتي إنك مش هتدينا فرصة نتعرف علي بعض غير لما أكون خطيبك أو جوزك خلاص أنا هاجي أخطبك في أقرب وقت مافيش مشكلة. 


تلاحقت أنفاسها و هي لا تستطيع السيطرة علي أعصابها لذا صاحت بعدها بغطرسة:


-تخطب مين يالا إنتَ هو أنا كنت أعرف عنك حاجة!؟ 


نظر لها ببعض من الضيق قبل أن يهتف بهدوء:


-أنا "تميم الحديدي" عندي تسعة و عشرين سنة، شغال دكتور جراحة، والدي متوفي و والدتي عايشة ربنا يديها الصحة و عندي أخت...بس كدة ها تحبي أجي أقابل والدتك إمتي؟ 


ضربت بكفها علي جبينها و هي ترمقه بقلة حيلة فهي و من الواضح لن تستطيع الهروب منه أبدًا..و لكنها إبتسمت عندما مر ببالها إنها تستطيع رفضه عندما يأتي لوالدتها كما قال. 

____________________________________________

بعد مرور أسبوع. 


-بقي في بنت جايلها عريس كمان شوية تبقي بالمنظر دة! 


قالتها "سندس" بإمتعاضٍ و هي تتفحص هيئة إبنتها المزرية فقد كانت خصلاتها مشعثة بالإضافة إلي وجهها الخالي من مستحضرات التجميل، فقد كان باهت بعض الشئ و يملؤه تلك الحبوب، و ملابسها التي كانت غير مهندمة فهي كانت ترتدي قميص أبيض واسع عليها ليكن منظره غير لطيف و بنطال أسود قماشي عجيب، فردت وقتها "سيليا" بعدم إهتمام و هي ترتشف عدة رشفات من فنجان قهوتها:


-فكك بقي يا "سوسو" أنا كدة كدة هرفض العريس دة. 


جزت "سندس" علي أسنانها بعصبية لتحاول السيطرة علي غضبها صائحة بنفاذ صبر:


-ترفضيه إزاي يعني!؟ 


هزت "سيليا" كتفيها ببساطة و هي تجيبها قائلة:


-هناخد منه الشيكولاتة اللي هو جايبها و هنقوله مع السلامة معروفة. 


كادت "سندس" أن ترد عليها بإهتياجها المرعب و لكنها توقفت عندما إستمعت لتلك الطرقات علي الباب فخرجت من الغرفة سريعًا و هي تهتف بتحذيرٍ:


-لو خرجتي بالمنظر دة ليلتك هتبقي سودة. 


زفرت "سيليا" بضيقٍ لترمي هاتفها علي الفراش بعدم إهتمام لتصيح بوجه عابس:


-أنا كان إية خلاني أخرج من البيت يومها أنا. 

__________________________________________

-إتفضلوا، إتفضلوا نورتونا. 


قالتها "سندس" بإبتسامتها الواسعة و هي تمد يدها للداخل و قد كان بجانبها إبنها "يحيي" ليرحب بهم هو الأخر، فدلف وقتها "تميم" و معه والدته و شقيقته و قد كان بين يديه تلك الزهور اللطيفة و حقيبة قماشية بها علبة من الشيكولاتة الفاخرة. 


دلفوا لغرفة الصالون ليجلسوا علي الأريكة ثم أخذوا يتحدثوا حول أمر خطبة "تميم" من "سيليا"، بينما هي كانت تستمع لما يقولوه من خلف باب الغرفة لتلاحظ وقتها نبرة والدتها التي كانت ترحب ب "تميم" و بكل سعادة فقررت هي وقتها التدخل، و بالفعل دلفت للمكان فجأة بعدما أخذت تلك الصينية التي كان عليها المشروبات من علي الطاولة، و ما إن دلفت هتفت هي بنبرة غليظة دلت علي عدم تقبلها لوجودهم:


-أهلًا. 


وضعت "سيليا" الصينية ببعض من العنف علي تلك الطاولة فأصدرت وقتها هي ذلك الصوت المزعج، و قد كانت والدتها تنظر لها بتوعدٍ خفي، بينما "تميم" ينظر لها بثقة عجيبة، أما شقيقها "يحيي" كان ينظر لها بدهشة فهو لا يفهم سبب تصرفاتها تلك ولا حتي سبب منظرها المرعب الذي خرجت به من غرفتها! 


جلست "سيليا" علي أحدي الكراسي بجانب والدة "تميم" التي هتفت بتساؤلٍ و هي ترمقها بتوترٍ واضحٍ مما جعل الغضب يسيطر علي "سندس":


-أمال فين العروسة مش هنشوفها ولا إية!؟ 


إزدردت "سندس" ريقها بصعوبة قبل أن تهمس بإرتباكٍ:


-ما هي جمبك أهي. 


تأكدت وقتها والدة "تميم" من شكوكها فنظرت لإبنها بصدمة فرمقها هو بنظرات فهمت مغزاها، لذا عادت بنظراتها ل "سيليا" التي ترمقها بإستفزازٍ لتهتف هي بإبتسامة واسعة أخفت بها إشمئزازها من هيئتها:


-زي القمر. 


و بتلك اللحظة ظهر صوته هو هاتفًا بجدية أصابتها بالتوتر فمن الواضح إن خطتها تلك فشلت و لم تنجح:


-ياريت يا جماعة تسيبونا لوحدنا شوية. 


نهض الجميع بالفعل ليخرجوا من المكان، بينما هو ينهض ليجلس علي الكرسي الذي كان بجانبها ثم إلتفت للخلف ليراقب أخر شخص يخرج من المكان بعينين حادتين لا تبشرا بالخير، و فجأة إختفت تلك النظرات القاتمة من عينيه، لتهدأ قليلًا تلك النيران المشتعلة بصدره لتحرق روحه، ثم إلتفت لها و علي وجهها تلك الإبتسامة اللطيفة التي أخفي بها توعده و كرهه لها ليهتف هو وقتها بنبرته الرقيقة:

-زي القمر حتي و إنتِ متبهدلة كدة! 

                الفصل الثالث من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات



<>