رواية ظلمها عشقا الفصل السابع7 والثامن8بقلم ايمي نور

 

رواية ظلمها عشقا

الفصل السابع و الثامن 

بقلم ايمي نور 

.

.

وقفت تحمل بين يديها طيات فستانها تتطلع نحوه بتوتر واضطراب وهو يقوم بأغلاق الباب خلف المهنئين من عائلتهما يرتجف جسدها بترقب حين

 التفت اليها ببطء على وجهه ابتسامة كسول جعلتها تتلفت حولها باضطراب هربا من نظراته المحدقة بها تشعر بقلبها تتقاذف نبضاته داخل صدرها

 وهى تراه يقترب منها وعينيه تنبض بالحياة والشغف مما جعل ساقيها كالهلام لاتقوى

 على حملها لكنها حاولت تمالك نفسها تتحدث بخفوت وبكلمات متلعثمة

:هو ..فين .. هو ...انا

انحنى عليها هامسا بنعومة اصابتها برجفة لذيذة

:انتى ايه ؟!..قولى

اخفضت عيونها عنه تضغط شفتيها خجلة تفر من عقلها جميع الاجابات لرد على سؤاله لكنها عادت ورفعتها نحوه ببطء حين ناداها هامساً بأسمها بصوته الرجولى الاجش وقد اصبحت تعشق حروفه الصادرة من بين شفتيه وهو يحدثها برقة شديدة اذابتها

: فرح.. كنت عاوز اطلب من حاجة

اسرعت تهتف بلهفة تجيبه بعيون عاشقة ولهة

:اطلب اى حاجة ..ومن عيونى

التمعت عينيه بشدة تنشق شفتيه عن ابتسامة صغيرة من اجابتها المتهلفة عليه وهو يحدثها بصوت منخفض حار ومنفعل

:عاوز نبتدى حياتنا بالصلاة انا وانتى سوا

انفرجت ملامحها بالسعادة تهز رأسها بالايجاب فورا هامسة بصوت يكاد يسمع من شدة خجلها

:انا كنت هطلب ده منك ..علشان كده انا اتوضيت قبل ما البس الفستان

امسك بكفيها بين يديه يسألها بحنو

:طيب لو عاوزة تغيرى فستانك الاول ...

اسرعت تجيبه بلهفة وصوتها يتردد بالامل

:لا كنت عاوزة لو ممكن يعنى اننا..

هز رأسه لها بالموافقة لها وابتسامة متفهمة تزين ثغره وقد ادرك طلبها دون الحاجة لنطقها به ليمضى بهم الوقت فى تأدية صلاتهم ثم تجلس خلفه بفستان زفافها تحنى رأسها بخجل وهو يضع كفه فوقه تستمع الى صوته الرخيم الهادئ وهو يقوم بالدعاء تحبس انفاسها بعد انتهائه وقد اقترب منها مقبلاً لجبينها برقة قائلا

:مبروك يافرح ..نورتى بيتك وحياتى

لم يسع قلبها لفرحتها وهو يلقى على مسمعيها كلماته تلك كأنها ملكت الدنيا ومافيها تهز رأسها له هامسة بخجل شديد وارتباك

:مبرو..وك يا...صاالح

نهض من مكانه واقفا واوقفها معه قائلا بصوت اجش مرتجف وابهامه يتلمس بنعومة خدها ثم يتخذ طريقه حتى شفتيها المرتجفة تحت لمسته

:تعرفى .. دى اول مرة اعرف ان اسمى حلو اوى كده لما سمعته من شفايفك

شهقت بخفوت وعدم تصديق تتعال انفاسها كاللهاث وهى تغمض عينيها هامسة بصوت مترجى ضعيف

:لا وحياتك مش كده..وواحدة واحدة عليا ..انا كده ممكن اروح فيها

تعالت ضحكة صالح المرحة عالية تفتح عينيها فورا اليه وقد ارادت ان لا تفوت مرأى ضحته تلك تتأملها بوله وعشق ليسألها ومازالت بقايا ضحكته فوق شفتيه بخفوت خبيث

:بقى كده؟! اومال هتعملى ايه لو انا عملت كده

ظللت عينيها نظرة تسأول سرعان ما اختفت شاهقة حين لف خصرها بذراعه يجذبها اليه وفى طرفة عين كان ينحنى على شفتيها يقبلها بشوق سنوات قضاها فى تمنى تلك اللحظة ناسيا كل شيئ وهو يضمها اليه يشعر كأنه ملك العالم بين يديه حين لامسه دفء جسدها يقبلها بالحاح وتلهف لم تجد هى امامه سوى بالاستجابة له .

وكالمغيب فى دوامة المشاعر التى اجتذبته اخذت اصابعه تبحث باصرار عن سحاب فستانها وقد اصبح عائقا امام سيل مشاعره الجارف هادرا بقوة حين استطاع اخيرا سحبه لاسفل شاعرا نعومة بشرتها تحت لمساته يزيحه بنفاذ صبر حتى مقدمة صدرها كاشفا عن بشرتها الناعمة امام نظراته الشغوف وجسده المتلهف شوقا لها يدمغها بعاطفته الشديدة

حتى اتت ارتجافة جسدها الشديدة بين ذراعيه ومعها شهقتها العالية كشمس ساطعة بددت غيمة المشاعر التى احاطت به واعادت اليه تحكمه يجبر نفسه على التراجع بعيدا عنها برغم صعوبة فعله لذلك يمرر عينيه بتوتر وقلق عليها فيرى حالتها المبعثرة ويدها المرتجفة التى تتمسك بمقدمها ثوبها بصعوبة خشية سقوطه عنها هو قد كسى الاحمرار وجهها تتوسع حدقتيها وهى تتطلع اليه بصدمة ممزوجة بالخوف استطاع رؤيته ليكون كصفعة حادة له تعيده اليه توازنه فأخذ يتنفس بعمق يحاول التهدئة من فورة المشاعر التى تجتاحه ثم ودون مقدمات انحنى عليها سريعا يحملها بين ذراعيه متجاهلا ارتجافة خوفها الشديدة وهو يتجه بها ناحية غرفة النوم يدلف معها الى الداخل يضعها ارضا بحرص لتبتعد عنه فور ان لامست قدميها الارض عدة خطوات متعثرة للخلف وجهها شاحب تتطلع اليه بنظرات قلقة هزته بعمق لكنه اسرع بالامساك بيدها يقربها منه هامسا بنعومة ورقة يعتذر منها لعله يمحى تلك النظرة عن عينيها

:انا اسف.. حقك عليا انا عارف انى خوفتك .. انا مش عاوزك تخافى منى ابدا ..انا .. كنت...

زفر بقوة لا يجد ما يستطيع به وصف تلك الحالة التى اصابته فلأول مرة يفقد السيطرة على نفسه ومشاعره ولا عذر له فيما فعله لذا رفع انامله يمررها فوق وجنتيها بحنان حاول به تدارك ماحدث بينهم منذ قليل سائلا اياها

:تحبى اساعدك تفكى حجابك وتغيرى هدومك؟!

علم بخطأ ما تفوه به يلعن نفسه عندما رأى ارتجافة جسدها مرة اخرى تتراجع عنه خطوة اخرى للخلف وهى تهز رأسها على الفور بالرفض ليزفر مرة اخرى يشعر بقلة حيلته معها كأنه غر صغير لم يختبر الحياة الزوجية من قبلها فلهفته وشوقه لها جعلوه عديم الصبر معها شديد التوتر والاضطراب مما افزعها منه لذا اسرع قائلا بهدوء وابتسامة طمأنية فوق شفتيه

:طيب انا هسيبك تغيرى براحتك ..وهروح انا اجهز لينا العشا

هتفت فرح باعتراض تحاول التحرك رغم تمسكها بصدر فستانها وتعثر خطواتها

:لااا خليك .. وانا ثوانى وهغير وهجهز كل حاجة

ابتسم لها برقة يخرج هاتفه ومتعلقاته من داخل جيب بنطاله يضعهم فوق طاولة الزينة اتبعهم بالجاكت الخاص ببذلته يلقى به فوق الفراش مشمرا عن ساعديه قائلا

:لاا خليكى براحتك ..انا هجهز كل حاجة وانتى خلصى وحصلينى

هزت رأسها بالموافقة ببطء ليتحرك ناحية الباب لكنه توقف قبل مغادرته يلتفت لها يناديها لتتوسع عينيها منتبهة ليكمل بصوت اجش مرتجف

:فرح..متتأخريش عليا..علشان انا موت من الجوع

خرج بعدها فورا من الغرفة يغلق خلفه الباب بهدوء بعد ان بعثت نظرته التى ارسلها لها قبل مغادرته داخل قلبها الفوضى وقد ادركت من وميض عينيه انه لم يكن يقصد بكلماته الاخيرة الطعام ابدا

****************

جلست سماح مع كريمة فى انتظار حضور الحاج منصور فقد ابلغهم بحاجته لتحدث معهم فى احدى المواضيع تنظران الى بعضهم باضطراب وقد سادت الاجواء التوتر والارتباك بعد عدة محاولات من الحاجة انصاف

 لكسر الحدة والتعالى فى تعامل ابنتها معهم ببعض المزحات الا انها استسلمت اخيرا للصمت تنظر من بين حين والاخر اليها باستنكار خفى تجاهلته ياسمين تتطلع نحوهم برود محتقر يمر الوقت بهم بطيىء حتى اعتدلت ياسمين فورا فى جلستها باحترام حين دلف والدها بصحبة عادل يختفى عن ملامحها الضجر فورا يحل محله الاهتمام والحماس لكن سرعان ما احتقن وجهها بالحنق والعضب وهى تستمع الى حوار والدها وسماح الاتى حين سألها بهدوء بعد جلوسه هو عادل قائلا

:سماح يابنتى ..انتى لسه شغالة فى محل ابو نور مش كده؟

هز سماح رأسها له بالايجاب قائلة

:ااه ياعم الحاج ..لسه شغالة هناك..خير فى حاجة؟

تبادل الحاج منصور وعادل نظرة متفهمة قال بعدها

:طيب قولك ايه انى جيبلك شغلانة احسن منها ميت مرة وقريبة من هنا ومش هتحتاجى فيها مواصلات ولا حاجة واد مرتب ابو نور مرتين

تهلل وجه سماح تنظر الى كريمة بفرحة قبل ان تهتف بلهفة

:اقول موافقة طبعا ياعم الحاج

ابتسم منصور يسألها بمرح

:طب مش تعرفى الشغلانة فين الاول

هتفت انصاف مؤكدة بحزم

:ماهى عارفة ياحاج انك بتعتبرها زى ياسمين واستحالة هتقولها حاجة مش فى مصلحتها

هزت سماح رأسها بحماس مؤكدة كلمات انصاف ليتحدث عادل هذه المرة قائلا لها بهدوء

:الشغلانة اللى بيتكلم عليها الحاج دى ياسماح هتبقى معايا فى المكتب بتاعى

اتسعت عينى سماح دهشة وقد أيد منصور حديث عادل قائلا

:عادل ناوى ان شاء الله من الشهر الجاى يفتح مكتب ليه للمحاماة فى بيت اهله يعنى خطوتين وهتكونى هناك

هبت ياسمين وافقة تقاطع حديثهم تسأل عادل بحدة وصوت مستنكر

:طب والمكتب التانى هتعمل فيه ايه؟!

هز عادل كتفه قائلا بهدوء رغم غضبه من طريقتها فى سؤاله

:هقفله ..الايجار فى المنطقة دى عالى اووى .. وانا ليا شقتين فى بيت اهلى مقفولين على الفاضى قلت استغلهم افيد

ضربت ياسمين قدميها بالارض صارخة بأستياء

:لا طبعا مش ممكن تعمل كده .. علشان الشقتين دول هيتباعوا وهنشترى بتمنهم شقة لينا بره الحارة خالص

نهض عادل على قدميه يكسو وجهه الوجوم والحدة

: من امتى الكلام ده يا ياسمين .. انا مش فاكر انى لما خطبتك قلت انى هعمل كده

صرخت ياسمين رغم محاولات والدتها تهدئتها

:مش مهم انت تقول ..انا عاوزة كده وده اللى هيحصل

صرخ الحاج منصور يوقفها عن الحديث بغضب ناهرا لها بحدة وعنف

:اخرسى يا قليلة الرباية ...كلامك ايه اللى عاوزة تمشيه ..ايه ملكيش حاكم ولا كبير

تغضن وجه ياسمين تحاول منع نفسها عن البكاء كطفلة صغيرة لم تنال مرادها تنفجر بالبكاء رغم محاولاتها التماسك حين هتف والدها بها يكمل بغضب شديد

:امشى اخفى ادخلى جوه ..مش عاوز اشوف خلقتك..وحسابى معاكى بعدين

تركت ياسمين المكان فورا وصوت بكائها يتعالى اكثر ليزفر الحاج منصور بقوة يلتفت الى عادل بأحراج قائلا

:حقك عليا يابنى ..بس انت عارف دلع البنات وعمايلهم

هز عادل رأسه له دون معنى لكن ملامحه كانت تنطق بالكثير والكثير لتشعر سماح بالأسف والاحراج لما حدث امامهم لذا اسرعت بلمز زوجة خالها خفية تنهض بعدها فورا قائلة بتلعثم لانصاف المحتقنة الوجه حرجا

:نقوم احنا علشان الوقت اتاخر ..

لكن هتف الحاج منصور يوقفها بحزم وتأكيد

:تقوموا تروحوا فين احنا هنتعشى سوا الاول ونكمل كلامنا ..ولا ايه يا حاجة

هتفت انصاف مؤيدة له لكن اسرعت سماح وكريمة بالرفض فى ان واحد تعتذران بكلمات سريعة غير مترابطة تكمل سماح بعدها وهى تلقى بنظرة حرجة ناحية عادل الصامت بوجوم قبل ان تلتفت الى منصور قائلة بحزم

: وبخصوص الشغل انا موافقة ياعم الحاج ..شوف حضرتكم تحبوا من امتى وانا اظبط امورى

هز الحاج منصور رأسه استحسانا يتمتم بعدة كلمات عن قيامهم بترتيب عدة امور ومن ثم سيبلغها عن موعد البدء بالعمل لتستعد سماح وكريمة بعدها للمغادرة رغم محاولات منصور وانصاف عدولهم عن ذلك.. يخبرهم منصور بعد امتثاله لهم بذهابه معهم ليقوم بتوصليهم لكن اتى رفض عادل الحازم قائلا

:لا خليك انت يا حاج ..انا كده كده مروح و هوصلهم فى سكتى

انصاف بجزع وذهول

:هتمشى ليه يابنى دلوقت مش قلت هتتعشى معانا

اسرع عادل يعتذر بخفوت لكنه صوته كان يهتز بغضب مكبوت شعروا به بين نبراته رغم محاولاته اخفائه

:معلش ياحاجة سامحينى بس انا عندى محكمة بدرى ولازم امشى ..يلا ياجماعة علشان اوصلكم

اشار الى سماح وكريمة لتنهض كل منهم تحمل صبى نائم بين ذراعيها ليسرع ناحية سماح وقد كانت تحمل الابن الاكبر فحمله عنها ثم غادر فورا بعد القائه بسلام سريع تتبعه سماح وكريمة بعد قيامهم بتوديع منصور وانصاف

ليهتف منصور بعد مغادرتهم بحدة وغضب

:عجبك عمايل بنتك يا انصاف ..عجبك كلامها مع خطيبها بالشكل ده ادام الناس الغرب

مطت انصاف شفتيها اسفة تلتزم الصمت فليس لديها ما تدافع به عن ما فعلته وحيدتها منذ قليل تعلم جيدا ان امر كهذا لن يمر مرور الكرام فمن بمثل شخصية عادل لن يقبل بماحدث او يقوم بتمريره لذا اخذت تدعو الله ان يأتى بعواقبه سليمة

**********************

انتهت من اعداد نفسها تتطلع الى نفسها فى المرآة تبستم بسعادة وهى تلتف جسدها قائلة

:الفستان طلع يجنن.. ربنا يخليكى ليا يا سماح ..اه هو مش غالى بس اهو احسن من الهلاهيل اللى عندى

توقفت مكانها تضغط شفتيها باسنانها تكمل بعدم يقين وقلق

:بس ياترى هيعجبه ..هو مش قميص نوم زى كل العرايس ما بتلبس ..بس والله حلو برضه

اخذت نفس عميق تهدىء من قلقها وتوترها به ثم تحركت للخروج من الغرفة لكن ما ان فتحت بابها حتى تسمرت مكانها تجد نفسها وجها لوجه معه يقف امامها يهم بطرق الباب تتسارع انفاسها من النظرة التى رأتها بعينيه يلتمع وميض الرغبة بها ونظراته محدقة تمر فوقها ببطء حتى استقرت على وجهها يتقدم ببطء للداخل خطوة فتراجعت هى امامها خطوة اخرى للخلف حتى اصبحا فى منتصف الغرفة مرة اخرى وببطء شديد كأنه يختبر ردة فعلها مد يده نحوها يتلمس مكانه جرحها خلف خصلات شعرها المنسدلة يسألها برقة

:جرحك اخباره ايه؟ لسه بيوجعك

هزت له رأسها بالنفى تشعر بلمسات انامله تعبث بخصلات شعرها اخذا بخصلة منهم بين اصبعين ينحدر بهم يتلمسها حتى وصل الى طرفها فيتركها يتلمس بدلا عنها طرف صدر ثوبها هامسا بصوت متحشرج

:جميل اووى الفستان ده عليكى

هتفت بحماس تشع عينيها بالسعادة والفرح

:بجد عجبك ..ده ذوق سماح على فكرة هى اللى اخترته وكمان...

حبست انفاسها صامتة بغتة فور رؤيتها لاقترابه البطيىء منه وبتمهل شديد همس فوق شفتيها بعد توقفتها عن الحديث يسألها بحنان شغوف

:وايه كمان كملى ..عاوز اعرف ذوق سماح كان فى ايه تانى

تجمد جسدها بتوتر تجفل مضطربة من شدة قربها منها لتكتمل الصورة بجذبه لجسدها المتخشب برقة شديدة اليه يلف خصرها بذراعه يهمس فى اذنيها بنعومة ولين

:لااا...انا كده هبدء اشك انهم ضحكوا عليا وجوزنى فرح العيلة اللى بتخاف منى مش الكبيرة اللى قلتلى عليها ..يرضيكى اطلع عبيط وبيضحك عليا

انطلقت رغما عنها منها ضحكة مرحة حين وصلها المعنى من مزحته تزيح التوتر من الاجواء بينهم لكنها سرعان خفضت عينيها بعدها باستحياء وخجل تضغط طرف شفتيها باسنانها حين قبل وجنتها برقة شديدة ثم تنحدر ببطء مثير جعلها تغمض عينيها متنهدة بضعف وقد اصحبت انفاسه حادة ثقيلة تلهب بشرة عنقها وشفتيه تلثمها ببطء وتروى تشعر معه باختفاء توترها وخوفها السابق واسترخاء جسدها بين ذراعيه وقد شدد من احتضانها اليه بينما يهبط على شفتيها يحتضنها بقبلاته البطيئة والمستكشفة تسلم له قيادة مشاعرها سامحة بان يأخدها بعيدا الى جنة عشقه التى طلما حلمت بها معه لتسقط رويدا رويدا كالمغيبة فى غيمة وردية صنعها لها بلمساته الشغوفة المتلهفة

لكن اتى صوت رنين هاتفه المزعج ليمزق تلك الغيمة ومعها لحظاتهم سوا وبرغم تجاهل صالح له لكن الحاح المتصل جعلها تتوجس خشية هامسة له بضعف ورجاء تحاول ابعاده عنها

: صالح رد على التليفون ....ليكون حصل عندنا حاجة او خالى رجع تانى

ابتعد عنها ببطء وصدره يتعالى بانفاس خشنة حادة يظهر على وجهه الضيق لكن منطقها جعله لايستطيع الرفض لذا اسرع ناحية الهاتف يختطفه من مكانه بنفاذ صبر يتطلع به وهو يتمتم بحنق لاعنا لكنه صمت فجأة يتجمد جسده بشدة وهو ينظر الى هاوية المتصل كالمصعوق لتهتف به بخوف وقلق تسأله

:مين يا صالح؟

لم يجيبها بل ظل واقفا كما هو كأنه لم يسمعها تتسمر عينيه فوق شاشة هاتفه لتهتف به هذه المرة بصوت يغلبه البكاء تتوسله

:رد عليا ياصالح .. مين بتصل علشان خاطرى

رفع لها رأسه ببطء لتشهق بهلع تتراجع عنه للخلف حين حدق بها وقد طغى الغضب والشراسة على وجهه تظلم عينيه بشدة تختفى عنها رقته السابقة يتطلع لها بجمود للحظات مرت كالدهر عليها لم يقل شيئ خلالها بل غادرا الغرفة على الفور بعدها بخطوات سريعة وخطوط جسده متوتر صافقا الباب خلفه بعنف ارتجف جسدها له تعتصر قلبها بقسوة قبضة الخوف والهلع

لكنها اسرعت بتمالك نفسها تسرع بالتسلل خلفه خارجة من الغرفة بهدوء وهى تحاول عدم اصدار صوت بخطواتها مرتعشة تتلفت حولها بتخبط حتى علمت من اين طريقها خائفة من يدرك بانها تقوم بالتصنت على محادثته ولكنها لم تستطيع المقاومة فيجب ان تعلم من هو محدثه وما السبب فى حالته تلك تخشى ان يكون قد اصاب شقيقتها مكروه هى او زوجة خالها ويقوم هو بأخفاء هذا عنها

لذا تقدمت بقلب حاولت بث الشجاعة به وبخطوات متسللة حتى توقفت خلف احدى الجدران حين وصلتها همهمة صوته غير المفهومة لها تتطلع من ورائه بعين واحدة نحو مكان وقوفه تراقبه تدرك من توتر عضلات ظهره واصابعه التى اخذ يمررها فى شعره بعنف يشعثها انه فى اقصى درجات محاولاته للسيطرة والتحكم فى غضبه فاخذت تحاول التقاط اى شيئا من الحديث الدائر حتى ارتفعت فجأة الحرارة بجسدها بشدة ثم تفر منه دفعة واحدة تتركها متجمدة فى مكانها شاحبة كورقة بيضاء يتصاعد الغثيان لحلقها وهى تسمعه يتحدث بلين ولطف بعد ان زفر زفرة عميقة من اعماق صدره قائلا

:خلاص يا امانى اهدى ملهوش لازمة عياطك ده..اللى حصل حصل ..والظروف حكمت بده ..يبقى تهدى وبلاش تعملى فى نفسك كده

حانت منه التفاتة ناحية مكان وقوفها لتسرع بالتوارى خلف الجدار تستند عليه لشعورها بارتجاف قدميها لكنها اسرعت بتمالك نفسها تفر من المكان حين شعرت بتقدم خطواته ببطء من مكان وقوفها وهو يستمع بأنتباه لمحدثته تغلق الباب خلفها ببطء وهدوء ثم تسمح اخيرا لجسدها واحلامها بالتحطم بالانهيار

*********************

: الله يخربيتك ياعايق ..على بيت بنت اختك ..بقى انا انور ظاظا يكون ده حالى

جلس مليجى ارضا فى احدى الشقق المملوكة لانور ظاظا يتطلع نحوه باضطراب وخشية وقد اخذ الاخير يجوب ارض الغرفة وهو يحمل بين يديه كأس من الخمر قد اذهبت بعقله تماما فاخذ يهذى والمرارة فى صوته

:بقى حتة العيلة دى ..تفضل صالح عليا ..لييه فيه ايه احسن منى ..دانا كنت هعيشها ملكة ..

اغمض عينيه يطلق اهه طويلة متحسرة ثم التفت بعدها الى مليجى يهتف به بغضب ووحشية

:كله منك انت لو مكنتش ضربتها ..كان هيبقى فى امل تبقى ليا ..مش تنام فى بيته حضنه الليلة ..دانا هطلع روحك فى ايدى النهاردة

حاول الانقضاض عليه يحاول الفكاك فيه لكنه تعثر بطرف السجادة ساقطا ارضا ليهب مليجى من مكانه هاتفا بفزع

:انا مالى انا يابرنس ..البت كده اوكده مش عوزاك وكانت رافضة..وانا لما ضربتها كان علشان توافق بك

تسطح انور على ظهره ارضا يغمض عينيه بأرهاق للحظات يفكر بكلماته قبل ان ينهض بتعثر وعينيه حاقدة مغلوله يهمس

:عندك حق يا مليجى ..كده او كده كانت رافضة.. بنت ال*** رفضانى انا... علشان كده ورحمة امى لندمها واحرق قلبها على عريس الغفلة ومبقاش ظاظا اما حصل

اتسعت عينى مليجى ذعرا يهتف بأرتعاب شديد

:لاا يا برنس مفيناش من الدم ..انا مليش فى السكة ده

رمقه انور باحتقار وتقزز

:عارف يا*** انك ملكش غير فى ضرب النسوان

ضيق مابين حاحبيه بتركيز يكمل ببطء وخبث

:علشان كده العملية ده عاوزة فوقة ودماغ مصحصة علشان نمخمخ لها تمام ومظبوط

صرخ مليجى فزعا بداخله دون ان يجرؤ على اصدار صوت حتى ولو ضعيف يتقاذف صدره رعبا يعلم ان الايام القادمة لن تمر على خير لاعنا بحرقة ابنة اخته وصالح ومعهم انور والظروف التى اوقعته فى تلك المصيبة

.

🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔵

الحلقة 8 

.


الفصل الثامن

بجسده كجمرة النار وعيونه المظلمة وقف يحدق فى حروف اسمها الظاهرة فوق شاشة هاتفه فبرغم تجاهله لرسائلها طيلة اليوم وهى تتوسله فيها تارة وتهدده تارة اخرى لكنه لم يتوقع ان تكون بتلك الجرأة والجنون وتقوم بالاتصال به بمثل هذا الالحاح فى هذا التوقيت لاعنا نفسه لعدم قيامه باغلاق الهاتف لكن خشى عودة مليجى وقيامه بشيئ يستدعى تدخله وقتها لذا لم يجد امامه حلا وقد طفح به الكيل سوى بالرد عليها ووضع الامور فى نصابها الصحيح معها يتحرك مغادرا الغرفة متجاهلا نداء فرح الملهوف له لمعرفة هاوية المتصل ..

يقف بعدها بجسد مشدود واصابعه تضغط فوق الهاتف بعد ان ضغط زر الاجابة يهتف بها بحدة وغضب

:اتجننتى خلاص يا امانى وكمان بتتصلى بيا فى وقت زى ده

ساد الصمت من طرفها لحظة قبل ان تجيبه بصوت مرتعش خائف كأنها صدمت لهجومه العنيف عليها

:غصب عنى ..مقدرتش استحمل وكان لازم

اكلمك

ضغط صالح على اسنانه يفح من بينهم وصوته يحمل الوحشية والقسوة رغم محاولاته للسيطرة

:انا ماسك نفسى عنك طول اليوم وانتى عمالة تبعتى فى رسايلك ال.. واقول معلش هتعقل وتفوق للى بتعمله واخرها بتهددينى يا امانى تيجى هنا وتفضحينى

هتفت امانى به بحرقة والم يتحشرج صوتها بالبكاء

:كنت عاوزنى اعمل ايه وانا شيفاك بتضيع منى وبتبقى لواحدة غيرى ..انا بموت ياصالح بموت ..خايفة انام مصحاش من كتر الوجع اللى فى قلبى

زفر بقوة يضغط فوق جسر انفه بقوة قائلا لها بصوت هادئ لين لعله يبث به بعض من التعقل داخل عقلها

:خلاص يا امانى اهدى ملهوش لازمة عياطك ده..اللى حصل حصل ..والظروف حكمت بده ..يبقى تهدى وبلاش تعملى فى نفسك كده

لكن زادت حالة الهياج لديها بعد رده الهادئ هذا عليها صارخة به بجنون وغضب

:ده كل اللى عندك تقوله ليا ..اهدى وبلاش اعمل فى نفسى كده

التف حول نفسه يشعر بحاجته للحركة قبل ان يقوم بركل وتحطيم شيئ ما هامسا بحدة وعيون مظلمة من شدة غضبه

:صوتك مايعلاش عليا فاهمة ولا لا.. واقفلى يلا ...انا اللى غلطان انى رديت عليكى من الاساس

توحش صوتها تهتف بغل تعميها نار غيرتها

:انت رديت مش علشان سواد عيونى ولا خوفك عليا.. لااا انت خفت منى انفذ تهديدى واجى لعروستك اعرفها احنا اطلقنا ليه ..علشان كده لازم تسمع كل اللى عندى

تجمد جسده يقبض باصابعه بقوة فوق ظهر احدى الكراسى حتى ابيضت مفاصله يسمعها تتحدث اليه بخبث ساخر

:طبعا مصدوم انى عارفة و متأكدة انك خبيت عليها.. علشان تعرف بس ان محدش قادر يفهمك ادى ..بس عندك حق تخبى عليها وجعتك ماهى مش ملاك ونازل من السما علشان ترضى بوضع زى ده

سرعان ما ان انخفض صوتها بمرارة يغلبه بالبكاء وهى تكمل

:بس عارفة هى برضه مسكينة وصعبانة عليا..

وهى بتضيع عمرها معاك على امل كداب يا عالم هيحصل ولا لا... وفى الاخر المطلوب منها لاما ترضى وتعيش عمرها كله من غير ماتسمع كلمة ماما.. لاما تحن عليها وتطلقها فى الحالتين هى الخسرانة وهو كله فى الاخر لحكم الظروف

صالح بصوت بارد برودة الجليد لا يظهر تأثره بكلماتها وقد كانت كل كلمة منها كفيلة بان تهدم جبلا

:خلصتى كلامك خلاص ؟

امانى بصوت مهزوم خافت لكنه يحمل السم بين طياته

:ايوه ياصالح خلصت..ومبروك عليك الجوازة الجديدة ..بس يارب تخلف ظنى وظنك تطلع اجدع من غيرها مع انى ماظنش ده هيحصل

اغلق الهاتف ببطء ملقيا به فوق المقعد عينيه تلتمعان ببريق مظلم مخيف شفتيه مضمومتان بقوة وجسده متصلب يقاوم السقوط فى حجيم اضرمت نيرانه فيه من جديد يتشبث كالغريق حتى لا تجذبه السنة لهبه للسقوط بداخله..لكن وبرغم جميع محاولاته لم يستطيع المقاومة طويلا وقد عاودت لطمه حقيقة تجاهلها عن عمدا وقد القى بها خلف ظهره متجاهلا عواقبها تلبية لنداء قلبه العاشق المتيم بها وتوسل روحه ولهفتها لقربها

لكنها عادت الان لضربه بسوطها اللاهب تنهشه دون رحمة او رأفة به

*******************

مر عليها الوقت وهى ومازالت حبيسة تلك الغرفة تخشى الخروج منها مرة اخرى تحارب احباطها والالمها بعد رؤيتها لأسوء مخاوفها فى هذا الزواج تتحقق امام عينيها برؤيتها ضعفه وحنينه لزوجته الاولى وهرعه دون لحظة تردد واحدة للحديث معها فى ليلة زفافهم ومحاولة تهدئتها بصوته الحنون المراعى نبذاً خلفه عروسه المصدومة وقد ملأتها خيبة الامل والانكسار

لتظل مكانها تشعر بالاختناق يحكم قبضته فوق صدرها فلأول مرة ومنذ دخولها تلك الغرفة اخذ يلح  عقلها عليها بسؤال قاسى طعنها بوحشية وهى تتطلع فيما حولها ..هل كانت هذه غرفته مع زوجته الاولى ..هل ستقضى ليلتها فوق فراش شاركته غيرها فيه يوماً...

تغلغل الالم صدرها وقد ارتفعت غصة البكاء فى حلقها تخنقها لكنها لم تستطيع التمتع برفاهية البكاء الان تلعن نفسها لقبولها بهذا الوضع وقد اغشى عشقها له عيونها وجعلها تتنازل عن ابسط حق لها فى هذه الزيجة

تنهدت بألم وعينيها تدور فوق اثاث الغرفة كأنها تحاول انكار ما ادركته الان هامسة بصوت موجوع

:ده مهنش عليه يغير الاوضه علشانى حتى .. معقولة لدرجة انا قليلة عنده ..

جلست فوق احدى المقاعد بجسد هامد مهزوم تتطلع امامها بعيون مصدومة تملأها الدموع للحظات كانت كالدهر عليها ثم فجأة تبدل حالا فورا تجذب نفس عميق داخل صدرها وهى تنهض واقفة تهتف بعزم وكبرياء برغم دموع الاهانة التى تلتمع بها عيونها

:لاا وحياة غلاوته عندى مايحصل ولا هيمس منى شعرة لو اللى فى دماغى ده صحيح .. انا مش قليلة ولا عمرى هكون ولازم يفهم ده كويس

توجهت نحو الباب يحركها شعورها بالغضب والاهانة وتجاهله لوجودها تفتحه ثم تتجه خارجه بخطوات صامتة سريعة تبحث عنه بعينيها فى ارجاء المكان وهى تحارب دموعها الخائنة المطالبة بالتحرر تتوقف بعتة مكانها بتجمد حين وجدته يجلس فوق احدى المقاعد يستند بمرفقيه فوق ساقيه محنى الرأس وكتفيه متهدلين بشدة كانه تحت وطأة ثقل هم شديد لا تعلم لما زادت رؤيته بهذا الشكل من وهج غضبها وطعم الخسارة بحلقها كالعلقم تعميها غيرتها بعد ان ادركت من المسئول عن حالته تلك ولماذا....

لذا هتفت به دون مقدمات بحدة وعنف

:شوف بقى انا استحالة هنام فى الاوضة دى .. واعرف كمان انك مش هتمس منى شعرة طول ما الاوضة دى موجودة

مرت لحظة صمت قاتلة بعد حديثها المندفع هذا له وقفت خلالها تتململ فى وقفتها وهى تهيئ  نفسها لاستقبال ردة فعله مهما كانت على ما قالته تطول

 بهم لحظات الصمت حتى اتسعت عينيها برهبة واضطراب بعدما رفع اخيرا عينيه ببطء اليها دون ان تتحرك فى جسده عضلة اخرى يحدق بها بنظرات ثابتة جعلت البرودة تسرى فى 

عروقها تجمد الدماء بها وهى تتابع مرتجفة نهوضه البطىء من مكانه متقدما نحوها بثبات لتزدرد لعابها بصعوبة وهو ينحنى عليها تتقابل نظراته بعينيها دون ادنى تعبير بهما ووجهه ثابت كأنه مصنوع من حجر هامسا بصوت جليدى

:الشقة عندك واسعة ..والمكان اللى يريحك نامى فيه ..تصبحى على خير

ثم غادر فورا تاركاً لها خلفه شاحبة مترنحة تشعر بالدوار يلفها وقد تلقت للتو اعنف ضربة لكبريائها الانوثى فرده البارد اللامبالى هذا كان اشد ايلام وقسوة عليها من اجابته لاتصال طلقيته منذ قليل

**********************

لم يغمض لها جفن منذ ان تركها تجلس فوق احدى المقاعد بجسد مرهق وعيون تتساقط دموعها بغزارة تغرق وجنتيها حتى غلبها الارهاق والنعاس اخيرا تسقط نائمة مكانها دون حراك حتى الصباح وبعدما اخترقت تحركات واصوات قربها غيمة نومها تبددها لتنهض تتأوه بألم وهى تحاول ان تمسد باناملها عضلات عنقها المتيبسة بشدة تتأوة بألم لكن أتى صوته الحازم مناديا لها من خلفها فتوقفت حركاتها تلتفت اليه سريعا ليكمل وقد وقف بكامل ملابسه امامها يمسك بعلاقة مفاتيحه قائلا

:انا نازل .. و عندك الفطار جاهز فى المطبخ ..

ثم تحرك متوجها ناحية الباب يكمل بصوته البارد غير المبالى

:وبعد كده ابقى نامى فى اوضة...الاطفال

تحشرج صوته وتابطأ فى كلمته الاخيرة لكنها لم تنبه وهى تسرع ناهضة تجرى خلفه تسأله بلهفة وارتباك

:انت رايح فين الصبح كده؟!

التفت لها بوجه خالى من التعبير

:نازل الشغل ..فى طلبية هتوصل المخازن ولازم اكون موجود هناك حالا

انتهت قدرتها على التحمل والتظاهر بالقوة واللامبالاة تسأله بصوت مرتجف حزين

:صالح احنا اتجوزنا امبارح بس..مفكرتش شكلى هيبقى ايه لما الناس تشوفك نازل كده الصبح بدرى يوم الصباحية؟!

زفر بحدة هاتفا بنزق وخشونة

:يقولوا اللى يقولوه محدش ليه حاجة عندى..

بعدين مش المفروض اقعد جنبك فى البيت علشان كلام الناس وانا ورايا شغل

اومأت له بوجه شاحب حاكى وجوه الموتى تضم جسدها بذراعيها تتراجع للخلف خطوة هامسة

:عندك حق شغلك برضه اهم ..مع السلامة

تركته فورا تهرع من امامه بعد ان تتعالى شهقات بكائها بصوت كان غمد سكين بصدره تلحقها قدميه فورا ودون لحظة تردد منه بخطوات سريعة متجاهلا نداء عقله له الا يفعل فقربه منها كالخطر جسيم يلغى كل ما اتخذه من قرارات ليلة امس تمسكها يده من خصرها يلفها له بقوة ثم يجذبها الى صدره لتدفن وجهها به تبكى بشدة وانهيار يرتج جسدها من عنف شهقاتها فتوتر جسده بشدة يلعن نفسه من بين انفاسه يهمس لها بعدها بكلمات مهدئة معتذرة وانامله تربت فوق خصلات شعرها بحنان حتى هدئت شهقاتها اخيرا ليسألها بخفوت وبصوت اجش وهو يزيد من ضمها اليه

:احسن دلوقت ؟

هزت رأسها بالايجاب ووجهها مازال مدفون فى صدره واناملها تتشبث بقميصه من الخلف ليحدثها بصوت رقيق هادىء شعرت معه كأنها طفلة مشاغبة يحاول تهدئتها

:طيب تعالى اغسلى وشك ..وافطرى

تجمد جسدها مبتعدة عنه بأنف محمر وعيون منتفخة يتلطخ وجهها بأثار دموعها تهتف به بغضب وتذمر

:مش هغسل حاجة ..ومش هفطر ..وبطل تعاملنى على انى عيلة صغيرة ادامك

التوت شفتى صالح قائلا بسخرية متهكما من نفسه

:ماهو لو كنت شايفك غير كده كانت امور كتير اتحلت ما بينا ..اولهم جوازتنا دى

اتسعت عينيها متألمة تتطلع اليه مشدوهة هامسة

:عندك حق ..ماهو مفيش واحدة كبيرة وعاقلة ترضى بجوازة عارفة من اولها انها كانت غلط ..حتى ابسط حقوقها فيها محصتلش..

ضغطت شفتيها معا تمنع ارتعاشتهم تكمل

:بس وايه يعنى.. ماهى برضه عيلة غلبانة وهتفرح بجوازة وشقة مكنتش تحلم بيهم حتى لو مش ليها  من الاساس

اتسعت عينيه ذهولا من اساءتها لفهم كلماته واشارتها مرة اخرى وتوبيخها الخفى له عن 

اهماله تغير غرفة نومهم قبل زواجه بها كأنه تعمد فعل هذا يهم لشرح حقيقة الامر لها لكن اتى صوت جرس الباب قاطعا اى حديث بينهم ليزفر صالح بنفاذ صبر وحدة يلتفت ناحية الباب قائلا

:مين اللى هيجيلنا بدرى على الصبح كده..

ثم التفت اليها عينيه تدور فوق ملامحها الحزينة للحظات قبل ان يتحدث اليها بهدوء

:ادخلى اغسلى وشك وغيرى هدومك عما اشوف مين..بلاش حد يشوفك كده

التمعت عيونها بالتحدى ترميه بنفس كلماته منذ قليل

: اللى يشوف يشوف محدش ليه حاجة عندى..

جز صالح فوق اسنانه ينحنى عليها قائلا من بينهم ببطء وتحذير جعلها تتراجع للخلف عنه تتسع عينيها بخشية وخوف

:لو مش عوزانى اعاملك زى العيلة الصغيرة زى ما بتقولى ..يبقى تنجرى تسمعى الكلام وتدخلى الاوضة ومتخرجيش منها الا لما اندهلك ..فاهمة

اسرعت بهز رأسها بالايجاب تفر من امامه تختفى داخل غرفة النوم فى لمح البصر ليقف هو يتابعها يهز رأسه بأبتسامة صغيرة مرحة حتى اختفت عن انظاره ثم ذهب فى اتجاه الباب لفتحه تتسع عينيه بذهول لمرأى اخيه وزوجته يقفان امامه قبل ان تدوى من سمر زغرودة طويلة قائلة بفرحة لم تصل لعينيها

:مبروووك ياصالح مبروك ياخويا..

افسح لهم صالح الطريق للدخول بوجه متجهم مرحبا بهم بجمود لتسرع سمر قائلة بعد دخولهم وعينيها تدور بحثا فى المكان

:اومال العروسة فين علشان نبارك لها..

اجابها صالح وهو يوجهم لغرفة الاستقبال قائلا

: اتفضلوا ..ثوانى وجاية حالا .. ازيك ياحسن وحشنى يا راجل

قالها صالح بتهكم موجها الحديث شقيقه الصامت منذ لحظة دخوله ليجيبه حسن بضيق قائلا

: الحمد لله بخير ...مبروك يا صالح

اسرعت سمر تعتدل فى جلستها قائلا بحزم

: انا عارفة انك زعلان منى انا وحسن ..بس وحياتك عندى ياخويا..احنا والله فرحانين لك من قلوبنا.. وربنا يجعلها جوازة الهنا عليك ..ومتطلعش زى اللى قبلها ابدا يارب

نكزها حسن بمرفقه بقوة لتشهق ضاغطة فوق شفتيها باحراج تنظر ناحية صالح متظاهرة بالاسف والخجل لكن تطلع نحوها صالح بهدوء لكن ظلمة ووحشية عينيه جعلتها تشحب بشدة تسرع قائلة بمرح مصطنع فى محاولة لتدارك الامر

:جرى ايه ياخويا انت مش هتنده العروسة نسلم عليها ولا ايه

نهض صالح من مقعده قائلا

:هقوم اندها تسلموا عليها علشان عاوز انزل ورايا شغل

شهقت سمر مستنكرة بحدة قائلة

:شغل ؟! شغل ايه اللى عاوز تنزله يوم صباحيتك ده..انت عاوز الناس تتكلم ولا ايه

توقف صالح يلتفت ببطء تتطلع عينيه نحو شقيقه بخيبة امل واسف للحظات فأحنى حسن رأسه حتى كادت تلامس ذقنه صدره من شدة خجله وارتباكه قبل ان يغادر صالح المكان مسرعا دون الرد عليها لتهتف سمر بحسن بعدها قائلة وابتسامة شامتة فوق شفتيها

:جدع انك قلتله انك تعبان ومش هتنزل الشغل الفترة الجاية ..

حسن ونظراته تتبع شقيقه بحزن وتذمر

:تعبان فين بقى ..وانا طابب عليه زى القضا المستعجل الصبح كده ..يعنى خلاص لازم نطلع ليهم فى وقت زى ده

سمر وهى تنكزه بحدة

:اسكت انت مش فاهم حاجة..مانا كان لازم اطلع واشوف بعنيا عروسة الهنا عملت ايه بعد مكالمة امانى امبارح لاخوك

حسن بنزق وهو يعتدل جالسا

:وده هتعرفيه ازى بقى..

ابتسمت سمر بخبث هامسة

:لاا مانا هعرف يعنى هعرف ..ويارب تكون امانى عرفت تطينها صح على دماغهم ليلة امبارح

*******************

:انت مش بترد على تلفوناتى ليه ياعادل من امبارح

زفر عادل بقوة يرجع للخلف الى ظهر مقعده قائلا

:علشان لو كنت رديت عليكى كنت هقولك كلام مش هيعجبك منى ياياسمين

جلست ياسمين فى فراشها تصرخ به بعصبية عاقدة حاجبيها بعبوس

:ليه ..علشان ايه كل ده ..علشان قلتلك مش عاوزة اسكن فى شقة فى الحارة

صرخ عادل بها هو الاخر عينيه تطلق شرار الغضب

:لاا مش علشان كده يا ياسمين ..وانت عارفة كويس انتى عملتى ايه

تنهدت ياسمين تقلب عينيها بملل قائلة

:طب خلاص يا سيدى متزعلش ..بس انت عارف انا مبحبش حد يقولى لا على حاجة عوزاها

عقد عادل حاحبيه يسألها ببطء وهدوء ما قبل العاصفة

:يعنى ايه بقى كلامك ده مش فاهم؟!

ياسمين وهى تتطلع الى اظافرها تهز كتفها بلا مبالاة قائلة

:يعنى انا متعودتش حد يرفض ليا طلب ..واظن انا من حقى احدد هعيش فين ومع مين يا عادل

عادل بصوت بارد

: طيب ولو قلت لا يا ياسمين مش هعمل اللى طلبتيه ..ولا هسيب بيت اهلى ابدا ؟

احتقن وجهها من رده البارد عليها لكنها اجابته بغرور وثقة من يملك الورقة الرابحة

:يبقى ساعتها اقولك كل شيئ قسمة ونصيب ..وتعال علشان تقعد مع باباه وتنهى كل حاجة معاه

ساد الصمت من طرفه فترة طويلة ليدب الخوف فى قلبها تختفى ثقتها وهى تناديه بعدم يقين ليأتى صوته بعدها قائلا

:خلاص يا ياسمين اللى تشوفيه..وماشى كلامك

ارتفعت نظرة غرور فى عينيها تنشق شفتيها ببسمة انتصار و لكن سرعان ما اختفت فور ان سمعته يكمل ببرودة شديدة وحسم

: بلغى عم منصور انى جاى بعد المغرب ..وزى ما قلتى كل شيئ قسمة ونصيب

اغلقت المكالمة من طرفه بعد حديثه فورا فاخذت تتطلع الى الهاتف بعيون مصدومة وفم مفتوح ذهولا

فلم تكن تتخيل ان يكون رده عليها حاسم وبهذه السرعة فما قالته لم يكن سوى تهديد فارغ منها فى الهواء لم تريد به سوى الضغط عليه حتى يرضخ لتنفيذ طلبها ترتجف رعبا مما هو اتى وهى تفكر كيف ستبلغ ابيها وصالح بما حدث الان فلو قتلوها بعد علمهم بما فعلته وقالته سيكون قليلا عليها من وجهة نظرهم

**********************

دلف الى داخل الغرفة تتسمر قدميه حين وجدها تقف امام المرآة تحاول وضع القليل من الزينة على وجهها ليهتف بها بحدة

:انتى بتعملى ايه ...متحطيش اى هباب من ده على وشك

رمت القلم من يدها بحدة فوق طاولة الزينة تلتفت له هاتفة بغضب ومازال الارهاق والاحمرار ظاهر فى عينيها

: يعنى عاوزنى اطلع لضيوفك بوشى عامل كده

اقترب منها ببطء وفوق شفتيه ابتسامة اذابتها رغما عنها ونظراته المحدقة بها والتى تنبض بالحياة اذابت قلبها تتقاذف نبضاته بشدة فى صدرها حين انحنى عليها يهمس برقة ونعومة اذابت الباقى منها

:ومالك كده..مانت زى القمر اهو ..

اغمضت عينيها ترتجف بقوة وهى تشعر بشفتيه تلامس وجنتيها برقة ثم يعتدل ببطء عينيه تتطلع فى عينيها بشغف لم يستطع السيطرة عليه هامسا

:ده يمكن حتى انتى احلى منه كمان..

شعرت كأنها تمسك النجوم وتطفو فوق غيمة وردية صنعتها كلماته لها لكن سرعان ما اختفت بعد ان نهرت نفسها لسقوطها تحت تأثير سحره عليها يحل بدلا عنها اخرى عاصفة محملة بالصواعق فقد سئمت تلاعبه بها وتقلبه الدائم معها من البارد الى الساخن والعكس لذا دفعت بكفيها فى صدره تدفعه بقسوة تبعده عنها هاتفة بغضب وعصبية

:طب ابعد كده علشان انا خلاص قربت اجيب اخرى

تحركت ناحية الباب بخطوات غاضبة لكن اوقفها صوت المتسائل بجدية رغم الابتسامة على شفتيه

:وايه هو اخرك بالظبط يا فرح ؟!

اجابته بهدوء دون ان تلتفت له ويدها فوق مقبض الباب تمسكه بقوة

: صدقنى انا نفسى مش عرفاه ..بس متأكدة انه لو حصل ساعتها مش هيعجبك ولا هيعجبنى

*****************

جلس انور ومعه ثلاثة من الرجال مفتولى العضلات فى احدى المقاهى يهتف بهم بتحذير وحدة

:عاوز ضرب موت مش عاوز فى جسمه حتة سليمة ولو ممكن كمان خبطة مطوة تجيب اجله يبقى حلو اووى

هز احدى الرجال رأسه برفض قائلا بصوت اجش غليظ

:لاا يا معلم ضرب المطاوى ده ملناش فيه ...عاوزة علقة موت مااشى لكن نزفر ادينا لااا

انور بغلظة هو الاخر ووجه مستنكر

:لاا راجل ياض..ده على اساس دمه اللى هيسيح من الضرب ميبقاش تنزفير ..

نفخ من انفه بغيظ واحباط يكمل بعدها موافقا على مضض

:ضرب ضرب ..المهم يتعجن فيها وعلى القليل يقعد فيها سنة فى الفرشة مدغدغ ..مين عارف مش يمكن يخلص فى اديكم وهتبقى جت من عند ربنا

همهم الرجالة له بالموافقة ليدخل انور يده داخل جيب بنطاله يخرج منه رزمة من الاوراق المالية يدفعها ناحيتهم اختطفوها منه بعيون جشعة وايدى متلهفة فيهتف لهم بحزم

:مش هواصيكم عاوزة علقة موت ..مش عاوز امه نفسها تعرفه من كتر الضرب اللى هياخده

التمعت عينيه بالغل يكمل هامسا بحقد وغيرة يتأكلاه

:وتبقى تفرح بنت ال**** بجوازة الهنا وعريس الغفلة وهو راجع  لها مفيش فى جسمه حتة سليمة

                     الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>