أخر الاخبار

رواية ليدي نور )الفصل السادس عشر16خيربقلم داليا السيد


رواية ليدي نور 
الفصل السادس عشر16
بقلم داليا السيد

لا أريد 
نزلت مسرعة إلى الباب حيث كان الرجال يوقفونه بشدة ولكنها فتحت وقالت "كفى، هو ضيفي" 
تحرك الرجال مبتعدين




 عنه في الحال وهو ينظر بعيونها التي كانت لا تنطق بأي حديث وتحرك 




تجاهها فتراجعت هي الأخرى حتى تقدم ووقف أمامها، لم تنظر إليه وهو يقول "لن تهربي مني لنهاية العمر ليدي مصائرنا مرتبطة برباط لا ينفصل" 
رفعت وجهها إليه وقالت "ولكنه انفصل يا فنان أم نسيت؟" 
ثم تحركت إلى الداخل بخطوات غاضبة فتبعها وهو يقول "ليس بعد نور، ما زلت زوجتي شهور العدة لم تنتهي بعد ويمكنني إعادتك بأي وقت" 
نظرت له بغضب وقالت "ومن سيسمح لك بأن تفعل؟ حياتي ليست دمية بيدك تلقيها وقتما تشاء وتعيدها عندما يحلو لك" 
تراجع من غضبها ولكنه قال "كفاك عناد نور" 
ابتعدت من أمامه وقالت "أنا لا أفعل ولا أريد الاستمرار لقد انتهى كلا منا من الآخر" 
جذبها من ذراعها لتعود أمامه ونظر بعيونها وقال "لا لم ننتهي ليس قرارك وحدك خاصة وأنت السبب نعم أنت السبب كان عليك إخباري بالحقيقة" 
نفضت ذراعها من يده وقالت "ومتى كنت سأفعل؟ وأنت تلقي علي بإهاناتك دون توقف؟ أم وأنت تخبرني أني طالق؟ أو ربما وأنت تطلب مني أن 







أزهق روح بريئة وتخبرني أني لا أصلح لأن أكون أم، بل وأنك لا تريد أولاد مني؟ متى كنت تريدني أن أفعل يا فنان يا عظيم يا من تتغني بالحب وقسوة الفراق وجمال التسامح بين العشاق، كذب كل ما تقوله وتغنيه كذب أنت لا تعرف شيء عن الحب لا تعرف إلا أن تؤلم وتجرح وتهين فقط" 
ظلت العيون تواجه بعضها البعض حتى قال "كنت تعلمين أن الغضب أعماني ولكنك لم تفكري حتى باتباعي أو البحث عني" 
ابتعدت وهي تتذكر تلك الأيام "وأنت لم تبحث عن سبب ذلك" 
قال وهو يتذكر هو الآخر "وهل لابد أن أفعل؟ إن عودتي للقصر جعلتني أزداد ألما وبعدا هل نسيت أم أذكرك أني وجدتك بأحضانه؟ ماذا تظنين أني كنت سأفعل؟ لقد تمنيت لو أمكنني أن أقتله وأقتلك وأقتل نفسي ولكني لم أستطع، لم أستطع أن أمسك بأي سوء وأيضا لم تلحقي بي" 
التفتت له كي تخبره بما أصابها ولكنها توقفت وقالت "لأني أدركت أنك لن تصدق إلا ما رأيته ولو أقسمت لك بكل الأيمان فلن تصدق" 
تحرك بدون هدي وقال "جوان بحياتك نور والجميع يعرف ذلك" 
قالت بتعب وإرهاق من كل ما يحدث لها "أجبت على هذا الحديث أكثر من مرة من قبل وأيضا لم تصدقني"
التفت لها وقال "أجهضت الجنين؟" 
نظرت له بقوة ثم ابتعدت وقالت "أليس هذا ما أردته؟" 
أدرك كلماتها فمرر يده بشعره وقال "كلانا جرح الآخر نور، ولكن أنت أصبتني بمقتل" 
لم تلتفت إليه وهي لا تجد أي كلمات تجيب بها فعاد وقال "من فعل ذلك بنا" 
التفتت له بقوة لتقاطعه "من فعل ذلك أعادني للواقع، جعلني أدرك أن جدي كان على حق، لا مكان للحب بحياتي ولا للرجال، أنا لا أريد أن أنسى ولا أريد تلك الحياة المؤلمة، أنا تألمت كثيرا بسببك رائد وبسبب حبي لك، تألمت أكثر مما يمكن أن تتخيل ولا أريد أن أتألم مرة أخرى فاتركني من فضلك، اتركني أعود لحياتي التي كنت سعيدة بها، أنا لا أصلح لتلك الحياة التي تريدها أنت، لست زوجة ولا أم ولا، ولا حبيبة" 
ظل يحدق بها بقوة وقد تفاجأ من كلماتها وربما كلمة الحب منها جعلته يرتد للخلف قليلا وهو يقول "والحب؟" 
أشاحت بيدها وهي تبتعد وتقول بقوة زائفة "اكتشفت أنني لا أعرف الحب ولو كان الحب يمثل كل هذا الألم فلا أريده، هل تسمعني؟ لا أريده ولا أريدك ولا أريد كل ما كان فقط اتركني لحياتي من فضلك" 






أين الدموع؟ لماذا لا تأتي وقت الحاجة؟ متى ستكون إنسانة تشعر كباقي البشر؟ ولكنها تشعر وتتألم فقط تتألم بصمت يحرق قلبها ويدمره بكل لحظة 
تراجع وهو لا يجد كلمات يمكن أن تحل ما بينهم فأشعل سيجارة وقال "نور من فضلك اهدي ودعينا نأخذ وقت ونعيد التفكير بكل أخطاءنا ونصلح ما كان" 
التفتت له وقالت "ما كان لن يمكن إصلاحه رائد لأنه حدث بالفعل وانتهى ولا جدوى من فتحه مرة أخرى، لن نجني إلا تعاسة جديدة لسنا بحاجة لها" 
نفخ الدخان وقال "لا نور على كل منا أن يعترف بأخطائه حتى نبدأ من جديد أنا كل ما فعلته كان نتيجة أفعالك نور؛ كان عليك إخباري بالحقيقة قبل الزواج، ولم يكن من اللائق أن أراك بأحضان رجل آخر وأنت ما زلت زوجتي ولم أتخيل أن تقتلي ابننا" 
نظرت له ولا تعلم لماذا لا تريد أن تخبره حقيقة كل اتهاماته لها؟ ربما لأنها لا تريد أن تكمل معه وهي مريضة فهو يستحق الأفضل أو ربما اقتربت نهايتها فيكون له فرصة أفضل للحياة مع امرأة أفضل، أو ربما لأنها تعرف أنه عاش حياته بدونها بتلك الفتاة بسنت، أو لأن انتقامها لم ينتهي بعد وهي لا تريده أن يوقفها ووجوده سيوقفها، بالنهاية لا تريد أن تدفع عن نفسها أي اتهامات
قالت "حاولت أن أخبرك قبل الزواج لو كنت تذكر ولكني فشلت والآن أخبرك أن الماضي وقع ولا مجال لإعادته أو إيقافه فهل توقف كل ذلك؟ أنت صدقت كل شيء دون حتى أن تسمعني وأنهيت كل شيء" 
أبعد وجهه لحظة وهو يعلم أن عنادها أكبر من مشاعرها وربما ما كان بينهم أفقدها الثقة بكل شيء لذا قال "أخبرتك أن الغضب يسلبنا التفكير ولكن مع الوقت تتضح الحقائق نور، اسمعي نحن علينا أن نعيد التفكير مرة أخرى بكل ما كان لأني سأعيدك لي نور، سأعيدك لذمتي، أعلم أنني لا يمكنني أن أطالبك الآن بأن نعود لبيتنا فنحن الاثنان لم نعالج جراحنا وما زلنا بحاجة لبعض الوقت فهل نفعل؟" 
أغمضت عيونها وألم قلبها يعود مرة أخرى وبقوة أكثر وأنفاسها تتلاحق ولكنها تماسكت وهي تستند على طرف المقعد دون أن يلاحظ فهي لن تتحمل شفقة منه ولن يعيدها لمجرد هذا المرض اللعين لن تقبل فقالت لتنهي الحديث كي يذهب ويتركها لأوجاعها 
"حسنا" 
ظل ينظر بوجهها الشاحب ثم قال "متى ستعودين لندن؟" 
تحاملت وقالت "اليوم" 
هز رأسه وقال "حسنا، هناك نعيد حساباتنا نور ونرمم جراحنا سويا" 




لم ترد وابتعد هو إلى الخارج فسقطت على المقعد والألم كالنار يحرق صدرها، فتحت القلب الماسي المعلق بسلسلة من الذهب الأبيض على صدرها وأخرجت منه قرص الدواء وامتصته وهي تسند رأسها على ظهر المقعد وأغمضت عيونها والألم ينتشر بصدرها وذراعها ولكن بعد وقت ليس بقصير بدأ الألم ينسحب والأنفاس تنتظم والقلب يهدأ من نوبته ودقاته الجنونية وربما راحت بالنوم أو بغيبوبة وقتية 
عادت لندن بصباح اليوم التالي واتجهت للشركة مع موريس الذي ما أن دخل المكتب خلفها حتى قال "عرفت أن السيد رائد زارك ليدي؟" 
جلست خلف مكتبها وقالت "نعم" 
قال "هل تسمح لي الليدي بأن أسأل؟" 
رفعت عيونها إليه فقال "هل عدتم؟" 
تراجعت وقالت "لا" 
قال "ليدي السيد رائد يحبك وما حدث كان لابد أن يؤثر عليه وما تبعه من مواقف ساعدت في الانهيار فلماذا ليدي؟" 
قالت "لأن ما حدث جعلني أدرك أنه لا يحبني موريس، لو أحبني حقا لاستمع لي وطالب بالحقيقة بوقتها، لو عرفني جيدا لأدرك أني لن أكون امرأة خائنة، لو كان يفكر بي كما يقول ما ظن أني يمكن أن أجهض طفلا حتى عندما أتى كان ما زال يظن أني لست بريئة" 
صمت قليلا ثم قال "الغضب ظلام ليدي والظلام لا يهدي إلا لظلام" 
قالت بهدوء "كلنا نغضب موريس ولكن ليس كلنا يهد كل شيء بظلام غضبه إنها أسرة تلك التي هدها، ثقة موريس، ثقتي به كزوج أستند عليه وقت الشدة وليس رجل ينساق وراء أي شكوك ويهين ويجرح بلا توقف" 
قال "إذن أخبريه الحقيقة وأنه كان على خطأ" 
أغمضت عيونها وقالت "أنا لا أريد الاستمرار موريس، هذه العلاقة لم ينالني منها إلا العذاب ورائد سيظل الشك ينبض بقلبه لنهاية العمر" 
ابتسم وقال "وقلبك ليدي؟ أنت تحبيه" 
صمتت وهي تواجه نظراته ثم أبعدت وجهها وقالت "حب واهن بقلب مريض، أنا قلبي مريض موريس، لم يعد كما كان بعد النوبة التي أصابتني ولن يمكنني أن أتحمل صدمات أخرى بسبب الحب لذا علي أن أنسحب موريس لا أحب أن أكون بموقف ضعف خاصة بعد أن تزوج من تلك الفتاة بسنت، لم يعد لي مكان بحياته ولن أتحمل وجود امرأة أخرى تشاركني فيه فهو أفضل بدوني" 
رن هاتفها فأخرجهم من الحديث أجابت الرجل الذي قال "لقد انتهيت ليدي" 
قالت "هل هي بالغرفة؟" 
أجاب "نعم ليدي كما طلبت بالضبط" 
ابتسمت بهدوء وقالت "وأين أنت؟" 
قال "اختفيت خارج البلد كما اتفقنا والحساب وصل ليدي شكرا لكرمك وما فعلته أنا كان رد لدينوني لك فلم أتوقع مقابل مادي ليدي" 
قالت "لست مدين لي بشيء والعمل عمل، شكرا لك" 
ألقت الهاتف على المكتب وزاغت نظراتها بعيدا وقد أوشكت على النهاية
****
فتح رائد باب جناحه بالفندق ليتراجع عندما رأى موريس يقف أمامه فقال "موريس!؟" 
قال الرجل بارتباك "آسف مستر رائد ولكن كان لابد أن أراك هل تسمح لي؟" 
أجاب وهو يتراجع ليفسح للرجل بأن يدخل "بالطبع ادخل" 






التفت موريس له بعد أن دخل وتبعه رائد وقال "أولا لابد أن تمنحني وعد بأنك لن تخبر الليدي عن زيارتي تلك وإلا لانهارت ثقتها بي وأنا لن أفعل بها ذلك" 
ضاقت عيونه وقال "أنا لا أفهم شيء موريس" 
قال الرجل "فقط أعطيني كلمتك" 
هز رأسه وقال "أمنحك كلمتي موريس ماذا هناك هل أصاب نور أي شيء؟ تحدث يا رجل " 
قال "نعم مستر رائد لقد أصابها الكثير منذ ذلك اليوم الشؤم، الكثير مستر رائد" 
سرد موريس كل شيء حتى انتهى من حكاياته وهو يجلس على طرف المقعد فسقط رائد على المقعد المجاور وهو يستوعب كل ما عرفه وقال "لذا لم تلحق بي أول الأمر؟" 
قال موريس "بل لحقت بك ولكنك كنت قد ذهبت بسيارتك وكادت تلحق بك ولكن الجدة سمعت كل ما دار بينكم وانهارت وظلت الليدي بجوارها بالمشفى وباليوم الثالث ماتت وطبعا يمكنك أن تتخيل مقدار حزنها على من ربتها وكانت لها الأم والأب وكل شيء ثم ما حدث بالفيلا يوم رأيتها مع الأمير، هو من أراد أن يجذبها له وقت حزنها على الجدة والليدي لم تفكر به بأي يوم سوى كأخ أو صديق كلنا نعلم ذلك، وبذلك اليوم هو أراد استغلال حزنها وقبل أن تبعده عنها كنت أنت واقفا تشهد ما يحدث كان عليك ألا تصدق أي شيء" 
شحب وجهه وهو يقول "ولكنها تلحق بي وتبرر لي" 
فأكمل موريس "لأنها سقط مريضة بتلك النوبة القلبية ودخلت بغيبوبة لعدة أيام أخفى الأمير أخبارها كي لا تصلك فتعود لها" 
نظر له بقوة وقال "والإجهاض؟" 
أخفض موريس عيونه وقال "شخص لم نعرفه دخل العناية ودس مادة بالمحلول أدي للإجهاض وهذا هو الخبر الذي تم تسريبه ليصلك ليتأكد من فعل بها ذلك بأن ينسف علاقتكم بالكامل، الليدي تألمت كثيرا مستر رائد وحتى الآن ما زالت تتألم فقلبها لم يشفى تماما بل تصيبها نوبات مؤلمة عندما تتعرض لأي ضغوط نفسية ولولا الأقراص لانهار قلبها" 
مرر يداه الاثنان بشعره والألم ينطلق من عيونه وهو يهتف بحزن "يا الله، كل هذا وأنا لا أعرف عنه شيء وهي تمر به وحدها، ومن الذي فعل بها كل ذلك؟" 
نهض موريس وقال "هي وحدها من تعرف مستر رائد وهي التي تخطط للانتقام ولا تثق بأحد فقد تعلمت الدرس جيدا" 
تحرك موريس وتبعه رائد الذي قال "وأين هي الآن؟ هي بحاجة لي" 
فتح موريس الباب ووقف أمامه وقال "الليدي ليست بحاجة إلا للحب والحنان والثقة مستر رائد، أنت خنت ثقتها وقت صدقت ما رأيته عنها ووقت تزوجت تلك الفتاة" 
انتبه له وقال "أي فتاة وأي زواج؟ أنا لم أتزوج غير نور" 
تراجع موريس وقال "ولكنها ذكرت زواجك من فتاة تدعى بسنت وهذا جرحها أكثر وأكثر مستر رائد" 
أغمض عيونه وهو يتذكر دبي وبسنت وهي تحتضنه وتقبله أمامها فهتف "اللعنة وكأن الدنيا كلها تريد تدمير علاقتنا إنها أختي" 





****
دخلت قاعة القصر الخاص بجوان ووقفت تنتظره وهو ينزل من الأعلى بأناقته وابتسامته وهو يقول "لم أصدق عندما طلبت موعد للحضور عزيزتي" 
وقف أمامها وقبل يدها واحتفظ بها بيده فابتسمت وقالت "كان لابد أن أفعل" 
تجول بعيونها وقال "تفعلي ماذا!" 
سحبت يدها وابتعدت وهي تقول "أقابلك" 
تبعها وهي تجلس فجلس أمامها وقال "هل اشتقت إلي كما اشتقت إليك حبيبتي؟" 
نظرت له بنظرات ذات معني وقالت "هل أنا حقا حبيبتك جوان؟ أقصد هل تحبني حقا؟" 
ضحك بصوت مرتفع وقال "بالطبع نور، لم ولن أحب سواك تعلمين ذلك" 
ذهبت ابتسامتها وقالت بجدية "إذن لماذا سموك؟" 
سكتت ضحكته من تبدل ملامحها وقال "لماذا ماذا؟" 
قالت "لماذا فعلت بي كل ذلك؟ لماذا دمرت حياتي مع رائد وتسببت لي بكل الألم الذي عشته؟"
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-