رواية اختيار حازم
الفصل العاشر10
بقلم ديانا ماريا
تجمد حازم مكانه وعيونه متسعة من شدة صدمته.
حين طال صمته شعرت ملك أنها ربما أخطأت بتسرعها وقالت بتردد: حازم...
قاطعها بقسوة: أنتِ إزاي تقوليلي كلام زي ده؟ أنتِ اتجننتِ؟
اتسعت عيونها بذهول فتابع بغضب ونبرة أكثر قسوة: إزاي بنت محترمة توقف شاب دلوقتي وتقوله كلام زي ده؟ مش عاملة حساب لدينك؟ لأبوكِ؟ لإحترامك لنفسك؟
لاحترامي ليكِ؟ مفكرتيش ممكن أفكر فيكِ ازاي لما تعملي كدة ؟
صمتت مبهوتة بما يقول ثم حاولت الكلام متلعثمة ونبرتها مثقلة من الحزن: أنا....أنا بس حبيت أقولك أني بحبك و...واثقة فيك وهقف جنبك مهما حصل.
حدق بها بعينين باردتين: وأنا مطلبتش منك ده، مجاش في بالك أني ممكن مش بحبك؟
شحب وجهها بشدة ونظرت له بعيون غائرة قبل أن تستدير وتهبط السلم بسرعة ثم تدلف لبيتها وتغلق الباب ورائها.
بقى حازم واقف مكانه لدقيقة قبل أن يكمل صعوده لأعلى، دلف بهدوء ثم بدل ملابسه واستلقى على سريره.
أغمض عيونه بقوة وهو يطرد ما حدث قبل قليل من مخيلته، كان يجب عليه فعل ذلك حتما، ما فعله هو الصحيح لصالح ملك ولصالحه أيضا.
كان قاسي عليها ولكنها ستفهم يوما ما أن ذلك الخير لها، هو لا يصلح لها وبعد تجربته الأخيرة، هو يحتاج الوقت لأن يكون مستعد لخوض تلك التجربة مرة أخرى.
تذكر وجهها ونظرات عيونها من حديثه، شيئا في قلبه ألمه بشدة، ربما الندم؟ ربما الحزن عليها.
أقنع نفسه أن هذا الصواب ومع هذه الأفكار ذهب للنوم.
انشغل في تجديد المقهى وقام بالتعاقد على الترويج له في كل مكان، كان يخرج للعمل صباحا باكرا ولا يعود إلا متأخرا ليتفادى أي لقاء مع ملك حتى لو بالصدفة.
في يوم الإفتتاح بعد أن ارتدى ملابسه وقف أمام المرآة يضبط هندامه وهو متوتر للغاية، لقد تعب كثيرا حتى وصل إلى الآن ويدعو الله أن تكتمل على خير.
أتى عمر من ورائه وربت على كتفه: مستعد؟
حازم بتوتر: أن شاء الله.
أبتسم عمر وأدار حازم له وقال بثقة: متخافش أنا واثق فيك أنك هتقدر بإذن الله.
استرجع كلمات ملك التى قالتها في لقائهما الأخير، لقد قالت ذات الكلمات قبل أن ينهرها بقوة.
قال بابتسامة: ربنا يعديها على خير.
عبس عمر فجأة فقال حازم بإستغراب: إيه يا عمر؟ مالك؟
نظر عمر له وقال بحذر: ملك.
انقلب وجه حازم وقال ببرود وهو يلتقط هاتفه من على الطاولة: مالها؟
تنهد عمر: شكلها هتوافق على العريس اللي جاي لها.
قال حازم بصوت ليس فيه أي مشاعر: ربنا يوفقها.
قال عمر بحنق: والله؟ أنت فاكرني أهبل يا حازم مش عارف أنها بتحبك؟
نظر له حازم بذهول ثم قال بعصبية: وأنا مطلبتش منها تحبني يا عمر أنت عارف أنه مينفعش.
أمسكه عمر من ذراعه بقوة: حازم أنا عارف أنه تجربة آية كانت صعبة عليك وأنت عارف كويس أوي أنه ملك مش شبه آية في أي حاجة.
صاح فيه حازم وقد فقد أعصابه: حتى لو مش شبهها العيب مش في ملك يا عمر العيب فيا أنا، مينفعش ارتبط بملك أبدا مهما حصل.
جلس على السرير ووضع رأسه بين يديه، أقترب منه عمر بحيرة: يعني إيه الكلام ده؟
رفع له حازم وجهه وشاهد في عيونه الألم وقال بقهر: أنا مستاهلش ملك يا عمر عارف يعني إيه مستاهلهاش؟
هى تستحق حد أحسن مني بكتير؟
تقدر تقولي هتعمل ايه بواحد كل القريبين منه قالوا عليه فاشل وتخلوا عنه ؟ واحد مش معاه أي حاجة يقدمها ليها؟ ولا حتى عاطفيا أقدر اقدم ليها مشاعر لما نتجوز
لأني مش قادر أعيش تجربة تانية، خايف
خايف لو جت في يوم ندمت زي آية ومشيت، أو في يوم حست بخيبة أملها فيا زي أبويا، مينفعش يا عمر مينفعش!
قال عمر بجدية: ومين اللى قرر أنه مينفعش؟ أنت ؟
ليه تكون أناني وتاخد القرار ده لوحدك؟
قطب حازم بعد فهم: قصدك إيه؟
عمر بهدوء: يعني أنت حكمت على العلاقة بالفشل لمجرد خوفك من الفشل نفسه مش علشان فيه أسباب للفشل حقيقية، حتى أنك قررت من نفسك مديتش ملك أي فرصة هى كمان تقرر إذا كانت عايزة ولا لا.
جلس بجانبه: حازم أنا عارف أنه كل اللي عدى عليك مش سهل خالص لكن مش علشان كدة تضيع من إيدك حد بيحبك بجد وقابل بيك بكل حالاتك، ملك بتحبك فعلا وسواء معاك فلوس ولا لا هى مستعد تكمل معاك وتستناك هى عارقة بتجربة آية كمان من البداية وده مش فارق معاها، هى مستعدة تستناك وأنت بتاخد السلم من أوله وتساندك كمان ، تفتكر طالما هى عارفة كل ده وموافقة بيه هيجي عليها يوم يخيب أملها فيك أو تتخلى عنك؟
بدا أن حازم يفكر جديا في حديث عمر حتى تنهد بقوة.
قال عمر بقلق: إلا لو مكنتش بتحبها فأنا متفهم السبب ده.
فتح حازم عيونه وقال بكآبة: مش مهم بحبها ولا لا، هى تستاهل حد أحسن مني، تستاهل أحسن حد في الدنيا.
أبتسم عمر بثقة: طالما تستاهل أحسن حد في الدنيا يبقى تستاهلك أنت.
نظر له حازم فأوما عمر وتابع: بلاش تحكم عليك وعليها بالوجع على الفاضي.
نهض حازم بسرعة وقال بحزم: هى ملك فين؟
ضحك عمر: جاهزة تحت مع عمي علشان نروح معاك الكافيه.
تأثر حازم بشدة: مش عارف هرد جمايلكم دي إزاي حتى النهاردة واقفين جنبي زي عائلتي بالضبط، لا أنتوا عائلتي فعلا.
عمر بمحبة: مفيش جمايل بين العائلة يا حازم.
هبط حازم بسرعة مع عمر ليجد عائلة عمر كلها مجتمعة.
وقف حازم أمامهم وقال بصوت عالي: معلش عايز انتباهكم كلكم ثانية واحدة.
نظر الجميع إليه بانتباه وتركيز بينما ملك حين رأت حازم أشاحت ببصرها بعيدا ثم نظرت إلى الأرض دون أن تجرؤ على النظر إليه.
نظر حازم لوالد ملك وقال بجدية: عمي أنا عارف يمكن ميكونش وقته بس ده وقته بالنسبة ليا، أنا أتشرف أني أطلب منك أيد ملك بنتك.
شهق الجميع وحدق إليه بذهول بينما رفعت ملك رأسها وعيونها ثبتت عليه بصدمة كبيرة.
تابع حازم حديثه: أنا لسة ببدء طريقي من أول وجديد وبكون نفسي
كمان وحضرتك طبعا عارف كل حاجة عني
بس رغم كل حاجة أوعدك أني أخد بالي منها وأحطها في عنيا وعلى قد ما أقدر مش
هخليها محتاجة حاجة، مقدرش أوعدك غير بكدة وأرجو أنك توافق.
كانت ملك تتنفس بسرعة وقلبها ينبض بقوة من حديثه، مازالت
تتذكر كلماته التي جرحتها بشدة وتغيره وطلبه ليدها
صدمها بالكامل لقد قال صريحا أنه لا يحبها فلماذا غير رأيه الآن؟
أبتسم والد ملك ونظر لوالد عمر الذي أومأ له، قال لحازم: اللي أنت
بتقوله ده أهم لأبو البنت من أي حاجة تانية في الدنيا،
أنك تتقي ربنا فيها أهم حاجة عندي عن نفسي أنا موافق بس الرأي رأي العروسة في الآخر.
