CMP: AIE: رواية ليدي نور )الفصل الرابع4بقلم داليا السيد
أخر الاخبار

رواية ليدي نور )الفصل الرابع4بقلم داليا السيد


 
رواية ليدي نور 
الفصل الرابع4
بقلم داليا السيد
امرأة مختلفة
عندما عادت كانت قد استعادت شجاعتها واستحضرت كل ما تعلمته وهي تتحرك بخطى ثابتة لمائدتها وقد أدركت 



أن الأمير سيستضيف رائد وقد فعل، نهض الرجال لوصولها وقال جوان "عزيزتي نور، الفنان رائد قبل دعوتي لقضاء السهرة معنا" 
أحنت رأسها لتحيته وهو يمنحها انحناءة من رأسه لتحيتها وقد جلس مواجها لها بجوار زوجة الكسندر وجلست وهي تقول "أهلا بك أستاذ رائد" 
قال بصوت عميق وكله تساؤلات عنها وما علاقتها بجوان وهو يجلسها ويبتسم لها وكأنها أميرته وهو يناديها عزيزتي "أهلا بك ليدي" 
فتح الأمير حوار جدي مع رائد عن رحلته الفنية وتابعت هي الحديث ثم عادت الموسيقى لتعزف فمال جوان عليها وقال "ترقصين معي أم معه؟" 
التفتت لتواجه عيون الأمير التي لمعت بنظرات هادئة فقالت دون ارتباك "مع من جوان؟" 
ابتسم وقال ورائد يتابع ذلك الحوار الخفي وقد لاح جو ألفة بينهما فخمن علاقتهم بينما أجاب الأمير "نظراته تعني الكثير نور، هل تعرفيه!" 
لا تعلم لماذا تولاها الصمت وأبعدت وجهها لتلتقي بنظراته القاتمة فقال جوان "سنتحدث فيما بعد نور" 
نظر لرائد وقال "ألا تحب الرقص رائد؟" 
قال بهدوء "بلى سموك" 
قال  جوان وهو ينهض "إذن لنذهب، ماريا اسمحي لي" 
نهض هو الآخر ومد يده لها وقد انتظر تلك الفرصة وهو يقول "ليدي نور اسمحي لي" 
رفعت عيونها الخضراء له ولم تبدو بحياتها ضعيفة مثل تلك اللحظة ولا تدري سببها وهي تسمع جوان يقول "هيا نور، ليس من اللائق أن تدعيه ينتظر" 
رفعت يدها ليده ونهضت وهو يدرك ماذا تمثل تلك المرأة بالنسبة له وقد رضت عنه الأقدار وأعادتها له بعد طول انتظار.. 
لم ترفع عيونها لمواجهته ولم تبدأ أي كلمات ولكنه قال "من أجله ترفضين أي رجل؟" 
رفعت عيونها له فانتهت الدنيا من حوله ولم يعد يسمع أو يشعر بأي شيء، قالت "من؟" 
قال "الأمير" 
أبعدت عيونها وقالت "جوان كالأخ فقد نشأنا سويا جدي صديق لوالده" 
قال بجدية "لكن نظراته لك ليست نظرات أخ لأخته" 
عادت لعيونه وقالت بجدية "ربما، أنا لا أتحكم بنظرات الآخرين" 
قال "لماذا تحاولين أن تكوني حادة وأنت لست كذلك؟ أم أن الأمر لي أنا فقط؟" 
ارتبكت لحظة وهي تحاول أن تهدأ وقالت "لا شيء شخصي بيننا يجعلني أفعل أستاذ رائد" 
قال "سأصر على أنك أرق من عرفت بحياتي" 
تقلبت نظراتها بين عيونه وقد توقفت الكلمات على لسانها فابتسم وقال "خدعتني بذلك اليوم ليدي نور" 
أبعدت عيونها وقالت "لم أفعل" 
قال بجدية "كلماتك أعطتني إيحاء بأنك امرأة بالعشرينات ولم أتخيل أنك ليدي صغيرة وتملكين شخصية رائعة" 
تجولت داخل ملامحه الجذابة ولا تعلم لماذا اختلف بالنسبة لها عن أي رجل آخر، نظراته، كلماته، كل ما به مختلف، لم تنسى ما حدث بينهم بذلك اليوم ولا إعجابها به وبفنه بذلك الوقت ولكن منذ ذلك اليوم وهي قررت طرده من عقلها 
قالت "جدي كان يرفض الاعتراف أني فتاة صغيرة وعلمني منذ الخامسة من عمري أن أتصرف وكأني امرأة بالغة" 
قال وأصابعه تضم أصابعها برقة "وقد نجح" 
ارتبكت ثانية ولكنها قالت "ربما، كيف حال الأستاذ عز؟" 
أدرك أنها تهرب فقال "بالعناية ولكن الجراحة ناجحة" 
قالت "علاقتكم قوية" 
ابتسم وقال "لم أنس أنه من انتشلني من الضياع ليدي، عز هو من اكتشفني ووضع قدمي على سلم النجاح والشهرة" 
جذبها كلامه فقالت "بدأت صغير؟" 
تحرك بها بسلاسة كما هي وقال "بالعشرينات، تقابلنا أنا وعز بأمريكا هناك حيث كنت قد 




هاجرت هجرة غير شرعية لهنا ومن هنا لأمريكا وواجهت الكثير والكثير حتى بدأت الفن الحقيقي" 
ابتسمت فأشرقت الدنيا من حوله فابتسم وقال "يا لها من ابتسامة ليدي، أنت مختلفة حقا ولست نادم على تلك السنوات السبع التي أمضيتها بالبحث عنك" 
احمر وجهها وأخفضت عيونها بالنهاية داخلها امرأة تشعر كسواها وتلك المشاعر لم تعرفها من قبل مما أربكها وهي تقول "لماذا فعلت؟" 
قربها منه وهو ينحني لتسمعه ويهمس "كي انتقم" 
رفعت عيونها لتلتقي بدفء أنفاسه القريبة ورددت بضعف "تنتقم؟" 
لم يبتعد وهو يقول "من تلك الفتاة التي صفعتني بكلماتها فأسقطتني وأنا أقف بمكاني، وبدلا من أن أرد الصفعة سقط مرة أخرى من صفعة تلك العيون الخلابة، نور أنا ما زلت أريد الزواج بك فهل لي فرصة ولو حتى بإعادة التفكير" 
لا تعلم لماذا تذكرت علاء وكلمات دانيال وموريس وشعرت بأن الأفكار تزاحمت فجأة بعقلها فأبعدت عيونها وارتجف جسدها والموسيقى تنتهي ليقفوا لتحية الفرقة ثم عادوا للمائدة وأجلسها بأدب بينما قال الأمير 
“أريد دعوتكم جميعا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بالفيلا الخاصة بي على الساحل تعرفينها نور، وأنت رائد يسرني حضورك، ألكسندر تعرف أنك معنا بالتأكيد"
نظر هو لها فلم تبعد عيونها وقد انشغل ذهنها بأمر الزواج، ماذا لو وافقت عليه على الأقل خطوبة لعلها توقف إشاعات علاء وتبعده عنها وبعدها يمكنها التراجع بالخطوبة لأي سبب فهي لن تتزوج هكذا كان قرارها منذ سنوات، ولكنها لا تريد أن تكون تلك الغشاشة الانتهازية التي تتلاعب بالرجال لا لن تفكر هكذا ولن تفعل ذلك لا مجال للرجال والزواج وتلك الحياة التي تدمر أصحابها لن يكون مصيرها ك.. 
سمعت جوان يقول "نور، ما رأيك؟" 
ضاقت عيون رائد من شرودها وهو يتساءل عن سببه بينما نظرت هي للأمير وقالت "لو تحسنت جدتي فلن أرفض جوان تعلم أني أحب الجزيرة ومياه البحر هناك" 
ابتسم جوان وقال "حسنا أنا متأكد أنها ستكون بخير، إذن طائرتي ستقلع مساء الجمعة وسنلتقي جميعا هناك، اسمحوا لي، ألكسندر هل تسمح لي بتوصيل ماريا؟ نور هل تحتاجين وجودي؟" 
نهض الجميع وقالت "لا سموك سيارتي بالخارج" 
حياهم الأمير واصطحب ماريا وتبعه والديها بينما نظر هو إليها وقال "هل لي بشرف توصيلك ليدي؟" 
تحركت وهو بجانبها وقد وقف الجميع لخروج الأمير وقالت هي "لا أحب تعطيلك ربما تود زيارة مدير أعمالك" 
أخذت الفرو الخاص بها وهو البالطو الأنيق وخرجا للهواء البارد فقال "لن يسمحوا بالزيارة قبل مساء الغد" 
لم ترد وهو يأخذ مفتاح سيارته وأشارت هي للسائق بالذهاب وفتح لها رائد الباب فركبت، ركب بجوارها وقاد وهو يقول "فقط أحتاج إرشادك للطريق" 
قالت "أخبرتني أنك أتيت هنا؟" 
قال "نعم أتيت كثيرا ولكن كان منذ سنوات كثيرة ومؤخرا أتيت لقضاء ساعات الحفل القصيرة وأذهب ولو كنت أعرف بوجودك هنا ما رحلت أبدا، لم تعرفي بوجودي؟" 
أبعدت خصلتها التي أطارتها نسمات الليل وقالت "لم أتابع حفلاتك منذ كنت بدبي" 
نظر إليها وقال "كنت غاضبة؟" 
هزت رأسها وقالت "ربما" 
أبعد عيونه وقال "وكيف هدأ غضبك!" 
أبعدت وجهها وقالت "توقفت عن متابعة كل 



أخبارك وساعدني مرض جدي وانشغالي بما كلفني به فلم أجد وقت للغضب حتى من نفسي" 
نظر لها ولكنها لم تنظر له أشارت له بالطريق فاتبعه وهو يرتفع بطريق جبلي صامت لم يتواجد به صوت صمت مطبق وسماء صافية وهلال ضعيف يكاد يتهاوى من ضعف ضوئه ونجوم باهته تحيطه، أوقف السيارة على جانب الطريق فنظرت له فقال 
“أشعر أن بحياتك الكثير والكثير فلماذا لا تتحدثين؟"
نظرت له بقوة وتبدلت ملامحها وقالت بحدة "هل تكمل طريقك أستاذ رائد؟" 
نفخ وهو يعتدل ويخرج سجائره ويشعل واحدة ثم قال "تستمتعين بهالة الغموض حولك، لماذا؟" 
أبعدت وجهها الغاضب وقالت "لأن الأمر لا يخصك فمن فضلك قد السيارة وأعدني القصر" 
نظر إليها وقال "بدون غضب نور لا أريد أن أسمع إلا ما تريدين قوله" 
قالت بقوة "وأنا قلت ما عندي، أعدني القصر من فضلك" 
ولكنه عاد يقول "وطلبي؟ لم تمنحيني إجابة" 
صمتت ولم ترد، هي بحاجة للتفكير ووجوده يوقف عقلها يجعله بلا قيمة فقط قلبها من يعمل بكفاءة لا تعقل ويضخ دم بكل عروقها بشكل لم تعرفه من قبل، عندما لم ترد قال "ما رأيك بالتفكير قبل الرفض أو القبول؟" 
قالت بهدوء مفتعل "لماذا أنا؟ نحن مختلفان تماما، لست مصرية ولا أعرف شيء عن بلدك ولا يمكنك معرفة من أنا وكيف أعيش أنا لا يمكنني ترك حياتي هنا" 
أبعد وجهه وهو يدرك كلامها فنفخ الدخان ونزل من السيارة واتجه لمقدمة السيارة وارتكن عليها وقال "أعلم" 
نزلت وشدت الفرو عليها من البرد واتجهت لتقف أمامه وقالت "وماذا؟ حياتنا مختلفة، لن أترك حياتي هنا واتبعك بكل مدينة تذهب إليها، وأنت لن تترك حياتك من أجلي، نحن نسير باتجاهات متناقضة لا يمكن التقائها" 
كانت فاتنة أمامه تحت ضوء القمر وشعر بأنه يزداد انجذاب إليها رغم كلماتها القوية والحقيقية، نفخ دخانه بعيدا ثم قال "وماذا لو لم يتخلى أيا منا عن حياته ولكن ونحن معا؟" 
صمتت قليلا ثم قالت "وكيف يكون ذلك؟" 
قال "نختار مكان نبني به بيتنا ونقيم به ونمارس منه حياتنا دون أن نتخلى عن ما ورائنا" 
أبعدت وجهها للظلام المحيط وقالت "ومن منا سيتخلى عن موطنه؟ أنت عن أمريكا وحفلاتك بكل بلد؟ أم أنا عن هنا وجدتي وأملاكي؟" 
نظر لها فاعتدل ووقف أمامها وقال "ماذا تريدين نور؟ أنا ليست لي حياة مستقرة، أنا نعم أتنقل بين الدول من حفلة لأخرى ولكني لن أطالبك بالكثير، أعلم أن ليدي مثلك لن يكون بإمكانها الانتقال بنفس طريقتي ولكن أنا أريدك زوجة رغم كل ذلك" 
قالت وهي تمنحه نظراتها "إذن أين الحل رائد؟" 
لمس وجنتها بأصابعه فسرت رعشة بجسدها جعلتها ترتد مبتعدة وهو يقول وقد شعر أنها بدأت تلين وتستجيب "اختاري أي مكان وسأجعله ملكك من الغد، فقط وافقي على الزواج نور" 
ظلت تائهة ليس فقط بعيونه ولكن بكل ما يمر بها، علاء وأفعاله، جدتها التي لن تتحمل أخبار سيئة، رائد ليس سيء وربما يتفهم وضعها يوم تعلن فك الخطبة لأسباب مفتعلة، وبالنهاية هي نفسها ما الذي يجذبها له هكذا؟ لماذا تريد أن توافق عليه هو بالذات؟ لقد تقدم لها العشرات من الرجال من أصحاب النفوذ والسلطة ورفضتهم بدون تفكير فلماذا اختلف الأمر معه؟ إنها حتى تقف وتتناقش معه وهي لم تمنح أي رجل من قبل تلك الفرصة فلماذا هو يتملكها هكذا ويفرض قوته عليها فيظهر ضعفها الذي لم تعرفه من قبل؟ أسئلة كثيرة لا تجد لها أجوبة ربما الشيء الوحيد الذي تعرفه هو أن عليها أن توافق على الأقل كي تدفع علاء للخلف بعيدا عنها
شعرت بيده تلمس يدها فأبعدتها فقال "اهدي نور، أنا لم أعد رائد مغتصب النساء، لقد تغيرت كثيرا وأكيد عرفت ذلك مؤخرا، أنا لا أعلم سر خوفك من الموافقة" 





قالت "أنا لا أخاف، أنا لم أفكر يوما بالزواج، ليس للرجال مكان بحياتي، العمل والمناسبات فقط" 
ابتعدت فتبعها وقال "وعلاء وجوان، مارك" 
نظرت له فبدا عملاقا بجسده المرتفع كثيرا عنها وقد منحه البالطو عرضا لأكتافه زادته جمالا، قالت "علاء ابن خالتي كل ما يريده هو الأملاك ولا يسعى لي ولا لجمالي فقط يريد الزواج مني لذلك، جوان صديق وأخ ولا يجوز زواجنا، أنا مسلمة فوالدي كان مصري مسلم، مارك حفيد دانيال لا يختلف عن جوان وله حياته بعيدا عني لا تربطنا إلا الصداقة" 
وقف ليواجها فوقفت وهو يقول "وقلبك الرقيق هذا أين يحيا؟" 
شق الهواء صدرها ليحاول منحها هدنة مع نفسها لتجد إجابة، أخذت نفسا عميقا وقالت "بمكانه، أين يمكن أن يكون؟" 
قال بابتسامة رقيقة "أعلم أنك ذكية حقا، الحب نور، ألم يعلمك جدك عن الحب شيء؟" 
اختنقت كلماتها وعادت الأنفاس تتسابق داخل صدرها وانتفض القلب الرقيق محاولا الخروج من سجنه وهي ترد بأنفاس متقطعة "هذا آخر شيء كان يمكنه أن يعلمني إياه، فقط علمني أن الحياة عمل ونجاح وقوة وما دون ذلك هزيمة وضعف فلم أعرف سوى العمل والنجاح" 
اقترب منها وقد جذبته أكثر تلك الرقة التي نطقت بها كلماتها فهمس "إذن لم لا تتعرفين على معاني جديدة بالحياة ربما تنال إعجاب الليدي؟" 
وانحنى متمنيا أن ينال قبلة انتظر كثيرا لينالها ولكنها تراجعت مبتعدة من قربه الذي فاجأها وقالت "هل يمكن أن نعود؟" 
اعتدل وقد أدرك الخوف الذي بعيونها فنظر لها لحظة قبل أن يقول "ليس قبل أن أسمع إجابتك، هل نجرب؟ على الأقل خطوبة نعتاد فيها على بعض ثم تقررين بعدها ما تريدين" 
كانت ترتجف بقوة دون إدراك السبب ولا تعلم لماذا هزت رأسها بالموافقة وهي تقول "حسنا فقط أطمئن على جدتي وبعدها تقابلها" 
ابتسم وقال "هذا من دواعي سروري ليدي" 
ظلت تنظر بوجهه ثم استدارت للسيارة وكأنها تهرب من نظراته التي شعرت أنها تخترقها وتكشف كل ما داخلها وكأنها أصبحت شفافة أمامه وهو يخترق كل حواجزها التي بنتها بسنوات عمرها ولكن ما زال إعجابها به يسكن تحت أنقاض الزمن 
وصلا بصمت وتوقف لحظة ونظرت له بصعوبة وهي تقول "هل تفضل أن تأتي لتناول بعض القهوة؟" 
نظر بعيونها وقد بدى العرض مغريا جدا له ولكن الخوف الذي ما زال بعيونها أوقفه فقال "لا، تبدين مجهدة وأنا لابد أن أعود لأن لدي بعض الاتصالات الهامة، هل أراك غدا؟" 
ارتبكت ولم تجد إجابة حتى قالت "لا أعلم، جدتي ما زالت متعبة والعمل يأخذ وقتي و" 
قاطعها "سأمر عليك بالسابعة لتناول العشاء سويا" 
لم تستطع أن ترفض بل كانت سعيدة من داخلها فهزت رأسها بالموافقة وكأن شيئا من داخلها يحركها شعرت بيده تتسرب ليدها فلم تبعدها وهو يرفعها لفمه وما زالت النظرات عالقة وكأن بينهما حوار من نوع خاص
لمس يدها بشفتيه برقة وقال "لم تعلمني الأيام كيف أتعامل مع ليدي لكن رقتك تجبرني على أشياء لا أعرف كيف أفعلها، من فضلك ثقي بي نور، الليلة كانت من أجمل ليالي حياتي ليدي" 
سحبت يدها ببطء وارتجفت شفتاها وعادت الأنفاس تعلو وتهبط بصدرها بلا توقف وهمست بصعوبة "طابت ليلتك" 
نزلت وفُتح باب القصر وقبل أن تدخل تلفتت لتمنحه نظرة من عيونها تلقاها بابتسامة جميلة ثم دخلت وانطلق هو بالسيارة
تحركت ببطء وهي تحاول أن تهدأ وتستوعب كل ما حدث، هل بالفعل وافقت على تلك الخطوبة؟ بالتأكيد كان عليها أن تفعل علاء لا يمنحها اختيار آخر، كلمات رائد الأخيرة تطالبها بالثقة فكيف وهي لا تثق بأحد؟ 
صعدت لغرفة جدتها كانت الفتاة جالسة تقرأ نهضت لرؤيتها فقالت بصوت منخفض "كيف حالها؟" 
قالت الجدة "بخير حبيبتي، تعالي لقد افتقدتك الليلة" 
وصلت لفراشها فقبلت جبينها وقالت وهي تجلس على طرف الفراش "جوان دعاني للعشاء" 




قالت الجدة "لم يبدو وجهك بهذا الشكل للقاء جوان، ماذا حدث؟" 
نظرت للفتاة فتحركت للخارج فعادت تقول "لقد رأيت رائد هناك" 
ابتسمت الجدة وقالت "يبدو شغوفا بك حبيبتي" 
نهضت وتحركت بعيدا قبل أن تقول "طلب يدي للزواج جدتي" 
اعتدلت الجدة فأسرعت تساعدها على الجلوس ووضعت خلف ظهرها بعض الوسائد حتى قالت الجدة "وماذا نور؟ هل رفضت ككل مرة؟" 
لم تواجه جدتها وقالت "لا أعلم جدتي ما زلت أحاول التفكير" 
قالت الجدة "كلمات جدك لم تكن تعني أن تعيشي حياة الراهبات يا ابنتي وتجربة فاشلة لا تعني نهاية العالم" 
اعتصر الحزن والغضب قلبها وقالت وهي تفرك يداها بدون وعي "ولكنها تعني ألم لمن يتبعها، وحدة وحزن وحرمان جدتي، لا أريد أن يحدث المثل، لا أريد جدتي" 
لاح الحزن على ملامح الجدة وقالت "كان جدك قاسيا معها نور" 
أشاحت بيدها وقالت "وهي كانت قاسية مع الجميع جدتي وأنا أولهم" 
قالت الجدة برجاء "والدك لم يمنحها فرصة للتغيير" 
قالت بحزن "ولكنه منحني أنا فرصة للحياة" 
قالت الجدة "ستوافقين على رائد أليس كذلك؟" 
رفعت عيونها إليها وقالت "مجرد خطوبة جدتي هو يلاحقني بإصرار وربما هو الوحيد الذي لا يريدني أن أتنازل عن أي شيء" 
ابتسمت الجدة وقالت "هذا يعني أنه يفضلك على كل شيء" 
لم تبعد عيونها عن جدتها وقالت "لا أعلم جدتي، اعتدت على أن أفهم كل من حولي ولكنه هو مختلف، يبدو سهلا من الخارج لكني ما أن أحاول أن أقرأ داخله حتى أتوه جدتي" 
لم تذهب ابتسامة العجوز وقالت "إذن الخطوبة فكرة جيدة متى سيقابلني؟" 
قالت "بمجرد شفائك" 
هزت الجدة رأسها وقالت "وأنا شفيت حبيبتي، فليأت بأي وقت عندما تجدين نفسك مستعدة"  
هزت رأسها وتحركت لغرفتها وقد شعرت أنها منهكة بدون سبب، ما أن دخلت غرفتها حتى رن هاتفها باسم علاء فنفخت بضيق ولم ترد ولكنه عاود الاتصال فأجابت بضيق "علاء" 
قال "ماذا كان يفعل ذلك الفنان بالقصر نور؟ ألم يرحل بالصباح؟" 
فكت شعرها وخلعت قفازيها وقالت "وما دخلك بالأمر علاء؟" 
قال بغضب "أنت تمزحين نور؟ أنا ابن خالتك واعتبر خطيبك و" 
قاطعته بحزم "خطيبي؟ من الواضح أنك أثقلت بالشراب علاء أنا لم ولن أكون خطيبتك بأي يوم فقط ابن خالتي وهو ما ليس بيدي ولا تحلم بأكثر من ذلك" 
قال بغضب أكثر "لا نور أنا أحلم وأحلم ولن يمكنك تقرير مصيرك لأني لن أتركك ولن تكوني لرجل آخر يستولى على أملاكي" 
جلست على مقعدها وقالت "أملاكك؟ اسمع علاء أوهامك هذه عش معها وحدك ولا تصدع رأسي بها، حياتي ملكي أنا وحدي وأنت لا دخل لك بي وليس لك أملاك سوى ما حددها جدك وأنت حصلت عليها أكثر من ذلك لن يكون طابت ليلتك" 
ثم أغلقت الخط بل وأغلقت الهاتف كي لا يعيد الاتصال ونهضت لتخلع ملابسها وسقطت في المياه الدافئة بتلك الرغوي الكثيرة عطرة الرائحة وأغمضت عيونها وهي تسترجع لحظاتها وهي معه تحت ضوء القمر وابتسامته الرائعة، ملامحة الرجولية الجميلة، تغير كثيرا، لم يعد ذلك الشاب المتهور بل رجل أنيق وسيم قوي الشخصية أدرك كيف يستعيد هدوئها ويكسب ودها، نفضت الصابون عنها ونهضت لترتدي روب الحمام ورفعت شعرها وخرجت محاولة أن توقف أفكارها عنه ولكن حتى عندما أغلقت عيونها ظل أمامها.. 
بالصباح تحركت للمصنع وقابلها موريس وأمضت ساعات كثيرة بين الرجال حتى انتصف النهار لتجد هاتفها يرن باسم جوان فأجابت "ظننت أنك لن تتذكرني اليوم" 
ضحك وقال "كانت ليلة رائعة حقا" 
ضحكت وقالت "الفتاة جميلة جوان" 





قال "ورائد شخصية قوية قد تغلب قوتك نور" 
ذهبت ابتسامتها من كلماته فعاد يقول "حسنا لم أقصد مضايقتك ولكنه يعجبني" 
تحركت بعيدا عن مكتبها فقال "كنت تبدين منسجمة معه بالأمس أثناء الرقص وعرفت أنه من قام بتوصيلك، ماذا نور؟ تجربة واحدة لن تضر" 
قالت وقد عاد القلب يدق "تعلم أني لا أحب ذلك جوان" 
تحول للجدية وهو يقول "أعلم عزيزتي ولكن لا مانع من أن تحاولي، صحيح أني تمنيت أن أحظى بقلبك ولكن لأني أحبك فأنا أريد سعادتك رائد ليس سيء نور وربما وجوده بجانبك تلك الأيام يوقف علاء وأمثاله خذي فرصتك عزيزتي وأنت تعلمين أني معك" 
ابتسمت وقالت "وهذا أكثر ما يسعدني جوان أنك معي فأنت الوحيد الذي تفهمني" 
قال بصدق "لأننا نكمل بعضنا البعض عزيزتي" 
قالت "وهل ماريا حظت بإعجاب الأمير؟" 
ضحك وقال "ليس بعد، أقارن الجميع بك فيفشلون بدت صغيرة ومتهورة وتغير من جمالك ليدي" 
ضحكت وقالت "أنت تستحق الأفضل جوان وأنا واثقة أنك ستجدها" 
أجاب "أتمنى عزيزتي أراك بالعطلة ستكون فرصة جيدة للتعرف على رائد" 
قالت "وماريا" 
قال بمزح "ربما، هيا اذهبي لقد وصل المزعجين" 
ضحكت وأغلقت الهاتف وهي سعيدة فهو الشخص الوحيد الذي تسمح له باختراق حواجزها.. 
رن الهاتف مرة أخرى برقم فأجابت لترتجف يدها من صوته وهو يقول "من الصعب الحصول على رقمك ليدي" 
تحركت لمكتبها وجلست وهي تقول "ولكنك فعلت" 
ابتسم وهو يخرج من المشفى ويركب سيارته ويقول "لي طرقي الخاصة، كيف حالك اليوم وحال الجدة؟" 
قالت "هي بخير تحسنت كثيرا وربما تجري الجراحة بنهاية الشهر" 
قاد السيارة وقال "إذن لنعلن خطبتنا قبلها ليمكنني التواجد معك بصفة رسمية" 
لم ترد فابتسم وقال "الأمير أعاد دعوته لي لعطلة الاسبوع وأنا وافقت وما أن نعود حتى نقيم الخطوبة والليلة سأطلبك من جدتك" 
انتفض جسدها واعترض عقلها على ضعفها وهي تقول بضعف "ولكن رائد أنا" 
قال بحزم "ليس هناك لكن، لقد اتفقنا والليدي لا تعود باتفاقها أليس كذلك؟" 
لم ترد فهو يدفعها بقوة لطريقه وهي لا تعرف أين ذهبت دفاعاتها وكيف فقدت قوتها تجاهه، قال "ستكونين بانتظاري الليلة؟" 
أرادت أن تفعل فقالت "لتتناول العشاء عندنا بالقصر" 
ابتسم وقال "هذا من دواعي سروري ليدي فقط لو الجدة ستحضر الأمسية" 
ابتسمت وقالت "ستفعل" 
قال وهو يتحرك خارج السيارة للقاء أحد الراعيين للحفلات  "أتوق للقاء من الآن وحتى رؤية عيونك المتقلبة ليدي" 






أغلقت الهاتف وما زال صوته يتردد بأذنها كنغماته الرائعة وكلماته الرقيقة، دق مكتبها ودخلت السكرتيرة بالعمل الذي أعادها من أحلامها. 
ارتدت فستان زيتوني طويل ومفتوح من الجانبين بحملات رقيقة يظهر صدرها الأبيض الجميل ووضعت عقدا ماسيا كان هدية جدها بأحد أعياد ميلادها، لمسة بسيطة من الماكياج جعلتها أجمل ولم تطلق شعرها النحاسي بل رفعته كعادتها وأطلقت بعض الخصلات على كتفها بحرية
سمعت سيارته تدخل الممر فنظرت من النافذة وشعرت بسعادة عندما رأته ينزل بأناقة أكثر ببدلته الكحلية وقميص سماوي وكرافت كحلي، بدا كنجوم السنيما وهو أصلا نجم بالفعل واسمه يصدع بسماء الفن.. 
وضعت عطرها وهي تنظر لنفسها بالمرآة ورأت صدرها الذي يصعد ويهبط بقوة ولكنها تحركت للخارج لتقف أعلى السلم عندما رأته يمنح الخادمة البالطو والتفت لينظر إليها فمنحها ابتسامة رائعة وهي تنزل إليه وتحرك تجاهها وهي ترد ابتسامته بابتسامة حاولت أن تخفي ضعفها خلفها
أخذ يدها بيده وقبلها برقة وهو ينظر بعيونها ولم يترك يدها وهو يقول "سبحان الذي خلق فأبدع، أنت فاتنة ليدي نور" 
ارتجفت يدها بيده ولكنه لم يتركها وهي تقول "وأنت ممتاز بكلماتك هذه سيد رائد، متى ستكف؟" 
ضحك وهي تبعد يدها وتتحرك لقاعة الضيوف وهو بجوارها وقال "لأول مرة تتضرر امرأة من كلمات الإعجاب" 
تقدمت للداخل وتبعها وهي تقول "لأني أعرف حقيقتها لا تنسى ما كان بيننا" 
أخرج السجائر وأشعل واحدة وهي تعد مشروب طازج وقال "كان نور، كلماتي ليست مما كان" 
وقفت أمامه ومنحته الكوب ونظرت بعيونه وقالت "لا أعلم كيف يمكنني أن أصدقك والجميع كان يعرف مغامراتك التي لا تنتهي" 
أبعد كوب العصير ونفخ الدخان وقال "ولكنها انتهت بالفعل والجميع أيضا يعلم ذلك" 
ظلت ثابتة بمكانها وهو أيضا ثم ابتعدت وقالت "ولكني أعلم أن الفنانين لا يكتفون بامرأة واحدة" 
قال بجدية "وأكيد تعرفين أن الأصابع ليست متشابهة، هل تحاولين التراجع؟" 
التفتت لتواجه وقالت وهي تستبعد فكرة استغلاله من أجل أهدافها "بل أمنحك الفرصة للتراجع" 
تقدم منها حتى وقف أمامها وقال "وهل شعرت بأني أريد تلك الفرصة؟" 
ظلت تجوب ملامحه قبل أن تقول "وهذا أكثر ما يثير تساؤلاتي، لماذا أنا؟ ولماذا هذا الإصرار؟ ما زلت تريد الانتقام؟" 
ضحك وقال "الانتقام سقط صريعا أمام جمالك ليدي وعيونك أذابت غضبي وأدركت أنه لا توجد امرأة يمكنها أن تدفعني للجنون مثلما فعلت بي" 
عاد الارتباك يهاجمها فابتعدت وهي تشعر بالخوف فقال "تخافين مني نور أليس كذلك؟ أخبرتك أن الخطوبة كافية لأن تقرري فلماذا تتراجعين؟" 
التفتت له لتجد جدتها تدخل فقالت وهي تتقدم إليها والممرضة تصحبها "جدتي" 
التفت هو الآخر وهي تقود الجدة لمقعدها وانصرفت الفتاة فاتجه إليها






وقبل يدها وقال "سعيد أنك بخير ليدي" 
ابتسمت الجدة وقالت "وأنا سعيدة برؤيتك مرة أخرى رائد، تفضل" 
جلس الاثنان وقالت الجدة "هل تجد الراحة بلندن؟" 
نظر لنور وقال "بل أجد السعادة ليدي" 
أخفضت عيونها وأدركت أن وجهها تلون بالأحمر فقالت الجدة "وأين وجدت السعادة يا فتى!" 
قال بجرأة اندهشت لها "هنا ليدي عندما رأيت ليدي نور ويشرفني أن أطلب يدها منك" 
عادت الأنفاس تتسابق وقد فاجأها بطلبه رغم أنها تعلم أنه سيفعل وشعرت أنها تكاد تسحق زجاج الكوب بيدها ورفعت وجهها إليه فبدت ابتسامته هادئة لا تشوبها أي قلق أو تراجع بينما زادت ابتسامة الجدة وقالت 
“وهذا شيء يسعدني يا فتى، لو نور توافق نحدد موعد الزفاف"
اندفعت هي تقول "خطوبة جدتي، خطوبة أولا وبعدها نحدد أي شيء" 
لم تتبدل ملامحه وهو يدرك مخاوفها التي أدركها هو من نظراتها، تراجعت الجدة وقالت "ولكن يا نور الخطوبة غير مفضلة بالعائلة فهي مسميات للإعداد للزواج وأنت" 
قال هو "هي كذلك ليدي، فترة لكي تستعد الليدي للزواج فلا مانع منها" 
ترددت الجدة ومنحته هي نظرة قوية قابلها بهدوء فقالت الجدة "حسنا يا رائد ليكن الأمر كذلك، متى ستقيمان الخطوبة؟" 
قال "الأمير جوان دعانا لقضاء العطلة عنده وبمجرد عودتنا نعد للخطوبة ولتكن بالعطلة التي تليها ما رأيك ليدي نور؟" 
لماذا يناديها ليدي وهي أصبحت خطيبته؟ ماذا يريد أن يثبت؟ تراجعت بالمقعد وقالت "حسنا أوافق" 
أطفأ السيجارة ثم أخرج علبة من الجاكيت ونهض واتجه إليها وركع أمامها وأخرج خاتم زواج أعجبها حقا وقال "هل تسمحين لي؟" 
ارتجفت يدها وهي تمدها له فوضع الخاتم بإصبعها ثم قبل يدها وهو ينظر بعيونها ثم قال "مبروك أميرتي" 
نهض فقالت الجدة بسعادة "مبروك يا فتى أتطلع لحفل الزفاف، عليك أن تدرك أن نور لن تتركني" 
جلس مكانه وقال "أعلم ليدي" 
قالت الجدة "لتكن جدتي فهي أفضل" 
ابتسم وقال "حاضر جدتي، نور لن تتركك، أنا أتنقل كثيرا بحكم عملي ولن يكون هناك مكان أكثر أمانا لها من هنا، فقط طلبت منها اختيار بيت مناسب لنقيم به أثناء وجودي هنا" 
تراجعت الجدة وقالت "ولم ليس هنا؟ يمكنك أن تمنحها ثمن البيت كمهر لها ولتقيما هنا معي، لن تتركني ابنتي" 
تجهم وجهه لحظة قبل أن يقول "ولكن هنا ليس بيتي جدتي وأنا أفضل أن يكون بيتنا من حر مالي" 
ابتسمت الجدة وقالت "عندما أموت يمكنك أن تفعل" 
رددت هي "أطال الله عمرك جدتي" 
نظرت له فتراجع قليلا ثم قال "أطال الله عمرك جدتي ولكنك بالتأكيد تقدرين موقفي أنا لا أقبل" 
قاطعته "أنت لا تطمع بأملاك حفيدتي، أعلم وأعلم أن لديك الكثير من الأموال ولكنك لا تعلم ماذا تعني نور بالنسبة لي" 
أبعد وجهه لحظة قبل أن يعود ويقول "تمام جدتي كما تشائين وكما تريد نور الأمر بيدها وهي تقرر" 





ابتسمت له بامتنان فأشرقت الدنيا أمامه ومحت ضيقه وهي تقول "شكرا رائد، أنا لا يمكنني ترك جدتي، حقا شكرا لتفهمك" 
هز رأسه بينما دخلت الفتاة تعلن العشاء فأسندت جدتها وهو معها 
انتهى العشاء واعتذرت الجدة عن السهرة وصعدت لغرفتها بينما خرج الاثنان للحديقة حيث بدت الليلة كالسابقة هادئة وجميلة وباهتة الأضواء ونسمات خفيفة تجوب حولهم أشعل السيجارة فقالت 
“أذكر أنك لم تكن مدخن بهذه الطريقة؟"
قال "أنت السبب" 
نظرت له بقوة فقال "تلك الليلة أسقطت عني أشياء كثيرة سيئة ولكنها أوجدت بديلا عنها منها السجائر" 
قالت وقد نبتت داخلها أشياء لم تعرفها وهي سعيدة أنها تسمع نبرة صوته الرجولية المختلفة عن صوت الفنان "وماذا أيضا؟" 
وقف بجوار شجرة كبيرة ترعرعت أغصانها العملاقة فوقفت هي الأخرى ونظرت له بعيون لا تريد أن تمنحه الكثير فقال "كرهت الظلام الذي عشت به سنوات، أدمنت الشراب فترة ليست بقصيرة ولم أقلع عنه إلا بعد جراحة عيني ولم أرتد له، أصبحت عصبي وحاد وعز يكاد يفر مني" 
قالت بصوت واهن "والنساء؟" 
ابتسم وهو يقترب منها شاعرا أن ذلك السؤال ربما يدل على غيرة تلك المرأة الفاتنة التي سلبته عقله وقلبه ليس اليوم وإنما منذ تلك السنوات السبع التي مرت عليه يائسا بقلب فارغ تائه حتى وجدها 






قال "كرهت كل النساء وأنت أولهم" 
تراجعت وتحركت مبتعدة وقد شعرت بوخزة بقلبها المتحير فلو كان يكرهها فلماذا يصر على الزواج منه؟ أرادت الهرب منه والبعد عن مواجهته كي لا يرى أفكارها من خلال عيونها ولكنه أمسك ذراعها برقة وقال 
"جرحني تصرفك" 





نظرت له بعناد وكبرياء وقالت "وأنت أهنتني" 
قال وهو يقذف السيجارة ويطفأها بحذائه ويعود لعيونها الحادة كنصل السيف الحاد تمزقه بغرامها دون هوادة أو رحمة "لم أعرف أن من كانت معي ليدي" 




قالت بضيق واستنكار للذكرى "أخبرتك أني لست مثل غيري من النساء" 
اقترب منها وكم بدا شاهق الطول وأكتافه العريضة سدت الرؤيا أمامها وهو يقول "كل 



امرأة عرفتها كانت تخبرني بذلك، لم أعرف وقتها أنك كنت حقا امرأة مختلفة لم أملك النظر لتلك العيون وقتها حتى أدرك أنها تفوق الجميع قوة وجمال وذكاء وصدق" 




ارتدت للخلف لتجد نفسها ملتصقة بجذع الشجرة فأسند ذراعه على الجذع وهو يحبسها ويتقدم تجاهها وقد امتلأ قلبها بخوف غير طبيعي فأعرب عن خوفه بدقات غير



 طبيعية صرعتها وجعلتها تتلاطم على صخور الخوف والجهل بتلك المشاعر التي تتخبطها وقد غطى عطره على رائحة الزهور وطغت رجولته على كل ما حولها وشعرت لأول مرة أنها ضئيلة 


جدا أمامه بل أمام جسده العريض الذي لم تعد ترى سواه وعيناه الزرقاء التي تألقت حتى بين ظلام الليل تسحرها بجمالها حتى ارتخت رموشه


 الطويلة لتسقط بنظراته على ملامحها الرقيقة، رفع يده ومررها على وجهها الرقيق وهو يهمس



“أنت حقا مختلفة نور، أنت من خطفت حياتي كلها ولم تعد لي إلا يوم رأيتك"
واستقر بعيونه الناعسة ونظراته التي صوبها كطلقات قوية على



 شفتيها الممتزجة بالبني صامتة وكأنها تدعوه لها بخجل ورقة لم يراها بامرأة من قبل فشعر برغبة قوية في تلبية دعوتها فانحنى دون



 أن تدرك أن لمسته خدرتها وأوقعتها كالفريسة في مصيدة الصياد وهو يقتنص قبلة لم تعرف كيف فعلها ولا كيف 



سمحت له أن يطغى عليها بقوته ويسحق قوتها ويهشم كل خطوط دفاعها وقد أغمضت عيونها وما زالت يده تتخلل 


عنقها وشعرها وقبلته تزداد عمقا وهي لا تدرك معنى كل ما يحدث لها سوى أنها سعيدة ورغم أن ذراعيها ظلتا بجوارها كقطعتين من الخشب



 لا حياة بها إلا أن شفاهها تجاوبت معه بعد لحظة وربما استجاب جسدها لحرارة لمساته لولا أن فصلهم صوت حاد أفزعها وجعلها ترتجف بقوة


 وهي تسمع علاء يقول
“كيف تسمح لنفسك بأن تلمس خطيبتي؟
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-