رواية مرآة الحب
بقلم أمنية يونس
الفصل الخامس عشر :
قرر يوسف الخروج إلي الحديقة واستنشاق بعض الهواء النقي ولكن عند خروجه وجد أوليفيا تقف مع فتاة أخري يبدو أنها صديقتها قرر أن يعود أدراجه للداخل حتي لا يتطفل عليهم لكن وبمجرد أن استدار سمع ما جمده مكانه دون حراك
سمع صوت صديقتها تتحدث بنحيب باللغة الإنجليزية
صديقتها ( سيلڤيا ) بنحيب : لقد قام بخيانتي أوليفيا
أوليفيا : اهدئي حبيبتي
سيلڤيا بدموع : أنا لا أصدق حتي الآن أن جاك فعلها بعد زواج دام لسبع سنوات وحب استمر لسنوات طويلة أين حبه ؟ أين وعوده لي ؟ ماذا أخبر أولاده ؟ هل أخبرهم أن والدهم خائن كيف سيكون في نظرهم ؟
ثم نظرت لأوليفيا ودموعها تنهمر كالشلالات : ولكن أتعلمين ماذا أنا أستحق هذا لطالما رأيته يبتسم لهذه ويراقص هذه ويثني علي جمال تلك وكنت أغض الطرف عن ذلك فحبه لي فوق كل شيء وبنفس الوقت أنا أحبه ولا أستطيع العيش بدونه ولكن أي حب ذلك الذي يجعل الإنسان يتخلى عن كرامته وأبسط حقوقه في أن يكون شريكه له وفقط
كانت أوليفيا تنظر لها بصمت لا تعرف ماذا تقول لتواسيها هي تعلم أن جميع كلمات المواساة لن تهون ما حدث لذا جذبتها لأحضانها وهي تربت علي كتفها بصمت تستمع إلي كلماتها التي تهذي بها بأنه كان يجب عليها الرحيل من قبل
كانت تشعر بالشفقة والحزن علي سيلڤيا فهي صديقتها الوحيدة هنا وهي تعلم أنها لا تستحق ذلك ولكن من منا يحصل على ما يستحقه
استمرت في احتضانها حتي هدأت تماماً بين أحضانها وجلست وأجلستها بجانبها
أوليفيا : ماذا ستفعلين الآن ؟
سيلڤيا : ما رأيك أنتِ ؟
أوليفيا : أمامك خياران إما تحمل خيانته وغض الطرف عنها مستقبلاً من أجل الحفاظ علي حياة أسرية لأبنائك وإما الطلاق والبدء من جديد مع أبنائك
نظرت لها سيلڤيا بصمت للحظات حتي تحدثت أخيراً
سيلڤيا : أتعلمين أوليفيا لا يمكنني إخبارك أنني أصبحت أمقته ولكن بنفس الوقت لن أستطيع احتمال خيانته لبقية حياتي وسيأتي يوم وانفجر به فلمَ لا يكون اليوم حتي يظل الاحترام قائماً بيننا ولا أشوه صورته أمام أبنائه
أوليفيا مربتة علي كتفها : هذا قرارك حبيبتي وأنا أدعمك به
سيلڤيا بتصميم : حان وقت المواجهة
أمسكت أوليفيا بيدها وهي تشد من أزرها : حبيبتي أنتِ تستحقين الأفضل تذكري ذلك
ثم نظرت إليها : هل أتي معك ؟
سيلڤيا : أظن أننا بحاجة للحديث بمفردنا
أوليفيا : حسناً ولكن تذكري أني معكِ دوماً
سيلڤيا بتأثر : شكراً لك أوليفيا
أوليفيا : سيلڤيا أنتِ صديقتي الوحيد وسأظل بجانبك دوماً
احتضنتها سيلڤيا وذهبت في طريقها
كان كلمات سيلڤيا تسقط علي يوسف كسهام مسمومة لا يعلم لمَ يشعر وكأنه المذنب في تلك القصة هل لأنه رأي نفسه بطل تلك القصة بعد عدة سنوات إذا تم زواجه من رسيل دون أن تكتشف خيانته يا الله كم يحمد الله الآن علي أن قصته هو ورسيل انتهت عند ذلك الحد دون خسائر تذكر سوي كسر قلب رسيل علي الأرجح ولكن هذا قليل بالنسبة لما كان سيحدث مستقبلاً لو تم زواجهم فالأمر أصعب في ظل الزواج وبوجود أطفال
في تلك اللحظة رأي يوسف فداحة ما فعله وقرر أنه أياً كانت من سيتزوجها فهو لن يخونها مطلقاً وهو بحاجة لأن تسامحه رسيل شعر كم أنه مدين لرسيل فلولاها ما كان هنا لمَ كان تغير للأفضل فقد أسهمت بشكل غير مباشر في وصوله لتلك النقطة
لذا بعث لها رسالة من رقمه الجديد
رسيل أنا آسف على كل شيء أعلم أن كل كلمات الاعتذار لن تكون كافية بالنسبة لكِ ولكن هلا سامحتني ربما لم أكن أستحقك رسيل أنتِ تستحقين الأفضل دوماً ولا تتنازلي عنه أبداً أتمني لك السعادة أينما ذهبتِ أعلم أن ما أطلبه قد يعد وقاحة مني ولكن إن لم يكن اليوم أتمني أن تستطيعي مسامحتي بيوم من الأيام ويمكنك اعتباري أخاً لكِ منذ اليوم
يوسف بن خالتك
علي الجانب الآخر قرأت رسيل الرسالة بابتسامة دون أي شعور بالحب أو الكراهية تجاه يوسف لذا كتبت رسالة مقتضبة من بضع كلمات
رسيل : لقد سامحتك بالفعل يوسف وأتمني لك السعادة
وضغطت علي زر الإرسال ثم قامت بمحو رسالته لتطوي صفحةً من حياتها ربما كانت سوداء لكنها أيضاً لم تخرج منها خاوية اليدين بل تعلمت منها الكثير والكثير
سعد يوسف كثيراً بتلك الكلمات ولكن سمع شهقات مكتومة ليجد أن أوليفيا مازالت جالسة على العشب ولكنها تبكي ولا يعرف السبب اقترب منها ليرهف السمع ليجدها تتحدث كما لو أن هناك من يسمعها
أوليفيا بشهقات ودموع : أمي لقد اشتقت إليكِ أنا احتاج إليكِ بشدة أبي لم يقصر معي أبداً ولكنني أشتاق لوجودك لاحتضانك للحديث معك اشتاق إلي النوم علي قدمك بينما تمسحين علي رأسي بيدك اشتاق إلي خروجنا سوياً للتسوق اشتاق إلي تفاصيلنا معاً هناك الكثير الذي لم نعشه سوياً لطالما تمنيت أن تشاركيني تفاصيل زفافي أن تحملي أول طفل لي والكثير والكثير منا لا أستطيع حصره
كان يوسف يتابعها بصمت ولم يلاحظ دموعه التي انسابت علي وجنتيه لم يتوقع أن أوليفيا القوية التي يقف أعتي الرجال احتراماً لها بتلك الهشاشة لقد أوشك علي تسميتها بالمرأة الحديدة من شدة قوتها ولكن يبدو أن تلك القوة ما هي إلا قشرة تغلف بها هشاشتها اللامتناهية
لا يعلم كيف تحرك من أمامها متجهاً إلي مكتب والدها وطلب الإذن بالدخول وبمجرد دخوله وقف أمام والدها بشجاعة
يوسف : عمي أنا أريد الزواج بأوليفيا
استمرت مراجعات النادي وها هي المراجعة الأخيرة فالامتحانات الأسبوع القادم
كريم : أعتقد أننا قد شرحنا كل ما فاتكم
رسيل : أجل
كريم : إذن بالتوفيق للجميع
مرت الامتحانات سريعة وها هو اليوم الأخير
كانت علا تنتظر خروج رسيل ورواء بقلق فهما في لجنة واحدة ولكن لا تعلم لمَ كل ذلك التأخير فالامتحان لم يكن بتلك الصعوبة قاطعها خروجهما معاً
علا بقلق : لمَ كل ذلك التأخير ؟
رسيل بابتسامة وهي تعدل نظارتها الطبية : لا تقلقي بعض المراجعة ففي المراجعة إفادة
نظرت علا لرواء بمعني ماذا عنكِ
رواء : وأنا أحب الدقة كما تعلمين فلا أخرج حتي انتهاء الوقت المحدد
نظرت لهما علا بغيظ : والآن إلي أين سنخرج ؟
رسيل : نتناول الغداء أولاً فأنا أتصور جوعاً
ذهبوا إلى أحد المطاعم يتناولون طعامهم بهدوء وسعادة حتي ضيقت رسيل بين عينيها بغضب وتذكرت ذلك اليوم حين كانوا في النادي وتعثرت علا والتوت قدمها
فلاش باك
كانوا في طريقهم إلى كريم الجالس على أحد الطاولات حتي تعثرت علا بحجر والتوت قدمها هب كريم فزعاً والقلق مرتسم علي ملامحه بوضوح وأمسكها من يدها وأجلسها علي أحد الكراسي ليفحص قدمها كانت علا تتألم بصمت فأمسك بوجهها بين كفيه
كريم : حبيبتي اهدئي
ثم تحدث باستفهام
كريم : هل تؤلمك؟
هزت علا رأسها بالإيجاب في حين كانت رواء تتابع الموقف بقلق ولكن كلمة حبيبتي اخترقت أذن رسيل مع ذلك القلق المبالغ به من وجهة نظرها
رواء بقلق : هل هي بخير كريم ؟
كريم : لا تقلقي مجرد التواء بسيط في الكاحل يحتاج إلى بعض المراهم وستكون بخير
ثم نظر إلي رسيل : وأنتِ لا تقلقي رسيل
كادت أن تجيبه : لست قلقة ولا غيره يكفي قلقك أنت
لكنها آثرت الصمت
باك
عادت من شرودها علي صوت علا : رسيل ماذا حدث ؟
رسيل : لا شيء
ثم تابعت بتوتر : علا هل لي أن أسألك سؤال ؟
علا وهي تتابع تناول طعامها : بالطبع رسيل وهل أنتِ في حاجة للاستئذان ؟
رسيل بتوتر أكبر : لا تفهمي سؤال خطأ
نظرت لها علا باستغراب
فتابعت رسيل وهي تقلب الطعام أمامها بلا هدف : هل هناك شيء بينك وبين كريم ؟
نظرت لها علا باستغراب وكأن لها رأسين ووقف الطعام بحلقها وأخذت تسعل بشدة فناولتها رسيل كوباً من الماء أخذته منها ولكنها ظلت علي صمتها في حين انفجرت رواء بالضحك
نظرت لها رسيل بحدة : لا أري ما يستدعي الضحك سألت سؤالاً وفقط
ولكن رواء لم تتوقف عن الضحك
لملمت رسيل حاجيتها وقررت الرحيل
رسيل بغضب :سأذهب وأتركك تضحكين
ولكن بمجرد وقوفها حتي وجدت كريم يقف خلفها شعرت بالقلق من أن يكون سمع حديثها ولكنها اطمأنت ما إن لمحت الابتسامة علي وجهه ولكن ذلك الاطمئنان لم يدوم حين سمعت حديثه
كريم : ما رأيك أن أجيبك أنا عن سؤالك
احمر وجهها من الخجل ولم تعرف ماذا تقول
سحب لها المقعد لتجلس فلم يكن أمامها إلا الجلوس وجلس هو علي المقعد المجاور لها
كريم : لم تخبريني ما هو سؤالك ؟
نظرت رسيل إلي الأسفل بخجل وهي تشعر أنها وضعت نفسها بموقف محرج
لاحظ كريم خجلها لذا آثر التحدث
كريم : رسيل أنا بحاجة للحديث معك ولكن سأجيبك عن سؤالك أولاً
نظر إلي علا التي تجلس على الكرسي المجاور له من الناحية الأخرى وأحاط كتفيها
ثم تابع حديثه : علا هي حبيبتي وصديقتي وأختي
لمعت الدموع بمقلتيها وقررت الرحيل لكنها توقفت عند الكلمة الأخيرة ونظرت له باستغراب
كريم بابتسامة : أجل علا شقيقتي من الرضاع فقد أرضعتها أمي مع رواء حين كانت والدتها مريضة ولم تستطع إرضاعها
نظرت له رسيل بصدمة فلم تتوقع ذلك الاحتمال علي الإطلاق ولكنها لا تنكر أن ذلك الخبر أسعدها بشدة
كريم بجدية : هناك شيء آخر يجب أن تعرفيه
نظرت له باهتمام
فتابع : رسيل أنا من طلبت من علا إخبارك عن خيانة خطيبك السابق
نظرت له باستغراب وعدم فهم ثم تحدثت بتساؤل : لماذا ؟
كريم : رسيل يجب أن تعلمي أني أحبك منذ فترة طويلة وحين قررت خطبتك تفاجأت بإعلانك خبر خطبتك في الجامعة حينها اسود العالم في عيني لكنني قررت الابتعاد فليس من أخلاقي حب فتاة ملك لآخر كنت أعرف خطيبك فقد قام بإيصالك عدة مرات للجامعة لذا عندما رأيته في أحد الكافيهات يجلس مع
فتاة ما علمت أنه هو ولكن ظننت أنها أحد أقاربه ولكن استمر الوضع فتأكدت ذلك اليوم حين كانت علا معي فطلبت منها إخبارك وحينما علمت بخبر فسخ خطبتك كنت أحلق بين السحاب لكني قررت إعطاءك وقتك حتي تسترجعي ذاتك رسيل هلا تتزوجي بي ؟
نظرت له رسيل بصمت وكأن الزمن قد توقف عند كلمة أحبك تشعر أنها تسمعها لأول مرة قلبها يرفرف من السعادة حتي عندما سمعتها من يوسف لم يكن لها هذا الوقع بنفسها لذا ابتسمت بخجل ممزوج بالسعادة وهبت واقفة
رسيل : هيا يا فتيات
وأسرعت إلي الخارج
كريم : لم تخبريني رأيك ؟
رسيل دون أن تستدير : يمكنك محادثة أبي
ابتسم كريم بسعادة فقد أخبر والدها بالفعل قبل الحديث معها
خرجت رسيل من المطعم وهي تضع يدها على قلبها وكأنها تهدأ نبضاته المتسارعة
نظرت خلفها لتجد رواء وعلا يطالعنها بسعادة حقيقة
اقتربت منها رواء معانقة إياها بسعادة
رواء : مبارك يا حبيبتي ستصبحين زوجة أخي
ابتسمت رسيل بخجل : العقبي لك
علا بغيظ : هذا دوري
ابتعدت رواء عن رسيل لتقترب منها علا معانقة إياها مقبلة أعلي رأسها
علا : مبارك حبيبتي تستحقين الأفضل
رسيل : شكراً لك علا أتمني لكِ السعادة
عادت رسيل إلي المنزل لتجد والدتها جالسة بمفردها ويبدو أن والدها ما زال في عمله فجلست بجانب والدتها لتقص عليها ما حدث معها
كانت والدتها تستمع إليها باهتمام حتي انتهت وابتسمت لها بسعادة أم بابنتها
رسيل باستغراب : كنتِ تعرفين !
ميرڤت : بالطبع كنت أعرف لقد تحدث مع والدك وتقدم لخطبتك ولكنه طلب محادثتك أولاً في وجود أختيه ووافق والدك والآن ماذا عن رأيك ؟
رسيل : أمي أنا أشعر بالسعادة أشعر بأحاسيس مختلفة لم أشعر بها من قبل أشعر أنه الشخص المناسب لكن هناك شعور داخلي بالضياع والخوف من الفشل مجدداً
كانت ميرڤت تعلم كم التناقضات التي تعاني منها ابنتها في تلك اللحظة
لذا جذبتها إلي أحضانها : حبيبتي أنتِ لم تفشلي أولاً من الأساس فيوسف لم يكن نصيبك من الأساس أما كريم فهو
يختلف عنه تماماً وقد جمع والدك بعض المعلومات عنه وتأكد منه ومن أخلاقه ولكن أعلمي حبيبتي أنه مهما كان كريم الزوج المثالي في نظرنا فنحن لن نجبرك عليه مهما حدث فتلك حياتك ويجب عليكِ أن تعيشيها كما تحبين
رسيل بخفوت : أمي لقد وقعت بحب كريم
شددت ميرڤت من احتضانها وهي تتمني السعادة لابنتها
في منزل كريم طرق الباب علي غرفة شقيقته رواء والتي سمحت له بالدخول
دخل كريم إلي الغرفة فوجدها جالسة على فراشها تتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي فجلس بجانبها
كريم : رسيل لقد تقدم أحدهم لخطبتك
كادت أن تقاطعه بحجة عدم التفكير في الزواج في الوقت الحالي في حين أنها تريد انتظار حسن لكن إلي متي ستنتظره يكفي إلي هذا الحد ستري ذلك العريس المزعوم وإن كان مناسب ستوافق عليه
رواء : حسناً سأجلس معه وأري إن كان مناسب
كريم باستغراب : ألن تسألي عن اسمه
رواء بلا مبالاة : ليس مهماً
كريم : حسناً سيأتي يوم الخميس
رواء : لا مشكلة
خرج كريم من غرفة شقيقته في حين ظلت هي جالسة على حالها تنظر أمامها بشرود