رواية ظلمها عشقا الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12بقلم ايمي نور

 

رواية ظلمها عشقا

بقلم ايمي نور 

.

الفصل الحادى عشر

وقفت سمر ومعها ياسمين امام الباب الخارجى للشقة الخاصة بالوالدين بعد قضائهم الكثير من الوقت فى اعداد مخططهم لاستعادة عادل تسألها سمر بلهجة تحذرية

:متتكلميش انتى انا اللى هتكلم وهقولهم انى عوزاكى معايا فى مشوار ولما نخرج هنعمل اللى اتفقنا عليه

اومأت لها ياسمين موافقة تفتح الباب ليدلفا معا الى الداخل يقفا يتطلعان الى بعضهما بحيرة وقد وصل الى سمعهما اصوات اتية من غرفة الاستقبال فتسال سمر بفضول

:هو ابوكى عنده ضيوف ولا ايه؟!

هزت ياسمين كتفيها بعدم معرفة لتعقد سمر حاجبيها بشدة تتقدم ناحية الغرفة ببطء وحذر وقد وصلها صوت الحاجة انصاف وهى تتحدث بصوت متوتر حرج

:اهلا يا ست ام شاكر شرفتينا ياختى والله

ام شاكر وهى تتململ فى جلستها حرجا وبصوت متحشرج

:يخليكى ياختى..والف سلامة على صالح ربنا يقومه بالسلامة يارب ويطمنكم عليه

ساد الصمت المكان مرة اخرى بعد حديثها هذا حتى قاطعه الحاج منصور يتسأل بحرج هو الاخر

:هو شاكر مجاش معاكم ليه...ده مكلمنى وقايل انه هيشرفنا

دوى صوت امانى فى اذن سمر التى تتوارى خلف الباب كقنبلة مدوية وهى تتحدث قائلة بثقة وتحدى

:شاكر مقدرش يجى المرة دى ..بس المرة الجاية اكيد هيجى معانا علشان يطمن على صالح

شحب وجه انصاف ومنصور يتطلعان الى بعضهم بتوتر واضطراب لتسرع والدتها فى القول تحاول اصلاح ما يمكن اصلاحه من وضعهم الشائك فى تلك الزيارة المشئومة ضد اعرافها وقد اتت الى هنا على مضض وبعد محاولات منها لأعتراض بشدة ولكنها استسلمت اخيرا لرغبة ابنائها الحمقى فيما ارادا لتجلس الان وهى تكاد تغرق فى عرق حرجها قائلة بتوتر

:احنا قلنا نجى نطمن عليه ..ماهو برضه صالح فى معزة شاكر وغالى عندنا.. والعشرة برضه متهونش الا على ولاد الحرام ولا ايه ...

اسرعا الزوجين فى تأيدها بحماس مضطرب لكن اتى سؤال امانى الملهوف لهم ليتخشب جسدهم توترا حين سألت

:فين صالح ؟!عاوزة اشوفه واطمن عليه ..هو فوق مش كده؟!

هنا ودفعت سمر بجسدها تقتحم المكان قائلة بأبتسامة سمجة شامتة

:اه صالح فوق يا امانى ..بس مع عروسته اظن يعنى مينفعش تطلعى ليهم فى وقت زى ده ولا ايه ياحاجة؟!

التفتت الى والدة امانى تتوجه اليها بالسؤال والتى اخد وجهها يتفصد عرقا بشدة وهى تهز لها 

رأسها بالايجاب لكن امانى لم تستسلم تقف على قدميها تهتف بغضب وعينيها تلتمع بشدة غلاً

:بقى كده يا سمر ..طب ايه رأيك انا هطلع غصب عن ال..

نهض الحاج منصور من مقعده قائلا بحزم

:مفيش داعى يابنتى لكل ده ..صالح....

اسرعت انصاف تنهض هى الاخرى تقاطعه بلهفة وصوت مضطرب متلعثم تنظر له نظرة ذات مغزى

:خرج ..صالح خرج يا حبيبتى من شوية راح مع مراته للدكتور ..ده حتى سمر متعرفش ..دول لسه خارجين حالا وهيطلعوا من هناك على بيت اهلها علشان....

التفتت اليها امانى بوجه محتقن من شدة الغضب تهم بالرد عليها ردا حاد لكن اسرعت والدتها بالنهوض تصمتها بالشد على ذراعها بقوة منعا للمزيد من الاحراج لهم ثم تمسك بحقيبتها وحقيبة ابنتها قائلة بكلمات سريعة

:بسلامة ياختى ..احنا الحمد لله اطمنا عليه منكم ..وابقوا وصلوا ليه سلامنا لما يرجع ...يلا بينا يا امانى

وقفت امانى مكانها تتسمر بالارض تتطلع بنظرات معترضة الى والدتها تهم بالحديث لكن اصمتتها نظرة عينيها الحازمة تحذرها بها وهى تكرر ندائها لها مرة اخرى ببطء وتشدد لتزفر امانى بقوة تختطف حقيبتها بعضب من يدها ثم تسرع بالخروج تمر من امام الجميع متجاهلة لهم بخطوات حانقة حتى مرت بجوار سمر وياسمين المتابعة بصمت واهتمام كأنها تشاهد احد افلام الاثارة والاكشن وهى تستمع الى همس سمر الشامت

:نورتينا يا امانى ..وياريت الزيارة دى متتكررش تانى

التفتت اليها امانى بعيون محتقنة وملامح شرسة تفح من بين انفاسها

:متحلميش وراجعة تانى يا سمر..بس المرة الجاية انتى اللى هتبقى برة مش انا

قابلت سمر حديثها بابتسامة ساخرة تقلل من اهميته لتخرج بعدها امانى من المكان تتبعها والدتها والحاج منصور وانصاف لتودعهم حتى الباب الخارجى لتلتفت انصاف الى سمر بعد ذهابهم مع الحاج منصور تنهرها بحدة وصوت عاتب

:مكنش ليه لازمة ياسمر اللى حصل ده ..احنا كنا هتنصرف معاهم انا وعمك الحاج

اقتربت منها سمر تهتف ساخرة

:تتصرفى ايه بس يا خالتى..دى كانت عاوزة تطلع لصالح فوق.. عارفة لو ده حصل كان هيجرى ؟ كان البيت هتقوم فيه حريقة ويولع نار

اسرعت ياسمين مؤيدة لسمر قائلة

:صح يا ماما كلام سمر وبعدين دول عالم بجحة اوى مينفعش معاهم غير كده..جاين يزورونا ازى بعد اللى حصل منهم

هزت انصاف رأسها بحيرة

:والله يابنتى مانا عارفة ..اهو اللى حصل حصل ..ربنا يستر بس واخوكى ميعرفش بزيارتهم ويقلبها حريقة

اسرعت سمر قائلة بتأكيد وعيون امتلأت

باللؤم

:طبعا استحالة حد فينا يقوله ولا يعرفه ..ولا ايه ياسمين؟

هزت ياسمين رأسها مؤكدة دون حماس كأن الامر لا يعنيها قبل ان تشير الى سمر خفية ناحية والدتها لتسرع سمر قائلة

:من حق يا خالتى ..كنت عاوزة استأذنك اخرج مع ياسمين نجيب شوية حاجات من جوه البلد ومش هنتأخر والله

انصاف بصوت مرهق متعب

:مااشى.. بس اتصلى بجوزك عرفيه انك خارجة ..ومتتأخريش انتى وهى ..انا مفيش فيا دماغ لشقاوة عيالك

ابتسمت ياسمين بسعادة ثم تهرع فى اتجاه غرفتها للاستعداد اما سمر فقد اسرعت بالتحرك هى الاخرى لصعود لشقتها قائلة بتلهف وطاعة مصطنعة

:من عيونى يا حبيبتى ..انا هطلع اكلم حسن واجهز وانزل حالا

خرجت من الباب ثم وقفت خارجه عينيها تلتمع بفرحة قائلة بأبتسامة خبيثة

:وهو بالمرة اطمن على العرسان عاملين ايه ..ده واجب برضه

**********************

استلقت براحة جواره تستمتع بدفء قربه منها وذراعيه المحيطة بها بعد عاصفة عواطفهم والتى استنزفت قواهم تشعر بجفونها تنغلق ببطء رغبة فى النوم حتى سمعته وهو يأن بألم حين حاول الجلوس بالاعتدال فى الفراش يمسك بذراعه المصاب تتنبه جميع حواسها فورا فتهب من الفراش فورا ناهضة ثم تسرع فى ارتداء قميصها البيتى الملقى ارضا بتعثر وهى لا تعير صياحه المعترض ولا طلبه منها بالعودة اليه مرة اخرى اهتماما هذه المرة هاتفة به بحزم

: لاا.. انا هروح حالا احضرلك الاكل علشان تاخد علاجك ..انا مش عارفة انا نسيت علاجك كده ازى

تنهد مستسلماً بعد ردها الحازم هذا عليه ثم يسألها بوجه يتغضن بألم وهو يمسك بذراعه يحاول الجلوس مرة اخرى قائلا بصوت مسالم ضعيف

:طب وحياتك يا فرح تعالى اعدلى ليا المخدة ورا ضهرى قبل ما تخرجى

التفت حول الفراش تتقدم منه بتلهف وخوف وهى ترى المه المرتسم فوق ملامحه تنحنى عليه حتى تقوم بما اراد منها لكنها وفى لمح البصر وجدت نفسها تسقط جالسة فوق ساقيه شاهقة بقوة بعد ان جذبها من ذراعها نحوه منحنيا عليها وقد اختفى اى اثر لالم من على وجهه وعينيه تلتمع بشقاوة وهو يهمس لها بخبث ومرح

:اكل ايه وعلاج ايه انتى عبيطة يا فرح ..

ثم مرر عينيه فوق منحنياتها ببطء شديد جدا قائلا بنعومة يمرر طرف لسانه فوق شفتيه بتلذذ كأنه يتذوقها

:دانا مصدقت يوقع تحت ايدى 

حتة شوكولاتة ملفوفة لفة وصاية.. لا وايه كلها مكسرات..وانتى تقوليلى اكل!

استقر بنظراته فوق وجهها المشتعل خجلا ينحنى فوق وجنتيها يلثمها برقة كرفرفة الفراشة هامسا

:يعنى مثلا هنا فيه بندق

ثم ينتقل الى الناحية الاخرى يقبلها بنفس الرقة هامسا

: وهنا فسدق ..اما هنا بقى فا لوووز

كانت شفتيه مع كلمة حروف كلماته الاخيرة قد وصل الى شفتيها ليهمسها فوقها بشوق وتأن شديد قبل يلتمها بشفتيه يقبلها بشغف وجنون ليذيبها بين يديه فى استجابة سريعة منها لفورة مشاعره المشتعلة للحظات طوال سرقت منهم الانفاس وتعالت معها ضربات قلبهم يسرقهم الزمن وهما يعاودا السقوط فى نعيمهم الخاص

حتى عادا اخيرا من رحلة عشقهم يغمض عينيه وهو يستند بجبهته فوق جبهتها ينهت بقوة قبل ان يلثم شفتيها بنعومة ثم يتراجع بجسده فوق الفراش يجذبها معه محتضنا لها وانامله تزيح خصلات شعرها بعيد عن وجهها بحنان وهى تنظر اليها وابتسامة مشرقة تزين شفتيها مع حمرة خدها لتجعلها فى عينيه من اجمل ايات الجمال التى رأتها عيونه ليظل اسير جمالها هذا يتأملها بنظرات شغوف يسود الصمت والهدوء الغرفة للحظات استقرت فيها انفاسهم المسروقة اخيرا لكنه عاد يزفر بأحباط حين وجدها تبتعد عنه تعود النهوض من جواره مرة اخرى تلتقط قميصها وترتديه بسرعة وارتباك ثم ترفع سبابتها تهتف به بصرامة رغم النعومة بملامحها بعد ان رأته يهم بالاعتراض على فعلتها

:شوف المرة دى هتسمع كلامى انا ..هتاكل وتاخد علاجك وبعدين ...

هزت كتفها بدلال خجل تكمل بخفوت

:لو عاوز بعدها تحلى بالشوكولاتة مش هقولك لاا ..بس الاكل الاول

اسرعت بالهروب فورا من الغرفة تتبعها ضحكته المرحة الصاخبة والتى البهت مشاعرها يرقص قلبها بفرحة مع ابتسامة سعيدة هانئة تزين ثغرها طوال فترة اعداد وجبة الطعام له ثم تسرع عائدة له ليمضى بهم الوقت فى تناول الطعام معا يطعم كلاً منهم الاخر همايتبادلان اطراف الحديث والمزاح سويا فى وقت كان من اسعد واحب الاوقات الى قلبها فيكفيها وجودها معه فى نفس المكان تتنفس من نفس الهواء الذى يتنفسه يحيطها بوجوده ولا تريد شيئا اخر سواه.. يكفيها هذا فقط

بعد انتهائهم قامت بجلب الدواء اليه فتناوله منها دون اعتراض هذه المرة بعد ان لاحظت اكثر من مرة قيامه بالضغط فوق شفتيه بالم وارهاق وجهه الشديد ثم وضعت ذراعه وساقه فوق الوسائد رغم اعتراضه على هذا قائلة بصوت رقيق لكنه حازم

:انت هتريح دراعك ورجلك بس لحد ما ارجع الاكل المطبخ واعملك الشاى ..اتفقنا

هز رأسه لها موافقا يتراجع بظهره فى الفراش حتى اصبح مستلقيا تماما يغمض عينيه بأستسلام فأبتسمت بحنان تراقبه لبرهة وهى تعلم بسقوطه تدريجاً فى النوم من تأثير الادوية ثم خرجت بعدها من الغرفة على اطراف اصابعها تغلق الباب خلفها بهدوء.........

********************

خرجت من الحمام بعد حين وهى تقوم بتجفيف خصلات شعرها بالمنشفة تدلف الى داخل الغرفة وبهدوء شديد تحركت نحو الفراش لتطمئن عليه كأم تتفقد وليدها لتجده مازال مستغرقا فى النوم بعمق لتدثره جديدا بالغطاء تلثم جبينه برقة تتطلع اليه بحب لبرهة ثم تمشى ببطء على اطراف اصابعها حتى خزانتها تقوم باعداد نفسها سريعا وارتداء قلادتها هديته لها ثم تعاود الخروج من الغرفة مرة اخرى بهدوء شديد بعد ان القت عليه نظرة اخرى تتفقده بها خوفا من استيقاظه ولكن ما ان خرجت من باب الغرفة حتى تعالى صوت الجرس ينبأ بقدوم زوار لهم لتسرع بالتقاط اسدالها الملقى على احد المقاعد ترتديه سريعا عليها ثم تعدو نحو الباب لفتحه خوفا ان يقوم صوت الجرس الملح فى ايقاظه تبتسم برسمية وادب حين طالعها وجه سمر المبتسمة هى الاخرى وهى تهتف

:ايه يا عروسة صحيتك من النوم يا حبيبتى

ابتعدت فرح للجانب مشيرة لها بالدخول بترحاب وهى تعدل ومن وضع حجابها

:لاا يا ام منصور انا كنت صاحية ..صالح هو اللى نايم علشان اخد الدوا

تقدمت سمر للداخل تجلس فوق مقعد فى غرفة المعيشة قائلة

:نوم العافية ان شاء الله ...النوم كويس ليه برضه

همهمت بحذر وارتباك مصطنعين لكن حرصت على وصول حديثها لفرح

:وهو برضه كويس علشان ميعرفش حاجة عن الضيوف اللى تحت

جلست فرح فى المقعد المقابل لها تسألها بفضول حذر

:ومين دول الضيوف اللى مش عاوزة صالح يعرف عنهم؟!

اخذت سمر تتلفت حولها تضغط فوق شفتيها باضطراب كانها صدمت لسماع فرح لحديثها قائلة بارتباك وحرج مصطنع

:اقولك ايه بس..انا مش عارفة الناس دى جنسها ايه والله ...بعد كل اللى عملته بنتهم ..

زفرت بحدة تقطع حديثها يرتسم على وجهها النفور والاستياء لتعاود فرح سؤالها بقلق وقد تعالت ضربات قلبها هالعا بعد ان علمت بهوية الزوار لكنها تحتاج لسماعها منها حتى تتأكد لتتنهد سمر بقوة قائلة كأنها لاتجد مفر من اخبارها

:الست امانى طليقة صالح جاية ومعاها امها عاوزين يشوفوا صالح ...بس انا مسكتش ليها ومشتها هى وامها بعد مسمعتهم كلمتين حلوين

واخذت تتحدث بحدة واستهجان وهى تخبر فرح عما فعلته لكن فرح كانت كأنها فى عالم اخر تتطلع اليها بنظرات متجمدة ووجهها شاحب شحوب الموتى ولكن سمر اخذت تكمل كأنها لا تنتبه لحالتها تلك قائلة بتهكم محتقر

:البت ياختى ماشوفتش فى بجاحتها بعد ما طلبت منه الطلاق وصممت عليه وهو ياحبة عينى ساق عليها طوب الارض علشان ترجع له ...جايه دلوقت هى والمحروسة امها تعيده من تانى ..

تنهدت تهز رأسها كأنها تستنكر ما يحدث لكن كان فى تلك اللحظة كل تركيز فرح منصب عند كلمات المتعلقة بطلاق صالح تلتفت اليها تسألها بصوت بلا حياة خافت

:هى امانى اللى طلبت الطلاق من صالح ومش هو اللى طلقها زى ما عرفنا؟!

لوت سمر شفتيها بشفقة مصطنعة وهى تمد يدها ناحية فرح المتخشبة فى مقعدها كأنها ثمثال بلا روح تمسك بيدها المتجمدة تربت فوقها تكمل قائلة

:اه ياحبيبتى هى اللى طلبت ومحدش قدر يقف قصادها وقتها ..كنا فاكرينها مشكلة صغيرة وهتعدى مابينهم خصوصا ان صالح يعنى ..

صمتت للحظة تدعى التردد كانها لاتدرى اتكمل ما تقوله ام لا ثم استأنفت حديثها تلوى سكينها بقسوة اكثر داخل قلب فرح

:اقصد يعنى انه كان متمسك بيها وحاول كذا مرة هو والحاج الكبير يرجعوها ..بس اهو بقى هنقول ايه نصيب

قتلتها ببطء شديد مع كل حقيقة تخبرها بها وقلبها ينزف دمائه بغزارة ثم ينقبض بطريقة مميتة وسمر تكمل دون شفقة غافلة عما يحدث لها حتى انها ارادت الصراخ بها حتى تكف عن الحديث وهى تتحدث تؤكد بحزم وسرعة

:بس كان لازم يحصل كده ويتجوز ويشوف حياته من بعدها ..هى فاكرة ايه ؟!انه هيفضل يتحايل عليها طول العمر بنت ال****

تنهدت تهز رأسها كأنها تستنكر ما يحدث لتزفر فرح انفاسها وهى تقبض يديها فى حجرها بقوة ثم تتنفس بعمق قائلة بنبرة منكسرة لم تستطع اخفائها

:عندك حق ..وزى ما قلتى كل شيىء قسمة ونصيب

رقصت سمر فرحا بسماعها نبرة الانكسار هذه فى صوتها وقد علمت بنجاح ما ارادته واكثر من زيارتها تلك فقد نوت فى البداية اخبارصالح عن زيارة امانى حتى تشعل نيران غضبه وثورته وهى اعلم الناس بنوبات عضبه تلك وما تخلقه من دمار خلفها تمنى النفس ان تطال تلك النوبة عروسه وقتها وتكون اول مسمار منها تدقه فى نعش زواجهم ولكنها وفور علمها بنومه اسرعت تشكر حظها الحسن وتغير فوراً من خطتها تشعل بأكاذيبها نيران عروسه بدلاً عنه ثم ستجلس وتضع قدم فوق اخرى وتشاهد ما سيحدث بينهم تاليا

اقتربت من فرح تربت فوق كفها قائلة نبرة مشفقة وهى تستعطفها

:يقطعنى ياختى انا مش عارفة انسحبت من لسانى كده ازى ..ده لو صالح ولا حسن جوزى عرفوا ان كلمتك عن حاجة زى دى هيبقى فيها موتى

هزت لها فرح رأسها بالنفى كالمغيبة قائلة بصوت سطحى بلا مشاعر

:متخفيش يام منصور ..مفيش حد هيعرف بكلامنا ولا انى عرفت بزيارة امانى

نهضت سمر واقفة ببطء تربت فوق كتف فرح تهمهم بكلمات شاكرة ممتنة ثم تغادر المكان فورا وقد نالت ما ارادته واكثر قليلا حين التفت خلفها تلقى بنظرة ناحية فرح قبل مغادرتها فتراها جالسة كما هى تنظر امامها بثبات وجسد متجمد بلا روح تغلق الباب خلفها وقد تهلل وجهها بالسعادة

اما فرح فقد جلست بأعين اغرورقت بالدموع ووجه شاحب شحوب الموتى لا تدرى كم مر عليها وهى جالسة على هذا الوضع دقائق كانت ام ساعات

 تتأكلها الافكار تنخر قلبها حقيقة ان طليقته هى من تركته وانهت الحياة بينهم وليس هو كما ارادت ان تقنع نفسها وتألمها اكثر معرفتها بمحاولاته اعادتها اليه اكثر من مرة ورفضها هى ذلك ..وقد فسرت معرفتها هذه ماحدث ليلة زفافهم واسراعه للرد عليها وقتها دون تردد ..كما يفسر لها اتصالها به ليلتها بل ويوضح ايضا جرأتها على حضورها الى هنا لرؤيته فهى واثقة كل الثقة بترحابه بها مهما حدث منها ولن يكون زواجه بأخرى عائقأ لها لجذبه ومحاولة اعادته لها مرة اخرى..هاجمها هاجس اخر كان القشة التى قطمت ظهر البعير ان يكون زواجه منها هى كان فى الاساس محاولة منه لدفع طلقيته للغيرة والتلهف عليه من جديد حين تشعر بالندم على خسارتها له..

سقطت دموعها تتسابق فوق وجنتها شاهقة بألم وهى تبكى بحرقة للحظات طوال استنزفت قواها خلالها تشعر بأنهيار العالم من حولها

لكنها وفجأة صمتت تكف عن البكاء تسرع بمحو تلك الدموع سريعا ثم تهب واقفة على قدميها عازمة على التحدث اليه ووضع الكثير النقاط بينهم ولن تظل صامتة تقبل وتتغاضى عما سمعته منذ قليل كما اراد منها قلبها الخائن ان تفعل خوفا من الخسارة وتترك نفسها حتى تتأكلها النيران ببطء فتنهيها دون شفقة لذا تحركت تسير ناحية غرفة النوم تقف على بابها تتطلع اليها بوجوم وقد عاودتها غصة معرفة ان تلك كانت غرفتها معه قبلعا و انها قد سبقتها اليها

كارهة تلك الانفاس التى تلتقطها داخلها لكنها زفرت بقوة حتى تتحامل على نفسها تسير نحو الفراش بهدوء حتى وقفت امامه تتطلع اليه بصمت بعيون منكسرة وشفاه ترتجف وهى تحاول من نفسها من الانهيار فى البكاء مرة اخرى تراه كما هو منذ ان تركته نائما بعمق وملامح مسترخية وهى تهمس بتحشرج وصوت ضعيف باكى تناديه لكن لم تأتى منه استجابة لتعاود النداء مرة اخرى ولكن هذا المرة بصوت قوى حاد يحمل كل ما بها من غضب والم تطالبه بالاستيقاظ ليستجيب لها هذه المرة وليته لم يفعل وظل كما هو نائما لا يستجيب لندائها تتراجع الى الخلف شاهقة بحدة لالتقاط الانفاس كمن طعن غدراً وعلى حين غفلة منه حين تقلب على جانبه وهو يهمهم بضيق ونزق بكلمات بطيئة متعثرة من اثر النوم لكن كانت لها واضحة وضح الشمس حين قال

:سبينى ياامانى انا تعبان دلوقت ..شوية وهبقى اقوم .....

********************

دخلت الى المكان تنظر حولها بارتباك وتوتر حتى اتى صوته الهادىء من خلفها مرحبا بها فلتفت سريعا بأتجاهه تمد يدها اليه بترحاب قائلة بصوت عملى رغم الخجل به

:اهلا بيك يا استاذ عادل ..اسفة لو جيت بدرى عن الميعاد بس قلت اعدى على حضرتك بعد الشغل

:ابتسم عادل برقة يهز رأسه بالنفى قائلا

:لااا ولا يهمك ..انا كده كده موجود

ابتسمت سماح هى الاخرى له تتبعه بعد ان اشار اليها بأتجاه حجرة من الواضح انها تعد لتكون مكتب له تجلس على احدى المقاعد ويجلس هو الاخر على واحد اخر ويبدء فور فى الحديث قائلا بجدية وصوت هادىء

:شوفى يا انسة سماح انا عارف اننا اتفقنا على شهر علشان تبتدى معايا هنا ..بس بصراحة انا عاوز نقدم الميعاد عن كده لو ده مفيش فيه مشكلة ليكى

هزت سماح رأسها بالنفى قائلة بصوت هادىء هى الاخرى

:لا ابدا يا استاذ عادل ..انا مستعدة وجاهزة فى اى وقت وكلمت خلاص ابو نور علشان يشوف بديلة ..بس ادينى فرصة لبكرة اتفق معاه على كل حاجة

ارتسمت ابتسامة اعجاب فوق شفتى عادل قائلا

:واضح ان كلام الحاج منصور عنك صحيح انك بتحبى تكونى مستعدة لاى طارىء واد المسئولية

توردت وجنتى سماح تبتسم هى الاخرى لكن بخجل قائلة

:متشكرة ليك اووى يا استاذ عادل وان شاء الله اكون عند حسن ظنكم فيا

تقدم عادل لامام فى جلسته يهتف بتأكيد وحسم

: دى حاجة انا متاكدة منها يا سماح ..

ثم ابتسم يكمل قائلا

:ايه رايك بقى اعرفك امور المكتب ونظام شغلنا لانى هحتاجك معايا هنا وفى المكتب التانى لحد ما تستقر الامور

هزت له سماح رأسها بالموافقة ليشرع عادل فى شرح الامور الخاصة بالعمل وقد جلست سماح تستمع اليه بانتباه حتى قاطعهم رنين هاتفه ليستأذنها للرد يخرجه من جيبه ينظر لهوية المتصل لتتبدل حاله فورا وقد عقد حاحبيه بشدة وظهر الضيق فوق وجهه وهو يضغط زر انهاء المكالمة دون رد ولكن ما ان هم بأعادته لجيبه حتى عاود الرنين مرة اخرى ليزفر بحدة وغضب جعل سماح تتسأل بصمت وفضول عن هاوية المتصل المسئول عن حالته تلك تتسع عينيها بذهول حين وجدته يهتف بحدة وبنفاذ صبر

:مش فاضى دلوقت يا ياسمين عندى شغل هبقى اكلمك بعدين

صمت لبرهة عاقدا حاجبيه بحيرة قائلا بعدها

:اهلا ياست ام منصور ..

صمت مرة اخرى يستمع الى الطرف الاخر ثم نهض على قدميه واقفا يهتف بجزع

:وهى حصلها حاجة ..وطيب انتوا فين دلوقت.. خلاص ثوانى وهكون عندكم

وبالفعل كان فى اتجاهه للخارج بعد القى بأعتذار سريع لسماح والتى وقفت بعد خروجه السريع الملهوف هذا تتسأل بفضول وتفكير

:ام منصور مين .. مش دى المفروض ياسمين خطيبته.. ولا دى تبقى ....

ضيقت عينيها بتركيز تضع حقيبتها فوق كتفها قائلة بحزم

:لااا كده الموضوع يستاهل اضحى واروح اشحن كرت فكة واكلم البت فرح ..مانا لازم اعرف فى ايه والا يحصلى حاجة لو معرفتش

************************

🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔴🔵

الحلقة 12 

.


الفصل الثانى عشر

وقفت تتطلع اليه وهو يعود هانئ الى نومه مرة اخرى تشعر بحرارة دمائها ترتفع فى جسدها تصل حد الغليان قبل ان تندفع دفعة واحدة لخلايا عقلها بقوة تغشى عينيها  وهى فى طريقها بستار احمر من الغضب جعلها تبحث حولها كالمجنونة عن شيئ تستطيع قذفه به فلم تجده فتندفع ناحية الفراش بخطوات سريعة حدة تدفعه فى كتفه بقبضتها  صارخة

: اصحى يا صالح بيه وقوم هنا كلمنى

هب صالح جالسا فى الفراش يهتف بذعر

:اايه فى ايه ...مالك يافرح؟!

صاحت به بحنق وصوتها العالى يشق اذنيه من شدة حدته

:لاا والله ...لا بجد كتر خيرك ..الحمد لله اخيرا عرفت ان فى واحدة متجوزها اسمها فرح

عقد صالح حاجبيه بشدة ينظر اليها بعيون مشتعلة ثائرة وقد اختفى كل اثر للنوم بداخلهم  قائلا بهدوء محذرا

: صوتك ميعلاش وانتى بتكلمينى وبلاش الاسلوب ده معايا ..

فرح وقد اختنق صوتها وتحشرج من اثر غصات البكاء التى تكتمها حتى لا تنهار باكية امامه تهتف بغضب وعيون شرسة تتطلع اليه

:لا انا اتكلم زى مانا عاوزة ...لما اسمعك بتنادى بأسم واحدة تانية وانت نايم يبقى ليا حق اعمل كل اللى عوزاه

اتسعت حدقتيه يتطلع اليها بذهول وعدم تصديق لتهز له رأسها بقوة صارخة

:ايوه يا صالح بيه حصل وانا بصحيك من شوية

رفعت ذراعيها تهتف بطريقة مسرحية مقلدة صوته رغم ارتعاشة شفتيها وحالتها التى اصبحت على حافة الانفجار

:سبينى دلوقت يا امانى .. دلوقت هبقى اقوم

اندفعت نحوه تنكز بقوة فى كتفه مرة اخرى صارخة

:امانى هااا..امانى ياسى صالح ...امانى اللى انت لسه....

اختنق صوتها بشدة فلم تستطيع قولها تنهار مقاومتها وتماسكها  لتنفجر باكية وهى تفر هاربة من امامه تخرج من الغرفة تمام تتركه مكانه جالسا بعيون متسعة ذهولا مصدوم مما قالته لبرهة  قبل ان ينهض من الفراش وهو يدمدم لاعنا نفسه هو وامانى بأفظع الصفات قائلا بعدها بحنق

: يلعن امانى على اليوم اللى شوفت فيه امانى ..على لسانى اللى عاوز قطعه هو كمان ..هو انا مش هرتاح بقى من ام الحوار ده

اندفع يهرول خلفها يتطلع حوله بحثا عنها ليجدها اخيرا تلتف حول نفسها كالكرة فوق اريكة غرفة المعيشة تبكى بشهقات عالية تسببت فى انتفاضة الم فى صدره لرؤيته لها بتلك الحالة

فأغلق عينيه بشدة يلعن نفسه بخفوت وهو يقترب منها ببطء ثم يجثو على ركبتيه امامها متجاهلا صرخة قدمه المتألمة لفعلته تلك ينحنى عليها يزيح بنعومة خصلات شعرها المبعثرة فوق وجنتيها بعيدا ثم يلثملها برقة وهو يهمس باعتذار بصوت اسف

:حقك عليا متزعليش ..انا  اسف والله مش عارف انا قلت كده ازى

ظلت على حالها ينتفض جسدها بشهقات بكائها مغمضة العينين بقوة ترتعش شفتيها كطفلة باكية  لا يظهر عليها تأثراً من حديثه ولا اهتماماً به ليزفر صالح بقوة يكمل بصوت نادم يحاول توضيح حقيقة الامر لها

: كل الحكاية انها مسألة تعود مش اكتر ..ده غير كمان العلاج الزفت اللى بيخلينى انام زى القتيل مش دارى بقول ايه

ابتسم برجاء تتلاعب انامله بخصلات شعرها قائلا 

:انا عارف انى غلطان ..بس انتى هتطلعى اجدع منى وهتصلحينى و مش هتزعلى منى

كانت اثناء حديثه وبرغم ارتجافها وشهقات بكائها فتظهر له كانها لا تستمع ولا تهتم لما يقول الا انها كانت داخل دوامة من التخبط تتأثر رغما عنها بحديثه واعتذار الرقيق هذا لها وجعلها هذا تتسائل بحيرة

هل تلبى نداء عقلها لها وتقوم بأخباره الان بكل شكوكها وما علمت به اليوم من زوجة اخيه لعله لديه ما يهدىء بها جروحها كما فعل فى مسألة نطقه باسمها  لكنها ترتعب بداخلها ينقبض قلبها  هلعا وخوفا ان ترى فى عينيه حقيقة اصبحت تخشاها وبدلا من ينكرها يبوح لها بعشقه لاخرى غيرها  وقد اصبح لا يحتاج لاخفاء الامر بعد علمها عنه تتمنى لو كانت الحقيقة كلها تقتصر فقط على ماقاله وان الامر لا يتعدى عن كونه عادة منه لاكثر و تأثير الادوية عليه  لكنه لم يكن كما تتمنى وليس كل ما يتمناه المرء يدركه فلا هى تستطيع ايقاف تألمها بعلمها ان الامر اكبر من مجرد هفوة وذلة لسان منه مثلما هو الاخر لايستطيع نسيان شريكته الاولى الى الان برغم زواجه منها

لكن اذا  كان على استعداد للأعتذار لها وبهذا الالحاح برغم علمها بطبيعته وصعوبة هذا عليه حتى يحصل على غفرانها ومحاولته لتخطى ما حدث حتى ينجح الامر بينهم  فلما لا تفعل هى الاخرى مثله ونسيان و تخطى كل ماعرفته وتحاول البدء معه من جديد لعلى وعسى قد تستطيع  جعله يحبها وتنسيه الاخرى ويصبح عاشقا متيما بها هى فقط دون سواها 

لذا تنفست بعمق فى محاولة لايقاف دموعها المنهمرة وهى تسمعه يهمس بأسمها بصوت يائس مترجى ترفع عينها نحوه ببطء تتطلع نحوه وقد اصبح لون عينيها كالفضة الذائبة من اثر البكاء  ليهتف صالح وعينيه تتوسع بأنبهار قائلا

:يخرب بيت حلاوة عنيكى ..ايه يابت جمالهم ده كله

شقت شفتيها ابتسامة فرحةرغما عنها وهى تبعد عن وجنتيها اثار دموعها ترضيها كأنثى مجاملته هذه لها  لينحنى مرة اخرى يلثم وجنتها بنعومة ثم يهمس مرة اخرى معتذرا كانه  لن يكتفى من الاعتذار لها ابدا

:اسفة يا فرح بجد والله اسف ..صدقينى اخر مرة هتحصل..بس مش عاوزك تزعلى منى اتفقنا

اومأت له ببطء  ترغم نفسها على الابتسام بضغف فيشع وجهه بالفرحة والسعادة ثم ينهض واقفا يمد يده اليها قائلا بصوت رقيق مرح

:طب يلا قومى اغسلى وشك ... ومش عاوز اشوف دموع تانى فى عيونك الحلوة ..اه هما مفيش فى جمالهم دلوقت...بس مش مشكلة انا هضحى

نهضت معه باتجاه الحمام  يقفا معا بداخله ليقوم بغسل وجهها لها باهتمام ومراعاة يتعامل معها طفلة صغيرة بحاجة لعنايته وحنانه ثم يقوم بتجفيفه لها بينما وقفت هى مستسلمة له بعيون وذهن شارد حتى انتهى اخير يلقى بالمنشفة ثم يجذبها اليه مقبلا جبينها برقة قبل ان يحتضنها بين ذراعيه يقدم لها المواساة بهذه الطريقة كبادرة أعتذار اخرى منه لها لكنها ظنت بأنها مقدمة لنوع اخر من العواطف بينهم لم تستطع تقبلها فى حالتها هذه تتلوى  احشائها بالرفض رغما عنها  وقد مرت قشعريرة باردة من خلالها تجمد جسدها بين ذراعيه فتقفز  مرتعبة وهى تدفعه بعيدا عنها ثم تفر من امامه هاربة من المكان وهى تهمهم قائلة بتلعثم

:انا ....هروح ..اكلم..سماح ..علشان ...

لم تهتم بأكمال الباقى من حديثها بل انطلقت كالسهم من جواره كما لو كان يطارها شبح ما  بينما وقف هو مكانه يراقب فرارها من المكان وقد تجمدت تعبيرات وجهه وضاقت عينيه بتفكير 

****************

وقف داخل المقهى يجول بعينه بتوتر وقلق  بحثاً عنهم ليجدهما اخيرا يسرع فى اتجاههما وقد جلسا فى اقصى المقهى تنهض سمر فور رؤيته تهتف بجزع

:شوفت يا عادل المجنونة دى كانت عاوزة تضيع روحها لولا ستر ربنا

وقف عادل  يتطلع الى ياسمين يجدها تضع رأسها فوق الطاولة مستندة الى مرفقيها فى حالة اعياء شديد ليسأل سمر بتوتر

:هو حصل ايه بالظبط فهمونى ؟!

اسرعت سمر بجذب احدى المقاعد له قائلة بلهفة

:طب اقعد بس يا خويا خد نفسك الاول ..وانا هقولك كل حاجة

جلس عادل ببطء عينيه مازالت فوق ياسمين والتى اخذت تشهق بالبكاء دون ان ترفع وجهها عن موضعه بينما شرعت سمر فى الحديث فورا قائلة

:انا لقيتها بقالها كام يوم كده حالها مش عجبنى وكل ما اسألها تقولى مفيش ..فقلت اخدها ونخرج نتمشى شويا واشوف مالها...

اتسعت عينيها تكمل بصوت مذهول مرتجف

:فجأة واحنا بنتكلم وبتحكيلى ..لقيتها بتصرخ مرة واحدة وبتقولى..لاا ياسمر مش هقدر اعيش من غيره ..وفى ثانية لقيتها رمت نفسها ادام عربية معدية

تنهدت تضيف القليل من المأسوية فى صوتها حين لاحظت انه مازال على هدوئه يتطلع نحو ياسمين دون ادنى تعبير منه على حديثها قائلة بحزن

:لولا ستر ربنا وان العربية فرملت على طول كان زمانها دلوقت....

اغمضت عينيها ترتعش من هول تخيلها للموقف يسود الصمت بعد ذلك للحظات ومازال عادل صامتا فشعرت سمر بالتوتر والقلق تخشى كونه لم تنطلى عليه كذبتهم لذا اسرعت قائلة برجاء

:ياسمين بتموت فيك والله ..دى كان حالها يصعب على الكافر لما حصل اللى حصل بينكم ...

لم تجد منه ردة فعل على ما قالته يسود الصمت مرة اخرى لذا نهضت واقفة تمسك بحقيبتها تكمل وقد انتهى دورها عند هذا الحد وسوف تدع الباقى لياسمين قائلة له بحرج مصطنع

:انا هروح اشترى كام حاجة كده ...لحد ما انتوا تتكلموا مع بعض وتشوفوا ايه مزعلك وتحلوه ..وهبقى ارجع ليكم تانى

ودون ان تنتظر اجابة منه اسرعت تغادر المكان فورا بخطوات سريعة لكنها توقفت خارج المقهى تتطلع للداخل بشكل خفى لتجد عادل وقد نهض من مقعده ثم يعاود الجلوس فى المقعد الملاصق لياسمين يحنى برأسه نحوه يحدثها بشيئ ما جعل سمر تبتسم بخبث لنجاح مخططها ثم تترك المكان بعدها بينما جلس عادل يهمس لياسمين برقة

:ياسمين ..ارفعى وشك ليا وكلمينى ..

هزت ياسمين رأسها بالرفض تتمسك بوضعها ليكرر عادل طلبه قائلا برجاء

:عاوز بس اطمن عليكى

رفعت وجهها اليه ببطء ترسم الالم والحزن فوقه وقد اغرورقت عينيها بالدموع وقد تلطخ وجهها بأثارها وقد ساده الحزن الشديد ليجعله حالها هذا يشعر على الفور بالشفقة نحوها والغضب من نفسه لكونه المسئول عما حدث لها قائلا بتأنيب وصوت رقيق

:ينفع كده اللى عملتيه ده..كان يبقى كويس لو كان حصلك حاجة

اجهشت فى بكاء مصطنع اتقنت صنعه تهتف بلوم وعتاب

:انت مش عاوز تفهم ليه ان اى حاجة اهون عندى من انى اخسرك حتى لو كانت روحى

زفر عادل بقوة يفتح فهمه يهم بالحديث لكنها اسرعت تقاطعه لا تمهله الفرصة حتى للتفكير تعاود اللعب على مشاعره قائلة بصوت مجروح وعيون باكية

:كده ياعادل هونت عليك ..من اول مشكلة بينا عاوز تسيبنى وانت عارف انا بحبك اد ايه

علمت بنجاحها حين رأت الذنب والندم يلون نظراته لها قبل ان يهرب من مواجهة عينيها لذا اسرعت تضفى المزيد من الضغط  عليه وهى تجهش فى البكاء بصوت عالى جعل رواد المقهى يلتفتون اليهم بفضول تسرى بينهم همهمات عالية جعلت عادل يتطلع حوله بحرج قائلا بأستسلام وهو يربت فوق كتفها محاولا تهدئتها

:طب خلاص ياياسمين اهدى ..اللى فات مات وهنرميه ورا ضهرنا ..وهنبدء من جديد ولا كأن ..

توقفت ياسمين فى الحال عن البكاء هاتفة بفرحة

:بجد يا عادل ...يعنى خلاص مش هتسيبنى

هز لها عادل رأسه لها بالايجاب مبتسما هو الاخر لينشق عنها ضحكة عالية سعيدة وقد تبدل حالها تماما وهى تنهض عن مقعدها تجذبه قائلة بسرعة

:طيب يلا بينا نقوم نخرج من هنا ...وتعال فسحنى ونروح السينما

عقد عادل حاحبيه يهتف بذهول وحيرة قائلا

:سينما ...سينما ايه لوقت ..تعالى اروحك البيت احسن علشان ترتاحى بعد اللى حصلك

جذبته ياسمين خلفها قائلة بلا مبالاة

:بعدين ..بعدين ..انا اصلا بقيت كويسة دلوقت

سار معها يجارى خطواتها السريعة يحاول تجاهل هذا  الهاتف الملح بداخله والذى اخذ يردد له ان تلك الخطوة غير المحسبوبة منه ستكون عواقبها وخيمة عليه وسوف يدفع ثمنها غاليا

******************************

دلفت سماح الى الداخل تنادى على زوجة خالها بصوت عالى وهى تضع ما بيدها من مشتروات فوق الطاولة بعد عدة محاولات ظهرت كريمة اخيرا من داخل غرفتها وجهها شديد الاحمرار يظهر الارتباك والاضطراب عليها تفرك كفيها معا بقوة فتسألها سماح تمازحها قائلة

:فى ايه مالك يا كريمة ..عاملة زى اللى عاملة كده ليه ؟!

اسرعت كريمة تبتعد عن غرفتها تغلق بابها خلفها باحكام قائلة بتلعثم وعتب شديد

:مالى يعنى يا سماح ..مانا زى الفل اهو ...وعاملة ايه    اللى بتقولى.. عليها كده.. ميصحش ..يعنى ..

اقتربت منها سماح مبتسمة قائلة

:فى ايه يا كريمة انا بهزر معاكى ..مالك قفشتى فى كلمة كده ليه

تطلعت كريمة خلفها ناحية باب غرفتها قائلة بتوتر

:اصل يعنى ..اصل ...شوفى عاوزة اقولك..

هتفت سماح بها بحدة وقد تسرب اليها القلق والتوتر هى الاخرى  قائلة

:فى ايه ياكريمة انطقى ..انا مش ناقصة قلق وحياة ابوكى

فتح باب الغرفة من خلفها يظهر على عتبته مليجى يرتدى ملابسه الداخلية فقط يستند بذراعه فوق الباب بلا مبالاة قائلا بصوته الاجش الغليظ وبنبرة شامتة

:عاوزة تقولك يا روح امك ..ان جوزها وابو عيالها نور بيته من تانى ...ولو عندك اعتراض يابنت لبيبة الباب اهو وراكى يفوت جمل

********************

استلقت فوق الفراش تحاول التظاهر بالنوم قبل عودته فقد استغلت صعود اخيه للمكوث معه قليلا لتهرب من مواجهة اخرى بينهم فقد ظلا الباقى من اليوم فى صمت مطبق خانق بعد عدة محاولات منه لكسر حالة الجمود هذه بينهم يمزح ويضحك معها وهى يخبرها بعدة مواقف طريفة حدثت له فى الماضى لكنها كانت تقابله بابتسامة ضغيفة غير متحمسة جعلته فى النهاية يلجأ للصمت هو الاخر وبعد تناولهم للعشاء وصعود شقيقه له بعدها استأذنت منهم وقد وجدتها فرصة للهرب  لكن هيهات فقط اتت كل محاولاتها للنوم بالفشل تشعر بالفراش اسفلها كجمرة من النار تستلقى فوقها وهى تتقلب من جانب الى الاخر عدة مرات قبل ان تتجمد فى مكانها حين شعرت به يفتح الباب بهدوء ثم يدخل يتوتر جسدها للغاية حين همس يناديها برقة وهو يقترب من الفراش فأخذت تهمهم تتصنع النوم لكنه لم يستسلم يستلقى بجوارها يتلمس بشرتها ذراعها بطرف انامله ثم يقبل عنقها بنعومة هامسا مرة اخرى يناديها قائلا بعدها بلوم رقيق

:فرح ..انتى هتنامى دلوقت ..لسه الوقت بدرى

وجدت نفسها تبتعد بجسدها عن مرمى يده تتخلى عن محاولتها لتصنع النوم تهتف بجفاف وخشونة

:مش بدرى ولا حاجة ...انا تعبانة طول النهار فى شغل البيت وعاوزة انام

ساد صمت قصير بعد كلماتها قال بعده صالح ساخرا وهو يبتعد عنها هو الاخر يستلقى فوق الفراش بظهره قائلا

:مش شايفة انها حجة لسه بدرى عليها شوية ما بينا

همت بالرد عليه رداً لاذعا لكنها اسرعت تطبق شفتيها  تدرك صدق ما قاله ولكنه كل ما استطاعت التفكير به لتهرب من تقربه منها هذه الليلة تشعر بعدم استعدادها وقدرتها على مشاركته عواطفه هذه الليلة بعد كل ما علمته وحدث اليوم تقنع نفسها بأنه كل ما تحتاجه هى الليلة فقط لتستطيع جمع شتات نفسها وغدا سوف ستكون  فى افضل حال وتخلص من حالة الجمود تلك والتى تصيبها كلما اقترب منها لذا لم تحاول اصلاح الامر بينهم وهى تشعر به يستلقى على جانبه مبتعدا عنها لاقصى الفراش تفر دمعة الم وحزن  من خلف جفونها تمر عليها الدقائق والساعات فى محاولة للنوم هى الاخرى ولكن اتت كل محاولتها بالفشل زافرة بنفاذ صبر ثم تنهض من جواره ببطء وهى تراقبه تسير على اطراف اصابعها بحذر حتى خرجت تماما من الغرفة تغلق الباب خلفها تتنفس براحة وعمق خارجها وقد اصبح جو تلك الغرفة خانق مميت لها

سارت الى الغرفة الاخرى  المخصصة للاطفال تستلقى فوق احدى الأسرة بها يسترخى جسدها فورا تغلق عينيها ببطء تسقط فى نوم سريع على الفور لكن ما هى سوى لحظات حتى استيقظت منه تفتح عينيها على اتساعها شاهقة بقوة حين وجدت جسدها يضم بقوة الى جسد صلب قوى يحيطها بذراعيه ودفئه تسترخى مجددا مرة اخرى حين سمعت صوته الرقيق الهامس وهو يقبل وجنتها يطمئنها قائلا

:هششش نامى يافرح ..نامى ..وبكرة يحلها الحلال

اغمضت عينيها مرة اخرى تسقط فى نوم مرهق مستسلمة لدفء احضانه وهو يزيد من ضمها اليه  تدعو من قلبها ان يكون الغد لهم افضل كما قال وتتمنى

***********************

:كنتى فين ياسمر كل ده؟

سألها حسن بعد دخوله الى شقتهم يجدها تجلس امام التلفاز تتناول الطعام لا تعير لدخوله ولا سؤاله اهتمام ليكرر سؤاله مرة اخرى ولكن هذه المرة بحدة جعلت تضع الصنية الطعام فوق الاريكة وتهتف به

:جرى يا حسن ماانا قلتلك كنت مع ياسمين اختك بنشترى شوية حاجات ..وبعدين تعال هنا انت اللى كنت فين انا جيت ملقتكش؟

اشار حسن خلفه قائلا بعد اهتمام وهو يتجه للجلوس بجوارها قائلا

:كنت عند صالح فوق بسأله عن كام حاجة فى الشغل

اعتدلت سمر فى جلستها تسأله بلهفة وعينيها تلتمع بالجشع

:هاا كنت بتساله عن ايه ..فرح قلبى وقولى انك سألته عن شغله مع المنيل اخو امانى ...عاوزين نعرف بكام واد ايه ...ولسه شغالين مع بعض ولا ايه

هز حسن كتفه قائلا يلوى شفتيه بعدم حماس قائلا

:وانا مالى بشغل صالح ..انا طلعت اسأله عن شغلنا احنا والبضاعة اللى جاية كمان يوم

ولولت سمر تضرب فخديها بقوة قائلة

:يا ميلة بختك من دون الحريم ياسمر ...يلى جوزك هيشلك بدرى ويموتك ناقصة عمر ياختى

اضطرب حسن وشحب وجهه يهتف بها بلوم

:فى ايه سمر دلوقت انا مش فاهم انت عاوزة ايه

صرخت سمر به بغضب وثورة

:عاوزة اعرف اخوك عنده ايه وفلوسه فين ومع مين

٠٠ياراجل هو انا هفضل افهم فيك لامتى ..

تغضن وجه حسن يتمتم بكلمات هامسة بحنق لتسرع سمر قائلة بحدة وغيظ

:ايوه كل ما اكلم فى الموضوع ده تلوى وشك وتتقمص ..ماهو لو انت فالح كان زمانك ليك تجارتك وفلوسك لوحدك زى ما اخوك الصغير  ماعمل وبقى عنده شيىء وشويات..انا مش عارفة هتتلحلح من خبتك دى امتى؟!

زفر حسن بقوة ينهض واقفا مغادرا بغضب المكان لتشيح سمر بيدها قائلة

: ياشيخ يلا نيلة..انا عارفة هتفضل خايب كده لحد امتى ..وسى صالح واخد كل حاجة فى كرشه وعمال يطلع لفوق مش همه حد

ضغطت فوق اسنانها بغل وعينيها تنطق بجشع العالم قائلة

:بس مين  ..وحياتك عندى لتكون كل حاجة عنده وملكه ليا ولعيالى ومبقاش انا سمر لو الكلام ده ماحصل.. وهو انا عبيطة زيك فاكرة ان الليلة كلها على اد ورث ابوك وبس

                   الفصل الثالث عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>