CMP: AIE: رواية ذكري حب الفصل الثالث3بقلم داليا السيد
أخر الاخبار

رواية ذكري حب الفصل الثالث3بقلم داليا السيد


رواية ذكري حب
 الفصل الثالث3
بقلم داليا السيد

أم
أغلقت باب الشقة وظلت واقفة تحدق بالظلام من حولها، هكذا أصبحت


 حياتها الآن، ظلام لا تكاد ترى طريقها خلاله، كانت تعلم



 أن ما تفعله خطأ، وجودها هنا خطأ، ذلك الرجل خطأ، ولكن ماذا كان يمكنها أن تفعل وزوجة أبيها تريد أن تلقيها بحياة ذلك الرجل؟ ووالدها الرجل الضعيف




 الذي لا حول له ولا قوة لا يساندها ولا يدعمها، ماذا كانت ستفعل والدنيا كلها وقفت أمامها ولم تجد سوى ذلك الرجل الذي مد يده من بين الحواجز وجذبها ليعيدها إلى الحياة
تحركت إلى الفراندة واستنشقت هواء البحر وهي تغلق عيونها لترى عيونه




 تواجهها وكلماته ترتج بأذنها، هي بالفعل ليست من نوعه ولن تكون فلماذا الحزن والدموع؟ هل تمنت؟ تمنت ماذا؟ لا لم تفكر إلا أنها تريد حياة سوية ناجحة تدعم نفسها بقوتها وإثباتها أنها تستطيع مواجهة العالم كله وحدها، لن تفكر بما كان وستكمل ما بدأته لأنها لا تملك سواه.. 






مرت الأيام مرة أخرى وكأنها دائرة الحظ تدور وتدور ثم تقف على الاختيار الذي كتبته الأقدار.. 
 كان لابد أن يحضر ذلك الاجتماع السنوي للشركة لمناقشة الميزانية السنوية وأمور كان لابد من رأيه بها وقد راسلته ولكن لا يرد، ولكن اليوم كان عليها أن تتصل به وليس فقط




 مراسلته وقد قررت أن تفعل بعد عودتها بالمساء ولكنها تفاجأت به يرن على هاتفها ولا تدري لماذا انهار القلب أمام اسمه وارتجفت اليد وهي تمسك الهاتف ونظرت إلى ولاء وقالت
“حسنا ولاء اتركيه واذهبي الآن"
لم تجادل الفتاة وذهبت وهي ترد "أهلا يا فندم" 
جائها صوته هادئا وهو يقول "متى الاجتماع؟" 
أدركت نبرته الغير عادية فتملكها الكبرياء وقالت بثبات مصطنع "غدا بالخامسة كنت سأبلغك" 
قال بسخرية واضحة "تبلغيني غدا بالخامسة؟" 
تراجعت بمقعدها وقالت "لا اليوم بعد لقاء عادل المغربي" 
صمت قليلا ثم قال "ومتى اللقاء؟" 
قالت "بعد ساعة في.." 
عاد يقول "أين أنتِ؟" 
قالت "بالشركة" 
قال بحزم "انزلي الآن سنذهب سويا" 
وأغلق الهاتف دون أن ينتظر الرد نظرت إلى الهاتف وتركته على المكتب وهي تستجمع نفسها وتوقف يدها التي ترتجف بلا سبب 



وأخيرا نهضت واتجهت للحمام وغيرت ملابسها وقد أعدت نفسها للعشاء مع عادل فهو شخصية هامة ويلح في التعاقد معها رغم ما تعرفه عنه 





لم تر سيارته وهي تبحث عنها بعيونها ولكن لحظات وتوقفت سيارة أخرى حمراء أمامها وفتحت النافذة وسمعته يقول "اركبي" 

نظرت من الزجاج لتراه فركبت دون تردد، لم ينظر إليها وهو ينطلق بالسيارة بسرعة غير طبيعية فنظرت إليه ويدها تمسك بمسند الباب بقوة ثم قالت 
"ألا تهدأ من السرعة ما زال الوقت مبكرا؟" 
لم يرد وكأنه لم يسمعها أصلا وكان يتفادى السيارات بمهارة غير طبيعية إلى أن توقف على مقربة من 





الفندق، تنفست أخيرا وحررت يدها وهي تستجمع نفسها وهو يشعل سيجارة ونفخ دخانها بعيدا ثم قال
“منذ متى ترتدين مثل تلك الملابس للعشاء؟"
احمر وجهها وعاد قلبها يدق بقوة ولا تعلم السبب وبحثت عن الإجابة التي اختبأت ربما خوفا من ذلك الرجل الذي لا تعلم ماذا أصبح يفعل بها وجوده؟ 
قالت بثبات غير حقيقي "منذ أن منحتني تلك 



الصلاحيات التي تقود شركة إلى النجاح" 
نظر إليها وقال "وهل غيرت مبادئك وأصبحت تهتمين بالرجال وتمنحينهم مرادهم بداية بالمظهر الجميل؟" 
تراجعت من كلماته والغضب يتسرب إليها وقالت متخليه عن مخاوفها "أنا لم ولن أغير مبادئي، 




ومظهري ليس به أي شيء مبتذل كتلك اللاتي تشير إليهن، من الواضح أنك لا ترى جيدا أو تريد أن ترى ما يثبت عكس ما أنا عليه" 
التفت إليها وقال "الذي هو ماذا؟ لا داعي لادعاء الشرف أنا أعلم جيدا عادل المغربي وأعلم نوع النساء اللاتي يتعامل معهن وهو ما يعني أنك أصبحت منهن، عدة أيام بمنصبك حولتك إلى" 





قاطعته بقوة وغضب "كفى، أنا لم أتحول لأي شيء أنا هو أنا إنه أنت من تريد تصديق غير ذلك إذن هو شأنك وعادل المغربي مجرد عميل كسواه لا يمثل لي سوى صفقة ناجحة لشركتك وطالما أنت هنا فلتذهب وحدك أنا عائدة وإن شأت أعدت لك كل شيء" 
وتحركت لتنزل والدموع تملأ عيونها من كلامه الجارح والمهين ولكن أصابعه قبضت على معصمها بقوة وهو يقول 
“انتظري"
حاولت أن تجذب يدها وهي تقول "لن أنتظر ولا أريد البقاء اتركني" 
ولكنه جذب يدها بقوة وقال بنبرة آمرة "إيمان توقفي واهدئي لن تذهبي لأي مكان بدوني" 
توقفت عن جذب يدها وأبعدت وجهها وهي تحاول أن توقف الدموع بينما ترك يدها وأشعل سيجارة أخرى ثم عاد ونظر إليها وقال
“كيف وصل إليك؟"
قالت دون أن تنظر إليه "أرسل لي مدير أعماله مرات كثيرة وتناقشنا بالعمل وأرسلت لك ملخص للاجتماع ولكنك كالعادة لم ترد، وبعدها اتصل بي شخصيا وطلب لقائي تحججت بالعمل ولكنه أصر على اللقاء بحجة أن لديه الكثير من الأمور التي يريد مناقشتها وأيضا أرسلت لك ولكنك لم ترد" 
نفخ الدخان ثم قال "كنت باستراليا ولم أعد إلا اليوم وعندما رأيت رسائلك أتيت، سمعة عادل" 
التفتت إليه بدموعها وقالت "أعلم جيدا سمعته، أنا أدرس جيدا شخصية عملائي وأعرف أيضا كيفية التعامل معهم" 
هدأ غضبه وقال "حسنا امسحي دموعك ودعينا نذهب واتركي لي الأمور" 
لم ترد وهي تفعل ما طلب، وقف عادل بمجرد أن رآهم وابتسم لها بجاذبية واضحة وقد كان بالفعل جذاب، قبل يدها بطريقة أثارت ضيقها وربما غضب أمير وقال
“عندما أخبرني سالم عن كلامك تشوقت لمقابلتك ولم أعرف أن فتنتك تعادل ذكاءك"





قال أمير بحدة "عادل المغربي لا يتوقف عن عاداته" 
التفت عادل إليه وقال ببرود "وأمير لطالما يحسن اختيار رجاله، أقصد موظفيه، لم أتوقع وجودك" 
أجلسها عادل قبل أمير فابتسمت برقة للمجاملة فبادلها الابتسامة بينما قال أمير "أنا موجود وقتما أريد أن أكون موجود" 
نظرات غريبة شاعت بين الرجلين ثم عرض عليها عادل سيجارة ولكنها رفضت بأدب وبدأ أمير الحديث "من الغريب أن تطلب التعاون مع شركتي؟ لم تفعلها من قبل" 
قال بجرأة "لم يكن لديك من يجيد إدارة الدفة، أعجبني العروض التي تقدمها الآنسة للشركات وقد كادت تبتلع السوق من حولي فكان لابد أن أظهر وأعلن عن نفسي" 
قالت "لست بحاجة لتفعل عادل بيه ولكن أظن أن السوق مفتوح للجميع" 
ابتسم لها وقال "لو كان الجميع بجمالك وذكائك لتركته لك دون نقاش" 
تبدلت ملامح أمير وقال "ألا نتحدث بجدية؟ ماذا تريد يا عادل؟" 
قال الرجل "بعض التعديلات على عروض الأستاذة وتكون الصفقة جاهزة للتوقيع" 
قالت بثقة "أخبرت رجلك أن الشروط غير قابلة للتعديل، خذها أو ارفضها" 
تسمرت نظراته عليها بينما قال أمير "تعلم أن طرقنا مختلفة" 
اقترب من حرف المائدة وقال "سأقبل بشروط الأستاذة كلها، متى نوقع العقود؟" 
تراجعت هي بينما قال أمير "لن نوقع أي شيء يا عادل وانسى أننا يمكن أن نتعامل سويا، الآنسة إيمان تجيد عملها ولكن بالنهاية أنا من له الكلمة الأخيرة وأنا لا أوافق" 
ثم نهض ووجه كلامه إليها "هل نذهب؟" 
تراجع عادل بمقعده وهي تقف بنظرات تحمل حيرة وعدم فهم لم يحدث، حيت عادل برأسها ثم تحركت أمامه إلى الخارج حيث ركبت بجواره وانطلق في صمت إلى أن وصلا لمكان على البحر ودخلا وجلسا بنفس الصمت إلى أن قال 





“أفسدت لك الصفقة"
تناولت العصير وقالت بهدوء "هي لك وليست لي ولا تمثل أهمية بالنسبة لي طالما أنت لا تريدها" 
ظل ينظر إليها ثم اقترب من طرف المائدة وقال "ولماذا أصلا بدأت الطريق؟" 
قالت بهدوء "أخبرتك أني لم أفعل ولو قرأت العقود والشروط ستجد أني وضعت تعقيدات كثيرة لتجعله هو يرفض" 
صمت قليلا وقال "من الواضح أن وجودك وحدك أصبح خطر" 
واجهت نظراته وقالت "خطر على من؟" 
تراجع وقال "أنت أخبريني" 
قالت "ليس على الشركة لأنك تعلم بكل تقاريري ونتائج عملي أنا لا أسعى إلا لنجاح الشركة، وليس عليك لأن العقود التي أمرت بها تؤمنك جيدا تجاه رجل كعادل طريقه غير نظيف، فأين الخطر؟" 
قال بتأني "وأنت؟ ألا خطر عليك؟" 
ابتسمت وقالت "وكيف يكون؟" 
قال "هل تتصنعين الغباء؟ أم أنك حقا لا تفهمين؟" 
أخفضت رموشها التي لونتها بالأسود وقالت "وماذا تظن؟" 
قال بضيق "إيمان أنا تعبت من تلك الطريقة التي نلف بها وراء بعضنا البعض ليست طريقتي ولا طريقتك" 
ذهبت ابتسامتها وقالت بجدية "كان يمكنك اتباع الطريق الصحيح منذ البداية أنت من بدأ، لست أنا المرأة التي تتاجر بشرفها من أجل صفقة أو سواها كان عليك أن تدرك ذلك دون ذرة شك ولكنك أردت تصديق العكس وأنا اتبعت طريقك" 
نفخ بضيق ثم عاد وقال "حسنا ولكن ملابسك ومظهرك وعادل بحد ذاته أثار الشياطين أمامي، كان عليك تأجيل الأمر حتى أرد عليك" 
أبعدت عيونها وقالت "أنت تختفي بالشهور ولا تستجيب لأي رسائل والحياة لا تقف وأنا أجدد نفسي مع مركزي الذي منحته لي فهل تجاوزت؟" 
قال "لا، ولكن احذري، الصيادين كثيرين والطعم خفي لا تراه الفريسة وأنا أخشى عليك" 





ظلت تنظر إليه ثم قالت "حسنا سأعود لنفس كلامي أنت لا تستجيب لي، فعلي أن أتعامل، هناك أمور تحتاج لسرعة التصرف" 
هز رأسه وقال "حسنا لن أتأخر بالرد ولكن لا تندفعي مرة أخرى" 
هزت رأسها بالموافقة فقال "هل وصلتك دعوة بالمؤتمر المقام بشرم آخر الشهر؟" 
قالت "نعم ولكن لا أظن أني سأذهب لا أريد" 
قال باهتمام "وحدك لا، لو كنت بمصر سنذهب سويا لذا تصرفي على أساسا أننا ذاهبان وسأخبرك قبلها" 
لم تعترض ونظرت إليه وقالت "أنت تسافر كثيرا؟" 
أنهى القهوة وقال "بابا لا يحب السفر ويفضل البقاء بالرئاسة بالقاهرة لذا أتولى أنا السفر" 





قالت "وهنا؟" 
نظر إلى البحر لحظة قبل أن يقول "لولا وجودك لأغلقتها" 
ضاقت عيونها وقالت "ولماذا أنشأتها أصلا؟" 
قال بصوت لم تفهم نبرته "كانت جزء من حلم" 
نهض إلي سور البحر فنهضت وتحركت بجواره وقالت "أي حلم؟" 
نظر إلى ملامحها الرقيقة وخصلاتها المتطايرة مع نسمات الخريف وهو يعد الشهور التي مضت على لقاؤه بها ربما ثمانية أو تسع أشهر، اليوم فقط يرى جمالها وذكائها، رفع يده وأعاد خصلة من شعرها إلى خلف أذنها وهو يقول
“حلم مشترك شقة وشركة مستقلة عن امبراطورية بابا و"
لم يكمل وابتعد ليستند إلى السور الخشبي بذراعيه ويملأ صدره من هواء البحر بينما عادت هي تقترب وتقول "وماذا؟ ماذا بحياتك أمير وتخشى أن تتحدث عنه؟" 
نظر إليها ثم تحرك لسانه قائلا "وزوجة، كان حلمنا منذ أن تعارفنا بأولى كلية، بابا أصر على أن أكون مهندس ومجموعي أحضرني هنا وتعرفت عليها ثم نقلت القاهرة ولكن بعد أن عرفتها ووقعت أسير غرامها ورقتها، كانت بسيطة وجميلة أحببتها من أول نظرة وصارعت كي أتعرف عليها وبدأت علاقتنا، علاقة دامت خمس سنوات عشت معها كل المشاعر؛ حب، سعادة، حزن، فرح وألم" 



اصطدم قلبها بعصا غليظة ضربتها بقوة دون تراجع لم تبعد عيونها عنه وقالت "وماذا؟" 
نظر إليها وقال بعيون حزينة تكاد تقطر دموع "الحب دائما ما يواجه عقبات ونحن مثل أي علاقة ظننا أن حبنا سيصمد أمام تلك العقبات وصمد ولكن كان هناك ما هو أقوى" 
أبعد وجهه فأدركت أنها لحظة له هو وحده ولم تشعر إلا بالحزن من أجله فرفعت يدها بتردد ولمست كتفه فالتفت إليها ونظر بعيونها التي امتلأت بالحزن من أجله فتحرك مبتعدا وهو يقول 
“هل نذهب لقد تأخر الوقت"
تبعته بصمت وهو يضع بعض النقود ويذهب وهي بجواره، تولاه الصمت طوال الطريق إلى أن وصلا فقالت "هل أنت بخير!" 
هز رأسه وقال "نعم أراك بالشركة صباحا أو على موعد الاجتماع " 
قالت "أنت لن تعود القاهرة الليلة إذن؟" 
أشعل السيجارة وقال "لا لدي موعد الآن وربما أتأخر لذا أنا باقي" 
ارتبكت وقالت "وأين، أقصد أين ستقضي ليلتك؟ أنا" 
احمر وجهها فنظر إليها وقال "حجزت بفندق قريب لا تهتمي يمكنني أن أرعى نفسي جيدا" 
لم تعلق وتركته وذهبت ولم ينتظرها وهو ينطلق بالسيارة 
لم تنم نهائيا وهي تتذكر كلماته عنها حبيبته، كيف لم تفكر بذلك؟ لماذا ظنت أن حياته فارهة وهي تمتلأ بالألم الواضح عليه؟ 
اعتدلت بالفراش وقد كانت الثانية صباحا ولا تعلم كيف أمسكت الهاتف واتصلت به وظنت أنه لن يجيب ولكنه فعل وأجاب بجدية



“إيمان ماذا حدث هل أنت بخير؟"
أدركت نبرة القلق بصوته فأسرعت تقول "نعم، نعم بخير اطمئن أنا فقط، كنت أريد أن اطمئن عليك بدوت على غير طبيعتك الليلة" 
سمعت صوت ضوضاء حوله وبالنهاية أمكنها تمييز صوت امرأة وهو يجيب "لا أنا بخير، نامي ولا تقلقي لدي ما ينسيني أي شيء" 




وسمعت صوت ضحكة نسائية واضحة فنظرت للهاتف بغيظ وندم على ما فعلت ثم أغلقت ودفعت نفسها تحت الغطاء وقد اعتصر الألم قلبها، هي كانت تقلق من أجله وهو يمضي ليلة حمراء بدون أن يرمش جفنه.. 
بالصباح تناولت بعض الطعام بدون شهية وأحاطت قدح القهوة بيدها، عندما رن جرس الباب فتحركت إليه وفتحت لتراه أمامها




 لم تنظر إليه وقد تخطى غضبها حدود اللياقة وهي تترك له الباب وتدخل وسمعته وهو يغلق الباب، ألقى جاكته وتحرك تجاهها بالمطبخ وقال





“أشتم رائحة القهوة هل لي بفنجان؟"
تحركت لتصنع له واحدا وقد جلس أمامها والصداع يمزق رأسه، وضعت الفنجان أمامه وكادت تبتعد عندما أمسك يدها وقال 
"هل لابد أن تكون كل أوقاتنا سويا غضبا وملامة وعتاب؟" 
نظرت إليه بعتاب فقال "أخبرتك أني لست ذلك الرجل الذي تظنين فلماذا تحاسبيني؟" 
قالت "لا، أنت هو الرجل الذي أظنه ولكنك ترفضه وتلتصق بصورة ليست حقيقية لماذا أمير؟ لماذا تشوه نفسك بهذا الشكل؟" 





نهض بعصبية وقال "لأنها الطريقة الوحيدة لقتل كل ما يؤلم، الصورة التي لا أريد سواها لتبعده عني ويتركني لنفسي، الحياة التي لا تؤلم" 
تحركت إليه وقالت "بلى إنها تؤلم وبشدة لأنك تحتجز نفسك بسجن مظلم وتحكم عليها بالعذاب فلماذا؟" 
أمسكها من ذراعيها وتحولت ملامحه لألم وحزن وهو يقول بغضب "لأنني أستحق ذلك السجن، ماذا فعل أمير الجنتلمان لها؟ هل أمكنه أن يمنحها ما تمنته من تلك الحياة التي حلمنا بها؟ هل استطاع أن يحميها من الغدر؟" 
أطلق ذراعيها وابتعد وهو يقول "لا، لم يمكنه أن يوقف السطوة والقوة التي نالت منها ودمرتها ودمرتني معها فلماذا




 أبقيه حيا؟ عليه أن يموت مثلها وأدمره تحت أقدامي لأنه بضعفه لم يبقيها معه هل تفهمين أنا لست ذلك الرجل الضعيف الهزيل صاحب المشاعر المرهفة والحب 



والأحلام، لا، أنا رجل الليل والنساء والشراب والمتعة فقط هذا هو أنا، ربما هناك ما يمنعني عنك ولا أعلم ما هو! ولكني لست بذلك الشرف" 





تراجعت لحظة من الخوف وأمسك هو رأسه التي استمر الدق بها بقوة فقال بعصبية "ألا يوجد لديك شيء لهذا الصداع اللعين؟" 
أسرعت إلى دولاب الإسعافات وأخرجت له دواء ومنحته الماء وقالت "هل تجلس وتتناول القهوة وترتاح قليلا تبدو مجهدا" 
نظر إليها بعيون تلونت بألوان أخرى غير لونها الحقيقي وقال "لقد اتفقنا على المبادئ يا أستاذة" 
أدركت معنى كلماته ولكنها جذبته من ذراعه إلى الأريكة وقالت "ولن نتراجع فقط اجلس وتناول بعض الطعام والقهوة" 
ألقى جسده على الأريكة وقد أنهكه عدم النوم والذكريات بينما تحركت هي لإحضار القهوة وعادت إليه كان مغمض العين فنادته برقة
“أمير"
فتح عيونه ونظر إليها وقال "لم لا تخافين مني؟ الآن تعرفين أني ذلك الرجل الذي" 
رن هاتفها فقالت "بالتأكيد ولاء" 
قال "دعينا نذهب لقد تأخرنا" 
أجابت دون أن تتحرك وقالت "حسنا ولاء لا ينتظرني أحد اليوم والغي الاجتماع حتى أبلغك بموعد آخر، لدي مواعيد بالخارج ولا أعلم متى سآتي" 
تناول القهوة مع سيجارته وهو يتحرك إلى الفراندة حيث الهواء المنعش لخريف سبتمبر وتأمل البحر بينما تبعته هي وقالت 
“هل أصبحت بخير؟"
لم ينظر إليها وقال "اخترت تلك الشقة لتكون بيتنا، كنت قد أعددت الأمر مفاجأة لها ونويت أن أخبرها بالأمر" 




وتوقف فقالت "شقة؟ ولكن" 
التفت إليها وقال "بابا رفض أن يكون وريثه الوحيد زوج لفتاة من أسرة فقيرة لا أصل لها ولا فصل وخضت معه صراعات كثيرة طردني فيها من البيت مرات عديدة كانت ماما هي من يعيدني كأي أم تحب ابنها الوحيد، كان رفضه واضح من أول يوم وتهديداته كثيرة ولكني لم أعبأ بها وليتني فعلت" 
ابتعد وهو ينهي قهوته وينفخ دخانه ثم أكمل وكأنه نسى وجودها وقال "ظننت أن وجودي هنا لن يمكنه من معرفة خطواتي وخطبتها من والدها كل من لها ومن يومها بدأت المصائب، طرد والدها من العمل بدون سبب وأصيب بجلطة أقعدته الفراش وقتا غير قصير، طردت هي الأخرى من عملها وكاد الأمر يصبح فضيحة كبرى لولا أن حماها الله وكل ذلك وأنا لا أدرك منبع المصائب إلى أن أتت تلك الأيام عندما اتفقنا على أن نعقد قراننا وبمجرد أن انتهي من الشقة ننتقل إليها ووالدها معنا وبالفعل اجتهدت كما ترين لتصبح الشقة على هذا الشكل وتبقى أن تأتي لتراها واتجهت إليها لنأتي سويا وما أن توقفت بسيارتي على جانب الطريق وتحركت هي لتعبر الطريق إلي حتى رأيتها أمامي وهي تنتزع معها كل الأحلام والأماني، كل السعادة التي حلمنا بها انتزعتها وهي ترتفع بالهواء بفعل سيارة طائشة لتسقط أمام سيارتي وسط بركة حمراء، لم استوعب




 لوهلة ما حدث والصدمة شلت جسدي كله حتى سمعت بعض الصرخات من حولي لتعيدني للدنيا وتسقطني على جسدها لأنزعه من بركة الدماء وأجذبه لصدري وأناديها غير مدرك أن الموت كان أسرع وانتزعها مني 





وانتصر ووقف يشاهد نتيجة انتصاره، رجل محطم القلب يائس لا معنى لحياته ومن وسط كل ذلك أتذكر قائد السيارة التي قتلتها وتنهي صدمتي الثانية على البقية الباقية مني حين تعرفت عليه وأدركت الحقيقة التي لم أكن أعرفها وهي أنه هو من قتلها وقتلني بيد باردة لا تعرف عن الرحمة والأبوة أي شيء"
هتفت بدون تصديق "أبوة!؟ لا يمكن أن تعني والدك؟ لا يمكن أن يفعل" 
التفت إليها بنفس العيون متموجة الألوان إلا الأبيض الصافي وقال بغضب "بلى هو، هو سبب كل ما كان، هو من طرد والدها 




وطردها ثم قتلها، ولكن بالطبع لم يمكنني أن أتأكد من الأمر ولم أجد السائق حتى أتأكد وأبي رفض معرفته بأي شيء وحتى اليوم لم يتمكن البوليس من معرفة الجاني




 ولا أنا تأكدت منه وعشت سنوات ضائع تائه ولم ينتشلني إلا مرض أمي نتيجة حزنها علي، وقتها كان لابد أن أمنحها الدواء لتعود للحياة ودوائها كان عودتي للحياة وعدت ولكن ذلك الشخص الذي تعرفيه الآن، رجل لا معنى للحياة عنده، والحب سكن بغرفة مغلقة داخل ركن مظلم بقلبي لها وحدها وأقسم قلبي 



على ألا يفتحه لأي امرأة أخرى بعدها لذا كلهن بالنسبة لي متعة أو مخدر يخدر الألم ويسكن الذكرى أما الحب فهو لها هي وحدها" 
لم توقف دموعها وهي تنساب دافئة على وجنتها فرفع يده ومسح بعضها وقال بحزن واضح على وجهه وعيونه "ماذا تعني تلك الدموع أمام الموت؟ لا شيء سوى التسليم والتأكيد على أنه الأقوى والمنتصر، نعم الموت ينتصر" 
ابتعد من أمامها وتركها وجسدها يرتجف مما سمعت ليست حزينة لأنه أحب ولكن حزينة لأن الكره يدمر ويدمر أقرب الناس جلست دون قوة على الوقوف بينما تولاه الصمت وهو ينظر إلى البحر الممتد بلا نهاية وأخيرا تنهد والتفت إليها وقال وقد شعر بحرارة تدب بجسده والصداع يأكل رأسه 
“أنا لابد أن أذهب"
انتفضت ونهضت تتبعه وقالت "أمير انتظر" 
ولحقت به وأمسكت يده قبل أن يأخذ الجاكيت واستوعبت الأمر فقد انحنى الاثنان بنفس الوقت واقتربت الأوجه والتقت الأنفاس وزاغت العيون بنظرات لا معنى لها وتلامست الأيدي دافئة تبعث على الراحة ولكنها تراجعت وهي تضم جاكته لصدرها بدون وعي وقالت 
“لن تذهب وأنت بهذه الحالة"
لم يتراجع وهو ينظر إليها وقال "ولن أبقى، لن نعيد ما كان" 
أخفضت عيونها وقالت "اجلس حتى تهدأ سأصنع لك ليمون ثم بعدها اذهب" 
ظل يحدق بعيونها التي امتلأت بالرجاء ودفعه الصداع إلى التراجع وهو يقول "حسنا العصير ثم سأذهب" 
هزت رأسها وتحركت للمطبخ ثم انتبهت للجاكيت فوضعته بعيدا وصنعت العصير وهي ترتجف من داخلها، تسترجع ذكرياته وخاصة كلماته عن أن الحب حبيس قلبه ولن يكون إلا لها ومن داخلها حسدت تلك الفتاة على ذلك الحب الذي امتد حتى بعد الموت
عندما عادت كان قد دفع رأسه للخلف وأغمض عيونه كالمرة السابقة، وضعت 




العصير ونادته ولكن هذه المرة لم يرد فانتبهت إلى وجهه وقد تصبب العرق على جبينه فاقتربت منه 


ووضعت يدها على وجهه فأبعدتها عندما شعرت بحرارته المرتفعة وأدركت أنه مريض 
بصعوبة أسندته إلى إحدى الغرف وطلبت دواء من الصيدلية ثم صنعت له كمادات ومشروبات دافئة وأمضت النهار كله 



بجواره وقد بدأت الحرارة تنخفض، أفاق قليلا فتناول طعاما أعدته له ثم عاد إلى النوم دون وعي بالحياة


 وظلت بجوار فراشه حتى الصباح  
أعدت إفطار شهي وقهوة وعادت إليه لتجده بالحمام وضعت الطعام وعدلت


 الفراش ورأته يخرج وقد خلع قميصه وظل بالبنطلون أبعدت وجهها وهو يلقي بالمنشفة بعيدا ويقول 
“ماذا أصابني؟"
ارتدى قميص آخر وجلس على أقرب مقعد وما زال مجهدا فقالت "سقطت 




صريع البرد وارتفعت حرارتك ولكنك اليوم بخير" 




وضعت الطعام أمامه فأمسك يدها قبل أن تبتعد فنظرت إليه كما فعل وقال



“ لماذا لا تطلبين مني الرحيل؟ ألا تخشين من رجل


 مثلي؟ بل وسهرت بجواري وقمت بتمريضي أنا لا أفهم" 
احمر وجهها وأبعدت يدها عنه وقالت "ربما أرد لك



 الجميل أنت لم تتركني بالشارع ذلك اليوم ومنحتني تلك الحياة التي لولاك لم أكن لأعرف كيف كان 

سينتهي بي الأمر" 
ظل ينظر إليها لحظة ولكنها لم تكن تنظر إليه وهي




 تحاول البحث عن إجابة صادقة لنفسها عندما شعرت به فجأة خلفها وهو يقول 
“إيمان"
فزغت وتراجعت عندما منعها بيديه من أن تبتعد 



وأمسكها من ذراعيها ونظر بعيونها وقال "إيمان اهدئي أنا فقط أردت أن أخبرك أني" 




وقبل أن يكمل دق الباب ففزعت مرة أخرى بينما ترك ذراعيها وقال "هل تنتظرين أحد؟" 



هزت رأسها وهي تحاول أن تستعيد نفسها وقالت "لا" 
تحركت إلى الخارج وفتحت الباب لترى امرأة متوسطة العمر جميلة



 الملامح أنيقة الملبس بدرجة لا توصف نطق فمها الصغير وقال
“هل أمير هنا؟"



أصابها السؤال بالذهول لحظة إلى أن قالت "ومن حضرتك؟" 
تلقت الصدمة الثانية عندما قالت المرأة "أنا أمه!" 





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-