CMP: AIE: رواية بنت المعلم الفصل الثامن والعشرون28بقلم حسناء محمد
أخر الاخبار

رواية بنت المعلم الفصل الثامن والعشرون28بقلم حسناء محمد


رواية بنت المعلم
 الفصل الثامن والعشرون28
بقلم حسناء محمد

أمسك جابر مرفقها يديرها إليها متسائلاً والذهول يعتلي قسمات وجهه : 

يعني ايه عمتك طردتك 

ثم هدر بحده : 

دولت اتجننت ولا ايه دا ليله أهلها سودا معايا 

أمسك سالم معصمه مردف بضيق : 

اصبر 

ثم حدق بـ هند مردد باقتضاب : 

أنتِ عملتي ايه 

مسحت هند وجنتيها وقالت بشهيق : 

والله ما عملت حاجه 

واستطردت بحرقه وبدأت أنفاسها تتقطع لبكائها الزائد : 

هي نادت عليا وزعقت وأنا مش السبب فكراني مش بخلف وهو أحمد 

رمقها جابر بعدم فهم ثم نظر إلي سالم الذي سألها مستفسر : 

مين مش بيخلف 

ضغطت هند علي أحرف كلماتها بحسره : 

أحمد مش بيخلف يا بابا 

وارتمت في أحضانه وصوت صياحها يزداد...... صدم سالم بما قالته ولكن مسح علي رأسها متمتم بشرود : 

ادخلي يا هند جوه 

نظرت إليه بحزن ثم دلفت تجر حسرتها الي داخل مستقبل مجهول، 

تطلع جابر إلي سالم يسأله بنبره باهته : 

أحمد مش بيخلف ؟!!! 

أجابه بفتور وعقله مشتت للغاية : 

معرفش لكن ازاي 

انكمش بين حاجبيي جابر مردف باستغراب : 

هو ايه ازاي ارادة ربنا يا خويا 

حرك سالم رأسه متمتم بهدوء : 

ونعمه بالله 
واستطرد بحزم : 

 علي موعدنا بعد صلاة المغرب 
 
حمحم جابر مضطرباً من سوء أوضاع سالم، وبدلاً من  التفكير في حياته وحل كم المشاكل الملاحقة به، لا يضيع اي فرصة تكون لاحدي أخويه سواء عبده أو جابر : 

طيب ما نأجلها انهارده ونروح يوم تاني 

هتف بصرامة ينهي الحديث : 

كفايا كدا بقالنا اسبوع محدش طل عليها ليفكروا أنها ملهاش حد 

أمأ جابر بهدوء ثم استأذن بالرحيل، عليه اخبار زينب وخلود بتحضير أنفسهن حتي لا يتأخروا علي موعد العائلة في الزيارة الأولى الي مي في منزلها الجديد، كان إصرار جابر القوي بعدم ذهابه إليها أو الحديث معها طلية حياته مسيطر علي قراراته، حتي أمر سالم بأن الأمور ستسير بشكل طبيعي أمام عائلة زوجها، ويكفي عليها ذلك العقاب، لذلك قام بالتكفل بأول زيارة وتحضير سيارتين بها كل ما لذ وطاب هداية الزواج، 

؛************** 

صعد المعلم للطابق الأول وعقله مشتت، إذا أحمد لديه مشاكل لي في الإنجاب لِما قرر هو وهند تأجيل الانجاب من اول زواجهم؟!، 

اقتضبت ملامحه وهو يري هند المحتضنة صباح بقوة ويلتفوا حولها نجاة وهند، ومن المؤكد جيشه الجالسات في وصلة تحقيق كي يعرفن سبب صياحها، رمقهم بحنق مردد ساخراً : 

انتو لحقتوا تعملوا رباطية 

نظرن البنات لبعضهن بتوتر ملتزمين الصمت..... أشار سالم إلي صباح بالنهوض فنصاعة إليه بهدوء، جلس هو بجانب هند التي اندفعت تعانقه بقوة وصوت نحيبها مزق قلوبهم، تنهد بخفوت ثم سألها بحنو : 

ايه الحصل يا هند، وايه معني الكلام الأنتِ قولتيه تحت ؟! 

هتفت بحزن وهي تدفن وجهها في صدره : 

أحمد مش بيخلف يابابا 

واعادت حديثها الذي جعلهم يصعقوا من الصدمة : 

أحمد مش بيخلف 

نفذ صبر سالم من عدم إيجاد أجابه لأسئلة عقله، أخرجها متسائلاً بعدم فهم : 

ولما هو مش بيخلف كنتو مأجلين الخلف اربع سنين ازاي 

ضغطت علي شفتيها تسيطر علي شهقاتها وتمتمت بحرقة :






 
طلع عارف من قبل ما يتجوزني وكان بيضحك عليا 

ضربت صباح علي صدره مردده بفزع : 

يا ميلت بختك يا بنتي 

حوقل سالم بآسي بينما اخذت نجاة ترتب علي هند بحزن علي حال تلك المسكينة التي لطالما حاولت تصليح أمور زواجها الواضح منذ البداية بفشله وإرسال إشارات قاسية، 

ظهر الحزن علي قسمات وجه الفتيات مع صوت بكاء اختهن..... تطلع سالم إلي رحمه التي توترت من نظراته المصوبة عليها، رحم سيل أفكارها في سبب نظراته عندما قال موجه الحديث إليها : 

تفتكري ايه سبب تصرف أحمد يا رحمه 

بللت شفتيها بطرف لسانها وهي تجول بظرها بين أخواتها تستغيث بمن يساعدها، عندما طال صمتها أعاد سؤاله بصيغه أخري : 

تفتكري تصرفه دا صح ؟! 

تلك المرة إجابته بهمس فكان السؤال سهل تلك المرة : 

اكيد غلط 

: ليه ؟! 

 كان هذا سؤاله الثالث إليها أيضاً.... رمشت رحمه بأهدابها متوترة من أسالته الغريبة في ذلك التوقيت، فمنذ أكثر من أسبوع لا يخاطب أحدن منهن وبالأخص هي، تلجلجت نبرتها قائلة : 
 
 يعني مينفعش كان يخبي حاجه زي دي علي هند وكمان بقالهم اكتر من 4 سنين متجوزين 
 
 مد سالم يده في جيب جلبابه يخرج محرمته الخاصة يقدمها إلي هند، ثم تسأل مره أخري بهدوء أصابهم بالقلق من ردة فعله : 
 
 وايه خلاها يعمل كدا 
 
 إجابته تلك المرة حسناء  التي احتدت نبرتها غضبا علي حزن أختها :
 
 عشان عنده نقص 
 
 كان حال حسناء مثل رحمه من تجنب سالم إليهن باستمرار ولكن أجابتها ذادت فضوله من سببها بالتحديد فسألها مقتصراً : 
 
 يعني ؟! 
 
 أشارت حسناء علي هند التي بدأت تمسح وجهها بالمحرمة وشهقاتها الخافتة تصدح رغماً عنها : 
 
 يعني لو أحمد منكش ناقص وعنده ايمان بربنا وراضي بحاله، مكنش عمل كدا وكان صارح هند وتقبل منها أي رد فعل بدل ما يخبي عليها ويحملها فوق طاقتها 
 
 لم يخفي سالم إعجابه بحنكة ردها واكتفي بنظره إليها كي لا يحتك في حديث معها، ثم نقل نظره الي رحمه هاتف بجمود : 
 
 تصرف أحمد بسبب عدم الرضا 
 
 واستطرد بمخزي : 
 
 كل واحد فينا ليه 24 قيراط في صحة، أو مال، أو عيال وغيره من نعم ربنا علينا الكتيره واحنا ساهين عنها، عدم الرضا علي كل النعم دي بيخلنا دايما عايشين صراع، ليه مش عندي دا، ليه مش زي دا، ليه كدا، ليه وليه، مع أن ممكن يكون عندك الغيرك يتمني ربعه، والحياة تعدي واحنا بنعد ليه مش دا ودا 
 
 واستكمل وهو ينظر إلي هند الصاغية اليه بعناية : 
 
 ويجي واحد زي أحمد مش بس مش راضي بنصبيه في الدنيا، لا دا بيحاول يطلع النقص الجواه فيكي أنتِ ويوهمك أنك ست مش كويسه ومش أهل تكوني أم وقدر يقنعك بتأجيل الخلفة، محدش يقدر يعترض علي قضاء الله وفي الف طريقة كان ممكن تغطو بيها علي الحاجز دا وأبسط شئ تتبنوا طفل ولا اتنين وحتي تلاته وانتم في مقدرتكم دا
 
 ملس علي رأسها يكمل بحنو : 
 
 يا بنتي عمر ما كان نصبنا بأيدينا، وأنا متأكد أن لو أحمد صارحك من البداية مكنش هيكون عائق بينكم لان عارف أنا مربي بنتي علي ايه، يوم ما ربنا كرمني بيكم ولحد دلوقتي بلاقي أسئلة في عيون الناس أنت ازاي قادر تتعايش انك ملكش ولد في وسط البنات دي، لكن أنا عندي يقين أن واحد 24 قيراط بتوعي وراضي بكدا  والحمد لله
 
 نهض يقف أمامهم ينهي الحوار بحزم : 
 
 في النهاية كل الاقدر أقوله يروح قرد يجي غزال، الميقدرش نعمته تزول من وشه 
 
حقا كل مره تكن ردة فعله غير متوقعة ولا تخطر علي عقل واحدة منهن، ابتسمت أمل بسعادة لوجود ابيها في حياتهن الذي يهون اي شيء إلا حزن احداهن، مسحت صباح عبراتها مرتبه علي هند التي بدأت في الهدوء قليلاً......بينما ظلت رحمه تعيد حديثه داخل عقلها مراراً، ربما عليها التفكير مرة أخري وإعادة النظر في أحتاجها لطبيب أم إلي عد النعم التي لا تراها، 

 أخذ المعلم عصاه وهو أمرا صباح : 
 
 حضري نفسك علي صلاة المغرب رايحين لـ مي 
 
 ثم نظر إليهن جميعاً يستكمل محذراً : 
 
 مش عايز الموضوع دا ينفتح نهائي ولا حتي بينك وبين نفسك يا هند 
 
 أمأت إليه بهدوء فقد تغلب الوهن منها، في اللحظة الحاسمة خرجت نبرة حسناء مستأذنه منه قبل خروجه : 
 
 بابا لو سمحت 
 
 دار إليها يرمقها بجمود، بلعت لعابها بصعوبة ثم هتفت بهمس : 
 
 هو حضرتك هتفضل مقاطعني كتير 
 
 ظل ينظر إليها دون رد فقالت معتذرة : 
 
 أنا عارفة مهما اعتذر مش كفايا 
 
 وأشارت علي رحمه مكملة بحزن : 
 
 لكن خوفي عليها في الوقت دا لغي تفكيري 
 
 لم تتغير تعبيره الجامدة ولبرهه رمقها هي ورحمه ثم خرج دون أن يضيف كلمة علي 





اعتذارها الواضح أنه لم يقبل، زفرت حسناء بملل بعد أن أصابها اليأس من محاولتها الفاشلة في إرجاع علاقتها معه، نهضت صباح مرتبه علي كتفها وهي تقول بأمل : 
 
 صدقيني هو ميقدرش علي الزعل من واحده فيكم 
 
 واستطردت إلي خيريه : 
 
 خودي هند خاليها تغير هدومها وتستريح
 
 نهضت خيريه تمسك هند من مرفقها تساعدها علي الوقوف ثم اسندتها في الحركة الي غرفتها، 
 
 انتظرت ناديه خروجها ثم أبدت مدي غضبها من تصرف دولت وكيف لها بأن تتصرف هكذا مع هند، شاركتها نجاة وصباح في الحديث المقتضب وخطأها في رد فعلها علي هند التي لا يخصها شيء والسبب هو ابنها، بقلم حسناء محمد سويلم
 
 ؛******************* 
 
 : متعرفش اخر الاخبار 
 
 نطق بها ذلك الرجل المسن بأعين مشتعلة بالحماس، ألقي عز حزمة نقود علي الطاولة بضجر.... التقطها المسن بسرعة وسال لعابه وهو يمسك عدد من النقود التي لم يحلم بها من قبل، بعد أن اتفق معه منصور بأخباره بتفاصيل آل سويلم بحكم مكوثه في بلدتهم، 
 
 لوت هاديه فمها بسخرية علي تفكيرهم الأبله، عندما نفذ صبرها نهرته بحده : 
 
 أنت هتفضل مريل علي الفلوس ومش هتنطق 
 
 ابتسم الرجل بتوتر واردف بزهو علي قدرته : 
 
 بنت المعلم سالم الكبيره كانت ماشيه في طريق بيت ابوها من ساعتين بتعيط وتشحتف ومش شايفه قودمها 
 
 رفع عز حاجبيه متسائلاً باستفسار : 
 
 وبعدين 
 
 مط الرجل شفتيه بقلة حيلة : 
 
 الكلام كتير بس محدش يعرف الحقيقة 
 
 أشار منصور إليه بالرحيل متضدد من أخباره الناقصة دائما.... إنصاع المسن ببطيء فـ الشيب متمكن منه، 
 
 عند خروجه نظر عباس الي منصور متسائلاً باقتضاب : 
 
 واحنا مالنا بالكلام دا يا منصور ما تخلينا في شغلنا 
 
 أمأ إليه منصور مأكد حديثه الذي راق اليه بالتحديد في ذلك الوقت العسير من إكمال عملهم : 
 
 اهو بيقول اي حاجه يعرفها عشان نكون علي نور 
 
 رفعت هاديه حاجبها مغمغمه بحنق : 
 
 مالكم كبرتوا ونخيتوا كدا ليه 
 
 دار عباس إليها مردف بجمود فهو يعلم نوايا هاديه من مجيئها بعد تلك السنوات : 
 
 بقولك ايه يا هاديه احنا مش فاضين دلوقتي غير نكمل في شغلنا عشان احنا دفعين الورنا والقدمنا فيه 
 
 ارتشفت هاديه من كوب الشاي مردده بدهشة مصطنعة : 
 
 صحيح هو أنت مش لاقي مكان تخبي فيه عيالك ولا ايه 
 
 اقتضبت ملامح عباس قائلاً بحده : 
 
 بقولك ايه أنا عيالي بعيد عن كل دا 
 
 أصاب الضجر رأس منصور من خوف عباس الزائد من وقت مقتل مصطفى فقال بـ لهجة حانقة :
 
 ما تجمد شويه يا عباس 
 
 انهي عباس الحديث مردف وهو يقف خارجاً : 
 
 الـ بينا اتفاق وساعة ما يخلص كل واحد يشيل شلته 
 
 نفث عز زفير تبغه المعلق بين أصابعه وغمغم متهكما : 
 
 مش فاهم ايه لزمة الراجل دا 
 
 هتف منصور باقتضاب : 
 
 لزمة الفلوس يا حبيبي ولا فاكر ابوك قاعد علي بنك عشان يدخل في حاجه زي دي 
 
 رمقه عز بمكر مردد : 
 
 وبرده هيكمل معانا للآخر 
 
 تطلع منصور الي هاديه التي بادلته الابتسامة الخبيثة وقال بهسيس : 
 
 مش بحب يكون ليا شريك 




 
 قهقه عز علي دهاء والده وهتف غامزا : 
 
 حلو بحبك وأنت بتفكر في نفسك بس 
 
 ثم نهض صاعدا لطابقه كي يغير ثيابه ويلحق موعده مع ساره التي هاتفته أمس وأخبرته بموعد لقاءهم في أحدي المقاهي لبلدة مجاورة بعيداً عن الأنظار، 
 
 : عز 
 
 التف قبل أن يصعد الدرج ينظر الي عمته بإنصات، نهضت هاديه تخطوا بعيداً عن منصور الذي يحدق بهم والفضول يملئ ملقتيه في معرفة حديثهم الهامس، 
 
 : خف ايدك علي اماني شويه عشان كدا مش هيعجبني 
 
 علت الاستغراب معالم عز الذي أردف : 
 
 ودا من أمته 
 
 إجابته هاديه بضجر من حديث عمر عن سكوتها لأفعال عز واهانته لأخته المستمرة أمامهم وآخر شيء هبوطها اليوم ووجهها ممتلئ بالكدمات المختلفة : 
 
 عز متنساش أن اماني بنتي واكيد مش هسيبك تمرمط فيها وانا ساكته 
 
 واستطردت بوعيد : 
 
 وكفايا أن ساكته علي نزواتك كل يوم مع واحده شكل 
 
 رفع يده يحاوط كتفيها قائلا ببسمة سمجة : 
 
 عمتي بنتك بومة في الأساس وفي الاخر جايه تقل ادبها عليا وتعلي صوتها 
 
 اعتدل في وقفته واضع يده في جيب سرواله مستكملا ببرود : 
 
 وبعدين خدم في البيت وفلوس واكل وشرب عايزه ايه تاني 
 
 رمي نظره مستهزئة استطاعت هي استشفها من نبرته قبل نظرته الأخيرة وهو يصعد الدرج تاركها تقف تتأمله،  تغاضت سريعاً عنه وكأنه تحدث للتو عن امرأة غريبة عنها وليست فلذة كبديها، ولِما تهتم الآن وهي تعلم منذ بداية زواجهم أنه يقسو في معاملته إليها ويعتمد اهانتها عقاباً علي موافقتها من الزواج منه..... لتفكر في سبب بكاء بنت المعلم وشغل عقلها هدوئه وما يخفيه وراء ذلك السكون، بقلم حسناء محمد سويلم 
 
 ؛**************** 
 
 خرجت من غرفتها بعد قيلولة هادئة تستجم بها، قطعت تثاؤبها وهي تري سحر تجلس علي الأريكة خاصتها بجانب عبده المشغول في مراجعة بعض الأوراق مع محمود......
 
 جف حلق سحر عندما رأتها متسمرة محلها تحدق بها والشرار يتطاير من أعينها، اختارت أن تنسحب في هدوء ابتعاد عن المشاكل التي أصبحت روتين معتاد خاص بهم ، 
 
 : ما تخليكي يا ختي لست بدري 


 
 رفع عبده نظره علي صوت رحاب الساخر ترمي به سحر التي وقفت مستعدة للصعود الي شقتها، بينما حرك محمود رأسه يأس من تلك الحياة، 
 
 أمسك عبده معصم سحر يعيدها تجلس بجانبه متجاهل رحاب التي استشاطت غضبا من طريقة تعامله معاها الجافة أمام سحر، تقدمت تمسكها من ثيابها ودفعتها بعنف بعيداً عن مجلسها الخاص مردده بقرف : 
 
 غوري واتنيلي في اي حته بعيد عن مكاني 
 
 تماسكت سحر في المقعد كي لا تسقط أرضا.... تحول وجهها كثمرة بندورة احراجا من عبده ومحمود، عند ذلك الحد ألقي عبده الورق من يده موبخ رحاب بضيق : 
 
يكونش مكانك دا جيباه من بيت أهلك وانا معرفش 

وضع محمود الورق هو الآخر ثم خرج حفظا لما تبقي من ماء وجهه بتصرفات تلك العائلة الهادئة، وقف أمام الباب يستمع إلي فض المشاحنة كي يدخل ويكمل إنهاء إجراءات عملهم خاصة بعد الاسبوع الذي قضاه بجانب اخوه سالم في المشفى، 

بالداخل تخصرت رحاب مردده باستنكار : 

نعم يا سي عبده مبقاش تعلي صوتك غير عشان دي 

أشار عبده علي سحر قاصدا استفزازها : 

دي تبقا مراتي وست البيت هنا زيها زيك 

ثم نهض واقترب من سحر الصامتة يمسك كفها يسحبها خلفه صاعدا الي شقتهم، أثناء صعوده أمر محمود ساخراً : 

نكمل شغل بعدين أحسن الواحد مش عارف يشتغل من كتر سعادته 

ضربت رحاب المعقد غيظا، دائما ينتهز اي فرصة كي ينصر سحر عليها ويهين من كرامتها وقدرها في ذلك المنزل، نهضت متوعدة إليهم ودلفت الي غرفتها كي تفكر بتركيز في الرد علي عبده بطريقة لا يتخيلها، 

رمي محمود جسده علي المقعد بملل ثم أمسك جهاز التحكم يأتي بقناة الرياضة ويتابع أحدي مباريات كرة القدم، أخرجه من اندماجه صوت ندي الغاضب وهي توبخ حسين : 

أنت ليه مش بتسمع الكلام 

ركض الصغير هارب من غضب والدته ويحتمي في عمه قائلا بخوف : 

والله ما انا يا ماما دا راغب ( ابن محمود ) 

اعتدل محمود وهو يري غضب ندي متسائلاً بقلق : 

خير يا ندي لي في ايه 

صاحت بضيق بعد نفاذ صبرها : 

محدش بيسمع الكلام البيه دلق صينية الاكل بتاعت أبوه علي الارض عشان كان بيلعب 

بكي الصغير وهو يردد بخوف من بطش والده إذا علم : 

والله ما أنا دا راغب وقعني 

حاولت ندي امساكه ولكن محمود خبأه خلفه، وقال بحرج بالغ : 

انا اسف يا ندي انا عارف أن تعبك معايا 

شعرت ندي أن محمود فهم خطأ فأمرت الصغار بحزم : 

اطلعوا فوق مع هاجر ورهف 

انتظرت خروجهم واكملت معاتبه : 

دا كلام يا محمود تعب ايه بس ياريت متفهمنيش غلط بس والله انا اضايقت لما دلقوا اكل باباهم 

حرك محمود رأسه بالنفي مردف بامتنان : 

والله أنا مش عارف اشكرك ازاي يعني امهم سابتهم بقلب جامد، وأنتِ رغم كل الأنتِ فيه مش سيباهم 

واستطرد بشرود : 

بس هانت 

أصابت الريبة ندي فسألت بعدم فهم : 

يعني ايه ؟! 





تنهد محمود بخفوت واجابها بـ لهجة باهته : 

هرجع ميادة 

تهتهت ندي بذهول لقراره المفاجئ : 

ايه ؟! يعني أنت متأكد 

أمأ إليها مردد بفتور : 

عياط هاجر عليها خلاني اخد خطوه مكنتش عايزها أبدا 

قطع حديثهم صوت الفتاة التي تأتي لمساعدة ندي في أعمال المنزل كل يوم ثلاث ساعات، استأذنت ندي منه كي تصعد معاها فهي تشرف عليها كي لا تقترف خطأ غير مقصود، فهي لا تحب أن يتدخل أحد في شؤون مملكتها ولكن ظروفها وتعب حملها لا يساعدها علي ذلك أبداً،

 تنفست الصعداء وهي تجلس علي المقعد تراقب الصغار في أداء واجباتهم والفتاة تنظف المطبخ بقرار محمود زال حملا ثقيل علي عقبيها، لا تنكر حبها إلي صغاره ولكن هم مع أطفالها وحملها ومرض سالم أصابها بوهن فتك بأعصاب جسدها، 
 
؛****************** 

وأخيراً بعد قضاء أكثر من ثلاث اسابيع يدرس جوانب مشروعه بعناية انتهي اليوم من المراجعة النهائية..... وقف امام الباب الحديدي ببعض التوتر والقلق من أن يخيب ظنه في تحقيق حلمه الذي هو سبب في مجيئه إلي تلك القرية وشراء منزل عباس، 

تنهد بخفوت ثم دفع الباب برفق بعد أن جاء رد المعلم سالم علي مكاملته وأمره بالدخول الي المجلس، قبض علي الملف بقوة ومستمد بصيص أمل وأن تعبه لن يذهب هباءً 

: يا مروه دي عاشر صورة متعجبكيش 

تثبت محله عندما وقع علي أذنه تلك النبرة المميزة التي لم تفارق ذهنه منذ سماعها لأول مره، نعم إنه الصوت الذي شغل عقله منذ اليوم الذي استضافه المعلم في منزله، 

: يلا يا خيريه اخر صورة ومتقبيش فقر 

التف ينظر حيث يأتي صوتهن.... كانت فتاتان يجلسن في اخر البهو ولكن من يدخل الي مجلس الرجال يمكن رأيتهن بوضوح، افترشن الأرضية الخضراء وإمامهم إبريق من الشاي وآخر من القهوة وبجانبهم طبق من الكيك والحلويات المختلفة، 

تأملهن عامر لثوانً وبسهولة استطاع معرفة مروة لأنها دخلت المجلس أثناء وجوده.... إذنا الأخرى تكن خيريه صاحبة الصوت المميز كما أطلق عليها، لم يتخيل انه سيحظى بمعرفة هويتها بعد ذلك الوقت والآن بالتحديد، 

: يعني صوت مميز واسم مميز وضحكة قمر كدا دا ينهار
 قمر 
 
همس لنفسه متعزل بها متناسي المنتظر بداخل المجلس، تنهد بهيام ومازال يتأملها وبسمته العريضة تزين ثغره كلما رأي ضحكاتها....

اجفلت امل الأتية تحمل طبق فواكهه علي ذلك الغريب الذي يتأمل اخواتها بشرود، هبطت بجزعها هامسه بتعجب : 

مين دا ؟! 

نظرت خيريه حولها لتجد عامر يحدق بها بثبات، وكزت مروه وهي تضحك امل قائله بعبث : 

الاه هو مفيش حد بيبحلق فينا ليه يا بت يا امل 

صحصح عامر علي نفسه عندما رأي نظراتهن المتعجبة من وقفته الغربية، تنحنح بحرج ثم أكمل طريقه الي المجلس ..... بينما وضعت خيريه يدها أسفل ذقنها متمتم بحيره : 







قفاه مش غريب عليا 

قهقهة أمل حتي دمعت عينها مردده بضحك : 

الناس بتقول اسمه مش غريب شكله حتي إنما اول مره اسمع قفا دي 

غمزت مروه متسائلة بمكر : 

قري واعترفي ومتكونيش زي البت رحمه لما هربت مننا 

قطبت خيريه جبينها مستفسرة : 

ليه ايه حصل 

بدأت الجلسة في قص إليها ما حدث مع منير وتسمره مثل عامر يحدق في رحمه وهي تقف في الشرفة، ودقائق وانضمت حسناء وهند إليهن ويسود الوقت بعض من المرح بعيدا عن شد الأعصاب وما يحدث معهم..... فهن قررن أن يخففن عن هند وإخراجها من بكائها المستمر وتحسن مزاجها السيء للغاية، 

؛*************بقلم حسناء محمد سويلم

داخل المجلس نظر المعلم إلي الملف لدقائق ثم رفع نظره متسائلاً بهدوء : 

اسمعني عايزه تعمل المشروع دا وليه هنا ؟! 

ظهر الحماس في نبرة عامر وهو يشرح إليه بفخر أصل بدايته : 

حضرتك مش غريب واكيد فاكر أن والدي رحمه الله كان بيبع خضار ولما خرجنا من هنا استمرنا علي الحال دا لحد ما توفي وأنا مسكت بداله بس بطريقتي 

واستطرد بتذكر : 

يعني بدل ما ابيع الخضار علي وضعه نزلت الوكالة واخترت ايه يناسب المنطقة الانا عايش فيها وجبت لوازم التغليف وبدأت اغسل الخضار واجرده انواع وابيع كل نوع بسعر والحمد لله الموضوع مشي لحد ما في راجل من عندنا بس عايش لي في السعوديه عجبته الفكرة وعرض عليا اشاركه في محل تبع مول والحمدلله حالياً شركاء في خمس محلات في مولات مختلفة 

اعجب سالم بشخصية عامر وعدم خجله من ذكر بداية عمله مثل البعض، عاد بظهره للخلف مردد بفضول : 

ولما هو كدا عايز ايه من بلد كلها فلاحين وعندهم بدل اراضي الخضار فدادين 

أشار عامر بسبابته يهتف بتوضيح : 

ايوا ما هو دا السبب يعني حضرتك بدل ما اروح الوكالة تقدر بمعرفك تعرفني علي الفلاحين دول واخد منهم 

ضرب سالم واجهة مكتبه بخفه مستفسر أكثر :

طيب ودا محتاج ان أشاركك 

أجابه عامر بتعلثم : 

يعني مقدرتي بعد ما اشتريت بيت عباس وان اجدده بعد ما ولع متسمحش اشتري تلاجات حفظ ولا ادفع للفلاحين وغير العربيات المجهزة الـ هتنقل البضاعة 

أمأ سالم بتفهم ثم اغلق الملف يخبره قراره : 

عجبتني الفكرة وتفكيرك عجبني 

ابتسم عامر برضا لنجاحه، ولكن أكمل سالم بشرود : 

بس عندي شرط 

اختفت بسمة عامر وأصابه القلق مره أخري وغمغم باضطراب : 

خير 

أجابه بدهاء مريب : 

تحت بيت عباس الـ هو بتاعك حاليا آثار 

صدم عامر كمن جاء بدلو ماء مثلج وسكبه فوق رأسه في منتصف يوليو، ذاد ذهوله عندما رأي بسمة ماكره علي شفتي سالم مستكملا : 

تلزمني 

؛********************* 

تشدقت بالعلكة وهي ممسكة بأداة فرد الشعر الكهربائية ( مكواة الشعر ) تفرد شعر أحدي زبونتها التي تأوهت بألم قائله : 

ما براحه يا سارة فروة راسي ولعت 







لوت سارة فمها وهي تنظر إلي انعكاس صورتها في المرأة الكبيرة أمامهم : 

بقولك ايه ما تهدي يا ختي هو انا لسا عملت حاجه 

وامسكت أطراف خصلاتها مستكملة باشمئزاز : 

وبعدين دا لون تعمليه لازم يطلع بالقرب دا عشان مش من عندي 

أكملت عملها بحرص شديد كي ينتهي بأكمل وجهه، قاطع اخر خطواتها صوت فتح باب الصالون ودلوف رجل وسيم استطاعت معرفة هويته بسهولة، انتفضت الزبونة بخضه وهي تبحث عن حجابها .... ألقت ساره المكواة بعنف ثم هتفت بحده : 

ايه يا عنيا عايز صبغه ولا تحب تنضيف شامل 

تجاهلها ونظر الي الزبونة يأمرها بصرامة : 

قومي يا وليه اطلعي بره 

كادت الانصياع اليه لولا يد ساره التي اجلستها مره اخري مردده بحزم : 

اقعدي يا وليه 

واستطردت بحنق : 

خير ايه حدفك علينا في مكان كله نسوان 

ابتسم بسماجة وقال ببرود وهو يشير علي الزبونة : 

هما فين النسوان اصل مش شايف غير واحده اهي

أشارت ساره الي الزبونة مغمغم باستهجان : 

قومي يا وليه ومش عايزه حساب 

خرجت الأخرى بسرعة تجزم أنها لن تدلف إلي ذلك المكان مرة أخري، اتجهت سارة الي أحد ادراج مكتبها تخرج علبة تبغ خاصه بها امسكت القداحة تشعلها بها وتسألت ببرود : 

ايه جابك محرمتش من العلقه الفاتت 

علي حين غرة اقترب سيف يختطف التبغ منها مردده بخبث : 

لا محرمتش 






نفث دخانه في وجهها مستكملا بهسيس : 

اصل المره الفاتت انا معملتش حاجه فـ جيت المره دي عشان اعمل بجد 

ابتسمت ساره بدلال ثم جلست علي المعقد مردفه بغنج : 

لو تقدر اعملها 

بلع سيف لعابه من نبرتها المايعة التي استفزت رجولته ونهيك عن حركت جسدها الوقحة.... انشغل في تخيلاته الدنيئة غافلا عن انتقامه الذي اتي من أجله، 

استغلت ساره شروده وعلمت تفكيره الوقح من تسرب حبيبات العرق علي وجهه، وسحبت المادية ( مطوه) التي تخبأها أسفل محتويات عملها لوقت هكذا فالكلاب التي تقابلها كثيره..... وعلي حين غرة ضغطت عليها ليرتفع نصلها الحاد أمام وجهه، 

تقدمت منه واضعة النصل أمام عنقه متمتمه بدلال : 

كنت بتقول ايه 

جف الدماء من جسده في حركاتها الخاطفة التي لم يتخيلها أبدا، مشيت نصل الماديه علي وجهه قائله بسخرية : 

ودا عرق خوف ولا حاجه تانيه 

حاول سيف التحرك لتقاطعه بحده : 

اسمع يا قطه أنت تختفي من قدامي ومتفكرش تخطي عتبة المحل تاني 

ثم أدخلت النصل الحاد مغمغمه باقتضاب وهي تشعل التبغ مرة أخري : 

هو انت واخوك دا ايه دا ياختي 

دار سيف بوجهه مردد بدهشة : 

اخويا ؟!! 

إجابته وهي تجلس واضعة قدم فوق الأخرى :

اه يا خويا اخوك 

نظر سيف إليها بشك قائلاً مستنكراً : 

اخويا مالو بيكي 

قهقهة بصخب مردفه غامزة : 

عايز يرضيني يا عنيا 

ردد سيف اسمه بصدمه لازال يستوعبها : 

عز!! 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-