أخر الاخبار

رواية الخبيئة الفصل الرابع 2بقلم ميمي عوالى


رواية الخبيئة

بقلم ميمي عوالي 

الفصل الخامس


موعد وصول حنين 


يقف رءووف بصحبة صالح يكسى وجوههم الحزن بانتظار وصول حنين ليلاحظوا اقتراب طفلة شاحبة البياض تحتل عيونها الواسعة الرائعة نصف وجهها بفم على هيئة حبة الفراولة الناضجة وكانها خرجت للتو من فيلم للرسوم المتحركة ترتدى رداء اسود واسع ووشاح يغطى كتفيها، وعلى مايبدو انها تعانى  من خطب ما بقدمها، فانها تسير بعرج ليس بالشديد ولكنه ملاحظ للعين المجردة. 


وجدوها تقترب منهم وهى تنظر إليهم بوجل وتقول بصوت يكاد ان يكون مسموعا : السلام عليكم


رءووف وصالح : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


لتقول : حضرتك باشمهندس رءووف، مش كده 


رءووف باستغراب : ايوة ياحبيبتى خير، انتى تعرفينى، محتاجة حاجة


لتقول والدموع تملأ عينيها : انا حنين ياباشمهندس


لتعلو الصدمة وجوههم فهى طفلة بمعنى الكلمة، هل تزوج أخيه من طفله 


رءووف بصدمة : انتى عندك كام سنة


حنين بخجل : 20 سنة


رءووف : بتهزرى طبعا، انتى كبيرك 15 سنة 


حنين وهى تنظر للارض بتوتر : انا الموضوع ده دايما بيعمللى مشكلة…. ماحدش بيصدق سنى


صالح وهو يحاول إزالة الحرج : حمدلله على السلامه يا حنين… نورتى مصر، انا صالح جوز علياء


حنين : انا عارفة حضرتك ياباشمهندس.. وكنت أتمنى انى اتعرف عليكم فى ظروف احسن من كده


رءووف : فين شنطك


لتشير حنين لاحد العاملين الذي كان بخلفها يدفع لها عربة الحقائب التى كانت تبدو كالطفلة بجوارها، ليضع رءووف وصالح الحقائب بالسيارة وينطلقوا بطريقهم إلى المزرعة


……………………….. 


فى السيارة كان صالح يتولى القيادة نظرا لعدم رجوع رءووف إلى كامل عافيته


حنين بدموع : بعد اذنك يا بشمهندس انا ممكن اطلب من حضرتك طلب


رءووف : ااه طبعا ااومرينى


حنين : الامرلله، كنت عاوزة اشوف حليمة قبل التجهيزات، وعاوزة انا اللى اغسلها ياترى ممكن


ليلتفت اليها رءووف باستغراب شديد قائلا : انتى! وانتى تعرفى تعملى الكلام ده، اقصد ان الغسل بيبقى له شروط وقواعد حسب الشرع ، فهل انتى ملمة بالكلام ده


حنين : انا كنت بتتطوع بعمل الموضوع ده فى أمريكا للمسلمات هناك، واتعلمت اصوله على ايد متخصصين، وانا هحتاج واحدة ست بس معايا ومش عاوزاها تنكشف على حد تانى


قالت جملتها الاخيرة وهى تقاوم بكائها وعندما لم تستطع الصمود وضعت كفها على فاها تمنع صوت نشيجها ليتبادل رءووف وصالح نظرات الدهشة، فكم هى هشة، صغيرة، ضعيفة، تركت فى الحياة وحيدة بلا سند ولكنها تأبى الا ان تقوم بدورها و واجبها على اكمل وجه ممكن، واسند رءووف راسه إلى الوراء وهو يفكر… هل يستطيع أن يفعل مع أخيه ماتنتوى فعله مع اختها، ولكنها لم تطلب منه رؤية زوجها، كيف استطاعت ان تنسى زوجها، ام انها ستطلب منه فيما بعد، وكيف تزوج عبد الله من هذه الطفلة، اجل انها طفلة، حتى وان قالت إنها فى الثلاثون وليس العشرون، يا الهى، ولكنها تتحدث معهم برسمية لم تكن تتخذها حليمة فحليمة كانت منطلقة ، بسيطة، سلسة، محبة للحياة، مصرة على أن تعيش كل لحظة متاحة امامها ،وبرغم شعورها بالخطر وباقتراب اجلها الا انها كانت مصرة ان تحيا للنهاية ،ولكن هذه الطفلة …    …


لينتبه رءووف انه كان يراقب حنين اثناء تفكيره ،كان يراقب ملامحها الطفوليه الجميلة ،بياضها الشاحب الذى يأخذ العين وعينيها الواسعة الجميلة التى تأخذك فى رحلة تجعلك لا تنوى الرجوع 


لينتبه رءووف على توقف السيارة امام المستشفى الموجودة بها الجثامين ليترجل من السيارة داعيا اياها للذهاب معه ،لتدخل لتوديع اختها لتبكى وتبكى بكاء طفل يودع امه ،وتتلو الكثير والكثير من الادعية ،ثم تربت بيدها على موضع قلب شقيقتها وهى تتمتم بشئ ما لم يستطع رءووف ان يتبينه ،ثم قبلت جبينها ،واستدارت لرءووف تعلمه انها مستعدة للذهاب


لينظر لها رءووف باستغراب قائلا : مش عاوزة تشوفى عبدالله


لتتلجلج وتضطرب ولكنها امائت برأسها فى النهاية قائلة : لو ينفع ااه طبعا


رءووف باستغراب : ااه طبعا ينفع ...انتى مراته


لتومئ رأسها وتتجه خلفه حتى اخرج لها العامل جثة عبدالله ،لتقف صامدة وهى تكرر اعتذارها والدعاء ،فكانت تدعو له وهى تكرر جملة انا اسفة ،انا اسفة،ولكنها ظلت تدعو له الكثير من الدعاء دون ان تمسه او تقترب منه اكثر من نصف المتر ،وبعد فترة من الوقت نظرت لرءووف تبلغه بانها مستعدة للذهاب


ليشير اليها بالسير امامه ،فكانت تمشى ببطء نوعا ما نظرا لاصابة قدمها ليسألها رءووف : هو انتى رجلك مالها  وقعتى واللا حاجة ،لو وجعاكى او فيها حاجة قولى واحنا لسه فى المستشفى


حنين بخجل : لا ،انا مولودة كده ،عندى رجل اطول من التانية  ،كنت بعوضها بكعب الجزم ،بس حبيت لما انزل مصر انزل عادى ،عشان الناس تعرفنى على حقيقتى من اولها


لينحرج رءووف من تسرعه بسؤالها ليتنحنح قائلا بحرج : انا أسف ،عبد الله ماجابليش سيرة الموضوع ده


لترفع راسها اليه قائلة : واضح انه ماجابلكمش سيرة حاجات كتير


رءووف : تقصدى ايه


حنين : اكيد هيبقى لينا قاعدة طويلة مع بعض ،بس لو تسمحلى مش النهاردة ،لانى مجهدة جدا ،فلو ممكن توصلنى لاقرب اوتيل من هنا ابقى شاكرة فضلك جدا


رءووف باندفاع : اوتيل ايه وبيت جوزك موجود ،مافيش الكلام ده طبعا 


حنين وهى تحاول مقاطعته : ياباشمهندس


رءووف وهو يتجه الى الخارج معلنا نهاية الحوار : ياللا ماتضيعيش وقت ،كلهم منتظرينك فى البيت


لتذهب خلفه ممتعضة ،ولكن ليس باليد حيلة


………………………


فى منزل نور الدين


يجلس الجميع بالبهو بعد ان رحبوا بحنين واصرت كريمة ان تجلس حنين باحضانها ، فكانت كأم وطفلتها،فكانت كريمة تبكى عبدالله وحليمة وهى تهدهد حنين باحضانها والتى لم تكف ايضا عن البكاء


نور الدين : كفاية ياكريمة ،حرام عليكى روحك ،والبنت اللى لسه راجعة من السفر ،ثم وجه حديثه لحنين قائلا : قومى يابنتى استريحى فى اوضتك


حنين وهى تمسح دموعها : انا مش عارفة اشكركم ازاى


كريمة : تشكرينا ايه يابنتى ،ده انتى من ريحة الغالى


حنين : شكرا ياماما ،جزاكى الله كل خير ،بس ممكن لو انام فى الاوضة اللى كانت فيها حليمة


نور الدين : مش هيبقى صعب عليكى يابنتى


حنين : ربنا يربط على قلبى وقلوبنا كلنا ان شاء الله


كريمة : انا كنت قلتلهم يحطوا حاجتك فى اوضة عبدالله


حنين بخجل : معلش ياماما ،سيبينى النهاردة مع حاجة حليمة 





نور الدين : زى ماتحبى يابنتى ،اللى يريحك ،اتفضلى


حنين : ممكن بس حد يورينى الاوضة فين


لينهض رءووف قائلا : اتفضلى ،انا اصلا طالع اوضتى 


ليوصلها الى غرفة اختها وبتجه الى غرفته وهو يشعر ان هناك سرا كبيرا بحياة تلك الطفلة 


….. ………………….


فى اليوم التالى تمت مراسم الجنازة والعزاء ووافقت حنين ان يتم دفن جثمان حليمة بمقابر عائلة نور الدين فهى ليس لها بمصر احد يهتم بشأنها ،وفى المساء اقيمت سرادقات العزاء التى امتلأت عن بكرة ابيها بالمعزيبن ،فعائلة عز الدين عائلة لها وزنها بالبلد ،وكان عزاء النساء كذلك يمتلئ بالمعزيات والتى كانت تعرفهم كريمة على حنين بانها ارملة ابنها عبدالله وحنين صامدة صامتة لا تعلق ولا تتحدث ،ولا يصدر عنها غير ايماءات بسيطة برأسها ردا على عبارات المواساة والعزاء ،حتى انتهى اليوم وذهب الجميع الى النوم من شدة الاجهاد ،الا رءووف فقد ذهب لاريكته كالمعتاد واستلقى عليها وهو يتجول بعبنيه بين السماء والنجوم ،وهو يتذكر اخاه وطفولتهما وشبابهما واسرارهما معا ،وكيف انتهى كل ذلك فى لحظات ،وذهب بتفكيره الى حنين ،فكيف لها ان تنشغل بوفاة سقيقتها عن وفاة زوجها


اجل من حقها ان تحزن لفراق شقيقتها ،ولكن اين حزنها على زوجها ،طلبت ان تبيت مع ذكريات سقيقتها ،فمابال ذكريات زوجها ،لقد كان عبد الله متيما بها ،فاين هى من كل ذلك


وتذكر قولها ….اكيد هيبقى لينا قاعدة طويلة مع بعض


ياترى هتطلب ترجع امريكا تانى ،طب لو رجعت هحميهالك ازاى وهى هناك ياعبدالله ،وياترى اللى قتلوك انت وحليمة هيسيبوها فى حالها ،كنت فاكر انك اذكى منهم وتوهتهم ،اتاريهم كانوا وراكم خطوة بخطوة ،وعارفين كل اللى بتعملوه 


ياترى ابه اللى مستنيك يارءووف 


لينهض متوجها الى غرفته ولكنه عندما صادف علياء فى طريقها لتحضير رضعة لصغيرها ،اخبرته ان والدته سمحت لسارة بالمبيت بغرفته هذه الليلة  ،فثار رءووف من تصرف والدته ،ولكنها كانت ذهبت للنوم من فترة ليست بالقليلة ،فقرر ان يتحدث اليها صباحا بهذا الشأن


……………………


صباحا وبعد تناول الافطار مال رءووف على اذن والدته ابلغها غضبه من مبيت سارة بغرفته بالامس وطلب منها ان تدبر لها غرفة اخرى فى الحال بعيدا عن غرفته حتى لو كانت غرفة عبدالله ،لتنظر له والدته باستغراب قائلة : يابنى اغزى الشيطان و رد مراتك دى مالهاش غيرنا 


ليرد عليها رءووف بغضب مكبوت : ياريت تبقى تخلى بابا يبلغك سبب انفصالنا


كريمة : ماهو مش راضى يقوللى ولا يريحنى


رءووف : خلاص اقترحى عليه انى اردها وشوفى هيقوللك ايه ،ماما الله لا يسيئك ابعديها عن اوضتى ،ليزداد اندهاشها من قوله ولكنها وعدته بتدبير الامر


وبعدها طلب رءووف من حنين التحدث معه بغرفة المكتب لتذهب وراءه وفور ان اغلق الباب التفت اليها قائلا : فى كام حاجة مش واضحة ومش مفهومة ،وطلبتك عشان تفهمينى


حنين وهى تنظر للارض بخجل : ممكن اقعد الاول من فضلك 


رءووف وهو يشير الى احد المقاعد : اتفضلى خدى راحتك


لتشير الى اريكته امام الحائط الزجاجى والذى شد انتباهها بقوة فور دلوفها لغرفة المكتب وقالت : لو تسمحلى ممكن اقعد هنا


رءووف : مكان ماتحبى تقعدى اقعدى


لتذهب حنين بخطواتها الهادئة وتختار بقعة معينة من الاريكة تصادف انها مكان رءووف المفضل وجلست وهى تراقب المنظر بانشداه وتركيز شديد وقالت فجأة : السمك اللى فى الفاسقية ده الوانه تجنن سبحان الله


لينظر رءووف لمكان الاسماك حيثما اشارت بكفها الصغير ولم يعلق لتشعر بالحرج ،وبعد ان صمتت لثوانى رفعت رأسها لرءووف وهى تنظر بعينيه وقالت : عبدالله الله يرحمه كان انسان جميل وشهم .. راجل بمعنى الكلمة  ،عبد الله بعد وفاة بابا الله يرحمه قدملى خدمة عمرى كله ومهما اتكلمت عنه وعن رجولته عمرى ما هوفيه حقه ،وخصوصا انى بموته يعتبر رجعت تانى للصفر


رءووف : ممكن توضحى كلامك


حنين :  عبدالله كان جوزى على الورق ولفترة محددة وكنا متفقين على الانفصال بعد سنة وتلات شهور من دلوقتى ،لكن ارادة ربنا فوق كل شئ❣❣❣❣❣❣❣❣❣❣


6


الخبيئة


الفصل السادس


رءووف والذهول يرتسم على ملامحه : افندم ! مش فاهم تقصدى ايه


حنين بدموع : اقصد ان جوازى من اخوك كان جواز صورى …...مؤقت


رءووف وهو يحاول تمالك اعصابه : برضة مش فاهم ….ياريت توضحيلى كلامك ده معناته ايه ،وابه اللى يجبر عبدالله انه يعمل كده


حنين بحزن : شهامته ….ورجولته هم اللى خلوه يعمل كده


رءووف: ممكن تحكيلى كل حاجة بالتفصيل


حنين بحزن : انا وحليمة متربيين معظم عمرنا مع بابا برة قعدنا فترة فى تركيا وبعد كده روحنا على امريكا ،ماما اصلها تركى ، وبابا كان عايش وبيشتغل فى الجامعة هناك ،لما ماما ماتت من سبع سنين … حليمة جتلها صدمة نفسية قعدت تتعالج منها فترة كبيرة فبابا قرر انه يروح امريكا وطبعا روحنا معاه انا واختى ،بابا له هنا فى مصر اخ غير شقيق من الاب بس .. لكن الام مختلفة ،ممكن تكون تسمع عنه ...اسمه سليمان الطحاوى


رءووف : ده بتاع معارض و قطع غيار السيارات


حنين : ايوة ،هو …..عمى ده كان دايما فى مشاكل بينه وبين بابا بسبب الفلوس ،وكان عاوز يجوز حليمة لمحمود ابنه ،بس بابا بلغه رفضه بشده لانه متاكد ان الجوازة دى عشان الفلوس ،لان جدى سايب عقارات وارض لبابا بملايين فى المنيا وسوهاج وعمى حاول يشتريها من بابا بس بابا رفض وقال انها حاجة للزمن عشانى انا واختى وباع لنا انا وحليمة كل حاجة عشان وقت مايموت ماحدش يقدر يضايقنا 


لتصمت حنين وهى تحاول تجفيف دموعها وانفها الذى سال من اثر البكاء كالاطفال لينهض رءووف ويناولها عدة محارم ورقية ويعود لمكانه مرة اخرى


حنين وهى تحاول لملمة شتات نفسها : لما عمى عرف ان كل حاجة بقت باسمنا اتجنن وقعد يتخانق مع بابا ،بس بابا مادالوش اى اهتمام ،لحد ماتفاجئنا بمرض بابا ،فجأة عرفنا انه عنده كانسر فى المخ وحالته متأخرة جدا وانه كان مخبى علينا من سنين ،رفض يفضل فى المصحة وقال انه عاوز يموت وسطنا ،فى الوقت ده اللى حليمة اتعرفت فيه على عبدالله وقت الحادثة بتاعتهم ،ولما روحت المستشفى مع بابا نتطمن عليها اتفاجئنا بعبدالله وانه تلميذ بابا ،وابتدى يزورنا فى البيت وعلاقته بينا اتطورت ،كنا زى الاخوات ..انا وهو وحليمة ،لحد ما فى يوم 


فلاش باك


تدخل حنين على والدها ادهم الطحاوى لتجده يجلس مع عبدالله ويلعبون الشطرنج 


حنين : خيانة ،انتو بتلعبوا لوحدكم من غيرى


عبدالله ضاحكا : قلت نلعب مرة من غير ماتبوظيلنا الدور


حنين : على فكرة انت ناكر للجميل


عبدالله: ليه بس ياحنون 


حنين : ايوة ،مش انا علمتك الاونو والكريزى 8 ...وانت مش صابر عليا اتعلم الشطرنج


عبدالله: يابنتى الشطرنج ده للعباقرة ،زى دكتور ادهم كده وزى حليمة وانا ،لكن انتى كبيرك تلعبى الشايب


حنين بغيظ : ماشى ماشى ،ابقى شوف مين اللى هينقذك تانى


عبدالله ضاحكا : وهو انتى كنتى انقذتينى اولانى


حنين بخيلاء : اه ياناكر للجميل ،مش انا اخت حليمة ،وحليمة انقذتك من الحادثة وانا اخت المنقذة ،وهقوللها ماتنقذكش تانى


عبدالله ضاحكا : تصدقى صح ،لا وانا ماقدرش انك تمنعى عنى كرمك وتحرمينى من انقاذ اختك ،انا اسف ،سامحينى


حنين : عفونا عنك





ليعم جو من المرح يقطعه صوت هاتف ادهم ليجد ان اخيه هو المتصل ليقوم بالرد عليه


ادهم : السلام عليكم ...ازيك ياسليمان


سليمان : انا بخير يا ادهم المهم انت


ادهم : انا بخير الحمدلله فى نعمة 


سليمان بشماته : انهى نعمة دى يا ادهم ،ماخلاص الموت كل مادا وبيقرب منك واللى مااخدتوش فى حياتك هخده بعد موتك ،ولما بناتك يبقوا تحت وصايتى كل حاجة هترجعلى بالكامل ومن غير اى مجهود ،مش كنت سمعت كلامى من زمان ،على الاقل كنت سيبت قرشين للبنات


بناتك الاتنين هيبقوا تحت ايدى ،الكبيرة مجنونة وكانت بتتعالج فى مصحة والصغيرة لسه ماجابتش سن الرشد


ادهم وهو يجلس شاحبا مصدوما من كلام اخيه : اتقى الله ياسليمان دول ولايا وهيبقوا يتامى


سليمان بشماته : كل واحد يتحمل نتيجة تصرفاته يا ادهم ...ربنا يرحمك دنيا واخرة


باك


بابا تعب اوى بعد المكالمة دى وكان خايف علينا جدا اننا فعلا نقع تحت وصاية عمى ،بعدها بابا كلم واحد صاحبه محامى طمنه على حليمة لانها تمت 21 سنة ومكانتها العلمية تعوق انه يفدر فعلا يأذيها ، لكن الخوف كله كان عليا انا ،لان عمرى كان لسه وقتها ماكملتش 19 سنة ،لكن المحامى نصحه بانه يخلينى تحت وصاية غيره وهو لسه عايش


رءووف : تقصدى انه يجوزك وتبقى تحت وصاية جوزك


حنين : بالظبط ….وقتها كانت العلاقة بينا وبين عبدالله اقوى من علاقة الدم ،...بابا طلب منه انه يقوم بالدور ده وعبدالله ماعترضش ولا ثانية ،وكتبنا الكتاب فى السفارة ووثقوا كل حاجة ...ومات بابا بعدها باسبوع واحد 


عمى اتجنن لما عرف اللى حصل واتوعدلنا بانه مش هيسكت 


عبدالله ماسابناش ابدا من ساعة وفاة بابا وقعد معانا فى البيت وكنا زى الاخوات كلنا لحد ماحصل اللى حصل لحليمة وقرر انه يهربها بعيد عنهم كلهم 


لتعتدل حنين بجلستها وهى تنظر لرءووف باسف شديد : عبدالله مات بسببى ،لو ماكانش اتجوزنى ماكانش اتورط فى كل اللى حصل ده ،ارجوك تسامحنى ،وكلكم تسامحونى 


لتنهار فى نشيج طويل ليرق لها قلب رءووف فقال بحزن  : ده نصيبه ياحنين ،بيكى او من غيرك ،ده كان هيحصل ،لكل اجل كتاب ،واحنا لازم نحمد ربنا


لترفع حنين عينيها مستفهمة  ليكمل رءووف: لو ماكانش كده ماكانش شافنا ولا شفناه فى اخر لحظات عمره ،ماكانش مات فى حضننا ولا على ارضنا ،لكن ربنا قدر ولطف ،لطف بينا ،وبامه وابوه انه ماكانش بعيد عنهم ،ولطف بيه انه مامتش فى غربته وحيد من غير اهل ولا سند





قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا 


حنين : ربنا اكيد له حكمة فى كل اللى حصل ، وانا بستاذنك انك تشرح الوضع لباباك ومامتك لانى لازم ارجع على امريكا قبل عمى مايشم خبر باللى حصل ،لانه ممكن ياذينى جامد 


رءووف : بس اعتقد ان عمك زمانه عرف ياحنين


لترفع راسها بخوف قائلة : ازاى


رءووف: عمك كان موجود فى العزا ،ووجوده ده معناه انه اكيد عرف ويمكن كمان …….


لم يكمل حديثه الا وسمع دقا على الباب واحدى الخادمات تخبره بوجود ضيف يطلب مقابلة حنين


لترفع حنين راسها برهبة وخوف وهى تنظر لرءووف وكأنها تستجدى مساعدته 


رءووف : ماتخافيش انا معاكى ،تعالى نشوف مين ،ولو طلع اللى فى بالنا ….مش عاوزك تتكلمى معاه ،سيبينى انا اتعامل


ليتجها الى الخارج ليجدا ان عمها بالفعل هو من يطلب مقابلتها وبصحبته محمود ابنه وما ان لمحهم سليمان حتى علت على ملامحه نظرة سخرية وخاصة وهو يركز عينيه على اقدام حنين وهى تسير اليهم بعرجة قدمها الخفيفة ،وما ان وصلا اليهما نهض سليمان وهو يفتح ذراعيه لحنين بتمثيل : اهلا ببنت الغالى ،حمدلله على السلامة ياغالية ،


لتقف حنين خلف رءووف وهى تقول : اهلا بحضرتك 


ليخفض سليمان يديه وهو ينظر لابنه قائلا : وماله مايضرش برضة ….سلم على بنت عمك يامحمود 






لينتبه محمود لابيه وقد كان شاردا فى ملامح حنين وهيئتها الطفوليه الحزينة فيقول : اهلا يا بنت عمى ،البقية فى حياتك


لينظر رءووف اليهم بدبلوماسية قائلا : اهلا بيكم وبشكركم على تعبكم ،اتفضلوا استريحوا


سليمان : ماتآخذناش يارءووف بيه ،العزا ماكانش وقت مناسب ابدا انى اعرفك انى كنت حما اخوك المرحوم وعم مراته 


رءووف: ماتشغلش بالك ياسليمان بيه ،البيت بيتك فى اى وقت ،وبيت حنين دايما مفتوح لاهلها


سليمان بمداهنة : ابن اصول ،ودايما عامر ومفتوح بحسك وحس نور بيه ،لكن اسمحلى انا جاى اخد حنين


حنين بخوف : تاخدنى فين


ليشير اليها رءووف ان تصمت وقال : على فين حضرتك


سليمان : على بيت عمها طبعا ،مالوش لزوم قعدتها هنا


رءووف : ده انت المفهومية كلها ياسليمان بيه ،انت ناسى انها فى شهور العدة وماينفعش تخرج من بيت جوزها غير لما العدة تنتهى ،وكمان لما تستلم ميراثها من جوزها


حنين بتسرع : بس انا مش عاوزة حاجة


لينظر لها رءووف بحزم : مش بمزاجك يامراة اخويا ،ده شرع ربنا


سليمان وعيونه تمتلئ بالطمع : وماله يابنتى ..حقك اللى ربنا شرعهولك ولازم تاخديه 





ثم نظر الى رءووف متسائلا : واجراءات الميراث دى تاخد اد ايه 


رءووف: حضرتك عارف الحاجات دى بتاخد وقت ،لكن ان شاء الله على ماعدتها تخلص نكون خلصنا كل حاجة ،وكمان املاك والدها لانها كانت اتحولت كلها لاسم عبدالله ،فلازم الحاجات دى ترجع تانى باسمها ،بس طبعا لازم اجراءات الوراثة والميراث يخلصوا الاول


لينهض سليمان غاضبا : يعنى ايه بقت كل حاجة باسم عبدالله 


لتفهم حنين ما يحاول رءووف عمله لتقول : هو كان ادرى منى بمصالحى ،الله يرحمه


رءووف : عامة ماتقلقش ،كل حاجة هترجع زى ماكانت باسمها وفوقهم كمان نصيبها من ثروة عبدالله


ليجلس سليمان جامدا لبعض الوقت ثم ينهض قائلا : عموما انا هتابعكم باستمرار لغاية ما المواضيع دى ماتخلص ،وبعدها لينا قاعدة تانية مع بعض ، سلامو عليكو


لينصرف سليمان وفى اثره محمود الذى ظل يتلفت مراقبا لحنين حتى اختفوا عن عيونهم 


حنين بخوف شديد : تفتكر هيصدق اللى قلته






رءووف: اكيد هيدور ورا الكلام عشان يشوف مدى صحته


حنين : طب ولما يعرف اننا كذبنا عليه هعمل ايه ،اكيد هياخدنى بالعافية ويستولى على كل حاجة بمنتهى البساطة ،واللى بابا طول عمره خايف منه هيحصل فى غمضة عين


رءووف : انا مش عاوزك تقلقى ،انا اكيد هيبقى ليا تصرف ان شاء الله ،انتى بس شيلى من دماغك موضوع سفرك ده دلوقتى خالص على مانلاقيلنا حل ، ومش عاوزك تحكى اى حاجة لاى حد مهما ان كان حتى لو ماما


وبعد ان تركها وذهب عاد اليها مرة اخرى سائلا : طب هو ماينفعش نتصل بخالك نطلب منه يبقى هو الوصى عليكى


لتبتسم بسخرية وهى تقول : يبقى مسكوا القط مفتاح الكرار


رءووف : تقصدى انهم هم كمان …..


حنين : زى مابتقولوا فى مصر ...ما اسخم من ستى الا سيدى



                 الفصل السادس من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-