أخر الاخبار

رواية ظلها عشقا الفصل السابع والعشرون والثامن والعشرون والاخير بقلم ايمي نور


 رواية ظلها عشقا 

الفصل السابع والعشرون والثامن والعشرون والاخير 

بقلم ايمي نور 

.

جلست على المقعد المجاور للاريكة المستلقى عليها منذ قدومه من العمل يتطلع الى هاتفه مع ابتسامة على وجهه متجاهلا وجودها تماما تمر الدقائق عليها وهى تحاول الصبر والتهمل حتى لا تسأله السؤال والذى يكاد لسانها يحترق للنطق به لكنها لم تحتمل طويلا تطلقه اخيرا قائلة بلهفة

: كلمتك ابوك ياحسن فى موضوع الشغلانة الجديدة

تجاهل حسن سؤالها يكمل التطلع نحو هاتف متجاهلا لها لتكمل بسرعة وهى تحثه على الكلام

: عرفته انك عاوزها لحسابك المرة دى

زفرت بحنق تناديه حين استمر على تجاهلها ليرفع عينيه نحوها قائلا ببطء يجيبها

:لا ياسمر..مقولتش ومش هقول...

هتفت بغضب تسأله وهى تعتدل فى مقعدها بتململ

: ليه يا حسن مش احنا اتفقنا..انك هتكلمه

هز حسن كتفه بعدم اهتمام واكتراث قائلا

: احنا متفقناش على حاجة..انتى اه اتكلمتى بس انا مقلتش انى موافق

عقدت سمر حاجببيها بعد فهم وحيرة تسأله

:يعنى ايه كلامك ده...يعنى مش هتكلم ابوك

هز حسن رأسه لها بالايجاب قائلا

:بالظبط كده مش هكلمه... وبعدين ابويا ملهوش دخل بالشغلانة الجديدة..دى تبع صالح وجاية لحسابه وبفلوسه

نهضت واقفة على الفور وقد تبدد هدوئها وعينيها تلتمع بالحقد والغل صارخة

:قلت لى بقى انها تبع صالح....وهو صالح اخوك ده مبيشبعش فلوس ايه عاوز يكوش على كله

لوت شفتيها وهى تربت فوق بطنها قائلة بشماتة

:اومال لو مراته كانت شايلة ومعمرة ليكم البيت بالعيال كان عمل فينا ايه... بس هقول ايه هو اللى بيحصله ده من شوية... ماهو من عمايله السودا

شقهت بفزع تتراجع للخلف حتى سقطت فوق مقعدها جالسة مرة اخرى فبعد كلماتها الحاقدة غير محسوبة العواقب تلك فاجأها حين هب من مكانه نحوها يجذبها من ذراعها بقسوة وهو يصرخ بها بغضب اعمى

: انتى اللى عمايلك سودا.. ومفيش اسود من قلبك

ولو جبيتى سيرة اخويا مرة تانية على لسانك هقطعولك فاهمة ولا لا

اسرعت تومأ له بالايجاب وعينيها تنطق بالخوف منه ولكنه لم يكن قد انتهى بعد يكمل ببطء وبنبرة تحذرية يضغط فوق ذراعها اكثر حتى كادت اصابعه تخترق لحمها وعينيه تحدق بها بشراسة

: عيشى وربى عيالك ياسمر وابعدى عن البيت وحياة الناس اللى فيه... احسن واللى خلقك ماهيهمنى حاجة ولا حد بعد كده...وان كان على العيال هجيب ليهم اللى تربيهم...اه هى هتبقى مرات ابوهم...بس صدقينى هتبقى احسن منك الف مرة..

شحب وجهها بشدة تتلعثم الحروف فوق شفتيها هامسة بتعثر

:عاوز تتجوز عليا ياحسن... اهون عليك تهون عشرة السنين دى كلها

حسن وهو يبتسم ببطء واستمتاع

:اه ياسمر تهونى...وتهونى اوى كمان....قلتى ايه بقى

عجز لسانها عن الكلام يضيق حلقها حتى كادت ان تختنق بعد ان كلماته والتى تطعنها كالسكين الحاد على غفلة وعينيها تتطلع اليه بذهول وعدم تصديق فحتى حين القى عليها بيمين الطلاق كانت تعلم انها ماهى اللى صحوة مؤقتة منه القى فيها بهذه الكلمات فى لحظة غضب واثقة تماما الثقة بأنه سيعيدها مهما طال بهم الزمن ولن يستطيع الاستغناء عنها وسيعود مع الايام لطبيعته معها وهذا ما عززه حين لجأ اليها للمشورة والاخذ برأيها كعادته معها فيما حدث مع اخيه منذ عدة ايام ولكنه من بعدها عاد مرة اخرىلتعامله غير المبالى ونظراته الباردة المحتقرة لها كأنها قد اسأت اليه او خاب ظنه بها...

وهاهى الان تراها فى عينيه ترى نظرة التصميم وعقده العزم على فعل ما قاله الان بأنها ليست كلمات جوفاء نطق بها كتهديد فارغ كالمرة السابقةبل هى كلمات ستحطمها وتقضى عليها ان فعلها حقا وقد استطاع اخيرا ايجاد نقطة ضعفها والامر الذى تخشاه ولا تستطيع تحمله ابدا لذا وقفت تجيبه وبل كل هدوء تعنى كل كلمة تنطق بها هذه المرة قائلة

:قلت حاضر ياحسن...اللى تقول عليه هعمله...ومن هنا ورايح هخلينى فى حالى وبيتى وولادى

تركها ذراعها ثم تراجع عنها يحمل هاتفه ويعاود الاستلقاء مرة اخرى فوق الاريكة قائلا بعدم اكتراث

:حلو اوى ومدام فهمتى يبقى قومى اخفى من ادامى..وياريت من هنا ورايح كلامك معايا على الاد...وفى اللى يخص العيال وبس

هذه المرة لم تستطع مقاومة دموعها تشهق عالية بالبكاء وهى تنهض من جواره تسرع فى مغادرة المكان تتعثر فى خطواتها لكنه لم يهتم بل استمرت فى التطلع الى هاتفه غير مبالى بها تماما كما اصبح فى حياته كلها معها

****************************

كانت تجلس تشاهد التلفاز وتتابع احد المشاهد الدرامية المؤثرة وهى تضم شفتيهاالمرتجفة تحاول منع نفسها عن البكاء خوفا ان يصله صوتها ويقلق فقد كان يستلقى على الاريكة بجوارها ورأسه فى حضنها وقد فضل هذا الوضع على الذهاب وحده الى الفراش ينتظرها حتى تنهى من مشاهدة مسلسلها المفضل ولكنه ماهى لحظات وقد كان يغط فى النوم وبعد ان اخذت اناملها تتلاعب فى خصلات شعره تبعدها عن جبينه بحنان وهى تتابع الاحداث بأعين مهتمة وتلتمع بالدموع متأثرة تشهق عالية بعد سقوط البطل فى ايدى اعدائه بصوت جعله يهب فزعا من نومه هاتفا بقلق وهو يجلس يتلفت حوله

:مين...ليه...فى ايه حصل؟

ضغطت شفتيها معا بحرج وأسف وهى تعتذر بخفوت

:اسفة ياحبيبى حقك عليا خضيتك.. ده المسلسل اصل البطل خلاص مسكوه وها....

قاطعها صالح زفرا بقوة وهو يمرر كفه فوق وجهه يهتف بها بعدم تصديق وذهول

:حرام عليكى يافرح والله... دانا روحى راحت منى وقلت حصلك حاجة

اقتربت سريعا منه تضم رأسه بكفيها ثم تجذبه نحوها قائلة بصوت ملهوف

: بعد الشر عليك ياعيونى... يارب البطل والمسلسل كله

ابتسم بسعادة وحبور كطفل صغير وقد اعجبه ما قالته وهو يزاد اقترابا منها يستند برأسه فوق كتفها وذراعيه تلتف حول خصرها قائلا بتأكيد

:ايوه يا رب الواد ده والمسلسل ده كله علشان بياخدوكى منى

ضحكت فرح تسأله بدهشة

:صالح هو انت بتغير من المسلسل بجد و البطل بتاعه؟!

صمت قليلا يتململ فى جلسته بتوتر قبل ان يتحدث وهو يدفن وجهه فى عنقها قائلا بخفوت

: ايوه بغير منه ومن اى حاجة او حد ممكن تاخدك منى... بس كمان مقدرش اقولك لا على اى جاحة بتحبيها وتفرحك.. انا لو اطول اجبلك نجمة من السما يافرح هجبهالك ومش هتأخر ثانية

شع وجهها بالفرحة تناديه بهمس ليرفع وجهه اليها يتطلع اليها لتتسع البسمة فوق شفتيها هامسة بعشق وهيام

: وانا مش طالبة نجمة ولا حاجة..انا كفاية عليا انت وبس واى حاجة تانية مش مهمة

وعلى عكس توقعها لوقع كلماتها عليه شعرت بالقلق والاضطراب حين اظلمت عينيه يسألها بتمهل تشعر برجفة الخوف فى صوته

:طب والولاد والخلفة يافرح....برضه مش مهمة عندك

زفرت بقوة تبتعد عنه قائلا بحنق

: وايه اللى جاب السيرة دى دلوقت صالح... وبتقولى عليا انا ملكة الدراما

تراجع عنها هو الاخر قائلا بصوت ألمها الكسرة والحزن فيه

:خايف يافرح...خايف يجى يوم ومبقاش فيه كفاية عليكى...خايف اشوف فى عنيكى لحظة كره ليا سببها انى كنت سبب فى حرمانك من حاجة كل ست فى الدنيا بتتمناها...اوعى يافرح تكرهينى فى يوم.....

التفت اليها فى جملته الاخيرة وقالها لها بنبرة ومتوسلة راجية جعلتها تهب من مكانها تسرع بالجلوس فوق ركبتيه تعقد ذراعيها خلف عنقه وعينيها تتطلع لعينيه بنظرة قوية واصرار قائلة له بحزم

:انا عمرى ما تمنيت فى حياتى غيرك...ولا عاوزة من الدنيا دى كلها غير انى اكون معاك وفى حضنك...انا مش ممكن اكرهك علشان حاجة مشفتهاش ويوم ما اتمنتها كان علشان هتبقى حتة منك... صدقنى ياصالح

اراح جبينه فوق جبينها يغمض عينيه وهو يتنفس بسرعة وقوة ليظلا على هذه الحالة للحظات كأنه يستمد من انفاسهم المختطلة القوة والصبر ثم فجأة انحنى على شفتيها يقبلها بلهفة للحظات طوال سرقت منهما الانفاس قبل ان ينسحب بعيدا عنها يريح جبهته فوق جبهتها مرة اخرى هامسا بتردد

: طيب تحبى تيجى معايا المرة الجاية وانا رايح للدكتور.. وتسمعى وتفهمى منه الموضوع كله

هزت رأسها له بالايجاب سريعا هامسة وهى تبتسم بنعومة

: احب طبعا.. اى حاجة تطلبها منى انا موافقة عليها

ابتسم لها هو الاخر بحب يهم بالاقتراب مرة وفى عينيه تظهر نواياه لكن قاطعه صوت جرس الباب يتعال صوته فى ارجاء المكان ليزفر صالح بحنق ونزق قائلا

: انا اللى استاهل..ايه خلانى ارجعه يشتغل تانى...مااحنا كنا مرتاحين من صوته

نهضت فرح عن قدميه سريعا تضحك بمرح وهى تتجه ناحية الباب لفتحه ليهتف بها يوقفها بحزم قائلا

:رايحة فين...ادخلى انتى جوه...انا اللى هفتح الباب

ضمت شفتيها ترفرف برموشها قائلة بتدلل

: حاضر ياسى صالح...اللى تأمر بيه

ثم تحركت من المكان بعد ان القت اليه بنظرة تتدلل واغراء اخرى جعلت قلبه يثب من صدره يهرع خلفها وكان ان يتبعها هو الاخر بجسده لكن تعال رنين الجرس مرة اخرى فأخذ يدمدم بغضب وحنق وهو يتجه نحو الباب يفتح بقوه عاقدا حاجبيه بغضب لكنه سرعان تتبدد عن وجهه اى مظاهر للغضب حين وجد والده والدته ومعه شقيقه وزوجته يقفون امام الباب تهتف والدته له

: ايه ياحبيبى انتوا نمتوا ولا ايه... احنا قلنا نيجى نقعد معاكم شوية.. بس لو كنتوا....

قاطعها صالح فورا هاتفا بترحاب وهو يفسح الطريق لهم ليدخلوا جميعا وخلفهم سمر والتى كانت تسير خلف زوجها بتمهل وهى تحنى رأسها و تلقى بسلام خافت عليه

واستقروا جميعا فى غرفة الاستقبال جالسين تسأله والدته

:هى فرح نامت ولا ايه ياصالح

اتت الاجابة من فرح والتى دخلت فى تلك اللحظة قائلة

:لا يا ماما انا صاحية...

ثم القت بسلام عليهم مرحبة وهى تقف بجوار صالح تبتسم ولكنها كانت تخفض عينيها عنهم بحرج متأثرة بما حدث منذ عدة ايام يسود الصمت للحظات حرجة وحتى تتلاشى هذا الحرج اسرعت بالقول

: هروح اجيب حاجة نشربها... ثوانى و...

بالفعل تحرك نحو المطبخ لكن اتى صوت الحاج منصور يقاطعها قائلا وهو يشير لها قائلا

:لا تعالى اقعدى الاول انا عاوزك فى كلمتين

شحب وجهها تنظر لصالح بخشية وقد ظنت ان يريد فتح الامر مرة اخرى وهذا ما ظنه صالح هو ايضا يلتفت الى والده سريعا يسألها بتوتر وعينيه تبعث اليه برسالة واضحة

: خير ياحاج..فى حاجة تانية عاوز تتكلم فيها

ابتسم منصور وقد وصلته رسالته جيدا قائلا بحزم ولكنه نظراته كانت ممازحة

: انا عاوز اكلم فرح انت اسمك فرح!؟...تعالى يابت اقعدى جنبى هنا وسيبك من الواد ده

اشار لفرح بالاقتراب منه والجلوس بجواره وبالفعل اطاعته بعد لحظة تردد وجلست بجواره ليبتسم الحاج منصور بغبطة قائلا لصالح يداعبه

:شوفت بقى سمعت كلامى ازى..خليك انت بقى فى حالك

ثم مد يده بداخل جيب جلبابه الداخلى يخرج منه كيس من القطيفة ويمده نحو فرح قائلا بحنان

: شوفى انا كنت النهاردة انا والحاجة فى مشوار كده... وافتكرت ان مجبتش ليكى حاجة بمناسبة جوازك.. فقلت اجبلك السلسلة الحلوة دى... شوفيها كده ويارب ذوقى يعجبك

التمعت عينيها بالسعادة تبتسم بفرحة طاغية ليس سببها الهدية نفسها ولكن فى معناها وتوقيتها ودون تفكير واو لحظة تردد وجدت نفسها ترتمى فى احضان الحاج منصور وهى تبكى بدموع الفرحة جعلت الكل يضحك على ردة فعلها حتى صالح ضحك بصخب قائلا

: معلش ياجماعة نسيت اقولك..ان مراتى ملكة الدراما فى العالم كله تفرح تعيط.. تحزن تعيط...كان كده ملهاش زى

هتفت انصاف قائلة

: ربنا ما يجيب حاجة تحزن ابدا... ويخليكم لبعض دايما

ثم غمزت خفية لحسن ليظهر التردد عليه قبل ان يلتفت لصالح قائلا

: وانا كمان جاى النهاردة انا ومراتى علشان نقولكم حقكم علينا... ومش عاوزك تزعل منى ابدا ياصالح

انا لما عملت كده كان خوف عليك...مش قصدى اوقع الدنيا فى بعضها ابدا

نهض صالح عن مقعد يجذب حسن الى احضانه يربت فوق ظهره قائلا بحزم يتخلله نبرة حنونة

: حصل خير...وياما بيحصل وكلامك ليا ده عندى بالدنيا كلها...دانت اخويا الوحيد ياحسن..يعنى الضهر والسند

بكى حسن بتأثر من كلمات صالح له فقد صدمته وجعلت يشعر بالراحة بعد ان ظن ان الطريق طويل امامه لعودة الامور للطبيعتها و واستحالة المصالحة بينهم

وبينما كان الجميع يتطلع الى الموقف امامهم بتأثر شديد الا ان سمر برغم هدوء وجهها وخلوه من اى تعبير الا عينيها كانت تعصف بالمشاعر وخاصا الغل لا تستطيع ان تهضم او تمرر ما يحدث امامها الان تنهش قلبها الغيرة والحقد وهى تتسأل لما يمتلك صالح وزوجته كل هذا الحب والثروة والهناء بينما حياتها هى تنهار فى تلك اللحظة ويتبدل حال زوجها معها من النقيض للنقيض تعيش معه على الحافة وغيرها ومن اقل من تهنئ بكل هذا

افاقت من افكارها على صوت زوجها وقد عاود الجلوس مرة اخرى مكانه يشير لها وفى عينيه كلام استطاعت قرأته بعد ان اعاده عليها مرارا وتكرارا طيلة اليوم قائلا

: قومى يا سمر روحى لفرح فى المطبخ وساعديها

اسرعت بالنهوض من مكانها تومأ له سريعا وقد انتبهت لاختفاء فرح من المكان تتجه ناحية المطبخ تدخله بخطوات بطيئة حتى وقفت خلف فرح تماما تسألها بنبرة خبيثة ممطوطة

: تحبى اساعدك فى حاجة

التفتت اليها هاتفة بسرعة وهى تهز رأسها بالرفض قائلة

: لاا ياحبيبتى شكرا مش عاوزة اتعبك... اقعدى انتى ارتاحى.. او اقولك اطلعى احسن معاهم بره

سحبت سمر مقعد وجلست عليها قائلة بأرهاق وتعب مصطنع

: لاا انا هقعد معاكى هنا اسليكى لحد ما تخلصى...معلش بقى مش قادرة اقف واساعدك... انتى عارفة بقى الحمل وتعبه

دوى صوت سقوط احدى الاطباق بعد ان انزلق من بين اصابع فرح المرتعشة وقد شحب وجهها بشدة من خبث كلماتها وقد سقطت فوقها كالمطرقة اخلت بتوازنها وهى تكمل بنبرة عادية كأنها لا تعى تأثير كلماتها على فرح

: انا كنت بقول المرة دى هتبقى اسهل..زى ماانتى فاهمة كل ما بتحملى ورا بعض ومبتخليش فرق بين كل مرة والتانية الموضوع بيكون اسهل.. الا المرة دى تعبها مش عاوزة اقولك اد ايه....وحسن كل اللى عليه يقولى انه نفسى فى ولد كمان... علشان دول اللى هيشيلوا اسمى واسم ابويا من بعدى مع انه خايف وقلقان عليا اووى

كانت فرح قد التفت للناحية الاخرى تعطى لها ظهرها حتى لا ترى تأثير كلماتها المسمومة عليها برغم انها لم تكن تهتم بما تقول الا ان طريقتها فى الحديث وتعمدها حرج مشاعرها جعلتها تتأثر رغما عنها تغمض عينيها وتاخذ عدة انفاس سريعة تهدء من ثورة مشاعرها وقد كان اقربهم للسطح الغضب والذى جعلها ترغب بأن تطيح بها من فوق مقعدها لكنها وبكل هدوء التفت اليها قائلة وعلى وجهها ابتسامة مستفزة

: عندك حق.. الاحسن فعلا انك تجيبى ولادك ورا بعض.. انتى سنك بيكبر وسنة ولا التانية ومش هتقدرى تعمليها تانى... ده غير تربية العيال بتخلى الست تبان اد عمرها تلات اربع مرات...واكيد حسن واخد باله من حاجة زى دى ومقدرها برضه

جاء الدور على سمر ليشحب وجهها بشدة تفر الدماء تتركه ابيض تمام ثم تعاود الدماء للضخ به بسرعة وقوة حعلته محتقنا بشدةوقد برزت شرايين عنقها بطريقة جعلت فرح تخشى عليها من ان تنفجر فى اى لحظة تراها تهب من مقعدها بعنف فتسقطه ارضا تفتح فمها كأنها ستلقى بالحمم من داخله ولكن ولدهشة فرح اسرعت تغلقه مرة اخرى كان شيئ ما اوقفها ترمى فرح بنظرة حارقة مغلولة ثم تسرع فى مغادرة المطبخ فورا دون ان تنطق بحرف بطريقة جعلت فرح تطلق ضحكة عالية منتصرة من المؤكد قد وصلتها وهى فى طريقها للخارج

وبعدها فور اندفع هو للداخل كأنه ادرك بحدوث خطب ما لكنه سرعان ما استرخى مستندا فوق اطار الباب ينظر اليها بأعجاب عامزا لها بعبث مزاح قائلا

: انا شايف ان الوحش بتاعى ظهر من تانى واخد حقه مش كده ولا ايه

اخذت تهز حاجبيها له وفى عينيها نظرة خبيثة قائلة

: طبعا يا قلب الوحش.. اخدته وبزيادة كمان

فى تلك اللحظة خرجت سمر كأنها الشياطين تطاردها وهى تدمدم بحنق وغضب ولكنها وقفت خطوتين من مكان تجمع العائلة اسرعت برسم ابتسامة صافية مزيفة وهى تجلس بجوار زوجها والذى سألها فورا

:عملتى اللى قلتلك عليه ياسمر..وصفيتى الامور بينك وبين فرح وكله تمام

سمر بتأكيد وجدية

:طبعا ياخويا وهو انا اقدر ازعلك..بعدين البت فرح طلعت جدعة وقلبها ابيض وكله بقى تمام وزى الفل

ابتسم حسن بغبطة لها يربت على كفها استحسانا ولكنه لم يكن يدرك عن تلك النار والتى تنهشها من الداخل حتى كادت ان تتفحم اعضائها من الكمد والغضب بعد رد تلك الداهية عليها وقلبها الامر عليها لتخرج هى منه ضعيفة منهزمة تخشاها وتضع من الان لتلك الصغيرة الف حساب

*************************

بعد مرور عدة ايام عادية وهادئة ودون احداث اجتمعت عائلة الحاج منصور لمناقشة طلب هذا الخاطب ليد ابنته ياسمين ليهتف حسن عاقدا حاجبيه بقلق بعدم علمة بهويته

: بس ياحاج بسمع عنه وبيقولوا عليه بخيل ومش بيهون عليه يطلع قرش من جيبه

ياسمين وهى تطلق شرارات الغضب والحنق نحو اخيها رفضا لحديثه قائلة له بتحدى و دون خجل

: بس انا موافقة ياحسن.. وعرفت بابا بكده

نهض حسن عن مقعده صائحا بغضب وحنق

: يعنى ايه يا حلوة... كلامنا ملهوش لازمة عندك ولا ايه

رمت ياسمين بنظرة متستهزء وضعت بها ردها على سؤاله ومعها ابتسامة مستفزة جعلت حسن ينهض من مقعده بعنف وقد استفزته ما تراه عينيه منها يهم بالانقضاض عليها صارخا بحنق يسبها ولكن تأتى صيحة والده حتى وتوقفه فى مكانه مرة اخرى قائلا

:جرى ايه ياحسن انت هتمد ايدك عليها وانا قاعد ولا ايه؟

ارتبك حسن يتراجع الى الخلف باضطراب ولكن مازال وجهه محتقن قائلا بخفوت

:انت مش شايف ياحاج كلامها ردها عليا عامل ازى

اسرعت انصاف تتحدث قائلة فى محاولة لتهدئة الاجواء

:هى يا حبيبى...تقصد انها شايفة انه عريس حلو وكويس وبتعرفك انت واخوك برأيها زى ما عرفت ابوك...بس طبعا الرأى يرأيكم انتوا وابوكم واللى تشوفوه صح هى اللى هتعمل

زفر حسن بقوة فى محاولة للهدوء وهو يعاود الجلوس فى مقعده مرة اخرى يتلتف الى صالح الجالس منذ بدء الحديث صامت وهادئ يضع سبابته فوق فمه و هو ينظر الى ياسمين بتفكير يسأله بنفاذ صبر

: ايه رأيك صالح..ولا انت هتفضل قاعد ساكت كده

صالح ومازالت نظراته فوق ياسمين يتطلع اليها وقد كانت هذه هى المرة الاولى التى يجتمع بها فى مكان واحد من ماحدث منها اخر مرة يسألها بصوت رصين هادئ

:قوليلى يا ياسمين بعيد عن انه بخيل ولا لا...مش شايفة ان عشرين سنة فرق ما بينكم كتير اووى

اجابته ياسمين بنبرة ذات مغزى ومعها ابتسامة خبيثة

: وده عيب بالنسبة لك ياصالح ان يبقى فى فرق كبير بين اى اتنين هرتبطوا...مع انه مكنش كده يوم ما فكرت تتجوز فرح وهى من نفس سنى ويمكن اصغر كمان سنة...ولا هو حلو ليك وعيب عند غيرك

توتر المكان فى الحال بعدها ينهض الحاج منصور ويندفع نحوها يهم بضربها هو هذه المرة لولا اسراع صالح والوقوف كحاجز بينهم وايقافه عن فعلها يهدئه هو حسن بعد ان انتفخت عروقه واحتقن وجهه يوجه لها السباب والشتائم يحاول الافلات منهم حتى ينالها وقد احتضنتها انصاف بين ذراعيها بحماية خوفا من بطشه بها حتى استطاعوا اخير تهدئته واجلاسه فوق مقعده صارخا بها بعدها بشراسة

:خلاص يابنت ال****كده مفيش كلام تانى فى الموضوع ده...وانا هبلغ العريس ده اننا مش موافقين

انهارت ياسمين فى البكاء قائلة بصعوبة وبكلمات مبعثرة غير مفهومة

:بس...انا موافقة...انا عاوزة....حرام عليكم...انا عاوزة....اخرج من الحارة المخروبة دى

نظرت الى والدها ووالدتها بتضرع ورجاء

: يابابا ده مهندس ومن عيلة...وعنده شركته...ترفضوه ليه...انتوا عاوزينى افضل قاعدة جنبكم كده مستنية عريس من جوة الحارة العرة اللى عايشين فيها دى

..اللى انضف مافيها كان محامى ميسواش رضيت بيه سد خانة... وفى الاخر هو اللى مش عجبه و فسخ الخطوبة وقال مش عاوز...قولولى هستنى ايه تانى

ساد الصمت التام المكان بعد كلماتها الا من شهقات بكائها ويتطلع اليها الجميع حتى تقدم منها صالح ببطء ووجه غير مقروء التعبير تتابعه هى بنظراتها المرتعبة ظنا منها انه سيعاقبها على ماقالته لكنه جلس على عقبيه امامها ينظر اليها بثبات وهدوء للحظات تحدث بعدها قائلا

: الفرق اللى بينى وبين فرح ١٣سنة مش عشرين وانتى عارفة ده كويس... وكون انك عاوزة تتجاهلى الفرق ده فده حاجة ترجعلك.... بس لسانك لو طول عليا مرة تانية هقطعولك واظن ادام الكل انا عديت ليكى كتير

: اما بالنسبة للمحامى اللى ميسواش ورضيتى بيه سد خانة...مش انتى اختى وهو صاحبى بس هو عندى احسن الف مرة من واحدة من عينتك...وبجد ربنا نجده ورحمه انه موقعش حظه فى واحدة زيك انانية ومدلعة وعمرها ما كانت  هترفعه بالعكس كانت هتهد فيه واظن احنا شوفنا عينة صغيرة من اللى تقدرى تعمليه لما كان خطيبك

شحب وجهها من شدة اهانته لها تراقبه وهو يعاود الوقوف على قدميه يلتفت نحو والده قائلا بحزم

: وافق يا حاج على العريس زى ماهى عاوزة...انا كنت خايف عليها وشايف انه مش مناسب لها

بس الظاهر ده عند بنتك حاجة غلط..وافق بدل ما تشيلك وتشيلنا ذنبها طول العمر


وبعدها وفورا تحرك مغادرا يغلق خلفه الباب بعنفه ارتجت له ارجاء المكان فينهض والدها بعد عدة لحظات صامتة قائلا بوجوم وملامح اسفة

:اخوكى عنده حق فى كل كلمة قالها...الظاهر ان دلعنا فيكى خسرك ومبقاش منك رجا...يالف خسارة على الخلفة اللى زيك


سأله حسن مستنكرا باستغراب

: يعنى ايه يابا هتوافقها وتمشى كلامها علينا


والده وهو يحنى رأسه فى الارض قائلا بأسف

:اه يابنى هوافق وهى اللى اختارت...وزاى ما اخوك قال بدل ما تشيلنا الذنب طول العمر.


حدق حسن نحوها بغيظ يراها وقد تبدل حالها تماما تبتسم بسعادة وعينيها تلتمع بأنتصار كأنها قد ملكت الدنيا بفوزها بهذه الزيجة فيدرك بأن لاحديث سيجدى معها نفعاً


**************************

وقفت فى مطبخها تحضر الغذاء وهى تتمايل فى وقفتها وهى تدندن احدى الاغنيات القديمة بصوت حنون رقيق كأنها تعنى كل كلمة تقولها منها

: عمرى ما دقت الحب غير لما حبيتك

ولا شوفت راحة قلبى الا وانا فى بيتك

تسلم تسلم تسلم لقلبى.. وتعيش لحبى

تسلم لقلبى ياحبيبى ...تسلم لقلبى


ضحكت بسعادة ودلال حين شعرت به خلفها يلف خصرها بذراعه ويقربها لصدره هامسا بحب وهيام فى اذنها

:تسلمى لقلبى انا...يافرحته وكل مناه


وببطء شديد انحدرت شفتيه من اذنها بقبلات بطيئة ناعمة فوق بشرة عنقها لتهمس له بانفاس لاهثة متسارعة تهمهم باعتراض واهى

: صالح كده الاكل هتحرق ومفيش غدا النهاردة


صالح وهو مازال منشغل فيما يفعله

: لا ماهو كده او كده مفيش غدا هنا النهاردة... علشان هنروح لسماح ونتغدى معاها


شهقت وعينيها تتسع بعدم تصديق تلتف لمواجهته تقاطع ما كان يفعله صارخة بسعادة قائلة

: بجد يا صالح هنروح... طيب شوف هى ثوانى... وهكون لابسة وجاهزة حالا


وبالفعل كانت فى طريقها الى الخارج تتركه مكانه مذهول قبل ان تلتفت اليه قائلة

: معلش اطفى بقى على الاكل ده... على ما البس... اه واقفل الغاز... و...


واخذت تعدد له عدة اشياء بسرعة لم يكن قادر على مجاراتها واستعابها ثم اختفت من امامه حتى تعد نفسها وماهى سوى دقائق قليلة وكانت امامه مستعدة فرحة كأنها طفلة وفى طريقها لنزهة طال انتظارها لها بطريقة جعلت يبتسم لها بحنان يتقدم نحوها وهو يشير لها بأن تتقدمه لتقفز بفرحة قائلة له

: سماح وحشتنى اووى..من يوم ما كريمة مشيت وهى ياقلب اختها قاعدة لوحدها...اكيد هتفرح اووى لما نروح نتغدى معاها النهاردة


عقد صالح حاجبيه يتظاهر بالحزن

:مااشى يا ستى..ماهى اول ما سيرة سماح جت نسيتى كل حاجة حتى انا

جرت عليه ترتمى فى حضنه تقبل وجنته بنعومة قائلة له بحزم

: انت مفيش حاجة فى الدنيا ممكن تشغلنى عنك ولا تخلينى انساك للحظة.. انا بس...

قاطعها بسرعة وعينيه تلتمع بعشقها

: متقوليش حاجة...انا عارف انتى عاوزة تقولى ايه..بس انا اللى بحب اسمعها منك كل شوية

تتلاقت الاعين فى حديث صامت بينهم للحظات قيل فيه كل شيئ تنطق به قلوبهم حتى تنحنح قاطعا اللحظة قائلا بتذمر

: بقولك ايه تعالى نتحرك ونخرج من هنا ..بدل ما والله اقفل الباب عليا وعليكى وما نشوفش الشارع ولا حد لمدة شهر اكون خلصت فيه كل اللى عاوز اقوله واسمعه

ابتعدت عنه وهى تضحك بتدلل تتراجع للخلف وهى ترفع كفيها امامها باستسلام وموافقة قبل ان تسبق لطريق للخروج بسرعة تتظاهر بالخوف من ان ينفيذ تهديده

وماهى سوى دقائق معدودة وكانت بالفعل تجلس مع شقيقتها فوق الاريكة فى صالة الشقة الخاصة بهم تسألها سماح بسعادة

: طب ما طلعش معاكى ليه... مش بتقولى هنتغدى سوا

اجابتها فرح قائلة

: راح يجيب حاجة سريعة نتغدى بيها...علشان متتعبيش نفسك

سماح باستنكار

: طب ليه كده يافرح تكلفيه دانا حتى عاملة اكلة النهاردة حلوة اووى وهتعجبكم

ربتت فرح فوق كتفها قائلة

: خليها لبكرة...احنا جايين نقعد معاكى مش نتعبك

حضنتها سماح بشوق قائلة

: وحشتينى اوى يابت عاملة ايه معاهم بيعملوكى ازى بعد اللى عمله المنيل خالك

اسرعت فرح تقص عليها كل ما حدث فى الايام القلائل الماضية حتى اتى ذكر زواج ياسمين الوشيك ليتبدل حال سماح تسألها بسعادة لم تستطع اخفائها

: يعنى مش هترجع لعادل تانى..

عقدت فرح حاجبيها تسألها بذهول

: هو انتى كنت بترفضى عادل كل ده علشان فكراه لسه بيحب المخفية دى انه ممكن يرجع لها تانى

اشتعل وجه سماح خجلا قائلة بتلعثم

: اه..اقصد لااا...انا اصلا ميهمنيش... بعدين انا كنت خايفة عليكى لصالح يزعل منك وهو واهله...لما يعنى...

قاطعتها فرح بحزم

: سماح انتى بتحبيه...وبتحبيه اووى كمان

اخفضت سماح رأسها قائلة بحزن

: بحبه بقى ولا مبحبوش،مبقتش تفرق..اهو راح لحاله...وبعدين بينى وبينك هى ماكنتش تنفع من الاول...لا جوزك كان هيوافق ولا اهله كمان

فرح بشدة وقد اغضبها ان تتخلى شقيقتها عن سعادتها حتى ولو فى سبيلها

: اللى يزعل يزعل...معلش يعنى هما شافوا بنتهم واللى عملته..واظن انك مكنتيش السبب دى عمايلها السودا هى....

قاطعتها سماح تنهض واقفة قائلة باضطراب

:خلاص يا فرح ملهوش لازمة الكلام...انا رفضت وسمعته كلام اظن عمره هينساه ليا وزمانه شاف بنت الحلال اللى تسعده غيرى

صمتت فرح لا تعلم كيف تقنعها ولكنها قررت عدم تخليها عن الامر بعد ان عملت بمشاعر شقيقتها عاقدة العزم على ايجاد حلا ما

تعالت طرقات خفيفة فوق الباب لتسرع فرح واقفة تسرع نحوه وقد علمت هوية الطارق تفتح الباب فورا دون ان تضع حجابها ليهتف بها فور رؤيته لها

:مش تسألى مين الاول مش يمكن حد تانى غيرى

رفرفت له برموشها قائلة بدلال ونعومة

: لا عارفة انه انت...قلبى قالى وانا قلبى عمره ما يكدب عليا...وهو طلع انت زى ما قالى

تنحنح صالح يلتفت خلفه بحرج قبل ان يقترب منها هامسا

: طب ادخلى حطى حجابك على شعرك وعرفى سماح ان معايا ضيف..وابقى تعالى

اتسعت عينيها بصدمة تتراجع للداخل على الفور وقد اشتعل وجهها بخجل تدخل الغرفة معها شقيقتها والتى سألتها عن هوية الزائر لتخبرها بأنها لم تلمح حتى وبعد ان اصبحت هى وشقيقتها بمظهر لائق خرجتا من الغرفة فى اتجاه غرفة الاستقبال لتتسمرا مكانهم بذهول حينها و وجدتا عادلى وهو زائر صالح والذى قال فورا ودون لحظة تردد واحدة

: سماح عادل جاى يطلب ايدك منى النهاردة...قلتى ايه

تعاقبت المشاعر فوق وجهها حتى سيطرت الصدمة والذهول اخيرا عليها تفتح فمها وتغلق عدة مرات وعينيها تتطلع اليه لتجد واقف مكانه مضطرب خائف يتوسلها بنظراته ان توافق ولا يكون رفضها مصير طلبه لكنها لم تستطع قولها ينعقد لسانها وهى تلتفت نحو فرح تسألها المساعدة لتهتف فرح فورا وبأبتسامة سعيدة وصوتها يتهلل من الفرحة

: وهى موافقة...نقول مبروك...ونقرى الفاتحة

ودون ان تمهل احد الفرصة لاعتراض اسرعت تطلق الزعاريد الواحدة تلو الاخرى بطريقة جعلت صالح يهز رأسه بعدم تصديق وعلى وجهه ابتسامة سعيدة اصبحت تلازمه منذ ان دخلت حياته وانارتها

.

🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴⚫

الحلقة 28 - الاخيرة 

.

بعد مرور عامين على تلك الاحداث

جلست تتحدث مع شقيقتها فى الهاتف داخل شقتها  وهى تنهد بحزن قائلة

: خايفة اوى يا سماح الشهر اللى فات كان انا السبب وتعبت وكل حاجة باظت...المرة دى قلبى مقبوض وخايفة يحصل حاجة تانى

حاولت سماح التهوين عليها قائلة لها

: هو يعنى انت كنت قاصدة دى حاجة غصب عنك...واظن صالح عارف كده

عند سماعها لاسمه لانت ملامحها والتمعت عينيها بحبها وعشقها له قائلة بحنان

: تعرفى انه طول طريق رجعونا من عند الدكتور وهو بيطيب خاطرى ولا كمان اخدنى يفسحنى وبليل وهو راجع واشترى ليا خاتم يجنن يفرحنى به.. بس ده خلانى احس بالذنب اكتر واكتر

زفرت سماح تهتف بحنق مصطنع

: فرح يا ملكة الدراما بقولك ايه كل حاجة وليها اوانها.. وعوض ربنا كبير وكرمه عالى

اختنق صوت فرح بغصة البكاء لكنها حاولت تمالك نفسها وهى تقول وبدون مقدمات

: سمر حامل تانى... 

شهقت سماح بذهول وعدم تصديق قائلة

:  تانى.. دى لسه بنتها مكملش السنة ونص حرام عليها نفسها

ابتسمت فرح بمرارة قائلة

: عاملة زى اللى داخلة مسابقة اول ما عرفت ان اخت صالح ياسمين حامل شهر والتانى وحملت هى كمان فاكرة انها بكده بتربط حسن بعد ما المشاكل بينهم زادت وكل شوية يقول عاوز اتجوز ولولا ابوه وصالح كان عملها من زمان

انهت حديثها تتوقع ردة فعل من شقيقتها على ماقالت لكن قابلها الصمت من الطرف الاخر لتهمس تناديها باستفهام  ليأتى صوت سماح المرتبك تجيبها  لتكمل فرح حديثها رغبة فى تفريغ همومها الجاثمة فوق صدرها قائلة

: انا والله مش زعلانة بس....

سماح بصوت خفيض متعاطف

:  عارفة وحاسة بيكى.. وحاسة بصالح كمان.. بس كل حاجة بأمر ربنا...  انتى بس حاولى متفكريش فأى حاجة وسلمى امرك لله علشان النفسية ليها تأثير على الحاجات دى..

اومأت فرح برأسها تنفس بعمق تحاول العمل بنصيحة شقيقتها تسرع فى تغير الموضوع تسألها بجدية

: سيبك بقى من الكلام عنى.. وقوليلى عاملة ايه مع الولية حماتك لسه عقربة زى ماهى

ضحكت سماح بمرح تهتف بها 

: يابت لمى لسانك.. وبعدين الست عندها حق اى ام مكانها هتعمل كده

فرح وهى تعتدل فى مكانها بتحفز قائلة

:  ليه ياختى هى كانت تطول عروسة حلوة زيك.. دانتى حتى هتحسنى لهم النسل بلا خيبة

لم تستطع سماح مقاومة الضحك  مرة اخرى على كلماتها تلك وهى تكمل

:  انا ساكتة عنها بس علشانك وعلشان ابنها.. بس لو عملت فيكى حاجة ولا كلمتك نص كلمة ابعتيلى وانا ليا صرفة معاها الحيزبونة دى

سماح بكلمات تخرج بصعوبة من شدة ضحكاتها

:ماشى ياعم جامد..بس برضه الست ليها حق

ثم تغيرت طبيعة صوتها للجدية قائلة

: واحدة لقيت ابنها المحامى ابن الناس عاوز يتجوز سماح بنت اخت مليجى اللى...

قاطعتها فرح بحزم

:  واللى برضه من اجمل واطيب بنات الحارة... انتى مش قليلة ياسماح ولا احنا ضربنا ابنها علشان يجى يتجوزك ده ابنها حفى علشان ترضى بيه

سماح بصوت متردد خافت

: هى اتغيرت خالص معايا عن الاول كتير وبقيت بتتعامل معايا كويس خصوصا بعد...بعد

فرح وهى تحثها على الكلام تلتمع عينيها بفضول

: بعد ايه يابت ما تنطقى...عملت فيكى حاجة

سماح بصوت مرتعش كانها فى طريقها للبكاء

: لااا..اصل انا انا...انا حامل فى الشهر التانى...انا والله منكتش عاوزة دلوقت ولا عادل كمان بس والله...

قاطعتها فرح تنهض بسرعة وهى تسألها بفرحة طاغية

: بجد يا سماح بجد....طب معرفتنيش ليه...بقى كده تخبى عليا

سماح وصوتها يزاد ارتعاشته

: كنت عاوزة اقولك اول ما عرفت على طول بس قلت استنى لما انتى كمان ربنا يرضيكى بس مقدرتش اخبى عليكى اكتر من كده علشان عوزاكى تفرحى معايا

فرحة ودموع الفرحة تتسابق فوق وجنتها تهتف بسعادة

: انا حاسة انى طايرة من الفرحة ونفسى اخدك فى حضنى دلوقت

ثم فجأة تغير وجهها للحزم والشدة تهتف بها

: بت تاخدى بالك من نفسك وتاكلى كويس..واشربى لبن..اه ولو عوزتى حاجة ابعتى ليا وانا ثوانى وهكون عندك بس انتى ترتاحى خالص

اجابتها سماح بالموافقة على جميع اوامراها وهى تبكى على الاخرى يتكلمان سويا لعدة دقائق اخرى  ثم انهت المكالمة بينها وبين شقيقتها تجلس مكانها  وهى تحتضن الهاتف لصدرها  وعينيها تنطق بالفرحة والسعادة الطاغية حتى سمعت صوت فتح الباب لتسرع نحوه تلقى بنفسها بين ذراعيه كعادتها فى استقباله ولكن هذه المرة اطالت من لحظة احتضانه وجسدها يستكين بين ذراعيه براحة ليسألها بحنان وهو يقبل رأسها 

: ايه ياقمرى...عاملة ايه...لسه تعبانة

هزت رأسها بالنفى ببطء قائلة بصوت خافت

: انا كويسة بعد ما اخدت المسكن اللى كتب ليا الدكتور عليه بعد الحقنة

ابعدها عنه ببطء يسألها وعينيه تدور فوق وجهها بقلق يسألها  بعدها بتوجس

: فرح انتى كنتى بتعيطى...لو حاسة بوجع احنا ممكن نروح لدكتور ولا اقولك بلاش منه الموضوع ده خالص

اسرعت تهز رأسها بالنفى تهتف له مؤكدة

: لا...انا كويسة ياصالح صدقنى...انا بس كنت بكلم سماح من شوية وقالت ليا انها....

قاطعها صالح وانامله تمتد تزيح الباقى من اثر دموعها هامسا بحنان ورفق

: قالت لك انها حامل مش كده

اتسعت عينيها بذهول تسأله

: انت كنت عارف...طيب مقولتش ليا ليه ياصالح

لم يجيبها بل امسك بيدها يتجه بها نحو الداخل حتى  وصل  الى الاريكة فيجلس ويجلسها فوق ساقيه يحيط وجنتيها بكفيه يقربها منه ثم يقبلها بتهمل شديد ونعومة اذابتها واذابت اى مشاعر اخرى سوى لهفتها له هامسا يجيبها بعدها بتهمل وحنان

: خفت تزعلى..انا عارفة نفسيتك تعبانة من اخر مرة كنا فيها عند الدكتور ومحبتش ازودها عليكى..كفاية مهرجان الحمل اللى انطلق عندنا فى البيت

ضحكت رغما عنها من مزحته بينما يكمل هو  يتنهد بطريقة مسرحية حزينة 

: ولسه المهرجان مخلصش...ياسمين اختى جاية وجايبة معاها زعابيب امشير بتاعت كل مرة...وطالبة الطلاق من جوزها للمرة المليون من يوم ما اتجوزت

استقامت فى جلستها بأنتباه تسأله بفضول

: وليه تانى المرة دى... ده لسه راجعة بيتها مكملتش اسبوع

تنهد صالح وجهه يرتسم عليه امارات الاسف

:  هى جوازة غلط من الاساس.. بس هقول ايه اختيارها وتتحمله بقى.. دى لسه لحد النهاردة مش عاوزة تعترف انها غلطت ولسانها بيحدف دبش لاى حد بيحاول ينصحها

تنهد مرة اخرى بنفاذ صبر ولكنه اسرع بعدها يسألها كأنه ادرك انه قد ابتعد عن حديثهم الاساسى يسألها بحزم

:سيبك بقى ما الناس والعالم ده كله...وقوليلى القمر بتاعى كان بيعيط ليه...  علشان عرفتى ان سماح حامل؟

سألها سؤاله الاخير وعينيه تنطق بالخوف التوتر لتسرع تجيبه فورا قائلة بأبتسامة فرحة سعيدة

: لا طبعا..دانا طايرة من الفرحةعلشانها..مع ان العبيطة كانت فاكرة انى هزعل لو قالت ليا..شوفت العبط بتاعها

سكن صالح فى جلسته وعينيه تلتمع بعشقها بعد اجابتها تلك  عليه يشعر كم هو محظوظ بها وبوجودها المشع بالبهجة فى حياته يحيط بوجنتيها مرة اخرى يقربها منه وهامسا بحب وارتجافة العشق فى صوته

: لا...بس شوفت اد ايه انتى جميلة...وان ربنا عوضنى بيكى عن الدنيا كلها ...وان انا مش عاوز من دنيتى دى غير انتى وبس

قبلها فورا يحتضن بشفتيه شفتيها يبثها من خلال قبلاته كل ما يعجز لسانه عن نطقه فى لحظاتهم تلك يزداد شغفه وجنون بها  الى ابعد حد والذى اطار بعقله وتفكيره  تمام حتى جذبته هى بصوتها الضعيف المرتعش من داخل اعاصير المشاعر  التى عصفت به تحاول الاعتراض بضعف

: صالح...مش هينفع ..الدكتور قايل...بكرة

اخذ يتنفس بصعوبة وهو يدفن وجهه فى منحنى عنقها يحاول السيطرة والعودة لطبيعته مرة اخرى للحظات طوال قال بعدها بطاعة

:حاضر هسمع كلام الدكتور... وربنا يصبرنى لحد بكرة والا هبقى شهيدك وشهيد اوامر الدكتور

وبالفعل التزم التزام تام بتعليمات الطبيب طيلة تلك الايام التالية ومع كل يوم يمر عليهم يدعو من اعماق قلبهم ان تتحقق لهم هذا الشهر حلم ورغبة طلما اشتاقا لها بجنون

*******************************

فرح مش هتقومى يلا...الجماعة تحت بعتوا علشان مستنينا على الغدا

تمطت فى الفراش ثم عادت لاحتضان الوسادة مرة اخرى تهمهم بصوت ناعس

: شوية كمان وحياتى ياصالح...اصل النوم حلو اووى

هز رأسه بقلة حيلة وهو ينظر نحوها مبتسما بتسامح ثم فجأة التمعت عينيه بالتسلية والخبث هاتفا بصوت عالى صارم

: ايه ده يافرح...ينفع كده اللى حصل ده

فزت من الفراش فزعة فورا ان وصلها صوت تتلفت حولها بخوف واضطراب قائلة بتلعثم

: اسفة..اسفة...متزعلش خلاص

دوت ضحكته العالية بصخب فى ارجاء المكان فتدرك هى مزحته تنظر له بعتاب هامسة

: حرام عليك ياصالح.. دى حركة تعملها.. طب انا زعلانة منك

عاودت الاستلقاء على جنبها تعطى له ظهرها ليسرع نحوها يستلقى بجوارها قائلا وهو يقبل كتفها

: وانا مقدرش على زعلك ياقلب صالح من جواه...

هزت كتفها بتدلل قائلة له

: برضه زعلانة  ومخصماك ومش هكلمك خالص النهاردة

انحنى على اذنها يهمس بخبث وبصوت عابث

: طيب تراهنى؟..  واللى يصالح التانى الاول يبقى هو الخسران وعليه ينفذ اى طلب تقال له عليه

التفتت اليه تهتف له فورا وبثقة

: اتفقنا...وانا موافقة بس هتنفذ اللى هقولك عليه

غمز لها بعبث وهو ينهض من جوارها قائلا

: مش لما تفوزى الاول تبقى تتشرطى

تحرك فى اتجاه الباب يكمل قائلا

: انا هسبقك على تحت...متأخريش عليا..علشان نبتدى رهاننا

غمزها مرة اخرى ثم غادر الغرفة فورا لتبتسم بحنان وعشق وقد ادركت ما يحاول فعله معها ومحاولته صرف اهتمامها الى شيئ اخر بعيدا عن توتر والاضطراب والذى اصبح ملازما لكل زيارة شهرية للطبيب وقد مرت بهم الايام ببطء شديد حتى حان اخيرا موعد الطبيب المقرر يوم يوم الغد  لايريد لها قضاء وقتها فى  التفكير والقلق فيحاول صرف تفكيرها بمزاحه وعبثه معها

لكن الامر ليس بهذه السهولة  عليها الا اذا قامت الان ب...التمعت عينيها بفكرتها تلك  تسرع فورا فى تنفيذها فقد تنهى بها ساعات من الخوف والقلق  حتى وان كانت نتائجها مخيبة لكنها سترحمها من من توتر ورهبة الانتظار

بعد ذلك كانت تجلس بجواره داخل شقته والديه بعد انتهائهم من الغذاء  ومازالت تلك الابتسامة السعيدة البلهاء مرتسمة فوق شفتيها لا تستطيع السيطرة عليها وبذهنها الشارد كانت تجيب على اسئلة الموجهة لها كانها بعالم اخر تطفو فوق السحاب وعينيها تتعلق  بهيام بكل لمحة او لفتة منه كالمسحورة به حتى سمعت همسه الناعم لها وهى يسألها بمرح

: بقى ده شكل واحدة مقموصة منى وزعلانة...دانتى ناقص تقومى تاخدينى فى حضنك وتصرخى ادام الكل وتقوليلى بحبك

اقتربت منه هى الاخرى وقد اختفى العالم من حولهم

تهمس بهيام ودون مقدمات

:طب ما الكل عارف ان انا بحبك مش محتاجة اقولها....بس لو تحب اقوم اصرخ بيها دلوقت انا معنديش اى مانع

صالح وقد شع وجهه بالسعادة يسألها

: طب وبخصوص مقموصة منك وزعلانة اللى كانت فوق من شوية دى

هى وبنفس ابتسامة الهيام المرتسمة على شفتيها

:مقموصة منك بس بحبك وبعترفلك اهو ان خسرت الرهان من قبل ما يبدء حتى..

كاد ان يلتهمها بنظراته تتسارع انفاسه وهو  يهمس ه بلهاث وصوت اجش من عصف مشاعره

: وانا  بقى كسبت حبك ووجود فى قلبى وحياتى.. يافرحة حياتى

ابتسم لها يغمزها خفية يكمل وهو يشير الناحية  الاخرى

: ما تيجى نطلع فوق..واقولك كسبت ايه كمان

شهقت تتصنع الصدمة تهتف به تنهره بدلال 

: صالح اتلم...الناس حاولينا يقولوا علينا ايه

ضحك بصخب جعل كل العيون تنبه اليهم  فى تلك اللحظةبأهتمام تسرع  انصاف  قائلة  لهم بمرح

: طب ما تضحكونا معاكم احنا كمان..

ا صالح وعينيه معلقة على سارقة قلبه يبتسم بخبث جعل عيون فرح تتسع محذرة له وقد ادركت نيته لكنه تجاهلها يجيب والدته قائلا ببطء عابث

: اصل كنت بقول فرح يعنى اننا.....

قاطعته فرح تنهض من مكانها قائلة بخجل وتلعثم

: انا هروح اعمل لينا عصير...وراجعة حالا

ثم اسرعت بأتجاه المطبخ فورا دون ان تضيف شيئ اخر هربا من احراجها ولكن لم تمر سوى لحظات حتى اتبعتها تلك التى كانت تجلس تتابعهم بنظراتها الحاقدة  وهى تتحسر بداخلها على زيجتها الفاشلة وزوجها البخيل فى مشاعره قبل ماله تتلظى بنيران غيرتها وهى ترى كل هذه المشاعر والعواطف الجياشة بين شقيقها وزوجته فبرغم الظروف التى يمرون بها  الا ان اكتفائهم ببعضهم البعض يصيبها بالغضب والكره لتلك الحياة التى تحياها وهى تتمنى ولو ترى يوما واحدة فقط من تلك المشاعر والتى تراها دائما فى نظراتهم لبعضهم البعض فى عيون زوجها ولمرة لمرة واحدة فقط تندم كل يوم الف مرة لتصميمها على تلك الزيجة ودفن نفسها حية مع هذا الزوج متبلد وقاسى المشاعر

لذا لم تجد سوى متنفس واحد لتلك النيران والتى تتأكلها الان سوى ان تهرع خلفها تدخل المطبخ تتطلع نحوها بنظراتها المغلولة الحاقدة ثم تفح من بين انفاسها قائلة

: مش شايفة انك زودتيها  بقى مش همك حد  خالص من اللى قاعدين وانتى شغالة شغل مسخرة وقلة ادب مكانه شقتك فوق مش هنا

زفرت فرح تعلم ما تحاول ياسمين جرها اليه لذا ابتسمت لها بهدوء مصطنع قائلة بطاعة

:حاضر يا ابلة يا ياسمين..هروح اخد جوزى واطلع شقتنا فوق ونتمسخر فيها براحتنا علشان حضرتك ما تتضيقيش...تأمرى بحاجة تانية

وبالفعل تحركت من مكانها نحو الباب تنوى للمغادرة تمر من جوارها تلك المشتعلة من وقاحة لردها عليها تمسك بذراعها فجأة توقفها عن التحرك تصرخ بها

:اما انت صحيح قليلة ادب مش متربية...بس هقول ايه مانت تربية مليجى رد السجون ولبيبة الخدامة...هستنى ايه غير كده منك

هنا وانتهت قدرة فرح على التظاهر بالهدوء والتعقل بالانتهاء تشتعل بالغضب  وهى تجذب ذراعها منها بقوة ثم تدفع فى كتفها بقسوة قائلة

:لمى لسانك اصل كلمة زيادة منك وهعرفك مقامك ايه..ولا انت نسيتى علقة زمان ونفسك افكرك بيها

تطلعت لها ياسمين بذهول ممزوج بالغضب قبل ان ترتفع ابتسامة خبيثة قائلة باحتقار

:انا بقى اللى هعرفك قيمتك ومقامك هنا فى البيت ده ايه..

ثم فجأة وبدون تحذير صرخت عالية صرخة متألمة وهى تمسك ببطنها تنادى على والدتها بصوت اجادت صنع الالم والذعر به وفى لحظات كان الجميع داخل مكان يلتفون حولهم  يتسألون عما حدث لتصرخ ياسمين باكية وهى تشير نحو فرح المصدومة المتجمدة فى مكانها

:عاوزة تسقطى...فرح كانت عاوزة تسقطنى

ابتسمت سمر تتراجع للخلف وتتابع الموقف دون تدخل وجد وجدتها فرصة لتشفى فى غريمتها والتى اخذت تنفى عن نفسها هذا الاتهام قائلة بذعر

: والله ما حصل ولا لمستها..دى هى اللى....

ياسمين صارخة وهى مازالت تمسك بطنها بألم ترتعش شفتيها بالبكاء قائلة 

:كدابة..دى ضربتنى فى بطنى مرتين علشان بقولها مينفعش الضحك والمرقعة هنا ادام الناس الكبار..راحت ضربانى فجأة عاوزة تسقطنى

ثم ارتمت فوق صدر والدتها باكية والتى كانت مذهولة مما سمعت لان تجد القدرة على التفوه بحرف لتسرع فرح نحو صالح قائلة برجاء وصوت باكى

: محصلش حاجة من دى خالص..صدقنى ياصالح وحياتك عندى ما حصل

ربت صالح فوق وجنتها يبتسم لها بطمأنية  وحنان جعلت النار تشتعل اكثر فى تلك العقربتين قبل ان يرفع نظرات نحو ياسمين يسألها  بتمهل وهدوء كأنه فى انتظار اجابة ما منها

: وفرح عاوزة تسقطك ليه يا ياسمين...يعنى ايه يخليها هتفكر تعمل حاجة زى كده ووهى عارفة اننا كلنا  قاعدين بره

اسرعت ياسمين تجيبه وعينيها تشتعل بغلها وغيرتها هى قائلة

:علشان غيرانة طبعا..شايفة الكل معاه الا هى...

اسرعت فرح تقاطعها تهز رأسها بالنفى سريعا تهتف دون تفكير

:وانا هعمل كده ليه...مانا كمان حامل

ساد الصمت التام يتجمد صالح مكانه وعينيه تعود اليها سريعا تسألها التأكيد مما سمع كأنه يخشى التحدث فيتبدد الحلم طلما اشتاق اليه فى صحوه ومنامه فاخذت تومأ له بالايجاب تؤكد له برغم ما ينطق به لسانها

: انا عملت اختبار النهاردة الصبح مقدرتش استنى لما نروح للدكتور بكرة بس برضه انا مش متأكدة ....

اختفى الباقى من حديثها حين جذبها الى ذراعيه يحتضنها الى صدره بقوة كأنه يود لو يخفيها داخل ضلوعه بحماية تسمع منه شهقة بكاء خافتة كانت لها كألم فى ضلوعها وهى تراه بهذا الضعف تلعن نفسها لعدم تمهلها وتفكير قبل ان تلقى بهذه القنبلة المدوية عليه دون ان تراعى او تفكر فيه  وفى ردة فعله تبتعد عنه عينيها تتطلع فى عينيه الملتمعة بدموعها الحبيسة تهمس قائلة برجاء وتلعثم وكلماتها غير مترابطة او مفهومة

:صالح...انا...مش عاوزة...احنا...طيب نستنى...كلام....الدكتور الاول

اومأ برأسه لها بالموافقة يبتسم بفرحة طاغية قبل ان يمسك بيدها يجذبها خلفه قائلا بلهفة

:يبقى يبنا نروح له حالا...مش هقدر استنى لبكرة..

وبالفعل جذبها وخرج بها من المكان لتتعالى شهقات انصاف الباكية بفرحة ومعها دعاء الحاج منصور وتوسله لله بالدعاء حتى حسن اخذ يردد هو الاخر الدعاء لشقيقه ان يمن الله عليه بالفرحة  الا سمر والتى شحب وجهها شحوب الموتى تنظر امامها بصدمة كمن ضربته صاعقة  و ياسمين والتى لم تحتمل ان يتم تجاهل ما قالت  وانشغالهم عنها  بهذه الحقيرة و بأخبارها تصرخ بهم بحنق

:انتوا صدقتوه...دى كدابة وبتقول كده علشان تخرج نفسها من اللى عملته

اسرعت تكمل وقد اعماها غضبها وحقدها لاتراعى ان من تتحدث فى حقه هو شقيقها الاكبر صارخة بغل

:بقولكم كدابة.. كلكم عارفين ان صالح مش بيخلف ولا عمره هيخلف انتوا بس اللى عاوزين تنسوا ده و......

قطعت صرخة ألم كلماتها المسمومة بعد ان هوى والدها فوق صدغها بصفعة قوية اطاحت بها حتى كادت ان تسقط ارضا لولا اسراع والدتها لاسنادها يندفع حسن هو الاخر من مكانه لامساك بوالده قد عاود الهجوم عليها مرة اخرى صارخا بها

:القلم ده كان المفروض ينزل على وشك مش النهاردة لاا ده من يوم ما غلطتى فى اخوكى مرة واتنين ادامى وانا اعديلك بس يا بنت ال***** من هنا ورايح ملكيش عندى غير ده..عاوزة تقعدى هنا يبقى بأدبك مش عاوزة يبقى تخفى على بيت جوزك وما شوفش وشك هنا تانى

ياسمين بذهول والم وهى تضع كفها فوق وجنتها المطبوعة بالاحمرار من اثر الصفعة قائلة

:بتطردنى يا بابا من بيتك علشان صالح ومراته...مراته بنت لبيبة الخدامة وبتضربنى علشانهم

صرخ منصور بغضب وشراسة يهم بالهجوم عليها مرة اخرى لولا امساك حسن به

: تانى يابنت ال*** بتغلطى تانى طب يمين تلاتة مانت قاعدة فيها...وتمشى حالا على بيتك وما شوفش وشك هنا تانى 

حاولت انصاف استعطافه هى وحسن حتى يعدل عن قراره لكنه زاد تصميما يهتف بحسن بحزم غاضب

:خد بنت ال*** رجعها بيتها...واقعد ما جوزها وشوف ايه الموضوع وحله...تلاقيها سمت بدنه بكلامها الل زى السم ودلعها الماسخ

لم يجد حسن امامه سوى ان يومأ له بالموافقة قائلا

:حاضر ياحاج اللى عاوزه هيحصل بس اهدى كده وكل حاجة هتمشى زى ما انت عاوز

اخذ منصور يتنفس بعمق وقوة محاولا الهدوء يطاوع حسن فى الحركة وهو يخرجه من المكان لنتفجر ياسمين بالبكاء بهسترية تلقى بنفسها بين ذراعى والدتها والتى اخذت تحاول تهدئتها لتتحدث سمر بعد خروج حسن كأنه الأذن لها بالانطلاق لبث سمومها تهتف بغل

:كله من الصفرا اللى اسمها فرح..كدبت الكدبة والكل جرى وراها وصدقها....وهى الغلبانة دى اللى هتدفع التمن

نهرتها انصاف بصوت حاد غاضب توقفها

:سمر الليلة مش ناقصاكى روحى لعيالك شوفيهم وخرجى نفسك من الموضوع ده خالص..ولا تحبى حسن يدخل فجأة ويسمع كلامك ده

شحب وجهها بشدة تهز رأسها بالنفى تسرع بالمغادرة  فورا  تنفيذا لامر فهى ليست فى حاجة لخلاف اخر معه يكفيها ما تلاقيه منه


رفعت ياسمين تسأل والدتها بصوت باكى منكسر بعد خروج سمر من المكان

:هتروحينى يا ماما زى بابا وقال

هزت انصاف كتفها بقلة حيلة قائلة

:ابوكى حلف..وانتى  عارفة  الحاج منصور لما يحلف ولو مين اترجاه عمره ما هيرجع فى كلامى ابدا

انفجرت ياسمين فى البكاء تهرع هاربة من المكان لتهمس انصاف بحزن

: زودتيها يا بنت بطنى..وهى جات على دماغك انتى فى الاخر..ياريت يكون ده درس يفوقك ويهدى نفسك شوية

***************************


جلسا هى وهو معا امام الطبيب والذى اخذ ينظر نحوهم بثبات قائلا

: شوفوا ياجماعة  احنا كنا بنحاول الحمل بالطريقة الطبيعية قبل ما نضطر نلجأ للوسائل التانية و الظاهر كده....

شحب وجههم بشدة كأنهم كانوا يخشوا هذه الكلمات منه تتشابك ايديهم معا بمساندة يشدا من أزر بعضهم البعضفى انتظار الباقى من حديثه وانتهاء الحلم وقد لفتت هذه الحركة منهم نظر الطيب والذى ابتسم فور وعينيه تشع بالسعادة لهم يكمل قائلا

: والظاهر كده اننا مش هنحتاج ليها...مبروك يا جماعة الحمل تم وكل الامور ماشية تمام

لم يصدر عنهم ردة فعل بل جلسا فى مكانهم كانه لم يكن يوجه اليهم الحديث ينظرون نحوه بذهول وصدمة ليكرر الطبيب كلامه ولكن هذا المرة ببطء وقد وعى لما يعانوه فى هذه اللحظة يتمهل فى شرح الامر لهم

فجأه وكأن الحياة قد عادت لجسده  ينهض صالح عن كرسيه يخر على ركبتيه ارضا ساجدا لله تتعالى شهقات بكائه  كأنه كان ينتظر كلمات الطبيب لها لافراج عن تلك الدموع والتى طلما سجنها فى مقلتيه بصوت تقطع له قلبها وهى تخر على ركبتيها هى الاخرى جواره وتحتضنه بين ذراعيها وقد اخذ يردد بهستريا وذهول

: هبقى اب يا فرح...خلاص ربنا كتبلى اشيل حتة منى بين اديا...اخيرا ربنا عوضنا وعوض صبرنا وشوف ابن لينا

ثم اخذ يردد الحمد والشكر لله  كثير وهو يحتضنها بين ذراعيه لا تستطيع  هى الاخرى فعل شيئ سوى البكاء بشدة وتردد بكلمات الحمد والشكر  للحظات تأثر لها الطيب حتى استطاعوا اخيرا  تمالك نفسهم يتطلعون الى بعضهم بسعادة  ليسرع الطيب قائلا لهم بتحشرج

:  لا مش كده ياجماعة انا عاوزكم تتماسكوا  وتهدوا... كده مش هتخلونى اقولكم باقى الاخبار اللى عندى

التفا هما الاثنان معا بحدة اليه بتتعالى امارات التوتر على ملامحهم وجسدهم يتجمد قبل ان يسأله صالح بتوجس ولهفة وهو ينهض واقفا ومعه فرح

: خير يا دكتور...فرح عندها اى مشاكل...الحمل فى خطر عليها....لو كده انا مش عاوزه... انا اهم حاجة عندى فرح...

الطبيب وابتسامة تقدير على شفتيه قائلا بنبرة ذات مغزى

:  بسهولة كده هتستغنى... لاا الظاهر المدام عندك غالية اوى

فورا ضم صالح فرح لجانبه بحماية قائلا بحزم تأكيد

:  طبعا... مفيش عندى اهم منها ولو الحمل فيه ولو نسبة واحد فى المية خطر عليها فانا.... 

قاطعه الطيب قائلا وهو يتراجع فى مقعده قائلا بابتسامة هادئة

:  لا ياسيدى مفيش اى خطر عليها... ونقعد كده ونهدى علشان لسه عندى ليكم كلام وتعليمات لازم تنفذ بالحرف

ثم اخد يعدد لهم تعليماته بعد ان القى عليهم بقنبلته والتى جعلتهم يجلسون فاغرين فاههم بصدمة وذهول واستمر معهم حتى بعد عودتهم للمنزل واخبار الجميع بأخبارهم السعيدة والتى تم استقبالها مابين مهنئ وسعيد وفرحة طاغية وبين حاقد مغلول ونفوس ضعيفة  يتمنى زوال هذه النعمة منهم عدم اكتمال تلك الفرحة لهم  ولكن كانت ارادة الله ومشيئته فوق كل شيئ وهو يمن على هذا الثنائى بنعمه ويحفظهم من حاقد وغادر

الخاتمة 

.

.

رواية / ظلمها عشقا" 

بقلم/ ايمي نور 

ارجو تقييم الرواية ف اخر الحلقة  👇👇

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

.

استلقت فوق فراشهم تراقبه بحنان ويديها تربت فوق بطنها الممتد امامها برفق وهى تراه يدور حولها فى الغرفة بتوتر وبحركات مضطربة يقوم بعدة اشياء ليس لها داعى مثل اخراجه للحقيبة المعدة ليوم ولادتها  يقوم بأخراج  الاشياء من داخلها ثم ويراجعها للمرة الخامسة حتى الان  وهو يسألها بقلق

: انا خايف نكون نسينا حاجة كده ولا كده.. طيب ايه   رأيك انزل اجيب تانى من ال....

قاطعته تحدثه بصبر وهى تعتدل جالسة فى الفراش قائلة

: ياحبيبى متقلقش كل حاجة جاهزة... وبعدين انا مش عارفة انت قلقان كده ليه.. هو انا اول ولا اخر واحدة هتولد..اهدى انت بس وخير ان شاء الله

توقفت يديه عن الحركة ترتجفان بشدة وهو يرفع عينيه يتطلع اليها  فترى القلق والخوف يرتسمان داخلهما عليها وعلى اطفالهم  مما جعل قلبها يهفو  اليه تسعى على الفور لبث الطمأنية اليه تشير له بحنان حتى يقترب منها وفورا ترك ما بيديه يهرع نحوها ويلقى بنفسه بين ذراعيها الممتدة اليه بترحاب دافنا وجهه فى عنقها مرتجفا بشدة وهو يهمس بتحشرج

: خايف اووى يافرح.. لا انا مش خايف انا مرعوب من بكرة..  انا عمرى فى حياتى ما كنت خايف كده...

لم تستطيع البوح له بأنها تخشى هى الاخرى من يوم غد بل يكاد قلبها ان يتوقف رعبا منه لكنها اسرعت باجابته بصوت مرح خفيف

: ليه يعنى دى حاجة كل الستات بتعملها كل يوم..ده حتى سماح اختى سبقتنى وعملتها وبتقولى هتصحى من النوم هتلاقى النونو جنبك.... وبعدين انا مش خايفة من كده انا خايفة من حاجة تانية خالص

رفع وجهه اليها سريعا بأستفهام لتكمل مع ابتسامة مرحة

: لما يعرفوا اللى الدكتور قاله لينا... اظن بعد كده مش هنعرف نخبى تانى...والعايلة كلها والحارة كمان هتعرف

شدد من احتضانه لها يلقى برأسه فوق كتفها قائلا بحزم

:محدش ليه عندنا حاجة وبعدين ابويا وامى عارفين وكده كفاية دول هما حتى اللى قالوا منعرفش حد

ساد الصمت لعدة لحظات قبل ان تتحدث قائلة بخشية وتردد

: طيب اخوك ومراته.. مش هيزعلوا اننا خبينا عليهم.. خصوصا ان سماح اختى عارفة و...

ابتعد عنها صالح جالسا بأعتدال يقاطعها قائلا بنزق

: اللى يزعل يزعل.. انا مش هدوش دماغى بحد دلوقت... كفاية قلقى عليكى

نهض واقفا يكمل قائلا بحزم

: انا هقوم احضرك الاكل.. وانتى ارتاحى خالص وريحى دماغك وتفكريش فى حد غير نفسك وبس

   حاولت الاعتراض فهذه هى المرة الثالثة والتى يقوم بأطعامها فيها خلال ساعتين لكنها قررت الصمت بعد ان وجدته وقد تحرك  بالفعل مغادرا الغرفة تعلم ان لا فائدة من اعتراضها ذاك تتبعه بنظراتها  الهائمة وهى تبتسم ابتسامة صغيرة عاشقة له و سعيدة بأهتمامه بها تربت فوق بطنها بحنو هامسة بعد خروجه

: ابوكم حنين اووى ياعيال...هو انا بحبه وبعشقه من شوية وبكرة لما توصلوا بالسلامة هتشوفوا اد ايه هو احسن واجدع واحن راجل فى الدنيا 

شردت بعينيها للبعيد ومازالت تلك البسمة الحنونة فوق شفتيها تتذكر يوم تأكيد الطبيب لحملها وفرحة صالح الطاغية  لكن لم يكن الطبيب قد انتهى من اخباره كلها حين تحدث اليهم يكمل لهم بصوته الهادئ ولكنه كان يحمل نبرة مازالت تتذكرها حتى الان قائلا

:طبعا احنا لما كملنا رحلة العلاج الخاصة بيك يا استاذ صالح والحمد لله الامور مشيت تمام.. هنا كان دور مدام فرح.. وابتدينا معاها بالحقن المنشطة  علشان نقصر من فترة الانتظار وكمحاولة كمان قبل ما نلجأ للحل التانى بس الظاهر ان....

قاطعه صالح بعدم صبر وتوتر يسأله

: يا دكتور انت عرفتنا الكلام ده قبل ما نبتدى معاك.. فمن فضلك قول فى اى ايه لانك كده هتموتنى من القلق على فرح

ابتسم الطبيب يهز رأسه بتفهم قائلا بصدر رحب

: مااشى هدخل فى المفيد.. شوف ياسيدى الحقن المنشطة اللى اخدتها المدام كانت سبب فى ان الحمل ميكنش فى جنين واحد...

هتف الاثنين معا بذهول ممزوج بالفرحة وبصوت واحد يقاطعانه

: تؤام... تقصد حصل حمل فى توأم

هز الطبيب رأسه بالنفى ليعقد صالح وفرح حاحبيهم بعدم فهم سرعان ما تحول لاتساع العينين ذهولا  وافواه فاغرة من شدة وقع كلماته عليهم وهو يتحدث قائلا بتمهل كأنه يعلم وقع كلمات تلك عليهم

:الحمل حصل فى كسين..كيس فيه جنين واحد.. اما الكيس التانى فحصل فيه حمل فى.. اتنين

صدرت عنها ضحكة خافتة وهى تتذكر وقتها حين ظلت هى وهو يتطلعان الى الطبيب كأنه قد نبتت له رأس اخرى فجأة ودون تحذير يستمعا الى باقى تعليماته كأنه يتحدث بلغة اخرى غير مفهومة لهما يظلا على حالة الصدمة والذهول تلك حتى خروجهما من عنده ليلتفت اليها صالح يسألها بصوت مرتجف غير مترابط

:بت يافرح هو اللى سمعته جوه ده حقيقى ولا ده عقلى وبيضحك عليا..وبيسمعنى اللى نفسى اسمعه

التفتت اليه بعيون ممتلئة بالدموع قائلة بصوت باكى  يرتجف هو الاخر من شدة الفرحة تؤكد له

: حقيقى يا صالح...ربنا حب يجازينا على صبرنا وعوضنا بكرمه

لم يبالى بعدم خلو المكان من الناس او انهم مازالوا داخل عيادة الطبيب يحتضنها بين ذراعيه فجأة وعلى غفلة ويدور بها  وهو يهتف بفرحة جنونية

: انا هبقى اب لتلاتة... يعنى انا مش بحلم يافرح مش كده؟!

اخذت تضحك وتبكى فى ان واحد تشاركه سعادته وفرحته معهم ايضا نظرات الجمع من حولهم ووجههم المتهللة بالفرحة و تصحبها ضحكات البهجة والسعادة لهم

تتم بعدها رحلة العودة بهم سريعا الى المنزل ليجدوا والديه يجلسون فى انتظارهم وعلى وجههم اللهفة والامل ليسرع صالح اليهم وهى يصرخ بفرحة

: حصل يابا.. حصل ياما...وهبقى اب لتلاتة والله

حتى الان لا تتذكر ماحدث فور نطقه بهذا الاخبار اليهم كل ما تتذكره انه حدث هرج ومرج وصرخات فرحة واحضان  كثيرة ومتبادلة حتى ساد الهدوء اخيرا وتسرع انصاف قائلة بعدها بتحذير وصوت باكى

: اوعوا يا ولاد حد يعرف... بدل ما تاخدوا عين من الحارة واللى فيها... خلى فرحتنا تكمل على خير كده بأذن الله. ولا ايه رأيك ياحاج

اسرع منصور يومأ برأسه بالايجاب مؤكدا على حديثها فورا قائلا

: الحارة وغير الحارة... محدش هيعرف غيرنا احنا الاربعة وبس

نظر الى انصاف نظرة فهمتها على الفور ومن ثم الى صالح والذى هز رأسه فورا موافقا بعد ان تفهمها هو الاخر و فرح ايضا قد فهمتها لكنها لم تعلق تلقى اليهم بموافقتها على كلامهم لكنها وفورا ان اختلت الى صالح داخل شقتهم حتى نادته برقة وتردد فيلتفت اليها صالح مبتسما بتفهم وحنان

:قوليلها يافرح...انا عارف انك مش هتقدرى تخبى عليها..فانا بقولك اهو قولها وعرفيها...بس اياك حد تانى يعرف انا بقولك اهو...وانا هبقى اعرف عادل وانبه عليه هو كمان

اسرعت نحوه تلقى بذراعيها حول عنقه هامسة

: حبيب قلبى ياناس...اللى بيفهمنى من غير حتى ما اتكلم

انحنى على جبينها يقبله بحنان هامسا

: انتى اللى حبيبة قلبى.. ونور عينى... ودنيتى كلها يافرح... واى حاجة تطلبيها او نفسك فيها تتنفذ فورا  بس انتى تطلبى

وقد كان فمنذ حملها اصبحت مدللة  الجميع هو وابويه يهرعون لتلبية احتياجتها فورا دون كلل او تعب حتى اخيه حسن قد كان يأتى مساء كل يوم بعد العمل للسؤال والاطمئنان عليها  يمزح ويتحدث بلهفة عن استعدادته هو ووالديه لاستقبال مولود اخيه الاول لدرجة قد بعثت الشك فى نفس فرح فى البداية ولكن مع مرور الايام كانت ترى فرحته الصادقة فى عينيه ونظرة الحب والتقدير التى يتطلع بها الى صالح حتى بعد ان رزقه الله بمولودة الاخيرة وتنبه تحذيره الطبيب من حمل زوجته مرة اخرى لم يبالى او تنقص فرحته لهم برغم نظرات زوجته المغلولة  الدائمة لها ومراقبتها تعامل صالح الحنون معها فى مرات اجتماعهم القليلة بعيون تنطق بالحقد  سؤالها المتكرر عن نوع الجنين وعينيها تكاد تخترق بطنها بحثا عن اجابة لم تنالها حتى الان

اما شقيقته فلم تراها سوى مرة واحدة وحدثت قبل سفرها مع زوجها لاحدى الدول العربية للعمل بها بعد اصراره على ان تصحبه الى هناك برغم اعتراضها الشديد والذى لم تجد له اهتماما من احد لترضخ فى النهاية للامر وتنجب طفلها هناك وقد علمت من والدة زوجها بعدها وهى تفضفض وتشتكى اليها من معاملة زوجها الجافة والسيئة لها وان السبب اصراره على سفرها معه انه قام بجعلها تعمل هى الاخرى هناك بل انه يستولى على اجرها كاملا بحجة الادخار والعمل على مستقبل طفلهما وقد شعرت فرح وقتها ان حماتها تتندم  وتشفق على  حال ابنتها بعد زيارة شقيقتها لها  ورؤيتها لكيفية معاملة زوجها لها وخوفه الشديد ومراعته وحبه الواضح لها فى كل تصرف يقوم به نحوها  تمزج بصوت حزين  يومها قائلة.. ان لا احد ينافس عادل فى اهتمامه بزوجته سوى صالح فقط

ابتسمت فرح رغما عنها بسعادة وهى تتراجع بظهرها الى لوح الفراش تسند عليه فقد كانت محقة فلم يكن  بالفعل هناك من ينافس عادل فى صفاته سوى فارسها وعشق صباها وزوجها الرائع  تتذكر احدى المرات والتى تلاعبت بها هرمونات الحمل فأخذت فى بالبكاء دون سبب وقد فشلت جميع محاولاته لتهدئتها او معرفة كيف له ان يرضيها ليتركها فى النهاية ويذهب مغادرا دون ان يضيف كلمة واحدة لتنهار فى البكاء بشدة وقد وجدت اخيرا سببا لسكب دموعها عليه وهو ذهابه بعد ان اصابه الملل منها لكنه عاد مرة اخرى بعد فترة من الوقت يحمل معه عدة حقائب للتسوق كبيرة الحجم يتجه فورا نحوها ويده تمتد الى عينيها يزيح عنها دموعها وهو يتحدث قائلا برفق

: كفاية دموع بقى وتعالى شوفى انا جبتلك ايه

هزت كتفها له بالرفض كطفلة صغيرة مدللة وهى تضم شفتيها باعتراض لتمتد يده الى احدى الحقائب يفتحها قائلا بتشويق

: طيب شوفى ولو مش هيعجبوكى هرميهم ياستى واجبلك حاجة تانية غيرهم..بس شوفيهم الاول

اخرج من داخل الحقيبة احدى الشخصيات الكارتونية والتى تعشقها على هيئة لعبة محشوة بالقطن تلتمع عينيها بالانبهار والفرحة شاهقة وهى تختطفها من يده ثم تحتضنها بفرحة الى صدرها لكنه لم يكتفى بذلك يمسك بالحقائب الواحدة تلو الاخرى يخرج من داخلها العديد والعديد من الالعاب كانت تستقبلهم الفرحة ذاتها حتى اصبحت محاطة بالكثير منهم حتى حان اوان فتحه الحقيبة الاخيرة ليهتف لها بتشويق واسلوب مسرحى زاد من فضولها ولهفتها

: والان مع المفأجاة الاهم والاحلى..ولعيون ام ولادى وبس..

مد يده داخل الحقيبة يخرج منها ثلات قطع من ملابس الاطفال بحجمها الصغير المحبب تخطف قلبها  ودقاته بألوانها الزاهية والرائعة وهى تتطلع اليها بأنبهار سرعان ما تحول لشهقات بكاء مرة اخرى جعلته يعقد حاجبيه بقلق وقد ظن انهم لم يحوزا على اعجابها يهمس لها بحنو ورقة وهو يقوم بجذبها لصدره محتضنا اياها

: طيب ولا تزعلى نفسك ولا يهمك خالص...احنا نرمى الهدوم ام ذوق وحش دى ونجيب غيرهم وعلى  ذوقك انتى وبس يافرحتى...بس المهم انتى متزعليش

رفعت وجهها اليه تهز رأسها بالرفض قائلة بصوت متحشرج ملهوف

: لا..انا عوزاهم..دول حلوين اووى وعجبنى

ابتسم بحنو وانامله تزيح دموعها برفق قائلا

: خلاص نخليهم انتى بس تأمرى...بس ممكن اعرف ليه بقى بتعيطى

ارتمت على صدره تحتضنه بقوه قائلة وصوتها يختنق بالبكاء مرة اخرى

:علشان بحبك..وبحبك اكتر من الدنيا كلها...

مرر كفها على ظهرها صعودا وهبوطا بلمسات مهدئة قائلا بصوت جاد حازم برغم الابتسامة فى عينيه

:لاا كده يبقى عندك حق... انت تعيطى زى مانت عاوزة وانا قعد ساكت خالص... لو تحبى كمان اعيط معاكى انا....

صدر عنها صوت رافض تقاطع به حديثه وهى تهز رأسها بشدة تدفن وجهها فى عنقه يتراجع بها الى الخلف حتى اصبح مستلقيا على الاريكة وهى فوقه يربت بحنان على ظهرها للحظات قضاها على هذا الوضع حتى سقطت اخيرا فى النوم تنعم بدفئه وقربه منها والذى اصبح كالادمان لها لا تستطيع الاستغناء عنه ابدا

انتبهت وافاقت من افكارها على دخوله الغرفة يحمل بين يديه صنيه محملة بالعديد من اطعمة لتهتف به معترضة

: صالح انا مبقتش قادرة اكل تانى.. انا هشرب العصير بس

صالح وهو يضع الصنية بينهم ثم يجلس مقابلها قائلا بحزم

:  واللبن كمان.. وقبلهم هما الاتنين الاكل ده.. يلا فرح بلاش دلع كلها ساعة وهتبتدى صيام زى ما الدكتور قال

تذمرت تضم شفتيها بامتعاض لكنها لم تجروء على اعتراض كلامه تفتح فمها له بطاعة وهو يقوم بأطعامها بيده حتى انتهى اخيرا يقوم بابعاد صنية الطعام  ثم يساعدها على الاستلقاء قائلا

: يلا نامى انتى... وانا هروح ارجع الحاجة دى المطبخ وارجعلك على طول

تشبثت بيده بلهفة وعينيها تتطلع له برجاء هامسة

: لاا خليكى جنبى لحد ما انام.. انا مش عارفة هجيلى نوم اصلا ازى

ابتسم لها يربت فوق وجنتها بحنان قبل ان يستلقى بجوارها هو الاخر يضمها اليه يستريح رأسها فوق كتفه تهمس له

: كلمينى بقى لحد ما اروح فى النوم

اجابها بعد ان طبعت شفتيه قبل رقيقة فوق قمة رأسها قائلا بمرح

:  طب ما اغنيلك احسن... دانا حتى صوتى حلو واظن انتى جربتى قبل كده

ضحكت بنعومة لتلك الذكرى فيومها كانت غاضبة منه لامر ما وترفض الحديث فأخد يحاول بشتى السبل حتى تغفر له وتسامحه لكنها كل محاولاته بائت بالفشل حتى هداه تفكيره اخيرا تلتمع عينيه بالخبث والعبث ثم يشرع فى غناء احدى الاغنيات الشعبية المرحة وهى يتراقص امامها بحركات خرقاء مضحكة حتى لم تعد تستطيع مقاومة الانفجار بالضحك تتوسله للتوقف لكنه استمر فى الغناء يحيطها بذراعيه يرقصها معه لتندمج معه هى الاخرى معه تجاريه ماهى سوى  لحظات حتى تعالى صوت غنائهم سوا بمرح صاخب ملئ المكان من حولهم 

ابتسمت تعود للحاضر تجيبه وهى تزيد من ضم جسدها اليه قائلة بصوت مرهق يتخلله النعاس

:لا خليها بعد ما اولد علشان اعرف انافسك واقدر كمان اغلبك

اجابها صالح بخفوت  بينما  كانت انامله تتلاعب بخصلات شعرها بحنان وبحركاتها مهدئة جعلتها تسقط فى النوم سريعا ولكن لم يكن سريعا كفاية حتى سمعت وهو يتحدث بصوت اجش مرتجف

: وانا هستناكى..بعمرى كله هستناكى يافرحة حياتى..وحب عمرى...ام ولادى

*******************************

اتى يوم التالى واستعد  الجميع للذهاب معهم الى المشفى وبرغم التوتر والخوف السائد بين الحميع  الا ان الامور قد تمت على خير وخرج اولادهم للنور صبيان وفتاة شديد الصغر والجمال  وسط فرحة ودموع الجميع حتى صالح لم يتمالك نفسه عن البكاء تغرق الدموع وجنتيه وهو يقف امام الزجاج المخصص لغرفة الحضانة والتى مكث بداخلها  اطفاله يراقبهم من عدة لحظات بعد اطمئنانه على حالة فرح واستقرارها داخل غرفتها يتطلع اليهم بحب وفرحة حتى بربت شقيق فوق كتفه قائلا بسعادة

: ها نويت تسمى ايه يابو العيال

التف اليه صالح قائلا بصوت اجش سعيد

: فرح هسمى البنت فرح اما الولاد حمزة وادم

ضحك الجميع بصخب ومرح يسرع عادل قائلا بمزاح

: كان لازم اتوقع انك هتسميها كده من غير ما نسأل.. بس  بقولك اهو من اولها يا ابو فرح انا حاجز للواد ابنى كريم البرنسيسة بنتك ولا عندك اعتراض

حسن بصوت مهدد يمزاحه

: طبعا يا استاذ عادل فى اعتراض.. عيب لما يبقى ولاد عمها موجودين وهى تتجوز من بره.. ولا ايه يابا

ضحك الحاج منصور يؤيد هو الاخر حديث ولده الاكبر تقوم بينهم مناقشة حامية يتخللها المزاح والضحك كان عنها صالح فى عالم اخر وهو يقف يتطلع الى ابنائه بشوق ولهفة لا تمل عينيه ولا تكل من مشاهدتهم وعينيه مازالت ممتلئة بالدموع شارد فى مراقبتهم حتى تصاعد صوت رنين هاتفه يخرجه من تلك الحالة  يسرع و يجيب اتصال سماح والتى قالت فور ان اجابها

: صالح.. تعال حالا.. مرات اخوك جت عندنا هنا فى  الاوضة ومصممة تعرف منى انتوا جيبتوا ايه... وانا مش عارفة اقولها ايه

صالح بهدوء يسألها  اولا عن حال فرح لتيجيبه بأنها قد فاقت الى حد ما الا انها مازالت تحت تأثير البنج اغلق الهاتف بعد ان اجابها بحضوره حالا ثم التفت الى الجمع قائلا

: خليكوا انتوا مع الولاد.. وانا هروح اشوف فرح علشان فاقت

اومأ له الجميع بالايجاب ليهرع من المكان بخطوات سريعة حتى وصل الى الغرفة يدخل فجأة ودون استئذان فيصل اليه صوت سمر المغلول وهى تتحدث بصوت عالى النبرات غير متحكمة به

: علشان كده بتخبوا مش راضين تقولوا... بس معلش يا ابلة سماح كنتى هتفضلى انتى واختك تخبوا لحد لامتى.. مانا وبسؤال بسيط عرفت اهو من الممرضة  كان لازمتها ايه بقى الاسرار الحربية دى...بس ليكم حق ماهى اختك  دى قادرة ومن مرة واحدة عملت اللى فضلت انا اعمله فى عشر سنين جواز...

اسرعت تكمل بغل غافلة عن ذلك الواقف خلفها بهدوء وعينيه تطلق شرارات غضبه يحاول السيطرة عليه بصعوبة حتى لا يهجم عليها يمزقها بيديه وهو يسمعها تكمل  

: انا برضه قلت ان دى استحالة بطن شايلة عيل واحد..وهو طلع عندى حق وطلعوا تلاتة مرة واحدة

:وانتى ايه دخلك  بالموضوع ده....وجاية هنا  ليه من الاساس؟!

التفتت خلفها  بوجه شاحب مرتعب بسرعة  وهى تشهق حين وجدته يقترب منها ببطء يعيد عليها سؤاله مرة اخرى بصوت قاسى اجابته عليها بعد عدة لحظات حاولت فيها ان تزدرد فيها لعابها قائلة بتلعثم تحاول تمرير الامر

: بقى كده ياصالح الحق عليا جاية اعمل الواجب مع مراتك واطمن عليها تقوم تقولى كده

كتف صالح ذراعيه فوق صدره يشير بعينيه نحو الباب قائلا بهدوء ما قبل العاصفة

:واجبك وصل ومن زمان يا مرات اخويا...واظن اللى جاية علشانه عرفتيه وخلصنا..يبقى ملهاش لازمة تطولى فى الزيارة اكتر من كده ولا ايه

شحب وجهها اكثر واكثر تلتفت نحو سماح لتجدها تخفض وجهها ارضا بأجراح فأخذت تفرك كفيها معا بحركات مضطربة تحاول الخروج من موقفها المحرج هذا بأقل خسارة قائلة بعد حين

:عندك حق انا فعلا لازم امشى اصل سايبة العيال مع امى وكمان...

قاطعها صالح بنبرة ذات مغزى

: اظن  ان حسن ميعرفش بالزيارة دى.. على حسب ما فهمت منه انه منبه عليكى انك تيجى هنا المستشفى..بس على العموم هو زمانه راجع من اوضة الولاد... يبقى ياخدك يروحك معاه

فور قوله ذلك تحركت من مكانها بسرعة وخطوات مرتبكة كادت ان تسقطها ارضا وهى تتحدث بتلعثم وخوف

: لاا على ايه خليه براحته  ...انا عملت الواجب وماشية.. وهو الحق اجيب العيال من عند امى

فتحت الباب هاربة من الغرفة دون ان تغلقه خلفها لكن استوقفها صوت نداء صالح الصارم لها تلتفت نحوه وببطء واضطراب تتطلع لملامحه الشرسة والعنيفة وهو يتحدث اليها بهدوء شديد عكس ما تراه على وجهه

: من هنا ورايح...فرح وولادى خط احمر..يوم ما اعرف انك بس نطقت بكلمة اونظرة واحدة  ضايقتهم  مش هيكفينى فيها عمرك كله...وهتشوفى منى وش تانى ادعى انك فيوم متشفهوش...مفهوم

اسرعت تومأ بسرعة ورعب ترتجف بشدة من  نبرة صوته الامرة الحادة تهرع هاربة فورا من المكان بتعثر وخطوات مرتبكة يسود الصمت التام المكان بعدها حتى تنحنحت سماح تجلى صوتها من اثر تأثرها الشديد ورغبتها بالتصفيق فرحا مما رأته الان تتجه نحو الباب قائلة

: انا هروح اشوف الولاد واتطمن عليهم...انت خليك مع فرح

اومأ لها ينتظر مكانه حتى خرجت من الغرفة تغلق الباب خلفها ليتجه فورا للفراش يجلس بجوارها ينحنى عليها يهمس فى اذنها بحب

: فرح... مش هتفوقى بقى وحشتيتى اووى.. عاوزة احكيلك عن ولادنا واوصفهم ليكى...

همهمت بضعف فى استجابة ضعيفة له ليكمل قائلا بسعادة

:الحمد لله كلهم طالعين حلوين زيك.كويس ان مفيش حد فيهم شبهى كنت هزعل اوى

ارتجف صوته يكمل لها هامسا

: علشان بحبك وبموت وبعشق كل حاجة فيكى نفسى ولادنا كلهم يطلعوا شبهك انتى وبس

هزت رأسها له كأنها تعى كلماته وتصل اليها برغم الضباب المسيطر على حواسها الا انه اخذ ينقشع ببطء جعلها تستطيع ان تهمس له بصوت خافت ضعيف غير مترابط

: وانا كمان بحبك...وبعشقك...وبموت فيك

****************************


                                      تمت 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close