رواية زوجتي الشرقية الفصل الثاني عشر12 والثالث عشر13بقلم ميار عبد الله


رواية زوجتى الشرقيه يوسف و ليان

بقلم ميار عبد الله 

الفصل الثاني عشر

- لا أخاف من تلك النظرة 

هتفت بها ببرود شديد    رغم تخبطات داخلها .. إنه فى ذروة غضبه وانتِ تخبرينه إنكِ لا تخشينه !! رائع عزيزتي إجعليه يصب بغضبه عليكي الآن


- هيا اذهبي إلى غرفتك 

صاح بها ببرود ثلجي ... لا تعلم من أين يأتي به ! إبتعد عنها ويتوجه نحو الأريكة مرة أخرى .. اتسعت حدقتيها ذهولاً وهي تراه يريح بجسده على الأريكة مغمضاً جفنيه .. هل أنهي الحوار ؟! الحوار لم ينتهي بعد ..


ضربت علي الأرض بقدمها  بسخط وهي تخرج من الغرفة غالقة الباب بعنف خلفها ..


لم يلقي بالاً بما فعلته .. أغلق المصباح بجواره لينعم بالنوم 

فغداً عليهم العودة إلى لندن .


......................................

جهزت الخادمة حقائبهم .. احتضنتها علياء بعاطفية 

- سأشتاق لكٍ يا ليان .. سأقوم بزيارتك عندما أعود من السفر 


بادلتها ليان بابتسامة هادئة وهتفت بشقاوة

- ستذهبين إلي إيطاليا إنك محظوظة حقاً .. ولكن أن تكوني عارضة أزياء أليس متعباً


- بالطبع متعب لكن شيق للغاية سيقام حفلة في لندن الشهر القادم سأرسل لكِ الدعوة لا تتحججي بالعمل مثل زوجك 


- إن شاء الله 

تمتمت بها فى خفوت .. إدارت بعيناها نحو المكان وهتفت بتعجب

- ولكن أين جدتي ؟ 


همت علياء بالرد ليستمعا إلي صوت يأتي من الدرج

- انا هنا يا عزيزتي 


قالت علياء بتعجب وهي تري الخادمة خلفها تتمسك بحقيبة السفر 

- جدتي لمن تلك الحقيبة ؟


ضربت بعصاها علي الارض وهي تقول بسعادة

- لي بالطبع 


- ولكن إلي أين ستذهبين يا جدتي ؟

ذلك الصوت كان صوت زين تلك المرة .. لتلتفت ليان وهي تراه خرج من غرفة مكتبه ويتوجه نحو جدته بخطوات هادئة 


- سأذهب معكم بالطبع 


ظهرت علامات التعجب والدهشة على معالم علياء والجمود على زين .. لتهتف علياء بدهشة 


- ولكنكِ قلتي لا تحبين ان تسكني فى زحام المدينة ما الذي تغير الآن ؟ 


توجهت الجدة نحو ليان التي كانت تحاول فهم ما يحدث 


- تغير لأن زوجة حفيدي جاءت  سنتسلي انا والفتاة كثيراً 


ثم أشارت للخادمة بصوت متلهف 

- أسرعي يا كريستين أعطي الحقيبة للسائق 


انصاعت الخادمة لأمرها وهي تحمل الحقيبة متوجه بها نحو الخارج .. هتفت الجدة وهي تلكز ذراع ليان الشاردة 


- يا فتاة لا وقت للشرود الآن هيا اصعدي السيارة لنصل للمدينة في أقرب وقت 


وما كان عليها سوى الإذعان والقبول .. توجهت للخارج هي الأخرى .. ما إن إبتعدت عن ناظريهم حتى قال زين بمكر


- ما الذي تنوين على فعله يا جدتي ؟

ضربت بعصاها علي الأرض وهي تمتم بسخط


- أنوي ماذا ؟  هيا هيا لنصعد إلى السيارة الوقت سيتأخر  


وجه زين ببصره إلي علياء التي كانت تحاول كتم ضحكتها 

- جدتي الله يعلم ما الذي يدور برأسها 


لاحت ابتسامة لم تصل لشفتيه    .. إبتسامة تهكمية ساخرة ليهتف بجمود


- حينما تصلي إلي إيطاليا هاتفيني 


هزت رأسها بإذعان 


- بالطبع 

توجه إلي الخارج بخطوات رشيقة .. تتبعته علياء بنظرها حتي اختفى عن مرمى نظريها لتفلت الضحكة التي حبستها بداخلها وتمتمت وهي تضرب بكفوفها 


- ااه يا جدتي 

................................

تشرب العصير باستماع تحت نظراتهم الساخطة لتمط شفتيها بتركيز

- يعني هي مش بترد على التليفون 


ضم شهاب قبضه يديه وهو يحاول بأقصي قدر ألا يفتك بتلك المجنونة  تبرم بسخط وهو يوجه ببصره نحو ورد 

- انا قلت يا ورد ديه مش هتفيدنا  سيبيني اخلص عليها 

حاولت ورد أن تهدأ ذلك الذي سيقوم بأرتكاب جريمة الليلة 

- اهدي بس يا شهاب 


ثم تابعت وهي تلقي بنظرة معاتبة للأخري التي لم تكترث وهي تشرب العصير باستماع 


- يا سارة اهدي اشويه احنا جايبينك لأنك إنتِ اكتر واحدة عارفة ندى 


- ايوه بس كله بحسابه 


هتفت بها سارة ببرود ليسحق شهاب أسنانه 

- ويا تري الست سارة تحب نجبلها ايه


لمعت عين سارة وهي تصيح بحماس 

- الكاميرا اللي هموت وأجيبها  


قام شهاب من مجلسه صائحاً بانفعال 

- لا ده انتي زودتيها اووي 


قامت ورد من مجلسها هي الأخري وهي تسحبه للمقعد مرة أخرى


- اقعد بقي الناس بتتفرج علينا 


زفر بحنق وهو يجلس على المقعد مرة أخري ..

هتفت سارة 


- عيد ميلادي بعد بكره 


بدا الأمر لم يعد الاحتمال صاح بعنف وعيناه موجهه الى ورد

- شوفي علشان انا لو قتلتها مش هدفع الجزية .. انا بفكر في ايه وهى فين 


عبست سارة لتقول بسأم

- تصدق أنا غلطانه إني بفكر أجيبهالك إزاي 


هتفت ورد بفضول يتآكلها

- قصدك إيه يا سارة ؟


أجابت سارة بخبث وقد اهتدت إلي خطة ناجحة 

- عيد ميلادي بعد بكره وديه الحاجة الوحيدة اللي هقدر أجيبها للبيت و بكده يقدر شهاب يتكلم معاها لو قلقانين علي موضوع بابا وماما فمتقلقوش من الناحية ديه 


هتف بأعجاب صريح

- الماظات دماغك ديه  ألماظات 


عدلت ساره ياقتها وهتفت بزهو 

- اومال ايه يا حضرة المقدم 


ضيقت عينيها وهتفت بتحذير مشيرة بأصبع السبابة نحوه 

- الكاميرا يا شهاب لو ملقتهاش بعد بكره إنسى تشوف البت 


ضحكت ورد وهي تستمع إلي الشد والجذب بينهما .. يشبهان القط والفار كثيراً زادت أعينها دهشة وهي تستمع إلي سارة


- بس خد بالك يا حضرة المقدم لا تعمل حركة كده ولا كده ها هقفشك .. بيت إبراهيم طاهر وهيفضل طول عمره طاهر 


أمسك شهاب بعبوة المناديل ورماها فى وجهها لتتفادها بسهولة وهي تبين له طرف لسانها  

- مجتش فيا 


ازاحت بخصلاتها للخلف لتنظر إلي الهاتف وهتفت بعبوس

- إنتوا جايبني علشان العصير بس فين الأكل  


تلك المرة ورد التي هي التي قامت من مجلسها وعلامات الحنق بادية علي معالم وجهها  لتفر سارة هاربة من الذين سيقومون بقلتها اليوم وتصيح برعب


- انا ماشية 


ضحكت ورد بملء فيها على تلك المجنونة التي ركضت خارج المطعم تحت نظرات أعين الجميع منهم المتهجم ومنه المستنكر والأخر متعجب .. لتجلس على مقعدها وهتفت بأبتسامة هادئة

- ها قررت تقولها إيه ؟ 


تنهد براحة لأنه يوجد فرصة لمحادثتها .. أسيخبرها أنه يعشقها ولا يستطيع الحياة  بدونها  أم يجبرها ؟! لن يقدم بخطوة سوي أن يعلم منها سبب النفور منه .. تتجنبه و ترفض الحديث معه .. لن يظل مكتوف الأيدي المقابلة القادمة لن يتركها ترحل .

...............................

ظن الزواج من ليان سيجعل جدته تهدأ .. لكنه كان مخطئاً

نقر  بقلمه على سطح مكتبه الزجاجي وعيناه شاردتان نحو الفراغ  .. الماضي يطرق بابه من جديد  


كان في العاشرة من العمر عندما توفي والده ووالدته أثر حادث  مؤلم .. جعله يفقد النطق لعدة أشهر .. رفض العيش مع عمه وانتقل للعيش مع جدته لعده أشهر ثم أخبرها أنه يرغب في الالتحاق بمدرسة داخلية .. رغم رفض الجدة وعمه إلا إنه كانت رأسه يابسة كما تقول جدته دائما ..


مرت السنوات ببطء حتى التحق بالجامعة .. حياته عابثة كمثل اى رجل غربي .. القيم والأخلاق التي غرسها أبيه وهو صغير قد دفنت ومُحيت منذ الأزل ..


تولي إداره شركة أبيه بمساعدة عمه الذي دائما واقفاً بجواره يدعمه ويساعده ..


إنه حتى الآن لا يصدق أنه تزوج .. وتزوج من ؟! ..  فتاة شرقية .. يا لسخرية القدر !! 


انتبه على صوت مساعده الخاص وهو يهتف بهدوء

- سيد زين 


عاد ينقر بالقلم على سطحه الزجاجي .. ارجع بظهره للخلف 

- ماذا ستيفن ؟


توترت معالم وجه ستيفن وهو يضع الصحف على مكتبه 

- سيدي أظن أنك لم تقرأ الخبر بعد 


إلتقط زين إحدي الصحف وهو ينظر بأعين فضولية .. اسودت  عيناه  مما بعث في قلب ستيفن الرعب .. يا إلهي ما الذي فعلته !!  


ظل يقرأ العناوين بين الصحف ومعدل غضبه يزداد كأن وقوداً إقترب من شعلة نار جعلته يتوهج ويحدث حريقاً مهولاً " ما زالت علاقات رجل الأعمال مستمرة حتى بعد زواجه " .. "علاقة حميمة تربط بين رجل أعمال شهير و صحفية " .. " هل زواج رجل الأعمال زين الحديدي مجرد ستار لأستكمال علاقاته "


إزدر ريق ستيفن بتوتر وهو يلاحظ تشنج جسد سيده .. إنتفض بهلع عندما أزاح زين كل شيء على المكتب مصدراً ضجيجاً قويا 

- اللعنة 

همس بها زين وهو يرجع بخصلات شعره للخلف .. الصحفيون مستمرون في إزعاجه .. لن يتركوه وشأنه .. قال ستيفن بتردد

- سيدي هل نفعل مثل المرة السابقة ؟


هز برأسه نافياً .. استعاد هدوءه بعض الشيء وهو يذرع الأرض ذهاباً وإيابا هتف زين وهو يستعيد هدوءه بعض الشيء 


- ليلة غد توجد حفلة للسيد ديفيد بمناسبة مرور مؤسسته عشرون عاما لقد بعث لي بطاقة دعوة منذ أسبوع هل زلت محتفظاً بها ؟


أومأ ستيفن برأسه إيجاباً

- نعم يا سيدي إنها معي 


لاحت شبه إبتسامه لم تصل لثغره وهو يفكر كيفية التخلص من الصحفيين للأبد .. استند زين  بجزعه على مكتبه الزجاجي .. سيضرب عصفورين بحجر واحد من جهة جدته التي لا تكف عن التذمر بجعل ليان تتعرف على الوسط المحيط ومن جهة أخرى الصحافة ..

..........................................

ضحكت بملء فِيها وهي تستمع إلي موقف مضحك حدث مع زين عندما كان صغيراً .. لتبتسم الجدة وهتفت بصدق

- ضحكتك جميلة مثلك 


غمزت ليان بشقاوة

- لكنكِ الأجمل جدتي 


ثم تابعت بحماس وهي تصفق يديها 

- لقد رأيت لعبة الشطرنج في مكتب زين .. ستلعبين معي وسأهزمك


مطت الجدة شفتيها بعبوس

- كلا لا لست محترفة في لعبها 


- تخشين الخسارة يا جدتي 


لاحت ذكرى قديمة جعلتها تبتسم 

-  نعم أخشى الخسارة .. حفيدي زياد كان يهزمني في كل مرة ألعب معه 


التصقت بجانب الجدة وهي تتسائل بفضول

- لكن لما جدتي ؟ تنادونه بزياد ! 


تنهدت الجدة بحزن

- لا اعلم حقا عندما توفي والده وإبنتي أثر حادث فظيع سبب له فقد النطق لعدة أشهر جعلني أصاب بالحزن والخوف والهلع  من أن أفقد حفيدي وانا اراه كل يوم يذبل  .. أتذكر في يوم كنت اناديه بزين لأجده يرد بعنف ويخبرني قولي لي زياد وليس زين 


سعادتي وقتها وأنا أراه يتحدث معي بعد أن أصابني اليأس والإحباط جعلني أذعن لطلبه ولم أسأله لما ؟ خمنت إنه عندما أذكر أسم أبيه سيجعله ذلك يتذكر والداه لا أعلم هذا تخمين فقط 


تجمعت الدموع متحجرة عند مقلتيها وهي تجد الجدة في اليومين عندما عادا إلى الشقة الفاهرة في لندن تخبرها عن حياة زين فى طفولته التي تعلمها قبل التحاقه بمدرسة داخلية ..


تشعر بالأجواء التي غيم فيها الحزن والطاقة السلبية ترتفع كمعدل الأدرينالين في الجسم حينما يواجه الأنسان موقف يتعرض له لأول مره


اكتفت جمعت بعض المعلومات عنه وعن طفولته ولكن ما زالت ترغب فى    المزيد .. الجدة أخبرتها كل ما تعلمه في طفولته السعيدة حتى ذلك اليوم المشؤوم .. تبدلت فيه    ملامح طفل سعيد بقلب يصرخ بالحيوية بأخرى حزينة و قلب متآلم .. 


شعور اليتم لن يشعر به آحداً سوي الذي فقد شخص عزيز علي قلبه ..


عادت بذاكرتها إلي شهاب عندما توفت والدته .. كانت ما زالت طفلة صغيرة بالنسبة له .. كانت تخبره بوقاحة أن يتوقف عن المجىء لبيتهم .. كانت حمقاء ساذجة وقتها ..  تنهدت وهي تطلق كل ما يعتمل فى مكنونها لتصيح فجأه وهي تتذكر شىء هام


- يا إلهي إن اليوم عيد ميلاد أختي كيف نسيت ذلك


ضربت بكفها علي جبهتها  لتقوم من مجلسها علي الفور صاعده للطابق العلوي .. نظرت للساعة لتجدها السابعة مساءاً وبفرق التوقيت هناك الرابعة عصراً .. 


أخذت الحاسوب الخاص بها من الغرفة لتهبط إلي الدرج بخطوات تسابق الزمن لتهتف الجدة برزانة 

- علي رسلك يا فتاه 


فتحت الحاسوب وهي تجلس على الأريكة مرة آخري .. عقلها لا يشغلها سوى زوجها .. زوجها بنبرة مستنكرة و تهكمية أصبحت الكلمة كتعبير ساخر


- كل سنه وإنتي طيبه يا حبيبتي وعقبال ميه سنه

قالتها بها عندما وجدت سارة ترد علي مكالمة الفيديو عبر تطبيق سكايب ... سمعت تذمر سارة


- لا كتر خيرك إنك لسه فاكره


استرسلت بعيون مشاكسة

- ايه ده هو الجواز حلو كده يخليكي تنسي عيد ميلادي ولا القمر أبو عيون زرقا واكل الجو 


تصاعدت حمرة وجنتي ليان مما جعل الجدة تهتف بتساؤل


- ماذا حدث يا جميلتي    ليحمر وجهك مثل الطماطم الطازجة


هنا تساءلت سارة 

- إيه ده ديه جده زين ؟


- ايوة 


هتفت بها بهدوء لتصفق سارة يديها بمرح 

- ايوه خلينا اشوفها 


التصقت بجوار الجدة صاحت ساره باعجاب 

- مين المزه دي ؟ 


أطلقت بعدها عدة ضحكات رنانة عندما زجرتها ليان بحدة لتتطالع الجده  عبر الشاشة صورة فتاة النشاط والحيوية يملأ وجهها ... ملامحها تبدو قريبة نوعا ما لـ ليان 

بخصلاتها الغجرية وبشرتها البرونزية المناقضة لبشرة ليان الخمرية 


لكن الشخصيتان متناقضتان تماما .. الأولى خجولة والثانية تبدو نوعا ما جريئة وهي تتحدث مع ليان بلغة لا تفهمها وبالمقابل الأخري التي بجوارها أصبحت وجنتيها تشتعلان من الحمرة


تبرمت الجدة بسخط

- توقفي يا فتاة لقد جعلتي زوجه حفيدي مثل حبتي الطماطم


تمتمت سارة 


- هل جعلتيها في صفك يا ليان 


إبتسمت ليان .. لتقوم سارة من الفراش وهتفت بغمز

- يوجد مفاجأه يا ليان 


خرجت من الغرفة وسلطت بالكاميرا علي الأفراد الموجودين .. عائلتها موجودة .. والداتها و والدها و ورد وشهاب وندي وبعض صديقات سارة 


- جميعكم هنا .. منذ متى يا شقية تجعليه في وقت مبكر للغاية  


ردت سارة وهي تسلط الكاميرا علي وجهها وتلتصق بـ ندي


- اصل ندي هتسافر علي بليل علشان خاطر عيونها قدمته وخليته في  العصر 


نست أن الجدة تتابعها لتعدل لسانها وهي تهتف بالانجليزية 

- إفتقدتك جداً يا ليان 


لمعت عيناها فرحة وهي ترى الجميع سعيد ويضحك ويمرح بسعادة .. لا تعلم متى الدموع انحدرت نحو خديها .. قالت الجدة بمزاح وحزناً على تلك المسكينة 


- لقد جعلتي الفتاة تبكي يا شريرة 


اتسعت سارة عيناها صدمة و هتفت باستنكار

- أنا شريرة 


ثم استرسلت بمزاح

- بل أنا زعيمة عصابة 


أطلقت ضحكة مدوية بمرح جعلت الجدة تضحك وتزرف الدموع بسبب ضحكتها وشاركتها ليان 

- توقفي يا فتاة عن تلك الضحكة .. سأموت بسببك 


كانا يتحدثان بمرح لم ينتبهوا لقدومه .. بل هي تجاهلت ذلك الأمر .. علمت بوجوده بسبب عبق رائحته التي دغدغت أنوثتها العذرية .. أغلقت الحاسوب وهي تضعه جانباً 


وجدته واقفاً بشموخ  يليق به هتفت الجدة بتعجب

- زياد لقد أتيت مبكراً اليوم 


نظر للساكنة التي بجواره تفحص ملابسها بسخرية بداية من فستان منزلي فضفاض وخصلات شعرها الذى جمعته على هيئة كعكة  ليرد بجمود

- نعم سأكون في غرفة المكتب حتى موعد العشاء 


تابعته الجدة بأعينها حتى غاب عن مرمى بصرها لتلكز التي بجوارها


- هل هذه ملابس ترتديها وانتِ أمام زوجك 


تفحصت ملابسها برضي وهتفت ببلاهه

- ما به يا جدتي


- لا تغضبيني يا فتاة حرري شعرك الذي تخبئينه  وملابس الجدة التي  لا تتناسب مع عمرك 


همست بتوتر وهي تفرك بيديها

- ولكن الحراس و الخا..


قاطعتها الجده

- الحراس لا يتجرؤن ويدخلوا المنزل وجميع من تعمل هنا نساء كما في منزل القرية 


فضلت الصمت حتى لا تغضب الجدة .. هل تريديها أن تتزين وتصبح عروسا لذلك الجلف البارد .. ابداً لن ترتدي تلك الملابس التي خبئتها فى حقيبتها .. 


عندما عادا إلى لندن إتجها إلي شقة فاهرة مكونة من طابقين .. الطابق الاول يوجد بها غرفة إستقبال و حجرة مكتبه العظيمة الضخمة المليئة بالكتب 

ومطبخ بحجم شقه منزلهم عكس ذلك القصر فى القاهرة و المنزل فى القرية .. والطابق العلوي يحتوي على خمس غرف بحمام ملحق ..


أصبحت فى ذلك اليومين تراه صباحاً ومساءاً .. يكتفي بعبارات مقتضبة وحديث رسمي كأنهم أغراب .. لا تعلم أين يقضي ليلته 


غرفة المكتب تقريباً أو غرفة نوم آخري .. تشعر به عندما يأخذ ملابسه فى ساعة مبكرة جداً ثم يغلق الباب بهدوء خلفه ..


الجدة تحاول جعلهم مقربين .. تسعي جاهداً في ذلك لكن لا فائدة .. تذكرت كل لحظة عندما يقترب منها بطريقة مباشرة أو ملتوية .. إذاً لم ابتعد عنها لم ينفرها بعدما أصبحت زوجته كأنه يهجرها  .. هل هجرها ؟ هل هذا هو الهجر ؟! .. إنه لم يقترب منها حتي يهجرها  .. الجدة تمزح معها لن تفعلها .. لن تتودد إليه .. لن تتزين  ..لن ترتدى ملابس مغرية وإن أقيمت حرب العالمية الثالثة .

..............................

لم تتوقع أن والداها عاش قصة حب عالمية كما تقرأها فى الروايات ..  قضي والداها معظم طفولته ومراهقته وشبابه فى القرية .. 


ترك القرية لاستكمال تعليمه في مصر وإلتحق بكلية الشرطة .. عائلة والداها من أهم عائلات فى القرية 


قابل والدها والدتها بالصدفة. .. نظره .. لقاء .. حب .. زواج


ذلك الترتيب كأي قصة حب تقرأها لكن كبير العائلة رفض بالزواج فتاة من القاهرة .. و أمره بالزواج من ابنة عمه 


ثار والداها ورفض لكن كبير العائلة لم يتزحزح عن قراره .. حاول أن يستميل معه بالعقل والهدوء ولكن كبير العائلة رأسه عنيده  ..


ووقتها ترك القرية وذهب إلى القاهرة وتزوج من والدتها .. وتزوجت ابنة عمه بعمها توفيق لينجبا ذلك السمج مروان 


قصة حب مكتملة من الخارج عائلة سعيدة رزقهم بطفلة ولكن والدتها تركته في منتصف الطريق ورحلت .. وبعد خمس وعشرون عاما أخبرها أنهم سيعودون القرية مرة أخري 


- ندى 


أفاقت من شرودها على صوت سارة وهي تهتف بحماس حاملة في يديها الكاميرا 


- يا بنتي تعالي اخدلك صورة من الكاميرا الجديدة اللي جبهالي شهاب 


شهاب ااه .. تود أن تقتلع    عيناه بسبب نظراته الماكرة التي يرسلها إليها وسط أعين الجمع .. نفت برأسها


- لا يا سارة مش عايزة 


نظرت إلي الصالة التي وجدتها فارغة .. هل شردت لتلك الدرجة لعدم شعورها بالوسط المحيط ! 

- هما كلهم مشيوا 


غمزت سارة بعيناها

- مشيوا يا جميل من زمان انتي اللي سرحانة .. ها حب اقتحم الباب وخلع الشبابيك 


ابتسمت ندى علي مزاح سارة 

- الله يكون في عونه اللي هياخدك 


ارجعت سارة خصلاتها للخلف 

- ومتقوليش ليه هيكون من بخته انه هيتجوزني وبعدين مفيش جواز غير بعد ما اخلص الكلية 


- لا ده انتي مخططة بقي 


هزت برأسها إيجاباً 


- طبعا اومال 

قامت من مقعدها وهتفت بوداع محضتنه إياها

- طب انا هبقي نمشي بقي علشان متأخرش علي بابا سلام


بعثت سارة بقبلة في الهواء وهي تراها تتمسك بمقبض الباب


- مع السلامة يا حلوة 

أغلقت  ندي الباب لتخرج سارة هاتفها من جيبها تعبث برسالة قصيرة ثم تضع بهاتفها مرة أخري في موضعه وظلت تصفر بسعادة متوجهه نحو غرفتها .

.....................................

نظرت إلي ملابسها في الخزانة وهي تنتقي ما يلائم الطقس .. لقد أخبرتها الجدة بعد العشاء أنها تريد أن تتجول 

حاولت أن تؤجلها الصباح لكنها رفضت وصممت على رأيها .. إرتدت ملابسها وهبطت الدرج لتقول للجدة التي انتظرتها منذ نصف ساعة بدون اي علامات الضيق او الملل 


- هيا جدتي 


- معذرة إلي أين تذهبان 

صاح بها زين وهو يجدهم متجهين نحو الخارج ، ردت الجدة بهدوء


-سنتجول انا وليان قليلا فى الخارج 


هتف ببرود 

- في الصباح جدتي الساعة الآن التاسعة مساءاً


أغمضت ليان جفنيها .. هل سيتحكم الآن متي يخرجون ومتى لا 


- هي نصف ساعة فقط لا أكثر ولن نبتعد عن البناية كثيراً.. هيا جدتي 


صاحت بها بجمود وقامت بفتح الباب الخارجي .. استندت الجدة بيديها على مرفق ليان ..


كان الهواء منعشاً في الخارج بالرغم من جلوسهم في الحديقة المقابلة للبناية على أوامر السيد زين أن يجلسوا هناك ويجعل حارسان يراقبوهم عن كثب .. 


- ما الذي تفكرين به جدتي ؟


- اريد ان ارى طفلا لكما يا جميلتي 


شهقت ليان واضعة يديها على ثغرها 

- جدتي ما زال الوقت مبكراً


ضربت بعصاها على الأرض مزمجرة بحنق

- الوقت مبكر بالنسبة لكما ولكن انا لا وقتي شارف على الأنتهاء


ربتت على كف الجدة بحنو 

- ادامك الله العمر جدتي 


ظلت تتمتم الجدة ببعض العبارات الحانقة  بصوت منخفض .. إبتسمت ليان في خفوت بالتأكيد موجهه لها ..فضلت الصمت وهي تستمتع بذلك السكون الذي يغلف المكان .

..................................

- ندي من فضلك إسمعيني 

توقفت عن السير عاقدة يديها على صدرها 

- اتفضل قول 


- مش هينفع وإحنا واقفين تعالي نقعد في مكان هادي 


هزت رأسها نافية

- اسفه بس انا ورايا سفر بعد إذنك

أمسكها من عضدها مانعا إياها من الهروب 

- ندى 


نبرته وهو يناديها ذبذبتها .. لا تعلم كيف وافقت وأذعنت علي طلبه وهي تهز برأسها كالمسحورة  بالموافقة 

......................


كان صباحاً مملاً نوعا ما .. صعدت لغرفتها وهي تختلي بعض الوقت .. الجدة نائمة منذ الظهيرة .. حتى بعد مهاتفه عائلتها تشعر بالملل ..


أغلقت باب الغرفة وهي تزفر بحرارة .. تسمرت قدماها وهي تري علبة ضخمة تتوسط الفراش 


إلتقطت ورقة صغيرة مكتوب بها خمس كلمات فقط " أريدك جاهزة في الساعة الثامنة " 

جزت علي أسنانها بغيظ وهي تود أن تراه لتلكم وجهه الوسيم ذلك الذي يؤثر على سلامة قلبها 


رمت الورقة بلا مبالاة على الارض وفتحت العلبة .. لتشهق بصدمة .. فستان أسود هل يمزح معها الآن !! 


الفستان قبيح للغاية .. هل إمتلىء جسدها بعض الشىء 


هتفت بها وهي تنظر إلى المرآه .. الفستان محتشم لكنه لا يخفي تفاصيل جسدها .. فستان قبيح والتي ترتديه أقبح 


سخطت بجزع .. لن تذهب معه بذلك المنظر ابداً 

لن يجبرها على الذهاب معه ..


فتحت الجدة الباب وهي تتمتم بسخط

- يا فتاة منذ ربع ساعة اناديكى 


توقفت لبرهة وهي تنظر إليها اتسعت عيناها و شفتيها إبتسامة راضية 


- ما ذلك الجمال يا فتاة 

إلتفت ليان يمينا ويسارا وكأنها تقيم جسدها 


- اين الجمال التي تتحدثين عنه جدتي ذلك الفستان إما قبيح أو أنه لا يليق بي 


هتفت الجده بابتسامه 

- لا جميل للغاية يبدو زين هو من أهداه لكِ


- ولما ؟


- زين يحب الألوان الداكنة ولون الأحمر والأزرق


إرتفعت حاجبيها بدهشة 


- أحمر وأزرق ولما هما بالتحديد ؟


تمتمت الجدة ببساطة

- الأحمر لأنه لون أنثوي صارخ والازرق لأنها تشبه حدقتي عيناه هزت رأسها بلا مبالاة وهتفت بتساؤل وهي تبتعد عن أي محور خاص به لانها إن رأته تريد أن تزهق روحه بسبب ذلك الفستان 


- إذا ما لون الحجاب الذي سأرتديه ؟


عقدت حواجبها بتفكير 

- هل معك لون خزامي او وردي ؟ اتعلمين الخزامى يليق ببشرتك أكثر 


- نعم عندي 


تهللت أسارير الجدة 

- رائع سأهاتف ليلي لكي تضع بعض المساحيق التجميل لتبدي فاتنة 


- كلا جدتي لا يوجد داعي

ضربت بالعصا علي قدميها وهتفت بنبرة لا تقبل النقاش 

- هيا جهزى أشيائك وسأهاتف ليلي


غادرت الجدة من الغرفة غالقة الباب خلفها .. لتشهق واضعة يديها على ثغرها .. يا إلهي ماذا تفكر الجدة ..هل تظن انه موعد ؟ تريديها أن تتزين له وترتدي ذلك الفستان القبيح !


كلا لن تذهب معه ليست هي كالبهيمة التي يجرها الراعي أينما شاء ووقتما شاء .


......................................

إنتهت ليلي من وضع اللمسات الأخيرة على وجه ليان لتهتف  

- لقد إنتهينا .. سأقوم بتصوريك 


تمتمت ليان بتساؤل


- ولما ؟


- لأنني أصور كل فتاه بعدما أنتهي من لمساتي وبما أن يوجد العديد من الفتيات المحجبات تأتي إلي صالوني ربما أعرض عليهم الستايل الخاص بك من يعلم ربما تصبحين موديل للمحجبات


هزت رأسها بتفهم ..لتهتف بتذمر ليان فهى منذ حوالي ثلاث ساعات رفضت ليلي ان تتطلع بوجهها إلي المرآه


- والآن هل لي أن أرى ماذا وضعتي علي وجهي 


نفت برأسها نافية وهي تبحث بهاتفها عن طريقة حديثة للف الحجاب


- إنتظري تبقي فقط الحجاب سأحاول أن أفعل كما في الفيديو 


امتنعت ليان وهي تشير بكفها 

- دعيني أنا سأفعل والان هيا دعيني أنظر للمرآه


تأففت ليلى بضيق وهي تديرها إلي المرآة

- حسنا يا ايتها المزعجة 


اتسعت أعين ليان صدمة وهي تنظر هيئتها الجديدة .. حقا مستحضرات التجميل غيرتها .. جعلتها فاتنة .. خصلاتها الفحمية المصفوفة بعناية ووجهها ! هل أصبحت جميلة لذلك الحد ؟ أم انها لا تعلم بذلك  ؟! 


هتفت ليلي غامزة بعيناها

- ما رأيك ؟ 


- رائع يا ليلي شكراً لكي 


زفرت ليلي براحة وهي تغلق العلبة الخاصة بها ..نظرت إلى الساعة المعلقة على رسغها وهتفت

- يوجد نصف ساعة باقية على الموعد هيا اجهزي بسرعة حتى اقوم بتصويرك


هزت راسها بسرعة وهي تضع الحجاب علي رأسها بطريقة هادئة ولكن جذابة ..

- حسنا ما رأيك 

هتفت بها عندما إنتهت وهي تنظر إلي ليلي التي كانت تتفحصها عن قرب 

- رائع عزيزتي قفي عندك سأتي بالكاميرا 


إلتقطت ليلي عدة صور لها .. هتفت ليان وهي تجد ألبوماً صور مفتوح موضعاً علي الفراش 


- ما تلك الصور ؟


- اه إنه صور لأعمالي الجديدة ألقي نظرة 


إلتقطت الالبوم بفضول وهي تقلبها بأعين مبتسمة لتشهق فجأه وهي تبعد الالبوم عنها 

- يا إلهي أخبريني أن هذا ليس حقيقي 


ضحكت ليلى بأستماع 

- ماذا هل تخافين من الدم


انزعجت ليان وهي ترى ليلي لم تتوقف عن الضحك

- يا فتاه قلبي كان سيقف من الرعب .. ماذا سيكون رده فعلي وانا ارى شخص مقلع عيناه والآخر أحشائه تخرج من جوفه 


ثم اشارت بصورة أخري

- وهذا الآخر الذي يشبه الزومبي 


كانت ملامحها مقززة وهي تشعر علي وشك التقيؤ لتغلق الالبوم وتعطيها لها 


هتفت ليلي 

- ألم تسمعي عن الخدع السينمائية هذا هو يبدو حقيقياً أليس كذلك 


- لكنك لم تخبريني من قبل عن ذلك الأمر 


ردت بهدوء وهي ترجع    خصلات شعرها الشقراء للخلف

- كنت أقوم به قبل زواجي ولكن كنوع من التسلية 


انقطع حديث الفتاتان على صوت طرقات الباب .. دلفت الخادمة للداخل فور سماعها إلي صوت سيدتها 

- سيدتي .. السيد زين ينتظرك بالأسفل 


إرتفع معدل نبضات قلبها .. وهي تخشى الهبوط للأسفل ماذا ستكون ردة فعله .. هل سترى علامات السخط .. الإعجاب .. ام الجمود ؟!

- هيا يا فتاة إهبطي للأسفل وأنا متأكده أنه سيطير بعقله 

............................................

ظل يزرع الأرض مجيئا وذهاباً .. يكره التأخير وخصوصاً تأخير النساء 

هتفت الجدة برزانة


- ما بك ؟


هتف بجمود به يشوبه الغضب  وهو ينظر إلي الدرج 

- لقد تأخرت ربع ساعة حتى بعد أن صعدت الخادمة لا أعلم ما داعي لكل ذ...


قطع عبارته وهو يراها تهبط من الدرج .. يتفحصها بهدوء وتمعن 


حتى نزلت الدرج وأصبحت في مواجهته 


إنتظرته أن يتحدث أو يبادر بشىء يفعله .. لكنه لم يفعل سوي !

#زوجتي_الشرقية 


الفصل الثالث عشر 

حفلة مملة للغاية .. شعرت بالضجر وهي تراقب الجميع بنظرات جامدة .. كل سيدة تبرع في إظهار مفاتنها .. تشعر أنها في مسابقة للعري .. ضحكت بتهكم وهي تراقبه على بعد مسافة قصيرة بينهم ..


كانت منذ قليل بجواره يتحدث مع هذا وذلك في آن واحد .. وحديثهم متمحور حول العمل .


انتبهت على صوت نادل     وهو يقدم لها مشروب .. هزت برأسها نافية وهي تعود مرة أخري لمراقبته وسيماً بحلته السوداء .. وسيم للغاية ولكن مشاعره بارده كحدقتي عيناه يبتسم ويتحدث بلباقة وضحكته لا تصل لعيناه    .. غامض للغاية ..غموضه يجعلها فضولية للتعرف عليه عن قرب .


عيناها هائمتان به وهي تراقب حركة شفتيه صعوداً وهبوطاً 

هل أغرمت به ؟ ..عقلها يتساءل بحيرة شديدة لتهز برأسها نافية كلا كلا لم تقع .. انها منجذبة له .. ليعاود عقلها هاتفاً

والانجذاب هو أول الطريق للحب .


كيف تحبه ؟ عادت بذاكرتها للخلف قليلا عندما هبطت من الدرج وأصبحت في مواجهته .. رأت عيناه تلمعان بذلك البريق الذي ظنته إختفي بعد الزواج .. عيناه كانت جريئتان يتفحصها بوقاحة 


- إذا أنتِ هي سيدة ليان الحديدي 

انتبهت على صوت رجل لا تعلم كيف أصبح بجوارها .. رجل طويل القامة .. ملامحه غريبة للغاية بشعره الأشقر وعيناه الخضراوتين .. يرتدي ملابس عملية و يوجد كارت صغير يحمل إسمه مثبت على جانبه الأيسر 


هزت برأسها إيجاباً

- نعم 

إبتسم بعملية وهو يعرفها عن نفسه 

- أنا تيم وأعمل صحفي وقد جئت لكي أقوم بتغطية الخبر 

ابتسمت بهدوء عكس عقلها المتضارب بجنون .. طريقة دخوله هكذا ويسألها أنها زوجة زين لا تطمئنها ابداً 

- تشرفت بلقائك يا سيد تيم 


في كل حين والأخرى يراقبها .. كانت تعبس وتتأفف طوال الوقت  .. انشغل لعدة دقائق مع أحد الأشخاص ليعود ببصره نحوها يراها تتحدث مع أحدهم .. دقق بنظره للشاب ليجده أحداً من الصحافة 

استأذن بلباقة للرجل الذي يتحدث معه وتوجه نحوها سمعها تهتف وابتسامتها تتسع عندما إقترب منها 

- لا أصدق حقاً 

حمحم زين بجدية وهو يقاطع حديثهم رمي ببصره للشاب ليرى عينيه لم تتزحزح عنها وكأن وجوده لم يقطع حديثهم .. سلط ببصره للأخرى ليجدها الأخري تنظر له بابتسامة ناعمة وأعينها البندقية تلمعان .


مد تيم يده مبتسماً بهدوء 

- علي كلاً لقد تشرفت بمعرفتك يا سيدة ليان 

مدت يديها هي الأخري وهي تصافحه تحت نظرات زين المبهمة 


- وانا ايضا تشرفت بلقائك


غادر بهدوء تابعه زين حتى    إختفى عن مرمى بصره وعاد يسلط ببصره نحوها ليجدها تهم بالرحيل .. أمسكها من رسغها وهتف بجمود


- عن ماذا كنتما تتحدثان 


منذ متى يهتم هو ؟ يبدو أنها جائتها الفرصة لكي تأخذ بثأرها 


- موضوع خاص لا يهمك ، معذرة علي الذهاب إلي الحمام 


أفلتت يديها من قبضته وغادرت بهدوء متوجهه نحو الحمام بخطوات مهرولة .. لقد أغضبته رأت حدقتي عينيه المظلمتين ترسل برسالة تهديد نحوها .


أخرج لعنة بين شفتيه وهو ينظر يمينا ويساراً إذا التقط الصحفيون بعدساتهم اللعينة أي شيء .. سمع صوت ديفيد مرحباً به


- سيد زين مرحبا بك توقعت أنك لن تأتي لكنك أتيت ومسرور للغاية بمجيئك


ثم استرسل بالحديث

- ولكن أين هي زوجتك ؟ أريد رؤيتها 


- ولما ؟


اتسعت أعين ديفيد دهشة وهتف بصوت مستنكر 


- بالطبع أريد أن أعلم من تلك التي قررت يجعلك تتوجه نحو القفص الزوجي .. أخبرني ابني بأنه رأي مساعدتك الشرقية هنا وسمعت إحدي الصحفيون يقولون بأنها هي زوجتك إعذرني علي فضولي لكنك قد أعلنت للصحافة عن زواجك ولم تخبرهم عن زوجتك .. ولكن هل ذلك صحيح حقا؟ 


رد ببرود

- نعم إنها هي ..إعذرني يوجد مكالمة هامة يجب أن أجريها 


- تفضل 


عيناه تبحثان عنها إختفت منذ ربع ساعة ولا يراها حتى الآن ..


الأنوار قد خفتت والموسيقى الهادئة توقفت عندما صعد ديفيد على المنصة ويلقي بعبارات رسمية .. لم يلقي بالاً بالحفل


عقله مشغول بها .. أين ذهبت ؟! سمع صوت تصفيق حار من الجميع عندما إنتهى ديفيد من خطابه ونزل من على المنصة .. لتعود الأنوار والموسيقى الهادئة تصدح بهدوء بين أرجاء المكان .


تنهد براحة عندما لمحها تقف منزوية بعيدة عن أعين الجميع .. تقدم نحوها بخطوات غاضبة متوعدة 


- واللعنة أين كنتِ ؟


انتفضت علي صوته الغاضب .. مسحت دموعها بكف يدها وهمست بصوت متحشرج 


-آسفه لم أنتبه للوقت 


- ماذا حدث 


هل يسألها عن حالها أم    هي تحلم ؟ كلا ليان أفيقي من الشرود .. إنه غاضب سيثور إن وجدك شاردة 

نفت برأسها وهي تشيح بعيناها عنه 


- لم يحدث شيء 


قبض بكفه على عضدها وهمس بخشونة


- هل ضايقك أحد ؟ هل أحد من الصحفيين ضايقوكِ ؟ 


نفت رأسها مرة أخرى


- كلا كلا لم يضايقني أحد 


- إذا ما الذي حدث ؟

تلعثمت و تلجلجت في الحديث ووجنتيها بدأت تشتعلان باللون الأحمر القاني .. أخفضت برأسها للأسفل مجيبة في تلعثم


- لقد أخبرتك من قبل لا يوجد شيء 


صاح بنفاذ صبر 

- ليان 


زلزلتها تلك الكلمة .. دبت قشعريرة لذيذة فى أرجاء جسدها .. هل أسم أصبح جميل لهذه  الدرجة أم أنها تتوهم ؟! 


رفعت ببصرها نحوه مستعطفة إياه بالتوقف لإجبارها عن شيء لا تريد فعله .. لكن عيناه تنتظر الإجابة وفورا 


- عندما ذهبت للحمام رأيت شاب وفتاة كانوا يفعلون

تركت كلمتها معلقة له لتخفض برأسها أرضًا مرة أخري 


- يقبلون بعضهم  


أجابها ببساطة شديدة ..  يا إلهي نطقها بسهولة كأنه شىء عادي ؟ .. 


وهي كالحمقاء شعرت بضيق في التنفس لا تعلم أين مصدره ؟ هل حضوره وقربه منها لذلك الحد جعلتها لا تأخذ نسبه كافيه من الاوكسجين .. أم لأنها أول مرة تمر بذلك الموقف !


سمعته يضحك في خفوت ، رفعت ببصرها نحوه لتجده يبتسم باتساع هتفت بلا وعي وبغباء 


- أنت تبتسم 


- معذرة !!

أعادت ما قالته للتو وهي تلاحظ إبتسامته تختفي تدريجيا عاقداً حاجبيه  باستنكار أو سخرية لا تعلم ؟ 

- هيا لنغادر لقد ضجرت من تلك الحفلة 


وقبل محاولة لإجابته وجدت يشتد بكفه على عضدها  ويتوجه إلي الخارج ، شعرت أنها قد فقدت البصر بوجود فلاشات الكاميرا للصحفيون وأسئلتهم المتسارعة رغم عدم وجود رد ،  لولا كفه الذي تمسكت بكفها بقوة كانت تصبح تائهة  بين تلك العدسات اللعينة ..


إلتقطت أنفاسها بصعوبة عندما صعدت السيارة بجواره ، تشعر كما كان في سباق للماراثون .. دقات قلبها تخفق بقوة 

وضعت براحة يدها على موضع قلبها 

هتف بتساؤل 


- ماذا حدث لكِ ؟

رغم فرحتها أخيراً أنه يبادر بالسؤال عنها .. إلا أنها عبست ملامحها بسبب نبرته الجامدة حتى في سؤاله عنها 

- لا شيء لا شيء 

تمتمت في خفوت وهي ترمي ببصرها نحو النافذة .

....................................

هل كانت تصدق أن شهاب يجلس علي ركبتيه ويعترف بحبه لها أمام الجمع ، وجنتيها كانت مشتعلتان من الحمرة وهو يخبرها أنه يريدها زوجته حبيبته شقيقته ، هزت رأسها بالإيجاب وهي كالمغيبة عندما عرض عليها الزواج ، أخبرها عندما تعود من السفر أنه سيتقدم لطلب يديها من أبيها ..


أفاقت من شرودها عندما توقفت السيارة أمام أحد المنازل العتيقة ، ترجلت هي ووالدها ليتوجها نحو المنزل 


وجدت عند مقدمة باب المنزل رجل يقارب عمر والده يهتف بحبور 

- يا اهلا وسهلا ومرحب نورتوا البلد 

إبتسمت ندى في خفوت أمام الرجل البشوش ، ليتابع وهو يأمر أحدي الرجال 

- يا محروس قوم طلع الشنط فوق لأوضهم ، يلا ادخلوا جوا 


دلفا الى الداخل ، تعجبت من سكون المنزل تنحنح توفيق بحرج

- إعذروني انتوا عارفين الساعة دلوقتي ١ بليل والكل نايم ، هخلي محروس يجهزلكم العشا علي ما تغيروا


نفى أمين بأبتسامة هادئة 

- لا إحنا تعشينا يا توفيق إحنا يدوب نطلع نريح علشان تقابل ندي كبير العيلة الصبح 


بللت ندى شفتيها وهي تنظر لهم بأعين زائغة ، تشعر بانقباض في قلبها لا تعلم ما سببه 

هدأت من روعها ، يجب أن تمر الليلة علي خير فالحبيب قد اعترف بحبه بل بعشقه لها .

..........................................

طالعتها الجدة بأعين متلهفة ، ابتسمت ليان وهتفت بشقاوة

- ماذا جدتي ؟ يبدو وكأنك تنتظرين جواباً من حبيب 


تذمرت الجده وهي تضرب بعصاها أرضاً

- هيا يا شقية أخبريني ماذا حدث ليلة أمس 


- كانت عادية ومملة 


اتسعت أعين الجدة دهشة 


- مملة !! كيف ذلك ألم 


صمتت وهي تشيح بوجهها للجهة الأخري ، كانت الجدة تهمس بعبارات حانقة ، جعلت ليان تتوجه نحوها وتجلس بجوارها 

أمسكت بكفها وهتفت بهدوء


- جدتي لا داعي للغضب ، هو لا يقترب مني لا يتحدث معي مثل أي شخص طبيعي أتريدين أن اتودد له واغريه 


ردت الجدة بتصميم 

- إنه إختارك يا ليان لتكوني زوجته ، إقتربي منه يا جميلتي حاولي مرة واثنان وثلاثة لا تيأسي 


- ولما انا من أفعل قال لي تزوجيني وتزوجته ، وإذا أجده يتحاشى وجودي وانا زوجته 


زفرت الجدة بيأس وهتفت بضيق زائف

- هيا هيا لقد إقترب موعد عودة زوجك إلقي بنظره علي الطعام و اصعدي لغرفتك وغيري ذلك الثوب وإلا سأحرقه 


ضحكت ليان بملء فيها وهي تغمز بأحد عيناها

- لن أغيره 

....................................

- مس ورد مس ورد 

هتف بها صغيرها المشاغب وهو يحمل في يديه لوحة جديدة  


ابتسمت بإشراق وهي تنظر للوحته 

- جميلة جدا يا حبيبي برافو عليك يا فنان 


عبس الطفل ملامحه وهتف

- بس كده فين الشوكولاته 


هتفت بمرواغة

- عايزني ولا عايز الشوكولاته 


اصطنع التفكير لعدة ثواني ثم أجاب ببراءة

- عايز الأتنين 


- الاتنين مرة واحدة !


هز رأسه بالإيجاب ، لتفتح حقيبتها وقامت بإخراج قطعة الحلوى وأعطتها له


التقط الصغير الحلوى وقبلها من وجنتيها وركض مهرولاً نحو الداخل 


اتسعت ابتسامتها وهي تراه يرسل بقبلة في الهواء متوجه نحوها .. انتبهت على صوت مديرة الملجأ


- ربنا يفرحك يا حبيبتي زي ما بتفرحي العيال اليتامى ويجعله في ميزان حسناتك 


- إدعيلي كتير يا استاذه مني 


ردت مني بأبتسامتها البشوشة


- بدعيلك يا بنتي في كل صلاة ، متنسيش بكرة عيد ميلاد أمجد  يا ورد عايزين نعمله مفاجأه 


- متقلقيش من الناحية ديه انا مضبطة كل حاجة ، انا هستأذن وهمشي مع السلامة يا أستاذة مني


ودعتها مني وهي تدعي في سرها أن يوفق تلك الفتاة في حياتها ، فورد أصبحت ذابلة تحتاج من يعتني بها 

فالفتاه إسم على مسمى  

.............................

- هل من الممكن التحدث معك لبضع دقائق 

رفع بصره بتعجب وهو يجدها جلست على المقعد 


- أظن أنك فعلتي 


بادرته بسؤالها قبل    أن يهرب منها في كل مرة ، إن كانت تشعر الجدة بالحنق والضيق فهي تشعر بالغضب 

- لماذا إبتعدت ؟ 


- معذرة أنا لا ...

قاطعته بهدوء


- لا تتحدث بمراوغة الآن يا سيد زين سؤالي واضح للغاية ، لماذا إبتعدت عني بعد الزواج 


قام من مقعده ليتجه ويجلس في مواجهتها ، مجيباً ببساطة 

- عيناكِ

همست بتساؤل 

- لكن ما دخل ذلك بعيناي ؟


إقترب منها وهو يدنو بوجهه نحو وجهها

- انظري جيداً في المرآة ، عيناك مرتعدة مذعورة  كلما أحاول الأقتراب منكِ ، كأنك تخشين إن لمستك ، هل لتلك الدرجة تنفرين مني ؟


الأحمق الغبي لعنته في سرها ، إبتعد عنها لأنه شعر أنها تنفر منه .. هل تخبره أنها لأول مره تجرب ذلك الشعور ،أنه أول رجل في حياتها .. الوحيد الذي إقترب منها بدرجة مهلكة ، اقترابه يجعلها في حالة من اللاوعي وبريق عينيه هذا الشيء الوحيد ما يقلقها. 


ردت بجمود وعيونها مثبته علي عيناه تخبره أنها ليست خائفة منه ولا تنفره


- لكن ماذا عن تجاوزاتك لي قبل الزواج 


- اعتبريه مجرد إختبار


هبت من مقعدها وهي تصيح بأنفعال وقد فقدت آخر ذرة في عقلها 

- لا تتحدث بغموض ، توقف عن هذا 


قام الأخر من مجلسه واضعا كفيه في جيب بنطاله

- لا أتحدث بغموض يا عزيزتي 


- لكنني زوجتك ، أريد أن أقترب منك أتعرف عليك عن قرب لا أريد أن أعلم أخبارك من أي شخص سواك 


لا تعلم كيف وجدت قدماها تتجهان نحو مكتبه ، لتفرغ كل ما يدور من    الهواجس في داخلها أمامه غير مكترثة بما سيحدث .. أفرغت ما في داخلها وهي تتنهد براحة كأنه حمل ثقيل انزاح من علي صدرها 

- لن تتفهمين يا ليان لن تفهمين 


همس بها في خفوت وهو يسند بجزعة على مكتبه ، لتبادر وهي تجد لسانها يتحدث بعفوية


- وهذا ما اريده إفتح لي قلبك وتحدث معي أريد أن أتشارك معك في كل شيء حزنك الآمك فرحك


نظر إليها ببطىء وكأنه يستشف حديثها هل تكذب أم هي صادقة .. زفر بحرارة وهو يبتعد

- الوقت تأخر ، اخلدي إلى النوم آخر الأسبوع سوف اصطحبك إلي إحدي الحفلات الهامة 


لا تعلم متى إلتقطت المزهرية في يديها ، لترميها على الأرض بقوة وهي صارخة 

- أنت بارد عديم المشاعر إنني نادمة لأنني جئت وتحدثت مع لوح ثلج مثلك ، أتعلم إنني نادمة أشد الندم علي تلك الزيجة لكنني سأصلحها يا سيد زين لن أستمر معك ، تبا لك وتبا لتلك الحفلات المزيفة مثلك 


أطلقت بكلماتها النارية في لحظة يأس، ندم علي تصرفها الأرعن والعجيب ما في الأمر أنها لا تشعر بالندم أو بالشفقة .. أغلقت الباب خلفها بعنف و الصفحة أغلقت نهائيا أراحت ضميرها وهي قد قامت بمحاولتها الأخيرة للتودد إليه .. إذا لا لن تشعر بالندم بما ستفعله لاحقاً.


أغلق جفنيه وهو يتنهد بحرارة ، لن تفهمه .. إنه يخشي أن يتعلق  ، وإن تعلق بأحد سيفقده 

هذا مبدأه " لا تتعلق بأحد وإلا ستخسره " ، مبدأه غريب بعض الشىء ولكن كونه يبتعد أفضل من أن يقترب ..


ولكنه لم يجد الراحة في البعد   ، إن إقترب سيحدث ما يخشاه .. إن أخبرها بذلك في وجهها لن تفهمه وسـ تسأله هل تريد مني الأقتراب أم البعد ، والإجابة مبهمة ولكن إلي متي   سيصبح كتوماً أصبحت الأعباء تزداد وتضغط عليه بقوة .. لن يستطيع الصمود .

...............................

ابتسمت بتكلف وهي تجلس    على المقعد والجميع يشرع في تناول الفطور ، كبير العائلة الجد ذو ملامح صارمة رغم تخطيه الثمانون .. العم توفيق وزوجته التي تنظر لها بازدراء بسبب    ملابسها الفاضحة .. هل ملابسها فاضحة؟ إنها ترتدي فقط بنطال ضيق قليلا وتي شيرت ، تعلقت عيناها بذلك السمج مروان الذي ابتسم لها بابتسامة مقتضبة .. أشاحت بعينيها نحو والدها وقد إرتخت معالم وجهه ، كان والداها يبدو قلقاً ويخشى إن حدث    مشاحنات بين صغيرته وأبيه

يجب عليها التوقف عن التفكير ، تناولت اللقيمات بصعوبة وهي تشعر بنظرات زوجة عمها تحرقها .

................................


توجهت نحو المقهى بخطي واثقة ، لم تعبأ بنظرات الجميع نحو ما ترتديه المسمى بالحجاب  .. جلست على الطاولة وهي تنتظر وصول ليلي 


- وأخيرا سمو الأميرة قررت التنازل وتقابل الشعب 

قالتها ليلى بطريقة مسرحية جعلت ليان تضحك 

- إجلسي يا فتاة إجلسي 


أمسكت ليلي من عضدها 

- كلا لن نجلس هنا سأعرفك عن المجموعة العربية في لندن 


سحبتها ليلي وهي تتوجه إلي إحدي الأركان الجانبية في المقهى 


يوجد في الطاولة ثلاثة رجال وامرأتان  

رحبت ليلى بالجميع وهي تشير بيدها نحو ليان

- مرحبا يا شباب لقد جئت لأعرفكم علي العضوة الجديدة ليان 


- نعم لقد تقابلنا سابقا 


دهشت ليان من وجوده وهتفت بعدم تصديق 

- تيم ؟ هل أنت أيضا عربي 


نفي تيم رأسه وهتف بأبتسامة هادئة 

- كلا لكنني أحب التحدث معهم كليلي 


جلست علي إحدي المقاعد بجوار السيدتين قالت الأولى وهي تمد يديها نحو ليان 


- مرحبا يا ليان أنا أدعي جاسمين اعمل كمحررة في الجريدة التي يعمل بها ذلك الشاب الأشقر 


إبتسم تيم بهدوء ، لتستأنف ليلي وهي تشير بيدها نحو المرأة الأخري 


- وهذه تدعي سلمي وهي تعمل ممرضة 

أشارت بيديها للرجل الذي يجلس بجوار تيم 

- وهذا كمال وهو صاحب ذلك المقهي 


كانت تهز ليان برأسها وهي    تتعرف علي الجميع ، يبدو ودودين ولطاف للغاية ، شعرت بالحنين للوطن عندما علمت بالرغم من أصولهم العربية إلا إنهم يتحدثون العربية بصعوبة شديدة ما عدا كمال الذي تحدث بالعربية معها 

كمال من أصل عربي سوري ، وجاسمين وسلمي من أصل مغربي  


همست ليلى في أذن ليان 

- كيف اتيتي الى هنا ؟


تمتمت ليان ببساطة 

- السائق قام بإيصالي الي هنا وأخبرته أن لا ينتظرني فإنني قررت أخيرا التجول والتعرف علي المكان


ردت ليلى بابتسامة 

- خير ما فعلتي يا فتاة ، سنحظى بوقت ممتع معا

سمعتا حنق جاسمين

- ها قد بدأنا بطرق الأحاديث الجانبية 

ضحك الجميع وتابعت جاسمين 

- أتعلمين يا ليان ليلي لم تتوقف بالحديث عنك ولو لمرة 

- حقا 

تمتمت بها ليان بتعجب ، ليؤيدها تيم مجيبا ببساطة 

- نعم بعد عودتها من مصر  لم تجلس مع أحداً منا إلا ولم تتوقف بالحديث عنك لا تقلقي كانت تمدحك طوال الوقت


ألقت ليان بنظرة جانبية إلي ليلي التي كانت تتصنع في النظر إلى الحوائط ،


كانت صحبتهم رائعة جميلة ، لم تشعر بمرور الوقت إلا عندما نظرت الساعة لتجدها الخامسة مساءا يا إلهي لقد قضت خمس ساعات ستثور الجدة 

- إعذراني ولكن علي الذهاب الآن لقد تأخرت 


هتفت جاسمين 

- سنراكي غدا أليس كذلك


هزت ليان برأسها إيجاباً    لتخرج من المقهى ، وجدت السائق واقفاً منتظراً  في الخارج ما إن رآها حتى سارع وفتح الباب الخلفي هاتفا بأحترام 

- تفضلي يا سيدتي 


صعدت السيارة بإذعان ، ليهتف السائق 

- هل ستذهبين إلى مكان آخر يا سيدتي ؟

- كلا عد للمنزل 


أذعن السائق لأمرها وانطلق بسيارته إلي المنزل ، الأمر كان غريباً لقد أخبرت السائق ألا ينتظرها لكنه رفض وظل في مكانه ، بل الأغرب هو عندما خرجت من البناية وجدت حارسان يعترضان طريقها ويخبرانها انهم لم يتلقوا أي تعليمات من السيد زين بأنها ستخرج للمنزل ، زين كانت بمثابة الشعلة التي إقتربت من الموقد لتصيح في وجههم وتخبرهم أنها ستذهب إلي أي مكان تريده ولن تنتظر أي تعليمات من أحد ليصرح لها بالدخول والخروج ، 


وبالفعل أوقفت سيارة آجره ليسارع الحارس هاتفا بأن السائق ينتظرها .. علي الرغم من ضيقها وهي تشعر أنها ما زالت محاصرة في عرينة لكنها مسألة أيام وستخرج.

...ً........................................

كانت صداقتهم ممتعة ، في كل ظهيرة تذهب إلي المقهي وتعود عند المساء ، الجدة توقفت عن التحدث معها يأست هي الأخرى من الحديث بلا فائدة .

خرجت من المقهى وهي تتوجه إلى السيارة وقبل الصعود سمعت صوت تيم يصيح بأسمها 

- ليان إنتظري 


نظرت إليه بتساؤل لتجده يعطي في يديها بطاقة 

- هذا بطاقة من أجل    حفلة الجريدة ستقام آخر الأسبوع أي غدا 


ردت بهدوء وإبتسامتها تزين ثغرها

- كنت أود أن آتي ولكنني للأسف لن أقدر المرة القادمة 


- لا عليكي إلي اللقاء 

لاحظت نظرات السائق المتفحصة لهم  ، أجابت وهي تلوح بيديها مودعة

- إلى اللقاء 

صعدت إلى السيارة ، لتتحرك السيارة متوجه نحو المنزل 

...ً............................


- ماذا يفعل ذلك الحقير معها 


صاح بها بغضب تحت نظرات ستيفن الخائفة ، فسيده أصبح مزاجه حاد تلك الأيام 


أجاب ستيفن بتردد خشية أن يثور سيده 

- سيدي طوال تلك الأيام تذهب بصحبة السيدة ليلي إلي المقهى


مرر بأنامله على خصلات شعره بسخط ، ذلك الصحفي الحقير إقترب منها 


إلتقط سترته وبعض المتعلقات الهامة وهتف بجمود 

- إلغي مواعيد عملي اليوم وحول جميع الأوراق الهامة للسيد زيدان


...................................


كانت ترتب ملابسها وتضعه في خزانتها وهي تدندن بأغنيه رائجة في تلك الأيام ، شهقت بفزع  عندما وجدت الباب أغلق بعنف     إلتفت للخلف عندما إلتقطت أنفها رائحة عطره ،، عيناه سوداويتين وهيئته المرعبة وترتها ..  إنه في أشد حالات غضبه  


- ماذا تفعلين مع ذلك الحقير في المقهى 


- أتتجسس علي يا سيد زين 


أطاح بالمزهرية أرضاً و صاح بعنف وهو ما زال محتفظا بالمسافة الفاصلة 


- لا تجاوبين سؤال بسؤال آخر أخبريني ماذا تفعلين مع ذلك الصحفي 


ارتعدت أوصالها من هيئته الجديدة ، ظنته بارد المشاعر لا يضحك لا يبتسم لا يغضب الذي أمامها يشبه هيئة قطاع الطرق ،إرتدت بظهرها للخزانة وهي تبتلع ريقها بتوتر يجب عليها الحفاظ على هدوئها

- معذرة يا سيد ولكن ما دخلك ؟


- دخلي انني زوجك 


ضحكه ضحكة عالية وكأنها يجب عليها فعلها ، ضحكتها ساخرة متهكمة


- زوجي !! ، يبدو أن لوح الثلج قد تحدث الآن .. أتعلم إن سمعتك جدتي وأن تتحدث وتثور ستقول  إنك تغار عليّ


صمتت قليلا لتطالع معالم وجهه الجامدة همست بأسف 


- لكن للأسف حظي سيء مع الرجال ، أنت لا تغار يا سيد زين لأنك شخص بارد المشاعر جبل ثلج لن يتزحزح مع أشد وأعتى العواصف 


وتابعت بنبرة تحذيرية هذه المرة 


-أنت لا دخل لك بي إطلاقاً أفهمت لا تتدخل في شؤوني ليس لك الحق في التحدث معي مع الأشخاص الذين أقابلهم 


نبرتها كانت غضبا وحنقاً ، زادت شحنة الغضب لكلتاهما وهو ينظر إليها بنظرات متوعدة تهديدية 


- لن أسمح لكِ بأن تخرجي    مرة آخري مع ذلك الحقير 


همت بالحديث وهي سئمت من ذلك الوضع ليقاطعها صارخاً

- إخرسي 


ارتجف جسدها علي أثر كلمته ، سحقت شفتيها بألم وهي تطأطأ رأسها  للأرض 


- أتعلمين كنت أود أن أعاقبك على علو صوتك في الحديث معي ، لكنني في الوقت الحالي مشغول  تذكرى أنا لأ انسي ثأري أبداً 


خرج من الغرفة صافقاً الباب بعنف لترتمي على الأرض وهي تبكي على حظها العثر الذي أوقعها مع ذلك الرجل الغريب الأطوار .

...................................


أغلق باب مكتبه بعنف ، أنفاسه تعلو وتهبط كأنه كان في سباق الماراثون ، غضبه يغلي في عروقه  ، لم يستطيع أن يصب بكامل غضبه عليها ، كلماته أشبه بالسكين الذي يضغط علي جرح لم يضمد بعد .


أخذ يسب ويلعن نفسه ، يوجد حلين يؤدبها أو ... ترك كلمته معلقه 


ما الذي تفكر به يا زياد ؟  ، رمى بجسده على الأريكة وهو يغلق جفنيه .. الطريق صعب للغاية سواء قرر اللجوء إليه أو هي التي بادرت.


وماذا بعد يا زياد ، أفق من حالتك تلك قبل فوات الآوان ضميره يخاطبه مؤنبا ، قلبه يستميل والعقل يرفض 

صراع نفسي بل أشبه بمعركة وينتهي باللاشىء 

.......................................

- مرحبا بك يا سيده الحديدي شكرا علي حضورك لذلك الحفل ، كما تعلمين إنه حفل خيري لجمع التبرعات لمساعدة اللاجئين والأطفال 


هتفت بها سيدة في الثلاثينات من عمرها بأبتسامة عملية ، بادلتها ليان الابتسامة بتكلف لتتابع السيدة 


- انا أدعي سمانثا منظمة تلك الحفل ، بعد دقائق سنبدأ بسمع أطروحات من الجميع لكي 


- أأستطيع أن أشارك


هتفت بها بهدوء وهي تلقي بنظرة جامدة إليه .. نظرته ثاقبة جامدة متفحصة مترقبة من وجود اي شخص يقترب منه .. لا يعلم لما يفعل ذلك لكنه عقله يخبره ذلك لحمايتها من حديث الصحفيين ، راقبها وهي تصعد للمنصة وتعرف علي نفسها وضعت إسم عائلته بجانب إسمها وهي ترسل برسالة تحدي له ،


لاحت ابتسامه هادئة زينت ثغره تستخدم إسمه لا يعلم ما الذي تخطط علي فعله ،

انتبه على صوت أحد الأشخاص وهو يهتف

- سيد زين 


إلتفت إلي الرجل وتمتم بهدوء 

- مرحبا بك سيد ماكس 


- إعذرني على مقاطعتك لسماع خطاب زوجتك ولكن يجب عليك التحدث في أمر هام 


أومأ برأسه بتفهم ليلقي    ببصره علي الحارس المنزوي بعيداً عن أفراد الحفلة .. إنتبه الحارس علي نظره سيده الحازمة ، هز رأسه بهدوء ليلقي الحارس  ببصره علي حرم سيده منتبهاً متيقظاً .


إنتهت ليان من حديثها وهي تتحدث بلباقة 

- هذه هي فكرتي لمساعدة الأطفال أرجو أن تنال إعجابكم 


سمعت تصفيق حار من الجميع ، نزلت من على المنصة وابتسامتها تزداد إتساعاً وإشراقاً لم تكن تتوقع أن ينظرون إليها بذلك الأحترام !! هل ذلك بسبب زين ؟! 


حوصرت فجأه بين مجموعة من الرجال ليهتف أحدهم 

- أطروحتك رائع يا سيدة ليان سأخطط علي تنفيذ أفكارها وستكونين من تتمسك بأداره ذلك المشروع 


هتف رجل آخر 

- ستولد نجمة جديدة في عالم البيزنس 


كان لا يتركون لها فرصة في التحدث ، لم تجد سوى أن تبتسم وهي تومىء برأسها ، رمت ببصرها نحو موقع زين قبل الصعود للمنصة لكنه إختفى كالزئبق ..


تهكمت ملامحها  ماذا كانت تتوقع أينتظرها ويراقبها وهي تتحدث ويصفق .


لاحظت وجود الحارس الذي كان متأهباً للتدخل ، زجرته بعنف بنظرة واحدة  لتجده إبتعد في هدوء 


ما زالوا يتحدثون وأوشكت برأسها على الأنفجار ..

اتسعت ابتسامتها علي أحدهم وهو يلقي بدعابة وضحكت بصوت رنان 


صمت الجميع وهم يستمعون إلي زين الذي حضر فجأه 

- أعتذر ولكنني يجب التحدث مع زوجتي 


انفض الجميع من حولها .. رفعت حاجبيها بتساؤل وتعجب


- قضيتى أمسيتك الرائعة بصحبة مع الرجال أتمنى أن تكون الأمسية لطيفة


كان يهتف بها بجمود بنبرة باردة ..لتجيبه بأبتسامة خلابة

- الحقيقه نعم لقد كانت    الحفلة رائعة جدا معهم لا يوجد لديهم اى صفه تدل على الغرور كانوا لطفاء معي 

ليرد بسخرية 

- بالطبع سيكونون لطفاء بما إنك زوجة أهم شريك لهم 


جزت على أسنانها بغيظ شديد تود لو تصفعه ليفيق من ذلك الغرور ولكنها غيرت ما دار في ذهنها لترد بابتسامة باردة 

- وإن كان لكنهم يوجد لديهم إنسانية أستطيع أن أستغلها للأعمال الخيرية 


انتبهت على صوت أحد الأشخاص هاتفا

- سيدة ليان لقد سمعت بأطروحتك المذهلة وأظن أنه سيصبح لك مستقبل باهر فى ادارة الاعمال 


اتسعت ابتسامتها وهى تهتف 

- سعيده جدا يا سيدى  


غمز الرجل لزين هاتفا بمكر 

- يبدو انه ستولد سيدة أعمال بعد تلك الحفلة .. مبارك لكى يا جميلتى أتمنى لك التوفيق 


ملامحه ثابتة باردة ولكن رغم وجهه الجامد انفعالات جسده الداخلية توحى بغير ذلك إنه ليس بارد المشاعر .. بل إنه بركان على وشك الانفجار فى اى لحظه ..يستمع طوال تلك الليلة المشؤومة عن نظرات اعجاب و نظرات متفحصه و نظرات خبيثه التى تمشط جسدها بذلك الفستان النبيذي اللعين الذي يظهر منحنيات جسدها بأثارة لما لم يجعلها تغير ذلك الفستان اللعين !


أو لم اصطحبها إلى تلك الحفلة ... توقع ان لا تندمج مع تلك الحفلة رغم وجود الكثير من الاشياء التى تخدش حيائها ..


عشرة دقائق فقط بالثانية .. تركها لكي يناقش مع أحد رجال الاعمال ليعود ويراها وسط تجمهر عديد من الرجال وهى وحيدة ..ابتسامتها الجذابة التى توزعها لكل رجل بسذاجه .. لكن تضحك كفي حقاً ، إنها لم تفعل ذلك معه .


لمح العديد من النظرات المتفحصة على جسدها يتفحصونها برغبة وشهوة وهى كالبلهاء لا تعلم نظرات الرجال التى تحرقها ...ليزيد الطين بله بعد الحفلة ذلك المعتوهه وهو يمتدح زوجته وامامه ثم ينعتها بالجميلة أمامه ..


على الرغم من كونه غربياً إلا انه يشعر بدماء حارة تسير في أوردته .. سحب ذراعيها نحو الخارج غير عابئا باللتى كادت ان تسقط من شدة هرولته ...ما إن راءه السائق حتى سارع بفتح باب السيارة ووجه سيده لا يبشر بالخير إطلاقاً


قام بوضعها الى الداخل عنوه لتتأوه بشده وهي تهتف بغضب 


- انت متخلف

قام بالجلوس بجانبها واغلق السائق الباب خلفهم ليسرع إلى خلف المقود وسيده يخبره أن يعودا إلى البيت بأسرع وقت ..وبعدها قام بأغلاق الزجاج العازل لم يستمع الى مايحدث سوى همهمات لم يعد يهتم بل ما شغل عقله هو بأقصر وقت الوصول الى المنزل .


أمسكها من ذراعها بشراسة مزمجراً 

- هيا قولى إن كنت جريئة كفاية اعيدى ما سمعته بالانجليزية 


حاولت ان تبعد ذراعها من يديه الغليظة لتهتف بحنق فى محاولة بائسة للتحرر منه 

- ليست مشكلتي انك لا تتحدث العربية ابعد يدك عني 


فى اقل من الثانية جذبها إليه لترتطم الى صدره العريض ..

أصبحت قريبة منه لاول مره بعد فتره من الهجر  نعم ذلك الهجر الذي أصدره من    زواجهم .. تنظر الى عينيه الزرقاء الصافية التى تحولت الى قاتمة أنفاسه  الساخنة تخترق جلد عنقها حتى برغم الحجاب لا تعلم حركته تلك داعبت أنوثتها .


لاول مرة يصبح بالقرب منها متى كان قريبا منها الى ذلك الحد ... آخر مرة حدث ذلك في البيت القرية ..

تقسم انها تستمع الى صوت نبضات قلبه الصائحة

بإنفعال لينعقد لسانها عن التحدث وتنظر اليه بصمود

- إذاً يعجبك تلك النظرات الوقحة التي تتفحص جسدك وكأنكِ عارية أمامهم 


- أيها الوقح 

هتفت بها بتلقائية لتشعر بالألم فى ذراعها اليمنى من قوة قبضته لتتابع بحنق 


- ماذا يهمك إن كانا ينظران لي برغبة ام لا ..انت تعلم جيدا ما الذي جعلني ارتبط بك وايضا ما جعلنى أوافق على تلك الزيجة الملعونة .. لا أريدك أن تتدخل فى حياتى ليس من شأنك 


ليقاطعها بصيحة اخرستها 

- بلى من شائنى ايتها الغبيه انك ملكى لى فقط


- اننى لست سلعه حتى تخبرنى اننى ملكك انا لست مل..


ابتلع كلمتها فى جوفه وهو يقبلها لأول مرة كانت قبلته عاصفة هوجاء تحمل الكثير من المشاعر المتناقضة ثم ما لبثت ان اصبحت هادئة ناعمه يقبلها بحميمة !!


خانها جسدها من التحرر منه ...لقد قبلها ...انتهك عذرية شفتيها ...كفيه الدافئتين تحيط بوجنتيها وقبلاته المجنونة التى تنهك عذرية شفتيها ..أغمضت جفنيها وهى تحاول منع ذلك التأثير الذي يدغدغ انوثتها برقه ..

تحاول منع صوتها الداخلي    بأن تحيط عنقه وان تبادله قبلته وتشاركه فى جنونه .. كانت صامته وهو ما زال يوزع قبلاته على شفتيها 


مال على جانب اذنها وهو يهتف بحرارة 

- إنك ملكى يا ليان .

                   الفصل الرابع عشرمن هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>