
رواية زوجتى الشرقيه يوسف و ليان
الفصل الثامن
بقلم ميار عبد الله
وها هى مفاجأه اخر تلقتها منه و ما زالت اطرافها جامدة .. ولسانها الذم انصدم من رده !
اى صفقة رابحة !! إنها لا تمتلك له شىء لكى تعطيها له .. لا مال ولا جمال ايضا
ما زالت تعبيراته غامضة مبهمة ، واقفاً فى مواجهتها و كفيه فى جيبي بنطاله .. يتفرس معالم وجهها الصادمة و نظرات أعينيها الزائغة !
نظفت حلقها وهى أخيراً استعادت لسانها الذي ظنته لفترة قد فقد النطق
- كيف ؟ ما زلت لم افهم ،كيف اكون انا صفقة رابحة ؟!!
تغيرت ملامحها الصادمة بملامح أخرى شرسة وهى تبتعد عن الحائط
- ثم كيف تجرأ على فعلها ؟ .. هل تقضى حياتك بأكملها فى عقد صفقات ، ولا تكتفى ايضا بالعمل بل أيضا فى حياه البشر
تباً من اين ظهرت لى ؟!
- كونك زوجتي المستقبلية هذا لن يجعلك على أن تنطقى بألفاظ نابية أمام زوجك
هتف بها وهو يجلس على أحد الأرائك الموضوعة فى أحد جوانب الغرفة ..
يبدو أن اليوم سيكون حافل بالمفاجآت اتسعت عيناها ذهولاً وهو يخبرها انها زوجته المستقبلية .. يضعها للمرة التي لا تعلم كم عددها امام الامر الواقع !!
ويكتفى فقط بإعلانها .. يخبرها انها ستصبح زوجته المستقبلية !!
كيف .. ومتى .. واين .. ولماذا
كل تلك الاسئلة تتضارب فى عقلها بسرعة مهولة
- كلا .... أنا أرفض
ارجع رأسه للخلف غالق جفنيه وهو يتسمع الى رفضها المتوقع وملامحها كقطة برية شرسة ...
هتفت بغضب وهو ما زال على وضعه مستمتعا الى حديثها السريع العنيف
- واللعنة انني اتحدث معك يا رجل
فتح جفنيه ناظراً إليها بنظرة ألجمت لسانها عن الحديث مرة أخرى
نظرة قوية .. نارية جعل قلبها ينتفض من الذعر ، غامضة جعلتها تصمت .. هتف بجمود ونظراته انتقلت من وجهها الى جسدها يتفحصه بتمعن وبوقاحه وكأنه يراها للمرة الاولى
تصاعد حمرة وجنتيها واشاحت بوجهها بعيدا عن نظراته الوقحة
- لا اعتقد انه توجد فتاة على وجه الأرض ترفض الزواج من زين الحديدي ..... إلا إذا كانت غبيه!
الوقح .. المغرور .. البارد ماذا يظن نفسه ؟! ونعتها بالغبية !!
- وانا تلك الغبية التى رفضت ، آسفه ولكن والدى فى المشفى اشكرك على عرضك السخى
ألقت بنظرة اخيره عليه لتجده ما زال مسترخى بأريحية في جلسته ونظراته لم تشيح ابدا عن جسدها .
نفضت رأسها وهى تتوجه نحو الباب لتغادر ، وما إن همت بوضع يديها على المقبض ليتصلب جسدها وهى تشعر بأنفاس ساخنة تضرب مؤخرة عنقها.
لا تعلم كيف اتى خلفها بتلك السرعة ؟! ولم تسمع ايضا اى صوت لخطوات أقدامه ؟!
زادت معدل ضربات قلبها .. وبدأ جسدها يرتعش بقوة حاولت ان تتماسك وتضع يديها التي أصبحت رخوة على المقبض مرة أخرى لتغادر من ذلك المكان الذى اصبح يبعث بقلبها رهبة وشعور آخر لا تعلم ما وصفه ؟!
- وماذا عن والدك ؟
همس بها ووجه اصبح ملاصق لوجهها ورائحة عطرة الجذابة تتغلغل إلى روحها بنعومة
- ماذا تقصد ؟
ابتعد عنها عدة خطوات وهو يطالع وجهها الذى تورد من الخجل واعينها تطالعه بترقب
- والدك يحتاج إلى عملية جراحية خارج مصر .. استطيع التكفل بالأموال اللازمة لعمليته
إنه يفاجأها كل يوم .. قالت بتوجس وهى تحاول أن تنزع ما طرأ على عقلها فجأه
- لا افهم لماذا تريد مساعده ابى وانت تعلم اننى لن اقدر على سداد ذلك المبلغ الضخم إلا إذا ..؟؟
لتتسع عيناها بصدمة
- لا تخبرنى ان ذلك مقابل الزواج
هز برأسه إيجابا لتتابع وهى تحاول ايجاد تلك الحلقة المفقودة
- ولكن لما ؟ لماذا تريد أن تتزوجني ؟ لم أفهم بعد كيف سأصبح صفقة رابحة لك ؟
بسخرية واستهزاء أعادت جملته التي تفوه بها
- دعنى اخبرك الموضوع عبارة عن الصحف الصفراء
- ماذا لم افهم بعد ؟
صاح بسخرية
- ماذا ألم تقرأي عن الشائعات الخاصة بى ؟! ... والأخبار التى تقول اننى على علاقات عابرة مع الكثير النساء واننى دائما كل شهرين تكون معى فتاة جديدة وكأنى اغير طلاء المنزل .. ومع ذلك لا اكتفى بل ايضا اقيم علاقات مع المتزوجات
شهقت بقوه على آخر جملته ، همست بغير تصديق
- كلا لم اسمع عن تلك الشائعات
ابتسم بسخرية
- لأننى اقوم بقص لسان من يتفوه بتلك الشائعات وإن كانت النصف الاول من الخبر صحيح والآخر خاطئ
أغلقت جفنيها وهى تحاول ان لا تفتك به ... يخبرها بكل وقاحة انه يقيم علاقات عابرة مع النساء امامها
- لكننى وللمرة الثانية افرض عرضك السخى .. سيساعدنى عم حمزة على التدبر فى مصاريف علاج ابى
- أشعر بالأسف ان ابلغك ان السيد حمزة لن يقدر على إعطائك المال لأنني طلبت منه ذلك ، حسنا لم يكن طلب بل أمر .. فلن يوجد احد سواى قادر على مساعدتك وانا اعلم ان اقاربك رفضوا اعطائك المال
ان كانت كل تلك مفاجأت .. فتلك فى الصدمة الكبرى ! إنه يعلم عنها كل شىء .. فهى لم تخبر احدا سوى والدتها وشقيقتها وندى تلك التي انقطعت عن اخبارها بعد أن بدأت تعمل معه
ثلاثه فقط يعلمون عن رفض اعمامها لأعطائها المال ..
وايضا ليلى حلقة الوصل بينهم انها لاتعلم ان والداها مريض ؟ فكيف علم ذلك ؟!
ليفيقها من شرودها وهو يهتف بجمود
- إذا ما رأيك ؟ هل ستتركين والدك طريح الفراش وانتى قادرة على مساعدته
..............................
احتضنته بقوه وهى تجده اخيرا أمامها بل يبتسم ويتحدث بمكر
- مكنتش اعرف انى غالى عندكم كده
نظره من عيناها الزيتونية اللامعه المعاتبة جعل ابتسامته تتسع
- متقولش كده يا عم ابراهيم ربنا يديك الصحة وطول العمر يا رب
ابتسم فى هدوء وهو ينقل بصره إلى الغرفة التي أصبحت خالية وهتف بتعجب
- الله اومال فين يا حبيبتى خطيبك يوسف ؟!
اسمه جعل قلبها يضخ بعنفوان لتهتف بتلعثم
- انا وهو سيبنا بعض
هتف بجدية تلك المرة
- اتصلى بيه وقوليله يجيلى بكره
هزت رأسها بالايجاب وهي لا تعلم ماذا سوف تخبره ؟! قلبها يخبرها أنه إشتاق إلى ملامحه .. إلى صوته وعقلها يأبى الخضوع لذلك القلب الذى سيسبب لها الكوارث !!
صوت ندى التى اقتحمت الغرفة حاملة بيديها باقة من الزهور انتشلها من شرودها
- يا مساء الفل على احلى واجمل ابراهيم فى الدنيا
تقدمت نحوه بخطوات سريعه لتضع باقة الزهور على المنضدة المجاورة للفراش وتهتف بحنيه
- كده تخضنا عليك يا عم ابراهيم .. لولا البت سارة مكنتش عرفت ساعتها ان حضرتك فى المستشفى
ثم أخذت توزع بنظراتها إلى الغرفة لتجد ورد صامته وملامحها حزينة ... هزت رأسها بلا مبالاه لتلتفت إلى إبراهيم
- اومال الوزيرة فين ؟
رد إبراهيم بتعجب
- وزيره مين يا بنتى ؟!
- ليان يا عم إبراهيم اول ما بدأت تشتغل حسستنى انها بقت وزيرة لما بتصل بيها مش بترد يا بلاقيه مغلق لولا سارة اللى قالتلى انها بتطلع الصبح بدرى وبترجع البيت مش شايفة نفسها مكنتش عديتها بسهولة ... وبعدين انا اصلا مش جاية عشانها انا جاية للعندليب الاسمر بتاعى بس اوعى سيادة اللواء يسمعنا هيخلينى ابات التخشيبة
ابتسم إبراهيم بإتساع
- كلى بعقلى حلاوة يا بنت ايمن .. ليان كانت هنا من شويه مش عارف راحت فين ان...
قاطعت ورد حديث إبراهيم وهى تقوم من مجلسها
- طب انا هستأذن واسيبكم براحتكم
غادرت الغرفة فى هدوء هتف إبراهيم بعتاب وهى يعلق ببصره إلى ندى
- ايه يا ندى ينفع كده ؟
تطلعت إليه ببراءة شديدة و هتفت باستنكار
- انا يا عم إبراهيم !! عملت ايه ؟
- يعنى انتى مش عارفة عملتى ايه ! من اول ما دخلتى لا سلمتى على ورد ولا حتى قولتيلها مساء الخير
هتفت بلا مبالاه وهي تسحب مقعد فى احد اركان الغرفة لتضعه بجوار فراشه وتجلس عليه
- انا معملتش حاجه وبعدين حضرتك عارف من وقت ما لفت على خطيب ليان وانا حاسة انها السبب فى فركشه موضوع جوازهم
صوت طرقات على الباب منع إبراهيم من الرد على ندى ليدلف ايمن وتقوم ندى من مقعدها هاتفه بمرح
- طب اسيبكم انا وادور على الوزيرة
................................
خرجت من المشفى بخطوات شبه سريعة ، أخذت تجول ببصرها إلى سيارة أجرة لتستقلها للعودة إلى المنزل
توقفت عيناها عن البحث عندما وجدت شخص لم تتوقعه وجوده .. لتجد قدماها هى التي تتحرك قبل أن يستوعب عقلها
لماذا هو هنا ؟ ولماذا لم يصعد ليقابله ؟ ولما هو فى ركن بعيد وكأنه يراقب أحدهم
- سيادة المقدم
هتفت بها بصوتها الرقيق .. جعله يفيق من شروده ليتطلع إلى ملامحها الشاحبة وهتف بخشونة يغلف صوته بعض الارتباك
- ورد ! عاملة ايه ، اه صح انا نسيت اباركلك بمناسبة كتب كتابك اعذرينى
لا تعلم متى بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها قالت بصوت جاهدت أن يبدو بنبرة هادئة
- لا ما احنا سيبنا بعد
ظهر الصدمة على قسمات وجهه مسحت دموعها بكف يديها ورسمت ابتسامه مرحه
- وانا الحمدلله بس انت ليه قاعد بعيد مروحتش تشوف عم إبراهيم ليه ؟ صدقنى انا عارفه المشاكل بين عم ابراهيم ووالدك بس عمو إبراهيم طيب جدا و مش شايل منك صدقنى يا شهاب روحله هو محتاج يحس ان الناس اللى بتحبه تكون حواليه
مرر أنامله على خصلات شعره الكثيفة وهتف بتردد
- بس انا يعن...
لتهز رأسها نافية
- متترددش روحله
ثم نظرت إلى ساعة التى تزين رسغها .. همست بأسف
- الوقت اتأخر ، اسفه يا شهاب بس انا هضطر امشى وزى ما قولتلك متترددش
هز رأسه بتفهم وهتف بجدية
- تمام انا كده كده هزوره بكره ، اتفضلى اركبى انتى كده اصلا فى سكتى
همت بالاعتراض ليقاطعها بحزم ، هزت راسها باستسلام وهي تستقل سيارته و تجلس على المقعد المجاور له ...
همت بالحديث معه لكنها بترت عبارتها وهى تجد عيناه مصوبة في جهة معينة قبل ان تتحرك السيارة .. عيناه أصبحت لامعة ، تعلم تلك النظرة جيداً
نظرة عاشق إلى حد النخاع ، ولكن لمن ؟ ومن تلك الفتاه ؟!
هل تلك الفتاه علاقه لجعله يصبح كالمراهق ويذهب ورائها كما رأته منذ قليل ؟!
علقت ببصرها فى اتجاه مرمى عيناه الهائمتين .. ملامح غير واضحة .. ثانية ، ثانيتان حتى اتسعت صدمة كتمت شهقتها بأعجوبة
كيف ومتى واين ولما هى ؟ يعلم جيدا انها لا تحب رؤية وجهه .. كيف وقع فى حبها ؟
زفرت بحرارة .. يوجد بهم صفة مشتركة الان .. إنهم عاشقون ولكن عشق من طرف واحد
ابتسمت بسخرية ... ندى يعشق ندى كيف ذلك ؟!
يبدو أن طريق ما زال طويلا يا صديقى للوصول إلى حصن قلبها واتمنى ان لا تصبح مثلي فيكفى خسارتي .. يجب عليك أن تتحرك قبل فوات الاوان ! .
..............................
كل هذا جنون .. كل ما تعيشه فى الوقت الحالى اصبح جنون
لا تعلم لم عقلها أصبح يستوعب ببطء كل ما يحدث لها فى تلك الفترة القصيرة المليئة بالأحداث عبارة عن جنون بالتأكيد جنون لا يوجد تعبير آخر تستطيع ان توصف به ما تعيشه فى الآن !!
تنهيدة حارة خرجت منها وهى تنظر إلى النافذة بشرود ، تتجنب نظره حمزة الفضولية و النادمة ..
اطلق حمزة صوت غاضب وهو يضرب بكفه على عجلة المقود بشراسة "غبى " ، ولا تعلم هل قالها حقا ام عقلها بدأ يصور أشياء لم تحدث فى الواقع ؟!
أغلقت جفنيها بأرهاق ولا تعلم لما أصبحت تشعر بعبق رائحته الجذابة تغزو كيانها وتحطمه معلنة راية الاستسلام !
...................................
لا يعلم ماذا فعل لتلك الفتاة المسكينة ليلة أمس ؟! ، ظل ينهر نفسه بسبب إذعان لطلب الآخر
وجهها أصبح شاحبا كالموتى عندما أتت إليه ونظرات اعينيها زائغة ... تجنبت الحديث معه و عيناها مثبته على النافذة.
توجه بخطوات شبه راكضة إلى غرفته ... غرفة المكتب عادة كل صباح .. يجب أن يعلم ماذا حدث ليلة أمس .
فتح الباب بعنف ليجده جالس بأريحية على مقعده يرتشف قهوته بتلذذ و يتفحص الحاسوب بتمعن .... رفع الآخر ببصره لتتقابل عيناه البراقة بأخرى دبت فى قلبه الذعر !!
يعلم جيدا تلك النظرات .. اللعنة !! لفظ بها فى بصوت خفيض
- ماذا فعلت بالفتاه يا زين ؟
تمتم ببساطه وهو يضع القدح على طاولة مكتبه
- لم افعل شيئا
جلس على المقعد وهو يحاول جاهدا ان تبدو نبرته هادئة
- هل عرضت عليها الزواج كما أخبرتنى ؟
رد ببساطة
- نعم
بادر بسؤال فضولي اعترى على معالم وجهه ونظرات اعينه الثاقبة والفضولية تركزان على بؤبؤ عينيه
-أخبرنى ماذا قالت ؟ هل وافقت أم رفضت
هز رأسه بالإيجاب واضعا القدح على طاولة المكتب
- لا توجد فتاه من ترفض عرضى
كانت نبرته يشوبها بعض الثقة والغرور فى آن واحد ، ضيق حمزة عينيه متسائلا
- ارى انك ما زالت مغرورا كعادتك يا بنى
- لا يعتبر غرورا بل ثقة
لم يشعر حمزة سوى أن عبوسه زال وبدأت ملامحه ترتخي بعض الشىء
- إذاً اريدك ان تخبرنى كونك ترفض الزواج طوال الخمس الأعوام السابقة ما الذى جعلك تغير تلك المبادئ ؟ إلحاح جدتك يبدو أنه أفاد بعض الشىء لتلين تلك الرأس اليابسة
يعلم حمزة جيداً رغم عدم حديثه المباشر ، إنه يريد أن يطمئن على الفتاه ليهتف بمكر شديد
- اعلم أنك ما زلت متخوفاً وقلق عليها ، لا تقلق لن آلتهم الفتاة على الرغم إنني متشوق لفعلها
شهق الآخر بصدمة من وقاحته ؟! هل يظهر وقاحته مع تلك الفتاه ايضا ؟! هتف بعتاب أبوى
- تأدب يا ولد
اتسعت إبتسامه زين وما زالت عيناه تلمعان ببريق غريب وكأن الصياد قد ظفر أخيرا فريسته
- لا تقلق يا حمزة الفتاة ستصبح زوجتي
اكتفى الآخر برسم ابتسامه باهته .. لا ينكر أنه يشعر بالقلق .. كلا بالخوف .. كونها أول فتاة شرقية تقابله يخشى أن يكون تمسكه بها افتتان والافتتان سيزول بمرور الوقت ، ووقتها سيتركها محطمة ستصبح بقايا أنثى ..
عندما أخبره ليلة أمس أنه يريد الزواج بها ، لقد كانت بمثابة الصدمة تعترى على ملامح وجهه ...حاول جاهداً ان يعلم اى شىء آخر منه إلا إنه امتنع عن الحديث ، وجعله يذهب لجلبها
ها هى محاولة آخرى قد فشلت ولكن لن يستسلم بسهولة وخصوصاً هى يجب عليها ان تظل صامدة فهى امامها جولات كثيرة لذلك المتكتم امامه .. قلق بشدة إن كان ما فعله يجعله يندم ولكن لا بكاء على اللبن المسكوب !!
.....................................
تفاجىء فى الصباح برنين هاتفه ويجد ورد تخبره ان عم إبراهيم فى المشفى ويريد رؤيته .. مكالمة استغرقت لخمس ثوان فقط وأغلقت هاتفها على الفور ...
سفر والدته إلى أحد أقاربها جعله لا يعلم ما يحدث لجيرانه الذين يقطنون فى نفس العقار !!
إنتفض من مجلسه وبداخله تساؤلات كثيرة ..
ابتسم بسخرية لما هو متعجل لتلك الإجابات ؟
بعد اعترافها بالخطأ وهى تنزع الخاتم وتخبره أن ينهى كل شىء بينهم ، لم يخرج من منزله منذ ذلك اليوم وكأنه قرر ان ينعزل بعيداً عن اعين الجميع ، لماذا حتى الان لم يتركها ؟! .. لم يعطيها حريتها !! .. ايريد الانتقام منها بعد ما فعلته ؟!
ما زال يتذكر صوتها .. صوتها المؤلم الخفيض يؤرق مضجعه يجعله يتأفف بين الثانية والاخرى .. اى لعنه وضعتيها يا ورد مرة أخرى تجعلنى لا أفكر إلا بكِ ؟
لا أستطيع يا ورد لا أستطيع أن أسامحك يوجد شىء فى عقلى ينهرني بقوة على الوقوع فى الخطأ مرة أخرى ، يكفى حقاً لقد سئمت.
..................................
الجميع مجتمع ملتف حوله سعادته اصبحت كاملة وإن كان يوجد فردان غائبان ولكن بوجود شهاب فالشق المفقود أختفى ،،
لم يغب عيناه عن تلك النظرات العاشقة المرتسمة على ملامح شهاب ، هو الآخر يحب بل يعشق إلى حد الجنون والاخرى غبية لا تعلم ان تلك النظرات المتيمة لها فقط.
جال ببصره إلى الورد ونظرات عينيها المكسورتين الذليلتين وهى تشيح ببصرها عن مرمى عيناه تجلس بجوار شهاب مبتعدين عن الآخرين وكأنهما منبوذين .. عيناها قد فقد بريقه وإنطفىء شعلته ليس الحب الذي جعلها تنكسر يوجد شىء آخر وهي تتهرب من إجابته فى كل مرة .
إبتسم فى عذوبة وهو يرى المشاكسات من طفلته الصغيرة سارة مع شقيقتها وندى ونظرات سعاد المطمئنة والحنونة جعل ابتسامته تزاد اتساعاً ...
انتفضت ورد من مجلسها عندما رأته .. لقد جاء لم يخيب ظنها !
نهرت عقلها وبقوه وهى تزجر نفسها غبية لم يأتى إليك بل جاء إلى والد محبوبته .. استأذنت على الفور بكلمات خافتة بالكاد تسمع لتخرج بخطوات شبه راكضة خارج الغرفة بل المشفى بأكملها وهى تهتف لا تريد رؤيته مرة أخرى جرحها لم يلتئم بعد ..
نظره من إبراهيم جعل شهاب الآخر يذهب خلفها وسط نظرات الجميع المتعجبة ويوسف المقطب الوجه ...
ابتسم بسخرية يبدو شهاب الآخر لا يفوت فرصته فى إقتناص كل فتاه يرتبط بها حتى وإن كانت تلك الفتاه لا يريدها !!
سحب احدى المقاعد ليجلس عليه بالقرب من الفراش وبدأت سارة مرة اخرى بمرحها المعهود تعيد الأجواء التي تكهرب منذ قليل إلى آخري صافية.
عده دقائق ليست بالقليلة مرت ليجدها عادت مرة اخرى بصحبته بملامحها الشاحبة وأعينها ذابلة ورغم ذلك رسمت إبتسامه مغصوبة وكأنها تخبرهم انها بخير ..
مستندة على كتف شهاب ويحيط خصرها بذراعه عبارة عن دعامة تجعلها تظل ثابته رغم قدميها الهلاميتين لتجلس على مقعدها مرة أخرى وهو بجوارها يهتف بهمس بعبارات هادئة والاخرى تستمع له وتهز رأسها بإيجاب واكتفت بعبارات مقتضبة ..
ذلك المشهد لم يغب عنه بالطبع وهو يتفرس فى ملامح يوسف الذى يراه منذ ان دلفت معه اتسعت عيناه صدمه لم تلبث عده ثوانى لكنه لم يجفل عنها لتتحول قسمات وجهه إلى أخرى لا مبالية ساخرة !!
........................................
ابتسمت بارتباك وبدأ تتصاعد وجنتيها من الخجل والحرج ومن كل ما يفعله معها اصطحبها إلى مطعم قريب من المشفى وسط تناول الطعام قررت شق ذلك الصمت وهى تبتسم
- مقولتليش امتى بقى حبيتها ؟
وجدت معالم وجهه المعترضة لتهتف بأبتسامة واسعة
- على فكره انت مكشوف جدا ده الكل لاحظ حتى هي بس مع ذلك حساها طنشت ومبتعبرش
حمحم بجدية وهو يتناول كوب من الماء وقد شعر بأن حلقه قد جف
- للدرجه ديه ؟
وما كان الرد سوى ابتسامه تتسع تدرجيا رغم ذبول وجهها
- جداً
- اومال هي ليه بتصدنى كل ما بحاول اقرب منها ؟ ، الكلام ده انا هقوله لاول مره لحد لانى بجد تعبت وعايز اخرج اللى جوايا
هزت رأسها وهى تتابع بأعين منتبه متيقظة فضولية ، زفر بحرارة وهو يستعيد بذاكرته إلى أول يوم رآها مع ليان كانت بملامح انثى شرسة شامخة .. وجد قلبه يدق بعنفوان بمجرد رؤيتها .. ظل يتخذ إيصال ليان لمنزلها وسيلة لرؤيه تلك التى خطفت عقله وقلبه منذ أن رآها ..
زيارات متكررة وحجج مبتذلة وهو اصبح كمراهق عاشق رغم تخطيه الخامس والثلاثون و هيبته فى عمله ،،
ولم يحظى سوى بالرفض او بالنفور منها ومن ليان التى بدأت تشعر هى الاخرى بالاختناق من كثرة وجوده
- مش هقولك غير نصيحة واحدة بس إلحقها قبل ما تخسرها ، حاصرها هاجمها لازم تسمعك متلفش حولين ليان يمكن هى فاكره انك معجب بليان .. إلحقها يا شهاب بجد انت انسان تستاهل كل خير
عباراتها كانت صادقه ليهمس بامتنان
- بجد مش عارف اقلك ايه يا ورد
- يا سيدى انا مقلتش حاجه كل اللى قلته انك بس تروح وتواجها حطها قدام الامر الواقع علشان تكلمها معندكش حل تانى علشان تقف وتسمعك
ظلت تتحدث وتتحدث وهى غافلة عن ذلك الذى يراقبها على بعد مسافة ليست بالبعيدة وهو يهتف بسخرية
- لا واضح مش بتضيع اى فرصه تجيلها
.............................
هدأت أجواء الغرفة ، اخذت نفس عميق وزفرته على مهل وهي تستعد لتخبر عائلتها بالذي يريد أن يتزوجها ..
بالله كيف ستخبر عائلتها أن رجل غربياً رغم أصوله العربية يريد أن يتزوجها والسبب مجرد شائعات غبية ؟ لما هى بالتحديد ؟
يستطيع أن يتزوج بفتاة أخرى ؟ سؤال لن تجد إجابته مطلقا إلا ان قرر يخبرها فعلا إجابتها ؟ رغم ضيقها وهي تشعر انها اداة لحل بعض مشكلاته
ومع ذلك لم تجد حل آخر سوى ذلك ستتزوجه لمساعده ابيها ..
حمحمت بصوت عال جاذبة انتباههم لتهتف بصوت جاد
- بابا انا جالى عريس
وما كان سوى انتفاضة سارة وهى تهتف بتوجس تاركه سعاد و ابراهيم يستوعبا ما قالته
- مين ؟
-زين ... زين الحديدى
اتسعت اعين الجميع بصدمة و سارة التى ما زالت لا تصدق ما تفوهت به أختها ؟ كيف حدث ذلك ؟ هل تهذي أختها ؟! ام تمزح معهم ؟!
إلا أن نظراتها الجادة لا تشى بذلك إنتقلت بعيناها إلى والدها وهو الآخر ينظر إلى شقيقتها بغموض وتعبيرات وجهه هادئة ، لقد فاتها شىء بالتأكيد قد فاتها ولن تتزحزح حتى تعلم ما الذى حدث فى غيابها
انتشلها أبيها من أفكارها التى تتلاطم ليهتف إبراهيم بهدوء
- وانا مش موافق
رمشت بعينها عدة مرات وهى لا تصدق .. والدها رفض دون أن يراه ؟ هكذا وانتهى الأمر ؟!
الحلقة 9
.
الفصل التاسع
- وانا مش موافق
رمشت بعيناها عدة مرات وهى لا تصدق .. والدها رفض دون أن يراه ؟ هذا هو وانتهى الأمر ؟!
نظر إلى ملامحها المصدومة وفمها الذى انفرج قليلا ليهتف بأبتسامة
- انا مش موافق حالياً ، لما نرجع البيت يبقى لينا قاعدة
قاطعته حاسمة وقد ردت الروح إليها
- لا يا بابا هو عارف
غمزت سارة بمرح مائل للخبث
- يا بيبو العريس مستعجل ومستعجل جداً وخير البر عاجله
كزت ليان على اسنانها ضاغطة على كل حرف
- بنت انتى خليكى فى حالك
عبست سارة ملامحها
- تصدقى انا غلطانة ، ارفض يا حج احنا معندناش بنات للجواز
ضحك إبراهيم وهو يراقب مشاكساتهم
- خلاص يا سارة سيبى البنت شوية
صمتت سارة وهى تتطالع ليان بخبث ، هتف إبراهيم بهدوء وهو يوجه ببصره إلى زوجته التي لم تنبس ببنت شفه
- إنت إيه رأيك يا سعاد
ردت سعاد وهى تمط شفتيها
-رأيى من رأيك يا حج
تمتم إبراهيم
- طيب يا بنتى على بركة الله ... خليه يجيب حد كبير معاه علشان نتفاهم ونعرف الدنيا ماشية ازاى ووقتها انا هقرر نوافق يا نرفض
بلعت ريقها بتوتر وهى تستمع إلى نبرة والداها الحازمة .. لن يكون هيناً معه إذا !!
..............................................
عاد إلى منزله وهو عازم على ان يصرح بحبه لها .. لكن يجب ان يجعلها تستمع له ..ابتسامة عاشقة ارتسمت على ثغره وهو يدندن فى خفوت ليتوجه إلى غرفته ..
خلع حذاءه والقميص ليلقيه على الارض باهمال واستلقى على الفراش وهو يشرد إلى الماضى ...
لم يكن لديه أخ او أخت كان وحيداً ... مشكلته انه خجول نوعا ما ... سبب له ذلك الأمر الكثير من المشاكل عندما كان صغيراً ... توفت والدته عندما كان فى السابعة من العمر .. والدته كانت بمثابة أم وأب وصديقته على الرغم من وجود والداه إلا إن لم يهتم به ولو للحظة كان والده كل همه جني الأموال ...
كان دائما يردد إلى أمه لماذا جميع الأطفال فى المدرسة لديهم أشقاء وهو بمفرده ليس له اخ او اخت .. لتخبره أنه لديه بالطبع .. بنات عمك هم شقيقاتك فى الدنيا فأحرص على ان تعتنى بهم ...
كانت بمثابة وصية وبالفعل اعتبرهم مثل شقيقاته حتي وصل إلي الخامسة عشر من العمر وكان مكتفي بعلاقته مع عدد معين من الأشخاص لا يخرجون من نطاق عائلته ..
ليان التي كانت المتذمرة من وجوده يوميا فى منزلهم وتخبره بأن يصاحب من في عمره ... والشقية سارة التي كانت تخبره بأن يأتي لها بالحلوى حينما يأتي و جميله العائلة ورد التى كانت تكون شبه مقيمة في منزل عمه حتى فى المرحلة الثانوية .
وبالفعل حينما التحق المدرسه الثانوية قلل من مجيئه إلى منزل عمه و تغلب على تلك العقدة وبدأ يكون العديد من الصداقات مع من يجدهم متشابهين معه فى أفكاره ... حتي التحق بكلية الشرطة واجتهد حتى أصبح إسمه الآن يلمع فى السماء " المقدم شهاب عز الدين " .. حينما علم بمرض عمه طلب من والده أن يساعد أخيه لكن والده رفض والسبب لا يعلمه حتى الآن وعندما طلب من عمه الآخر الذى يقيم فى الخليج رفض هو الاخر !!
ظل واقفاً حائراً لا يعلم ماذا يجب أن يفعله ؟ وقف مكتوف الايدى .. ليس معك المال الكافى يا شهاب لتساعد عمك ! والسبب والده الذى قام بتجميد ماله فى البنك ليعيش فقط على راتب وظيفته ... ترك منزل والده وهو يشعر فى المنزل بالاختناق يكسو صدره ليقرر الانتقال إلى منزل صغير مقارنة بمنزل والده وهو راضى
ردد فى داخله سؤالاً ما هو السبب الذى جعل الأشقاء يتخاصموا !! مهما بلغت الاسباب فلا يمكن ان تكون الأشقاء بتلك القسوة ...
زفر بحرارة وهو يعود مرة آخرى إلى الحاضر
ها هو قد أصبح ذو وظيفة مرموقة تجعل جميع العائلات تتهافت عليه فهو بمثابة عريس لقطة ! ولكن هو يريدها هى .. يريد أن ينال قربها .. أن ينال موافقتها هي .. يريد تلك الانثى التى تجعله يحلم كل يوم وهى زوجته .. يريد ان يشعر بانتظام تنفسها على أوتار قلبه ... يريد نــــدي !
.................................
وجدت حمزة فى الصباح التالى يتوجه إلى غرفته واستمرت عدة ساعات وهما بمفردهم وهى واقفه امام باب الغرفة متوترة .. حائرة !!
ماذا يفعلون فى الداخل كل ذلك الوقت ؟ حبات من العرق تجمعت عند جبهتها وهى تبتلع ريقها بتوتر وتفرك يديها بنفاذ صبر .
شعرت بملمس يد شقيقتها سارة تربت على ظهرها وهى تهتف بمكر
- إهدى يا حبيبتى انتى مش هتتجوزى دلوقتى علشان تتوترى كده اومال هتعملى ايه فى المرحلة اللى بعدها
لكزتها بمرفقها بخفة وهي تصيح بحده زائفة
- بنت انتى متقربيش منى انا على اعصابى من الصبح وممكن افقدها فى أى لحظة واتهور
ضحكت سارة بشقاوة لتلتف إلى والدتها سعاد التى لم تنبس ببنت شفة منذ أن آتى حمزة
نظرات والدتها رافضة . . ممتعضة .. ستتحدث معها
ولكن يجب أولا أن تطمئن ماذا سيحدث ؟ .. هل سيوافق ابيها ام يرفض ؟
قلبها يضطرب بعنفوان من القادم ! تخشى من القادم بشدة .
خفتت ضربات قلبها عندما وجدت حمزة خرج أخيراً وعلى وجه إبتسامة ناعمة تراها فى وجه البشوش
لتكون سارة هى اول من نطقت بلهفة
- طمنا يا عم حمزة بابا قال ايه ؟
إتسعت إبتسامته هو الاخرى وهو ينظر إلى ليان بجدية
- ألف مبروك يا عروسة
ماذا هل والدها وافق ؟ كلا إنها تحلم
سارعت سارة باحتضان شقيقتها التى لم تبدي رأى فعل هى الاخرى وظلت تنهال عليها بالمباركات ... وكأن شقيقتها بعد ان علمت ذلك الأجنبي حتى انقشع العبوس وحلت محلها إبتسامة عريضة .... نظرت إلى والدتها التى أشاحت بوجهها إلى الجهة الاخرى لتغلق جفنيها بأسى فهناك طرفا لم يوافق بعد !!
.......................................
اغلقت الهاتف بعنف بعد تلك المكالمة التى اشعلت جنونها .. احتضنها آدم برقة رغم انفعالات جسدها
- إهدأى حبيبتى ما الأمر
إبتعدت عن ذراعيه بضيق وقالت
- زياد
اغمض آدم جفنيه وهو يلعن ذلك الزياد الذى سبب فى كدر صفو شهر العسل الخاص بهم
- وماذا فعل تلك المرة سيد زياد
- سيتزوج
اتسعت عيناه دهشة وهو يهتف بسخرية
- حقا !!هل قرر اخيراً أن يتزوج ومن تلك تعيسة الحظ ؟
أخذت تدور حول نفسها وهي تسب وتلعن
- الذى كنت خائفة منه حدث .. تباً لغبائى تباً ما كان على ابداً أن افعل ذلك
ظل الآخر ينظر لتلك التى تتحدث بمفردها ليرتفع حاجبه الأيسر بتعجب ... لقد جنت الفتاة .. ولم يهنأ بذلك العسل .. تباً لك يا زياد
- ليلى
صوته كان جهوريا جعلها تتوقف عما تفعله وهى تنظر إليه بريبة وملامحه الغاضبة تتجلى فى صفحات وجه
- ماذا ؟ لماذا تنظر إلي هكذا ؟
رد في غموض
- هل تظنين أن ذلك الزياد سيجعلنى أستسلم مما اريده ؟
نظرت إلى عيناه التى أظلمت وحل وجه تعبير مبهم .. اللعنة بماذا يفكر الآن !! إنها فى كارثة وهو غير عابىء
- آدم ليس هذا وقت لذلك الحديث
وفى ثانية فصل المسافة الفاصلة بينهما ليحملها بخفة متوجهاً نحو غرفتهما وهو يهتف مقاطعا ادنى إعتراض
- إنه وقت ذلك الحديث .. وعندما نعود إلى لندن سألكم وجه ذلك الرجل
عباراتها المعترضة خفت قليلا وسط عناقه الملتهب ... جعل شفتيها تصمت بطريقتة الخاصة ... الخاصة جداً
وما عليها سوى أن تنساق وراء تلك المشاعر الجامحة لترتفع بيديها تحيط عنقه وتغرق معه فى دوامة العشق .. متناسية أو تناست ما حدث منذ قليل !!
.......................................
تم الزواج بسرعة البرق وأصبحت رسمياً زوجته ، زوجة زين الحديدى .. منذ عده أشهر كانت تريد أن تعقد لقاء صحفى معه لتصبح بين ليلة وضحاها زوجته .. قشعيرة دبت فى جميع أنحاء جسدها عندما تلاقت عيونهم ... ليقترب منها فى هدوء غير عابىء بجميع من فى الغرفة ...
دنا منها بخفة وطبع قبلة على وجنتيها ... قبلته عميقة ذبذبتها ... تشعر بالفراشات التى تتراقص فى معدتها وجفنيها الذى انغلق منذ ان دنا منها وأنفها الذي التقط رائحة عطره التى حفظتها عن ظهر قلب .... وقلبها الذى يدق دقا مخيفاً سمعته يهمس
- مبارك لك زوجتى
فتحت جفنيها لتقابل عينيه البراقتين ... نظراته مثبته على شفتيها .. شهقة خافتة خرجت منها .. الوقح ما الذي يفكر به الآن ؟ هل يرد أن يُقبلها وسط أعين الجميع .. كلا لن يحدث أبداً
اكتفت بإيماءة بسيطة لتسرع على الفور هاربة منه وسط نظراته الماكرة وهو يطالعها تبتعد عنهم بخطواتها المقاربة للركض
- إذاً متى ستسافران ؟
صوت حمزة الهادىء جعله يشيح ببصره عنها ويهتف بجدية
- الليلة سنسافر .. والطاقم الطبي مستعدون ايضاً لا يوجد داعي للأستمرار هنا بدون فائدة
هز رأسه وهو لا يصدق حتى الان انه تزوج !!
- هل سافرت عائلتك ؟
رد ببساطه
- صباح اليوم غادروا
ثم تابع متسائلاً
- هل أخبرت جدتك ؟
قال بصوت شبيه بالمكر
- نعم ... رغم أن جدتى تعلم منذ بادىء الامر يا حمزة
غمغم حمزة ببرود
- بالطبع يجب ان تعلم ماذا يفعل حفيدها بمفرده !
هز رأسه هو الآخر وتوقف عن الحديث ...
ليراها تقبل تهاني ذلك الزواج بابتسامة مغصوبة وعيناها تخونها لتسترق النظر إليه بين الحين و الأخرى وهو يتحدث بصوت خفيض مع حمزة .
فزعت من صوت ندى وهى تهتف بخبث
- حاسب على عينك يا جميل ، ده انتوا لسه متجوزين متقوليش انه وحشك تعرفى وانا داخلة الشهر العقارى ولقيت أسود بره الباب قاعدين حسيت انى داخلة بقابل وزير الداخلية
لا تعلم لماذا يحتمي بكل تلك الاعداد الغفيرة من الرجال الشبيهة بالأسود كما قالت ندى ! ابتسمت بسخرية وهي تتذكر عندما كانت تسير نحو الغرفة مستمعة إلى همهمات الجميع عن ذلك الرجل الثرى ؟ كان يبدو وكأنه رئيساً يتفقد أحوال رعيته ... جعل جميع من يعملون فى الشهر العقارى فضوليين عن ذلك الشخص ؟! وذلك الحدث من المؤكد سيبقى حدث لعده أيام قادمة ...
انتشلتها سارة من شرودها
- ليان عملتها واتجوزت واحد أجنبى علشان تحسن السلالة اللى جاية عقبالى يا ر..
تأوهت بوجع عندما لكزتها ليان بقوه على معدتها ، لتمتعض ملامحها
- إيدك بقت تقيلة يا ليان .. فى حد لسه متجوز يضرب الخلق كده ؟
ضحكت ندى بصوت رنان جعل قلب شهاب يطرب فرحاً ... بعد تمام الزواج ليأخذ بأغراضه ويرحل فى صمت عازم على أمر واحد .. سيجعلها تتزوجه
..........................
إنتهى كل شيء .. طلقها يوسف وغادر إلي مكان لا تعلمه .. باع المنزل وترك وظيفته .. ولا أحد يعلم وجهته
مازالت تتذكر بعد أن سافر إبراهيم وذلك الزواج المفاجئ الذى حدث فى غمضة عين
ليطلقها في اليوم التالى بعد رحيل ليان وعائلتها إلى لندن ... من المؤكد سمع الخبر ولم يستطيع أن يتحمل كونها تزوجت رجل آخر غيره .. إبتسمت بمراره وهي تتطلع إلى المرآة وتتحدث
انتى ايضاً سترحلين يا ورد ... سترحلين للأبد .. لن تصبح ذكرى لأحدهم ..
ولكن قبل أن ترحل يجب أن تجمع بين شهاب وندى .. لا تريد قصتهم أن تصبح مثلها .. ان تنتهي بمأساة حتي وإن كان حبها مجرد من طرف واحد
هي شبه متأكده من أن ندى لا تكره شهاب .. يوجد سبب مبهم تمتنع منه !!
هي خائفة .. تخشى الوقوع فى الحب !
لأن الحب ما إن أصابك بسهامه فإنه سيأخذ المقابل منك .. ويجب عليك أن تدفع ذلك المقابل
سحبت نفسا عميقاً لتزفره على مهل ... وأعينها تلمعان ببريق التحدي والاصرار .. ستنفذ تلك المهمة الشبة مستحيلة و لن تتراجع أو تستسلم حتى تصل إلى خط النهاية .
......................
بدأ شهاب يطاردها كالشبح فى كل يوم وكل مكان ..
يبعث برسائل نصية على هاتفها وكانت عبارة عن تحكمات فقط .. لا ترتديه هذا ... ضيق .. قصير ... لا تضعي أحمر شفاه ..
اللعنة عليه !! ..منذ متى يتدخل أحد في شؤونها ومنذ متى هو يتدخل فى شئونها بل يتحكم بها .. حسناً الإجابة هي بعد سفر ليان !!
ولكن كلا يكفى ستضع حداً لذلك الأمر .. ماذا يظن نفسه .. والدها... أخيها ... زوجها !!
تنهدت بضيق وهي تغلق باب منزلها بعنف .. لتصيح بصوت مرتفع
- سميـــرة !!
لتترك تلك السميرة ما فى يديها وتتوجه نحو سيدتها وتهتف
- ايوه يا ست ندي
رمت حقيبتها بلا مبالاة وجلست على الاريكة بأريحية
- بابا جيه ؟
- ايوه فى اوضته
- طيب اعمليلي كوبايه شاي ساده لغايه لما اجيلك علي المطبخ
اومأت سميرة بإذعان وعادت مرة أخرى إلى المطبخ .. لتكمل تقطيع الخضروات وايضا لكي تستكمل دروس في فنون الطبخ !
توجهت نحو غرفة والدها ... طرقت عدة طرقات خفيفه لتستمع إلى صوت والداها يأذن لها بالدخول
- يا سياده اللواء مساء الخير
قالتها بمشاكسه وإنتقلت عيناها إلي حقيبه السفر عبست ملامحها
- إيه يا بابا حضرتك هتسافر فين ؟
أجاب فى غموض
- رايح على البلد في حاجات عايز اصلحها
رمشت بعيناها عدة مرات وهي تحاول فك شفرات كلماته الغامضة
- حضرتك هتسافر البلد ! وحاجات تصلحها ؟ هو في ايه يا بابا ؟
اغلق ايمن سحاب الحقيبة متوجها نحوها طابع قبلته على وجنتيها
- هفهمك كل حاجه يا حبيبتى لما آجي .. هنزل انا علشان الحق القطر
سحب حقيبته معه وغادر الغرفة .. لتعقد حاجبيها وهي تحلل حديثه
عائلة لوالدها .. قرية .. إصلاح مشكلة قديمة .. يبدو أنه حدث كارثة ... كارثة كبيرة منذ زمن بعيد !!
............................
أسبوعان مرا بعد نجاح عملية والداها و عاد والدها كما كان فى سابق عهده ... تنهدت بارتياح لقد انزاح عبئاً ثقيلاً ...
ولكن أين هو ؟ لم تراه حينما خطت بقدميها إلي تلك البلد الأجنبية ... لا تعلم شيئا عن تلك البلد الغريبة ؟ أسيتركها عندما ترحل عائلتها وتكون بين أربعة جدران !!
حمزة الذي جالس معها منذ الصباح الباكر إلى المساء طوال ذلك الأسبوع .. وهو لم يكلف نفسه حتى بالمجىء ولو لنصف ساعة فقط ..
لا تعلم عنه أى شىء .. حياته .. صفاته .. ما الذى يحبه وما الذي يكرهه !!
صوت والدها جعلها تخرج من شرودها
- مالك يا بنتى فى ايه ؟ قاعده طول الوقت سرحانه !!
تهكمت والدتها سعاد من ذلك الوضع وخصوصا زوجها الذى لم تراه سوى مرة واحدة عند المطار
- فين جوزك يا بنتى ؟! ده انا يدوب شفته بالصدفه فى المطار
والحجة كما هي لن تتغير ولن تغيرها حتى تراه
- عنده شغل متراكم عليه يا ماما
مصمصت سعاد شفتيها بدون إحسان
- الكلام ده لو إنتى مقتنعه بيه أصلا !!
بالطبع ليست مقتنعة به .. تريد سارة أن تأتي ... لينتهي ذلك التحقيق
هتفت بهدوء مخالف وهى تغير مجرى الموضوع
- وبعدين يا ماما هو جه المستشفى قبل ما نتجوز وإنتى مرضيتيش تشوفيه
ردت سعاد فى ضيق
- يعنى وقت ما تتجوزى نجوزك بالطريقة ديه ؟! انا مش عارفه يا حج انت إزاى رضيت بالوضع ده !! ديه بنتك يا حج تتجوز كده من غير ما نعملها فرح
والدتها مصرة على أن تقحمها فى ذلك الأمر ولن تخرج منه إلا إذا اقتنعت بالامر
- يا ماما أنا راضيه .. مش مهم الفرح والناس وبعدين انا عملت بيهم إيه فى المره اللى فاتت
نبرتها واهنه و حزينه .. بدأت الدموع تتجمع نحو مقلتيها
- صدقينى أنا حاسه المره ديه إخترت صح
تتدخل إبراهيم منهياً ذلك الحديث الذي بدأ لا يتغير
- خلاص يا سعاد ، بنتك أدرى بمصلحتها
غمغمت فى رفض
- بس يا حج
- سيبى البنت تشوف نتيجه إختيارها
قامت سعاد من مقعدها وهى تتجه إلى الخارج
- طيب لما نشوف !!
..............................
أغلقت الباب خلفها بعد أن أعطت الممرضه مخدر لوالدها .. لتجد سارة تتحدث مع حمزة والذي يبدو عليه قد أتى منذ قليل .. جلست بجوار والدتها وهى تهتف بنبرة خفيضة
- ماما من فضلك قوليلى بس ليه مش موافقه على جوازى ؟!
ردت سعاد بنبرة مماثلة
- انا مش معترضه غير علي جوزك بس
ردت فى عجالة وهى تحاول إقناع والدتها
- صدقينى يا ماما انا بكامل قواى العقلية وافقت عليه .. انا حاسه انى هرتاح معاه
قالت سعاد بنبرة جادة
- يا بنتى انتى متعرفيش عنه حاجه وابسطها هو ليه مجاش لحد دلوقتى
غمغمت وهى تعيد تلك الجملة للمرة الألف
- عنده شغل يا م...
قاطعتها سعاد بنبرة جامدة
- شغل إيه ده اللى يخلى الراجل يسيب مراته وميعرفش أخبارها إلا من السواق بتاعه .. الراجل مبيقدرش يبعد عن مراته حتى لو عنده هموم الدنيا كلها
تفاجأت من سؤال والدتها الصريح
- إتجوزتيه ليه .. علشان بتحبيه ؟!
صمتت لا تعلم ماذا تخبرها .. وجهها تورد باللون الاحمر وبدأ يرتفع معدل نبضات قلبها
- وانتى شايفه ايه ؟
اعتمدت أسلوب المراوغة لتتهرب من الجواب .. لترد سعاد بنفاذ صبر
- ما انا شايفه كويس جدا يا بنت بطنى .. بتتجاهلي تنطقى اسمه وكأنه حد غريب مش جوزك .. ووشك اللى بيتقلب سبع الوان ده كفيل بأنى عايزة اطمن عليكى يا حببتى .. لما تكونى انتى و هو لوحدك .... انا قلقانه عليكى فى الغربة يا بنتي ..
بترت عبارتها عندما وجدته .. رأته يتقدم نحوهم بخطوات رشيقة .. يرتدى بذله سوداء بدون ربطة عنق تعطيه هاله من الجاذبية وخصلات شعره الكستنائية المنمقة جعلتها ترتعش وهى لا تصدق ذلك الوسيم زوجها ..
هتف بعبارات مقتضبة مع حمزة لتجده بعدها يتقدم نحوهم بخطوات هادئة
- صباح الخير
هتف بها ببحته المميزة ... لتشيح سعاد وجهها للناحية الأخرى وتهتف بتهكم
- اهو وتانى سبب بيبرطم إنجليزى طول الوقت
شقت ابتسامة واسعة .. رافعه ببصرها نحوه نحوه لتتقابل أعينهم لثوانى لتهتف بمزاح لوالدتها
- ايه يا معلمه الاجيال .. اومال الجيران اللى كانوا بياخدوا دروس تقوية فى الانجلش عندك كانوا بيعملوا ايه ؟
سمعت صوته مره أخرى وكأنه يقاطع حديثهم
- اريدك ليان لبضع دقائق
- روحى شوفى جوزك عايز ايه
صوت والدتها الحازم جعلها تقوم من مجلسها وتتبع خطواته بهدوء تحت نظرات سارة الماكرة وحمزة الباسمة
................................
أغلق الباب خلفه بعد أن دلفت .. هو وهى الان بمفردهما وزوجته ايضاً ... جال ببصرها إلى الغرفة لتجدها غرفة تحتوى على فراش و اريكتين ...
تريد ان تعلم ما دورها ؟ اين هى فى حياته ؟! هتفت بتساؤل
- زواجنا
- ما به ؟
هتف بنبرة باردة وهو يتقدم نحوها بخطوات مدروسة ومخططة
ارتدت للخلف عدة خطوات واصبح نبرتها مهزوزة
- ما هو وضعي ؟
حك طرف ذقنه وهو يهتف بسخرية
- أظن أنك زوجتي يا ليان
تسمرت قدميها وهى ترى عيناه أصبحت لامعتين ماكرتين .. ما الذي يفكر به الآن ؟! لا تعلم مغزى حديثه ؟
لديها أسئلة بما انها اصبحت زوجته ... لاداعى الان لتفكر وتحلل جملته
- اريد ان اعلم من انت .. إنك غريب عنى .. لا اعلم عنك شيئا وعائلتك ايضا .. اشعر انني تائهة لقائنا غريب وزواجنا أغرب
لما تزوجت فتاة شرقية ؟ ولما أنا بالتحديد ؟
لا تخبرني بسبب الصحف الصفراء تستطيع أن تتزوج الفتاة هنا ؟ لما استغليت ضعفى ووالدي لتجبرنى على الموافقة ؟
ظلت تتحدث وتتحدث تحت نظراته المبهمه ودموعها أخذت مجراها فى الحديث
- اريد ان اطمئن والدتى .. هل خيارى صحيح ام خاطىء أخبرني أرجوك ؟
احتضن بكلتا كفيه وجهها وانامله تمسح دموعها ليهتف
- ستعلمين كل شىء فى الوقت المناسب
وختم عبارته بقبلة خفيف على وجنتيها .. إحمر وجهها خجلاً وما زال عقلها يفكر فى إجابته الغامضة !!
كان فى طريقه للخروج .. إستدار وتوجه ناحية الباب لن تتركه حتى تعلم وضعها
همت بالحديث لتسمع صوت إغلاق الباب .. لقد غادر مثل الزيبق ولم تحصل على أى إجابه منه !! ولم تعلم لماذا جاء وماذا كان يريد منها ؟
ظلت تسبه وتلعنه وتعلن نفسها ..
...............................
يوم الجمعة عادة كل صباح تذهب إلى النادي برفقة والدها ... ولكن اليوم ستذهب بمفردها بسبب سفر والداها إلى عائلته ...
اين عائلته ؟ إنها لا تتذكر منذ أن كانت صغيرة والدها يتحدث عن عائلته ..
رمت حقيبتها الرياضية فى المقعد الخلفى وهى تزفر بضيق .. لقد رحلت صديقتها وتزوجت وهى ستقضى روتينها اليومى الممل بدون رفقة أحدهم .
تأففت للمره التى لا تعلم عددها وهي ترى هاتفها يدق .. تطلعت لهاتفها لترى اسم المتصل .. ولم يكن سوى شهـــاب
ذلك الشهاب الذي تكلمه فى وجهه الرجولي الجذاب .. اااه يا ندى ما الذي تفكرين به الآن !
وضعت هاتفها على وضع الصامت لتذهب للنادى ..
شهقت بفزع عندما وجدت يد فولاذية تمسك عضدها وتمنعها من فتح باب سيارتها
- مبتدريش على تلفونى ليه ؟
ازاحت بيدها بعنف مزمجره بغضب وهى تلتف يمينا ويسارا ولا تجد أحد من المارة
- انت اتجننت اوعك تفكر تلمس ايدى تانى يا حيوان
ارتعدت بقوه وهى ترى معالم وجه التي تغيرت وأصبحت ملامح شرسة
إستندت بظهرها على سيارتها وهتفت بنبرة جاهدت أن تبدو قوية
- لو قربت منى هصوت وهلم عليك الناس كلها
ظل يتفرس ملامحها ثم ألقى ببصره إلى ثيابها .. اسف هل قال ثياب !! اى ثياب تلك التى ترتديه بداية من تنورتها البيضاء القصيرة ومن الأعلى قميص قطنى بنصف أكمام يكاد يصبح كجلد ثان لها ..
- ايه القرف اللى انتى لابساه ده !!
زعق بها غاضباً وهو يفصل الخطوات التى بينهما ويداه امتدت لعضدها ليتمسك بها بعنف .. ظل بصره معلقا على ثيابها ثم إلى عيناها المحدقة به بذهول
ارتبكت قليلا من وضعهم المحرج .. تشعر بأنفاسه الساخنه وكأنها حمم بركانية تلمس بشرتها .. ثوان قليلة لتستعيد شخصيتها وهي تصيح بانفعال
- انت ملكش دعوه بيا اصلا متتحكمش فيا انا مش أختك علشان تقولها تلبس ايه ومتلبس ايه ؟
- نـــــــدى
ارتجفت اوصالها بسبب نبرته المخيفة لتجده يدنو نحو أذنيها وانفاسه الهادرة لا ترحمها
- آخر مرة اشوفك باللبس ده فهمتى
هزت برأسها نافية
- ده لبس الرياضه بتاعى ولو مش عاجبك اضرب دماغك فى اقرب حيط
نبرته لانت قليلا وهو ما زال على وضعهم الفاضح بالنسبة للعامة .. ذراعه تمسك بعضدها بشده والاخرى إتخذت طريقها لخصرها ورأسه مائلة إلى عنقها
- لسانك ده هقصهولك يا ندى وانا عارف كويس ايه الطريقه اللى هتخلى لسانك المتبرى منك ده يسكت خالص
ارتفع اوتار قلبها وهى تفهم مغزى حديثه .. ولسانها لا يخرج من جوفها .. لو كان آخر لكانت صفعته ثم تركله بقدميها وتأخذه إلى أقرب مخفر للشرطة ... لو كان آخر !! ولكن ماذا عنه ؟
- تطلعى زي الشاطرة وتغيرى المسخرة ديه .. وعالله اشوفك باللبس ده تانى وياويلك يا ندى لو لقيتك رميتى كلامى بعرض الحائط
لم يكن يوجد معها حلاً سوى الخضوع فى الوقت الراهن .. لكنها لن تصمد ستأخذ حقها منه
تقابلت اعينها البندقية بعينيه العسليتين التى تتحول تدريجيا إلى آخرى داكنة .. عيناه راغبة يتفرس معالم وجهها بأريحية و انفاسه الهادرة تلفح وجهها ..
إلصق جبينه بجبينها سارقاً انفاسها الناعمة وعقله ما زال متيقظاً أنهم فى مكان عام ....همس بصوت أجش
- متختبريش غضبي يا ندي
حالة من اللاوعي تختبره لأول مرة .... عيناه الراغبة تخيفها بل ترعبها ومع ذلك جسدها متيبس يرفض الإذعان لعقلها للهروب ..
يداه التى تتمسك إلى عضدها أخذت طريقها للأسفل لتكون بجانب يده الاخرى . .. ذراعيه تتمسكان بخصرها وكأنها طوق النجاة من الغرق .. تأججت انفاسها وتلعثمت في حروفها وهي تحاول ان تفيق من تلك الحالة ...
ليقطع خلوتهم صوت أجش جعلها ترتبك و...
- يا نهار ابيض .. يا فضحتنا يا خوانا يا فضيحه عمارتنا ايه قله الحيا على الصبح ده
وما كان ذلك صوت سوى بواب العمارة حمدى !!