أخر الاخبار

رواية ليدي نور )الفصل الحادي عشر11بقلم داليا السيد

رواية ليدي نور 
الفصل الحادي عشر11
بقلم داليا السيد

رسائل.. انهيار
شعرت بيده تحيطها وأنفاس دافئة تتسرب على عنقها فابتسمت وهي تفتح عيونها وهو يهمس خلف أذنها "أخبريني أنك معي حقا بهذا الصباح الرائع ليدي نور" 
استدارت بالفراش لتواجه عيونه المبتسمة وقالت "هل تفعل المثل معي رائد؟ أنا لا أصدق أن كل ذلك يحدث لي، لم أفكر يوما بأني سأتزوج ذلك الفنان الشهير، المطرب المفضل لي" 
قبل جبينها وجذبها لأحضانه فأغمضت عيونها وقال "إذن هو واقع حبيبتي، كانت أسعد ليلة بحياتي نور، معك شعرت بسعادة لم أعرفها من قبل والأجمل أن أكون أول رجل بحياتك" 
قالت "هل كنت تشك بذلك؟" 
ابتسم بحنان وقال "أبدا حبيبتي ولكني لم أتخيل أن تكوني بكل هذه الرقة والجمال أنت تفتنيني أميرتي، تمنحيني بقربك سعادة لم أعرفها من قبل وأريد أن أعيشها لآخر العمر" 
قالت برقة "وأنا أيضا رائد،  صدقني أنا لم أعش لحظات كهذه من قبل، معك أشعر أني امرأة تلقي بكل أثقالها على الرجل الذي هو كل حياتها وتنسى معه كل شيء إلا ما يمنحه وجودك معي من سعادة وحنان لم أعرفهم من قبل" 
ابتعدت لتنظر بعيونه الرمادية أو الزرقاء وقالت "أنت كل حياتي رائد، حياتي التي لم أعرفها إلا يوم عرفتك، شكرا لوجودك معي" 
أبعد شعرها النحاسي عن وجهها ومرر يده على وجهها وقال "بأي وقت ليدي" 
ثم عاد لشفتيها وذراعيها ليمتع نفسه ويمتعها دون خوف أو قلق فقط سعادة يعيشها زوجين كلا منهما تمنى الآخر وناله أخيرا
سيدني كانت مدينتها المفضلة خاصة دار الأوبرا الشهيرة والتي تميز تلك المدينة المتألقة بشواطئها ذات المناظر الخلابة، استمتعت نور بكل مكان شاهدته مع زوجها وبكل لحظة قضاها كلاهما سويا وطوال الشهر كانا معا لم يفرقهم أي شيء ولم يصاحبهم سوى السعادة ونست ما كانت تريد أن تخبره به وأجلته لبعد عودتهم فقد أرادت أن تعيش ما لم تعشه من قبل
خرجت من الحمام لتجده يتحدث بالهاتف وقد قلت اتصالاتهم منذ وصلا سيدني وما أن شعر بها حتى انتهى واتجه إليها وهي تصفف شعرها فأحاطها بذراعيه وقبلها بعنقها وقال "أعشق رائحة شعرك بعد الحمام حبيبتي" 
التفتت إليه وأحاطته بذراعيها وابتسمت تقول "كنت تتحدث بالهاتف؟" 
قبل شفتيها وقال "جوان يسأل عنا كالعادة" 
ابتسمت وقالت "ظننته عز" 
قبلها على وجنتيها وقال "لا، أنت نمت مبكرا بالأمس وتركتني وحدي وأنا أريد حقي" 
ضحكت بسعادة وقبلاته تنطلق على عنقها وهي تقول "رائد الطائرة بالخامسة سنتأخر" 
لم يسمعها وهو يأخذها برقة وحب وسعادة لم تنساها وقد كان هذا أسعد شهر عاشته بحياتها كلها، عاش بقلبها للأبد
بالطائرة وضعت يدها بذراعه وقالت "لا أصدق أن شهر واسبوع مضى على زواجنا" 
ابتسم وقال "تعلمين أني أردت البقاء ولكنك من رفض" 
ضحكت وقالت "افتقدت جدتي رائد، تعلم أن ليس لها سواي" 
قال بتفهم "أعلم حبيبتي، سيكون من الصعب تركك بعد ما عشته بين ذراعيك" 
أراحت رأسها على ذراعه وقالت "وأنا أيضا لا أريدك أن تتركني لحظة واحدة، لا أريد أن يبعدني عنك أي شيء أنا لا أفكر إلا بك ولا أرى إلا أنت، أغمض عيوني على صوتك وأفتحهم على ملامحك" 
قبل يدها وقال "سنحاول تدبر أمورنا حبيبتي ولن نترك العمل يأخذنا من بعضنا البعض" 
لا تعلم لماذا انقبض قلبها وتقلصت معدتها من تذكر العمل وما خلفه وما هي بطريقها إليه وهل ستظل السعادة عنوان حياتها معه أم هناك ما يخفيه القدر لها؟ 
قالت بقلق "رائد أخبرتك من قبل الزواج أن هناك ما أريد إخبارك به" 
نظر لها باهتمام وقال "نعم أذكر ذلك ترى ما هو؟" 
احمر وجهها ودق قلبها وقالت "إنه أمر يخصك، أقصد يخصني، لا بل جدي" 
وقبل أن تكمل سمعت المضيفة تقف أمامهم وتقول "سيدي هل تربط الحزام لقد أوشكنا على الهبوط" 
ابتسم للمضيفة وهو يهز رأسه والتفت لها وهو يقول "هيا حبيبتي اربطي حزامك لقد وصلنا بالتأكيد الجدة بانتظارنا وعز أيضا لدينا الكثير من العمل واعتقد أنك أيضا أليس كذلك؟ لكن العمل لن يفرقنا أبدا حبيبتي" 
حاولت أن تبتسم وقد تاه الكلام وسط ابتسامته التي جعلتها تتراجع وهي تخشى من وقع الحقيقة على حياتهم
وصلا القصر بالمساء وكانت الجدة بانتظارهم فانطلقت لأحضانها بسعادة وتبعها هو الآخر مقبلا إياها فقالت الجدة "افتقدتكم يا أولادي جدا" 
ظلت نور تجلس على طرف مقعد الجدة وتحيطها بذراعها وهي تقول "وأنا أيضا جدتي اشتقت إليك جدا" 
ابتسمت الجدة وهي تنظر إليها وقالت "أنت ولد صالح يا رائد لأنك أسعدتها فقد زادت حفيدتي جمالا وعيونها تألقا" 
احمر وجهها وهو يشعل السيجارة ويقول "هي تستحق تلك السعادة جدتي فهي من أسعدتني وملأت حياتي بهجة وسرور" 
تحدثا كثيرا وحكت عن رحلتهم بسعادة حتى أعلن عن العشاء تناولوه بسعادة واستأذنت الجدة بالذهاب لغرفتها وأحاطها هو بذراعيه وقال "اشتقت لك حبيبتي" 
انحنى وقبلها بسعادة حتى رن هاتفه بنغمة رسالة، لم يهتم وهو يستمتع بحبيبته ثم عادت النغمة مرة واثنان 
انتهت القبلة فأبعدها وهمس "هل نصعد؟ الرحلة كانت شاقة" 
ابتسمت وهي تهز رأسها ربما بالأعلى تخبره ما يثقل كاهلها ولكن هاتفه رن فأخرجه وهو يقول "ترى هل هو عز؟" 
لم يكن عز وقد كان رقم غريب فأجاب ليأتيه صوت رجل لا يعرفه يقول "لماذا لا تقرأ الرسائل المرسلة إليك؟ أعتقد أن بها أشياء تهمك" 
ابتعد عنها وقال "أي رسائل؟ ومن أنت أصلا؟" 
صوت ضحكة ساخرة أتت ثم قال "أنا من يحاول فتح عيونك على الحقيقة وكشف من غشك وخدعك باسم الحب كي لا تدمره وتنتقم منه عندما تعرف الحقيقة" 
قال بجدية "أي حقيقة؟ عن ماذا تتحدث؟" 
انقبض قلب نور من كلمة الحقيقة وتقلصت معدتها مرة أخرى ولكنها تماسكت وقد شعرت بخطر يقترب من سعادتها وما قد يصيبها من انهيار فتسمرت قدماها بالأرض وهو يغلق الخط ثم يفتح الرسائل وهو يقرأ بين نفسه 
“بالتأكيد تذكر والدك الذي رحل عن مصر وأتى لندن باحثا عن العمل، كما تذكر أيضا أنك كنت تبحث عنه وقد تعرض لك رجال بالمرصاد ضربوك وتسببوا بفقدانك للبصر؟ 
ولكن هل تعرف من كان وراء كل ذلك؟ ألم تصل لتلك المرأة التي اختارها والدك وتعرف ابنة من كانت؟ هل عرفت من الذي أرسل لك أولئك الرجال كي تدمرك وتتخلص منك؟ 
انظر لتلك الوثائق ومنها ربما تستنتج الحقيقة وإجابة الأسئلة وإن لم تفهم دع الليدي تشرح لك الحقيقة، ودعها أيضا تخبرك أن زواجها منك كان من أجل غرض آخر غير الحب بالتأكيد فحماية نفسها من السجن يجعلها تفعل أكثر مما فعلت"
شحب وجهه وهو يعيد قراءة الرسالة ثم عبثت عيونه بالصور المرسلة منها وثيقة زواج قديمة باسم والده واهتز جسده وهو يقرأ اسم الزوجة، وصورة أخرى لوالده مع امرأة بملابس زفاف، وصورة جعلته يثور داخليا وهو يرى شخص لا يمكن أن يتخيل رؤيته وهو يقف مع أولئك الرجال الذين لم ينسى ملامحهم يوما واحدا، تحول الشحوب إلى احمرار من تدفق الدماء بكل جسده وهو يلتفت إليها وقد تراجعت من مظهره وذهبت ابتسامتها وهي لا تفهم أو ربما تخمن ما كان






تحرك تجاهها وكل غضب السنين يشتعل داخله وانزوى الحب متقوقعا بمكان مجهول وقد فقد رونقه وتألقه خلف السموم التي بثت داخل عقله وانقبض قلبه خائفا من جمرة النار التي اشتعلت بعقل صاحبه وقد أدرك أنه بطريقه لتدمير كل شيء دون بصيرة وقد عاد للظلام ولكن ظلام من نوع آخر؛ ظلام الغضب والانتقام والقهر 
تراجعت أمام تقدمه وهو يمنحها الهاتف وقال بغضب "هل تشرحين لي؟" 
بيد مرتجفة أمسكت الهاتف وبقلب ينبض بالخوف تمنت ألا يكون ما تظنه صحيح وبعيون كلها رجاء تنظر له ربما تجد بعض الحب ما زال يسكنها ولكنها تبدلت بعيون كالصقر وهو يبحث عن فريسته، كالذئب وهو يترصد بانتظار طعامه 
نظرت للهاتف وقرأت الكلمات وبالطبع توقفت عند جملة زواجها منه من أجل هدف ليس بصحيح والصور، من أين جاءت؟ جاكلين لم تكن على صلة بأمها بذلك الوقت وتلك الصورة لها هي شخصيا! 
صدع صوته قويا كالرعد جعلها تنتفض من الفزع وهو يقول "أنتظر تفسيرك ليدي، ولا تظني أن الكذب سيكون طريق بيننا" 
رفعت عيونها إليه بوجه شاحب نابض بمعاني لم تعرفها من قبل، وشعرت بأنها تجذب صوتها من بئر الحنجرة العميق وكأن الصوت مثقل بالهموم أو يخشى من مواجهة الواقع الذي فرض عليها ولا مفر من الثبات كما تعلمت ولكن الآن نست كل ما تعلمته وانفلت حبل النجاة من بين أصابعها وشعرت كأنها كالتائهة بصحراء قاحلة لا تحوي إلا سراب يحسبه الظمآن ماء لقد كانت تريد إخباره الحقيقة ولكن هذه ليست الحقيقة إنها كذب، حمم تحرق كل جميل بينهم 
صرخ بها مرة أخرى "أجيبي" 
انتفض جسدها كله من صرخته القوية وانطلق صوتها وهي تقول "هي أمي" 
تراجع وقد تمنى أن تكذب ما يراه أو أن تشكك ولو لحظة بصحته ولكنها لم تفعل، انقض على ذراعها بقبضة من فولاذ تألمت منها بصمت ونظر بعيونها بجمرات من النار تنطلق من عيونه وهو يهتف 
“وأنت من أرسل الرجال لقتلي، طفلة! مجرد طفلة تحولت لآلة تفعل بي ذلك؟ والآن تتزوجيني كي لا أبحث عن حقي؟"
هزت رأسها بالنفي وقالت بصوت مبحوح "لا، ليس صحيح، أنا" 
هزها بقوة وما زال عملاق الغضب يسيطر عليه ويحركه بدون وعي وقال "أنت ماذا؟ أنت تحولت لشيء لا يعرف عن الإنسانية أي معالم وأنا الذي كنت أظن أن ذلك من براءتك أو رقتك التي تحاولين إظهارها للجميع وهي بعيدة عن الحقيقة، غش كل ما عرفته بك غش وخداع كنت تفعلين ذلك كي لا أحاسبك على سنوات الظلام التي عشتها أليس كذلك؟"
لم تحاول أن تبعد ذراعها المتألم عن قبضته وهي تقول بحزن وألم "لا رائد لم أغشك بأي يوم ولم أخدعك أنا حاولت إخبارك الحقيقة أكثر من مرة أنا أصلا لم أفكر بالزواج منك إنه أنت" 
ترك ذراعها وهو يدفعها بقوة لتتراجع وقد كادت تفقد توازنها وللحظة هاجمها دوار جعلها تترنح فلم تجد سوى مقعد سقطت عليه وهو يبتعد وكأنه لم يسمعها ولا يريد أن يسمعها وهو يقول "فعلا، إنه أنا من سقط صريع عيونك وضحية صوتك الخادع" 
والتفت إليها مرة أخرى وقال "ودبي، بالتأكيد كانت بداية الخطة تأتين وتتأكدين أني لن أعرفك وبذلك تضمني السلامة والنجاة" 
هزت رأسها بالنفي وهي تريد أن تنفي اتهاماته ولكنه لم يمنحها أي فرصة للرد وهو يقول "اطمئني ليدي أنا لم أعد أرغب بأي انتقام، لن يكون هذا سلوكي معك لست وحش مثل الذي رباه جدك داخلك، وجودك بحياتي علمني كيف أتعامل مع ليدي ولكني ظننت أنك ليدي حقا ولست تلك الحرباء التي تتلون بكل الألوان، أنا لا أريد أي شيء يجذبني للماضي ليدي أي شيء حتى ولو كان حقي الذي أدينك به ويمنحني الحق بأن أنتزع نور عيونك مثلما فعلت بي ولكن أنا لن أفعل يكفيني شيء واحد ليدي نور، أنت طالق" 
هزتها الكلمة كاهتزاز الزلزال الذي يسقط نواطح السحب وشقت قلبها كشق الأرض الصلبة ورفعت عيونها إليه وهو يبتعد ليذهب ولكنها نادته بقوة وقالت "رائد، أنا حامل" 






توقف دون أن ينظر إليها وقد انطلقت الكلمة بقوة إلى أذنيه ومنها لقلبه لتؤلمه كما لو كانت طلقة رصاص قوية أصابت الهدف دون خطأ، التفت إليها وقال بدون تفكير وبقسوة تملكته من الصدمة التي هزت كيانه "من الأفضل ألا يكون لنا أولاد ليدي، لا أنت تعرفين كيف تكوني أم ولا أنا أريد أولاد منك، لا تأتي به الدنيا ليعيش مأساة كلا منا عاشها من قبل" 
وتركها وذهب وشعرت بأن صوت دقات قلبها يصم أذنيها وألم بصدرها كاحتراق النيران والكي بلهيبها، أغمضت عيونها وهي تبحث عن الدموع لتشاركها أحزانها فلم تجد، فقط ألم، ألم بصدرها يهز كل كيانها ذكريات مؤلمة تمر بها، جدها، أمها، رائد، كفى
غطت وجهها بيديها ربما تختفي الصور أو تستيقظ من الكابوس ولكنها تعلم أنها ليست إلا بواقع كانت تنتظره وتخشاه، تعلم أنه آت وتتمنى ألا يأتي ولكن لا لن يرحل قبل أن يسمع الحقيقة نهضت مسرعة لتلحق به وما أن وصلت للخارج حتى كانت سيارته تنطلق بقوة مخلفة وراءها أوراق ذابلة تتطاير بالهواء حولها لتسقط على الأرض متناثرة كما تناثرت سعادتها متحطمة تحت أقدام الأقدار، أسرعت للداخل لتأخذ الفرو الخاص بها لتلحق به ولكنها سمعت صوت قوي كارتطام شيء بالأرض فرفعت وجهها لتجد جسد جدتها وقد تهاوى بالأعلى على الأرض فأنتفض جسدها فزعا وهلعا وأسرعت إليها وهي تصرخ باسمها بقوة وخوف على ما قد يكون قد أصابها.. 
****
دهم الحب حياتي يوما فانتفضت،، أخذت الرحيق منه وانتصرت،، على ظلام حياتي ببريق عيونها وانتهيت،، إلى أن كان صوتها العذب مفتاح لحياة كم من الوقت بانتظارها أمضيت،،  وبالنهاية تدمرت، سقط، ضعت، بل انتهيت،، أخذني خداعك يا امرأة حتى وهنت،، وانتصرت بقوتك على ما بقلبي لك من حب فارتويت،، سنوات عشتها أبحث حتى ببريق عيونك انتشيت وطرقت طريق قلبك فالتقيت بسعادة قربك ولكن فجأة وقعت،، لأدرك أن الكابوس كان أبشع مما ظننت
قاد السيارة بسرعة جنونية وهو يراها أمامه بعيون تفر من المواجهة، كم كان أحمق، غبي، سقط بمصيدة امرأة لا يمكن أن تسمى امرأة بل حية ماكرة تسكن لحظات حتى تلدغ لدغة قاتلة، مرت أمام عيونه كل الذكريات منذ قابلها بدبي وحتى وجدها بعد البحث ومن وقتها وعيونها شريكته، أرادها كما لم يرد امرأة من قبل بل أحبها وعاش معها أسعد أوقات حياته وتذكر تلك الأوقات وهو يرى عيونها المتقلبة ويكاد يسمع صوت ضحكتها الرقيقة الفاتنة، كيف تلك العيون تكون خادعة؟ كيف ذلك الصوت الذي سكن قلبه سبع سنوات كاذب؟ كيف؟ كيف؟ 
أطبقت أصابعه على المقود بقوة من الغضب أو الألم أو ذلك الحزن، صدمته انتزعت منه أي عقل وتركته يهذي كالمجنون، حتى ذلك الجنين ذلك الذي هو جزء منه رفضه نعم لن يمكنه أن يأتي به الدنيا لينشأ مثله، بلا أب، ولا أن تكون تلك المرأة أمه فهي أيضا نشأت بلا أم فكيف تمنحه ما لم تناله بيوم؟ أغمض عيونه من الألم ولم يدرك ماذا يفعل؟ كان عليه أن يدمرها كما دمرته مرة، ينتقم، يأخذ بثأره ولكنه لم يستطع حبه لها يوقفه وسخطه على نفسه لأنه أحبها يقيده لذا اختار البعد فلن يمنحه الانتقام أي دواء لجرحه منها وغشها وخداعها له.. 





بحث عن هاتفه واتصل بعز الذي قال بمرح "هل وصلت يا عريس؟" 
حاول ألا يبدي غضبه لعز ولا لأي أحد فقال "ما أخبار حفل القاهرة عز؟" 
هتف عز "هل ستخبرني أنك وافقت أخيرا؟" 
قال "نعم، متى الطائرة؟" 
قال عز "سأهاتف المسؤول لأعرف كل شيء ثم أهاتفك متى تريدها؟" 
حك جبينه بيده وقال "بأقرب وقت" 
تبدلت نبرة عز وهو يسأل "رائد هل أنت بخير؟ هل حدث شيء لا أعرفه؟" 
فكر بكل ما كان وتذكر كلماتها، حياتنا ليست ملكنا لذا تراجع عن الحديث فقال "لا عز لا شيء أفتقد جو العمل" 
سأله عز "هل نور بخير رائد؟" 
قال بعصبية "وما دخل نور بالعمل عز؟ هل ستذهب وترى عملك أم نقضيها تساؤلات؟" 
تراجع من غضبه وقال "حسنا رائد، اهدأ أنا فقط اطمئن" 
أغلق وقذف الهاتف على المقعد بجواره حتى وصل لبيت خشبي على ضفاف بحيرة ساكنة المياه كان قد اشترى البيت من أجلها لقضاء أوقات لهما سويا ولكن.. 
****
بالمشفى أسرع الأمير إليها وقد وقفت مستندة بظهرها على الحائط وهي تغمض عيونها والقلق على جدتها يسحق أعصابها وقد اختلط بالألم مما حدث بينها وبين رائد وما زال ما كان بينهم ينساب أمامها حتى سمعت جوان يقول 
“نور ماذا حدث؟"
فتحت عيونها دون أن تعتدل وبدت عيونها قاتمة وهالات سوداء تحيطها وشحب وجهها، قالت "جدتي بالعناية جوان، يقولون أنها مضاعفات للجراحة"
أمسك يدها فوجدها باردة كالثلج فقال "اهدي نور أين رائد؟" 
أخفضت وجهها فاقترب منها وقال "ماذا حدث نور؟" 
رفعت وجهها إليه وقالت "ما كنت أخاف منه جوان، رائد عرف، هناك من أرسل له رسائل" 
رفع وجهه بعيدا وهتف "يا للسماء!" 
لم يتحدثا وقد خرج فريدريك من حجرة العناية وقال وهو ينحني لتحية جوان "سمو الأمير، هي متعبة جدا سموك، إنها حتى لا تستجيب لنا نور، ماذا حدث؟ لقد كانت بخير، هل تعرضت لأي شيء؟ ضغط نفسي، خبر سيء، مجهود؟ الجراحة كانت ناجحة فماذا أصابها؟" 
نظر جوان لنور فأخفضت عيونها وقد تأكدت أن جدتها سمعت ما كان بينهم والطلاق ورغبته بالإجهاض، لم ترد بينما قال جوان "أنت من عليك أن تخبرنا ماذا أصابها فريدريك وماذا علينا أن نفعل لإنقاذها" 
هز فريدريك رأسه بيأس وقال "نحن نحاول سموك ولكن المشكلة بها هي لا تستجيب وكأنها ترفض الحياة، نحن نبذل أقصى ما لدينا سموك" 
قال الأمير "هل يمكن أن نراها؟" 
قال الطبيب بحزم "آسف سموك، الحالة لا تسمح بذلك وأعتقد أن وجودكم لا داعي له اسمحوا لي" 
وتركهم وتحرك مبتعدا فاقترب جوان منها وقال "تعالي، لن نبقى هنا لابد أن نتحدث" 
جذبها من ذراعها لخارج المشفى وسط حرسه الخاص وهي تتبعه بضعف وكأنها لا تشعر بكل ما حولها. جلسا بمطعم شهير رحب به المسؤول وقد بدأ النهار ينشر ضوؤه فنظر لها وقال "تناولي إفطارك نور تبدين بأسوأ حالاتك" 
أبعدت الطعام وقالت "لا أستطيع جوان" 
تراجع بمقعده وقال وهو يحدق بها "هل تخبريني بما حدث؟" 
حكت له كل شيء فاعتدل وقال بغضب "وماذا نور؟ هل تركتيه يذهب هكذا دون أن تردي على كل ما حدث؟" 
لم تنظر له وقالت "لم يسمعني جوان، لم يرد أن يسمعني لقد حاولت مرارا أن أخبره الحقيقة ولكن بكل مرة يمنعني شيء واليوم هو رأى افتراءات لا أساس لها من الصحة وهو صدق كل شيء والصور جعلته يثور" 
اقترب من المائدة وقال "ومن الذي أرسلها له؟ من أصلا يملك تلك الصور؟ هل كنت تعلمين بها؟" 
هزت رأسها بالنفي وهي تشعر بتعب غير طبيعي وقالت "لا، لم أراهم من قبل، جدي من كان يحتفظ بكل شيء" 
قال "ولكنه سلمك كل شيء نور" 
هزت رأسها نفيا وقال "بل ما أراد أن يمنحني إياه جوان" 
تراجع بمقعده وقال "أخبرتك أن تخبريه قبل الزواج هذا حقه نور هو أبيه وما حدث يخصه" 
أسندت رأسها بيدها وقالت "حاولت جوان، رغم أني خفت أن يتركني، لم يكن ليغفر الأمر كما فعل ومع ذلك حاولت" 
قال بقوة "لا نور قبل الزواج كان أفضل، كان يمكنه أن يفكر بعقلانية أكثر ولن يظن أنك غشته أو خدعته لكن الآن هو على حق" 
نظرت له قبل أن تقول "لم يسمعني جوان" 
أبعد وجهه وقال "الغضب أعماه نور ومن فعل أصابه بمقتل" 
اسود وجهها وهي تقول "يطلقني جوان من أول عاصفة تواجهنا؟ طلاق وهو الذي واعدني بعدم الافتراق لنهاية العمر" 
عاد لعيونها الذابلة والحزينة وقال "رد لكرامته نور ما حدث جرحه وأهانه فهو لم يفكر بالانتقام منك وتركك دون أن يؤذيك" 
قالت بألم "دون أن يؤذيني؟ هل تظن ذلك جوان؟ طلاقه لي لم يؤذيني؟ عدم رغبته بالجنين ليس أذى؟ ألم يجرحني وهو يخبرني أنه لا يريد أولاد مني؟ ألم يؤلمني بكلامه؟ ماذا كنت تريده أن يفعل بي أكثر من ذلك؟ إنه حتى لم يسمعني لم يمنحني فرصة للدفاع عن نفسي" 
صمت وهو يحدق بها وقال "هل أهاتفه نور وأخبره الحقيقة؟ لابد أن يعرف كل شيء" 
قالت بيأس "لا جوان، لم أعد أريد ذلك رائد لم يحبني كما كنت أظن وكما كان يخبرني، لقد صدق حتى دون ذرة شك واحدة، صدق أني ذلك الوحش الذي يدمر ويقتل وأن جدي هو سبب كل شيء، ماذا رأى مني ليصدق ذلك؟ لماذا فكر أني وحش ولست امرأته التي اختارها وأصر عليها؟ أنا لا يمكنني أن أثق برجل تركني من أول ريح، هو لا يحبني جوان" 
اقترب من المائدة وقال "ابكي نور، ابكي واسمحي لدموعك بأن تخفف عنك ما يحمله صدرك" 
ظلت تنظر له حتى قالت "ليتني أستطيع، حاولت صدقني ولكني فشلت، أنا فشلت بكل شيء جوان كان لابد أن أسمع لنصائح جدي واستمر على طريقي برفض الرجل بحياتي" 
قال بقوة "لا نور، لا تفعلي ذلك بنفسك، أنت بشر ومن حقك أن تحبي وتجدي من يحبك وتعيشي حياتك فهذه هي الطبيعة التي خلق الجميع عليها" 
لم ترد وقد زاد تعب معدتها وجسدها فأغمضت عيونها وقالت "أنا متعبة جوان هل نذهب؟" 
قال "ماذا ستفعلين بالحمل؟" 
فتحت عيونها لتواجهه وقالت "ماذا تظن؟" 
قال بتردد "لن تجهضي نفسك أليس كذلك؟" 
قالت "لا أستطيع جوان، لن يمكنني قتل تلك الروح البريئة حتى لو لم يردها هو لن أقسو عليه مثلما فعلت بي أمي" 
هز رأسه فنهض وقال "حسنا هيا لي بيت هنا قريب تعالي ارتاحي به وحدك حتى تصل أخبار جديدة عن الجدة" 
هزت رأسها ونهضت معه وقد هزها الدوار ولكنها تماسكت حتى ركبت بجواره فأسندت رأسها على النافذة وأغمضت عيونها فتركها دون أي حديث
نامت نوم غير عميق ربما التعب هو الذي جعلها تفعل حتى استيقظت على هاتفها فنهضت لتجيب لترى اسم جوان الذي قال "الجدة تطلبك نور هل أمر عليك؟" 
اعتدلت بصعوبة من الدوار وقالت "نعم من فضلك" 
كان المساء قد حل وهي تدخل غرفة العناية لرؤية جدتها وما أن أمسكت يدها حتى نظرت لها المرأة وقالت "أخبريه الحقيقة يا نور" 
أبعدت وجهها وقد تأكدت أن الجدة قد سمعت ما كان بينهم، قالت "هل تنسي ما حدث وتحاولي أن تشفي؟ جدتي أنا ليس لي سواك، لن تتخلي عني أنت أيضا لن أتحمل جدتي، لن أتحمل" 
قالت الجدة بتعب واضح "لا تتخلي عن طفلك مهما حدث، وأخبريه الحقيقة عليك أن تدافعي عن نفسك وعليه أن يسمعك" 
قالت بيأس عرفته مؤخرا "لن يصدق جدتي لن يصدق إلا ما رآه ليس لدي ما أثبت به تلك الحقيقة جدتي" 
أغمضت المرأة عيونها ثم فتحتها وقالت "إذن ابحثي واعرفي من وراء ما حدث، وعودي للبحث عن جيسيكا أمك ربما ما زالت على قيد الحياة وهي من تعرف الحقيقة حقا" 
عاد التعب يهاجمها فقالت "حسنا جدتي فقط أنت فكري بنفسك وعودي لي" 
نظرت لها وقالت "أريد أن أعود القصر نور، أريد أن أموت بفراشي وغرفتي ولو أمكنك إحضار جاكلين أريد أن أراها" 
شعرت بخوف من ذكر الموت وبغضب من طلبها ولكنها ابنتها فكتمت غضبها كما اعتادت وقالت "حاضر جدتي لكن لا يمكن إخراجك قبل شفائك" 
أبعدت وجهها وأغمضت عيونها وقالت "أريد بيتي وفراشي نور" 
ولم تفتح عيونها حتى عندما نادتها هي مرة أخرى فتحركت للخارج حيث تلقاها جوان وقال "كيف حالها؟" 





شعر بها تترنح فأمسكها وقال "نور ماذا بك؟" 
تماسكت وقالت بتعب واضح "لا شيء أنا فقط متعبة وذلك الدوار لا يتركني" 
لم يتركها وهو يساعدها ويتحرك بها لأقرب غرفة كشف وهو يقول "فلندع الطبيب يراك" 

                     الفصل الثاني عشر من هنا




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-