أخر الاخبار

رواية ليدي نور )الفصل الثاني عشر12بقلم داليا السيد


رواية ليدي نور 
الفصل الثاني عشر12
بقلم داليا السيد


لا تتركيني.. نوبة قلبية
أمضى يومين كاملين بذلك البيت الخشبي وحده وقد أغلق هاتفه بعد أن أخبره عز بموعد الطائرة، اعتصر عقله كل الأحداث التي مرا بها وتألم كثيرا وهو لا يبعد عيونها، كم أحبها وعشق عيونها ورفض بعدها والآن لم يناله منها إلا الغش والخداع، هل حقا هي




 من فعلت به ذلك؟ كيف؟ لقد كانت مجرد طفلة لم تتعدي الثالثة عشر أو أقل، أرادت تدميره لأنه أراد والده أو ربما كما قيل له هو يطمع بأموالهم وقد خشيت هي على ميراث جدها ليضيع منها، ماتت كل السعادة التي كان يعيشها مؤخرا وانتصر




 الحزن والألم حوله
بصباح اليوم الرابع الذي كان موعد الرحيل للقاهرة بعد منتصف الليل، كان يعد حقيبته وقد أرهقه التفكير والبعد عنها فرغم ما كان ما زال قلبه يحبها رن هاتفه وهو يضع الحقيبة بالسيارة فأجاب
“من؟"
جائه صوت غريب مرة أخرى وامرأة تقول " كيف تترك زوجتك الخائنة على ذمتك حتى الآن؟ ولكن بالطبع ماذا يمكنك أن تفعل والأمير معها بكل مكان إنه حتى معها الآن بالقصر وحدهما، ترى ماذا يفعلان؟"
شعر بنار تتأجج بصدره ولهيبها يكاد يخرج ليشعل النيران بكل ما حوله وقبل أن يرد أغلق الخط وهو يهتف "ألو، ألو رد يا جبان"
ضغط بيده على الهاتف والغيرة والغضب ينهشانه بقوة فركب سيارته وانطلق بقوة تركت عجلاتها أثرا على الأرض من قوة انطلاقه بها إلى القصر وعلى المغرب كان قد وصل ونزل من السيارة بغضب زاد عندما لاحظ سيارة الأمير ورجاله الخاصة، فتحت له ماريا الباب وبدون أي كلمات تحرك إلى قاعة الجلوس وقد ازدادت دقات قلبه وهو يدخل ويرى ما لم يصدقه قلبه ولا عقله
عندما خرج الطبيب مع فريدريك من غرفة الكشف واجه الأمير الذي قال بلهفة "ماذا بها؟ هل أصابها شيء؟ ألن يجيبني أحد؟" 
قال فريدريك "اهدأ سمو الأمير هي بخير، واضح أنه إرهاق وضعف نتيجة عدم تناول الطعام، الليدي بخير، كان عليكم إخباري بالحمل فهو بالطبع سبب رئيس بالإغماء ولكنها بخير لا تقلق" 
نفخ الأمير وهو يشبك يداه خلف ظهره ويتحرك بلا هدى وقال "وماذا فريدريك!؟ هل الحمل يؤثر عليها؟" 






ابتسم فريدريك وقال "بالطبع سموك له تأثير ولكن الليدي قوية وستنهض بمجرد انتهاء المحلول إنها ترفض الرقود بالفراش، هل تسمح لي أن أسأل عن الفنان زوجها؟" 
أشاح الأمير بيده وقال "لديه عمل فريدريك، أريد أن أراها" 
هز الطبيب رأسه فدق الباب ودخل، كانت قد تحسنت ولكن شحب وجهها وارتخت عيونها من التعب، انحنت الممرضة لتحيته ثم انصرفت وهو يتقدم تجاه فراشها ووقف أمامها وقال "كيف حالك الآن؟" 
كانت تشعر بأنها بعيدة عن العالم الذي حولها، ترفضه تتمنى لو رحلت ولم تبقى به ولكنها موجودة وتحيا كل دقيقة ألم وحزن به، هزت رأسها وقالت "بخير جوان، أريد أن أذهب من هنا" 
جلس على طرف الفراش وقال "لم ينتهي المحلول بعد عزيزتي بعض الراحة لن تضرك نور" 
أبعدت وجهها فهي أبعد ما تكون عن الراحة الآن، أمسك يدها وقال "نور أنا جاد عليك أن ترتاحي أنت بحاجة للراحة" 
أبعدت يدها وقالت "أنا لست بحاجة للراحة، جدتي تريد العودة للقصر هل تدرك ماذا يعني ذلك؟ إنها تتحدث عن الموت" 
تسرب الضيق إليه فنهض مبتعدا وقال "لا، لا تفكري بكلامها، وطلبها هذا لا يعني شيء نور وهي لن ترحل من هنا إلا بعد أن تطيب" 
نظرت له وقالت "هي تريدني أن أبحث عن جيسيكا تظن أنها وراء كل ذلك" 
التفت إليها وضاقت عيونه وصمت لحظة قبل أن يقول "وماذا؟ هل تريدين ذلك؟" 
أغمضت عيونها لحظة وقالت "لا أعرف بعد فقط لنخرج من هنا، أنا سأعيد جدتي إلى القصر وليقم الأطباء على خدمتها هناك" 
اقترب منها وقال "أنا لا أوافق نور على الأقل دعيها الليلة ربما بالصباح تتحسن" 
لم ترد ولكن بالصباح كانت الجدة تتمسك بالعودة لبيتها وطلبت رؤية جاكلين فما كان منها إلا أن أعادتها للقصر وطلبت علاء لإحضار أمه وقد فعل
لم تحاول رؤية جاكلين وأغلقت عليها غرفتها القديمة، لم تجرؤ على دخول غرفتهم التي شهدت ليلتهم الأول والوحيدة بها، جلست على المقعد وتراجعت به وهي تغلق عيونها وتتذكر كل ما مر بها منذ رأته وعرفته ووافقت على ربط حياتها به، شهر العسل بكل أيامه ولياليه التي عاشتها بين أحضانه، كانت أسعد امرأة بالعالم والآن يتركها وحيدة بقسوة لم تعهدها به ليته ما ظهر بحياتها ولا جذبها لطريقه 






دق الباب ودخلت ماريا فنظرت إليها والفتاة تقول "مدام جاكلين تطلب رؤيتك ليدي" 
قالت "أين هي؟" 
قالت "بالأسفل" 
لم ترد ونهضت لتنزل وقد كانت تحاول ألا تبخ نيرانها بوجهها فهي تعلم أن لا أحد سيفعل بها ما فعل سواها ولكنها لم تتأكد بعد، كانت تقف أمام النافذة عندما دخلت وقالت 
“طلبت رؤيتي؟"
التفتت لها جاكلين وقالت "لست أنا ولا علاء من فعل ما كان نور لقد منحتك كلمتي" 
تحركت تجاهها بعيون باردة وقالت "وهل من المفترض أن أصدق ذلك؟" 
رفعت جاكلين وجهها أمام نور وهي تماثلها بالطول وقالت "نعم نور، أنا لم أفعل ذلك ولا علاء والصور التي تحدثت عنها أمي لا أعرف عنها شيء أنا لم أحضر زفاف جيسيكا ولا يمكنني الحصول على وثيقة الزفاف نور" 
ضاقت عيون نور وهي تحاول التفكير ولكنها ابتعدت وقالت "حسنا جاكلين ماذا تريدين؟" 
قالت المرأة "لا شيء نور، أنا فقط أردت أن أخبرك أني لم أخن اتفاقي معك صدقيني، من فضلك نور صدقي لا أنا ولا علاء لنا دخل بالأمر لقد ابتعدنا وعشنا بما منحته لنا ولا نرغب بالحرب معك مرة أخرى" 
هزت رأسها وقالت "تخشين من انتقامي؟" 
تحركت جاكلين ووقفت أمامها وقالت "نعم نور، أخشى على ابني كدت أفقده بسببك لذا لن أرغب بأن أفقده مرة أخرى صدقيني نور لست أنا ولا ابني" 
صمتت قليلا حتى قالت "حسنا جاكلين، علي أولا بالتأكد من صحة كلامك لكن لو عرفت أن لكم دخل بالأمر لن تتخيلي ما يمكن أن أفعله بكم" 
ظلت تواجه عيونها حتى طرفت عيون جاكلين وهزت رأسها وهي تتحرك تجاه الباب قبل أن توقفها وهي تقول "ألا تعرفين شيء عن جيسيكا؟" 
توقفت المرأة ثم استدارت ولكن نور لم تواجها وهي تقول "لا، ولكن كنت أعرف أنها سافرت لعدة دول ربما المطار يمنحك إجابات وأذكر أيضا أنها كانت تحب عمليات التجميل كما تعرفين" 
هزت رأسها ولم ترد فعادت جاكلين تتحرك للخارج، ظلت تتأمل السيارة وهي تبتعد بالمرأة ثم تحركت ولكن ماريا دخلت وقالت "الجدة تطلبك ليدي" 
هزت رأسها وصعدت لجدتها، خرجت الممرضة وتركتها تجلس بجوار الجدة التي قالت "لم يتصل بك؟" 
أخفضت وجهها وقالت "لا" 
قالت الجدة "كان عليك الذهاب له ولكن مرضي أوقفك أعلم ولكنه رغم ذلك سيأتي لرؤيتك، هو يحبك وأنت أيضا تحبيه فلو عاد لا ترفضي اعتذاره أنا لن أكن معك لقد انتهى وقتي" 
تحركت لفراش العجوز وأمسكت يدها والقلب يدق دقات الخوف وقالت "كفى جدتي، أنا لا أتحمل كل ذلك، لن تتركيني" 






ضعف صوت المرأة وهي تكمل "هو واقع يا ابنتي، موعد لا فرار منه، ابحثي عن جيسيكا فهي من تملك دليل براءتك واحذري من أقرب الناس لك كما كان يقول جدك فالضربة القاضية تأتي منهم لأنك لا يمكن أن تفكري بهم وحاولي الوصول لزوجك وإخباره الحقيقة وحافظي على قوتك وشجاعتك كما علمك جدك أيضا ولا تتخلي عن أي شيء منحه لك حتى ولو كان من أجل أقرب الناس لك، وكوني أما صالحة أنا علمتك كل شيء وأنت ستعلمين طفلك كما فعلت معك" 
شحب وجه المرأة فهتفت "جدتي! جدتي ماذا حدث؟ جدتي أرجوك لا تتركيني ليس الآن" 
تمتمت العجوز بكلمات غير مفهومة ثم قالت "ليس بيدي جدك ينتظرني حبيبتي" 
وأغمضت عيونها فضغطت على يدها ونادتها كثيرا ولكن المرأة أصدرت صوتا من حنجرتها وارتجف جسدها بقوة وشعرت نور ببرودة تسري بيد الجدة فتلجم لسانها وهي تشعر بأن الصمت عم الغرفة وظلام قاتم يعم المكان وقد فقدت حتى القدرة على مناداة جدتها وقد أدركت أنها رحلت وتركتها وحيدة، وأخيرا عاد صوتها فقالت بألم
“لماذا جدتي؟ لماذا الآن وأنا بأشد الاحتياج لك؟ لمن ألجأ الآن وأنت كنت ملجئي؟ لم تخبريني أنك ستتخلين عني وتتركيني وحدي بوقت الجميع يفعل المثل، لماذا جدتي؟ هل هنت عليك كما هنت عليه؟ كيف سأعيش بدون صدرك جدتي؟ من سيسمع صراخ قلبي المتألم؟ لمن سأعترف أني الآن بأضعف لحظات حياتي كلها؟ من سيخبرني كيف أواجه كل ذلك فأنتم لم تعلموني كيف أفعل؟ انهضي جدتي، انهضي وأخبريني كيف أفعل، انهضي وعلميني حتى كيف أبكي أنا تعبت جدتي تعبت، تعبت"
ولكن ما من مجيب فقد رحلت المرأة وتركتها وحدها وسط عالم تعرفه ولا تعرفه، تركتها وحيدة بلا سند ولا ظهر ترتكن عليه ولا صدر يحتضن أحزانها فوداعا للحنان والأمان ومرحى للألم والخوف والأحزان ولم تصدق أن تلك التي بللت فراش الجدة هي دموعها، دموع الحزن والألم والخوف من القادم ومن وحدتها بعد أن رحل كل من أحبتهم وتركوها وحيدة تصارع أمواج الغدر والخيانة ممن لا تعرفهم
على صباح اليوم التالي كانت تقف أمام مقبرة جدتها والكثيرين يستمعون لكلمات القس يلقي كلمات الوداع الأخيرة، لم ترفع عيونها من تحت البرقع الأسود من الدانتيل الذي وضعته على وجهها وهي تنظر لتابوت الجدة وهو ينزل للحفرة الترابية ويختفي تحت التراب لتشعر بيد جوان يمنحها وردة فانتبهت وأخذتها لتضعها عليها وتبعتها جاكلين والباقين ثم توالى الجميع عليها لتقديم العزاء
ظل جوان بجوارها بعد ذهاب الجميع حتى قال "هيا نور لا داعي لبقائنا هنا أكثر من ذلك ما زال الجميع بانتظارك بالقصر" 
تحركت معه بصمت تملكها منذ وفاة الجدة وقد شعرت بالصداع لا يفارقها وبعض الألم بصدرها ولكنها لم تهتم أو ليس هناك مجال للتفكير بالألم وسط ما يحدث لها وعليها أن تبقى قوية كما طلبت منها الجدة
عادوا إلى القصر والتقت بكل من تعرفهم وكانت متعبة جدا وهي تتلقى التعازي من الجميع الصمت الذي لفها جعل الجميع يرحلون مبكرا ولم يتبقى سوى جوان وقد غيم الغروب عليهم ومنحها جوا أكثر كآبة وحزن 







تحركا لقاعة الجلوس ليتركا معدو المآتم انهاء عملهم، كانت غرفة الجلوس صامتة وربما حزينة هي الأخرى على المرأة التي كانت تحيي بوجودها الأجواء من كل مكان، تقدمت ووقفت أمام مقعد جدتها وهي تراها جالسة به تبتسم لها وهي تتقدم تجاها تقبل جبينها وتجلس على ذراع المقعد بجوارها بسعادة 
سمعت جوان خلفها يقول "هل تتناولي هذا؟ أنت لم تتناولي شيء منذ الأمس" 
ابتعدت من أمامه دون أن تأخذ منه الكوب حتى وقفت أمام صورة جدها المعلقة على جدار كبير وقالت "لا أريد، معدتي تؤلمني" 
تحرك تجاهها وقد ترك الأكواب وقال "نور ماذا تفعلين بنفسك؟ أنت تنهارين؟" 
لم تنظر له من تحت الدانتيل الأسود وقالت بوهن "أنا بخير، أحتاج بعض الوقت" 
أحاط ذراعيها بيده وأعادها أمامه وقال بحنان "عزيزتي أنت بحاجة للراحة هل نذهب للجزيرة ربما ترتاحي هناك قليلا؟" 
هزت رأسها بالنفي وقالت "لا، أريد البقاء هنا، من فضلك جوان أنا أريد البقاء وحدي صدقني أنا بخير" 
لم يتركها وهو ينظر بعيونها القاتمة وقال "أنا لا يمكنني تركك نور، تعلمين أني قبل أن أكون صديق أو أخ فأنا أحبك، حبك يسكن كل كياني نور" 
ابتعدت من أمامه وقالت "أرجوك جوان لست بحالة تسمح لي بهذا الحوار" 
أحنى رأسه لحظة ثم تحرك ووقف أمامها مرة أخرى وقال "أعلم عزيزتي أنا لم أقصد شيء فقط أخبرك أني معك ولن أتركك أبدا نحن نشأنا وعشنا وسنعيش سويا وسنتشارك بكل شيء أفراحنا وأحزانا فهل تعديني أن لا تنسي ذلك؟" 
هزت رأسها بالموافقة فجذبها إليه واحتضنها فجأة وقبل أن تبعده عنها معترضة على ما فعل سمعت صوت رائد يقول "من الجميل أن الليدي تجد من يؤنس وحدتها دون تضييع أي وقت" 
تراجعت مبتعدة عن جوان وهي ترى رائد يقف بعيدا وقد اسود وجهه من شعر ذقنه الطويل وبدا مرهقا ولكن الغضب يسكن عيونه 
هتف جوان "رائد!؟" 
رفع يده وقاطعه بهدوء "لا داعي لأي كلمات سموك، من الواضح أني كنت غبي ولم أفهم الأمور جيدا ولكني الآن فعلت، كنتِ اخبريني ليدي أن قصتكم أقوى من أي شيء وكنا وفرنا الكثير من الألم والحزن، أتعلمين، الآن فقط لم أعد نادما على أي كلمة نطقت بها ولا على طلاقي لك، فقط نادما على أني أحببتك بيوم ما لكني سعيد لأني اكتشفت أنك خائنة وغشاشة ومن الجميل أني تخلصت منك" 
لم تتحدث ولم تنطق بكلمة واحدة وألم صدرها يزداد وقد انتقل لذراعها وظهرها وشعرت بجسدها يرتخي وعيونها تفقد الرؤيا وهو يرحل خارجا وما أن التفت جوان تجاهها حتى وجدها تسقط على الأرض دون أي كلمات. 
****
قاد السيارة بجنون وصورتها بين أحضان جوان لا تفارقه وألم قلبه يزداد، الآن نادم على ما فعل، ليته ما أتى، الخائنة الغشاشة، كيف تفعل به ذلك وقد أحبها وفضلها على كل من عرف؟ كيف؟ كيف؟ 






صرخ وهو يضرب المقود بيده عدة مرات "كيف؟ كيف؟ خائنة، خائنة" 
كاد يصطدم بسيارة بالطريق المواجهة ولكنه تفاداها بصعوبة فأفاق مما كان فيه حتى وصل المطار وقابل عز والفرقة، نظر له عز وقال "ماذا بك؟ أنت مريض؟" 
قال بغضب مكتوم "لا، لم أنم جيدا" 
حاول عز أن يستخلص منه أي شيء ولكن عصبيته أوقفت عز فتولاه الصمت وانزوى هو بالطائرة دون أي كلمات مع أي أحد وهو يشعر بندم على كل لحظة أحبها بها بل كان عليه أن يقتلها وهو يراها بين ذراعي جون ولكنه طلقها وانتهت علاقتهم وهي لم تضيع أي وقت وعادت لشريكها الذي لم تعرف سواه.. 
بالطبع استقبله الكثير من المعجبين بالمطار، حاول أن يبتسم أو يبدي سعادته ولكنه بدا عصبيا وغير صبور وهو يتجاوب مع البعض حتى دخل غرفته بالفندق وتبعه عز الذي قال
“والآن ستخبرني ماذا بك؟ ولا تكذب لأن ملامحك واضحة"
أشعل السيجارة ووقف أمام النافذة التي تطل على أهرامات الجيزة من بعيد وقد تذكر أنه زارها مرة بالصغر، ناداه عز فالتفت له وقال "لا أظن أن ما حدث أمر يستحق الاهتمام عز ثم أنه حدث وانتهى" 
وقف عز أمامه وقال "ما الذي انتهى رائد؟ أخبرني يا صديقي" 
حدق بعيون عز والتمعت عيونه ببريق الحزن والألم فتراجع وهو يحكي له وكل كلمة تشق صدره بألم مضاعف.. 
****
ما أن خرج فريدريك من العناية حتى تلقاه جوان بقلق واضح وسأله "ماذا؟" 
بدا الحزن على معالم الرجل وقال "نوبة قلبية شديدة سموك، من الواضح أنها تعرضت لضغط نفسي وإرهاق شديد، المهم أن الأمر لم يتفاقم لتشوهات بالقلب فقط خلل نسبي ولكن سيترك أثر على قلبها الصغير" 
قالت الأمير "يا للسماء! إنها لا تستحق ذلك، وماذا عن الحمل فريد؟" 
قال الطبيب "بخير، دكتور دوريس أخبرني أن الحمل لم يتأثر لكن هي نفسها بحاجة للراحة والتغذية الجيدة ويفضل بقائها هنا تحت العناية الطبية حتى تتعافى" 
قال الأمير "تمام لكن لا أريد تسريب للصحافة عن حالتها ولا يعرف أحد أنها مريضة أصلا هل تفهم؟" 
هز فريدريك رأسه ولم يرد والأمير يبتعد دون أن يعرف ماذا يفعل من أجلها؟ 
****
هتف عز به "أنت جاد رائد؟ نور تفعل ذلك؟ لماذا لا أستطيع تصديقك؟" 
هتف بغضب "ووجودها مع الأمير أمس بين أحضانه؟" 
ابتعد عز وقال "كان لابد أن يكون بجوارها بذلك الوقت ألم تدرك ما أصابها؟" 
ضاقت عيونه وهو يقول "وهل كل امرأة مطلقة تحتاج لرجل ليواسيها" 
التفت عز له وقال "لا رائد، لا أقصد طلاقكم بل جدتها، ألم تعرف الأخبار؟ الميديا كلها كانت تتحدث عنها" 
اقترب منه وقال "ماذا عن الجدة ماذا حدث لها؟" 






أخفض عز رأسه وقال "لقد توفت قبل الأمس ولولا أني انشغلت بأمور السفر لذهبت لمراسم الدفن" 
تذكر ملابسها السوداء والوشاح الدانتيل، جلس على أقرب مقعد واقتبس الأكسجين من الجو ليتنفس بقوة وقد شعر أن الهواء لا يكفيه فقد كان عليه أن يكون معها بجوارها ولكن بدلا من ذلك 
أسند رأسه بيده ولم يدرك ما الخطأ من الصواب وهو يقول "ولكنها كانت بأحضانه هو" 
أشاح عز بيده وقال "لم يعد هناك فارق رائد فأنت طلقتها" 
رفع وجهه له وقال "ما زالت بالعدة عز أي" 
قاطعه عز "لا رائد أنت أنهيت كل شيء بينكم وهي لم تنكر ما كان بالصور وأيضا وفاة الجدة لا تبرر تصرفها مع الأمير" 
حدق به رائد وقال "لا أفهم" 
قال عز "أعني أنها لو كانت بريئة للحقت بك وشرحت لك الحقيقة ولكنها لم تفعل بل وها أنت تقول أنها كانت مع الأمير، اسمع رائد تلك الزيجة كانت خطأ لا هي مثلك ولا أنت مثلها والحمد لله أنها انتهت لتعود لنفسك وحياتك وعملك ولا مشكلة من عدة أيام عشتها متعت فيها نفسك وعشت فيها السعادة والآن لنعود لعملنا ومستقبلك وجمهورك وحياتك التي كنت تحياها فهي أولى بك" 
هز رأسه وهو يدرك أن ذلك هو الصواب، لابد أن ينساها كما نسته ولا يفكر بها فسرعان ما ستجهض الطفل ولن يربطه بها أي شيء 
نهض وابتعد للنافذة وقال "معك حق لابد أن أعود لحياتي وأنسى كل ما كان" 
****
دخل الأمير المشفى مسرعا وهو يبحث عن فريدريك الذي تلقاه بالتحية فقال الأمير "ماذا حدث فريدريك؟ لماذا طلبتني بتلك الطريقة؟" 
شحب وجه الطبيب وقال "لأن ما حدث صعب سموك، صعب جدا ولا أعرف كيف حدث ولقد طلبنا إجراء تحقيق فوري" 
قال بعصبية "هل تخبرني ماذا حدث؟ أنا لا أفهم شيء" 
أخفض رأسه وقال "لقد دفع أحدهم مادة بمحلول الليدي أدت إلى، إلى الإجهاض" 
هتف الأمير "ماذا! ماذا تقول؟ كيف؟ ومن الذي فعل ذلك؟ ونور ماذا حدث لها؟ انطق وتحدث" 
تراجع الرجل من غضب الأمير وقال "لا نعرف سموك هي لها ثلاث أيام 






بالغيبوبة وحالتها شبه مستقرة واليوم تفاجأنا بنزيف وتبدل بإشارات الأجهزة وعند الكشف وبالتحاليل عرفنا ما حدث وبالطبع استدعينا الشرطة للتحقيق بالأمر" 
قال جوان بغضب "أي شرطة؟ وبعد ماذا؟ بعد أن فقدت حملها؟ كيف






 سنخبرها بالأمر؟ كم من الصدمات عليها أن تتحملها تلك المرأة؟" 
أخفض الطبيب رأسه وقال "نعم، سموك على حق بالطبع لن يمكننا إخبارها ذلك عندما تفيق، القلب متعب ولن يتحمل" 



ابتعد جوان وهو يشبك يداه خلف ظهره وقال "مسكينة نور، من الذي يفعل بها ذلك؟ ولماذا؟"

                     الفصل الثالث عشر من هنا




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-