CMP: AIE: روايةظلها عشقا الفصل الثاني والثالث 2و3بقلم ايمي نور
أخر الاخبار

روايةظلها عشقا الفصل الثاني والثالث 2و3بقلم ايمي نور


 رواية ظلها عشقا 

الفصل الثاني والثالث 

بقلم ايمي نور 

.

.

وقفت الحاجة انصاف فى وسط مطبخها تتابع الاعداد لوليمة الغذاء المقامة استعدادا لحضور اهل خطيب وحيدتها ياسمين تلقى بعدة تعليمات للفتاة

 العاملة لديها بشأن الطعام ثم تحركت ناحية الطاولة فى جانب المطبخ والتى جلست

 خلفها كريمة زوجة مليجى العايق وقد انهمكت فى اعداد الخضروات المتراصة امامها لتجلس بجوارها وتقوم بالمساعدة قائلة بأرهاق

:شكلى هندم انى مسمعتش كلام البت ياسمين وجبت طباخ بدل البهدلة دى

رفعت كريمة وجهها تبتسم بشاشة قائلة

:ولا هتندمى ولا حاجة ...هو فى احلى من عمايل ايدك ونفسك فى الاكل برضه

تنهدت انصاف بحزن قائلة

:والله يا كريمة ماكان وقته ولا ليها لازمة بس هعمل ايه فى بنتى ودلعها

:ومالها بنتك بقى ياست ماما؟!

قالتها شابة فى اوائل العشرينات متوسطة الجمال بتدلل وقد وقفت امامهم تضع قناعا للوجه اخضر اللون وترتدى احدى القمصان البيتية زاهية اللون لتجيبها والدتها قائلة بحنق

:مدلعة ياعين امك ..ودماغك رايقة ..ومش على بالك حد غير نفسك

نظرت ياسمين باضطراب ناحية كريمة والتى تصنعت الانشعال بما ت

من اعمال قبل ان تتحدث قائلة بحرج وابتسامة مصطنعة

:ماما ياحبيبتى ..اظن اننا خلصنا كلام فى الموضوع ده من يومين ..فملهاش لازمة نفتحه تانى

انصاف بأستهجان وصوت حزين

:موضوع ايه اللى اتقفل؟!..بقى مين عاقل ياناس يقول اعمل عزومة وهيصة وانا ابنى لسه مطلق من شهر وقلبه لسه مكسور

ضربت ياسمين الارض بقدميها حنقاً تهتف وقد تناست وجود كريمة

:ومين قال برضه انى كمان مفرحش..المفروض ان خطوبتى كانت من شهر وحكمتوا عليا بعد اللى حصل ان البس الشبكة على الساكت..كمان مش عوزانى اعزم اهل خطيبى

لم تعير انصاف لغضبها ادنى اهتمام قائلة بعبوس واستهحان

: ماهو ده اللى كان ناقص..نعمل خطوبة كمان

صرخت ياسمين بغضب

:وانا مالى بكل ده ..ولا هو طلاقه ده هيجى على دماغى..بعدين هو موافق وقالى اعملى اللى انتى عوزاه

تنهدت انصاف بحزن تهمس

:هو طول عمره كده ياقلب امه ...حزنه وفرحه جواه محدس بيحس بيه

ثم التفتت الى ياسمين قائلة بعتب

:يبقى احنا نحس على دمنا ونراعى ده ..مش نعيط وندبدب فى الارض علشان يتعمل لينا اللى عوزينه ..ده خطيبك كان عنده دم عنك  ومكنش موافق يجى لا هو ولا اهله

لوحت ياسمين بيدها بلامبالاة تبتسم بسماجة

:وهو وافق فى الاخر  وجاى ..واللى عوزاه حصل ممكن بقى نقفل على الموضوع ده ..وتقولولى هتعملوا ليهم غدا ايه

هنا اسرعت كريمة تجيبها بأبتسامة بشوش تعدد لها اصناف الاطعمة المعدة لتصرخ ياسمين بعدها بأستهجان ورفض

:بس كده.. ايه ده..وده بقى اللى بتعملوه من الصبح

صرخت بها انصاف هى الاخرى تلقى بالسكين من يدها قائلة بحنق

:اه يا شملولة هو ده اللى بنعمله من الصبح مش عجبك شمرى ايدك واعملى معانا بدل مانتى واقفة تتأمرى علينا ..واندهى مرات اخوكى هى كمان تساعد معانا

ضغطت ياسمين فوق شفتيها قائلة بحرج مصطنع

:لا مش هينفع انا اصلى هاخد سمر ونروح نجيب كام حاجة من بره ...

صمتت قليلا مفكرة قبل ان تهتف بانتصار بعدها

:بس انا عرفت اجيبلكم مين يساعدكم ..ثوانى وراجعة

ثم خرجت سريعا من المطبخ لتزفر انصاف بقلة حيلة تدمدم من بين شفتيها بحنق جعل كريمة تبتسم لها قائلة بتسامح

:معلش يا ست انصاف.. صغيرة برضه ونفسها تفرح زى البنات

هزت انصاف رأسها بالموافقة ولكن كانت عينيها تنطق بالحزن والاسف على ما اصبحت عليه صغيرتها من انانية وحب الذات وقد ساعدت هى ووالدها فى هذا عندما  افراطهم  فى تدليلها حتى صارت لا تبالى بأحد سوى نفسها فقط

************

:مالك يابت قاعدة كده ليه وضاربة بوزك شبرين؟!

تسألت سماح وهى تتثائب خارجة من غرفتها حين وجدت فرح جالسة فوق الاريكة بالية الفرش بوجه مكفهر غاضب ينذر بهبوب عاصفة لتجيبها قائلة بحدة

:البيه خالك كلمنى من شوية وعوزنى اروح بيت الحاج منصور

قطعت سماح تثائبها الثانى تهتف بحدةوقد اتسعت عينيها ذهولاً

:نعم ..تروحى فين..وليه

صرخت فرح بغيظ وعينيها تشتعل غضباً

:هيكون ليه يا فالحة يعنى..

ضاقت عينى سماح تضغط فوق اسنانها حنقاً

:هو هيشتغلنا تانى ولا ايه..مش كنا خلصنا منه موضوع الخدمة فى بيوت الحارة ده

تنهدت فرح بحزن قائلة

:خلصنا ايه ..واللى بتعمله مرات خالك من يوم موت امك ده يبقى اسمه ايه يافالحة

زفرت سماح لا تجد ما تجيبها به تسألها بتوتر

:طب وانتى رديتى عليه بأيه؟

اسرعت فرح تجيبها بحنق وحدة

:قلت لا طبعا...وزعقت معاه كمان فى التليفون

سماح بأضطراب وقلق

:ليه يافرح ...كنتى روحتى وخلاص ..اهو دلوقت هيجى يطلع عنينا

صرخت فرح مستنكرة

:بتقولى ايه انتى كمان ...اروح فين ...ها اروح فين ياسماح

اقتربت سماح منها تجلس بجوارها قائلة بأسف وحزن

:عارفة ياقلب اختك ...بس هنعمل ايه ده حكم القوى علينا ..اهو دلوقت يجى يفتح صوته ويلم الشارع علينا ويفضحنا

فرح وهى تلقى بهاتفها من يدها بجوارها قائلة بحدة

:يعمل اللى يعمله ..انا مش رايحة فى حتة..طب زمان كنت بعمل كده وبروح مع امك بس كنت عيلة وبفرح لما بروح هناك ..انما دلوقت كبرت ومبقاش ينفع.. ومن يوم اللى حصل رجلى مخطتش هناك حتى لو مع امك يبقى اروح تا ...

قطعت حديثها بغتة حين تعالت طرقات عنيفة فوق الباب الخارجى يعقبها صوت رجولى اجش يهتف بغضب

:افتحى الباب يابت منك ليها ..افتحوا لكسره على دماغكم يا ولاد ال****

لطمت سماح وجنتيها تهمس برعب وهلع

:مش قلتلك..اهو جه وجايب فضايحه معاه

لم تعير فرح صرخاته اهتماماً تجلس مكانها هادئة بينما اسرعت سماح ناحية الباب تفتحه سريعاً ليدلف مليجى بجسده الضخم وملابسه ذات الالوان الصارخة مكفهر الوجه غضباً وهو يوجه الحديث لفرح قائلا بخشونة

:مابتفتحيش الباب ليه يابت انتى...انا مش واقف بخبط من بدرى

اجابته فرح  ببرود قائلة

:وافتح ليه؟ما انت معاك مفتاح ..ولا مكسل تطلعه وتفتح زى ما انت مكسل تعمل حاجات تانية كتير فى دنيتك

احتقن وجهه بشدة وهو يندفع نحوها صارخاً بشراسة

:تقصدى ايه يابنت ال *** انتى

اسرعت سماح بأمساكه من ذراعه توقفه بصعوبة قائلة بهلع تحاول تهدئته

:متقصدش ياخالى ..والله ماتقصد حاجة

سأل مليجى فرح بحدة وغضب متجاهلا محاولات سماح ايقافه

:وايه حكاية مش رايحة دى ياعين امك... انت تقومى تلبسى حالا وعلى بيت الحاج منصور..ومشفوش وشك تانى الا مع مرات خالك فاهمة ولا لا ..قومى فزى يلا

وقفت فرح على قدميها قائلة بتحدى

:مش رايحة فى حتة..واظن ده اللى قلتهولك فى التليفون

هم مليجى بالانقضاض عليها مرة اخرى لتسرع سماح قائلة بتوتر ورجاء

:معلش ياخالى ..اصل رجليها دخل فيها مسمار ومش هتعرف تمشى عليها... انا بقول يعنى لو اروح انا مكانها

التف اليها مليجى يهتف بعند واصرار

:لا ياحيلة امك..انا قلت هى يبقى هى وكلامى هو اللى هيمشى

صرخت فرح بحرقة رافضة

: وانا قلت مش رايحة يعنى مش رايحة ...ايه انت ما بتفهمش

انقلب حال مليجى فورا يحتقن وجهه غضباً وقد انتفخت عضلات صدره كأنه يستعد لمعركة حامية يدفع سماح للخلف بعنف لتسقط ارضاً صارخة بألم وبينما يتجه هو فوراً ناحية فرح يجذبها من خصلات شعرها بقوة حتى كاد ان يقتلعها بين اصابعه ثم يهوى فوق وجنتها بلطمة عنيفة جعلتها ترى ضوء ساطعاً اغشاها للحظة تصرخ متألمة وهو يقوم بهز رأسها بعنف قائلا بشراسة وقسوة

:لسانك بقى طويل يابنت ال*** وبقيت عنيكى قوية عليا...وحشتك علق زمان ولا ايه؟

رماها ارضا بقسوة صارخاً

:ورحمة امك يافرح ..ان كلامى ماتسمع لكون عامل الليلة عليكى وعلى المحروسة اختك حفلة ضرب للصبح..ومفيش مانع لما مرات خالك وعيالها ينوبهم من الحب جانب هما كمان

التمعت عينيه وهو يبتسم بشراسة ثم يضع حذائه فوق قدمها المصابة يدعسها بعنف يكمل دون شفقة بدموعها وصرخاتها المتألمة

:شكلى بقالى كتير ماروقتش عليكم ونسيتوا مين هو مليجى العايق ياغجر

اندفعت سماح نحوه تدفعه بعيدا عنها وهى تصرخ برعب وتذلل

:خلاص هتروح ...ابعد بقى عنها ..ابعد يا مفترى

ثم جلست جوارها تحتضنها بين ذراعيها بحماية ليبتعد عنهما باصقاً عليهم بأشمئزاز قبل ان يغادر يغلق  خلفه الباب بعنف ارتجت له جدران المنزل فتصرخ فرح بعد خروجه باكية بحرقة

:روح ربنا ياخدك يا بعيد ونرتاح منك

اخذت سماح تهمس لها بحنان كلمات مواسية بينما انهارت هى باكية بدموع القهر تهمهم بكسرة

:امتى بقى نرتاح منه ...هو احنا عملنا ايه علشان ربنا يعقبنا كده ياسماح؟

اخذت تكرر كلماتها تلك تنهار باكية تشاركها سماح هى الاخرى البكاء حزناً على مصيرهم الاسود وما يعانوه بسبب ذلك الوحش وافعاله السوداء

*************

كان يجلس امام محله الخاص بيع قطع غيار السيارات مراقباً حركة نساء الحارة المارة لا يترك امرأة تمر من امامه دون ان تلتهمها عينيه بشهوة وفجور حتى لمح مليجى يسير مسرعاً وهو يدمدم لنفسه بعضب ليناديه عالياً فينتبه مليجى اليه تتبدل ملامحه فوراً للفرحة وهو يسرع فى اتجاهه بتلهف حتى وقف امامه يلقى بتحية خانعة قائلا

:مرحب يابرنس الحارة ...امرنى اى خدمة

ابتسم انور غروراً وزهواً من كلماته قائلا

:عوزك تبقى تعدى عليا بعد المغرب كده ..فى مصلحة وعوزك فيها

تهلل وجه مليجى بفرحة يفرك كفيه معا قائلا

:تحت امرك يا برنس ..بس ايه مفيش تحية حلوة منك كده زاى بتاعت امبارح

هز انور رأسه بالايجاب غامزاً بعينه بخبث وهو يمد يده داخل جيبه يخرج منه لفافة صغيرة مغلفة يمدها نحوه قائلا

:فيه يا مليجى ..واحلى من بتاعت امبارح كمان

خطفها مليجى من يده بتلهف وهو يقبل كفه قائلا بتذلل

:تسلملى يابرنس الحارة كلها ...والله مانا عارف اقولك ايه على كرمك ده كله معايا

ابتسم انور وهو يتراجع فى مقعده قائلا ببطء وصوت مغرى يعد بالكثير

:ولسه يا عايق ..دانا هغرقك وهيبقى كل يوم من ده ..بس توافقنى على اللى عوزه منك

اسرع مليجى يجيبه بتأكيد وحزم

:موافق على كل اللى تأمر بيه دانا خدامك يا برنس

انتفخ انور زهواً زفراً ببطء وراحة وعينه يلتمع بداخلها بريق النصر وفقد اصبح قاب قوسين من هاجس اصبح يسرق منه النوم فى لياليه وجعله يتلظى بنيران شوقه ولهفته بسببه

************

تسمرت قدميه عند مدخل منزلهم لحظة رؤيته لها يراها تصعد درجات الدرج ببطء يصله تمتمتها الخافتة بكلمات سريعة لكنه علم منها بمدى غضبها وحنقها  مما جعله يبتسم وهو يتقدم نحوها بخطوات هادئة حتى اصبح يجاورها تماما يسألها بصوت متهكم ساخر

:يااساتر كله ده...مكنتش اعرف ان زيارتك لينا مضيقاكى اوى كده

شهقت متفاجئة حين وصلها صوته تتراجع الى الخلف دون حذر حتى كادت ان تسقط من فوق تلك الدرجتين لولا ان اسرع نحوها يقوم بالامساك بها سريعا يجذبها اليه بتلهف يقربها منه بحماية لتتسلل اليها رائحة عطره الرجولى فتغمض عينيها مستمتعة وهى تتشربها داخل صدرها لتنسيها العالم وأين ومن هى حتى.. تقف مرتجفة بين ذراعيه فى عالمها الحالم به وبقربه حتى أتاها صوته القلق يناديها ليسحبها الى واقعها مرة اخرى تشعر به كدلو ماء يلقى فوقها ينبها الى حالها فتسرع بالابتعاد تجذب نفسها بعنف بعيد عنه بحركة عنيفة كانت لعينيه كأتهام منها له باستغلال الوضع لبيتعد عنها هو الاخر قائلا بحدة وخشونة يكمل حديثه السابق كما لو كان لا شيئ قد حدث:

:ومدام مضايقة كده ...تعبتى نفسك وجاية ليه من الاساس

شعرت بحرارة الحرج تكتنفها من طريقته الحادة معها لتسرع قائلة هى الاخرى بحدة ودون تفكير

:مكنتش جاية على فكرة ..بس امك هى اللى بعتت مع خالى علشان.....

تراجع صالح يستند الى الحائط خلفه مبتسما ببطء وعينيه ترمقها بنظرة ساخرة قائلا

:امك ! هى بقى اسمها امك؟! مش المفروض كبرتى وبقيتى تعرفى تتكلمى ازى

ازداد توترها وحرجها تدرك بأنها تستحق منه سخريته هذه ردا على سخافة ردها عليه لذا فضلت الصمت والصعود هرباً منه ومن هذا الحديث الحرج معه فتسرع بصعود الدرج بأضطراب وتعجل غافلة عن اصابة قدميها  لكن ما ان وطأت قدمها فوق الدرج  حتى شهقت بقوة وهى تنحنى عليها تمسك بها  تعض فوق شفتيها بألم تلعن خالها داخل عقلها وما تسبب به من زيادة الالام لقدمها لكنها اسرعت باظهار التماسك والثبات على ملامحها حين سألها صالح بقلق ولهفة وهو ينحنى نحو قدمها هو الاخر 

:هى لسه رجلك وجعاكى .... هو العلاج معملش نتيجه ولاايه؟!

ابعدت فرح قدمها عن مرمى يده  تعتدل واقفة تجيبه بأرتباك وهى تتراجع بعيد عنه

:لااا...هى بقت كويسة خلاص ممكن بقى لو سمحت تتفضل تطلع انت انا مش عاوزة اعطلك

اعتدل صالح ببطء بوجه هادئ غير مقروء التعبير لكن نظرات عينه كانت بعيدة عن الهدوء اميال  جعلتها تزدرء لعابها متوترة تشعر كأنها تحت المجهر وهو يتحدث بهدوء متهكم

: ما انا كنت طالع بس قلت اخلينى وراكى  اسندك احسن ما تندلقى من على السلم زى زمان ..

هنا وشعرت بأن قدرتها على تحمل تهكمه الدائم عليها  تكاد ان تنهار  وقد ارتفعت غصة البكاء تكاد تخنقها  ودموعها تنتظر منها السماح حتى تنفجر من عينيها وهى تدرك مقصده وحين اراد تذكيرها بمرات سقوطها المتعددة حين كانت تلهو فوق درابزين الدرج هنا مع شقيقته فى صغرها  وهرولته نحوها  مهدئا لها بكلمات حنون رقيقة تنسيها الالم وهو يداوى جروحها فى كل مرة لكن الان وبعد ان  انتهت هذه الايام  اسرعت تجيبه بغضب اصبح سلاحها المعتاد امام هجومه الدائم عليها فى كل مرة يراها فيها قائلة

:لااا شكرا ..مش محتاجة حد يسندنى ..انا مبقتش صغيرة علشان اقع من على السلم تانى

تراجع صالح متفحصا لها بدقة تعالت معها دقات قلبها كقرع الطبول تقف مكانها ثابتة وهو يرمقها بنظراته تلك ثم فجأة تعلو عينيه نظرة ساخرة قائلا لها ببطء وتهكم

:لااا ماهو واضح ياست فرح ....ياكبيرة

قالها ثم استدار فورا يصعد الدرج سريعا تاركاً اياها خلفه تلعن نفسها الف مرة على غباء قلبها الاحمق وحضورها الى هنا مرة اخرى حتى ولو كانت تحت ضغط من خالها  تهمس  لنفسها ضاغطة فوق شفتيها بحنق

:عجبك كده ياختى...اهو رجعنا تانى لقديمه علشان يتريق عليكى بلسانه اللى عاوز...

قطعت كلمتها زافرة بقوة تمنع نفسها عن اتمام جملتها ثم تكمل بعدها بندم

:لا بلاش ميهنش عليا برضه ده مهما كان صالح  ... قال وانا اللى بقول لنفسى كبرتى يابت يافرح وبقى ليكى هيبة ادامه ..بلا نيلة عليكى على رأئى اختك سماح

اخذت تدمدم  لنفسها  بكلمات غير مترابطة حانقة  وهى تصعد الردج ببطء حتى وصلت اخيرا الى الباب الخاص بشقة والديه تصمت فجأة شاهقة بصدمة حين وجدته يقف امام الباب مستندا فوق الحائط المجاور له عاقدا ذراعيه فوق صدره  وهو يرمقها بنظرة كسولة تعدل  فورا بقامتها ترسم فوق ملامحها الجدية قائلة وهى تشير ناحية جرس الباب المجاور لرأسه

:ممكن لو سمحت ترن جرس الباب

هز كتفه بلا مبالاة يشير برأسه ناحية الجرس العالى نسبياً عليها يحدثها بنبرة صوته العميقة الاجشة وقد تسللت داخلها تذيبها وتذيب قلبها عشقاً رغم التهكم بها وهو يهز كتفه بلا مبالاة قائلا

:رنيه انتى ..اظن انك كبرتى وتعرفى ترنيه لوحدك ولا ايه؟

اتبع حديثه بالتحرك للجانب لكنه لم يغير من وضعية وقوفه فتقدمت بخطوات مرتعشة تصعد الدرجات المتبقية تقف امامه وعينيها تدور بينه وبين الجرس القريب منه  بتوجس وخشية ثم تنفس بعمق وهى تتقدم من مكان وقوفه ببطء تتطلع فى عيونه برهبة قابلها هو بأبتسامة ساخرة اصبحت ضحكة عالية صاخبة تردد صداها فى المكان حين انتفضت تلتف حول نفسها  تهرول هاربة وهى تهتف بتلعثم و أضطراب

:مش عاوزة ..انا هروح بيتنا .. ابقى ..قول لامك ..انى ...

لم تكمل حديثها بل اسرعت تهبط درجات السلم  تتعثر فى خطواتها يطاردها صوت ضحكته وقد تردد صداها ليس فى المكان فقط بل داخل قلبها ايضا فتتسارع ضرباته كأنها على وشك الاصابة بنوبة قلبية ولكن هذه المرة ليس من تأثير  جاذبيتها عليها بل حرجاً واستحياء من حمقها ولكن ماذا هى بفاعلة فليس بيدها حيلة فامامه دائما تصبح طفلة حمقاء 

متسرعة تسبقها افعالها قبل تفكيرها

.

🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴

الحلقة 3 

.

.

عارفة لو مش هتبطلى ضحك هقوم اجيبك من شعرك ..انا بقولك اهو

صرخت بها فرح بغيظ وصوتها مختنق بالبكاء تحاول ايقاف شقيقتها عن الضحك لكن سماح لم تستجيب لها بل زادت نوبة الضحك التى اصابتها حتى اصبحت تستلقى فوق ظهرها وهى تمسك بمعدتها لتنهض فرح من جوارها تهتف بها باكية

:انا غلطانة انى حكيت ليكى حاجة اصلا ..متبقيش تسألينى عن حاجة تانى علشان مش هرد عليكى

اندفعت الى غرفتها بخطوات سريعة غاضبة تدخلها متجه الى فراشها تلقى بجسدها فوقه شاهقة بالبكاء لتتبعها سماح مقتربة منها وهى تزيح دموع الضحك عن عينيها قائلة بصوت مازال اثر ضحكاتها به

:طب قومى متزعليش خلاص مش هضحك تانى

لم تتحرك فرح من مكانها تستمر فى بكائها  فتهتف بها سماح مدافعة عن نفسها

:ماهو انتى يا فرح برضه عليكى عمايل ولا شغل العيال والفروض يعنى انك كبرتى عليها

اعتدلت فرح جالسة وهى تصرخ بغضب وطفولية

:هو ايه حكاية كبرتى النهاردة معاكم ..هو يقولى كبرتى وانتى تقوليلى كبرتى ..وكله شغال ضحك عليا

جلست سماح جوارها تربت فوق كفها برفق قائلة بحنان

:طب خلاص بقى متزعليش ...انا بس مستغربة اللى حكاتيه ...مش ده خالص صالح اللى كل الحارة تعرفه وعارفة هيبته وشدته

تنهدت فرح تضم شفتيها فى محاولة لتوقف عن البكاء قائلة

:وانا كمان  بقيت مستغربة .. من وقت ماخلصت مدرسة وهو قلب معايا ...وبعد ماكان بيكلمنى ويضحك فى وشى ويهزر بقى كل ما يشوف خلقتى ليزعقلى ليتريق عليا... لحد ما اتجوز وبقيت انا اللى  بهرب حتى ان اشوفه ولو صدفة

هزت سماح رأسها بحيرة قائلة

:والله انا بدأت اشك انه .....

صمتت عن اكمل حديثها تعقد حاجبيها بتفكير شاردة للحظات لتوقفت فرح عن البكاء خلالها تهزها من كتفها بعدما طال صمتها تسألها بلهفة

:انه ايه انطقى؟لو فهمتى حاجة فهمينى

نفضت سماح عنها حالة الشرود ناهضة عن الفراش قائلة بحزم

:مفيش حاجة ولا بتاع ..احنا هنعملها فيلم ..قومى يلا فزى من مكانك اغسلى وشك..وشوفى هنقول ايه لخالك لما يجى يا فالحة

ارتمت فرح بجسدها فوق الفراش تعاود الاستلقاء مرة اخرى وهى تدفن رأسها اسفل الوسادة قائلة

:يعمل اللى يعمله ..والله مانا راجعة هناك تانى ولو قتلنى حتى

نهضت سماح من جوارها تعقد حاجبيها بشدة هامسة بقلق وتوتر وقد ايقنت ان هذا اليوم لن يمر عليهم بخير  وسلام ابدا

:ماهو ياريت على اد قتلك انتى بس .. دى هتبقى حفلة قتل جماعى لينا كلنا النهاردة

**************

دخل الى الشقة الخاص بوالديه ومازالت بقايا ضحكته مرتسمة فوق شفتيه يتلاعب بالمفاتيح الخاصة به بين اصابعه وهو يدنن لحناً سعيداً من بين شفتيه متجها ناحية والده الجالس فوق اريكة يتابع التلفاز بأهتمام وتركيز ولكن توقف ملتفا اليه بدهشة قائلا بتعجب سعيد

:خير يا صالح ..بقالى كتير مشفتكش فرحان كده ...لاا وبتغنى كمان؟!

جلس صالح بجواره يمازحه بمرح

: لدرجة دى يعنى كنت قالبها غم علشان تستغرب لما اضحك ياحاج!

هز والده كتفه قائلا بسعادة

:اكدب عليك واقولك لاا ...بس مش مهم المهم ان الضحكة رجعت تنور وشك تانى

هتف بعدها يكمل وعينه تلتمع بأمل ورجاء

:قولى ان سبب ضحكتك وفرحتك دى ..انك خلاص وافقت ترجع مراتك وهتفرح قلبى وقلب امك

تبدل حاله تماما فور ان نطق والده كلماته تلك يكفهر وجهه بشده وعينيه تتقاذف بداخلها الشرارات كالبرق يتخشب جسده بشدة وهو يفح من بين انفاسه قائلا بصوت غاضب

:لاا..وياريت يا حاج نقفل على السيرة دى... ومتفتحاش معايا تانى

توتر الحاج منصور فى جلسته وهو يرى تغير حال ولده للنقيض بتلك السرعة يهمس بقلق مبررا 

:متزعلش منى يابنى .. انا بس عاوز اطمن عليك واشوفك متهنى ومراتك كمان بنت ناس و....

التوت شفتى صالح بمرارة شارداً عن الباقى من حديث والده تتدافع داخل عقله مشاهد


 شهوره الاخيرة مع ما يسميها والده بأبنة حلال حتى توقفت عند مشهده الاخير معها قبل طلاقهم مباشرا عندما وقف مكانه يتطلع اليها وهو يراها تتحدث فى هاتفها بسخرية دون ان تشعر

 حتى بوجوده وكلماتها كانت كالحمم تنهمر فوق رأسه وسمعه دون رحمة حين استمع الى  صوت ضحكتها المنتصرة السعيدة قبل ان تكمل حديثها بخبث وتعالى اصابه بالنفور منها 

والغثيان فتقدم خطواته ببطء وهدوء رغم ما يمر به من مشاعر غاضبة تجعله يرد تحطيم 

ارجاء المكان فوق رأسها ملتفاً حول مقعدها حتى اصبح امامها مباشرا لتشهق هالعة تلقى 

بهاتفها ارضا صارخة باسمه وقد كسى وجهها الشحوب من حضوره المفاجئ تفرك كفيها 

معا بتوتر وقلق ثم حاولت  التقدم منه تهم بالحديث لكنها توقفت مكانها مرة اخرى حين رأت 

عينيه تنهيها عن هذا فقد كانت نظراته لها  شديدة القسوة والبرود فأخذت تحاول مرة اخرى التحدث بصوت حاولت اظهاره طبيعيا لكن خرج رغما عنها مرتجفا متلعثما قائلة

:دى..دى اميمة اختى ..كنت بكلمها عن ..عن

صمتت بأضطراب تحاول البحث وايجاد كلمات تسعفها فى انقاذ ما يمكن انقاذه لكن توقف عقلها عن العمل حين وجدته يتحرك من مكانه متقدماً منها ببطء تنكمش فوق نفسها رعباً  ظناً بأنه سيقوم بضربها كما تستحق لكنها صدمت حين وجدته يجلس فوق المقعد بكل هدوء قائلا بصوت رغم هدوئه الا ان به شيئ مظلما غاضب

:لا مش محتاج تقوليلى كنت بتقولها ايه..انا سمعت كل حاجة ومفيش لزوم اسمعه تانى

ازاد توتر جسدها وهى تفرك كفيها معا مرة اخرى  بأضطراب وقلق سرعان ما تحول الى صدمة وذهولا تنهار قدميها اسفلها  لتسقط ارضاً بقوة تحرق الدموع عينيها حين قال بصوته البارد الجاف رغم الوحشية فى عينيه وشراسة ملامحه

:انتى طالق يا امانى ...طالق

كلمات قالها وليس بنادم عليها ابدا  انهى بها اشهر من العذاب لن يعيدها مهما حدث فيكفيه شعوره  الان بالارتياح والسكينة منذ ان قالها لها  بعد ظلام وعذاب كادوا ان يقضوا عليه بلا رحمة

افاق من تلك الدوامة التى ابتلعته بداخلها مثل كل مرة يقومون فيها بذكرها امامه  تنتبه حواسه على صوت شقيقته المتذمر وهى تقاطع حديث والده معه الشارد هو عنه قائلة

:بابا انت لسه متصلتش بمليجى علشان يبعت البت فرح؟!

التف اليها الحاج منصور قائلا بتأكيد

:لاا اتصلت بيه .وقالى هيبعتها حالا

زفرت ياسمين  هاتفة بحنق

:طب ليه الهبابة دى مجتش لحد دلوقت

هدر صالح ناهراً اياها بحدة وغضب

:ياسمين...لمى لسانك واتكلمى عدل

توترت ياسمين  قائلة بأرتباك

:انا اسفة ياصالح ...انا مقصدش و...

لكنه قاطعها بخشونة يسألها

: بعتى لفرح ليه.. عوزها فى ايه ؟

هزت ياسمين كتفيها قائلة بعدم اهتمام

:هعوزها فى ايه يعنى ...كانت هتيجى تساعد معاهم فى المطبخ .. العادى بتاعها يعنى

نهض صالح عن مقعده بعنف وهو يهتف بها محذرا بحدة

:انا مش قلتلك اتكلمى عدل

ضربت ياسمين الارض بقوة قائلة بعبوس

:فى ايه يا صالح هو انا قلت ايه غلط دلوقت ..مش دى شغلتهم

اتى تعنيفها هذه المرة من الحاج منصور وقد هتف بها غاضبا وبصوت حاد

:بنت يا ياسمين احترمى نفسك واتكلمى عدل .. دول جيرانك يعنى زى اهلك ومش معنى انهم بيجوا يساعدوا امك فى حاجة يبقى تتكلمى عنهم كده ..فاهمة ولا لا

زفرت ياسمين حنقا وهى تضرب الارض بقدمها مرة اخرى  اعتراضا منها على حدتهم معها ثم اندفعت  مغادرة المكان سريعا وهى تدمدم بكلمات حانقة ليلتفت الحاج منصور بعدها الى صالح زافر بنفاذ صبر قائلا

:البت دى خلاص دلعنا فيها....

صمت عن حديثه هازا راسه زافراً بقلة حيلة ليحدثه صالح بهدوء قائلا

:فرح جت بس رجعت تانى روحت ...انا قابلتها وانا طالع

هتف الحاج منصور قلقا

: خير روحت تانى ليه؟

اجابه صالح وهو ينحنى يستعيد مفاتيحه والتى القى بها فوق المنضدة عند دخوله قائلا بصوت عادى النبرات

:ابدا .. رجليها كانت  دخل فيها مسمار و بتوجعها فروحت علشان مقدرتش تكمل عليها

هز الحاج صالح رأسه استحسانا قائلا

:كده احسن برضه ...والله البنت دى ان كان هى ولا اختها بنات جدعة ومحترمة وانا بعتبرهم زى ياسمين اختك بالظبط

هز صالح رأسه ببطء موافقا له  وجهه صفحة بيضاء لا تظهر عليه تأثره بذكر اسمها امامه ولا ضربات قلبه الخافقة بجنون وهو يتذكرها بين ذراعيه منذ قليل  يتحدث قائلا بهدوء وثبات شديد 

:انا طالع شقتى لحد ما الضيوف تيجى  ..تأمرنى بحاجة يا حاج

اتسعت عينى الحاج منصور قائلا

:هتطلع دلوقت؟!مش هتستنى نكمل كلامنا

اغمض صالح عينيه زافرا محاولا الهدوء وقد عاوده شعوره بالاختناق والغضب مرة اخرى قبل ان يتحدث قائلا برجاء وصوت اوضح انه اصبح على الحافة

:ياحاج ابوس ايدك ...قفل عليه الموضوع ده ..وان كان على ضحكتى اوعدك مش هتشوفها على وشى تانى بس بلاش سيرتها ادامى مرة تانية

انهى حديثه ثم استدار مغادرا دون ان يمهل والده الفرصة لحديث اخر عن هذا الموضوع والذى اصبح يفر هاربا منه ككابوس مميت خانق لانفاسه

****************

تبختر مليجى فى خطواته يلقى بالسلام هنا وهناك وهو فى اتجاه محل انور ظاظا  حسب الموعد المحدد بينهم يدلف الى داخل المحل هاتفا بتذلف لانور الجالس فوق مقعده يمرر انفاس ارجيلته عبر صدره مستنشقاً اياها بأستمتاع ولا مبالاة

:انا جيت اهو يابرنس ...تأمرنى.. كنت عوزنى فى ايه؟

اشار اليه انور بيده ناحية الكرسى الاخر ليسرع مليجى بالجلوس فوقه وهو يتطلع اليه بفضول وترقب منتظرا لعدة لحظات استغرقها انور فى انهاء ارجيلته قبل ان يتركها من يده قائلا

:شوف يا مليجى من غير كلام كتير ..انا عاوز انسبك

تهلل وجه مليجى بالفرحة تشع عينيه وهو يهتف بلهفة

:ده يوم المنى ياسى انور..احنا نطول..بس مين فيهم سماح ولا..

قاطعه انور سريعا قائلا بلهاث وعينيه تنطق بالشوق

:الصغيرة ..يا مليجى..انا عاوز الصغيرة

لوى مليجى شفتيه بأبتسامة خبيثة مدركة قائلا ببطء

:قلتلى ..بقى عينك من البت فرح

ثم اقترب منه يكمل بصوت يتراقص جشعاً

:بس ياترى بقى هتقدر على مهرها يابرنس

اجابه انور  سريعاً وبصوت ملهوف

:اللى تطلبه يا مليجى من جنيه لميت الف بس فرح تبقى ليا وبتاعتى النهاردة قبل بكرة

تراجع مليجى للوراء يرسم على ملامحه التردد والحيرة  قائلا

:بس اااا ..طيب وحريمك الاتنين هيوافقوا على الجوازة دى

عقد انور حاحبيه بشدة قائلا ببطء محذرا

:وهما هيعرفوا منين يا مليجى...بقولك ايه صحصح معايا كده

اتسعت عينى مليجى بأدراك قائلا

:تقصد انك عاوز البت فى جوازة عرف...

قاطعه انور سريعا قائلا بتأكيد

:ايووه ..زى ما فهمت كده بالظبط ..وانا شارى ومستعد لكل طلبتها

عقد مليجى حاجبيه قائلا بصوت قلق متحير وقد اختلف الامر تماما فى حساباته

:بس كده الوضع اختلف ..والبت ممكن تعصلج ومترضاش ساعتها

هب انور من مقعده واقفاً بعنف اسقط ارجيلته ارضا بدوى عالى  صارخاً فيه بشراسة كأنه لم يحتمل مجرد  تصور ان يتم رفضه من قبلها

:بت مين يا عايق اللى تقول لا وترفضنى ..اصحى  وفوق شوف انت بتتكلم مع مين ..دانتم شاحتين الحارة ياعايق ولا نسيت

التوت شفتيه نفورا يكمل بأستعلاء وصوت محتقر وهو يرى تململ مليجى فى معقده متوترا

:مفكر مين يرضى يناسبك ولا يحط ايده فى ايدك ويتجوز بنات اختك دول ..فوق انت وبنت اختك ياعايق وبلاش اللون ده عليا من اولها كده

اسرع مليجى يحاول تهدئته ترتجف فرائصه امام غضب وعنف انور المشتعل امامه قائلا بأرتباك وخنوع

:براحة بس يا برنس...الكلام اخد وعطى ..انا بقول يمكن ..يمكن مش اكتر

جلس انور فوق مقعده مرة اخرى يضع ساقا فوق اخرى  هاتفاً بتعالى وحدة

:مفيش يمكن ولا بتاع.. البت ليا وبتاعتى وكله بتمنه ولا ايه؟!

هز له مليجى له رأسه بالموافقة تظهر اسنانه الصفراء فى ابتسامة جشعة خبيثة حين اتى على ذكر الثمن  قائلا بتأكيد وحزم

:خلاص وماله يابرنس اللى تأمر بيه وطالما كله بحسابه يبقى البت متغلاش عليك ..وهو كله جواز وشرع ربنا

شعر انور بعد حديثه هذا بأطمئنان نفسه و خفقات قلبه تتراقص فرحا وسعادة فاخيرا  ستصبح له...من ملكته واطارت النوم من عينيه وفعلت به مالم تفعله انثى من قبلها فبرغم تعدد زيجاته وعلاقاته المتعددة لم تستطع انثى خطفه وخطف قلبه كما فعلت هى كلما رأها تغدو امامه يمنى نفسه بالصبر حتى تطالها يده لكن لم يعد للصبر مجال بعد الان قد حدث ماحدث ورأى فى عيون غيره شيئا مماثلا لما فى قلبه نحوها وان لم يكن اكثر

***************

ظلت كما هى على حالها منذ ان تركتها سماح لا يتحرك لها ساكنا تدس رأسها اسفل الوسادة   يظن من يراها ان داخل سبات عميق لكنها كانت بعيدة كل البعد عن النوم وراحته وقد اخذت تقيم لنفسها  محاكمة قاسية داخل عقلها كانت فيها القاضى والجلاد  تلعن وتسب غبائها كلما تذكرت كل ماحدث بينهم فهى فى يوم واحد فقط اظهرت نفسها امامه كحمقاء متسرعة لا تناسب افعالها سنوات عمرها التاسعة عشر ابدا وليس مرة واحدة لااا بل مرتين كأنها تأكد عليه فكرته عنها  لذا ظلت  تبكى بحرقة وبشهقات مكتومة تتذكر ماحدث مرارا وتكرارا دون كلل منها حتى تعالى صوت رنين هاتفها الملقى بجوارها فنهضت بهمود هامسة بصوت متحشرج من اثر بكائها وهى تمسك بالهاتف ظنا منها انه خالها

:تلاقيه بيتصل علشان يعرف انا لسه ماوصلتش هناك ليه ..بس والله مانا رايحة ويحصل اللى يحصل

ضغطت زر الاجابة تضع الهاتف فوق اذنها هاتفة بحدة وصوت يغلب عليه البكاء

:شوف بقولك تانى اهو مرواح هناك مش رايحة ...وعاوز تيجى تموتنى تعال والله يبقى ارتحت وريحتنى من العيشة السودا دى

عقدت حاجبيها بحيرة حين قابلها الصمت من الطرف الاخر للحظات قبل ان تتسع عينيها ذهولا وصدمة مع فاها والذى فغرته على اتساعه حين وصل لها صوت رجولى تحفظه عن ظهر قلب يعيث الفساد داخل صدرها ترتعش كالمحمومة وهو يحدثها قائلا بصوت الهادىء الاجش المميز

:واضح ان زيارتنا تقيلة اوى على قلبك بس مش لدرجة الموت يعنى

ازدردت لعابها تهمس بصعوبة وبأنفاس متلاحقة  تحاول التاكيد من هوية المتصل رغم تيقنها منها بقلبها قبل عقلها لتأتى اجابته فتمحو اى شك لديها حين اجابها بخفوت جعل من صوته اكثر جاذبية

: انا صالح يافرح ...كنت عاوز ...عاوز اقولك متزعليش منى لو كنت ضايقتك النهاردة ..

اسرعت بهز رأسها تنفى حديثه هذا كما لو كان يراها لا تستطيع شفتيها ان تنبث بحرف خارجها وكما لو عقد لسانها تسمعه وهو يكمل بتأكيد وحزم لها

:ولو خالك بيجبرك انك تيجى بيتنا غصب عنك ..فانا هتكلم معاه النهاردة وصدقينى مش هتحصل تانى ..بس المهم انك متزعليش

همت بالحديث بعد حلت العقدة عن لسانها لكنه لم يمهلها الفرصة يغلق الهاتف بعد ان القى عليها بسلام سريع ليسقط الهاتف من بين اصابعها هامسة بذهول وعدم تصديق

:صالح مين؟!صالح بتاعنا..بتصل بيا انا ...يقولى متزعليش

صرخت بسعادة وهى تنهض من الفراش تجرى الى باب غرفتها تخرج منه صارخة تنادى سماح

:بت يا سماح مش هتصدقى اللى حصل دلوقت حالا ومين اللى ....

صمتت عن اكمال حديثها فور ان رأت خالها يدلف من الباب الخارجى يتخشب جسدها من الخوف والذعر وهى تراه يتجه نحوها ولكنه صدمها حين قام يجذبها الى صدره يحتضنها بقوة تحت انظار سماح وطفليه المصدومة هاتفاً بفرحة وسعادة طاغية

:اهلا بحبيبة خالها ووش السعد والهنا علينا كلنا

اتسعت حدقتيها تتبادل مع شقيقتها النظرات المصدومة تسألها من خلالهم عما يحدث لتهز سماح كتفها بحيرة تجيبها لتتراجع الى الوراء تخلص نفسها من بين ذراعيه تسأله بحيرة مرتابة

:وده اللى هو ازى يعنى ...ومن امتى الكلام ده؟!

اقترب منها مليجى يفح من بين انفاسه بتمهل وصوته يحمل خبث العالم كله

: من هنا ورايح ياقلب خالك.. ده انتى واختك عندى بالدنيا و....

لم تستطع فرح تمالك نفسها وقد ادركت ان وراء حديثه هذا امرا لن يعجبها لذا هتفت به بتوتر 

:بقولك ايه ياخالى ...هات من الاخر كده ..وقول وراك ايه بصراحة ومن غير لف ولا دوران

:عريس يابت اختى...جايلك عريس هيعيشك ويعيشنا فى عز وهنا

قالها مليجى وعينيه يزداد لمعانها الجشع ووجهه ينطق بالسعادة كمن ملك كنوز الارض  ليسود بعدها صمت حاد يشع الجو  من حولهم بالتوتر والاضطراب وقد حدق به الجميع بصدمة لكن مليجى تجاهل صدمة وجوههم وهو يكمل قائلا لفرح بلهاث طمع

:عريس يابت يافرح انما ايه عمر اللى خلفوكى ما يحلموا بيه ..الظاهر امك دعيالك قبل ما تموت يابت

انهى حديثه ثم اسرع بجذبها له مرة اخرى يحتضنها  غير مدرك لجسدها المتصلب ولاملامح وجهها النافرة بالكره له اما عينيها فقد اظلمت بشدة كعاصفة هوجاءتستعد لايطاحة به فورا ودون تردد 

                          الفصل الرابع من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-