رواية زوجتي الشرقية الفصل العاشر10 والحادي عشر11بقلم ميار عبد الله

 

رواية زوجتى الشرقيه يوسف و ليان

الفصل العاشر

بقلم ميار عبد الله 

- انت بتتكلم بجد يا شهاب ؟    وبعدين انا بقولك تتكلم معاها مش تبقى دبش وكمان يشوفكم بواب العمارة فى وضع لاسمح الله 


نطقت بها ورد المندهشة من ما يتفوه به شهاب .. لا تصدق الذى امامها فعل    كل ذلك ؟! .. تعلم شهاب جيداً لا يبدر منه اي من تلك التصرفات الهوجاء والطائشة !


غمغم فى ضيق واضح وهو يسب ويعلن ذلك المدعو بحمــدي !


- انا مكنتش اعرف ان ده هيحصل اصلاً او حد ممكن يظهرلي فجأه كده 


- ها كمل وبعدين عملت ايه بعد ما شافكم ؟ 

هتفت بها ورد بفضول وهي تحثه على استئناف حديثه وكأنها لا تعلم ما حدث بعد ذلك ! 


- قولتلك قبل كده .. معملتش ولا حاجه محستش بنفسى غير إني بقوله إني خطيبها 


شهقت ورد بصوت خفيض وهي تضع بكفها على شفتيها 


- يالهوووى المسأله اتلخبطت واتعقدت جداً يا شهاب ده مش بعيد بعد اللي قولته ده انها ي...


قاطعها بحنق 

- يا ورد بقالك اكتر من ساعه بتعيدي وتزيدى فى الكلام 


عدة ضحكات رنانة أطلقتها وهي تلعب بحجابها بمكر

- اصل انا لغايه دلوقتي مش مصدقة اللي انت عملته اصلاً ده لو حد غيرك حكالي مكنتش صدقته 


- واديني عملت ادي حلول بدل ما انتي بتسمعيني نفس الكلام 


حكت طرف ذقنها مصطنعة التفكير أمام نظرات عيناه الحانقة والمرتقبة 


- مش عارفه يا شهاب 


- نعـم قاعد معاكي بقالي ساعة وسايب شغلي وتقوليلي فى الاخر مش عارفه 


صدح صوته غاضباً امامها وهو يسب ويلعن بكلمات بذيئة على فعلته المتهورة ... شدد بأنامله على خصلات شعره محاولاً أن يجد حلاً ...


راقبت انفعالاته وسكناته تشعر أنه ما زال كالطفل الصغير من يريد أن يرشده إلى الطريق الصحيح ... شق ابتسامه أخذت طريقها إلى شفتيها وهي تفكر وتعيد وتحلل ما قاله .. 


عندما لم تصل إلي الحل فى الوقت الحالي هتفت بابتسامة عريضة 


- استهدي كده بالله وعدي اليوم على خير و هتتحل بأذن الله .. انت روح شغلك دلوقتي وانا ههحاول اشوف حل 


رد بضيق وهو يشعر بضيق يكتم أنفاسه 

- لما نشوف يا ورد 

........ّ.................................

تتوالى الأيام وتتبعها الليالي وكل يوم تؤكد حدسها انها تهورت او تورطت بتلك الزيجة .. منذ آخر مقابلة لم تراه بعد ذلك اليوم .. تطلعت إلى الرقم الخاص به فى هاتفها .. تذكرت عندما أخذت رقمه من حمزة وهي تشعر بأن الأرض سوف تبتلعها بسبب نظراته الماكرة والغامضة ..


تريد محادثته .. عده دقائق في محاربة بينها لمهاتفته وبين عقلها بعدم مهاتفته ...  صراع كبير جعل عقلها يفوز من الجولة الأولى .. تأففت بحنق وهي ترمي بهاتفها على احدى الطاولات وهي تزجر نفسها ماذا ستخبره ؟ قد مر على زواجهما أكثر منذ شهر والليلة سترحل عائلتها بعد أن قام الطبيب بالتأكد من عدم وجود أي مضاعفات ..


إن كان سيفعل ذلك معها ويتركها بمفردها .. سترحل مع عائلتها .. ستفر هاربة منه ومن ذلك المكان الغريب ولكنه لن يتركها .. تعلم بل متأكده بأنه لن يسمح لها بأتخاذ أي خطوة خارج تلك المدينة .


وضعت كلتا كفيها على وجهها وهي تستسلم إلي ذلك المصير المجهول .. طريق مظلم لا تعلم اين بدايته وأين نهايته ؟  ولا يوجد معها سوى مصباح صغير يجعلها ترى فقط ما اسفل قدميها وبالكاد ترى ما أمامها على بعد مترين  .. تتخذ خطوات بطيئة جداً. 

- يا رب 

تفوهت بها فى سرها وهي تناجي ربها .. لا ملجأ لي سواك يا الله 

استجمعت شتات نفسها وأخذت تسحب أكبر كمية هواء الي رئتيها لتستعد لمواجهته اليوم .. اليوم سيأتي وبعدها سيصطحبها إلى عائلته كما أخبرها حمزة 

ابتسمت بتهكم .. تعلم أخباره من حمزة ... حمزة مجرد همزة الوصل بينهما .

............................

توقفت سيارة فاهرة عند البوابة الرئيسية للمبنى آسفه بل ناطحة سحاب مبني شاهق وضخم تعتبر من أهم الشركات الرئيسية فى لندن للتجارة العالمية ..  تتبعها عدة من سيارات الدفع الرباعي خلفها ... ليسرع السائق يترجل من السيارة وفتح الباب الخلفي لسيده .. ورجال الحراسة الخاصة هبطوا من السيارة وكلا منهما يتخذا موقعه 


ترجل زين ببذلته السوداء واضعا نظارة قاتمة على عيناه وفي يده اليمني يحمل حقيبته السوداء .. 

هيئته تخطف الأنفاس وتسرق قلوب الكثير من النساء .. تعبث أيضا مظهر رجولي طاغي وجاذبية مهلكة ..


بخطوات رشيقة يتبعه حارسان للداخل ، فتح رجل الأمن الباب على مصراعيه    ليدلف رب عمله الي الداخل وجميع العاملين الذي يعملون كخلية النحل توقفا لمرور سيدهم إلي    الممر المؤدى إلي المصعد 


ضغط الحارس الشخصي على الزر الطابق قبل الأخير  ... سلط ببصره على الساعة الباهظة المعلقة على رسغه ثم سلط ببصره إلى الشاشة الصغيرة وهو يراقب صعود المصعد إلى الطابق المنشود ..


فتح المصعد ليخرج ويتبعه الحارسان .. هرع شاب وهو حامل عده ملفات فى يديه يواكب خطوات رب عمله 

- صباح الخير سيدي 


هز زين رأسه 

- صباح الخير ستيفن 


صمت دام لعدة ثواني هتف زين بجدية وهو  يخلع نظارته 

- اطلعني على جدول اعمال اليوم 


توقفا الحارسان عند الباب ليسرع ستيفن بفتح الباب ويغلق الباب خلفه وكلا من الحارسان يتجهان إلى مواقعهما المخصصة 


وضع حقيبته علي مكتبه الزجاجي وجلس على مقعده الوثير وبدأ يتفحص الاوراق بتمعن شديد


- جدول اليوم غير مزدحم .. لقد نقلت بعض الملفات للسيد زيدان كما اخبرتني .. بعض نص ساعة سيعقد إجتماع مع السيد جورج وعند الساعة الثانية عشر ظهراً سيأتي وفد الشركة الصينية 


أومأ زين رأسه وتابع بعملية بحته 

- انت تعلم انني سأذهب للقرية فى ذلك الأسبوع 


-نعم سيدي لا تقلق سأحول الملفات الهامة للسيد زيدان كما أخبرتني من قبل 


صوت صيحات عالية لأول مرة تحدث فى مكتبة ليهب من مجلسه واقفا ويتوجه نحو تلك الجلبه ..


- واللعنة هل جننتي ؟ هل تعلمين من أنا ؟ سأخبر رئيسك ليقوم بطردك ايتها الحمقاء 


ردت الفتاة بتهذيب وهي تحاول منع السيدة من الدلوف إلى مكتب رب عملها


- سيدتي أرجوكِ  لا يصح اختراق القوانين 


رفعت أصبع السبابة بتحذير نحو الفتاة 

- حسابك عسير يا فتاة 


همت الفتاة برد عليها وهي تختار ألفاظها بعناية فائقة فالتي أمامها فتاة صارخة الجمال وهيئة ملابسها تدل علي أنها فاحشة الثراء 


- ليـــلي !! ماذا تفعلين هنا ؟ 


هتف بها زين عند مقدمة باب غرفته وعلامات التساؤل والحيرة مرتسمة على ملامح وجهه

لانت ملامحها الشرسة بمجرد ما رأته لتتوجه نحو وتلقى بنفسها نحو ذراعيه .. غمغمت بنبرة معاتبة 

- هل هذا أول ما تقوله عندما يأتي من السفر ؟ 


شبه ابتسامه صغيرة لاحت علي شفتيه ليبتعد عنها بهدوء 


- لأنك قلتي لي انك ستعودين فى الاسبوع القادم ولكن اين آدم ؟


مطت شفتيها هاتفه بضيق زائف 

- لقد قررت أن أجعلها مفاجأه ومن الواضح انها لم تعجبك 


- ليس كذلك .. هيا لتتوجهي معي إلى الداخل 

هزت رأسها نافية 


- كلا سأذهب إلي المشفي لرؤية ليان .. لكن يا سيد زين كن متيقظاً فأنني اراقبك جيداً كن حذراً 

لم تنتظر رده لتمسك بحقيبتها وتخرج من المكان بهدوء وهي عازمة على أن تعلم ما حدث فى غيابها .

...............................

جالسة على المقعد بأعين حائرة مترقبة متوترة خائفة .. لا تعلم أي شعور هو الطاغي ولكن الشعور الخوف هو النصيب الأكبر ..


قطع شرودها قدوم الطبيب حامل فى يديه الملف الذي سيحدد حياتها بل مصيرها بأكمله ..


تطلعت إليه بنظرات مترقبة حتى جلس على المقعد .. تتفرس فى ملامح وجهه .. ملامحه جامدة صارمة لم تستطيع ان تحدد الأجابه 


- طمني يا دكتور سلبي مش كده 


نطقتها ولو بمقدار ذرة أمل صغير .. لقد أخبرها فى المرة السابقة قبل عمل التحاليل انه شاك من وجود ذلك المرض المميت 


- اسف يا آنسه ورد التحاليل طلعت إيجابية سرطان فى الدم 


هتف بها بأسف شديد ، كان يريد انتقاء ألفاظ أفضل من تلك ولكن لا يعلم كيف نطقها هكذا أمامها 

الدموع متحجرة فى مقلتيها لترد بصوت مميت 


- يعني مفيش امل مفيش علاج مفيش اي حاجه ؟!


طأطأ الطبيب برأسه آسفاً .. علي الرغم انه تأتيه الكثير من تلك الحالات إلا أنه فى كل مره يجد الصعوبة في تلفظها .. كيف يخبر لشخص أمامه انه يوجد لديك عدة أيام لتغادر تلك الحياة !


تمتمت فى خفوت وهي تنهض من مقعدها 

- شكرا يا دكتور عن إذن حضرتك 


أخذت ملف التحاليل وغادرت فى هدوء وهي لم تلقي بالاً بندائه المتكرر  .. أطلقت العنان لدموعها حينما غادرت العيادة جلست علي اول درج قابلتها وهي جالسة القرفصاء .. كانت تعلم أنها ستغادر ذلك العالم ولكن كانت تحمل مقدار ذرة أمل صغير .. لم تعبأ بالأشخاص الذين ينظرون لها بشفقة أو بتهكم على جلستها فى المكان العالم ..


قامت من مجلسها وهي تمسك بهاتفها وتهاتف الشخص الوحيد الذي ما زال واقفاً فى صفها 


- ألو شهاب من فضلك عايزة اقابلك ضرورى 


رد الآخر وهو يلاحظ تغير نبرة صوتها .. هلع قلبه 

- ورد في ايه طمنيني ؟ حصلك حاجه ؟ 


أجابت بهمس 

- شهاب من فضلك مش    دلوقتي هقابلك فى الكافيه اللي رحناه قبل كده سلام 


أغلقت هاتفها وهي تمسح دموعها بكفيها ... قامت من جلستها وفي يديها ذلك الملف الذى قام بتحديد مصير حياتها للأبد.

............................

احتضنتها بلهفة واشتياق وهي لا تصدق حتى الآن أنها تزوجت أعز صديق لديها 


- حان الوقت لكي أبارك لكي يا عزيزتي رغم إنني لا اصدق حتي تلك اللحظة أنك تزوجتي 

ابتسمت .. لا يوجد حل سوى أن تبتسم .. إبتسامة عريضة مكلفة هذا هو ما ستفعله ..


تمسكت ليلي بذراع ليان وهي للمرة الألف تهتف 

- حمدلله علي سلامتك يا سيد إبراهيم 


رد إبراهيم بأبتسامة واسعة 

- سلمتي يا حبيبتي 


اتسعت ابتسامة ليلي وهتفت 

- والآن اعذراني سأقوم بأخذ تلك الجميلة وسندردش قليلا معذرة 


اومأ إبراهيم برأسه إيجاباً .. أما سعاد ما إن أغلق الباب وبات الان الوضع هادىء فى الغرفة مع عدم وجود سارة التي لازمت مرافقة حمزة طوال الوقت 


- طمني بقي يا ابو البنات قلبي واجعني علي بنتي هنسيب بنتنا فى الغربه دى يا ابو البنات 


أمسك إبراهيم بيديها وهتف بنبرة واثقة مطمئنة 

- اطمني يا سعاد كل حاجة هتبقى كويسة


غمغمت برفض وهي حتى الآن لا تعلم ما تلك الثقة الكبيرة التي يخزنها في داخله


- برضه يا حاج انا عايزة اطمن عليها 

- ما انا طمنتك يا سعاد كل حاجه هتبقى بخير بأذن الله 


ثم تابع مغيراً مجرى الحديث 

- شوفي فين سارة 


- قاعده مع حمزة من أول ما جه 

هتفت بها بغيظ مكتوم لينفجر ضاحكا وهو يرى معالم وجهها الحانقة


- براحة يا جميل ليطقلك عرق و احنا مش ناقصين كفاية انا 


شبه إبتسامه لاحت علي ثغرها تبعها عدة ضحكات متتالية مشاركا إبراهيم معها فى الضحك 

- آخ منك إنت يا حج 

.....................................

أغلقت الباب خلفها وهي تراقب الطريق الخالي من المارة لتقوم بوصد الباب عاقدة ذراعيها 

- يجب أن افهم والان ما الذي حدث  معك منذ سفرى 

لم تعهد منها تلك النبرة الجافة معها قالت  بعدم فهم 

- ليلي لا أفهم عن ماذا تتحدثين حقا 


- كفى يا ليان لا وقت للمراوغة الآن اشرحي لي ماذا فعل وماذا حدث لكي تتزوجيه 


قالتها بغضب جام وهي تشعر بأنها أم تنتظر مبرر ابنتها 


- ليلي اهدئي لم يحدث شيء حقا لقد عرض علي الزواج ووافقت 


مطت شفتيها بعدم تصديق 

- حقا !! اتقولين لي قام بدعوتك لطعام العشاء وفى النهاية جلس علي إحدي    ركبتيه وأفصح عن حبه واخبرك انه لا يقدر العيش بدونك وعرض الخاتم أمامك


حسنا لم يحدث أي شىء منذ ذلك .. كانت محاصرة فى الحائط وهو أمامها بهيئته المهلكة عارضاً بل آمراً بالموافقة على الزواج


لوحت ليلي بكفها امام وجهها 

- هيا يا فتاة لا وقت الآن للشرود اريد ان اعلم كل تفصيلة صغيرة عما حدث معك 


ومع ذلك لم تمنع أن تخجلها هامسة  بمكر

- ماذا هل كانت توجد قُبلة أثناء عرضه للزواج ؟!


كلا يكفي ليس الآن .. ليلى لن تتوقف عن وقاحتها حتى بعد الزواج


- ليلي توقفي ما هذا الهراء 

اتسعت  أعينها بمعالم صادمة وما زالت علي نفس وتيرتها 


- ماذا يا فتاة إنني أتحدث عن قبلة يتيمة لماذا أحمر وجنتيك الآن ... يا الهي ماذا فعل ذلك الشقي معك ؟ هل ا اا 


- ليلــــي !!


صاحت بها بحده كبيرة ووجنتيها تشتعلان من الحمرة القانية .. صيحتها جعلت ليلي تصمت عن الحديث 


لحظة من السكون عم    المكان وهي ما زالت على حالها .. تلتقط أنفاسها بصعوبة .. لترد بسخط أمام أعين ليلي المرتقبة 


- ستظلين وقحة يا ليلي لن تكفي حقاً ظننت ان الزواج سيُقوم سلوك ولكنني أخطأت 


عدة ضحكات رنانة أطلقتها ليلى باستمتاع 

- اووه عزيزتي ليان إنني أشفق عليكى .. الرجل الغربي يريد ان يرى الفتاة الوقحة معه عندما يكونون بمفردهم 


رجل غربي !! هل قالت رجلاً غربياً ولكن ماذا عنه هو ما يريد ؟ ما كانت صفات الفتاة التي سيتزوجها .. بالطبع لم ولن تكون هي .. لقد جاءت فى حياته وسط الاعصار لتتنهد بقلة حيلة وهي سئمت من تُحلل بمفردها شخصيته .. تريد أن تعلم عنه كل شيء 


- أخبريني ليلى كيف كانت حياة زين 

لأول مرة تنطق إسمه بدون خجل .. يجب عليها ان تعتاد حتي لا تستدعي الشك لأحد أليس كذلك ؟ 

تنهدت بحرارة 


- القصة طويلة يا ليان 

ثم نظرت إلى الساعة المعلقة في رسغها

- أخبرني حمزة ان زين سيأتي بعد قليل هيا استعدي ستذهبين لمقابلة عائلته


هتفت بتوجس وريبة 

- هل تتوقعين انهم سيقومون برفضي 


هزت رأسها نافية و ابتسمت باطمئنان

- تقصدين الجده كلا عزيزتي انها كانت تلح عليه منذ فتره طويلة ليتزوج     وما إن علمت بذلك حتى أصبحت تعد الأيام والليالي لكي تقابل الفتاة المميزة التي جعلته يتزوجها على    الفور دون حتى عقد خطبة 


بللت شفتيها بتوتر وبنظرات أعين زائغة تنظر للغرفة بشرود .. 

- ولكن أين والده ووالدته ؟


اتسعت أعين ليلي زهولاً مرت بعدة ثواني ثم هتفت بحزن

- لقد توفوا ولم يعد لديه أحد سوى جدته وعمه واولاد عمه 


لاحظت نظرات ليلى المنصعقة و المستنكرة وكأنها تخبرها هل تمزحين ؟ ألا تعلمين حقا عنه أي شيء ؟! .. قررت ان تصمت وعدم إصدار أي حماقة أخرى.


لعنة الله عليك يا زياد الا تعلم الفتاة عنك شىء ؟! هتفت بها ليلي وأسرتها فى نفسها وهي تطالع ليان التي تفرك يديها بتوتر وتشيح بنظرها عن مرمى عيناها لتبث في قلبها الاطمئنان


- لا تقلقي الجدة جميلة كالورد ستحبينها بل ستعشقينها تبدو صارمة في بعض الأحيان ولكن لديها قلب طيب كنقاء الورد


جدته هي المفتاح لكي تدخل عالمه .. بل هي النور المضىء وسط الظلام الدامس .    . هي الوحيدة التي ستقدر على إرشادها للطريق .. ولكن هل أخبرها من هي ؟ انها شرقية !! هل ستتقبلها أم لا ..

يا إلهي يا ليلي جئتي ولم تجعليني أن أطمئن بل جعلتيني أزداد تساؤلات أكثر .

.................................

- بتتكلمي بجد يا ورد ما يمكن التحاليل لشخص تاني 

نطق بها شهاب وهو يتذكر عندما نهض من مقعد مكتبه ويقود سيارته الخاصة بالشرطة ليتوجه إليها فى أسرع وقت ممكن 

ردت ورد بهدوء 

- لا يا شهاب التحاليل مضبوطة 


عاجلها بسرعة وهو يرى هدوئها الذي يستدعي الشك

- طب ما يمكن يكون فيه علاج يا ورد 

هزت رأسها نافية


- لأ مفيش للأسف أكتشفت المرض متأخر العلاج مش هيأثر


- طب وبعدين انتى ازاى محستيش بالاعراض اللي بتجيلك يعني مش ممكن من يوم وليلة حصل الكلام ده 

قالت بلا مبالاة 

- الاعراض جاتلي من فترة طويلة كنت بحس بصداع رهيب مش بيهدي حتى مع الأدوية وكنت بكح جامد كنت فكراه دور انفلونزا قوى غير اني ساعات بحس بالام في الضهر وحاجات تانيه لما حسيت الموضوع طول معايا رحت علي الدكتور وقلتله الاعراض اللي بتجيلي خلاله يشك من حاجه لحد ما قالي هنعمل التحاليل ونتأكد من الموضوع وطلعت التحاليل النهاردة 


رد بحنق وضيق يعتري معالم وجهه من تلك الباردة بل من كتله الثلج تخبره انها يتبقى لها أيام معدودة فى تلك الحياة .. 


- إنتِ مالك كده عندك برود مش طبيعي 

هتفت بهدوء مميت وهي ترتشف العصير الطازج

- عملت ايه مع ندي ؟


صاح بغضب  خابطاً بكفه على الطاولة 

- انا بحكي فى ايه وانتي بتقولي ايه ورد احنا فى موضوع مهم 


حركته جعلت يدها ترتعش رغما عنه ..لتضع الكوب على الطاولة وهتفت بتفكير زائف


- وانت تفتكر موضوعي يتحل ازاى ؟ موضوعك اهم مني ركز انت في ندى وانا هعرف اعمل ايه كويس فى ايامي المعدودة


حاول كبت غضبه بقدر الامكان حتي لا يفتك بها

- والله حاسه إنك رايحه رحلة


ردت بألم يزحف إلي قلبها 

- ما انا فعلا رايحة رحلة بس رحلة ذهاب بلا عودة 


تنهد بحزن شديد وهو لا يعلم مالذي يفعله فى الوقت الحالي ؟  شعور لثاني مرة يختبره وهو يرى ثاني شخص يرحل أمامه وهو مكبل اليدين

- حد عرف ؟


هزت رأسها نافية 

- انت بس 


- وناوية تعرفيهم ولا مش همك حد


هتف بها بشبه إستهزاء 

- لا طبعا يا شهاب محدش هيعرف انت الوحيد اللي عارف بالموضوع ده 


- كمان يا ورد مش هتخلي حد يعرف انت بتفكري بأي عقل أو منطق ؟


أجابت بلا مبالاة وبدون وعي تحولت نبرتها لأخرى صائحة منفعلة


- العقل والمنطق بيقولي ان اللي بعمله صح ، عايزني اقلهم ليه قولي اديني سبب بسيط .. كرهت كل اللي حواليا بسبب غبائى وانانيتي تتوقع أن أول ما اقلهم يلا سامحوني انا عندي كانسر هياخدوني بالاحضان مثلا !! تفتكر يا شهاب ؟ انا ما افتكرش 


قامت من مجلسها وهي تأخذ حقيبتها ليعاجلها وهو الآخر يقوم من مجلسه


- رايحة فين ؟ 


اجابت فى غموض 

- هعمل ولو حاجة صح فى حياتي 


رحلت وهو يراقبها بأعينه حتى إختفت عن مرمى بصره .. زفر بحرارة وهو يحك عنقه .. وضع النقود على الطاولة وخرج هو الآخر     وهو يحاول جاهداً ان يعلم كيف تفكر .. إنها جامدة أمامه لم تهتز أمامه لم تضعف .. كانت صلبة    كالصخر من الخارج ولكنه يعلم جيداً  الانهيارات التي في داخلها .

.....................................

رحلت ليلى تبعها رحيل عائلتها .   . لتجده بعد توديع عائلتها يتمسك بيديها ويتوجها إلى سيارة التي تنتظرهم .. 


جلست بجواره وهي    تشعر بتذبذبات قلبها .. عبق رائحته منتشره بكثره فى السيارة .. لا تعلم كم من الوقت ظلت السيارة متحركة تشق تلك المدينة بزحامها متجه نحو     إحدى المناطق الزراعية الخلابة .. علي الرغم من ضيقها من عدم مشاركته معها فى الحديث إلا أنها نفضت تلك الأفكار وهي تنظر إلي الطبيعة الساحرة من خلف النافذة .. عيون منبهرة وهي تراقب الغروب  صمت هادئ عكس ضجة المدينة ومساحة خضراء شاسعة أسرتها ..


دلفت السيارة داخل البوابة الحديدية الضخمة تتبعها السيارة الخاصة به للحراسة     .. المنزل يشبه كثيرا القصر فى مصر .. لكنه مختلف ذلك المنزل يوجد به العديد من الخادمين يوجد بها حركة كثيرة عكس الآخر الساكن.


أوقف السائق محرك السيارة ...    ليسرع مهرولاً وهو يترجل من سيارته ليفتح الباب الخلفي .. ترجل زين تبعته ليان وهي تنظر ما    حولها بترقب شديد .. بيت كلاسيكى قديم مكون من طابقين  لكنه ضخم .. ضخم للغاية ويوجد بعض الخادمات أمام مقدمة المنزل 


شعرت به يمسك بكفها للمرة الثانية ليتجه نحو تلك الدرجات المؤدية إلى باب المنزل .. يديه دافئة ناعمة


نفضت تلك الفراشات التى تسبح على معدتها عندما رأت سيدة أنيقة رغم تخطيها السبعون تستند علي عصا خشبي .. ملامحها تشبه كثيرا لملامحه ... هذا يعني انه قد أخذ كثيراً من ملامح والدته.


أعينها زرقاء تشبه كثيرا .. وجهها ابيض رغم وجود التجاعيد لكنه ما زالت محتفظة بقدر كبير من الجمال وعلى الرغم اشتعل رأسها شيباً إلا إن تلك الخصلات الفضية زادتها ابتهاجا وإشراقاً.


يتوجهان نحو بخطوات بطيئة اما هي التي تشعر أن الوقت لا يمر بسرعة ؟!! بعث قلبها رهبة وهي تري أعينها المتفحصة نحوها لاحظت تلك النظرة المندهشة عندما تطلعت إلي هيئتها .. وعلي الرغم انها ازالتها سريعا لكنها حُفرت فى عقلها يبدو بل مؤكد انها لن تتقبلها ابداً ...


- مرحبا جدتي 


هتف بها زين بأبتسامة مشرقة جعلت الجدة ترد

- مساء الخير حبيبي هيا أسرعا لقد حان وقت العشاء 


أومأ بتفهم 

- سأكون في غرفة المكتب يوجد بعض الأشياء التي سأراجعها 


ماذا أي أعمال الآن هل جننت !! هل ستتركني بمفردي نطقت بها في سرها وهي    تراه يدلف إلى الداخل بخطوات رشيقة حتى إختفى عن مرمى بصرها  


تطلعت إليها الجدة بابتسامة حانية 

- هيا يا جميلتي إصعدي لكي تغيري ملابسك لقد إنتظرتكم كثيراً 


لا تعلم مالذي عليها فعله وهي تري الجميع يدلف للداخل .. تيبست قدامها عن الحركة 


هتفت الجدة بتعجب وهي تراها ما زالت على وضعها

- ما الأمر يا عزيزتي ؟ لما توقفتي ؟


تلعثمت في كلامها وهي تتمتم 

- لا شيء اا..انا اا....اريد 


ضحكت الجدة لتمسك بيدها وتدلف معها للداخل 

- هيا سأعرفك أنا على غرفتكما 


توجهت بها إلى الطابق العلوي .. لتسندها ليان وهي تهتف برقة


- لا عليكي يا جدتي سأصعد بمفردي لا اريد أن اتعبك 

نطقتها جدتي بسلاسة .. تبدو لطيفة نوعاً ما لقد توقعت انها لن تتقبلها ما إن ترى هيئتها لكنها لم تفعل 


غمغمت الجده بضيق وحدة زائفة 

- ماذا أتراني عجوز أمامك ؟


اتسعت بؤبؤ عينيها وهي لا تعلم كيف إنقلبت مائة وثمانون درجة هكذا لتتابع الجدة  بمشاكسة 


- اووه عزيزتي يبدو إن ستتعبين حتي تتقبلي تغيراتي المزاجية هيا لقد تبقي عشر درجات 


صعدت معها وهي متعجبة من تغير مزاجها .. توجها إلي إحدي الغرف آسف بل عبارة عن جناح .. كل شيء به عصريا للغاية يناقض المنزل بأكمله الوان هادئة للعين ..


انتبهت على الجدة وهي تعطيها ثياب 

- هيا ارتديه .. اسفه لا يوجد غير ذلك الثوب .. إنه ثوب قديم لي اعتقد انها ستلائمك  ..لقد تأخر السائق لجلب حقائبكما .. أسرعي سأنتظرك  


لم تنتظر الجدة ردها لتجدها خرجت الغرفة بهدوء  غالقة الباب خلفها وتتركها وحيدة .    . شهقت بفزع وهي تتفحص الثوب ... آسفه ليس ثوب عادي بل عبارة عن ثوب فاضح .. توردت وجنتيها وهي تتفحصه ثوب مخملي الملمس .. قصير ... بل قصير جداً بالكاد سيصل إلى ركبتيها ..    سحقت شفتيها وهي لا تعلم أسترتديه أم تكتفي بملابسها وتنتظر السائق حتى يأتي بملابسها المحتشمة.


عندما لم تجد حلاً غير أنها ستضطر إلى ارتدائه توجهت إلى الحمام الملحق بالغرفة لتنعم بحمام دافيء وتغير ملابسها وترتدي ذلك الثوب الفاضح بالنسبة لها .. أغمضت جفنيها ثم فتحتهما وهي تري هيئتها في المرآة ذو فتحة مثلثية قصيرة تظهر عظام ترقوتها .. حمالات عريضة نوعا ما .. لكنه ليس ضيقاً بل جيد للغاية  


امسكت بالمنشفة وهي تجفف شعرها وتتوجه نحو الخارج.


سقطت المنشفة ارضاً وهي تراه أمامها يرتدي بنطاله فقط .. متى آتي الم يقل انه سيكون في غرفة المكتب .. بلعت ريقها بتوتر وهي تراه يترك القميص جانباً و يتفحصها بهدوء وتمعن من رأسها إلى أخمص قدميها وعيناه تتوهجان بنظرة لامعة  

قالت بغباء 

-  لماذا تنظر إلي هكذا ؟ 


توجه نحو بخطوات هادئة وهي ما زالت متيبسة .. وكأن غراء قوي ألصقها في الأرض ومنعها من الفرار

- ما هذا الذي ترتديه ؟


همس بها بجانب أذنها وانفاسه تلفح عنقها .. طبع قبلة صغيرة على وجنتيها جعلتها تغمض جفنيها وتهتف ببلاهة 

- ها ؟؟


ابتسامة صغيرة شقت ثغره .. انامله أخذت طريقها إلي خصلاتها الفحمية .. لم يكن يعلم انها فاتنة .. علي الرغم من انه تفحصها لعده مرات لكنه لم يتخيل انها ستتجرأ على تلك الخطوة الآن .  


نظر إلي ذراعيها وساقيها المرمريتين ثم جال ببصره إلي شلالات شعرها الفحمية التي تخطت خصرها بقليل .. منجذب بل منسحر بها بكل تلك الهيئة الجديدة عليه لم يكن يعلم انها متفجرة الانوثة ..


أمام كل تلك الهيئة التي دغدغت رجولته لا يوجد سوى أن يفعل ما يأمره عقله .. والآن !!


هتفت بتلعثم وهي تراه    يدنو نحوها بخطوات بطيئة للغاية وكأنه يختبر ان كانت تود قربه ام لا 

- جدتي .. ا ا ا الغد دد ااء

اصمت شفتيها بسبباته .. ابتلعت ريقها بتوتر من الخطوة القادمة !


الحلقة 11 


#زوجتي_الشرقية


الفصل الحادي عشر 


يراقب كل أنش .. كل تفصيلة صغيره .. وكأنه يكتشفها للمرة الاولي !!

تقابلت الأعين للحظات .. لغة العيون بهما سحر خاص يكتشفه لأول مرة ..  بندقيتها خائفة بل مرتعدة ومترقبة لأي خطوة سوف يتخذها .


أشاحت بعيناها للجهة الاخرى وهي تنهي ذلك الحوار الذي دار بلغة الأعين .. أخفض بصره متابعاً حركة مرور  قطرات الماء التي تهبط إلي عنقها ثم يختفي بين ثنايا صدرها .. يقسم إنه يستمع إلي صوت نبضات قلبها التي تدوي بعنف بين قفصها الصدرى .. صدرها يعلو ويهبط بسرعة مهولة ..


- لما تأخرتي يا عزيزتي 

هتفت بها الجدة وهي تقتحم الغرفة تضرب بعكازها علي الارض .. علامت الأندهاش إعتري وجهها وهي تري زين في الغرفة

- انت هنا ؟! لقد كنت أظنك في غرفة المكتب 


ازاحته كرد فعل طبيعي وتقدمت نحو الجدة تتمسك بيديها

- لقد إنتهيت يا جدتي هيا 

رمت ببصرها إلي زين الواقف عاري الصدر صاحت  بخبث

- يبدو إنني قد قطعت عليكم لحظاتكم ؟ أليس كذلك !!


تتمني فى تلك اللحظة أن تنشق الأرض وتبتلعها .. علقت ببصرها نحوه لتجده يلتقط قميصه ويتوجه نحو الحمام دون أن ينبس ببنت شفه ..

- هيا يا جدتي لننتظره بالاسفل


هتفت بها وهي تحاول أن تبدو نبرتها هادئة .. لكنها خرجت مهزوزة بعض الشيء وهي تبتعد عن مرمى أعين الجدة المتفحصة ..

....................................

- يوسف 

هتف بها عمار بصوت جهوري ليسترعي إنتباه ذلك الشارد .. رمقه يوسف بتساؤل 

- خير 


جلس بجواره وهو يبذل بأقصي مجهوده أن ينتشله من الطريق اللاعودة 


- هيجي الخير إزاي وإنت     بالمنظر ده .. ما تفوق يابني شوية الحياه مبتقفش عند حد 


ابتسم يوسف بتهكم وهو يلتقط علبة لفائف التبغ  ويشعل واحده 


- إلا ليان يا صاحبي 

توتر عمار وقلبه يزداد يقينا من الكارثة التي ستحدث


- يوسف فوق اللي بتتكلم عليها ديه إتجوزت متتهورش يا يوسف وتندم علي اللي هتعمله


إتسع أعين يوسف قائلا بحده

- وانت فاكر ان انا حيوان للدرجة ديه يا عمار انا لا يمكن ائذيها يا عمار مقدرش انا بس كنت غبي وحيوان ودفعت تمن غبائى كويس 


- طب ليه سيبت كل حاجه وجيت إسكندرية ليه 

هز يوسف رأسه بلا مبالاه وهو يطلق الدخان من جوفه


- كنت فاكر إن كل ما هبعد هنسى وهبدأ حياه جديده بس إفتكرت إن انا غلطان 


ربت عمار علي ذراع صديقه 

- طيب يلا قوم الجو برد علشان مناخدش برد 


قام الآخر من مجلسه بأستسلام وتفكيره منصب علي بداية حياة جديدة .. عليه أن ينساها وينسي الأخري وسيسعي لنجاح ذلك.

...............................

إبتسمت بمشاكسة وهي تنظر إلي غرفتهم التي زينها آدم

- يبدو أن حبيبي لا يضيع أي وقت 


سحبها من ذراعها ليضمها لصدره متمتما براحة


- لا وقت للفرار عزيزتي .    . ما فعله زياد تلك الايام الماضية سأقوم بتعويضها .. لا اريد سماع اي شيء صوت سوي نبضات قلبك 


دفنت برأسها إلي عنقه وهمست

- أحبك كثيراً آدم 


ضمها آدم بحب وذراعيه تكبلان خصرها

- وانا ايضا حبيبتي 


إبتعدت ليلي فجأه وكأنها إستيقظت للتو من الكابوس 


- هل سيقضي حقاً زياد لمده أسبوع فى القرية


هز رأسه بيأس ضارباً بكفه علي جبهته 

- حقاً انتِ لاتصدقين سأقضي ليلتي بين الاوراق أفضل من جلستك وداعا


رمشت بعيناها عده مرات وهي تراه يلتقط سترته من الفراش ويخرج من الغرفة بخطوات يتآكلها الغضب ، لتركض خلفه وهي تحاول ان تلاحقه قيل أن يخرج من المنزل 

- آدم انتظر قليلا 


صوت إغلاق باب المنزل جعلها تتوقف عن الركض .. لتمتم بسخط وهي تدب بقدمها علي الارض 

- انت الخاسر يا عزيزي استمتع بسهرتك مع الاوراق اما انا سأذهب لمشاهدة الحلقة الجديدة من المسلسل المفضل لدي


توجهت نحو المطبخ وهي تقوم بعمل وجبه سريعة قبل موعد المسلسل ..لتهرع نحو التلفاز وتقوم بتشغيله وهي تمتم براحه 

- جيد لقد بدأ 


فقدت بريق حماس متابعة المسلسل  بسبب عدم وجوده لتلتقط هاتفها وتبعث برسالة قصيرة عبر تطبيق الواتساب لـ آدم " عد ارجوك " 


تهللت اساريرها وهي تري    تلك العلامة الزرقاء التي تعني بأنه قرأ الرسالة لتجده يكتب شيئا ثم يقوم بمسحه .. إنتظرت عده دقائق طويلة مرت كالدهر لرده ..


اعتصرت الهاتف بيديها وهي تمتم .. حسنا يا آدم انت الجاني


توجهت بخطوات راكضة إلي غرفة النوم  لترتدي منامة قصيرة من اللون الاسود .. مشطت خصلات شعرها الشقراء ووضعت أحمر شفاه صارخ ..

- إحذر يا عزيزي من النساء 


إلتقطت عده صور مختلفة الاوضاع لترسلها له وإبتسامة ماكرة تعتلي ثغرها .. سيأتي بالتأكيد سيأتي ..


توجهت نحو الفراش وهي تعد الدقائق والثواني لمجيئه .. دقائق ليست بالطويلة سمعت صوت باب إغلاق المنزل .. إنتفضت من الفراش لتمسك بهاتفها وتعبث به بملل 


شهقت بفزع عندما امسكها من عضدها صائحا بحنق 

- مالذي تحاولين فعله ليلي ؟ تبعثين بصور أقل ما يقال تجعلني اريدك وبشده 


كانت تتأمله بملامح مشتاقه .. سترته التى رماها ارضا وقميصه الذي ترك ازاره العليا مفتوحه وشعره المبعثر عكس حالته التى خرج بها .. لاحت ابتسامه هادئة علي ثغرها وهي تحتضنه بقوه هامسه بصوت خفيض


- آسفه 


- لا عليكِ 


ثم تابع مضيقاً عينيه 

- آمل انها ليست من إحدي خدعك لأنني وقتها لن أرحمك إذا لفظتي بأسم زياد الليلة 


هزت برأسها وهي تهمس بتأكيد

- لا يوجد زياد او ليان الليلة 


- ولا غداً

ضحكت بأستماع وهي تعود برأسها للخلف قليلا 

- ولا غداً


ابتسم بظفر وهو يسقطها    علي الفراش لينعم بليلة هادئة مع تلك المجنونة التى سلبت عقله وقلبه .

.........................................

قضت وقت العشاء وهي صامته مع بعض الكلمات المقتضبة إذا وجهت لها الجدة الحديث لها .. كانت تستمع إليه كيف يتحدث .. طريقته فى الحديث مع جدته .. كانت شبه هائمة به وهي تستند بذراعها علي ذقنها .. لم يرفع ببصره نحو ولم يوجه لها الحديث إطلاقاً .. تنهدت بقلة حيلة الطعام امامها شهي لكن تشعر بمليء معدتها .. تشعر أنها دخيلة وهما يتحدثان في مواضيع لا تعلمها يبدو انهم يتحدثان عن ذكريات قديمه !


قامت من مقعدها وهي تبتسم بهدوء وعيناها مسلطة نحوه


- لقد شبعت جدتي  سأصعد لغرفتي عمتي مساءاً


نظرت الجدة إلي الطبق التى لم تمسه وهتفت 

- لم تأكلي شيئاً يا فتاه هيا اجلسي 


إعتذرت بلباقة وصعدت إلي الغرفة لتهتف الجدة بأعين متفحصة الي الذي يتناول بلا مبالاه 


- ما بها زوجتك ؟


- لا يوجد بها شيء 


إتسعت أعينها دهشة 

- ما كل ذلك البرود يا ولد .. ستجعل الفتاه تهرب منك بجفائك هذا 


هتف بجمود وهو يمضغ الطعام غامزاً بأحدي عيناه

- لا تستطيع ان تهرب مني يا جدتي 


ضيقت عيناها من حفيدها    الذي يتحدث بثقة وغرور لتتنهد 

- عندما تنسحب الفتاه منك ببطىء لا تندم وقتها 


قامت من مقعدها ليقوم الآخر من مقعده وناولها العصا لتستند عليها

- دعيني اقوم بأيصالك إلي غرفتك


- ابتعد استطيع أن أذهب إلي غرفتي بمفردي ، ألقي بنظرة علي زوجتك ، الفتاه ما زالت لم تتكيف مع الوضع بعد


كان الحديث مرتكز نحو ليان و إعطاء النصائح له لكي ينعم بحياه زوجية رائعة 


صاح مندهشا وهو يدثرها بالغطاء ويقبل جبهتها

- يبدو أن ليان ستأخذ محلي من قلبك 


ابتسمت بمشاكسة 

- ولما لا أليست تلك الفتاه من خطفت عقلك 


تجمد وجهها وهي تري وجهه المتخشب وعدم ظهور اي تعبير علي وجهه 


- اخبرني هل أخترتها من عقلك أم من قلبك 

كانت تشير بيديها نحو رأسه والثاني نحو قلبه ليرد بجمود


- وما الفارق إذاً !!


تهجمت ملامح الجدة ضيقاً وهتفت بسأم

- هيا غادر إلي غرفتك يبدو انني أتحدث مع لوحة من الثلج 


ضحك بأستمتاع وهو يعود تقبيل جبهتها مرة آخري دثرها جيداً ثم قام بأغلاق    المصابيح واغلق باب الغرفة بهدوء .. وارجله تتوجه نحو غرفتهم !!

................................

- ألم تنامي بعد ؟

صدح بها بتعجب وهو يراها أغلقت هاتفها للتو .. من عبارتها العربية إستنتج انها تحدثت مع عائلتها 

- كلا لقد كنت أطمئن علي والدي 


لا تعلم لما لسانها اخبره مع من تتحدث كانت من المفترض ان لا ترد عليه .. إنه لا يكترث بها إطلاقاً .. ألن تحظى ولو بمحادثه معه .. ألن يسمح لها !! .. راقبته وهو يلتقط ملابس عملية ويتوجه للحمام عده دقائق وهي تنتظره وداخلها يقينا أنه لن يوجه ببصره نحوها .. سمعت صوت الباب وهو ينفتح راقبته بصمت حتي خرج من الغرفة ..


أطلقت لعنة بين شفتيها ..لترتمي علي الفراش وتضع الوسادة على وجهها وهي تمتم اين حياتي السابقة ؟ اريد إستعادتها.


كانت تخشى ان تكون بمفردها بين أربعة جدارن .. لكن برغم وجود الجدة لكنها مازلت تشعر بالنقص ..نقص وجوده بجوارها .. يطُمئنها .... يخبرها أن تظل صامدة قوية .


إستسلمت إلي سلطان النوم وهي تجده هو ملجأها الوحيد حتي لا تُجن وهي تتحدث بكثره مع حالها .. بسببه هو بدأت تتحدث مع حالها كثيرا .. اللعنة عليك يا زين الحديدي .

...............................

إستيقظت عندما شعرت بأصوات حركة فى غرفتها .. هل عاد ؟ ما الوقت الآن ؟ فتحت جفنيها وهي تستند بظهرها على مقدمة الفراش لتجد فتاه جميلة ترتب الملابس وتضعها فى الخزانة .. قالت الفتاه بأحترام 


- صباح الخير يا سيدتي .. الفطار سيجهز بعد نصف ساعة ساعة 


عبثت بشعرها للخلف وفركت عيناها ببطىء

- صباح الخير 


قامت من مضعجها وهي تزفر بحنق .. لقد جاء الصباح ولا تعلم اين هو ؟ ماذا إن سألتها الجدة عنه ماذا ستخبرها ؟


إنتبهت علي صوت إغلاق الباب لتتنهد بيأس وهي تتوجه نحو الخزانة    وإلتقطت اول شيء ظهر أمامها وتوجهت نحو المرحاض لكي تنعم بحمام دافيء وسط دوامة أسئلتها التي لن تنتهي .

......ً............................

كانت تراقب المنزل بأنبهار .. نزلت الدرج ببطء وهي تمشط المنزل بأعين فضولية .. أستوقفتها جدار يوجد به صور ضخمة ..  تبدو للعائلة  !! 


صور قديمة لرجل أقل ما يقال أنه جذاب وفتاه صارخة الجمال يحتضنان بعضهما بحميمية .. إبتسمت فى هدوء وهي تتابع تفحصها لباقي الصور 

صور آخري لهم ولكن يوجد بينهما طفل رضيع 

هل هذا زين ؟ إقتربت من الصور لكي تتفحص ملامحه بشكل أدق 


شهقة قوية جعلتها ترتد خطوات للخلف عندما سمعت صوت أنثوي من خلفها


- يبدو إنكِ تريدين أن تتفحصي ملامحه وهو صغير 


إلتفت للخلف لتري إمرآه متفجرة فى الأنوثة .. بداية من ملابسها القصيرة التي تبرز معالم انوثتها الطاغية إلي خصلات شعرها البندقية المصففة بعناية ..


إبتسمت المرآه تحت نظرات ليان المتعجبة والمستنكرة لتمد يدها معرفة عن نفسها


- أعرفك أدعي آليا ابنه عم زين 

تهللت آساريرها عندما علمت أن الفاتنة مجرد قريبته صافحتها بحبور 


- إعذريني لكنني لم آراك أمس 


- اوه نعم لقد جئت الصباح الباكر من لندن 


تفحصتها آليا بتمعن .. فتاه محجبة ذو ملامح ناعمة وهادئة 


أشاحت بعيناها وهي تنظر    إلي الصور المعلقة علي الحائط 


- أتعلمين هذا الحائط يوجد به العديد من الذكريات الصور جميعها ذكريات قديمة 


إبتسمت ليان إبتسامة هادئة وهي تستمع إلي حديثها 

- أتعلمين يا ليان إسمك مميز للغايه لكن أليس ذلك الاسم غربيا؟


- كلا إنه إسم عربي الأصل يوجد به عده معاني كثيرة وأكثر معني مقرب هو الرقة واللطافة 

ربتت آليا علي وجنتيها 


- انتِ فعلا رقيقة كالفراشة ولطيفة للغاية سنصبح أصدقاء 


أشارت بأحدي الصور الحديثة 

- هذه صوره حديثة إلتقطت لي أنا وأخي وزين هذه الصور قبل ان يصبح أخى رباناً والان لا اراه سوي لقاءات قصيرة ..


يبدو إنها أعادت عليها اوجاعها .. نبرتها خفيضة مؤلمة بها لوع وإشتياق . ربتت علي كتفها وهتفت بمرح وهي تنتشلها من غمامة الحزن


- هيا إنه وقت الفطار قبل أن نستمع توبيخاً من الجدة 


ضحكت آليا بصخب 

- يبدو إنك لم تسلمي من الجدة ليلة أمس 

............................................

أسرعت بمعانقة أبيها بعد عودته من سفره إلي القرية .. إشتدت من معانقة أبيها وهي تخبأ وجهها إلي صدره


- متسافرش وتسيبني تاني ماشى 

إبتسم أيمن بحنان وهو يطبع بقبلة علي جبهتها 


- إن شاء الله 

إبتعدت فى هدوء وسحبته إلي الاريكة وهتفت بفضول


- يلا بقى إحكيلي إيه اللي حصل هناك .. انت وعدتني لما ترجع هتحكيلي 


إنتظرت عده دقائق أن يبدأ لكنها وجدته لم يتفوه بشىء عيناه تجوبان وجهها ليهتف بهدوء مضيقاً عيناه

- هقلك بس افهم الاول إيه اللي كان بيقوله حمدي ده 


إتسعت حدقتي عيناها    زهولا وهي تسب ذلك الحمدي والشهاب فى آن واحد .. الحقير لقد أخبر والدها حسابك عسير يا حمدي


- قصدك إيه يا بابا ؟


رد بهدوء إسترعي الشك فى داخلها 

- كان بيسألني إنت اتخطبتي ولا لأ .. ولما سألته بيسأل ليه قال شافك انتي و واحد وكنتم لازقين مع بعض بالمعني الحرفي .. أقدر افهم مين ده و ايه اللي بيحصل من ورايا ؟! 


امسكت كف والداها وهتفت بصدق

- يا بابا ده سياده المقدم شهاب ابن عم ليان .. انا معرفش هو عمل كده فجأه ليه معايا ؟ طول عمره موجهش كلام معايا إطلاقا بس بعد سفر ليان كل حاجه إتغيرت فجأه تصرفاته كلامه وآخر حاجه لما إتفاجئت بيه تحت بيتي واتفاجئت أكتر وهو بيقول لحمدي إن انا خطيبته 


غمغم أيمن بغموض

- بس كده ؟! 


اسرعت تهز رأسها إيجاباً

- اه والله يا بابا صدقني هو ده اللي حصل 


- ماشي نشوف حكاية شهاب ده إيه كمان 

بعث فى قلبها الرهبة وهي تري حديث أبيها الغامض نحوه


- هتعمل ايه يا بابا ؟


- أفهم الموضوع    الاول هو عايز ايه ؟


- بابا متقلقنيش 


ضيق أيمن عيناه واردف بجمود


- مقلقكيش  !! ندي في حاجه تاني مخبياها عليا


هزت رأسها نافيه

- حاليا لأ وبعدين برده عايزه اعرف ايه اللي حصل بالتفصيل الممل فى السفر ده عيله ايه يا بابا اللي معرفش عنها حاجه ؟


تنهد بحرارة وهو يرجع بذاكرته للخلف قبل خمس وعشرون عاماً بالتحديد ... قد حان الوقت لكي تعرف صغيرته ما حدث فى الماضي ..

.......................................  

- مس ورد مس ورد بصي الرسمة اللي رسمتها ديه 

هتف بها إحدي الأطفال وهو يريها اللوحة التي رسمها 


قبلته بحنان وهي تري ذلك المبدع الصغير رغم تخطيه السبع سنوات 


- هايل يا حبيبي ايه الروعة ديه 


لمعت عين الصغير بسعادة وهتف بحماس

- بجد حلو يا مس ورد 


داعبت وجنتيه الورديتين    وهي تنظر إلي اللوحة التي رسمها مرة آخريمؤكده له


- حلو اووى يا عيون المس 

إلتقطت من حقيبتها نوع من الحلوي التي يعشقها واعطتها له لتراه يقفز ويسارع وبأحتضانها 


- انا بحبك اووي يا مس  


همست بحنان بجوار اذنه 


- والمس بتحبك اوي يا محمد 


قفز الصغير يركض إلي غرفته وهو يخبر باقي الاطفال المقاربين  فى عمره  بأنه أخذ حلوي 

سمعت صوت مديرة الملجأ وهي تربت علي كتفها بحنو

- ربنا يفرحك زي ما بتفرحي الاطفال 


شق ابتسامة ناعمة لاحت ثغرها لتتنهد براحة وهي تشعر بسعادة غامرة تمليء قلبها ... 

....................................

مر أسبوع قضته بصحبة الجدة وآليا آسفة علياء .. اسمها عربي الاصل والدها هو الاخر تزوج من فتاه بريطانية ولكن للاسف حدث بينهم مشاكل وتطلقت وسحبت الأطفال إلي أحضانها ..


خالد وعلياء اسمين عربين ولكن مع والداتهم وثقافتها المتحررة اصبحوا غربين من الدرجة الاولي من الملبس وطريقة التحدث والمعاملة .. 


عادا إلي أحضان ابيهم بعد أن أصبحا ناضجين يافعين .. علياء فتاه تخطت الثاني و    العشرون من العمر و القبطان خالد يكبرها بعده سنوات يقضى حياته بالأنتقال من بلد إلي آخري .. 


كانت الجدة وعلياء ينطقون اسم خالد بصعوبة شديدة يبدلون حرف الخاء بالكاف فى كل مرة يتلفظون بأسمه تضحك بأستمتاع ..


علمت حياه علياء وحياه الجدة  وجزء من حياه خالد ولكن هو لا تعلم عنه سوي القليل .. القليل جداً مع ذلك تظن إنه كافي لتلك الفترة ... وكأنهم متعمدين الأ يتحدثون عنه سوى بعبارات مقتضبة.


والجدة التي توقفت عن سؤالها عنه .. اين هو ؟ .. ولماذا تأخر ؟ .. إكتفت فقط بأن تقص عليها بعض المواقف الطريفة التى حدثت في حياتها ..


جلست علي فراشها وهي تتذكر بعد أن قام بتوصليها إلي منزل الجدة أصبحت تكاد تراه فى وجبة الأفطار وتكون محظوظة جداً إن رأته قبل الخلود للنوم ..


لا تعلم متي يأتي ومتي يذهب .. وما ذلك العمل الذي يجعلها لا تراه سوي دقائق قصيرة ..


نظرت إلي الساعة المعلقة علي الحائط لتجد أن الساعة قد تخطت الثالثة صباحاً 

توجهت نحو الفراش وهي تشعر بالصداع الذي يفتك برأسها كلما  تشرد وتفكر به .. رائع يا ليان لقد أصبحتِ لا تفكرين بأحد سواه ..


أغلقت جفنيها وهي تحاول أن تنام ... تقلبت يمينا ويساراً وهي فى كل     حين تتأفف ... ازاحت الشرشف لتتوجه نحو الشرفة ..


سحبت نفساً عميقا وزفرته علي مهل .. الهواء المنعش سيجعلها تتحسن .   . إبتسمت فى خفوت وهي تتكأ علي السور بذكريات قديمة ..مشاجرتها هى وأختها تشتاق إليها بشدة 

علي الرغم إنها تتحدث معهم يوميا إلا أن مكالمة الفيديو لا تكفيها 


إنتهبت علي سيارة تدلف إلي المنزل ولم يكن سواه .. ترجل من السيارة ببطىء وهو يتوجه نحو الداخل. 


ستتحدث معه .. تلك فرصتها الوحيدة قبل أن يعودا إلي لندن 


إنتظرته أن يأتي للغرفة لكنه خيب ظنها .. دلفت إلي الغرفة وهي تجلس علي الفراش بقلب منتظر وعقل أوشك علي الجنون


ظلت تهز ساقيها بتوتر وهي تعد الثواني والدقائق ليأتي .. هل رحل ؟ كلا لم يرحل لم تستمع إلي صوت السيارة بعد

قامت من الفراش وهي تضع بوشاح علي رأسها وتذهب إلي غرفة المكتب ..


امسكت بالمقبض وفتحت باب الغرفة بعنف وانفاسها تعلو وتهبط من الحنق     والغيظ الذي يتآكلها .. وجدته يريح بجسده علي الأريكة مغمض العينين وعندما وجدته عارى الصدر .. عند تلك النقطة أدارات وجهها للخلف وتحدثت بنبرة هادئة رغم تلك النيران التي تعتلي فى داخلها 

- اريد أن أتحدث معك والآن 


مغمض العينين ينعم براحة تستمر عده ساعات قليلة ليواصل يوم الغد الحافل .. تفاجأ من إقتحام أحدهم الغرفة دون أن يطرق الباب وقبل أن ينفجر بغضبه وجدها هي .. هل ما زالت متيقظة ؟ إنتظره لكي تتحدث معه ؟


ابتسم بسخرية 

- إلتفتي وتحدثي معي لن أتحدث مع عنقك 

جزت علي أسنانها بغيظ رغم إشتعال وجنتيها من اللون الاحمر القاني .. إلتفت إليه وهي تشيح بوجهها عنه


- يجب أن نتحدث


- فى الغد 


هتف بها ببرود ..لتشتعل غضبا وهي بدون وعي تتوجه نحوه


- ليس فى الغد الآن هل المناقشة معك تتطلب موعد


قام من مجلسه وهو يقف قبالتها واضعا كفيه في جيب بنطاله وعيناه تجوبان وجهها  

- وما الأمر ؟


- أخبرني هل سأظل هكذا      طول الوقت .. لا اعلم عنك شىء ولا تتحدث معي كمثل الأشخاص الطبيعين تتركني مثل اا .. 


دنا نحوها هامسا

- مثل ماذا ؟


ارتدت للخلف عده خطوات وهي تشعر برائحة عطره تتوغل إلي روحها هذا يجعلها فى حالة من اللاوعي ويجب أن تفيق فهي أمامها فرصة للتحدث معه فهو أمامها أخيراً ..


أغمضت جفنيها وهتفت بكل ما يعتمل في صدرها 

- مثل الكرسي أنت لا تفهم ذلك الشعور الذي يروداني أشعر بأنني .. اااه لا اعلم كيف اصفه لك  .. يوجد الكثير من الاشياء والتساؤلات بداخلي ولا أجد جواباً لأي منهم أكتفي فقط بالظن أو التخمين .. لقد تعبت حقا لقد تعبت لا اريد ان ابقي هنا  .. سأرحل سأعود بأدراجي إلي القاهرة وأعدك انني سأعطى مالك في أقرب فرصة ممكنة 


فتحت جفنيها لتشهق وهي تضع بكفها علي شفتيها كأنها تحاول أن تكتم شهقتها قبل أن تصدر ..


هيئته تلك لم تعهدها من قبل يشبه كهيئة الملثمين أو قاطعي الطرق .. زرقاوه عيناه البراقة إختفت وحل محلها ظلام دامس  .. شعره المبعثر بعشوائية علي جبهته .. إنفعالات جسده الذي يتحكم بصعوبة وهي تراه يقبض بكفه بقوه حتي ابيضت سلمياته ..


بللت شفتيها وهي تشعر بالخطر يحوم حولها عليها ان تهرب .. الآن !!


آكل المسافة الباقية بينما ارجع بجسدها للخلف ليرتطم ظهرها بالحائط ..    تنظر له برهبة وتجوس وخوف وفرصة النجاه إنعدمت عندما هتف بغضب جعل جسدها ينتفض كلياً كالعصفور بين يدي طائر جارح

- ماذا قلتي .. هيا إسمعيني !!

                    الفصل الثاني عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>