الفصل الثامن8
بقلم روان محمد صقر
فى المستشفى التى تقبع فيها رابعه
دلفت من غرفتها إحدى الممرضات المشرفات على حالتها : المريضة فاقت وطلبه تشوف دكتور طيف المنشاوى !؟
وبمجرد أن نطقت الممرضة إسمه حتى أتى وكأن قلبه وقلبها مرشدان لبعضيهم وكأنه المشرد فى الصحراء وهى البوصلة التى توصله لبر الأمان
ردف طيف من على بعد أمتار منهم بعدما سمع طلب رابعه لرؤيته : تمام أنا موجود وجاهز ادخل
ولكن قبل أن يدخل إليها أوقفته أمها وبلهجة الأم الصعيدية المكلومة على أبنائها : اياك يا ولد المنشاوى تفكرها بحاجه ، إياك تكون السبب فى قتله مرة تانية يا طيف أنا بحذرك وخد منى الوعد ده ورحمة الحج سالم وحياة رقدت بتى ما يكفيني فيك موتك المرة اللى فاتت الحج سالم غلط وحطك حي فى تربتك لأجل تتعذب وتتدوق المرار اللى دوقته لابتى بس المرة الجاية هموتك على الحي وأنت بتشوف كل حتة منيك بتتقطع قدام عينيك ومش هكتفى بكده هرمى لحمك لدياب الجبل تنهش فيها زى ما عملت فى بتى وضيعتها
سقطت من عيون طيف دمعة قوية متأنية وكأنها قابعه فى عينيه منذ زمن ليمسح تلك الدمعة الخائنة وينظر لأم رابعه ويضحك بسخرية : هنشوف مين إللى هيموت الأول أنا ولا ...
ليصمت وكأنه وضع قلبها وعقلها فى حيرة هل بالفعل سيقتل رابعه !؟
هل سينهى تلك القصة التى اخفوها لسنوات عنها !؟
هل بالفعل سيقضى على رابعه للأبد !؟
أما أنه سيحيي بداخلها شعلة الانتقام والأخذ بألثار حتى تهدى تلك النار التى سأتُميت قلبها عندما تعرفها !؟
دلف طيف إلى غرفة العناية المركزة بعد ارتداه للملابس المعقمه بالكامل وبمجرد أن رأها على سرير المشفى والأجهزة تتوسطها من جميع الاتجاهات حتى دمعت عينيه بشدة
جلس أمامها على إحدى الكراسى الموضوعه بالغرفة والتقط يديها المملوءة بالمحاليل والابر وردف بعشق : كيفك دلوقتى يا عشج طيف
لمحت رابعه دموع تجمعت فى عينيه أثر رؤيتها هكذا حتى شددت من يديه بقوة وكأنها تطمئنهُ بتلك الفعلة التى هزت فؤاد طيف
أخذ يتقرب منها وإلى عيونها التى تحذبه إليها بشوق كبير وهو مغيب عن الواقع وغارق فى قهوة عينيه فإنه يقر ويعترف بأنه لا يوجد كوب قهوة اذاب فؤادة مثلما فعلت هى به ظل يتقرب حتى أزاح ذلك الحجاب من على رأسها وبمجرد لمح طيف لخصلات شعرها حتى اندثر فى أعماق تلك الحديقة الخاصة بشعرها أخذ يتوه فى غابة الياسمين الملقى على شعرها بحنان وهى لا تفعل شئ سوا أنها تحاول أن تتملص منه حتى أحكم قبضته على شعرها بالكامل وظل يُقبل فيه بعشق جارف حتى وصل إلى وجهها وزال قناع الأكسجين من على فمها بخفة وابتعد عنها بسرعة البرق أما هى ظلت تلتقط أنفاسها بصعوبة مبالغة كادت أن تموت من شدة الاختناق وعدم قدرتها على التنفس
تقرب منها بغل تلك المرة وعكس ما يضمُر فى قلبه الذى كاد بفضح عشقه لها : براحه يا رابعه
ماتحافيش مش هتموتى دلوقتى، موتك لسه بدرى قوى دى قرصة ودن صغيرة بس لغاية ما تقومى وتشدى حيلك كده عشان لسه الحساب طويل قوى يا بت سالم !؟
ظلت رابعه تأخذ أنفاسها ووجهها أصابه الاحمرار من شدة البكاء حتى تقرب إليها بشدة ووضع القناع مرة أخرى وردف بعيون الحسرة والقهر ونظرات خبيثة تخرج من عيونه التى تشبه الصقور : حمد الله على السلامة رجعناكى من الموت يا رابعه
قومى بقى ووجهى الخراب اللى هيحل على دماغك يا قطة
الصعيد كله هيولع لما يعرفوا الحقيقة يا بت سالم !؟
نفض طيف جسده من أمام عيناها التى ستوقعه بها مرة أخرى ودلف من الغرفة وبمجرد أن وضع يديه على مقبض الباب سمع صوتها
: أنت لى بتعمل معايا أكده !؟
كل ده عشان اللى حُصل يا طيف !؟
أنا بعشجك مهما عملت فيا ان شاء الله ترمى جثتى فى الجبل لديابه
أدار وجهه لها بخوف وأحاط عقله ببعض الأسئلة !؟
هل تذكرت رابعه كل شئ الآن !؟
هل علمت بالحقيقة المدفونه فى أعماق قلبه!؟