CMP: AIE: رواية ظلها عشقا الفصل الثالث عشر والرابع13و14بقلم ايمي نور
أخر الاخبار

رواية ظلها عشقا الفصل الثالث عشر والرابع13و14بقلم ايمي نور

رواية ظلها عشقا 

الفصل الثالث عشر والرابع عشر 

بقلم ايمي نور

جلست معه على طاولة الطعام تتلاعب بطعامها بشرود وعقل فى دوامة من التفكير  غير واعية لنظراته المهتمة والمنصبة عليها لا تسمع من حديثه معها  شيئا حتى نداها بصوت رقيق قائلا

:فرح ..انا بكلمك ..روحتى فين؟!

رفعت نظراتها الشاردة له هامسة بأعتذار

: معلش مسمعتش .. كنت عاوز حاجة ؟!

صالح ومازالت ابتسامته الرقيقة على حالها

:كنت بقولك تعملى حسابك بعد الاكل هنقوم انا وانتى علشان نفضى دولاب اوضة النوم سوا

توترت فى جلستها تنظر اليه تسأله بحذر

:ليه .. ايه السبب ؟!

نهض صالح من مقعده قائلا بهدوء

: حسن والعمال طالعين كمان شوية علشان يفكوا الاوضة خالص ...علشان الاوضة الجديدة على وصول

كان فى طريقه للغرفة لكنه توقف يلتفت اليها مرة اخرى قائلا بطريقة عرضية

:اه وبعد ما نخلص عاوزك تنزلى عند امى تحت متطلعيش غير لما ابعتلك

اغلقت عينيها تتنفس بعمق وهى تحاول بث الفرحة بداخلها لما اخبرها به لكنها لم تجد تأثير يذكر بأخباره تلك لذا حين تحدثت اليه كان صوتها مضطرب مرتجف

:ملهاش لازمة تغير حاجة ياصالح ..الاوضة كويسة وعجبانى

تسمر مكانه بعد كلماتها تلك يلتفت اليها ببطء وبجسد متحفز مشدود قائلا ببرود وصوت جليدى

:ولما هى كويسة وعجباكى ..بقالك ليلتين ليه بتنامى فى اوضة تانية

ساد الصمت بعد سؤاله هذا لا تجد اجابة تستطيع بها شرح ما يحدث معها ولا هذا الجمود الذى اصبح يلازمها منذ هذا اليوم المشئوم ..لكنه ظل مكانه منتظرا منها اجابة لسؤاله وحين طال صمتها عليه تحدث بصوت حاد امر

:خلصى اكلك ..وانزلى على طول ومتطلعيش الا لما ابعتلك تانى

غادرا فورا يدخل غرفة النوم يغلق بابها خلفه بقوة تدل على شدة غضبه لكنها لم تهتز لها بل وقفت ببطء تلملم بقايا طعامهم والصحون تتجه بها للمطبخ فما فائدة الشرح او التوضيح اذا كانت لا تستطيع البوح بما يؤلمها له وسؤاله هذا السؤال والذى يحترق لسانها لنطق به

:هل تحبها ؟ أمازالت راغباً بها ؟

لكنها فأرة جبانة مرتعشة معه تفضل الاختباء عن المواجهة والمصارحة

وقفت امام الحوض تجلى الاطباق بحركات رتيبة بطيئة لكن سرعان ماالقت بهم داخل الحوض بعنف ثم تستند بكفيها فوق تحاول التنفس بعمق فى محاولة ابعاد غصات البكاء والتى كادت ان تخنقها  غافلة تماما عن دخوله ووقفه امام الباب يتابعها لبرهة قبل ان يتقدم ناحيتها واضعا ذراعه حول خصرها يجذبها اليه وهو يقبل عنقها هامسا بأسف

: انا عارف انك عندك حق فى كل اللى بتعمليه ..وانك مش قادرة تنسى اللى حصل ...بس بحلفلك تانى انها غلطة منى مش اكتر

ادارها بين ذراعيه حتى تواجهه عينيه لكنه صدم لمرأى عيونها المغلقة بشدة ودموعها المنهمرة بصمت تغرق وجهها ليزفر بحدة قائلا بعدم تصديق ذاهل

:ليه كل ده يا بنت الحلال بتعملى فى نفسك كده ليه ..دى كانت ذلة لسان منى مش اكتر ..اعمل ايه علشان تصدقينى..ولا انت غاوية تنكدى على نفسك وعليا 

فتحت عينيها تتطلع اليه بألم هامسة وقد طفح بها الكيل ولم تجد تحتمل الصمت طويلا بعد الان ولا لومه لها كأنها  تحب ان تفتعل المشاكل بينهم 

:لا مش ذلة لسان يا صالح ..انا وانت عارفين كده كويس

ضربته فوق صدره بقبضتيها بغضب وعنف تبكى بشهقات عالية تفرغ كل احباطها والمها عليه صارخة

:انت لسه بتحبها ..ولسه عاوزها ..انا عارفة ده كويس

امسك بقبضتيها يوقفها عن ضربه ثم يلف ذراعيها حول خصره  يجذبها نحوه حتى التصقت به تماما بينما اصابعه مازالت تحتجز قبضتيها بينهم خلف ظهره يضغط عليهما وهو ينحنى براسه عليها وعينيه تقسو نظراتهم قائلا ببطء حاد ونبرة قاسية

:مش شايفة انك زودتيها ..وان الموضوع اخد اكبر من حجمه

رفعت عيونها الباكية اليه تهتف بقسوة هى الاخرى

:لا مش شايفة كده ...وبعدين نروح بعيد ليه ..احنا نخلى الادوار معكوسة وجيت انا فى يوم وناديت عليك بأسم واحد تانى كنت هتعمل ايه سا...

لم يدعها تكمل يقاطعها بشراسة ويديه تزيد من ضغطهم فوق يديها حتى كاد ان  يحطمها بينهم

:كنت قتلتك فى ساعتها ...

اتسعت عينيها تتسارع خفقات قلبها بقوة وهى ترى كل هذا الوحشية والشراسة فى رده لمجرد سؤالها لكن ماجعلها ترتجف بخوف وهى تتراجع عنه الى الخلف تتسع عينيها برهبة عندما انحنى عليها اكثر وهو يكمل ضاغطا على حرف ينطق به كأنه اراد ان يصلها معنى كلماته جيدا وتحفر عميقا داخل عقلها قائلا

:انت بتاعتى ...مراتى ..يوم ما لسانك ينطق بأسم راجل غيرى اقطعهولك

فتحت شفتيها تهم بالرد عليه لمعارضته رغم الاضطراب والخوف بداخلها لكنها تراجعت حين اتسعت عينيه بتحذير يفح من بين انفاسه بحدة

:مش عاوز تانى كلام فى الموضوع ده ..وشوفى بقى علشان نقفل الكلام فيه خالص ...

ترك يديها من بين قبضته ببطء مبتعداً عنها يتراجع للخلف يستند الى الحوض عاقداً ذراعيه فوق صدره يقف يراقبها للحظات وهى تقوم بفرك كفيها بألم من اثر اعتصاره لهم وعينيها تتطلع اليه برهبة وقلق تخشى ماهو ات تتمنى الفرار هاربة من امامه لكنها اجبرت نفسها على الوقوف بثبات امامه فى انتظار حديثه حتى ولو كان سيحمل لها الحزن وتعاستها الابدية ترتجف بشدة حين زفر بقوة قائلا بعدها ببطء وتأكيد

:شوفى من الاخر كده ..امانى وحكايتها صفحة واتقفلت..ويمكن كمان قطعتها ورمتها ورا ضهرى ..ومن يوم ما دخلتى انتى بيتى وانا مفيش فى تفكيرى ولا فى ....

صمت زافرا مرة اخرى يظهر التردد والحيرة على وجهه لكنها اسرعت تسأله بلهفة والحاح ودون خجل تحركها مشاعرها

:وايه يا صالح ..وايه كمل

وقف يتطلع اليها وجهه يحمل تردده وخوفه فأن نطقها الان لا رجعة للوراء مرة اخرى يخيفه لو اخبرها  بأنه الذائب عشقاً بها ويعطيها السطوة على قلبه وروحه ان تقوم بالعبث به وبمشاعره بعد علمها الحقيقه مثلما حدث له من قبل ..لكن مع فارق كبير هذه المرة وهو ان الاخرى لم يكن لها سلطان على قلبه مثلما تملك هى

لذا احتدت نظراته عليها ينظر اليها بثبات رغم المه لنظرة الرجاء فى عينيها له يتجاهل ما كاد ان يعترف به لها قائلا بحزم

:من الاخر يافرح ..زى مانا رميت كل حاجة ورا ضهرى من يوم جوازنا ..انتى كمان يا بنت الناس تعملى كده علشان نقدر انا وانت نكمل حياتنا سوا..وانسى يا فرح زى مانا نسيت

انهى حديثه يغادرا فورا المكان بينما وقفت هى يتردد صدى كلماته بقلبها  قبل عقلها تحاول استعاب ما حاول ايصاله لها لعلها تهدىء من تلك النار التى تكويها دون رحمة 

******************

:فهمتى يا سماح الشغل ماشى ازى هنا

هزت رأسها له بالايجاب فورا وابتسامة فرح تنير وجهها قائلة

:طبعا يا استاذ عادل ..انا مكنتش فاكرة ان الموضوع سهل كده

تراجع عادل فى مقعده  يبتسم لها برفق ونظرة اعجاب تظلل عينيه قائلا

:لاا هو مش سهل ..انتى اللى ذكية وعاوزة تعرفى كل حاجة وبتتعلميها بسرعة . الخوف بقى بعد ما تتعلمى تغطى علينا ويبقاش لينا جنبك مكان بعد كده

ضحكت سماح بسعادة قائلة تمازحه هى الاخرى قائلة بثقة

:لاا متخفش هبقى اشوفلك شغلانة معايا وماهو المكتب باسمك برضه

ضحك عادل هو الاخر يتردد صدى ضحكاتهم فى المكان حتى دوى صوت حاد قاسى يقاطعهم وقد وقفت ياسمين امام الباب،تتطلع اليهم بغل وغيرة قاتلة

:ما شاء الله ..الهانم واقفة هنا تضحك وتهزر وسايبة المكتب بره لوحده

تقدمت الى الداخل ترمق سماح بتعالى من اسفلها الى اعلاها قائلة بتكبر

:اطلعى يلا يا شاطرة اقعدى مكانك ..المكتب عليه ورق وملفات ووممكن حد ياخد حاجة منهم من غير ما تحسى

ارتبكت سماح تشعر بالحرج والاهانة من طريقة حديثها معها تسرع بالاستئذان تخرج من المكتب فورا معتذرة ثم تغلق خلفها الباب لينهض عادل واقفا يهتف بحدة

:ايه اللى عملتيه ده ..بتكلميها بالطريقة دى  ازى كده ادامى

اقتربت ياسمين تضع كفيها فوق مكتبه تستند عليه تميل لامام هاتفة بعضب وغيظ

:وعوزنى اكلمها ازى ياسى عادل .وانت وهى شغالين ضحك وهزار ولا كأنه مكان شغل

زفر عادل بنفاذ صبر يجلس مكانه ولم يعد لديه الطاقة لمجادلة اخرى معها يسألها بحدة

:جاية ليه ياياسمين ..ايه اللى جابك على الصبح كده

ضربت ياسمين بكفيها فوق المكتب صارخة بغضب

:انت بتكلمنى كده ليه؟ ايه مكنتش عاوزنى اجى واشوف المسخرة اللى بتحصل هنا ولا ايه يا عادل بيه

نهض عادل صارخا هو الاخر بحدة وغضب اعمى وقد طفح به الكيل

:انتى اتجننتى ولا ايه حكايتك على الصبح ..فى ايه اتعدلى فى كلامك معايا

انكمشت ياسمين على نفسها وقد علمت انها اوصلته للحافة تتراجع خوفا من عواقب تجربة اخرى قريبة قائلة باعتذار وصوت اسف

:اسفة يا عادل والله ...انا كنت جاية اشوفك علشان وحشتنى .. ومقدرتش اسكت وانا شايفة البت دى بتتمايص عليك بالشكل ده ..انت عارف انا بغير عليك اد ايه

صرخ عادل بها محذرا بغضب وحدة لتهتف سريعاً

:خلاص اسفة والله متزعلش  منى ..مش هتكلم كده تانى

ضغط عادل فوق  شفتيه زافرا بعمق قائلا بنفاذ صبر

:خلصنا يا ياسمين ومرة تانية متجيش المكتب غير لما تعرفينى ده مكان شغل مش سينما ولا كافية تتسلى فيه كل ما تحسى بزهق

هزت له رأسها بالموافقة رغم نيران غضبها المشتعلة  التى تفور وتغلى بداخلها لكنها حين تحدثت جاء صوتها هادئ مستكين

:حاضر يا حبيبى اللى تقول عليه هعمله بس المهم انت متزعلش منى

هز عادل لها راسه قائلا باقتضاب

:خلاص ياياسمين حصل خير،..وياريت وانتى خارجة تعتذرى لسماح على اللى حصل من شوية وعلى اسلوبك معاها 

احتقن وجهها بشدة لكنها اومأت له مؤكدة بأبتسامة صفراء على شفتيها

:حاضر اللى تشوفه ياحبيبى .. المهم انت تكون مبسوط منى ...انا همشى دلوقت ..وهستناك بليل علشان نخرج

اومأ لها برأسه دون حماس لتتسع ابتسامتها له قبل ان تلتفت مغادرة تختفى فورا تلك الابتسامة عن وجهها وعينيها تلتمع  بالغل والشراسة تخرج من الباب تغلقه خلفها ثم تسير بأتجاه سماح وتتوقف على بعدة خطوتين منها  تتابعها لبرهة بتفكير واهتمام وهى تراها تقوم بترتيب عدة اوراق امامها بشرود وايدى مرتعشة  ووجه شديد الشحوب لتسرع ياسمين برسم ابتسامة فوق شفتيها مقتربة منها هاتفة  

:اوعى يا سماح تكونى  زعلتى منى ...انتى عارفة انا بحبك اد ايه وخايفة عليكى وعلى وشغل المكتب

تركت سماح ما بيدها تنهض عن مقعدها قائلا بهدوء ورسمية

:لا ابدا يا انسة ياسمين انا مش زعلانة خالص

ياسمين وهى تجلس امامها فوق حافة المكتب قائلة بعتب

:ايه انسة دى ..دانا لسه بقولك احنا اخوات ..ولا انتى بقى لسه زعلانة منى

هزت سماح رأسها بالنفى ومازالت تلك الابتسامة المغتصبة فوق شفتيها لتكمل ياسمين وهى تنهض واقفة مرة اخرى

:طيب ياحبيبتى  اسيبك لشغلك بقى واروح انا ..بس لو ممكن كوباية ماية قبل ما امشى ...معلش هتعبك معايا

رسمت الحرج والاعتذار على وجهها  وهى تراقب سماح والتى اسرعت لتلبية طلبها حتى اختفت عن انظارها لتسرع بالبحث سريعا فوق الاوراق الموضوعة فوق المكتب تلتمع عينيها بالانتصار  حين وجدت مبتغاها فى ورقة منهم اسرعت بطيها واخفائها داخل حقيبتها قبل عودة سماح والتى عادت بعد لحظات تحمل كوب المياة تناولها اياه فأرتشفت منه سريعا قائلة بعدها بتعجل وهى تغادر فورا

:شكرا يا حبيبتى ...اشوفك بعدين بقى

راقبت سماح مغادرتها السريعة هذه تهز كتفها بحيرة قائلة

: ايه البت المروشة دى ..الله يكون فى عونه بيتعامل معاها ازى دى.. وهى كل ساعة بالحال

جلست مكانها تلوى شفتيها قائلة بلا مبالاة

:وانا مالى .. كفاية عليا الهم اللى انا فيه مش ناقصة التفكير فى هم غيرى

*************

وقفت امام باب الغرفة مترددة ودقات قلبها راجفة بخوف لكنها تنفست بعمق تدفع عنها شعورها هذا بعيدا فبعد حديثه الاخير لها لكن تترك بعد الان الفرصة لهواجسها او تلك الكلمات التى صبت فى اذانها ان تخرب عليها حلم صباها فكما قال منذ قليل هى الان زوجته الوحيدة.. هى فقط ولا احد غيرها طلما هو اراد  هو رمى الماضى ورائهم والمضى قدما معها فى حياتهم فلما لا تفعل هى الاخرى ذلك وكفاها تصرفات طفولية حمقاء معه لذا وبخطوات شجاعة تقدمت الى الداخل تراه وقد شرع فى انزال الحقائب ويقوم بوضع الملابس الخاصة به داخلها ليتوقف قلبها هلعا ظنا منها انه سيغادر تاركا لها المكان لكنها عاودت التنفس براحة حين رأته يقوم برفع حقيبة اخرى ويقوم بوضع ملابسها هى الاخرى به تتذكر حديثه عن تغير الغرفة لتهب متحركة من مكانها بأتجاهه قائلة بلهفة

: سبيها يا صالح انا هوضبها.. وارتاح انت

توقفت حركته حين امسكت من يده قطعة الملابس يتطلع اليها بتفكير  بينما وقفت هى مبتسمة برقة له حتى تركها اخيرا  تتولى هى الامر يجلس فوق الفراش ثم يقوم باشعال احدى سجائره يسود الصمت المكان حتى قطعته بصوتها المتردد اللاهث قائلة له وهى منخفضة الوجه تولى اهتمامها لقطعة الملابس بين ايديها المرتعشة

: صالح ..كنت عاوزة اقولك ان بجد الاوضة حلوة وانا مش مضايقة منها كل الحكاية انى بس....

قاطعها صالح بصوت حازم قوى لا يقبل بالمناقشة

:وانا قلت هتتغير ..العفش كله هغيره ..بس لما اقدر انزل ..انما دلوقت اوضة النوم دى لازم تتغير اول حاجة.. والنهاردة

وقف يطفئ  سجارته بعصبيةثم يتجه ناحية الباب يكمل قائلا بتعجل

:خلصى يلا علشان تنزلى قبل العمال ما تطلع هنا ..وانا هنزل اشوف الحاجة وصلت ولا لسه

تركت ما بيدها تسرع فى اتجاهه تسد عنه الطريق قائلة بلهفة وقلق

:تنزل فين ..ورجلك وجرحك ؟!

تأملها وعيونه تمر بنعومة فوق ملامحها القلقة قبل ان يبتسم لها برقة قائلا

:متخفيش  .. دقايق وهطلع تانى

هزت رأسها له بالرفض قائلة وهى تقترب منه تلصق نفسها به تلف خصره بذراعيها بحركة عفوية منها قائلة برجاء

:بلاش علشان خاطرى ياصالح ..خليك معايا هنا متنزلش ...وبعدين مين هيساعدى علشان اخلص بسرعة ..لو انت نزلت مش هعرف اخلص حاجة لوحدى

التمعت عينه تتسع بسمته وهو يحنى رأسه عليها يهمس بخبث مرح يلف ذراعيه هو الاخر حولها يزيد من الصاقها به 

:ماهو انا نزلت منزلتش ..كده كده مش هتخلصى حاجة ...ها قلتى ايه

ارتجف جسدها ينتفض بشدة برفض رغما عنها وقد ادركت ما يخيرها به بكلماته لكنها اسرعت بتمالك نفسها تلعن نفسها على تراجعها المخزى هذا برغم كل ماحدثت نفسها به منذ قليل تهم بالرد عليه بمزاح اخر لكن الاوان قد فات فقد شعر بأرتعاشة جسدها الرافضة  قبل ان يبتعد عنها وهو يحل ذراعيها من حوله مبتعدا عنها قائلا بأبتسامة باهتة

:انا هنزل ولما تخلصى رنى عليا عرفينى

بالفعل تركها مغادرا تقف مكانها متجمدة لكن يأتى صوت قلبها المتوسل كصفعة منبهة لها وهو يناديها الا تدعه يغادر والا حينها ستسوء الامور بينهم الى الابد ولن ينفع بعدها الندم ابدا لتجد نفسها ودون ان تمهل نفسها لحظة للتفكير او التردد تناديه قبل لحظة من خروجه من باب الغرفة ليلتفت لها بتسأول فتخفض عينيها ارضا وقد اشتعلت وجنتيها خجلا مما هى مقدمة عليه هامسة

:كنت عوزاك قبل ما تنزل ..تشيلنى ترفعى ...

هربت من عينيه ونظراته المشتعلة فوقها تلتفت ناحية الخزانة تشير اليها وهى تكمل بتلعثم وارتباك

:علشان بس اطول الرف اللى هناك ده بس لو مستعجل انا ممكن .....

شهقت بصدمة حين وجدت نفسها ترفع فى الهواء قبل ان تحط بين ذراعيه صارخة بأسمه توقفه ليهتف بها

:لااا مانت ترسى على رأى اشيل ..ولا انزل ..اخلصى مش هنفضل فى الحيرة دى كتير الرجالة زمانها على وصول

لفت ذراعيها حول عنقه تتعلق به تدس وجهها به خجلا قائلة بصوت مكتوم

: اللى تشوفه انت بقى ..انا مش هتكلم تانى

صالح وهو يتجه بها ناحية الفراش تتألق عينيه بالشغف قائلا ببطء وصوته يرتجف شوقا لها

:احسن حتى علشان اعرف اركز ..اصل موضوع الشيل ده محتاج تركيز اوووى

ضحكت ضحكة صاخبة سرعان ما اختفت حين شعرت بجسدها يحط فوق الفراش وجسدها يتوتر  فورا يتلاشى استرخائها فى الحال ولكنها اسرعت تتصنع الابتسام حين رأت توقف صالح وتحديقه بها قبل ان ينحنى على وجنتها يلثمها برقة هامسا

: لو مضايقة من هنا احنا ممكن نروح....

هزت رأسها برفض قاطع تلف عنقه بذراعها تجذبه لها وعينيها تشتعل بتحدى كان لها قبل ان يكون لاحد اخر تبادر لاول مرة بالقيام بالخطوة الاولى تقبله بشفاه مرتعشة وبمبادرة خجلة اشعلت اللهيب به ينسى معها وبها العالم وكل ما يحيط به الا احساسه وشوقه لها وتغلى دمائه وضربات قلبه تتعال بصخب استجابة لها هامسة بعد ابتعادها البطىء عنه وسرقتها لانفاسه

: لااا... هنا او هناك ده بيتنا.. لينا لوحدنا ..انا وانت وبس ..مش كده يا صالح؟

ارتعش جسده بأكمله وجاءت اجابته عليها بهدير قوى وهو يرفعها اليه حتى تلتقى شفاههما فى لقاء سرق منهم الانفس يذهبا معا الى جنة حقيقة اشتاقا لها طويلا ...

 

*********************

بعد حين جلست داخل المطبخ الخاص بوالدة زوجها عينيها شاردة للبعيد وابتسامة حالمة مرحة على وجهها وهى تتذكر تفاصيل لقائهم وتلهفهم لبعضهم البعض حتى سرقهم الوقت يعودا الى ارض الواقع من جنتهم على صوت  رنين هاتف صالح ليهب جالسا قائلا بارتبارك

:ده حسن اللى بيتصل ..انا نسيته خالص

نهض عن الفراش يلملم ملابسهم المتناثرة ارضا بتعجل وارتبارك لكنه توقف حين صدر عنها ضحكة مرحة متدللة ليرفع عينيه هاتفا وهو يبتسم بأستهجان مصطنع 

:لا وحياة ابوكى ..مش وقته خالص .. قومى كده بسرعة و خدى دش وانزلى عند امى حالا..الرجالة زمانها طالعة

نهضت عن الفراش ببطء وهى تلملم حول جسدها شرشف الفراش ترفع حاجبها بخبث وابتسامة متحدية تسأله

: طب وباقى الحاجة اللى لسه فى الدولاب؟!

صالح بتعجل وعينيه تدور حوله فى ارجاء الغرفة

:ملكيش دعوة ..انا هخلص كل حاجة ..بس يلا بقى يافرح

هزت رأسها لها بالموافقة تسير امام عينيه المحدقة بها ناحية خزانتها تلتقط من داخلها بعض الملابس لها وهى تضغط فوق شفتيها بقوة تمنع نفسها من الانفجار بالضحك وهى تسمعه يتمتم بحنق لنفسه

:يعنى كان خلاص حكمت النهاردة الشيل والحط  هنا وهناك... هركز انا بس ازى دلوقت..

ليهتف بها بعدها يكمل برجاء

:يلا يافرح انجزى الا والله اتصل ارجعهم من مطرح ما جم ويحصل زى ما يحصل

سارت ببطء بعد انتهائها حتى وقفت امامه تهز كتفها  بلا مبالاة قائلة له بدلع ونظرات تدلل

:طيب ما تتصل ..هو انا هقولك لا.. ولا حتى اقدر امنعك

القت بكلماتها تسير بهدوء تحت انظاره الذاهلة ليهتف صالح بذهول لها وعينيه متسعة بانبهار

:بت يا فرح حصلك ايه ... معقولة كل ده تأثير تغير الاوضة ..لا لو كان كده كنت يارتنى عملتها من زمان

.............

اشتعلت وجنتيها تعود الى حاضرها حين تحدثت   انصاف قائلة براحة

:احنا خلصنا الاكل كله اهو ..على الله هما كمان يخلصوا علشان نغدى العمال

قضمت سمر قطعة الجزر باسنانها قائلة بضيق

:مش فاهمة كانت لازمتها ايه الهدة دى ..مالها اوضة النوم بتاعت صالح علشان عاوز يغيرها..ولا هى مصاريف على الفاضى وخلاص

نظرت انصاف الى فرح الصامتة لكن كان وجهها يعبر عن ضيقها من حديث سمر الخالى من الذوق مبتسمة لها ثم التفتت الى سمر قائلة بحدة وحزم

:براحتهم ياسمر فلوسهم وشقتهم وهما احرار فيها ..زى مانت ليكى شقتك تعملى فيها اللى يريحك ومحدش هيقولك بتعملى ايه 

اعتدلت سمر جالسة فورا تعدل من طريقة حديثها قائلة 

: طبعا يا خالتى ..انا بس خايفة على صالح ده لسه جرحه ملمش وده ارهاق عليه برضه

:متشكر اووى على خوفك ده يا مرات اخويا ..بس ياريت توفريه لحسن احسن ..انا عندى اللى يخاف عليا

قالها صالح بهدوء وهو يدلف الى داخل المطبخ بجسده الفارع وحضوره المهيب يتلتفت الى فرح يغمزها بعينيه بشقاوة وهو يكمل بخبث

:مش كده ولا ايه يلى عندى ؟

اخفضت وجهها بخجلا بعيد عنه لكنه لم يستسلم اقترب منها يمسك بكفها يشدها حتى تقف ثم ينحنى عليها هامسا

:تصدقى معرفتكيش انا كده ...اومال راح فين البطل اللى كان فوق من شوية

ضربت كتفه بقوة تنهره بارتباك لتضحك انصاف تهتف بسعادة  تدعى لهم بالسعادة والهناء والابتسامة تنير وجهها  اما سمر فقد جلست تقطم حبة الجزر بيدها بغيظ وغل تتابع ما يحدث امامها بوجهه محتقن وهى ترى صالح يجذب فرح خلفه مستأذنا منهم حتى يريها غرفتهم الحديثة لكن يأتى هتاف انصاف وهى تهرع خلفه قائلة بلهفة

:طيب والغدا ..مش هتتغدى انت ومراتك قبل ما تطلعوا

انحنى عليها يهمس بشيئ جعل ضحكة انصاف تدوى عاليا بصخب وهى تدفعه فى كتفه قائلة بتعب مصطنع

: ياواد اتلم عيب..انت عيارك فلت خلاص

قبلها صالح برقة يشير الى فرح مرتبكة والمشتعلة خجلا مغيظا اياها قائلا

:البت دى هى المسئولة عن اللى بيحصل فى ابنك ياما خديلى حقى منها

اسرعت فرح تهتف بجزع وعيونها متسعة بذهولا

:والله ابدا يا ماما ده هو ...هو

مال صالح  نحوها متقربا منها سائلا اياها بخبث جعلها تضغط فوق شفتيها خجلا

:ايوه هو ايه بقى بالظبط ..ولا اقولك تعالى فوق نشوف الموضوع ده

جذبها معها معه يغادرا فورا بعد ان القى بتحية سريعة الى والدته والتى ظلت تتابعهم مبتسمة بفرحة وسعادة تشع من عينيها ثم التفتت الى سمر قائلة

:يلا بينا احنا يا سمر ..نحط الغدا للعمال ..اتصلى بحسن خليه يطلعهم

نهضت سمر تقضم جذرة اخرى قائلة

:من عينيا حاضر يا خالتى

ثم تكمل هامسة بغل وجهها يحتقن بدماء الغيظ والحقد

:ماهى الامور شغالة كده فى البيت ده... ناس تطبخ وتجهز ..وناس تيجى تاكل الطبخة على الجاهز ..بس هقول ايه الصبر حلو برضه وكل حاجة وليها اخر

***********************

🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔵

الحلقة 14 

.

الفصل الرابع عشر

جلست معه زافرة تضغط فوق شفتيها بملل وهى تجد كل تركيزه منصب على شاشة التلفاز وعينيه تتابع مجريات مباراة كرة القدم بشغف واهتمام اثار غيرتها فبعد عدة محاولات منها مشاركته شغفه وحماسه هذا بعدد من الاسئلة اجابها عليها بصبر

حتى سألته وهى ترى عصبيته وهتافه الغاضب على اللاعبين

:صالح ..هو ليه انت عاوزهم يشوطوا على الراجل الغلبان ده بس ..طيب مافيه راجل تانى واقف الناحية التانية اهو محدش بيشوط عليه

تجمد جسده وعينيه تكاد تخرج من محجريهما وهو يلتفت اليها ببطء ذاهلا لتسرع قائلة فى محاولة لجذب اهتمامه تسأله وهى ترسم ابتسامة بلهاء على شفتيها اجادت صنعها

: انا بقول يعنى بدل ما كله واقف هناك والناحية التانية فاضية خالص..

ضغط باسنانه فوق شفتيه رافعا حاجبيه وهو يحاول البحث عن كلمات يجيبها بها لكنها لم تستلم بل اسرعت قائلا بخبث وكلمات ذات مغزى

:بس تصدق انهم رجالة تافهة عاملين عقلهم بعقل حتة كورة ورايحين جاين وراها زى العبط

شهقت بفزع مصطنع تتراجع الى الخلف حين وجدته على حين غرى يتحرك من مكانه قافزا تقريبا فوقها حتى جعلها تستلقى بظهرها فوق الاريكة يسألها بهدوء ينذر بالخطر

:تقصدى مين بالعبط بالظبط...

اشارت بأصبعها ناحية شاشة التلفاز وعينيها معلقة به تنظر اليه هامسة بجد مؤكدة

:والله اقصد العيال دى ياسى صالح ..هو فى حد زيك ولا فى عقلك

تطلع اليها للحظات يتأملها محاولا اكتشاف الصدق ام الهزل فى كلماتها قابلتها هى بأبتسامة واسعة وهى ترف بجفونها له بطريقة جعلته يقاوم االابتسام بصعوبة وهو يتراجع عنها ببطء لمعاودة متابعة المباراة مرة اخرى لكن وصل اليه همسها المتعجب بتذمر قائلة

: بس ماتعرفش عند ماتشات الكورة... بيسيبك ويروح فين؟!

هنا وصرخت تنهض من مكانها تحاول الفرار منه حين وجدته يزمجرا ضاغطا فوق اسنانه وهو يحاول الانقضاض عليها تنجح فى ذلك فعلا تتوارى خلف احدى المقاعد مبتسمة باغاظة له وعينيها تلتمع بالانتصار وقد افلحت فى مخطهها لجذب انتباهه وهى تراه ينهض واقفا يتجه ناحيتها وقد غاب عن تفكيره كل شيئ سوى معاقبتها وهو يشير اليها بسبابته للقدوم له قائلا

: تعالى هنا يفرح متخلنيش اجرى وراكى فى الشقة والناس اللى تحتنا تسمع

هزت كتفيها له برفض قائلة بعبث وتدلل

:لا انا بقى عاوزك تجرى ورايا ولا هى البتاعة اللى بتفرج عليها دى احسن منى

حاول صالح مقاومة بنوبة الضحك المتصاعدة بداخله قبل ان يجلس مرة اخرى مكانه يرسم الالم  قائلا بصوت مسكين ضعيف اثار قلقها رغم الشك بداخلها بأنه يقوم بتلاعب بها

: كان نفسى والله ..بس اديكى شايفة رجلى وجعانى ومش قادر منها

اعقب حديثه يدلك قدمه ووجهه يتجعد الماً وهو يتأوه بصورة جعلت فرح تتخلى عن حذرها تعقد حاحبيها قلقا وقد انطلت عليها حيلته تخرج من وراء المقعد مقتربة منه وهى تسأله بقلق وخوف

: ايه حصل ؟!مانت كنت كويس اتخبط فيها ولا ايه ..انا هروح اجبلك المسكن بسرعة واجى

هرعت بأتجاه الغرفة لكنها وعند مرورها من جواره جذب معصمها يسقطها عليه يجالسها فوق ركبتيه وهو يحطيها بذراعيه بقوة غير مبالى بمحاولتها الفكاك منه يفح بغيظ متوعدا لها

:بقى انا يتقالى عقلك بيروح منك .. انا بقى هعرفك  عقلى لما بيروح بعمل ايه بجد 

سكنت بين ذراعيه ترفع اناملها لوجنته تتلمسها برقة قائلة وهى تهز كتفها له بتدلل

:طب اعملك ايه مانت قاعد جنبى والبتاعة دى وخداك منى يرضيك كده

وجد نفسه يقترب منها كأنها مغناطيس يجذبه له يقبلها بنعومة فوق وجنتها هامس باعتذار رقيق

:لا فى دى عندك حق مينفعش اى حاجة تاخدنى منك ابدا ...علشان كده ...

مد يده بجهاز التحكم يغلق التلفاز تماما ثم يلتفت اليها غامز بعينه لها يسألها

:مفيش كورة خلاص ..ها هنعمل ايه بقى دلوقت

دفعته فى صدره تنهض سريعا عن ساقه ضاحكة وهى تهتف بمرح طفولى

:تقوم بقى زى الشاطر وتجرى ورايا انا ...مانا مش هتنازل عن كده النهاردة

صالح بذهول وغضب مصطنع

:بقى كده والله عال اووى...بتضحكى عليا يابت انتى

تخصرت واضعة يدها فى خصرها تسأله

: هى مين اللى بت يا سى صالح .. ولا انت عاوز تقلبها خناقة علشان تهرب

نهض صالح ببطء وجسده متحفز يضيق عينيه عليها   مما جعلها تشعر بالقلق بأنها تجاوزت حدودها معه لكنها تنفست براحة وهى تراه يقترب منها قائلا بنبرة مهددة بخبث مرح

: دلوقت نشوف مين اللى هيهرب من التانى ..بس عارفة لو ايدى مسكتك ...

قطع كلماته ينقض عليها فجأة مما جعلها تصرخ وهى تسرع هاربة منه تجرى فى ارجاء الشقة وهو خلفها تتعال  اصوات صراختهم واقدامهم المسرعة للحظات طوال قبل ان تقف فجأة تحاول التقاط الانفاس وهى ترفع يدها بعلامة الاستسلام قائلة بصوت لاهث

: خااالص انا مستسلمة ومش لاعبة تانى

صالح وهو يقترب منها بكامل لياقته وعينيه تلتمع بالنصر قبل ان ينحنى عليها يحملها فوق كتفه غير مبالى بمقاومتها وصرخاتها الرافضة وهى تطوح قدميها فى الهواء وقد تدلت رأسها على ظهره ليهتف بها صالح بحزم وهو يثبتها

:لا مفيناش من كده .. انا اللى كسبت من حقى بقى اخد الجايزة بتاعى

رفعت راسها تسأله بمرح

:وايه هى بقى جايزتك دى ان شاء الله

لم يجيبها بل اسرع يحملها وبخطوات سريعة اتجه ناحية غرفة النوم يفتحها ويدلف بها الى الداخل يلقى بها سريعا فوق الفراش ثم يتبعها هو الاخر وقد احاطها بذراعيه هامسا ببطء ونظراته تلتمع بالشوق والشغف قائلا

:انتى يا فرحة قلبى ...وهو فى اغلى ولا احلى منك جايزة يا حتة الشكولاتة بتاعتى

غمرتها السعادة ويستجيب قلبها للفظ التحبيب منه باقصى درجات الفرح والاثارة لتنقض عليه دون ان تهمله الفرصة لالتقاط الانفاس تقبله بكل ما بقلبها من حب وعشق له لاتترك له فرصة سوى الاستجابة لفورة مشاعرها وقلبه خلف صدره يتراقص هو الاخر شوق ولهفة لها .... يخفق بجنون عشقاً ولهاً بها دون نساء العالم

**********************

اخذت تبحث هنا وهناك بايدى مرتعشة وصوت شهقات بكائها المكتوم تقطع الصمت السائد بين الحين والاخر حتى دوى صوت الغاضب يناديها

:لقتيه يا سماح ولا لسه؟

ارتعبت ملامحها وهتضرب فوق وجنتها خوفاً قبل ان تتحرك لمكتبه بخطوات مهزوزة تقف على بابه تهز رأسها بالنفى هامسة

:لا يا استاذ عادل مش موجود ..مع انى والله كنت حطاه جوا ملف القضية

نهض عادل عن مكتبه يصرخ بها بحدة وغضب

:يعنى ايه ..ازى ورقة زى دى تختفى من المكتب وانتى موجودة  ..دى مصالح ومصاير ناس مش بنلعب هنا يا انسة

اسرعت تحاول الدفاع عن نفسها قائلة برجاء وصوت باكى

:والله يا استاذ عادل مش عارفة ده حصل ازى ..انا كنت...

قاطعها صارخا وقد احتقن وجهه من شدة الغضب

:كنتى ايه بس ..ده توكيل للقضية بتاعت بكرة .. ازى يضيع منك

انكمشت على نفسها خوفا فلاول مرة تقف فى هذا الموقف لاتجد ما تقوله دفاعا عن نفسها ولا عن اهمالها وخطأها الفادح هذا تقف امامه تبكى بصوت خافت ليزفر عادل بقوة يجلس مكانه مرة اخرى قائلا بضيق وهو يشير لها

:اتفضلى يا سماح روحى مكتبك ..وياريت تدورى تانى يمكن جه فى ملف قضية تانية بالغلط

هزت له رأسها بالايجاب قبل ان تنطلق الى مكتبها تجلس عليها بأعياء ووجهها شديد الشحوب تضغط بيديها فوق جبينها بقوة تحاول تذكر اين يمكن ان تكون قد اختفت تلك الورقة تمرر شريط يوم امس امامها تحاول وضع يدها على النقطة المفقودة حتى اتسعت عينيها بشدة ترفع رأسها ببطء وقد وجدتها وعلمت اين اختفت ..وايضا من المسئول عن هذا

همت بفتح حقيبتها لاخراج هاتفها لكنها تراجعت تنهض سريعا حين خرج عادل من مكتبه يقف امامها  وعينيه بنظراتها الاسفة تمر فوق ملامحها بأنفها الاحمر وعينيها المنتفخة يجلى صوته قبل ان يتحدث اليها بصوت عملى هادئ 

: خلاص متزعليش ..حتى لو مش هتلاقيه ليها حل متقلقيش ..بس بلاش عياط تانى ..

انفجرت فى البكاء مرة اخرى وقد هزتها محاولته طمأنتها رغم خطأها الفادح غير المغتفر غير واعية لجسد عادل المتوتر وبشدة لمرأى دموعها تلك وضعفها الشديد هذا امامه ليلعن نفسه لكون السبب فى حالتها تلك فهو يراها من انقى الشخصيات التى تعرف عليها ولم يكن من المفترض منه معاملتها بتلك الطريقة القاسية لذا وجد نفسه يقترب منها يخرج من جيبه منديلا ورقيا يمد اليها وهو يهمس بأسف واعتذار

:حقك عليا انا اسف انى اتعصبت عليكى ..بس الورقة دى مهمة وانا ...

صمت لا يجد ما يكمل به حديثه خوفا ان يزيد الطين بلة لكنها اسرعت تهمس بصوت متحشرج باكى

: لا حضرتك عندك حق فى كل اللى عملته ..الظاهر انى اللى منفعش فى الشغل هنا ..علشان كده لو ممكن تسمح ليا انى امشى من بكرة وحضرتك تشوف حد غيرى يكون اد مسىؤلية المكتب والورق اللى فيه

لا يعلم لما وجد فكرة تركها العمل معه فكرة غير مقبولة له على الاطلاق يزفر  بقوة هاتفا بها بصوت حازم

:كلام ايه الفارغ ده ..لا طبعا مفيش حد تانى هيجى مكانك ..و لسه زعلانة من اللى حصل وعلشان اتنرفزت عليكى يبقى انا اسف ليكى ياستى مرة تانية وشوفى ايه يرضيكى وانا هعمله

توترت تنظر اليه ذاهلة تهز رأسها تهم بنفى ما قاله لكنه قاطعها يشير لها بسبابته بحزم قائلا

:بس لو فعلا مش زعلانة يبقى تقعدى وتشوفى شغلك ومش عاوز كلام تانى عن انك تسيبى الشغل

هزت رأسها له بالموافقة ليبتسم لها عادل برقة لبرهة خاطفة قبل ان يعود لجديته قائلا

:طيب هاتيلى الملف بعد ما تطبعيلى الورق اللى فيه وعمليلى فنجان قهوة وتعالى

تحرك للمكتب سريعا بعدها لكنه توقف عند همست منادية له ليلتفت اليها ببط يغشى بصره كأنه نور ساطع سلط عليه حين رأى بسمتها الرقيقة تشع كضوء القمر على وجهها تنيره وهى تهمس بنعومة

:شكرا ليك ..بجد انت اكتر حد محترم وطيب انا شوفته وعرفته فى حياتى كلها

احمر وجهه خجلا تفاعلا مع كلماتها له وقد ظهر فى عينيها صدقها فى مدحه يهز رأسه لها على عجلة قبل ان يدلف الى مكتب سريعا وقد تحفز كل عصب به تتعال خفقات قلبه زهواً وتأثرا من كلماتها رغماً عنه

*******************

:بقولك ايه يا انور يا ظاظا بطل لف ودوران وقول انت عاوز ايه وجاى ليه بالظبط

تراجع انور فى مقعده يبتسم بسماجة

:ما قلتلك يا معلم شاكر ..اللى انت عاوزه هو نفس اللى انا عاوزه وان مصالحنا واحدة

توتر شاكر فى جلسته يتنفس من ارجيلته بقوة وانور يكمل بخبث

:لا ..وعاوزك تطمن سرك فى بير عمره ما هيخرج برانا احنا الاتنين ...اقصد احنا التلاتة ..مش الحلوة اختك فى الليلة برضه

رمى شاكر مبسم ارجيلته فوق مكتبه يهتف بغضب

:ملكش دعوة باختى يا انور وخلى كلامك ليا انا ..انت عاوز ايه

هتف انور بلهفة وعينيه تلتمع بقوة

:عاوز اعرف كل حاجة ..عاوز اعرف ليه لما الست اختك هى اللى طلبت الطلاق يتلفوا من تانى علشان ترجعوها تانى صالح ليها

تطلع اليه شاكر بتوتر يظهر التردد فوق محياه قبل ان يتنهد باستسلام حين رأى الثبات و التصميم فوق وجه انور يعلم ان لا مفر امامه بعد ان علم هذا الحقير بما فعله وانه المتسبب فى حادث صالح ولشراء سكوته يجب ان  يستسلم له ويخبره بكل ما يريد معرفته قائلا بعد بتفكير

:انا وصالح لينا مصالح وشغل مع بعض ..وبعد طلاقه من امانى كل حاجة وقفت ورافض اى شغل او تعامل معايا

انور وقد ادرك هوية الامر يسأله ببطء خبيث

:مصالح مع بعض ولا مصالح ليك لوحدك يا معلم شاكر

هتف به شاكر بغضب وحنق

:ايوه ياسيدى مصالح ليا لوحدى ..كنت هاخد منه كام الف كده امشى بيهم حالى بس جت عاملة امانى السودا ووقفت كل حاجة

اسرع يهتف بأنور بحدة محذرا له حين رأى بسمته الشرهة ونظرة عينيه الملتمعة كأن وقع على كنز

:لاااا دماغك متروحش لبعيد لكسرهالك ..اختى اشرف من الشرف ..كل الحكاية ان ....

انور بتملل كمن يجلس على جمر هاتفا به متلهفاً بعد ان رأى تردد شاكر فى الاكمال

:هااا يا معلم ..صدقنى سركم فى بير وزى ما قلتلك مصالحنا واحدة

زفر شاكر وهو يمسك بمسم اريجيلته يضعها فى فمه هاتفا بعدها بسرعة وحدة

:امانى اطلقت من صالح علشان ...علشان مش بيخلف..وادامه سنة بس للعلاج بعد كده هيبقى استحالة يحصل ..علشان كده اتجوز البت دى بعد طلاقه من اختى بسرعة زى ما شوفت

جلس انور بعد كلماته تلك كمن ضربته صاعقة فقد تصور جميع الاسباب التى من الممكن ان تكون سببا لهذا الطلاق الا هذا السبب ..يتراجع فى مقعده عاقدا حاجبيه متسائلا بحيرة . لكن هل كانت تعلم اميرة احلامه  بهذه الاخبار عند موافقتها على تلك الزيجة ..هل اخبارها سارقها منه باخباره تلك واسباب سرعة فى اتمام زيجتهم

هز رأسه بقوة ينفى هذه الفكرة بقوة فمن هو مثل صالح وبقوة شخصيته وعزتها والتى يعلمها الجميع تجعل من الصعب عليه الاعتراف بنقطة ضعف به وخاصا لزوجته والتى تراه كالفارس مغوار لا تشوبه شائبة وومهمته الان فى الحياة هو انورالمنبوذ منها والذائب عشقا بها محو هذه الصورة وبكل قسوة.. طريقة ممكنة

*********************

جلست تفرك فى جلستها تتطلع الى السقف بحدة وكلما تصاعدت منه اصوات مكتومة لاقدام تهرول بسرعة للحظات كادت تموت فيها مختنقة بغيرتها وغيظها اكثر من مرة تجاهلها حسن خلالها بتابع المباراة  حتى صمتت الاصوات فجأة لتتسع عينيها بأدراك تنهض من مقعدها صارخة بغيظ

: لااا كده كتير ..البت خلاص لحست دماغ اخوك وبقى زى العيل الصغير معها

حسن وعينيه مازالت على التلفاز قائلا بصوت غير مبالى وهو يزيد يزيد من لهيب غيرتها

: عروسته وفرحان بيها ..خلينا فى حالنا احنا

جلست بجواره تدفع فى كتفه بيدها قائلة بحنق

: فى حالنا اكتر من كده ؟ مانت قاعد اهو عينيك هتطلع على التلفزيون عاوز ايه تانى

لم يجيبها وقد علم ان اطال معها فى الحديث لن يمر الامر وهو يريد متابعة المباراة الان لا يشغل عقله سوى فريقه فقط لذا تجاهلها وهى يراها تجلس مكانها تتطلع الى السقف بعيون واذان منتبهة  يمر بهم الوقت على هذا الحال حتى عاودت الجلوس متحفزة مرة اخرى عند عودة حركة الاقدام مرة اخرى فوقهم لتعتدل سائلة حسن بفضول

:ياترى بيعملوا ايه دلوقت ..معقولة بيجرى وراها تانى

ضحك حسن هاتفا بمرح قائلا

:لو صالح اخويا اللى اعرفه ..يبقى لا مش ده اللى بيعمله

التفتت اليه سمر تسأله بلهفة

:اومال هيكون بيعمل ايه يا بو العريف

التفت اليها حسن هو الاخر يهز حاجبيه بخبث مرح قائلا ببطء كانه يتعمد استفزازها

:بيرقصوا .....صدقينى انا عارف بقولك ايه

اتسعت عينيها بصدمة تتطلع اليه لعلها ترى مزاحه على ماقال لكنها وجدته عاود الاهتمام بمباراته مرة اخرى كأنه لم يقل شيئ  قبل ان تنهض سريعا من مقعدها تجرى بأتجاه غرفة النوم والتى لها نافذة داخلية مثلها مثل باقى شقق المنزل ترهف السمع خارجها لبرهة حتى تجمدت مكانها تشتعل نيران الحقد والغيرة بها مرة اخرى ان لم يكن اكثر حين صدق حدس حسن وقد وصل لها صوت الاغانى الاتية من فوقها ..... 

حين كان صالح فى هذا الوقت  يقف  خلف فرح يضع يديه حول خصرها  يتمايل معها ببطء بينما صدحت كلمات الاغنية والتى اختارها لها بعناية بعد محاولاته المستميتة لاقناعها اخيرا لتنفيذ طلبه فأخذت تتمايل بجسدها بنعومة تميل عليه بحركات راقصة خجلة وهو يهمس لها مرددا كلمات الاغنية بشغف لاهب فى اذنيها حتى وصلت الى هذا المقطع يرفعها بين ذراعيه يتمايل بها راقصا فيتعالى صخب ضحكاتها السعيدة وهو يردد وعينيه تلتمع شغفاً بها قائلا

:احلى من الحلوين مفيش منك اتنين

خلى قلبك يلين وهنبقى عال العال

من الدنيا انا هاخدك ..اه من جمال خدك

هو انت مين قدك يا ماركة فى الجمال....

وقبل انتهاء الاغنية وكانوا قد انتهوا هما ايضا فوق الفراش مرة اخرى تتعالى انفاسهم بصخب بعد اشتعل جو الغرفة بينهم يمر بهم الوقت داخل جنتهم الخاصة قبل ان يعودا منها مرهقين مخطوفى الانفاس و فرح تضع رأسها فوق صدره لهاث الانفاس  ولبرهبة قبل ان  ترفع عينيها اليه وهى تمرر كفها فوق شفتيه برقة قائلة

:  صالح ...عارف انا نفسى فى ايه؟

عقد حاجبيه يسألها بنظراته عن طلبها يقسم بداخله ان يلبته لها فى الحال لكنه تجمد تسرى البرودة فى اوردته تجمد الدماء بها  وهى تكمل بحب ووجه يشع بالامل والسعادة

:  ان ربنا يرزقنى بابن يكون زيك كده .. حلم حياتى فى صالح صغير شبهك فى كل حاجة ..لو بنت برضه عوزاها شبهك انت ..انت وبس  

حين اخبرته بأمنتيتها تلك كانت تتوقع اى رد فعل الا ماحدث منه حين شعرت بجسده يتجمد اسفل لمساتها وعينيه تقسو بنظراتها فوقها وهو يقبض فوق ذراعها يبعدها عنه بحدة ثم ينهض عن الفراش يرتدى ملابسه بعجلة تحت انظارها المصدومة من ردة فعله تلك لكن لم تكن هذا كل مالديه من ردود الافعال وهو يلتفت اليها قائلا بصوت حاد بارد برودة الجليد وكلمات كانت كحاد السكين فى قلبها

:انسى موضوع الخلفة ده خالص ..ومش عاوز اى كلام منك فيه مرة تانية ...واضح كلامى

ثم تركها مغادرا الغرفة فورا يغلق بابها خلف بعنف ارتج له اركان الشقة بينما هى جلست هى مكانها لا تفعل شيئ سوى التحديق الباب المغلق خلفه بعيون لاترى شيئ وجسد بارد شاحب شحوب الموتى 

                          الفصل الخامس عشر من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-