CMP: AIE: رواية عشقت امراة خطرة الفصل الاربعون40بقلم سنيوريتا ياسمينا احمد
أخر الاخبار

رواية عشقت امراة خطرة الفصل الاربعون40بقلم سنيوريتا ياسمينا احمد

   

رواية عشقت امراة خطرة الفصل الاربعون40بقلم سنيوريتا ياسمينا احمد


فى نهاية اليوم

خرجت صبا مع زيد من المعرض والإبتسامة على وجهها وخطوات الثقه تصدح فى المكان ،هتفت وهى تتحرك جواره فى فخر:

-مين بقى اللى كسب الرهان

ابتسم ساخر وهو يرد:

-الرهان حرام


تقدمت امامه ووضعت يدها فى جانبها لتصيح باعتراض:

-دا اللى هو ازاى هو انت بعد ما تراهني تجيب وراء 

رفع حاجبيه وقأل بدهشه:

-اجييب وراء!

هم بازاحتها من طريقه واردف:

-يلا بلاش كلام فارغ

أبت التزحزح وهتفت باصرار:

-لاء مش هتحرك من هنا الالما توافق على طلبي

وضع يدا على يد وسأل بملل:

-واي يا ستى طلباتك 

ارخت يدها عن جانبها وابتسمت بدلال وهتفت :

-هبقي أقولك بعدين 


زفر بضيق وهو ينظر جانبا:

-استغفر الله العظيم الصبر من عندك يارب ممكن نمشي 

وضعت يدها على كتفه وهتفت بابتسامه وفخر:

- من هنا لحد ما اطلب تفخم فيا وتقول اني أعظم مسوقه 

والفلته اللى ما حصلتش 


اتسعت عيناها اكثر واستنكر كل هذا فهدر معترضا:

-يااا سلام كل دا عشان بعتى اوضة نوم وركنه دا انا على كدا حقى جدي يعلقلى نيشان كل يوم ارجع فيه من الشغل 


حركت كتفها وهى تمرح بغرور:

-هو اي حد ولا ايه دا انا شاطرة جدا فى التسويق 

ضيق عينه ورد باستهزاء:

-والله بتيجى مع العمي 

اصرت على التباهي بنفسها وتدللت اكثر بسعاده:

-بس جات وخسرتك الرهان فخم بقى 

نفذ صبره من تباهيها بتفوقها وخسرانه امامها وعودتها من جديد للمعرض فرفع يده الى فمه وحرك لسانه يقلد صوت معروف وهو يقول:

-لولولوي تعالوا يا ناس شوفوا نجاح مراتي 

زل يبحث بوجهه عن ما يخبره وهي لم تستطع التوقف عن اطلاق الضحكات ومحاولة اسكاته:

-خلاص هتصحي الشارع 

-ما يصح ا يجوا يشاركونا فرحتنا 

قالها وهو يصر على اسنانه

نظرت لها بتمعن ثم سألته بدهاء:

-زيد اوعى تكون غيران من نجاحي 

هنا خرج عن طوره وصاح بها :

-نجاح مين يا ام نجاج  يلا يا بت انجري قدامي على العربيه 

اسرعت من وجه الى السيارة قبل ان تخرج لسانها له وتغيظه فرد مغتاظا:

-هقطعهولك ان شاء الله 


دخلت الى السيارة وهي تضحك تعرف انه يمازحها وانه تفاجئ بنجاحها فى تلك المهمه الذي ظن أنها صعبه عليها .





فى القصر 


كان بلال يقف بالخارج فى انتظاره وفور رؤيته اسرع بالتوجه نحوه ،امسكت صبا بيده والتصقت به لاحظ زيد 

ارتعش يدها فهمس هو ينظر لها بجديه:

-ما تخافيش وانتي معايا ابدا 


عبارته كانت مطمئنه فى حياتها لم تجرب شعور الآمان إلا هي بجانبه ويده التى تشتدت على يدها زادها أمان وأشعرتها بالاحتواء لكن رؤية "بلال "كانت تزعجها بعد ما فعله بها وصل اليهم وعلى الفور وجه حديثه لصبا:

-انا بعتذر منك يا صبا على اللى حصل مني واتمنى انك تقبلي أسفي 


فأجاها بجملته الغريبه ونبرة الانهزام التى تغلفها ،نظرت باتجاه زيد لكن نظرته تجاهها كانت مبهمه وكأنه متعمد أن يتركها تختار بكامل رغبتها إما تقبل أو ترفض وفى الحالتين لن يعلق ،توقفت ثوان لتفكر لكن عين يقفز منها التوسل وكأنما حياته متوقفه على كلمه منها ،تماسكت وهى ترد عليه بهدوء وقوة فى آن واحد:

- المفروض أقبل الاعتذار على أي غلط فيهم يا بلال الاول لما قولتلي اقبلى بعامر واخرجي من البيت والا هتخرجني بفضيحه عشان الفيديو  ..ولا لما مديت ايدي عليا 


تفأجي زيد من حديثها والتف يضم حاجبيه بانزعاج وانتظر نفي من اخيه او حتى توضيح ،لكن ما كان منه الا ان تصبب عرقا وشحب وجهه بحث عن منديلا ليزيح حبات العرق عن جبهته لم يتوقع منها أن تتخذ حقها بالجملة  وفى هذا التوقيت لم تكن سهلة عندما سكتت 

فى وقت لم يكن بينهم احد واليوم تقف وزيد امامها وتسأله عن حقها خطيرة هدمت سقف  توقعاته فوق رأسه 


ابتسمت ابتسامة خفيفة لكن بطياتها الكثير من الانتصار :

- انا مش بسامح فى حقي يا بلال وخليك فاكر إنك انت اللى اختارت تبقي عدوي من الاول مش أنا .


تفأجئ من ردها وسارع هاتفا :

- انا ما قصدتش انا... كنت..بااا

وقف الكلام على لسانه وعجز ان التعبير امام هول الحدث  بالفعل صبا اكثر امراة خطيرة مرت على بيت الواصل 


عاتبه زيد بنبرة حادة:

-انت عملت كدا ،وقتها ما كانتش تخصني لكن فى الوقت دا كانت  بنت عمك 

زاغ بصرة بينهما ورد فى إلحاح:

- انا كنت عايزها تجوز عامر ما قصدتش حاجه وحشه كان كل همي ابعدها عن وشي بعد مااا جدو رفضني ليها 


هذه المرة الدهشه كانت من نصيبها لكنها لم تتأثر كثير ولم تقف عند الامر المهم انها بدات تدعس قلبها أسفل قدمها كي تسترد جزء بسيط من حقها 

وضع زيد طرف اصبعه  على شفاه وحذره بغضب:

-هش ما اسمعش صوتك اطلع من قدامي حالا 

تيقن من أنه هلك تماما فعاد يترجاه بخوف:

-زيد انا اسف بجد انا هتغير 

التف لصبا ليرجوها هى الاخري بحراره:

-‏انا اسف يا صبا والله ما هضايقك تاني 


رفعت كتفها وبسطت يدها باريحيه لتقول :

-اوعدك هفكر .

هكذا نهت الحديث وزادت شعورة بالاذلال لقد انتهي به المطاف يرجوا صبا التى فى يوم استقوى عليها وهددها 

وكان كابوسا مرعب اختفي من امامهم 

وتقدم زيد بها للداخل الحياة بينهم كل يوم تتعقد والمشكلات حولهم تكثر ،استقبلتهم ونيسه والتى وقفت متأهبه معه لعراك وهذا واضح على وجهها وضعت يدها

علي الاخري وهي تقول بغضب:

- حمد لله على السلامه يا ابن بطني،احضرلكم الاكل ومالوا ما انا بقيت خدامه البيت 


ظهر الامتعاض على وجهه وهو يرد بحنق:

- امي ارجوكي اليوم مش ناقص


اما صبا فكانت تقف كالجبل لم تهز وتنظر منها الاسوء ،ردت ونيسة بعصبيه :

-اومال إمتي ينقاصني انا بقالي مده ما بشوفكش انت والسنيوره 


اضافت نظرة مشمئزه لصبا والتى جعلتها ترد باستفزاز:

-وحشتك يا طنط 


وقبل ان يتراشقا بالكلام قاطع زيد هذا أمرا:

- صبا اطلعي فوق 

هتفت برقه :

-حاضر يا حبيبي

صبت النار على قلب ونيسه التى رفعت يدها للسماء وتمتمت بصوت مسموع:

-الهي وانت جاهي يحبك برص 

التفت صبا لكن زيد اشار لها ان تصعد ولا تلتفت ولكنها كانت ذكيه لتتركه معها حتى يأخذ حقها صعدت فأنتبه لها 


وهتف محاولا الهدوء:

- تاني يا امي مش قولت كفايا انا حاسس اني هقع من طولي 


الغضب كان يملئها تجاها واقصائه لها أشعل بقلبها الغيره ،فتحدثت بغضب:

- ما هي النحس اللى حل علينا قولي امتي كنا فى الهم دا من يوم ما دخلت هنا بقدمها الشوم 


امسك مقدمة رأسه وضغط بقوة الالم الذي يفتك برأسه يكاد ان يسقطه لم يكن ليصرخ عليها لكن الضغط يولد الانفجار:

- خلاص كفايا بقى انا زهقت انا اعمل ايه اكتر من كدا 

 ‏انا خافتها من وشك وانتى مش عايزه تريحي نفسك 


-اريح نفسي ازاي وابنى متاخد مني انت فين يا ضنانيا انت بتسحب فى دوامه السحر البت سحرالك سحر جامد 


ارخى يده وشتدت نبرته وهو يقول:

-انتى مش مقدرة اى حاجه يا امي انا تعبت من المشاكل دى حليها بقى انتى من ناحيتك هى وبعدت عنك عملتلك ايه وهي بعيد عنك 


ردت ساخطه:

- ماتحسينيش اني هموت علي شوفتها انت مش عارف دى قلبت  جدك علينا خرج من العناية ومش عايز يشوفنا 


اجابها بتعب:

-هى مالهاش دعوه وبطلى تلزقى كل حاجه فيها 


ضيقت عينها بغضب وتحدثت بعصبية:

- اذا كان هى سبب كل المشاكل 

تجاوزها وهو يقول بحنق:

-انا  تعبت انا طالع انام 


تبعته بعينها بحسرة وهي تقول:

-روحلها يا اخويا روح ربنا يفك سحرك ويزيح الغشاوة اللى على عينك 


"جميع الحقوق محفوظه لدى الكاتبه سنيوريتا ياسمينا أحمد"

فى الاعلى 


كانت صبا تسترخي على الفراش بانتظاره غفيت رغما عنها 

دون ان تجفف شعرها او حتى تكمل ارتداء ملابسها الارهاق كان أقدر عليها لتنام فورا بعد أن أخذت حمام دافئ سريع ،دخل زيد وكل ذرة في تحتاج للراحه لكن رأسه يضج بشكل قوي وفور ما سقطت عينه على صبا 

بحالتها الطفوليه والفوضويه التى ارتخت بها على الفراش 

نسي كل شئ وابتسم  كيف لهذه الطفلة البريئة ان يتهمها العالم بالخطورة ،حرر ارزار قميصه واتجها صوبها ليجمع اطرافها المترميه ودثرها بالغطاء ثم اتجه الى الحمام الملحق ليدخل تحت المياة البارده حتي يرتاح جسده لكن رأسه لا مفر الضجيج يلحقه الضغوطات تحاصره من  كل الجهات ويفكر فيما يدمره جده وكره أمه الذي لا ينتهي لصبا وما يؤلمه أكثر فراق إبنته لا يصدق نفسه أنه ينام بجوار قاتلة إبنته دائما هو مجبر على العيش بالقرب من قاتليه سوء كان عمه أو حتي صبا كل يوم جديد بالنسبة له بمثابة جنازة جديده مجبر على المشي ورائها خرج من أسفل المياه وجفف جسده وقف أمام المرآة وأسند يده الى حافة الحوض ،شعره يتساقط منه المياه  عيناه غائرتان ووجهه تعبان رغم كل ما يمر به يجب عليه ان  يتماسك ويظل واقفا ولا يوجد فسحه من الوقت للراحه وياليت ينفصل عن كل هذا ويأخذ هدنه لكن ستكون صبا معه وقتها أم لا.



فى الصباح


اجتمعت "بثينه"مع "ونيسة"و"مها"  

والتى أبدت إستيائها من الحديث الدائر فى أطراف المدينة:

-يا لهووووي على القلبان اللى فى البلد بسبب صبا الكل جايب فى سيرتها ودعوات ايه وقال هتعمل مستوصف خيري  والناس مش مبطله كلام اه يا ناري لو اطول أطبق فى زمارة رقبتها وأخلص منها 


كانت ونيسة تسمع لهذا بقهر وضيق لكنها تفضل الصمت 

جارتها بالحديث مها والتى قالت بغل:

-وانتى مستنيه إيه مستنيه لما جدو يخرج من المستشفى البت دى يوم عن يوم شوكتها بتقوي والعيل اللى فى بطنها دا هيثبت قدمها اكتر ولازم انهارده قبل بكرا نخلص منه ومنها 


انتبهت لحديثها بثينه وسألتها بفضول:

-قوليلنا ع الطريقة دى لو جالها عزرائيل هتغلبه 

هتفت مها بنبرة تمتلئ بالحقد والكراهية:

-انتي الوحيدة اللى تقدرى تعملي دا استفزيها ولما ترد عليكى انزلى فيها ضرب واحنا نساعدك مهما كان انتى عمتها وليكى حقك 


فكرت "بثينه"فيما تقول بتمعن واعجبت بالفكرة لكن تنفذها فى هذا التوقيت سيصبح صعب،اخيرا نطقت ونيسه وهتفت بيأس:

-ريحوا نفسكم جيت اعملها قبلكم زيد خاصمني البت دي 

لازم ينكشف امرها قدام زيد ويصدق اللى احنا شايفينوا 

بعنينا عشان هو اللى يطبق فى زمارة رقبتها ويخلصنا منها 


انتبه الاثنان لحديثها وقبل ان يجيبوا عليها اكملت هي بسخط:

-اهي حضرت زى العفريت بت بشري ياريتنا افتكرنا مليم احمر


التفت انظارهم نحو صبا التى تخطو الدرج بغنج للاسفل صوت كعبها الرنان يقطع صمتهم الذي ساد إرباً  تردتى عباءة سوداء بها بعض النقاط البيضاء ملفوفه من الخصر بحزام ابيض وهي تزين كل ما ترتديه ،رسمت ابتسامة زائفه على وجهها وهى تلقي تحيه بارده على وجوهم الكالحه:

-  السلام على أهل السلام ،متجمعين عند النبي


طفي على وجه بثينه الشراسه وهى ترد بعنف:

- إلهي ما يسلم فيكي عضمه 


ضحكت مها ضحكه مجلجه ،وقلبت  صبا عيناها بملل لتسالها ببرود تام:

-عمتوا هو إنتي عشتى فى الصحراء قبل كدا؟

وضعت بثينه يدها أسفل ذقنها ومالت بجسدها لترد باهتمام:

-لا ليه؟!

مطت شفاها وهي تجيبها باستفزاز:

-هـه ...اصلك حربايه 


لم تحتاج بثينه أكثر من هذا لتشتعل هبت من مجلسها لتنقض عليها لكن صبا تراجعت بقلق من هجومها المفاجئ 

وعندما امسكت مها بساعدها لتمنعها من التراجع وهي تقول :

- ما تمديش ايدك على عمتك يا صبا كدا عيب 

ادركت انها وقعت فى فخ ينصبونه لها انتابها الرعب وحاولت الافلات من أيدي مها ويد بثبنه تمد الى وجهها لتنبش به بأظافرها صرخت عاليا تثتغيث بزيد الذي تركته بالاعلي 

-يا زيــــد إلحقني


ظهورة وحضورة جعلهم يتصنمون لو أنها مسحت على الفانوس السحري ما كان ليخرج بهذه السرعة جذبها من بين أيديهم خلف ظهره وصاح بحده:

-إيه اللى بيحصل هنا ؟؟


نظرت ونيسه التى لم تشارك معهم ورفعت يدها لتبرء نفسها بثبات فأزاح نظره عنها وسأل عمته بضيق :

- فى إيه ؟

ردت بثينه بحده:

- بتقولى يا حربايه 

واردفت مها لتشعل النار :

- وكانت عايزة تمد ايدها عليها كمان و..

قطعت كلامها عندما صوب نظرته الشرسه والمحتده عليها 

عندها إذدريت ريقها وتراجعت بخوف 


هتف وهو ينظر لثلاثيتهم بحنق بالغ:

-انا شفت كل حاجه مش محتاج توضيح من حد 

رفع إصبعه بوجه عمته وحذرها بلهجه شديد الخطورة:

-إياكي يخطر فى بالك تمدي ايدك عليها وإلا هفتح نار جهنم عليكي وعلى اللى بيساعدك فى دا .


جف حلقها فجأه لم يختاره جده عبثا كبيرا للعائلة زيد يتمتع بقوة شخصية فذه وذكاء حاد وصمته الدائم وغموضه مخيف فما تدري أيفهم كل شئ أم يتغافل .

حاولت تخفيف وطأت الأمر بسؤاله بإستعطاف:

-أومال أخلي واحده من دور عيالي تهزقني 


صاح محتددا:

-انتى اللى هزقتى نفسك لما غلطى فيها لما تبقى عيله من دور عيالك وتقولك السلام تردى بعليكم السلام مش تدعي عليها 

نظر فى عينيها وأردف بلهجه حاده :

-‏صبا مش أي حد عشان تتهان وتسكت صبا على ذمتي 


احتضن صبا اسفل إبطه وتحرك بها نحو الخارج ،رغم دعمه الكامل لها إلا أنها كانت ترتجف اسفل يده كالعصفور لم تكن تصدق انها ستنجو من هذا وأكثر ما كانت تخشاه هو فقدان طفلها وضعت يدها على بطنها للتحسيها برفق 

وهي تبكي بحرقه كطفلة صغيرة ،امسك بمنكابيها ووقف فى وجهها ليمنعها من هذا البكاء:

-اسمعي مش لازم تعيطي انا ردتلك حقك ومش هسمح لحد يقل منك لان اللى بيقل منك كأنه بيقل مني بالظبط


رفعت وجهها إليه وهتفت بخوف:

-انا مش عارفه ليه بيكرهوني اوى كدا انا عملتلهم إيه انا كام مرة هتحط فى موقف زى دا وايه هيحصل فيا لو كنت اتاخرت ثانيه وايه ممكن يحصل لو انت مش موجود 


تأثر بحديثها رغم أنه ايضا موجوع منها نظر لبكائها ولم يلومها فى طريقة تفكيرها مهما كانت صبا قوية فهى بالفعل ضعيفة الجثمان أمام ثلاثة من النساء الذين يحركهم الغل ويغشي قلوبهم الظلام ،سألها بحيرة:

-أعمل إيه بس أسيب شغلي وأقعد معاكي ولا هفضل رايح  بيكى الشغل كدا كل يوم .


مسحت طرف أنفها وسحب انفاس جديده لتخبره بقوة:

-أنا عايزه أعيش فى بيت تاني .






مضت الأيام ولا زالت صبا تقدم يد العون لكل الفقراء وتحاول جاهده لتكون سبب فى سد حاجتهم سواء الطبيه أو العينيه حتي صارت الوجه الأولي لكل محتاج والجميع يقصدها لطلب المعونه سواء الطبيه أو المادية ولم تكن غبيه لتنفق كل ما لديها دون ان تبني مشروعا ينفق على كل هذه المتطلبات التي تطلب منها لذا عرضت على زيد بأن يشغل لها مبلغاً مناسب ليدر عليها دخل تخصصه بالكامل لهذه الجهه ولكل ما تريد فعله وتغيره بهذه البلده التي اتت لها كرحمه كبيرة من الله .


خرج الجد فايز من المشفي استقرت حالته وكان متأهب لحساب كل من أخطأ العائلستفكك إن لم يجتث منها كل مخطئ لذا  حرص على إستردد صحته أولاً حتي لا يهتز أمام عايلته ويثبت لهم أنه لازال ذئبا شرس حتى ولو هرم 


كانت بداية مجلسه مع "زيد"الذي استدعاه إلي مكتبه 

وبدأ الحديث من طرف "زيد"الذي كان مشفق على تحامل جده على نفسه والجلوس على مكتبه بعد اول ليلة خرج بها من المستشفى،هتف مستاءً:

- ما كانش لازم تطلع من اوضتك على الاقل ليومين يا حاج كدا صحتك هتعب 


اشاح بيده دون إهتمام وهو يرد:

-انا ما بحبش قعدة السرير  وصحتى مش هتتحسن الا فى الاوضه دي و علي مكتبى


نظر له بدقه ثم سأله مشيرا نحو الباب:

-طيب بالنسبه  للناس اللى برا وعايزه تطمن عليك دى عمتي من اول تعبك حارمها تدخل عليك حتي الصبح دخلت المكتب  من بدري وما مش راضي حد يدخل عليك 


هذه السبب عمته إبنة الوحيده جاهد ان لا ينجرف فى مشاعر الغضب والانفعال حتى يعطي كل ذي حق حقه


ابتسم رغما عنه وتحدث بطريقه غامضه:

- هتدخل كل واحد هياخد دوره بالتمام والكمال 


لم يفهم زيد منه شي لأول مرة لا يفهمه يشعر ان هناك امر جل يخفيه ولا يستطيع إدراكه مما إستدعى سؤاله  :

- فى إيه يا جدو ؟ فى حاجه مش طبيعيه؟


تراجع بظهره قليلا للوراء وسحب كم مناسب للهواء وهتف :

- هقولك بس الكلام دا ممنوع حد يعرفوا حد حتى صبا 

نظر له نظره ثاقبه ومحذرهتحمل قى طياتها الشك :

-ولو انت بتخترف وانت نايم قول ما أقولش


فهم قصده جيدا ويخشي ان ينفلت لسانه تحت تاثير صبا الذي يعتقد انه لازال مستمر ابتسم وهو يخبره ب:

-لا ما تقلش ،صبا مافيش فى دماغها الفترة دي غير حاجه واحده .


اطاح فايز رأسه للامام وهو يخبره:

-عارفها حكاية البيت التاني 

لم يندهش من معرفه الأمر لان الامر انتشر بسرعه البرق 

ولم يبق صغير او كبير لم يعرفه ،لكن نحن الآن فى مشكلة اكبر لذا تغاضى عن هذا ليردف :

- اركن الموضوع دا على جنب خلينا فى المهم وبالمناسبة 

صبا ما لهاش دخل فى موت مريم 


اشدد انتباه زيد وظل صامتا حتى يضيف جده المذيد ،لكن اكتسي وجهه بالحزن وهو يسترسل بحرج مخبأ عينه منه وناظرا بعيدا عن جهته:


-عمتك عملت سحر موت عشان تقتل صبا باين السلسلة اللى كانت لابسها ادتها لمريم 


الكلام كان اكبر من إستيعاب "زيد" وقضب حاجبيه بدهشه فلم يكن يتوقع ان يسمع هذا فى يوم من الايام ويعرف قدر ايمان جده الذي لايصدق فى هذه الخرفات

قصر عليه جده المسافات واضاف :

-ما كنتش عمري أصدق حاجه زى كدا لولا إني شوفت السلسلة بعيني ومن قبل عملت كدا مع أمها بشري وللاسف السحر فلح ماتت بشري وماتت مريم 


نهض "زيد"من مكانه وانعقد لسانه عن الحديث ،رغم سماعه كل حرف جيدا لكنه  غير مستوعب ما سمع 

كل ما تردد على لسانه كانت كلمه واحده قالها دون تصديق:

-لــيـه ؟!

اجاب فايز بإجابه سريعه لكن مريره على قلبه :

-عشان انا ربيت غلط ،وانا راجع دلوقتي اصلح غلطتي واربي اللى ما عرفتش أربيه 


"زيد"عاد للجلوس من جديد وكل ما برأسه انقلب لايدري كيف سيسمع باقي حديثه بعد هذه الصدمه ،لكن يبدوا على جده التمكن لانه أخذ وقت كافي للتفكير والاستيعاب واخذ القرار ،امسك فايز الدفتر الذي أمامه وقلمه وارتدي نظارته ومال برأسه ليدون و يصحح علامات كان يرتب لها 


كل اسماء العائلة أمام نظره بالترتيب هتف وهو ينقل بصره بين الأسماء :

- كل واحد هنا ليه حساب مستحيل أموت واسيب الدنيا عايمه كدا والحبل على الغارم 

وضع دائره حول إسم "عماد" وردد بضيق:

-عماد سافر من يوم ما دخلت العنايه ولا سأل ولا ساند وانهارده جاي مستني دوره برا 


انتقل الى اسم "بلال"واشر عليه ثم عاد يرفع بصره لزيد ويسأله:

-بلال عمل إيه وانا غايب تبع ابوه ولا تبع الكبير 


أخفض زيد بصره واطلق شهيقا يمتلئ بالخيبه لم يجدي نفعا التدليس أو التغطيه لأن الأمر أصبح لدى جده حياه أو موت ،حرك "فايز"رأسه بخيبه وهتف :

-تبع أبوه 

تحدث زيد رغما عنه :

-قال لصبا إنه كان متقدملها  وكان عايز يضربها 

مط شفاه للاعلي بقرف ومال برأسه ليضع دائرة على إسمه وجنبه قليلا وهو يقول:

-لما نحاسب الكبير هيجى دور الصغير 

انتقل بقلمه نحو حسين ومها وظل يضع خطوط اسفل اسمهم بالعدد ثلاثة ثم هتف ببرود وهو يثبت نظره على اسم مها قائلا:


-رشدي اللى حرق المصنع بتاع الخشب 

عادت الدهشه تقفز لعين "زيد " لازال جده يدهشه بما يخباه من اسرار ، فتح يده متسائلا:

-ليه هو كمان 

اجاب فايز:

-لي اكيد عشان ضربته لكن اللى المفروض اسأله مين ساعده ،يا تري مين قالوا على مكان المصنع فى حد هو اللى عرانا قدامه والحد دا ياإما حسين يا مها يا إما شخص تالت ودا اللى عايز أعرفه 


حاول زيد إكتشافه لكن كل مايطرا على ذهنه كان مشوش 

هتف وهو يعتصر رأسه بكلتا يديه:

-انا هتجنن مش مستوعب كل دا 


ترك قلمه جانبا وضع يده على طرف فاه ،ورد بهدوء:

-  الصبر كل واحد هيتحاسب على عليها ،الوالد دا دوره ما خلصش اكيد بيحرب على حاجه تانيه 






"فى الخارج"


الجميع كان بإللانتظار  لقد جمعهم وتركهم بالخارج تأفف "عماد" وهو ينهض عن كرسيه:

-هو احنا هنفضل متذنبين كدا؟يعنى هو جمعنا عشان يقعد مع زيد لوحدهم 


هتفت بثينه وقد ضاق صدرها من الانتظار :

- انا كمان زهقت ومش عارفه اخرة عناده إنه ما يشوفناش إمتي 


كانت صبا تجلس بينهم بصمت لكن تخزن كل كلمه وتفهم الكثير ،هتفت "مها" لتهدء من روع "بثينه":

- اهدي يا بثينه اكيد هينده علينا دلوقت اومال يعنى جمعنا ليه ؟

دا حسين مأكد عليا اول ما أشوفه أتصل بيه 


زفرت ونيسه وتمتمت :

-يا مثبت العقل والدين يارب ،عايزين نخلص من الوقفه دي 

كان بلال يقف فى الزاوية مكتوف الأيدي مكفر الوجه يخشي أن يخبر زيد جده بجم أخطائه وينهي رفاهيته فى قصر الواصل ويقضي على مستقبله فى لحظه يأس إقترب من صبا ومال إليها يقول بنبره خاضعه:

-صبا انا بتأسفلك تاني بلاش تخلي زيد يقول لجدو حاجه


رفعت بصرها بإتجاهه وقالت دون مبلاه:

- الكلام دا تقولوا لزيد مش ليا انا ماليش دخل بقراراته

لاحظ "عماد " ميل ابنه لصبا ولم يكن ليفوت هذه الفرصة لاستفزاز صبا بعد كل ما سمعه عنها أثناء غيابه عن البلده 

فرفع رأسه بإتجاهم يسأل بفضول:

-إيه يا بلال عندك خدمه ست صبا تعملهالك 

ارتبك بلال بينما طالعته صبا بنظرة تحدى سافره،اقترب منهم بخطوات واردف وهو يتطلع لصبا :

- سمعنا عنك إنك بقيتى بتعملى اعمال خيريه فى البلد يا تري عايزه توصلي لإيه ؟


اجابته وهى تحدق بعيناه باستهانه فما عرفته عنه كان كفيل لإحتقاره:

-انا بعمل الخير من غير مقابل الخير للخير ولله وبس 


ضغطت على نقطه وجعه والتى لا يصدق انها علمت بها 

فتحدث هازئا :

-وانتى تعرفي غير الشر يا بت بشري ؟

لم يوجعها بل أعطها دفعه للاجابه بثقه بالغه :

- هو عشان اعرفكم يبقي ما أعرفش غير الشر 


اتسعت عينه من إهانته المباشرة وصاح بحنق:

- تقصدي ان إحنا شر 


لوت فمها ونفضت رأسها بيأس وردت بهدوء :

-انا مش بقصد حاجه انا قاعدة ساكته انت اللى بدأت النكش   وانا فى النكش ما أقولكش 


اذداد حنقنا منها ثم تذكر شيئا هاما ليضيفه لها قبل ان يصفعها بالقول  على هذه الإهانة:

- عموما  الحاجات اللى بتعمليها دى رجعالي انا برضوا نازال إنتخابات ودا هيفيدني فى الحملة بتاعتى وبرضوا هتفضلى نكره 


نهضت من مكانها وهى تزفر بضيق قائله بتحدي وثقه  :

- بعيد عن شنبك يا عمي مش هتقعد على كرسي المجلس 

والنكرة دى هتكون السبب فى انك ما تقعدتش عليه 


اشعلت النار فيه بتحديها واقترب منها والغضب يملئه صائحا بجنون:

-انتى بتقولى اي يا بت انتي 

اسرع بلال ويحيي فالامساك به قبل ان يتهور وهو فى مثل هذه الحالة خاصتا ان صبا لم تعد تهاب اي شيء وتعرف جيدا مصير من يتجرأ ويأذيها 


تغيرت صبا بعد كل تجاربها السابقه تعلمت من تأرجها بين الحياة والموت أن الموت يأتي مرة واحدة وان الحياة بيد الله لا يد مخلوق وان قيمتها اكبر من أي إهانه توجه لها وأن كلمتها لن تلمس الأرض ابدا لانها لا تلقي بها إلا بعد تفكير عميق،نظرت له وتحدثت  بهدوء :

- قلقت لي من كلام وحده نكره انت اكيد عارف كويس ان الكلمه اللى بقولها بتنفذ عشان كدا قلقت ،بلاش اقول اكتر من كدا عشان شكلك قدام ولادك وياريت نقفل الكلام حاليا 


صر على اسنانه وزاغ بصرة باتجاه ابنائه ،يلمس بيده لتلك البطحه التى فوق رأسه فتلك العنيدة والشيطانه تعرف ما لا يجب ان تعرفه،ولحفظ ماء وجهه نهي حديثه بأن قال :

- يومك جاي انتى والمحروس بتاعك وان شاء الله هتطلوا من هنا على ضهركم 


نفضت رأسها وهى ترد ببرود :

-هنطلع بس على بيت جديد انما على ضهرنا دى يدينا ويديك طولت العمر 


هنا انتفضت ونيسة من مكانها لتهتف بغضب :

-قولت الكلام دا ما يتقالش تانى ،عمرها ما حصلت وحد من بيت الواصل  عاش لوحده اللى بتقوليه دا مش هيحصل 

اجابت باصرار:

- دى عادة قديمة وخلصت احنا  ولاد انهاردة وبعدين انا  موهوبه فى إني اخلي   اللى ما حصلش يحصل  


رمقتها "ونيسة"بحده وحذرتها من التمادي في الامر 

فلن تسمح بهذا وفايز لن يسمح بأن يدير العائلة رجلا بعيدا عنها معنى كلامها لا تدركه فهي ستسقط ظيد من على عرش كبير العائلة وتنبذه عن عائلته 


-بطلي كلام في الموضوع دا يا صبا 


فتح باب المكتب فإلتف الجميع نحو الباب الذي وصد مده طويله وانتظروا ان يسمح لهم بالدخول ،خرج زيد ونادي :

- عمتي بثينه جدي عايزك لوحدك 

نهضت بثينه مسرعه وهى تقول بفرح:

-اخيرا هشوف ابويا حبيبي 

تصلب نظر زيد نحو صبا والتى تعجبت من نظراته وخشيت ان يكون جده رفض فكرة خروجهم من المنزل ظلت تنظر له حتى لاحظ الجميع هذه النظرات المبهمه ،دخلت بثينه وابتعد زيد عن الباب ليغلقه من خلفها 

وينطلق نحو البوابة الرئيسية لم تنتظر صبا كثيرا وتبعته مهروله .




"بثينه"

مين السبب فى اللى جرالك يا ابويا قولى يا حاج ريح قلبى 


تراجعت كي تنظر لوجهه بعد صمته وعدم تفاعله معها اصتدمت  بعينه الحاده والتى تطالعها ببرود متناهي 

طرحت سؤالا وتوقعت  إجابه لكن الإجابة لن تعجبها ابدا 

قابل سؤلها بسؤال وهو يحدق بها مليا:

-عايزه تعرفي مين السبب؟

اومأت وهى ترد بسرعه :

-ايوا يا ابوي انا بنتك لو ما كنتش هتقول لبنتك هتقول لمين؟

طالما احب إبنته ودللها عن جميع إخوتها لكونها ابنته الوحيدة حتى بعدما تزوجت ضمن لها حياه كريمه وظل يساعدها ويخصص لها حصه ليست بقليلة كل شهر لتشتري ما تريد وتفعل ما يحلو لها ووضع إبنها فى منزله قريبه حتى اولاد عمه الاصغر لم ينالوها ودوما يفتح بابه على مصراعيه لها وكذالك صدره فكانت ابنته وزوجته بعد وفاة امها واخذت نصف قلبه برضاء كل هذا كان نصيبها فلما هى أعطته نصيبه من قلبها الوجع والغدر وتخريب عائلته التي قضي حياته ليصلحها وأفني سنوات عمره ليبنيها 

هتف بصوت يملئه الالم :

- إنتى السبب يا بثينه 

ارعبتها جملته وتراجعت للخلف وهى تشير نحو نفسها وتسأل دون تصديق :

-انا يا حاج

امتعض وجهه وهو يذكر كيف خدعته وصاح بانفعال كي ينهي هذا التمثيل والنفاق الذي لم يعد يطيقه :

- ايوا انتى ،طلبتي منى فلوس وقولتلك عينى خدي اللى انتى عايزاه تاخدى من مالي وتخربي بيتى وحالى 

 ‏تعملي عمل لبنت اخوكى ومن قبلها مرات اخوكي جبتى الغل والكره دا منين هو انا ما عرفتش اربيكي والله انا قصرت فى حاجه 


دب  الرعب فى قلبها وما عادت تعرف الكلام سبيل تبخرت الحروف وهى تحاول النفي متعلثمه:

- اا كدب ..انا ما...

قاطعها بشراسه :

-ما تبقيش منافقه وكذابه كفايا كدب لحد كدا  ابو الفتوح اللى فتن عليكى ورانى السلسلة والشال اللى  عملتي عليهم العمل 


عرفت ان لا مفر من هذا لقد كشف والدها أمرها ووجب التوسل حتى لا تخسره للابد ،سقط أسفل قدمه وقد غزت الدموع عينها امسكت بقدمه وانتحبت وهى ترجوه:

-‏ بالله عليك يا ابا ما تزعل مني انا ماقصدتش اذى حد 

انا محروقه على موت أمي وكنت عايزه اخد بطارها كبيرة عليا موت أمي 


دفعها بعصاه بقسوة وهدر بانفعال :


-‏هي كانت امك صبيه وراحت فى عز شبابها امك ماتت موته طبيعية ليه انتى اللى حاطه فى راسك إن بشري قتلتها عندك دليل 

اعتدلت فى جلستها ودموعها لم تقف ابدا واجابته :

-ايوا هى آخر واحده كانت عندها وبعدها ماتت انت مش تايه عن كلام بشري اللى يحرق الدم


ثنايا وجهه العجوز كانت تمتلئ بالضيق والغضب ورد بعصبيه:

-  دا ظنك انتي نسيتى" إن بعض الظن إثم"

وإن قتلتها  يعنى هو انتى ربنا اللى هيقتص منها


هتفت متأثره:

-دي أمي عايزنى اسيب طار امي 

لم يقتنع بأي ما تقول والذي لا يثبت شيئاً سوي أن نفسها مريضه وقلبها اسود وفشل فشلا ذريعا فى تربيتها ،سألها بإستياء:

 -وخليكى قتلتي بشري لسبب دا عودتى تقتلتى بنتها ليه هى كمان ذنبها ايه ؟


اجابته وعينها متسعه ترجوه ان يفهمها :

-عشان ما تعيدش الزمن تاني مش عايزه زمن بشري يتعاد تاني 


نهض من مكانه وجأر بانفعال :

-انتي الغباء ملأ قلبك والحقد عمي عينك ،اياكى تكوني فاكرة إني مش عارف سبب كرهكم لبشري انتوا اصلا مش عارفين تحبوا ابوكم اللى رباكم هتحبوا واحده غريبه عنكم وكل يوم بتعريكم قدام نفسكم بذكائها وشاطرتها واختلافها 

نهضت من الارض وقد عاد عقلها للوراء وتسلحت بالضغينه التى حملتها بقلبها لسنوات طويلة لتقول بضيق :

-  بشري ما كانتش احسن مننا بشري كانت لعنه وحلت على الدار وادى بنتها اول ما دخلت الدار جرت وراها كام مصيبه من اول حرق المصنع لحد دخولك المستشفي 


من المستحيل ان يصدق شي رأي ادلتة نفيه بعينه، اشهر عصاه فى وجهها واوقفها قائلا:

-برضوا بتكلمى فى اللى مالهاش فيه دخولى المستشفى كان بسببك وحريق المصنع ما لهاش دخل بيه ما ترميش غباوة تصرفاتك على شماعه صبا ماعدش ينفع الحساب بتاعك تقل ولازم تحاسبى  عشان ورايا غيرك .






"بالخارج "


وقفت "صبا" امام "زيد" الذي استمر صمته يحدق أمامه دون نظر وينفث دخان سيجارته بشراسه وبسرعه حتى ما عاد مكان لأنفاسه مكان ،سعلت "صبا"بشده من رائحه التبغ التى ملأت صدرها ،تلفت نظره أنه خنقها فعليا بصمته  وبدخانه 

اخيرا نطق أمرا :

-إدخلي جوا 


لم تنفذ امره واستمرت فى مكانها وتسألته بدهشه:

-في إيه يا زيد ؟جدو زعلك عشان موضوع البيت التاني دا 


تنبأ عقله لما تقول وشرد فى تلك الفكرة التى من الممكن أن تحيه حياة طيبة بعيدا عن كل المشكلات التى تبعأ القصر وتتساقط فوق رؤسهم،هزته بخفه كى تدفعه للحديث  فإكتفي بنفض رأسه،زفرت براحه وهى تتمتم:

-طيب الحمد لله

عادت لتسأله بفضول:

-اومال فى ايه مضايقك ؟


أولها وجهه وتعمق بالنظر لها لولا اصرارها وتمسكها ببناء علاقتهم بشكل قوي لكان هدم كل شئ هى السبب فى نجاح العلاقه رغم انها كانت مسؤليته لو كان انجرف نحو نار إنتقامه لكنت الآن هى وهو رماد لكن التريس والتعقل واستمرارها بالمحاولة لإطفاء هذه النار كانت سبباً فى أنهم الآن يقفون على أعتاب حلم جديد منطلقين نحو شمس جديده ،إبتسم برحابه وقال :

- خايف ما يبقالنش بيت تانى نعيش فيه 

تهللت بإ بتسامتها الناصعه التى تشف مدى بياض   قلبها ،ظلمها ظلم كبير وجافها مده كبيره كيف يعبر عن ندمه على إطفاء تلك الضحكه التى تشرق الشمس فى قلبه وتنير كونه بأكمله،استمتع بملامح وجهها الجميلة وهي تضحك وعينها التى تختفي مع أبسط ابتسامتها وتعلو وجنتيها وتتلون بالاحمر كفاكهة التفاح الناضج الشهي  وتجعل فكرة قطمها حلال . هتفت بمرح وثقه:

- لو على كدا ما تقلقش هيبقالنا سيب الموضوع دا عليا 


جذبها أسفل إبطه ليقول ووجهه مقارب لوجهها:

- انتي قده يعني 

اجابت وهي تحرك رأسها بثقه بالغه:

- ايوه جربني مش هتندم 


استمر بالنظر لها وابتسامته تتسع رغما عنه اينتهى القتال وتتفتح لهم ابواب الحياة ليعيشوا ما تبقي من حياتهما معا،ام لايزال هناك عقبات ستؤرقهم لكن الآن يشعر أنه بحاجه للكثير من الوقت معها بحاجه إلى إعتذرات كثيره لكل ألم سسبه لها لكل وجع كان سببا فيه الآن رأها بشكل مختلف لم تعد مجرمه أو خطيره بل محبوبته التي تمنى ان يقابلها من أول  الزمن .  






"بالمكتب"


لازال الحديث مشتد بين "فايز وبثينه"والذي اعتصرها ليأخذ منها ما يريد ويعرف إن كان لونيسه أو غيرها يد ملوثه معها فى هذا التصرف أم كان هذا تصرف شخصي لكنها لم تكذب وبرئت ساحة ونيسة تماما وأخبرته أنها فعلت كل هذا من وراء ظهرها ولم تذهب معها ابدا لأي مكان ولا تعرف ما كانت تفعل كما خبأت ذهاب مها او صلتها بلامر .

بعدما سمعت منه :

ـ ماعدش ينفع الحساب بتاعك تقل ولازم تحاسبى  عشان ورايا غيرك .

اشارت "بثينه" لنفسها ورددت بصدمه غير مصدقه أنه سيحاسبها وقالت  :

-انت هتحاسبنى يا ابا هتحاسب بنتك  وتسيب بنت بشري هنا وعايز بعد دا ما أصدقش إنها لعنه 


لم يهتز له رمش امام هذا الحديث الذي حسم فيه الأمر من مده طويله ، وهتف بقسوة :

- من هنا ورايح ممنوع تطلعى من بيتك لأي مشوار اعبدى ربك واستغفريه على عملتك السوده 

والفلوس اللى بتاخديها هتخس النص وما عديش هتدخلى القصر دا تاني وتطلعى من الباب دا على باب القصر لتكلمى حد ولا تجيبى سيرة باللى حصل كلو لجنس مخلوق ولا حتى جوزك .

أولها ظهره وأردف بحنق:

-ودلوقتى إخفي من وشي مش طايق ابص فى وشك 






خرجت بثينه بعد مده ودموعها لم تجف لم يرضي والدها النقاش فى قراره ولم يقبل أن يغير اى شئ فى رأيه وأكثر ما ألامها انه رفض النظر بوجهها  ورفض حتى توديعها فتحت الباب وتتجه صوب  الجميع المنتظر وهرولت باتجاه الباب وهي تصرخ عاليا :

-منك لله يا صبا يابت بشري يحسرك ربنا على شبابك 

سمعتها "صبا" وهى واقفه بجوار "زيد" فأسرع بإخفايها خلفه عندما راها تنطلق كالثور تجاههم  سالته صبا هامسه:

-انا عملت اي يا زيد انا قعده فى حالى 

التف اليها ومط جانب فاه محاولا التغطيه على الامر 

التقت عينها بعين عمتها التى تطلق الشرار لو النظرة تقتل لأردتها قتيله،همست صبا بصوت منخفض:

-اقسم بالله عمتك دى من فصيلة الزواحف حربابية بقى تعبان المهم انها مش من البنى ادمين خالص

كتم زيد ضحكته والحقيقة ان حديثها هذا خفف وطأت الشعور بالغضب والجنون من فعلة عمته وجعلته يبدوا متزن لا يعرف شئ عما فعلت .


تجاوزتهم "بثينه"فتوجه زيد فورا للداخل تاركا صبا خلفه 

فاسرعت هى بملاحقته وهى تقول :

-يا لهوى انت هتسبني لوحدى هنا دى لو رجعت هتبلعنى 


وقف على باب جده من جديد ينتظر أمره اشار له بالدخول واتجه صوبه زيد يسأله بقلق:

-انت كويس؟

رغم ان سؤاله كان اجابته معروفه  لأن جده بالفعل يبدوا عليه الشحوب انفاسه غير منتظمه،أومي فايز بنعم وابدا رغبته فى استكمال جلسته وقطع كل رؤس الفساد التى طغت بعطفه وحنانه وتغاضيه بعض الأوقات ،هتف مشيرا 

للباب:

-ناديلى عماد 

ضم فاه بأسف دخول "عماد" بعد بثينه بكم أخطائه الذي يعرفها زيد سينهيه على آخره ،فإقترح قائلا:

- حاضر بس تسمحلى اكون موجود معاك 

نفض "فايز" رأسه وأخبره بعناد:

-لاء عايز ابقى مع ابنى لوحدي 

نفخ بيأس من اقناعه،ثم هتف بتوسل أخير:

- طيب انا مش هبعد عن الباب لو احتاجت حاجه نادى .


اشار له وعيناه تمتلئ بالاصرار حتى لو كان آخر يوم فى حياته سينهيه وهو يحاول إصلاح الخراب الذي خلفه فى عائلته والذي فشل فى تعديله واصبح فاحش وبذئ


دخل عماد وهرع سريعا لينكب على يده ويقبلها:

-نورت الدنيا يا حاج حمد لله على سلامتك


 لكن سرعان ما سحب "فايز" يده وصاح به بإشمئزاز:

- بأمارة ايه يا عماد ؟من ساعة ما دخلت العنايه وانت سايبنى وداير على حل شعرك فى القاهرة.


كان "عماد" متوقع هذا الهجوم فقال مدافعا :

- يا حاج انا مشيت عشان زيد مد ايدوا عليا ولما لاقيت نفسي مش قادر اتمالك اعصابي بعدت عشان الدنيا ما تخربش أكتر 


بصق "فايز" بوجهه على الفور لقد إشمئز من كذبه وكل ما يسمعه عنه ،هذا لم يكن متوقع من جانب "عماد"الذي أخرج منديله ليمسح الرذاذ المنتشر على وجهه وقلبه يخفق بقلق من الآتي .

زأر فايز بحده :

-شايب وعايب واستحملتك قتال قتله وغطيت عليك كل قرفك وغلاتطك بتوصلنى انا عارف زيد ضربك ليه عشان دمه حر واللى عملتوا دا ما كانش يليق بيه غير ضرب الجذم حذرتك الف مرة من انك تمد ايدك على ونيسه والف مرة تاني عشان ما تستفزش زيد بيها تقوم تعمل عملتك قدامه عشان تخلي اللى فى رأسه فى رجليه وتسيبه الجمل بما حمل وتسلط عيالك يقفوا فى صفك 


وكأنه سأم العتاب فجأه فرفع عصاه ولكمه فى صدره ،هتف عماد مدافعا:

- يا حاج انت يعنى تايه عن شغل العيال بتاعه هو فى حد بيدخل بينه وبين مراته دا قاعد على نفسي اربعه وعشرين ساعة كل ما اقول يا ونيسة تلاقيه واقف فى وسطينا اعملوا إيه؟

رد عليه فايز مسرعا بحنق:

-تحترم نفسك تعمل حساب لشيبتك 


اذدراء ريقه واقترب منه ليضع يده على كتفه محاولا تهدئته :

- ما انا حاولت ...

قاطعه محتدا وهو ينفض يده عنه كأنما شي مقزز حط على كتفه:

-  ابعد ايدك عني بدل ما هخلي عيالك يكتفوك ويرموك فى الاسطبل لحد ما تموت 


تراجع عنه بقلق ثم استجمع فكرة ليقول :

-ايوا بقى قول كدا الولد دا لعب فى دماغك وقلبك على الكل حتى اختى طالعه معيطه من عندك ..

-اخرس ما تفتحش بقك دا تاني انا دماغي توزن بلد مش لعبه فى ايد عيال ،انت اللى فتحت النار على نفسك لما تسيبنى فى العناية وتروح لمزاجك برا يبقى انت اللى قلع شيطاني وما تستحقش تكون ابني 


شعر "عماد" بأن البساط كاد أن ينزلق من اسفل قدمه فإتخذ سيبلا بارعا فيه وهو اللجوء لعطفه ومحاولة استرضائه بما يعاني لعله يشفع له خطيئته كما اعتاد:

-يا بابا ما تقولش كدا انت ليه بتعملنى كدا لي دايما اخواتي احسن مني حتى نادر لما مات ما حولتش تحطني مكانه واختارت إبنه انا دايما مظلوم جوزتنى ونيسة وانا شاب وهى معاها عيل كل اللى بتأمر بيه بيتنفذ اعمل إيه تاني عشان تحبني وتعتبرنى ابنك 


فات الآون فقد جمد "فايز" قلبه وانتهي عطفه قلبه فالعقل هو المتسيد وحاكم ذمام الأمور، وعندما لوي فمه دون إهتمام أدرك "عماد" انه لا نجاة اليوم .

هتف فايز وهو يعتدل بجسده قائلا ببرود وكأنه لا يخصه :

- كان زمان ..لما تقعد لوحدك وتعرف إن الله حق وتحط قدامك الحلو اللى عملته قصاد الوحش اللى انت عملته وتشوف كفة مين طابه ساعتها هتقول الله يرحمك يا ابا خلتني راجل .


اتسعت عين "عماد" وهو يتسائل بفزع:

-يعني إيه يا حاج؟

أجابه دون انتظار وكأنما ينتظر الوقت الذي سيخرج فيه من مكتبه ويغرب عن وجهه :

- هتروح لحبايبك اللى فى القاهرة سنه كاملة ما أشوفش فيها ضلك ولا ألمحك وإعتبره نفي مؤقت إحترمت البيت وعرف غلطك ورجعت انسان جديد هتلاقي ايدى مفتوحه ....


فتح فايز ذراعيه على مصرعيه كتوضيح لما يقول ثم قبض يده وأعادها الى صدرة ليستأنف بضيق والم:

-ياإما تفضل فى عندك وكبريائك لحد ما أقلعك من قلبى قلع ولا تبقى إبني ولا أعرفك 


حاول "عماد" إثناه عن قراره قائلا:

-يا الحاج انا مش صغير على كدا على اخر الزمن هتبهدلني 


ضم "فايز" حاجبيه ومال بجذعه مستندا على ذراعه:

- اومال هيتصلحلك حال إمتي لما تقتلتا كلنا 

زعق بجملة اخيره أرعبته:

-فز قوم من قدامي إخفي مش عايز النهار يطلع عليك فى القصر .





بالخارج


عادت "صبا" تجلس معهم لكن بالطبع النظرات القلقه والمشحونه تجاهها بعد خروج" بثينه" بهذه الحالة التي تبدو أن صبا لها يد قوية فى طردها من القصر بهذا الشكل


 صبا كانت تحتضن قطتها وتلاعبها دون إهتمام بنظرات مها وونيسه والباقون لها .

من بعيد كان يتابعها  "زيد"الذي يقف امام باب المكتب ،عينه تدرس حركاتها وبسمتها ومداعبتها للقطه برواق 

إذدرء ريقه وهو يراها الآن بشكل مختلف يرأي طفلة بريئة مظلومه تقف كالجبل أمام كل الصعاب لم يحد بصره عنها يريد أن يختطفا من بينهم وسيجن إما يختلي بها ويبتعد عن كل المشكلات ويعيش معها هي فقط لقد وجها لها الكثير من الاتهامات وإكتشف انه وجه  الكثير من الغضب فى غير موضعه، وعندما لاحظ إنها وضعت يدها على شفاها وضع طرف يده على شفاه  كلما لامست جزء منها لامس هو ما يقابله لديه كأنه أول مرة يراها ويعرفها وقلبه يغرق بعشقها دون محاولة نجاه واحده.


فتح باب المكتب فجأة فإلتفت نحوه ليجد بوجه عمه عماد الذي يتضح على وجهه أنه أرسل للجحيم أغلق الباب ووقف وجها لوجه أمام زيد فإنتصبت" ونيسة"بقلق 

وصر "عماد" على اسنانه وهو يوجه شحنات الغضب له ساحقا كلماته بعنف:

- عملتها انت ومراتك يازيد انا مش هسيبك عمري تتهني 


اتجهت "ونيسة"نحوهم مهروله ثم وقفت بجوارهم تسأل :

-فى إيه يا عماد؟

لم يزح عينه عن" زيد " الذي لاذا بالصمت امام تهديده ورد بغضب :

-انا سيبهالك إنتي وإبنك إشبعوا ببعض


ضمت حاجبيها واستنكرت فسألت دون فهم:

-يعني إيه؟


لم يجيبها وإنطلق خارجا من القصر ،وجهت ونيسة سؤالها لزيد :

-فى ايه؟

لم يجيبها تعرف أنه يعلم ما يفعله جده لكنه لن يفشي سره ابدا .


ناد فايز بصوت جهور "ونيسة"،انتفضت اثر سماع صوته والتفت تجيب فى فزع:

-ايوا يا حاج 

نظرت الى ابنها بيأس تساله متأثره:

- طيب قولي طيب انا هيحصل فيا ايه ؟

رفع كتفيه وفتح لها الباب كى تدخل بالفعل دخلت والرهبه تملئها لازل "فايز" يجلس على مكتبه 

محتفظ بهيبته رغم التعب الجلى على قسمات وجهه 

هتفت بصوت مرتعب  من أن تنال نفس مصير ما سبقوها :

ـ حمد لله على السلامه يا حاج 


أشار لها بالجلوس فإستجابت لم يكن هناك أي شي على وجهه يُقرأ ،سألته وهى تترقب عينه :

ـ هو في إيه يا حاج ؟ بثينه وعماد خرجوا على برا ليه في إيه خير ؟


وضع يده على وجنته وسكت قليلا وهو يتأملها بغموض جعلها تدعو سرا أن لا يفجأها بعاصفه فهى إعتادت 

تغير مزاجه المفاجئ كل رجال الواصل فيهم هذه الخصله المخيفه لكنه خالف توقعها ورد بهدوء :

ـ مشي ، عماد مشي يا ونيسه 

فتحت عينها مع فمها غير مصدقه ما يقول لكنه أومي مؤكدا :

ـ ايوا مشي هيبعد عن القصر سنه سبب عذابك والظلم اللى كان واقع عليكى مشي 

نبرته الهادئه تحولت لحاده ليفسد فرحتها التي لم تكتمل بعد قائلا :

ـ ودلوقتى إنتى بقى هتعيشى كويس وتعيشي البيت عدل ولاا برضوا ظالمينك يا ونيسه 


حشر الكلام في فمها وإستصعب قول أي كلمه حتى رمقها بنظره قاتله جعلتها تهتف رغما عنها :

ـ وانا قولت حاجه يا حاج هو أنا عمرى ضايقت حد 


نظرتها أستخفت وتبعها مشيرا بطرف بنانه :

ـ صبا يا ونيسه مش عايز مشاكل بينكم تانى 


نفضت يدها لتبرأ ساحتها وقالت ببرائه :

ـ انا من نحيتى ما فيش حاجه بس هي بقى عايزها قايده نار 

مالت بجذعها على المكتب لتضيف بصوت منخفض :

ـ دى عايزه بيت لوحدها 

زفر بأسف وتقدم هو أيضا بجذعه ليجاريها قائلا بنفس درجه صوتها :

ـ ماهو لو إنتى بطلتى تنكدى عليها هتشيل الفكره دى من دماغها 

رجعت للخلف وحركت فاها لكلا الجانبين وعادت تهتف بضيق :

ـ احنا مريحنها على الآخر خدامه وجبنا وهى كل يوم برا مع زيد في الشغل 

امتعض وجهه وصاح بضيق :

ـ ونيسه بطلى تشتكى من تحت لتحت اللى يريح وما يجبش وجع دماغ إعمليه انا عايز البيت هادى 

وإلا هطربقوا على دماغكم 

أنتفضت من صوته المجلجل ونبرته التي تشي بعنف غير مسبوق وتغير شامل في المنزل فردت بإذعان 

تام :

ـ حاضر يا حاج اللى تشوفه 

أضاف وقد إشتدت نبرته :

ـ وإبنك بلال ربيه يا ونيسه بدل ما أربيهولك 

وضعت يدها على صدرها وتسألت بفزع :

ـ إبنى عمل إيه بلال ؟

بسط يده وأشار لها قائلا :

ـ ناديه وهاتى يحيى كمان 





لم يتبقى بالخارج سوى "صبا وزيد" وقد اختفت "مها" مع ولدها "وليد"في الحديقه 

  يقف عند الباب وهى تجلس بمقابله على الكرسي عينه لم تضيع شيء من حركاتها ومداعباتها للقطه أثبت" صبا"

 أنها تستحق كل الحب الذى يحبه لها وبالفعل قوى سحرها عليه قوي خطى تجاهها مساقا دون إراده ووقف

 بمقابلها يتمعنها عن القرب لفت إنتباهها أقدامه التي توقفت 

امامها فرفعت بصرها إليه لتسأله بدهشه :

ـ واقف كدا ليه ؟

لم يجيبها ينظر لها ويتأملها بصمت ،غضبت من عدم إجابته وسألته بضيق :

ـ بتبص على إيه ؟

إبتسم وهو يرد مداعبا إياها :

ـ قطه بتلاعب قطه 

إ دعت عدم الاهتمام واخفضت نظرها عنه ،ابتسمت ابتسامه خفيفه ومن بعدها جلس هو جوارها 

وامسك طرف ذقنها ليرفع وجهها له لكنها نظرت له نظره حاده بعض الشئ جال بعينه في وجهها 

سئمت من صمته وتأمله الذى طال دون أن يبدى أسبابا واضحه لهذا فهتفت بضيق  :

ـ في إيه يا زيد ؟ 

سألها وعينه تأبي التزحزح عنها لها فضل كبير في جعله لازال ينظر لوجها حتى الآن :

ـ بتحبينى يا صبا ؟

تأثرت بجملته لكنها رواغته قليلا نفضت رأسها قائله :

ـ لاء 

 أخرجت  طرف لسانها لتزيد من جنونه 

ظل ينظر لها وابتسامته تتسع مهما فعلت ستظل بنظره هي أجمل نساء الأرض فداعبها قائلا :

ـ يبقي نصيبك كدا يا صبا تاخدى واحد لا بيحبك ولا بتحبيه 

تحولت ملامحها لشر تام واسرعت بدفع يده وصاحت بإعتراض :

ـ انتوا عيلة مجانين بقى إنت مش لسه قايلي برا إنك خايف ما ناخدش بيت لوحدنا 


تصنع الآسف وضم فاه قبل أن يجيب :

ـ أنا يا بنتى  إنتى بتهايقلى كمان 

فجأه قفز إلى ذهنه شكواها المستمره من الكواببيس التي إنتباتها وقد تيقن الآن  ان هذا من أثر السحر الذى وقع 

عليها فسألها وقد تغيرت ملامحه :

ـ صبا إنتى لسه بتجيلك كوابيس باليل ؟

ضمت حاجبيها بإستنكار وردت السؤال بسؤال :

ـ بتسأل ليه ؟


لم يجد إجابه مناسبه على سؤلها بعد مده طويله من عدم الاهتمام بهذا والسماح لها بالتحدث في هذا الأمر 

أطال الصمت ووضع يده على فمه وبقي يحدق لها دون أن يقوى على تحريك لسانه.



"في المكتب "


صوت "فايز " كان عاليا  مجلجا هز أركان الغرفه موجها على بلال الذى يقف مذعور أمامه :

ـ إنت مين عشان تعصي أمرى ،قولت ممنوع تقول إنك طلبت إيد صبا ومع ذلك قولت مدت إيد ومديت 

وفوق الغلط ما سمعتش كلام الكبير ومشيت على هواء ابوك إيه رايك دلوقتى تمشى مع ابوك ؟


انتفضت ونيسه وهتفت متوسله :

ـ لاء  يمشي فين ، ابوس ايدك يا حاج ابوس ايدك ما تقطعش قلبى 

زعق غاضبا :

ـ اسكتى إنتى ،رد عليا انت 


رفع يده مستسلما مفزوعا مما قد يحل عليه من غضب إن لم يخرج من تحت يده ميتا :

ـ انا آسف يا جدو انا ما اقصدتش أقول حاجه  والله يا جدو انا همشي على السراط واللى هتقولى 

عليه همشيه وما عدتش أقول غير حاضر ليك ولزيد 

أشار لوالدته وأضاف :

ـ انا قولت ماما تجوزني وخلاص 

امتعض وجهه وازاح وجهه عنه ليقول لأخيه  "يحيي":

ـ وانت كمان ازاى تسمع كلام ابوك وما تساعدش اخوك الكبير


هتف "يحيي" :

ـ انا ما عملتش حاجه بابا قال ان زيد ضرب بابا و,,,


قاطعه بحده  ومحذرا :

ـ ما لكش دعوه بعلاقة زيد مع ابوك ما تقفش في صف حد خليك محايد  

لما تلاقيهم بيتخانقوا تقف وتحط إيدك في جانبك 

خنع رأسه وهو يخفض عينه عن عين جده :

ـ حاضر يا جدو 

عاد ل"بلال" وباغته بسؤال كان لا يغيب عن رأسه :

ـ انت اللى اخدت رشدي لمكان المخزن 

زاغ بصره بقلق وهو يرد :

ـ ااا ...ايوا 

لكم مكتبه بغضب ما لا يتوقعه وجده لكن هذا السؤال طرأ على ذهنه وكان لا يصدقه تحدث بزنق :

ـ ومن إمتى بنودي اغراب مكان شغلنا ومخازنا يا زفت 

لم يجد مايرد به عليه وخشي من التحدث بأي شي حتى لا يزيد الطين بله 

نظر "فايز"  لونيسه وهو يحاول كتم غضبه :

ـ ونيسه علمي إبنك وربيه لأحسن ما أربيهولك انا  


أومأت سريعا بقبول وهتف بخنوع :

ـ حاضر يا حاج 

أضاف بزنق:

ـ وابقي شوفيلوا عروسه   






"بالخارج "


ـ لوقولتلك هتصدقنى ؟؟

كان سؤال "صبا" محير لكنه كان مستعد لسماعها بعدما أزالت الغمامه من عن عينه ،خرج من صمته 

وهز رأسه بالقبول هاتفا :

ـ هصدق أي حاجه تقوليها 


أستعادت معاناتها وهتفت بتأثر :

ـ الصراحه انا خايفه بشوف حاجات مش عارفه استوعبها دخان اسود بيخنقنى 

امسكت عنقها بضيق لتبث معاناتها مضيفه :

ـ إحساس عمرى ما حسيتوا غير لما رجعت من يوم ما روحت لنهي ويوم وفاة ,,

نظرت بشك وهى تنتطق إسمها خشية من أن يثور عليها كعادته :

ـ مـــريـــم 


لمعت عينه بالدموع ،مسح وجهه حتى يستعيد توازنه يعتصر قلبه الحزن ولا يقوى على افراغه في أي شي

لم تكن شخصا عادى إنها ابنته وحبيبته وفلذه كبد نصف حياته ، والآن عليه أن يحافظ على نصف حياته الآخر

التي من المحتمل أن تضر مما فعلوه بها المجرمين .

جاهد الابتسام وهتف بلطف :

ـ مصدقك ،إن شاء الله الجاي كلو حب حب وبس هعوضك عن كل اللى فات   


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-