أخر الاخبار

رواية مرآة الحب الفصل العاشر10بقلم امنية يونس

       


مراة الحب 
بقلم أمنية يونس 
الفصل العاشر



أيظن أنني لعبة بيديه ؟ 
أنا لا أفكر في الرجوع إليه 
 اليوم عاد كأن شيئاً لم يكن 
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي : إني رفيقة دربه 
وبأنني الحب الوحيد لديه 
نزار قباني 
كان يقف أمامها كطفل مذنب يحاول إيجاد الكلمات المناسبة ليعتذر عن ما بدر منه لكن هل الكلمات كافية لتضميد جرحها الغائر 





يوسف : رسيل أنا أسف وأعدك أنني لن أكررها 
ابتسمت رسيل بمرارة : من يخون مرة يخون آلاف المرات 
يوسف وهو يحاول أن يستميل قلبها : رسيل لقد كانت مجرد نزوات أنا لم أحب غيرك صدقيني وأعطيني فرصة و سأثبت لكِ أنني تغيرت 
رسيل بغضب : ما تسميه نزوات هو في الأصل خيانة إذا كنت تخونني في فترة الخطبة ماذا بعد الزواج حينما يتغير شكلي بعد الحمل والولادة حينما انشغل بتربية الأطفال حينما أتقدم في السن ويذبل جمالي حينما تمر بنا الأيام ويتسلل الملل إلي حياتنا حينما يغزو المرض جسدي ماذا ستفعل حينها 
يوسف : لقد كان مجرد خطأ وأعدك أنه لن يتكرر 
رسيل : الخطأ هو يمكن إصلاحه أما ما اقترفته أنت فهو خطيئة وهو ما لا يمكن إصلاحه مهما فعلت الخيانة كالطباع لا تخرج إلا بخروج الروح 
يوسف بتوسل : ألا يمكنك أن تغفري وتسامحي ونبدأ من جديد 
رسيل بجمود : آسفة يوسف لا يمكنني غفران الخيانة لقد فقدت الثقة بك ستظل خيانتك حاجزاً لا يمكننا تجاوزه أبداً لذا لننفصل بهدوء 
يوسف : رسيل ولكن 
رسيل : بدون لكن يوسف أنا لن أستطيع أن أكمل حياتي معك 
هنا تدخلت خالتها محاولة إصلاح ما أفسده ابنها 
وفاء : رسيل حبيبتي اغفري له إكراماً لخاطر خالتك أليس لي خاطر عندك ووعد مني أنا بأنه لن يكررها مطلقاً 
نظرت رسيل إلي خالتها بذهول هل تقبل أن تكون ابنتها بنفس الموقف وتتحدث بذلك الهدوء
رسيل بجمود وحسم : آسفة خالتي لن أغير قراري وأدمر حياتي لأجل خاطر أياً كان 
هنا تحدث يوسف بغضب وقد خرج عن إطار تعقله : هل جننتِ رسيل كيف تتحدثين بتلك الطريقة مع أمي أحاول التحدث بهدوء منذ عودتك وحتي الآن ولكن يبدو أنكِ ظننتِ هدوءي ضعفاً ماذا حدث لكل ذلك أنني قمت بخيانتك وماذا في ذلك فكل الرجال يقوموا بخيانة زوجاتهم ولن تفعل أياّ من تلك الزوجات ما فعلته أنتِ أجل رسيل لم أكن لأتوقف عن تلك النزوات حتي بعد الزواج وما قلته قبل قليل كان لتهدئتك فقط 






إلي هنا ولم تتحمل فرفعت يدها على حين غرة وهبطت علي وجهه بصفعة مدوية 
شهق الجميع بفزع فلم يتوقع أحد تلك الفعلة منها أبداً أما والده الذي يقف بهدوء منذ البداية كان خائفاً من ردة فعل ابنه فهو يعلم أنه لا يري أمامه عند الغضب 
أحمرت عيناه من الغضب واحتدت نظرة عينيه ورفع يده ناوياً رد الصفعة لها لكن هناك يد أخري أمسكت بيدها 
عماد بتحذير : إياك أن تجرؤ علي فعلها 
نظر له يوسف باستغراب وكأنه قد عاد إلي وعيه : عمي أنا أسف لم أكن لأفعلها وأمد يدي على رسيل 





عماد : كنت ستفعلها وأمامنا جميعاً كيف ائتمنك علي ابنتي بعد ذلك هذا فضلاً عن خيانتك كنت مخطئاً حين وافقت على ارتباطك بابنتي 
يوسف بتوتر : عمي أنا آسف 
عماد : ليس هناك  داعى للأسف كانت تلك غلطتي وأنا سأصلحها ليس لدي أي بنات للزواج وسنرسل إليك الشبكة كذلك والآن أخرج من بيتي بدون مطرود قبل أن أتهور عليك فأنا إلي الآن احترم والديك 
نظر يوسف إلي رسيل ولكنها نظرت إلي الجانب الآخر فعلم يوسف أن تلك هي النهاية فخرج من المنزل يتبعه والديه اللذان حاولا الاعتذار عما بدر من ابنهما ولكن دون جدوى 
الحب والثقة وجهان لعملة واحدة لا وجود لأحدهما دون الآخر إذا فُقدت الثقة فقد الحب داعمه الأساسي ومهما حاول الصمود لا يستطيع فينهار 





حين خرجوا من المنزل علم عماد أن ابنته علي حافة الانهيار ففتح ذراعيه لها فارتمت بين أحضانه وانفجرت في بكاء مرير تبكي بعنف ووالدها يربت علي كتفها ويحاول تهدئتها 
أما والدتها كانت تنظر لها بشفقة علي ما تمر به لكنها كانت تشعر بالسعادة داخلياً لأن ابنتها  قد تخلصت منه قبل فوات الاوان 
استمرت في البكاء لفترة طويلة حتي أنهكها التعب فراحت في ثبات عميق حملها والدها وصعد بها ليضعها في سريرها ونزل إلي الأسفل 
نظر إلي زوجته ليجدها جالسة على الأريكة واضعة وجهها بين كفيها فجلس بجانبها بإنهاك 
عماد بتساؤل : كنتِ تعلمين ؟ 





ميرڤت بتوضيح : كنت أشعر أنها تعاني من خطب ما ولكنها لم تخبرني إلا اليوم فتركت لها حرية اتخاذ القرار المناسب لها وكنت أعلم أن قرارها سيكون الصواب 
تمتم عماد : الحمد لله أن الأمر مر علي خير دون خسائر تذكر 
ميرڤت : الحمد ثم نظرت إلي زوجها : ولكن أتعلم عماد أنا فخورة برسيل وبقدرتها علي التصرف دون الانهيار أمامهم بأي شكل 
عماد : وأنا كذلك إن رسيل تستحق الأفضل وأن متأكد أنه سيأتي من يعوضها عن كل شيء يأتي ليضمد جراحها و يمحي ألمها 
ميرڤت : أشعر بذلك فهي تستحق الأفضل دوماً 
محظوظ من كان له والدين فهما نجمة تضيء له دربه المظلم حائط صد يرد عنه كل عادية دعامة يستند عليها وقت الأزمات ناقد له عند ارتكاب الأخطاء 





وهذا بالضبط ما حدث مع رسيل نشأت منذ طفولتها علي أن أبويها صديقان لها تقص عليهما كل ما يؤرقها فيقدمان لها النصيحة لم يتعاملا معها أبداً بمبدأ العقاب وهو ما شجعها لتقص عليهما كل تفاصيل حياتها دون تردد فنشأت طفلة سوية قوية تستطيع اتخاذ القرار المناسب لها بهدوء وروية وهذا ما أراح أمها الآن فهي تشعر بالطمأنينة عليها لأنها استطاعت الثأر لكرامتها دون أن تخطئ في أي كان صحيح أنها مرت بتجربة صعبة لكنها تعلمت منها الكثير 
يعيش المرء حياته ليخطئ ويصيب ويتعلم يتعثر فيبدأ من جديد بهمة أكبر حتي لا يقع في نفس الخطأ مرتين  فنحن لسنا ملائكة ترفرف بأجنحتها وإنما بشر نصيب ونخطأ لنا هنات وزلات ولنا حسنات و فضائل فمن لا يخطئ لا يصيب 
استيقظت رسيل في اليوم التالي علي صوت والدتها 
ميرڤت بابتسامة مقبلة أعلي رأسها  : صباح الخير حبيبتي 
رسيل بابتسامة باهتة : صباح الخير أمي 
ميرڤت : هيا حبيبتي هناك مفاجأة لك 
رسيل دون حماس : ما هي ؟ 
أمسكت ميرڤت : هيا إلي الأسفل والدك سيخبرك 
نزلت رسيل مع والدتها إلي الأسفل وجدت والدها جالس علي الأريكة يرتدي نظارته ويتطلع إلي الجريدة التي في يده 
رسيل : صباح الخير أبي 
رفع أنظاره عن الجريدة ووضعها جانباً فاتحاً ذراعيه لرسيل التي ارتمت في أحضانه فاحتضنها مقبلاً رأسها : صباح الخير حبيبتي كيف حالك اليوم 
رسيل بخفوت وهي مازالت داخل أحضانه : أنا بخير أبي لا تقلق 
أمسك والدها بوجهها بين يديه : ليس من المفترض أن تكوني بخير حبيبتي أنا محتار كيف تحملتِ كل تلك المدة دون حديث حبيبتي نحن لسنا آلات لنكون بخير دوماً لا نكل ولا نمل ولا نشتكي بل نحن بشر نتألم نعاني تبكي نصرخ نحزن نفرح فهمتِ حبيبتي 
هزت رأسها بالإيجاب وقد تغرغرت عينيها بالدموع 
فمسح والدها علي رأسها بحنو : ما رأيك حبيبتي أن نذهب إلى مدينة ساحلية حتي تريحي أعصابك بعد كل ما حدث 
رسيل :أنا موافقة أبي أشعر أنني  في حاجة لذلك 





ذهبت رسيل مع والديها إلي تلك المدينة لتريح أعصابها 
أما عند يوسف كان جالس أمام والديه في موقف لا يحسد عليه ناظراً إلي الأسفل غير قادر علي رفع عينيه 
وفاء بتوبيخ :أنا حتي الآن لا أصدق أنك فعلت ذلك ليس هذا ابني الذي قمت بتربيته بل هو شخص آخر 
والده ( مصطفي ) بحدة : لقد تجاوزت كل حدودك يوسف وتحتاج إلي إعادة تأهيل 
نظرت وفاء بتوتر إلي زوجها وشعرت أنه علي وشك اتخاذ قرار مصيري 





فتابع : ستذهب لتعمل في شركة أحد أصدقائي في لندن وستبدأ موظفاً هادئاً يبدأ من الصفر وستسلمني الفيزا الخاصة بك ومفاتيح سيارتك وأتمني أن تعود شخصاً آخر 
شهقت وفاء بفزع واقتربت من زوجها ببكاء : لا تفعل ذلك مصطفي وأعدك أنه لن يكررها وسيفعل ما تريد ولكن لا تبعده عني 
مصطفى بقوة : اتخذت قراري وانتهي ونظر في ساعاته قائلاً : طائرتك في السادسة مساءً 
تساقطت دموعها علي وجنتيها لفراق فلذة كبدها في حين هتف يوسف : أنا موافق
بعد عدة ساعات كان يقف أمامهما ممسكاً بحقيبة السفر الخاصة به ليعبر الحدود إلي مكان آخر 





ودعه والده ببرود في حين لم تجف دموع والدته فاحتضنها مطمئناً إياها : لا تقلقي أمي سأكون بخير 
أحياناً يحتاج أبنائنا إلي وقفة  منا لإعادة تأهيلهم من جديد وتصحيح أخطائهم والسير على النهج القويم 
مر الأسبوعان كلمح البصر لتشعر رسيل بأنها استعادت نفسها وتقرر العودة إلى جامعتها 
كانت جالسة بصحبة صديقتها رواء تقص عليها ما حدث 
رواء : لا تحزني رسيل الأفضل قادم فأنتِ تستحقي حب حقيقي 
رسيل بسخرية : لقد فقدت الأمل أن يكون هناك حب حقيقي 
قاطعهم صوت أحدهم : مرحباً رواء 
أرهفت رسيل إلي الصوت جيداً وشعرت أنها سمعت ذلك الصوت من قبل 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-