CMP: AIE: رواية جحر الشيطان الفصل السادس عشر16بقلم ندي ممدوح
أخر الاخبار

رواية جحر الشيطان الفصل السادس عشر16بقلم ندي ممدوح


رواية جحر الشيطان
 الفصل السادس عشر16
بقلم ندي ممدوح


كل شيءٌ بدا غريبًا، مخيفًا، رغم ذلك مدهشًا  ..  نعم قد لا تدرك كم قضت من الوقت وهي حببسة في حجرةٍ تشبهُ




 الخيال، إذ الوانها الباهية وفراشها الكبير الغريب الجميل أيضًا، الآرائك والمقاعد كل ما حولها 




ذا جمال باهر، كم مر؟  
أأيام أم ساعات، وما حل بالشاب الذي كان معها لا تدرك، كل ما تتذكره وهي تسير في هيبة وسط حشدٌ من الرجال يفسحون لها الطريق في وقار بينما تسيرُ مبهورة مشدوهةٌ في السماء الصافية وشمسها الذهبية التي




 بدت اكثر روعة على صفحة النهر الجاري  وشلاله الخاطف للألباب، وتنتشر الأشجار والزرع والورود والزهور بألوان شتى خلبت قلبها من اول نظرة حتى أنها لم تحيد بناظريها عنهما، حتى لجت إلى قصرٌ عتيق مهيب شامخ يجذب النظر إليه، ألوانه الذهبية ذات الاطلاله الرائعة أثارت دهشتها، وعلى أسكفته ارفقها رجلٌ واحدٌ فقط وبقى الباقون بالخارج ولجت إلى




 قاعة يحفها الرجال الذين بدوا لها أنهم حراس وجنود كانوا يحييوا الرجل في وداعة أشار لها بكفه لتقف وتجاوزها واقفًا قبالتها مباسرةً،  وغمغم في لهجة حادة لم تخلو من الاحترام  : 
- سيأتي الأمير براء، لا تراوغي معه فهو برغم احترامه الشديد للنساء لا يرحم احد إذ تعلق الأمر بالأميرة كوني مطيعة واخبريه بما تعرفيه ودون أسهاب واحذري الكذب يا فتاة. 

تدلى فكها في بُهت وسكتت هنيهة محدقةً فيه في صدمة قبل أن تسأله  : 
- أقسم لك بأني لا افقه حرفًا مما تتفوه به.. ماذا تقول  ؟ وماذا تريد؟ 

تقدم إليها في خطوة حادة وهو يزُم قائلًا وكفه يضغط على سيفه في غضبٍ جم  : 
- حسبك، ها آنذا بدأتِ تراوغين لا تفلتِ أعصابي وتضطريني لقتلك.... 

لم يتمم عبارته أن هتف هاتفًا من خلفه  : 
- يا صُهيب حسبك يا رجل، هل هكذا نعامل ضيوفنا  ؟ 

إذدرد صُهيب لعابه وهو يلتفت منحنيًا في وقار ويده موضع قلبه، وقال  : 
- عذرًا مولاي لكنك تعرف لا احب المراوغة هي بدأت تفقدني اعصابي. 

لم تشعر حين أشار للجميع للأنصارف بإشارةً من يده إذ كانت منشغلة في التفحص في تعجب لكل ما تقع عيناها عليه، أقبل الأمير نحوها ويمناه خلف ظهره يسير في تؤدة و وداعة حتى وقف امامها فرفعت عيناها إليه فتقابلت النظارات وبقت لثوانٍ، حتى قطع السكون صوته المهذب مرحبًا ببسمة لطيفة  : 
- مرحبًا بكِ يا جميلة في قصر الأمير براء. 

اتسعت عينيها وهي تصيح في دهشة وتصفق في حماسة  : 
- البراء ابن مالك الأنصاري  ؟ 

قطب حاجبيه متسائلًا في تعجب  : 
- من هذا؟ 

ثُم اردف في نبره حادة وهو يدور حولها  : 
- يبدوا أنك ستراوغين حقًا،  إذن فـ انتِ لا تعلمي من أكون وما افعله في امثالك. 

وقف حين وصل قبالتها وصاح بصوت اكثر حدة ومرتفعه  : 
- أين الأميرة ميليا يا فتاة، أين أختي  ؟ 

تقهقرت للخلف مزعورة، عيناه المتسعة بدت مخيفة للغاية،  وجهه المحتقن بحمرة الغضب بدا كأنه سينفجر، حين صرخ مرةٌ أخرى، هزت منكبيها مجيبة في خوف وتوتر: 
- من ميليا  ؟ ومن هي أختك  ؟ 

نظرت حولها فلم تجد غيرها معه فـ إذداد الخوف في قلبها وتسلل إلى سويداءه،  في حركة واحدة وجدت نفسها يجذبها من معصمها القابض عليه في قسوة يقربها إليه وهو يجز على أسنانه قائلًا في صوتٍ كالفحيح  : 
- الأمير وابنها أين يا فتاة؟، لا أحد يعلم باختفاءها ابدًا فلماذا نطقتي بأسمها حين رأيتي صُهيب  ؟ 







أسبلت جفنيها تواري عبراتها التي أشرفت في مقلتيها، و ودت ان تنأى عنه وتستتر في جان الذي لم تعلم اين أخذوه آنفًا، قالت في نبرة على وشك البكاء وهي تنظر إلى عيناه في رجاء، وذراعها يجاهد أن ينفلت من قبضته  : 
- أبتعد يا هذا انا لا أعلم من أختك قراءة اسمها صدفةً منقوشة على سترةً ذاك صهيب. 

- حقًا  ؟!  
صاح بها الأمير في تهكم غير مصدقًا وهو يحرر ذراعها ويبتعد خطوتين وبقى يتابعها ويمعن النظر إليها في سكون هز قلبها رعبًا ثُم قال في لهجة تقطر دهشًا وهو يشملها بنظراته  : 
- لماذا تبدين غريبة، ملابسك وهيئتك، من اي الممالك أنتِ  ؟ 

فغرت فاه مشدوهة وهي تردد في بُهت  : 
- ممالك  ؟!   ممالك إيه دي وتبع ايه  ؟ 

ضيق عيناه متسائلًا في تعجب  : 
- ماذا  ؟ 

حكت ( دارين) فروة رأسها وهي ترفع شدقيها في تهكم من نفسها، وعصرت جفنيها مجيبة في جفاء  : 
- انا لا ادري من أختك او أين هي، وأنا لستُ من هنا، لا اعرفك ولا اعرف أين أنا ولا هذا المكان... 
كل ما في الأمر ان الطائرة سقطت بنا وبفضل الله نجونا وامسينا هنا. 

لاح لها شبه إبتسامة متهكمة ظهرت على زاوية فمه قبل ان تنقلب ملامحه ويصيح في حدة وهو يحل عقدة ذراعاه من خلف ظهره ويصفق بهما  : 
- أيها الحراس. 

فور ندآه حضر حارسان مذودان بسلاحين في غمدهما، و وقفا ناكسيّ الرأس في إنتظار امره الذي لم يطل، وقال وهو يحدج دارين في غضب جم: 
- خذوا هذه وزجوا بها في السجن، أما ان تبوح بما في مكنونها واما ان تموت جوعًا. 

اتسعت مقلتيّ ( دارين) في صدمة وراحت تصرخ أن يفلتوها وتستنجد بـ ( جان)   لكن لم يذد صُراخها إلا جرًا لها عنوة حتى زجوا بها في غرفة.... 

تنبهت ( دارين)  من ذكرياتها على صوت انفراج الباب و وقوف الأمير  ( براء)  امامها كحاله جميل جذاب أنيق في ملابسه الغريبة واضعًا كفاه خلف ظهره يرمقها في تمعن ونظره شامله، دنا من الفراش لتعتدل واقفة أمامه و ران عليهما السكون للحظات قبل أن يسئلها بصوته الرزين الهادئ  : 
- للآن أعاملك جيدًا وليس ليّ حاجة في أذيتك صدقًا، وقد تراجعت عن اصدار امري في سجنك و أودعتك هنا، ولكنك لا تتفوهٍ بحرفٍ وهذا كثير وأنتِ ليست أفضل لدي من اختي التي هي حياتها في خطر، ربما أستطع انقاذها هي وطفلها فـ انا وزوجها نبحث عنها دون جدوى، وإزاء حياة أختي قد أخل بكل المبادئ والقيم. 

صوته الرخيم اشتد قساوة وهي يضيف من بين أسنانه  : 
- لن امهلك فرص اخرى، اما ان تجاوبين او سيكون مأواكِ السجن ودون طعام حقًا كما امرت.. 
هاتي ما عندك افضل لكِ، الأميرة  ( ميليا)  اميرة مملكة ميليا أين هي  ؟ 







كادت ان تموت خوفًا وبدأت ترتعش أمامه، دموعها التي هوت إلى وجنتيها لم تهز فيه شعره وهو يقف في شموخ امامها ولكن صوتها الباكِ الحزين هز قلبه الصلد الذي لم يعرف الحب يومًا  ..  بل ربما انتفض متزلزلًا وهي تشهق في بكاء صامت مرددة في قهر  : 
- بالله لا ادري من هي واين هي كل ما حصل كان في محض الصدفة لا اكثر، اين جان أريده أريد ان ارحل من هنا. 

سكتت هنيهة تخفي وجهها بين كفيها تعتصر صورة أمها التي ممكن ان تكون في اعداد الموتى الآن او في مشفى الحالات النفسية، لن تسامح نفسها ان كانت السبب ابدًا، راحت تهزي في نبرة أقشعر لها بدنه الضخم  : 
- أمي يمكن ان اخسرها ان لم اعود لها اتركني ارحل ارجوك. 

نظرتها المغشية بالدمع رقت قلبه ولم ترق ملامحه وارخت جسده  .. وربما ظنت أنه سيتركها لكنه حطم آمالها حين تشنجت ملامحه وشد قامته في شموخ رافعًا رأسه مجيبًا في نبرة حادة كالسيف  : 
- وانا ممكن أن اخسر اختي وأبنها وهذا ما لا اسمح به لذلك ستبقين في السجن.... 

💐 اللهم إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 💐

الحياة بدت كقبر حالك السواد، أو كـ كلاليب من المصائب والهموم تلتف حولها فتكتفها بشدة فلا تستطع الحراك، الحياة لم ترأف بها في كل فرصة تسنح لها تقتص منها كل ما تريده دون ذرة رحمة، بين أربع من الجدران باتت حبيسه بينهم، تنام وتصحو في مكانها بل تقسم ان النوم قد فارقها كما الحياة، الأرق فقط كان انيسها وصوت جان، أسندت رأسها في وهن من قلة الذاد إلى الجدار وهمهمت لتطمئن قلبها الخائف  : 
- حقًا أن إسمك ليس جان، أم انك فقط تمازحني! 
تبسم آجار من الطرف الآخر وهو يزفر في ملل مجيبًا  : 
- قولي أنك تموتين خوفًا وترديني ان أتكلم حتى تطمئني! 
نفخت ( دارين) وهي تعتدل قليلًا للأمام مسنده بكفيها على حافة الأريكة الصغيرة التي تأويها  : 
- حسنًا هذا حقيقة ولكني لا أصدقك هل حقًا ليس إسمك جان. 
- أخبرتك مرارًا وتكرارًا إسمي آجار، لا ادري من جان هذا؟ 
- أشعرُ كأني في دربٍ من الخيال!  هذا غير ممكن ان يكون هذا الشبه بينكما، هل لديك اخ مغني؟ 
أرتفع جانب فم ( آجار) ببسمة ساخرة وأجاب في تهكم وهو يعقد ذرعاه: 
- وهل تظني أن رجل عائلته من المافيا أن يكون لديه أخ مغني  ؟! 
همست ( دارين) في تعجب  : 
- إذن لك عندي أن اريك المغني جان انا من اكثر معجبيه انه يشبهك كثيرًا جدًا. 





طرقت في رأسها فكرة فقالت في حماسة  : 
- أم أنك تود اخفاء هويتك عني؟ 
قهق ( آجار) مجيبًا في قلة حيلة  : 
- يا إلهي، ما نقوله نعيده، اقسم لكِ باني لست مغني. 
بعدم تصديق لوت ( دارين) شدقيها متمتمة  : 
- طيب! 
تحسس ( آجار) ندوب وجهه الغائرة، والقى نظرة إلى كدماته الزرقاء وتميز غيظًا لثوانٍ وهو يتذكر، ضرب الجنود المبرح له حين أنفعل وصاح على صوت صراخ ( دارين) حتى فقد الوعي. 
أتاه صوت ( دارين) تقول  : 
- جان يا هذا انا جائعة  .  ... 
بترت عبارتها انفعاله مرددًا  : 
- اخبرتك ان إسمي آجار، آ، ج، ا، ر، أحفظيه عن ظهر قلب هيا. 
- حسنًا، ألست جائعًا يا آجار. 
شدت على حروف إسمه في تعمد، وتابعت في صدق وهي تتضرر جوعًا  : 
- اكاد اموت من الجوع ولو بقيت لساعات اخرى دون طعام أظن اني سأفارق الحياة. 
طعنته جملتها في قلبه لكنه هام فجأة سارحًا وقال وبسمة حزينه تبزع فوق شفتيه  : 
- اجوع  ؟  أنتِ لا تعلمين ما عانيت يا دارين، الجوع ليس بالأمر المهم بالنسبة ليّ. 
كلماته المبهمة لم تستغيثها، فقالت  : 
- أوه انا جائعة. 
ثم قالت في تزمر وهي تنظر إلى بطنها  : 
- واخرتها هتموتي جعانة يا فقرية، انا قولت وشي نحس 
💐 اللهم إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 💐

قبل ان يتقدما الرجال ضحك هو معطيًا أشارة بنزول ستارة عن مرآى المسرح وبالفعل تجلت فور أشارته فجذبها من معصمها قسرًا وركض بها للخلف ومنه لزاوية جانبية، ترك معصمها وهو يلهث واضعًا يمناه في جذعه والآخر يلوح به وهو يغمغم ناظرًا لها في ضيق  : 
-ماذا فعلتِ يا وجه المصائب  ؟  لماذا هؤلاء يركضون خلفك!؟ اي مصيبة تلك! 
انفرجَ شفتيها لتهينه لكن قاطع صوتها مجموعة من الشباب والفيتيات يقبلن إليه،  وقال احداهما  : 





- ما الذي حصل يا جان لم يكن هذا في العرض، من هذه؟ 
قالها وهو يؤشر بـ إزدراء إلى ( لمياء) التي تشجنت ملامحها وصاحت فيه منفعلة وهي تتخطى جان  : 
- ماذا تقصد بإشاراتك هذه يا هذا، هل تدري مع من تتحدث؟! 
حركت فتاة كتفيها في دهش مرددة  : 
- من هذه يا جان، من اين لك معرفتها  ؟ 
لم تسنح لاحد الفرصة بالرد، فما حصل جعلهما مصدومين إذ امسكت ( لمياء  ) بكف  ( جان) وركضت وهي تهتف  : 
- اسكتِ يا وجه الفقر أنتِ، وانتَ هي ستوصلني يا رجل. 
كان يجب عليها فعل ذلك بوجود شخص وإن كانت شخصيته سخيفة، ولكنه يبدو شخص جيد يمكن أن تأمن له، جذب ذراعه فجأة في عنف وقد تبدلت نبرة صوته الهادئة المازحة إلى جدية غاضبه وهو يهتف فيها  : 
- ماذا تفعلين يا مجنونة، أين تأخذيني!  من انتِ لتجذبيني هكذا وتركضين ومن اعطاكِ الحق في ذلك؟! 
وقفت كالبلهاء تمامًا لثوانٍ وكلماته قد أستشعرتها بفضاحة ما فعلت، فكيف لها ان تفعل ذلك  ؟ 
لكن طرأ خاطر في خاطرها فرفعت حاجبها تسأله في وجوم متحزلق  :
- وإنتَ لماذا ارتضيت الجري معي كل هذا؟ 
" تبدو ذكية " هكذا ردد بينه وبين نفسه، فتنحنح حاكًا مؤخرة رأسه في حيرة من هذا المازق فتبسم قائلًا في بساطة بعد هنيهة من الصمت  : 
- أنتِ سحبتيني دون ان تاخذي رأيي ولم استطع الرفض فقد كنتِ خائفة! أليس كذلك  ؟ 
عقدة ( لمياء) ذراعيها، ورمقته في مقت وهي تدمدم: 
- بالفعل معك حق والآن انت حر انطلق إلى حفلتك ومعجبينك وجمهورك، فأنا لا اريدك ان تساعدني ان أصل لأخي! 
ولم تنتظر إجابته كانت تتميز غيظًا، بقى جان مكانه ماطًا شفتيه قبل ان يناديها قائلًا  : 
- يا هذه انتظري. 
وقفت دون أن تلتفت، فما ان ادركها بسط كفه مشيرًا لها على السير مغمغمًا  : 
- اين اخيكِ  ؟ 
هزت كتفيها بدليل عدم معرفتها فسار بجوارها وسئل  : 
- إذًا اين ستجديه؟ 
اجابة تلقائيًا: 
- هو من سبجدني. 
- ما إسمك؟ 
- لمياء،  وأنت؟ 
- جان. 




إلتفتت له وهي تهز رأسها في حسرة، وهمست في نبرة حزينة  : 
- مغني.. 
قاطعها بإماءة من رأسه، وقال  : 
- ولِمَ تقوليها هكذا  !  هي موهبة. 
- موهبة لا ترضي الله. 
إذدرد لعابه وسار معها شاردًا مليًا قبل أن يقطع السكون السائد بينهما مرددًا  : 
- لماذا كان هؤلاء الرجال يلاحقونك؟ 
سكتت ( لمياء)  لبرهة قبل أن تقول مدارية: 
- ولا حاجة متشغلش بالك أنت، انا هعلمهم إزاي يقفوا في طريق بنت الشرقاوي. 
اكفهرت ملامحه وقطب حاجباه وهو يحدجها في عدم فهم فأبتسمت في بلاهة وقالت ما جال في خاطرها  : 
-معك هاتف! 
أؤمأ ولم ينبس واستل جواله مناوله لها، فاخذته و سكنت في مكانها تضرب أرقام اخيها معاذ، قبل ان تستمع لرنين الهاتف الذي لم يطيل وسسرعان ما جاءها صوته متلهفًا  : 
- السلام عليكم، مين  ؟  لمياء؟ 
ارتسمت البسمة على وجهها فـ اشرقة في روحه الأمل وراح يتأملها وهي تتحدث بتلقائية تخبر اخيها في مكانهما. 
كان معاذ برفقة مالك الذي علم منه باختفاء لمياء حين كان يحادثه حقيبتها الملقية ارضًا كانت قد بثت الرعب في اوصالهم، وصل إليها في غمضة عين بسيارة مالك، ليترجل معاذ وتركض هي مختفيه في حضنه وتنفجر باكية واخذ يربت هو على ظهرها ويتفحصها بعينيه ليطمئن قلبه انها بخير.. اقترب مالك منهم وراح يسئل عمَّ جرى، لكن لم يتلق إلا البكاء. 
تبسم جان في حزن، مرآه لصورة الاخوة أثارت في قلبه اشياء كثيرة مفتقدها حد الموت، هوت دمعه قسرًا من مقلتيه تأثرًا من كان يظن أن هذه الفتاة التي كانت تخانقه مذ قليل دون ذرة خوف ما ان وجدت أمانها حتى انفجرت منهارة، تاركه نفسها تأمن في حضنها الأمن، وسندها الذي لا يميل، كم جميل رؤيتهم هكذا. 
قاطع شروده قول مالك له  : 
- شكرًا يا  ......؟ 
أتاه صوت لمياء فورًا وهي تكفكف دموعها بظهر كفيها كطفلة صغيرة  : 
- كلمة بالانجليزي ميعرفش لغتنا ده. 
قهق مالك مغمغمًا وهو يضرب كفًا في كف  : 
- أنتِ في إي ولا اي مخليكِ في اللي أنتِ فيه مش مكفياكِ البلد جيبلنا من بلاد برا! 
- مالك  ؟ 
عنفه معاذ بنظرة صارمة وهو يترك كتف لمياء مقتربًا من جان يصفحه وهو يشكره في امتنان، بينما خلع مالك سترته واهدها للمياء التي جذبتها منه في قرف وارتدتها لينظر لها في إشمئزاز قائلًا: 
- وإذا مقروفة منها بتخديها ليه، باردة  .. وبعدين إيه اللي حصل معاكِ  ؟ 



أشتعلت ذكريات ما عاشته آنفًا فاغروقت الدموع عينيها، فطل القلق من مقلتيّ مالك وهو يسئلها في سورةً من الغضب: 
- حد اتعرضلك  ؟ أنطقتي! 
ضربة كف تلقاها من معاذ الذي همس له في غضب  : 
- اكتم بوقك لحد ما نروح ونعرف إحنا في الشارع، وسيب البنت انت مش شايف خايفة إزاي. 
جز مالك على اسنانه مكورًا قبضته، بينما رمق معاذ لمياء في نظره فهمتها لتنكس رأسها فضم كتفها وغادرا مخلفين خلفهم جان الذي ينظر في اثرهم، بنظرة مفعمة بالوداع للمياء....... 

💐 اللهم إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 💐

تناهى له صوت ( دارين)  الذي هز كيانه وهي تأن فنهض من غفوته واثبًا مسندًا بكفيه إلى الجدار الفاصل بينهما  ، وقال  : 
- داريـــــــــن أنتِ بخير ما بكِ. 
لم يصل إليه  رد فجن جنونة وفي سورة من الغضب ودون تفكير راح بكتفه يضرب الجدار، لا هم له إلا الأطمئنان عليها، ان يرآها بخير وكفى، وأن كان فيه موته، ليموت في سبيل أن تكون بخير  ..  نعم تلك العابرة يشعر بالمسؤلية تجاهها وهو لم يعتاد خذلان أحد وخاصةً ان اوصاه عليها أخيه. 
تهدل كتفه وأرتكن على الجدار مع صوت سقطه قوية نبأته أنها لها لـ (دارين) التي لم يدخل الذاد في جوفها مذ ايام، هرول نحو الباب الحديدي ذو القضبان السوداء وصرخ بصوته كله وهو يشد فيه، لكن لم يكن اقوى من الباب ولكن صوته احدث جلبه، جاء على اثرها أحدى الجنود وما كاد ان يعنفه، حتى بادره آجار إذ مد كفيه من 



الفتحات جاذبًا أياه من ملابسه وثبته في الباب وقبض على عنقه مردفًا بنبرة كالفحيح المميت  : 
- انظر يا هذا أن اردت ان لا تموت الآن ستنقذ الفتاة، حسنًا! 
مع كل كلمة يلفظ بها كان يعتصر عنقه غير عابئ بأن يموت في يده، وقد كاد أن يموت حقًا إذ اتسعت عيناه وتهدجت أنفاسه وعلا وجيب صدره لولا ان تركه آجار اخيرًا وهو يلهث يحدجه في غضب ويؤشر له بأن يرحل، فسعل الجندي وفي طريقه القى نظره مختلسه على دارين الفاقدة للوعي فأكمل طريقه متعجلًا، لكن ما رآه كان عجيبًا أذ كان الأمير لأول مرة يركض لخارج القصر وخلفه زوجته فلحق به دون تفكير. 

لقد راى الأمير  ( براء) وصيفة أخته او بالأحرى رفيقتها مقبلة إلى قصره تسقط تارة وتسير متعثره تارة غارقه في الدماء تلهث فاتسعت عيناه وهو يهرول خارجًا من الشرفة بل إلى خارج القصر بأكمله صارخًا في صهيب ان يسرع إليها وقبل ان يهبط درجات الدرج ذهبية اللون كانت الفتاة تسقط ولكن استقبلتها ذرعاه وحال بينها وبين الوقوع الذي لو تم لفقدة وعيها في الحال، لم ينبس إذ راحت هي تلتقط أنفاسها المتعالية في صعوبة بينه للجميع الذين رمقوها في دهش، وقالت بصوت يهدهده الأغماء وعيناها مثبته في عيني الأمير: 
- ألحق الأميرة يا أمير انها... انها في خطر قد لا تصل إليها. 
قاطعها قائلًا وعيناه من صدمته تكاد ان تخرج من محجريهما  : 
- إين هي، أين الأميرة أجيبي؟ 
شهقت شهقة عميقة رفعت صدرها وارخت رأسها وهي تردد في تعجل وهي تشعر بدنو اجلها، فكان لا بد قبل اي شيء ان تبوء بوصية اميرتها التي كانت بمثابة أخت  : 
- توصيك الأميرة أن ترجع حق أبنها الامير الصغير تم ذبحه. 





صمتت مليًا وهو من فرط صدمته لم ينبس بحرف، يظنها تهذي، هل حقًا مات ابن اخته  ؟  الذي كان ابنه  ؟  انه اول فرحته الصادقة، نظر إليها مداريًا دموعه حين همهمت في همس بطيء وحروف متقطعه وصلت لمسامعه  : 
- ميليا تخبرك أنها لن تسامحك أن لم توقف ما يجري وتأتي بحق من قُتلوا. 
في هذه المرة حل الخوف في عينيها وشُخِصَ بصرها من الرعب وهي  تنظر فيمَ وراءه قبل ان تهم برفع سبابتها التي سقطت فورًا وسقط رأسها فوق حجره. 
أصابه الهلع وهو يهزها لتجيب عن اسئلته، ثم نظر في جنوده صارخًا فيهم في أحضار طبيب، وحملها سريعًا مهرولًا بها لغرفة اخته..... 

💐 اللهم إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 💐

عمدت ( لمياء) على إخفاء الأمر لفترة عن معاذ حتى لا يفعل ما لا يحمد عقباه، وها هي تتوسط الدائرة المتمركزة حول ( خديجة) التي تستعد ان تُلقي درسها، العيون تناظرها في تلهف، والقلوب مشتاقة لكلماتها وحديثها وصوتها، الآذان صاغية تهفو إليها بكل حب، تحمحمت بعد ردحٌ من الزمن كانت تستعيد ثباتها وتقلب ما ستلقيه إليهن، جالت ببصرها في الوجوه وأردفت ببسمتها المضيئة فوق شفتيها  : 
- سيكون حديثنا اليوم  .. غير اي حديث آخر، حديث سيحلق بنا إلى عالمٌ آخر، عالم سيعلمنا أن هذا العالم ما نحنُ فيه إنما هو زائل، حديث سيفيقنا من غفوتنا وغفلتنا لنصحو ونعلم أن ما نبنيه ونجمعه ونسكنه زائل، أننا يومًا ما سنرحل غير تاركيّ خلفنا إي شيء  ..  ربما قلب احبنا بصدق يدعوا لنا بين الحين والآخر، بالاخير لن يبقى لنا إلا الذكرة الحسنة هذه هي الحياة، فيا ابن آدم.. 
يا من تظن أنك لن تموت غارقًا ومنغمسًا في ملاذات الحياة تجمع الأموال وتبني البيوت وتنجب الأطفال، تحل لنفسك كل محرم.. 
ناسي أن كل نفسٌ زائقة الموت حتى الانبياء قد ماتوا، فما بالك يا ابن آدم لا تتعظ. 
نسمع الأذان فلا نلتفت وربما نكسل أن نقوم إليه،  رغم علمنا ان الصلاة اول ما نحاسب عليها. 
وربما إذ أدناها تعجلنا  .. لا نخشع ولا نطمئن ولا نتذوق طعمها وحلاوة القرب من الله. 
أيتها النساء انظرن إلى عمر بن الخطاب_رضي الله عنه وارضاه _ الفاروق العادل الذي بشره الرسول بالجنة يبكي خوفًا من خشية الله، يبكي أن يُسئل عن رعيته وهو المبشر بالجنة العادل، فهل بُشرتهم في الجنة لتتمسكوا هكذا في الحياة الدنيا؟ 
أتعلمون كيف تخرج الروح من الجسد؟  
والله لو علمتم لِمٕ فُتنتم في هذه الدنيا. 





كُلاٌ منا سيذوق الموت، وربما يكون خفيفًا او شديدًا فهذا على حسب أعمالنا وحسناتنا، قال الرسول_صلى الله عليه وسلم _ إن للموت سكرات. 
وقد قال مبيننًا لنا سهولة خروجها من روح المؤمن ومن الكفار فقال  : 
- إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان ابن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ; فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان له وما علمك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي ; وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود  من الصوف المبلول فتقطع منها العروق والعصب فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث فيقولون فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ { لاتُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ.. فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده ; ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدري 





فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة.رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.
سكتت خديجة تلتقط انفاسها لهنيهة وقد أدمعت عينيها وهي تجيل في عيون من حولها التي تتطلع إليها في تأثر منهن من بكى ومنهن من أدمع، وتابعت  : 
- المحتضر يرى ملك الموت فأن كان من أهل الجنة يراه في صورة حسنة ويرى ملائكة الرحمة بيض الوجوه.. معهم اكفان من الجنة يجلسون منه مد البصر ، ثم يأتي ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول :
     يا فلان أبشر برضى الله عليك ، فيرى منزلته في الجنة ، ثم يقول ملك الموت: يأيتها النفس الطيبة : اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان .
وأما إن كان من أهل الشقاوة فإنه يرى ملك الموت في صورة أخرى ، ويرى ملائكة العذاب سود الوجوه ، معهم أكفان من النار ، وحنوط من النار ، ثم يأتي ملك الموت ويجلس عند رأسه ، ويبشره بسخط الله عليه ، ويرى منزلته من النار ، ويقول ملك الموت : اخرجي أيتها النفس الخبيثة ، أبشري بسخط من الله وغضب. 

تهدجت انفاس خديجة لوهلة وأضافت  : 
- و من علامات حضور الموت.. 
شخوص البصر فـ عن أم سلمة رضي الله عنها :
( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شَخَص بصره وأغمضه ثم قال : [ إن الروح إذا قبض تبعه البصر.. ] الحديث [ رواه مسلم وأحمد ].
و برودة الجسد والله واعلم. 
أما من علامات حسن الخاتمة..... 

فـعن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من كان آخر كلامه من الدنيا لا إلا الله دخل الجنة ] [ رواه أبو داود والحاكم ]        
و عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ موت المؤمن بعرق الجبين ] [ أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وغيرهم].
و عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ما من مسلم يموت يوم الجمعة ، أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ] [ رواه الترمذي] 
اللهم نجنا من فتنة القبر و وحشته وظلمته وعذابه. 
ومن علامات حسن الخاتمة أن يموت على طاعة من طاعات الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما لو مات في







 صلاة أو في صيام أو في حج أو في عمرة أو في جهاد في سبيل الله أو في دعوة إلى الله . ومن يرد الله به خيراً يوفقه إلى عمل صالح فيقبضه عليه .
وعن أنس رضي الله عنه قال : مرّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرا ً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ وجبت ] ثم مرّوا بأخرى فأثنوا عليها شراً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ وجبت ] فقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت ؟ فقال : [ هذا أثنيتم عليه خيراً، فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه ]
أسرعوا بالتوبة إلى الله فما تعلم نفسٌ متى الأجل أتدرون ما السفود  ..  السفود هو عود من الحديد يشوى فيه اللحم. 
فتخيلوا معي ان روحك تخرج كالسفود من جسدك فتقطع اعصابك هل تتحمل يا ابن آدم  ؟ 
جاء في كتاب التذكرة بأحوال الموتى وامور الحياة، عبارة حُفرة في قلبي لا تبرحه إذ يقول الشيخ رضي الله عنه 
أيها الناس قد آن للنائم أن يستيقظ من نومه، وحان للغافل أن ينتبه من غفلته قبل هجوم الموت بمرارة كؤوسه، وقبل سكون حركاته، وخمود أنفاسه، ورحلته إلى قبره، ومقامه بين أرماسه...  

أيها الناس والله ان زماننا قد أُغمر بالفتن وانغمسنا فيها انغمسًا ونسينا الآخرة وما فيها ونسينا ان الموت آتٍ لا محالة فـ أعمل لأخرتك وجنتك وليس لحياتك فما هي إلا دنيا زائلة وأننا بها عابري سبيل سنرحل فهذا ليس بيتنا ولا مسكنا ونرجوا الله ان يرزقنا حسن الخاتمة ولا يأخذنا ونحن مفتنون عاصون.. 
تنهدت تنهيدة عميقة وهي تغلق أجفانها، وقالت باسمة  : 
- اتمنى ان يكون درسنا اليوم قد ترك بكن اثرًا ما، وغير فيكن شيئٌ ما ودرسنا المقبل سيكون عن مراحل القبر إن شاء الله تعالى.. فأستعدوا له إيما أستعداد 

بعد بعضٌ من الوقت مر في اسئلة البنات التي أجابة عنها خديجة برحابة صدر، وغمزة للبنات وخرجن حتى لا يتأخرن فما ان وطأة أقدامهن اعتاب المسجد، حتى عقدة خديجة حاجبيها في تعجب وهي ترمق خالد المكفهر في دهش وقالت موجه حديثها لـ اروى  : 
- مال الواد ده؟ 
هزت اروى كتفيها، وقالت  : 
- مش عارفة. 
أقبل خالد إليهن برفقة حمزة و وقف امام اروى متسائلًا في غلظه  : 
- ممكن اعرف إيه اللي سمعته ده؟ 
ردت  اروى ببراءة ولم تتدرك ماهية السؤال  : 
- إيه مش فاهمة، إيه اللي حصل؟ 






هم بتعنيفها، لكن صوت خديجة هداءه وهي تقول  : 
- خالد أهدئ. 
أؤمأ برأسه وكظم غيظه وهو يقول من بين اسنانه  : 
- فهميني يا أروى إزاي هتستقيلي، مش ده عملك اللي تحديتي الكل عشان تدخليه؟  بسهولة كدا هتتخلي عنه، حصل ايه متاكد ان في حاجة  ؟ 
تحولت نظرات الفتيات إليها في دهشة وعدم تصديق، بينما رمقت هي حمزة بنظره سريعة وقالت  : 
- عشان ده اللي كان لازم يحصل من الاول دا مش مكاني ولا ليا يا خالد، انا لولاكم.... 
قالتها وهي ترمقهما سويًا وأردفت في صدق  : 
- كان زماني ميته انا مليش كتير متعينه وعلى اصابع اليد القضايا اللي مسكتها ولولا لمار مكنتش تقبلت، انا مشاعري بتحكمني ده مش مكاني انا منفعش ليه ولا هو ينفعل ليّ. 
اعتصر خالد جفنيه، وبادر حمزة متسائلًا بتشكك : 
- متأكدة من كلامك  ؟ 
همهمت اروى وهي تنظر له في آسى  : 
- يا ريته كان كلامي. 
كلامها المبهم لم يفهم احد كنهُه، لم ينبس خالد بحرفًا حين سحبه حمزة مغادرين المكان، واثناء سيرهما قال خالد في حدة  : 
- متاكد ان في حاجة حصلت خلتها تاخد القرار ده، انا عارف اروى كويس. 
ربت حمزة على كتفه مجيبًا  : 
- صدقني كدا أفضل ليها، هي في امان.. وبعدين يا عم ما ساكنه معاك في نفس البيت عاوز إي تاني؟ 
ضحك خالد لمزحته وغمغم مشاكسًا  : 
- ملكش دعوة يا عم خليك في ريتاج. 
قهق حمزة محركًا راسه في نفي،  وقال  : 
- يا ادي ريتاج يا بني قُولت معجب مش بحبها، بتفهموا إزاي بس. 






رفع خالد حاجبه فلكزه حمزة مغمغمًا  : 
- امشي خلينا نشوف وراءنا إيه تلاقي عاصم بيدعي علينا. 

لم تسلم أروى من تساؤل البنات حتى وصلن إلى المنزل، وجلسوا حولها وما ظلوا في ثرثرتهم وإصرارهم على معرفة لِمَ فعلت ذلك حتى رن جرس الباب وتوجهت خديجة لفتحه وهي تعدل من نقابها فوجدت ظابط شرطة مشهر الكرنيه الخاص به وغمغم في أدب  :
- السلام عليكم 
- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته. 
- عندي امر بالقبض على الاستاذة لمياء عثمان زيد. 
اتسعت عينيّ خديجة وهي تشهق في صدمة جاء على إثرها كل من بالمنزل وهي تصيح  : 
- انت بتقول ايه أكيد غلطان. 
ارتجفت لمياء وهي تكاد تبكي من فرط الخوف في حين ضمتها مكة وهي تسب الظابط الذي ما زال مغلفةً كلماته بالأدب وهو يردف  : 
- انا جاي من غير قوة ولا حاجة احترامًا للعائلة ولكن ضروري انها تيجي معايا. 
صاحت فيه اروى غاضبة  : 
- لا بقا انت اتجنيت مين دي اللي تيجي معاك وقضية إي؟ 




استل الشرطي ورقة انفضها في وجه اروى وهي يغمغم  :






- في محضر في الآنسة لمياء بأنها  ...  بأنها بتشغل البنات في الزنا. 
صفعة قوية أطاحت بوجهه للجهة للأخرى من لمار وهي تخرسه في صوتٍ عال  : 
- إخرس قطع لسانك. 
علا بكاء لمياء وإذداد نحيبها وهي تهز رأسها وترتعد، امسكت لمار بياقتيّ قميص الظابط الشاب وهي تصرخ فيه  : 
- أنت سامع نفسك بتقول ايه، فوق دي بنت لمار الشرقاوي. 
- نكس الظابط رأسه، قائلًا في أدب، واحترام فأن التي أمامها كانت سببًا في تدريبه ونجاحه وحق لها أن تفعل به ما تشاء في لحظة غضب  : 
- أنا جاي بنفسي اخدها وحتى حين تثبت براءئتها هتفضل في مكتبي وأنتِ عارفة ده اضراره إي  ؟  ولكني متاكد من براءة الآنسة ولكن دا واجبي يا فندم وأنتِ اكتر حد عارف أنه غصب عني. 
تنحت لمار جانبًا مشيرة له قائلة  : 
- اتفضل تابع شغلك يا سيادة الرائد، وهناك هعرف كل حاجة





 ومين اللي قدم البلاغ وليه. 
ظُلل عينيها و وجهها غمامة سوداء مخيفة وقبضت جفنيها وهي


 تستمع لِـ استنفار لمياء بها وبكاءها الذي مذقها مع صراخ مكة وصياح الباقيين. 


                    الفصل السابع عشر من هنا

لقراة باقي الفصول اضغط هنا




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-