رواية عذراء محنطة
الفصل الخامس والعشرون
بقلم كلا را
حدجه بنظرات سامة صارخا :
- مش سامع بقولك البنت ديه تترفد حالا.
- بس انا ااا....
- اخرسي !!!
صاح بها وهو يقطع كلامها لكنها تابعت :
- انت بتطردني ليه حضرتك انا غلطت فحاجة ؟
لم يتكلم بل زفر بصوت مسموع وهو يطلق سبابا لاعن وقف اياد و قال بجدية :
- انت بتطردها ليه يا رعد هي عملت ايه ؟؟
- انت مش عارف البنت ديه و غلطت جدا لما....
توقف عن الكلام و نظر لها باستحقار و تابع :
- البنت ديه نفسها اللي حكيتلك عنها اللي كانت مقعده سيليا فبيتها و طلعتها بنص الليل و زقتها عايزني اسيبها هنا ف الشركه ازاي.
صمت لثواني ثم همهم برجاء :
- رعد ارجوك متعملش كده متربطش بين حياتك الشخصيه و الشغل و بعدين انت عارف اني...بحبها.
نطق الكلمه الاخيرة بهمس حتى لا تسمعه لين التي تقدمت منهم بضع خطوات وهي تحاول سمع حديثهم.
و بعد محاولات من اياد تنهد رعد بضيق هاتفا :
- ماشي اعمل اللي عايزه....بس حط فبالك ان كلامك اللي قولتهولي من قبل غلط فغلط.
ضيقت لين حاجباها محاولة استفسار كلامه الغامض و حدثت نفسها :
- الحمد لله كويس انه اقتنع احسن مش ناقصه مشاكل مع جلال.
افاقت من حوارها الداخلي على اوامر رعد الصارمه :
- روحي كملي شغلك و من مصلحتك اني مشوفكيش طول ما نتي هنا فاهمه.
هزت رأسها بارتباك جلي على محياها متلعثمة :
- م...متشكرة اوي و اوعدك اني مش هعمل حاجة تدايق حضرتك مني...عن اذنك.
قالتها وهي تفتح الباب و تغادر حدث اياد برعد في ذهول قبل ان يقول :
- شكرا يا رعد لانك مطردتهاش ؤغم اني متفاجئ ازاي البنت اللي حبيتها عملت كده.
- هه ليه هي عملت حاجة كويسه فحياتها اصلا.
قالها بتهكم واضح ثم رسم الجديه على قسمات وجهه و هو يتشدق بجدية :
- اياد البنت ديه تنساها لانها مش بتليق بيك . تركه و رحل دون كلمة اضافية فهمس اياد بابتسامة شغف :
- للاسف حبها اتمكن مني و مش هعرف انساها ابدا.
بينما في الناحيه الاخرى خرجت لين وهي تحمد ربها بداخلها امسكت هاتفها و بعثت لجلال رسالة تخبره فيها عما حدث لم تمر دقائق الا و قد اتصل بها جلال فطمأنته لين عما حدث و دفاع اياد عنها ثم اغلقت الخط.
سافرت بذاكرتها لذلك المشهد منذ دقائق لماذا دافع اياد - اكثر سخص تبغظه - عنها و ظل يترجاه بأن يتركها معه هل هو مهتم بعملها لهذه الدرجه !!
هزت رأسها وهي تشعر بسخافة تفكيرها و عادت لتكمل عملها...
في وقت متأخر من الليل.
جلست على طاولة الطعام وهي تتناول ما بيدها ببطئ شعرت باحدهم يجلس مقابلها فهتفت في اضطراب :
- انت....جيت.
رفع حاجباه للاعلى ثم اجابها بايجاز :
- انتي شايفه ايه.
تأفأفت من اسلوبه الجاف - الغير محترم - معها ثم وقفت هامسة :
- انا شبعت.
- اقعدي !!
امرها بصوت قاتم لتعيد كلامها بضيق :
- بقولك شب....
ضرب بقبضته على الطاولة بغضب صارخا بانفعال :
- هي كلمه ومش هتتكرر....اقعدي و متقوميش غير لما انا اقوم.
زفرت بضيق منه و من اوامره و جلست و بعد مرور دقائق نهض من كرسيه مغمغما بهدوء :
- حصليني على الاوضة و متتأخريش.
- حاضر.
اجابته بخفوت ثم مالت على احدى الخادمات التي جاءت تحمل الاطباق :
- نورهان فين.
رفعت حاجبها بتعجب ثم قالت :
- هندهالك تكلميها.
- امم استعجلي شويا.
ابتعدت الخادمه عنها و بعد دقائق سمعت صوت نورهان تقول :
- ايوة يا هانم.
سيليا بهدوء :
- احم تعالي طلعيني ل اوضتي اكلمك فحاجات كده.
ابتسمت بمكر ثم امسكت يدها اوقفتها و صعدت بها لغرفتها القديمه.
رأتهم زهرة من بعيد فقالت بتعجب :
- هوما بقو صحاب ولا ايه !!
دلفت سيليا لغرفتها فنظرت لها نورهان بتوجس :
- خير.
اخذت نفسا عميقا قبل ان تردد بحسم :
- انا قررت اهرب من القصر !!
دلفت سيليا لغرفتها فنظرت لها نورهان بتوجس :
- خير.
اخذت نفسا عميقا قبل ان تردد بحسم :
- انا قررت اهرب من القصر !!
ا تكذب علي اليوم .. كي لا تصبح أيامك متشابهة !
* عقلي الذي كنت تعتقد أنه ضاع .. في متاهات حبك .. لم يفقد الطريق .. بل تعلم أصول اللعبة .. التي كنت تمارسها بإتقان ..
* أهمس في ألغام شوقي .. كي أبطل مفعولها .. كي لا تنفجر في منامات مشاعرك !.
* عاد من رحلته .. بعد يوم أو أقل تقديرا
قال : لم أقو على العيش تحت سماء .. لا تتجولين فيها بعطرك ..
أو أرض .. لا تحلقين عليها بسحرك ..
* طلبتك فلم تلبي ..
جئتك .. فلا تطرديني من جنتك !.
* لا تضعني وسط هالة من حبك المزعوم .. فأضيع بين بريقها .. وأختفي عند أضواء المزاعم !.
ارتسمت ابتسامة نصر على ثغرها و تحدثت بنبرة سعادة زائفة :
- الحمد لله انك اقتنعتي ااا...انا كنت خايفة ترفضي و...
قاطعتها بجدية :
- المهم هطلعيني امتى و ازاي اكيد الشبح حاطط حراسة على القصر و صعب نطلع.
ربتت على كتفها و هي تردد بثقة بالغة :
- متقلقيش انا هتصرف بس ده هياخد وقت عشان كده لازم في الفترة ديه متعمليش مشاكل و متقوليش لحد من الخدم انك عايزاني و متندهيش عليا قدامهم و خاصة زهرة عشان ميشكوش فحاجه انا اللي هبقى اجيلك بنفسي.
هزت رأسها بتفهم ثم قالت :
- ممكن تاخديني على اوضة الشبح.
نورهان باهتمام زائف :
- اه طبعا.
ابتسمت ومدت يدها لها امسكتها الاخرى و توجهتا لجناح الشبح.
وقفت عتد عتبة الباب و ابتسمت ممتنة :
- شكرا ليكي يا نورهان.
نورهان ببرود :
- العفو يا هانم انا موجودة لخدمتك.
تحركت مبتعدة عنها فتنهدت سيليا بقلق من القادم ثم ادارت مقبض الباب و ولجت للداخل.
كان رعد مستلقيا على سريره يطالع السقف بشرود فسمع همهمات في الخارج لم تمر ثواني حتى دلفت سيليا.
نظر لها و غمغم بصوت قاتم :
- كنتي فين يا هانم هو انا هقعد استناكي طول الليل !!
حمحمت بتوتر من جملته الاخيرة لكنها رسمت الجدية على ملامحها و قالت بهدوء وهي تقترب من السرير بخطوات متحشرجة :
- تستناني ليه انت بتقدر تنام من غيري.
شهقت فجأة عندما شعرت بشىء يجذبها للفراش و تسقط على جسد صلب ، ابتسم بمكر و سرعان ما انقلب الوضع و اصبح هو اعلاها و هي اسفله اتسعت عيناها بفزع و بدأت اسنانها تصطك في بعضها البعض و شفتاها ترتجفان بقوة.
لم تدري سيليا ان حركتها العفوية هذه اثارت رعد بشدة ابتلع ريقه و تسارعت انفاسه بشده حتى لفحت بشرتها البيضاء و قبل ان تتكلم انقض عليها يلتهم شفتيها بعمق بالغ و يده تتحرك على وجهها تتلمسه بنعومة.
حاولت هي دفعه لكنها لم تستطع فجسدها الضعيف لا يقارن بجسده ضخم البنية ، شعرت بنفسها يختنق فأصدرت انينا ليبتعد عنها ادرك هو الموقف لذلك ابتعد بهدوء و حدجها و هي تلتقط انفاسها بصعوبة.
نهض عنها و عدل وضعيته على السرير و تحدث بهدوء تام :
- يلا عشان ننام.
نهضت و استلقت بجانبه دون ان تنبس ببنت شفة اغمضت عيناها هامسة :
- ت...تصبح على خير.
تقوس فمه بابتسامة جانبية وهو يجيبها بغموض :
- و انتي من اهله.
ثم جذبها لاحضانه و غطا في نوم عميق...
______________________
- كويس جدا.
قالها جلال بخبث و قد تهللت اساريره ثم تابع :
- برافو يا نورهان عرفتي تقنعيها اهم حاجه انها بقت تعتبر الشبح انسان قذر و سافل وكده هنضمن انها مش هتتراجع عن قرارها بالهرب.
نورهان ب اعجاب :
- والله يا باشا كل يوم بعرف حاجه جديدة عنك انت بتبهرني بذكاءك ده.
ضحك باستهجان هاتفا :
- هو انا اي حد...المهم تتأكدي ان سيليا مبقتش تطيقه و متسمحلوش يلمسها تاني فاهمه.
- حاضر يا باشا فاهمة.
اغلق جلال الخط و على وجهها ابتسامة رضا وضع هاتفه في جيبه وخرج من الحمام.
دلف للغرفة ووجد لين تجلس على الاريكة و تنظر للاسفل بشرود.
تنحنح قائلا بثبات :
- قاعدة ليه كده.
افاقت من شرودها و اجابته بابتسامة واهنة :
- مفيش بس بفكر ان لولا الاستاذ اياد الشبح كان هيرفدني من الشركة.
جلس بجانبها و نظر لها قائلا بحدة :
- ماهو انتي لو خدتي بالك مكنتيش هتتعرضي للموقف ده.
مطت شفتيها للامام بتذمر :
- المهم اني لسه موظفة هناك ، نظرت له و تابعت :
همهم بإيجاب و تحرك للنهوض لكنها قالت :
- جلال انت ليه مش بتوديني معاك الفيلا و نعيش مع بعض.
حدق بها في تعجب :
- و ليه الكلام ده دلوقتي ؟
هزت كتفيها مجيبة بهدوء :
- عادي انا كنت عايزه اكلمك ف الموضوع ده من زمان و طبيعي اعيش معاك لاني مراتك يا حبيبي.
تأفأف ساخطا و مرر يده على وجهه رسم ابتسامة مزيفة على ثغره و غمغم بنبرة اقرب للحدة :
- حبيبتي انا نفسي نعيش فنفس المكان النهارده قبل بكره بس انتي عارفة الجو المتلخبط عندي و مينفعش حد يعرف علاقتنا لانهم هيأذوني فيكي و انا مش هتحمل تتأذي بسببي.
ابتسمت بحب و رفعت كفه قبلت باطنها و همست :
- ربنا يخليك ليا.
تنهد بارتياح لتصديقها كلماته الكاذبة محق من قال ان الحب اعمى فهو يدفعك لتصديق كل ما يقوله الحبيب المخادع
قبل جبينها بخفة و انتصب واقفا اخذ هاتفه و مفاتيح سيارته و غادر بسبسرعة
اخذت هي نفسا عميقا ثم نهضت و ارتدت منامة رقيقة باللون البيج الذي يليق جدا على بشرتها الحنطية الناعمة اسدلت شعرها البني القاتم فوصل لمنتصف شعرها ، نظرت للمرآة بابتسامة مغرية واثقة بجمالها الشرقي فمن لا يعشق العيون التي تحمل لون القهوة و الابتسامة المظهرة لغمازتها لها الحق ان تغتر...
فجأة تذكرت ملامح سيليا و كيف كانت تعاملها بقسوة لظنها ان جلال ينجذب لها فتمتمت بحسرة :
- انا ندمانة لاني عاملتها كده وفوق ماهي مش بتشوف حاجه خليتها تخدمني ياما اتعورت و حرقت نفسها بس انا مكنتش بهتم.
نزلت دموعها بحزن و همست :
- اتمنى تكون مبسوطة فقصر الشبح.
قطعت كلامها عندما سمعت رنين هاتفها ركضت له معتقدة ان المتصل جلال لكنها رأت اسم - اياد - يلمع على الشاشة.
حمحمت لتعدل نبرة صوتها ثم فتحت الخط قائلة باستغراب :
- الو خير استاذ اياد.
اياد بابتسامة وهو يتعمد مشاكستها :
- يابنتي في واحدة بتكلم شاب امور زيي بالطريقة ديه ديه البنات بتموت عشان ابصلها انما انتي....
قاطعت كلامه بسخرية واضحة في نبرتها :
- هاهاها حوش يا هريتيك روشان ده احنا مش قادرين نبصلك من جمالك.
عظ شفتيه بغيظ :
- بتتريقي يا لين ماشي انا الغلطان لاني عبرتك و قلت اكيد الغلبانة النكدية ديه قاعده لوحدها روح يا اياد اجبر بخاطرها و اكسب فيها ثواب.
شهقت بذهول من وقاحته مرددة :
- انا نكدية !! انت اوفر على فكره.
اجابها بابتسامة عابثة :
- في واحدة بتكلم مديرها ف الشغل كده يابنتي لولا وجودي النهارده كانو حطوكي فقائمة المطرودين اللي مش هيتقبلو ف اي شركة تانية.
ابتسمت فجأة و تمتمت :
- اه نسيت اشكرك ميرسي اوي ع اللي عملته عشاني اااا...
قاطعها وهو يردد بدون وعي :
- انا مستعد اعمل كل حاجه عشانك.
- ها ؟!
ادرك ما قاله فأسرع ليتابع برخامة :
- يعني بذمتك لو انتي اترفدتي ف انا هبعت ملفات الشركة كلها ل مين عشان تتفحصهم.
ضاقت عيناها وهي تجز على اسنانها :
- You are crazy !! ( انت مجنون )
قهقه عاليا و تشدق ب :
- احنا منك بنتعلم.
ابتسمت بخفة و لمعت عيناها ببريق الحزن و هي تتمنى ان يعاملها جلال مثله هو منذ ان تزوجها - منذ سنة - يعاملها بجفاء وعندما تتذمر يحتضنها و يقبلها و يسمعها احلى الكلمات ثم يعود لطبيعته مجددا....حتى زواجهم مجرد اسم مكتوب على الورق فهما لم يعيشا كزوجين طبيعيين لان ....
اخرجها من بحر افكارها كلام اياد الحذر :
- لين انتي سمعاني ؟
همهمت وهي تمسح عبراتها مجيبة :
- ايوة سمعاك....كنت بتقول ايه.
اجابها بتذمر و عتاب :
- مانتي بتقولي سمعاني ليه بتسأليني كنت بقول ايه.
ضحكت عليه مجددا :
- اوك I'm soory شردت شويا.
اياد بمكر :
- شردتي فيا صح ؟؟ طبعا ما هو انا....
قاطعته بنبرة ممتعظة :
- ده انت واثق من نفسك اوي بقى.
سمعت صوت ضحكاته فابتسمت و استلقت على السرير تكمل حديثها :
- استاذ اياد انت رنيت عليا ليه.
حمحم بجدية مردفا :
- تصدقي نسيت اقولك السبب....بكره رايحين لمطعم نتغدا و نقابل الوفد الايطالي جهزي نفسك.
قضبت حاجباها بتعجب :
- طب انا هروح ليه ااا...
قاطعها وهو يهتف :
- انا رايح مكان رعد بيه و بما انك سكرتيرتي فلازم تجي معايا.
اغلق الخط قبل ان تتكلم زاد استغراب و حدقت بالهاتف قليلا ثم القته على الكومدينو و اغمضت عيناها ببطئ لتذهب في نوم عميق...