CMP: AIE: رواية نعيمي وجحيمها الفصل السبعون70بقلم امل نصر بنت الجنوب
أخر الاخبار

رواية نعيمي وجحيمها الفصل السبعون70بقلم امل نصر بنت الجنوب

  

رواية نعيمي وجحيمها 

الفصل السبعون70

بقلم امل نصر بنت الجنوب


- برضوا ما لقيتوهاش؟ دوروا تاني، تاني وتالت ورابع ما تسبيوش ركن من غير ما تفتشوا فيه، انا عايزها، ولو من تحت الأرض هاتوها.

هتف بالكلمات بحالة من الجنون وهو يضرب بكفه على الجدار الأبيض من خلفه بعنف، نحو محدثه بالهاتف، انتظر للحظات يسمع به الرد من الجهة الأخرى، ثم صاح بصوته المخيف بتوعده:

-هي كلمة ومش هكررها، الست دي تكون عندي النهاردة، والولد يبات في حضني، يا أما هطربقها على دماغكم كلكم وواديكم في داهية، اقفل يا لا .

انهى المكالمة ليهدر أنفاسه الحارقة مع فرط انفعاله، والدماء تغلي بداخله كالمَرجل، التف نحوها وهي جالسة أمامه على كراسي الإنتظار بهذا المشفى الخاص، فوجدها تطالعه برجاء، ليخيب أملها بعد ذلك وقد علمت أن الوضع على ما هو عليه، لتعود لنوبة بكاءها مرة أخرى، وتشدد كاميليا عليها بذراعيها بمؤازرة، أما هو فالتف نحو طارق الذي عاد إليه فور انتهاءه من مكالمته هو الاَخر:

-عملت إيه؟

بادره بالسؤال فور أن وصل إليه، ورد طارق في محاولة لطمأنته:

-كل إشارات المرور عندهم مواصفات الست دي وبياناتها، يعني ان شاءالله على أي تحرك هيبجبوها من قفاها. 

- امتى يا طارق؟ إمتى بس؟ 

صاح بها يجفل المذكور والجالسات على مقاعد الإنتظار في الناحية الأخرى، ليتابع بغضبه:

-ليلة كاملة عدت علينا دلوقتي، واحنا قالبين الدنيا على الزفتة دي وهي وكأنها فص ملح وداب، هي والولد.

رد طارق وهو يشدد بكفه على ساعد صديقه بتحفيز:

-خليك على يقين يا جاسر اننا هنلاقيها هي والولد، انا متأكد من كدة، الست دي ملحقتش تبعد كتير، والبلد كلها مقلوبة عليها، انت ربنا بيحبك يا جاسر، بعد شجاعة زهرة واللي عملتوا، انا واثق انها لخبطت كل الترتيب للناس دي اللي كانت عايزة تقضي عليك في اعز ما ليك، مراتك وابنك.

سمع منه جاسر والتف نحوها يطالعها وهي ترتجف بين يدي صديقتها كاميليا، بعد كل ما حدث وواجهته في اللحظات الماضية من أوقات عصيبة، بخطف ابنها أمام عينيها، لا يصدق انها بخير، وما قامت به من عمل بطولي، نجت به نفسها بالقضاء على هذا المجرم الخطير بإطلاق النار عليه، ولكنها لم تلحق بوليدها، اغمض عينيه متنهدًا، ثم تحرك ليجلس بجوارها على من الناحية الأخرى فجذبها من أحضان صديقتها، ليضمها بحضنه هو، علّه يعطيها بعض الأمان، رددت من بين بكاءها:

- برضوا ملقيتوش الولد يا جاسر؟ أمال انا كنت بعمل دا كله ليه؟.... دا انا ضربت بالنار يا جاسر عشان انقذ ابني، انا ليه ملحقتوش يا جاسر؟ ليه يا جاسر ليه.....

شدد بذراعيه يقول بحزم:

- هنلاقيه يا زهرة، والولد هيرجع، مش جاسر الريان اللي يضيع منه ابنه فاهمة ولا لأ؟

تدخلت كاميليا بقولها هي الأخرى:

-صدقي جوزك يا زهرة، ان شاءالله هيرجع .

تمتمت هي مع نشيج بكاءها:

- انا خايفة يجراله حاجة......

اخفى جاسر بصعوبة تشنج جسده من مجرد الفكرة وحدها، وحتى لا تشعر هي به، ويزداد هلعها وهي لا ينقصها، يحمد الله انها مازالك حتى الآن صامدة برغم البكاء المتواصل والانهيار من وقت أن دلف إليها على إطلاق الرصاص، ليجدها تخرج من الغرفة مهرولة بعد التخلص من فهمي، حتى تبحث عن الطفل ويبحث هو معها.

قال طارق والذي وقف بالقرب منهم:

-بس انا اللي مستغربله، هي الست دي جتلها الجرأه ازاي تعمل كدة؟ انت مش هين في البلد يا جاسر، هي متعرفكش ولا إيه؟

زفر جاسر بقول بغيظ:

-انت مستغرب، لكن انا هتجنن، الست دي انا جيبتها بعد تحقيق وتدقيق بشدة عليها وعلى تاريخها، دي خبرة أساسًا وبقالها سنين في الشغل ده، يعني مش واحدة وخلاص.

ردت كاميليا بتخمين:

-أكيد المغريات كانت كبيرة، اللي يخلي واحدة تقدم على مصيبة زي دي، يا إما الانتقام، ودي





 مستبعدة عشان طبعا مفيش حاجة بينكم وبينها، يا إما الفلوس، ودي أكيد كانت كتيرة اوي، بحيث انها عمت الست مش زغللت عنيها وبس.

وصل إمام بخطواته السريعة بصحبة أحد الرجال، ليقدمه إلى جاسر الريان:

- جاسر بيه، سيادة الظابط اللي وصل مع القوة اللي فتشت البيت

أومأ جاسر للرجل بتحية مقتضبة، ليسأله على الفور:

-عملتوا إيه يا سيادة الظابط، لقيتوا أي حاجة تدل على  الست المجرمة دي؟ 

أجاب الرجل بلهجة عملية:

- حضرتك احنا فتشنا البيت من كل جهة، وعرفنا ان الست دي خرجت في الدقايق البسيطة ساعة قطع الكهربا، من الباب الخلفي للفيلا، والظاهر كدة كان في اللي مستنيها عشان ياخدها قبل ما توصلوا انتوا بلحظات قليلة، يعني كل اللي فرق هي مجرد دقايق.

رفعت زهرة رأسها لتقول بقهر:

-يعني كان ممكن احصلها يا جاسر، كان ممكن بس مقدرتش.....

قطعت لتشهق عائدة في البكاء المرير، فقال جاسر مخاطبًا الرجل:

-يا سيادة الظابط، اللي ساعد الست دي يعرفنا كويس، ويعرف مشاكل زهرة القديمة بعقدتها من التعابين والضلمة، وفهمي دا اللي كان عايز يخطفها او يموتها من الخوف، المعلومات الخطيرة ميعرفهاش غير عدد قليل جدًا من اللي نعرفهم.

رد الظابط:

- حضرتك احنا حرزنا التليفون بتاع فهمي والحاجات والارقام اللي عليه اختا بنفرغها دلوقتي، وان شاء الله نلاقي لحاجة توصلنا للست دي، او اللي ساعد الاتنين، 

أكمل الظابط ببعض المقترحات والتخمينات حول مراقبة الخدم ومراجعة الكاميرات، وسؤاله لزهرة وعدة أشياء لم يركز فيها إمام، والذي كان واقفًا بجوارهم بشرود شديد حول الثلاثة أشياء التي ذكرها جاسر الريان، تعابين، ضلمة، فهمي برشام؛ نعم هي نفس الكلمات التي اخطأت بها غادة قبل ذلك أمام الملعونة الشقرا وشقيقها، يذكر جيدًا أنه رأى التسجيل الذي هددت به هذه المرأة غادة لكي تتبعها في أذية جاسر الريان وزهرة.......

على خاطره الاَخير توسعت عيناه بإدراك فوري، فتحمحم يقطع حديث جاسر الريان مع رجل الأمن:

-سعادة الباشا، استأذن حضرتك في دقيقة اروح اعمل اتصال.

اومأ له جاسر بعينيه، ليعدو سريعًا بخطواته داخل رواق المشفى الذي ينتظر فيه جاسر الريان وزوجته خروج فهمي صنارة من غرفة العمليات، لعل بإنعاشه وعودته للحياة يدلهم على مكان ابنه مع هذه المرأة، وحينما اطمأن لبعد المسافة، تناول الهاتف يتصل برقم شخص لم يراه منذ فترة تقارب الشهور:

- الوو...... ايوة يا رعد معلش والنبي أجل السلام والعتاب دلوقتي واسمعني كويس......... تسلم يارب، كنت عايز أسألك لو شغال عند الست دي اللي اسمها مرفت......... سيبتها من ساعة ما اخوها ما سافر؟ 

سمع الأَخيرة وانتابته الصدمة، ليحاول بعد ذلك بأمل:

-طب متعرفش مين اللي شغال معاها دلوقتي؟....... ايه؟؟ سابت البيت وعزلت كمان؟......... وجابت الواد مصيحلي البلطجي كمان هو اللي شغال معاها؟؟........ طب ابوس ايدك اسمع مني اللي هقوله دلوقتي، وافهمني 

❈-❈-❈ 


-الحيوان لسة برضوا متصلش، امال هيكون راح فين بس؟ 

هتفت ميرفت بالكلمات بغضب شديد، مع اختفاء فهمي وعدم عودته حتى الاَن، مع هذا التعتيم الشديد من قبل جاسر الريان على ما حدث بمنزله، تتأكل من الغيظ، تريد معرفة ما حدث، وان كان تمكن هذا الملعون من التخلص من زهرة أم لا ، حتى معلومة خطف ابنه، لم يذكرها صفحة بالإعلام او حتى السوسيال ميديا، لا شئ انتشر سوى معلومة بسيطة عن إصابة رجلي أمن لدى جاسر الريان على اثر طلق ناري لأحد الأشخاص المجهولين، وفقط.

- انا هتجنن، طب يبعتلي رسالة من رقم غريب يبلغني عن اللي حصل، عايز اعرف قتلها ولا لأ؟ وهو اختفى فين الغبي ده، واللي مأخره لحد دلوقتي؟...... معقول يكون اتقبض عليه؟

قالتها بسؤال نحو المرأة الواقفة أمامها بذعر وبيدها مجد الصغير، لتجيبها الاَخيرة باضطراب:

-بصراحة يا هانم، انا شكيت في الراجل ده من امبارح، اصل شكله كدة ميدلش ابدًا انه كان عايز يقتلها، بس باينه كدة كان طمعان فيها. 

التفت نحوها ميرفت تبرق بعينيها تمتم سائلة بتوجس:

-قصدك انه يكون خطفها بدل ما يموتها؟

أومات المرأة رأسها لتقول بشك:

-وليه لأ يا هانم، زي ما خرجت انا في الضلمة بالولد، جايز يكون هو كمان خرج بالست، محدش عارف . 

صاحت فاقدة السيطرة على غضبها والذي اختلط بجزعها:

-أيوة بس انتي كان في عربية مستنياكي، وخدتك على طول، انما هو بقى يخرج بيها ازاي ودي واحدة كبيرة، يعني ممكن أي حد يشوفه وهو شايلها..... الغبي، دا لو كان عملها هقتله بإيدي، مش انا اخطط شهور وادفع دم قلبي عشان اخرجه ويجي هو يبوظ لي الخطة، انا قولت عايزة موتها وبس.

لم ترد عزيزة ولكنها كانت تهدهد في الطفل في سكون تام لم يعجب الأخرى،  لتصيح بها:.

- حتى دا كمان انا مكنتش عايزاه،  كنت عايزة اخلص منهم كلهم واسافر بقى وانا خالية البال، مش ابقى كدة معلقة من الناحيتين.

ضمت عزيزة الطفل إليها لتقول بحمائية:

-الله يا هانم، ما انا نفذتلك كل اللي قولتي عليه قطعت الكهربا عن البيت وفتحت للراجل بتاعك الباب الخلفي عشان ينفذ اللي انتي عايزاه، اما بقى عن الطفل، ف انا بصراحة مقدرتش، دا روح بريئة، ملهوش دعوة باللي حاصل بين أهله وبينك،  انا هتكفل بيه.

سمعت منها ميرفت لتهدر بها:

- هتتكفلي بيه ازاي وانتي مسافرة معايا زي ما اتفقنا؟ ولا انتي رجعتي عن قراراك، قولي خليني اخلص من هم حد فيكم بلا قرف.

تجاهلت عزيزة ازدراء ميرفت لها، لتنظر نحو الوجه الملائكي وتقبله وتقول:

-لا طبعًا مرجعتش أبدًا عن قراري، بس انا هخده معايا، اربيه في بلاد الغربة، ويبقالي ابن بدل ما انا شجرة ناشفة كدة، لا ليها جذوز في الأرض ولا أغصان تطرح عليها.

ضربت كفيها ببعضهم ميرفت لتهدر صارخة بغيظ:

-يعني انتي لقتيها فرصة عشان يبقالك ابن بدال ما انتي عقيم طول عمرك، والزفت دوكها لاقاها فرصة مع حبيبة القلب، وانا الغبية كعيت دم قلبي، عشان تتبسطوا انتوا الاتنين واتحرق انا، ياخي ان شالله تولعوا انتو الاتنين بجاز وسخ.

قالتها واستدارت تهتف بصوتها العالي على كبير حراسها الشخصيين:

- مصيلحي، انت يا مصيلحي.

وصل إليها المذكور، ليجيبها بطاعة:

-نعم يا هانم اؤمريني. 

تقدمت منه لتسأله بتسلط:

- عايزة اعرف باَخر الأخبار عن اللي حاصل في فيلا جاسر الريان، وحاول تتصرف وتتصلي بالزفت ده اللي اسمه صنارة، انا مش عايزة اتصل عليه ليكون اتقفش ولا اتقبض عليه.

رد الرجل بوجه الجامد:






-حضرتك انا بعت واحد من صبياني هناك، وقال ان الحكومة مرشقة عند بيت جاسر الريان، ومفيش نملة تقدر تهوب ولا تعدي، ع العموم هو قاعد مستني وعلى  اول فرصة تخف الحكومة فيها الحــ صار، هيجيلي المعلومات الأكيدة، انا بقى عن اللي اسمه فهمي، ف انا كل ما اتصل يديني مغلق مش عارف ليه.

اظلم وجهه تتطلع إليه بتفكير تعدى عدة لحظات، ثم ما لبثت أن تقول:

- طب اسمع بقى يا مصيلحي، الواد ده رد او مردش معدتش فارقة، لأني شوية كدة وهسافر، المهم لو وصل ما بعد ما امشي، اتصل بيا وبلغني وانا اقولك  تعمل معاه إيه؟

❈-❈-❈ 


وصل خالد ومعه زوجته بداخل المشفى إلى القسم الموجودة به زهرة وجاسر امام غرفة العمليات، تقدمت نوال إلى زهرة تحتضنها بمؤازرة، ودني خالد ليقبلها فوق رأسها قبل ويدعمها ببعض الكلمات المحفزة، قبل أن يستقيم بجسده ليشارك الحديث مع طارق وجاسر في التباحث في الأمر، وبادر بسؤاله عن فهمي:

-إيه اخباره؟ هيعيش ولا هيموت؟

اجابه طارق:

-الدكاترة بقالهم ساعات معاه ومحدش فيهم خرج عشان نعرف منه حاجة، بس ع اللي انا شوفته مضمنش انه يعيش.

-يعيش ولا يغور حتى، احنا اهم حاجة عندنا انه ينطق على مكان الولد. 

قالها خالد بالدفاع ثم قال موجهًا سؤاله نحو جاسر:

-لكن هي زهرة عرفت ازاي تمسك سلاح ولا تستعمله؟

رد جاسر يجيبه بشرود:

-مكنش تعليم بالمعنى المفهوم، بس دي كانت مرة واحدة في مزرعة الخيل، هناك الدنيا براح وانا كنت بتدرب وبراجع اللي اتعلمتوا زمان مع نفسي، غلست عليها عشان تمسك السلاح وعرفتها على الأساسيات في استخدامه والاَمان، مكنتش اعرف ان هيجي اليوم اللي تضطر تضرب بيه كمان.

تمتم خالد ممتنًا:

-اللهم لك الحمد ، انا مش عارف اشكرك ازاي يا جاسر، لولا التغير اللي حصل بشخصية زهرة بمجهودك معاها، انا مش عارف كان هيصل إيه اكتر من كدة.

اومأ له جاسر بعيناه، ثم سأله:

-طب انت انصرفت ازاي في الشركة؟

-لا اطمن خالص، انا كتمت ع الموضوع ولميت الحاجات المهمة بسرعة قبل ما اجي عشان محدش بحس بحاجة زي ما نبهت.

اردف بالكلمات خالد قبل ان يصدح هاتفه باتصال دولي، تطلع للأسم ليهتف نحو جاسر متفاجئًا:






-يا نهار ابيض، دا عامر الريان اللي بيتصل عليا.

أغمض جاسر عينيه بتعب وقال مغمغمًا بالكلمات:

-أكيد بيتصل عشان انا وزهرة قافلين التليفونات من امبارح ومبنردش عليه....

قطع ليقول بقلة حيلة:

-طب اعمل ايه بس؟ وارد اقوله إيه لو سألني عن مجد، وطلب يشوفه، دي اول حاجة بيسأل عليها من ساعة ما سافر، دا ممكن يموت فيها لو عرف، قلبه لا يمكن يتحمل

تنهد طارق وقال موجهًا لخالد:

-رد انت واتحجج بأي حاجة، رد يا بني متسيبهوش كدة.

مع حرجه اضطر خالد للرد بصوت جعله يبدو طبيعيًا:

- اهلا يا عامر باشا ازيك....... زهرة مبترودش ع التليفون وجاسر كمان؟....... مش عارف، بس يمكن ابنك خدها بيفسحها في حتة مفيهاش شبكة ما انت عارفه......

اثنى جاسر يومئ إليه بأبهامه ليكمل وقد اعجبته الكذبة، فتابع خالد بالتبرير والكلمات المطمئنة لعامر رغم إلحاحه، وجاسر وطارق يتابعاه حتى أتي إمام إليهما فجأة كالعاصفة يباغتهم:

- جاسر باشا انا عرفت مكان مجد الصغير.


❈-❈-❈ 


إنت متأكد من كلامك دا إمام؟

هتف بها جاسر بداخل السيارة التي كان يقودها بنفسه بصحبة الاَخر وزهرة التي اصرت على أن تأتي معهما رغم كل تحذيرات زوجها، ف اضطر صاغرًا للموافقة وقد طمأنه وجود كاميليا هي الأخرى معهم، فرد الاَخر يجيبه بثقة:

-والله زي ما بقولك يا باشا، الراجل اللي اسمه مصيحلي دا كان شغال مع رعد قبل كدة، وعشان كدة لما جرجره صاحبي في الكلام، مخدتش خوانة، وقالوا عن المكان اللي شغال فيه مع اللي اسمها ميرفت في الفيلا الجديدة بتاعتها.

سألته زهرة بتخوف رغم بادرة الأمل بداخلها:

- طب وانت إيه اللي مخليك متأكد ان مجد هناك؟ مش يمكن الست دي راحت حتة تانية بيه؟ اصلها يعني هتعرف اللي اسمها ميرفت دي منين؟

إلتف إليها إمام نحو الكنبة الخلفية الجالس به المرأتان يجيب:

- مش عايزة ذكاء يا هانم، دي أكتر واحدة عايزة أذية جاسر باشا وأذيتك إنتي معاه، وعندها معلومات باللي الحاجات اللي كانت بتخوفك .

-وانت عرفت منين عن الحاجات اللي بتخوفها؟

سأله جاسر بانتباه أجفله فاستدرك ذلته، وحاول التفكير في رد مناسب، ولكن أنقذه رؤية رعد صديقه، والذي كان ينتظرهم على اول الطريق:

- اهو، صاحبي اللي بقولكم عليه، قاعد مستنينا اهو.

هتف بها بلهفة مبالغة حتى توقف جاسر بالسيارة بالقرب من المذكور، ف ترجل منها إمام سريعًا، يدعوه للدخول، وليأخذ مكانه الرجل الذي سيدلهم على مكان منزل ميرفت، وانضم إمام إلى خالد وطارق الذي كان سيقود سيارته في الخلف.


بعد قليل 

خرج المدعو مصيلحي حتى يلتقي برعد الذي كان ينتظره، خلف سور المنزل الخارجي، حتى أذا وصل إليه هتف بمزاح خشن:

- انا جيت اهو يا خويا، بتتصل عشان اخرجلك، عايز إيه يالا؟....






لم يكمل جملته حتى تفاجأ بذراع ضخمة التفت حول عنقه، وقبل أن يحاول المقاومة، وجد مجموعة من الرجال التفت حوله، وجاسر الريان يصوب السلاح بوجهه يقول بتهديد:

-هسألك وتجاوب على طول، يا إما هدفنك وانت حي مكانك دلوقتي، وملكش عندي دية.

تطلع الرجل نحوه بجزع وقد فقد حتى حق المقاومة، او ادعائها أمام هذه القوة الغاشمة التي التفت حوله.


❈-❈-❈ 


تتأمله بوله لتُشبع عيناها من براءته، كل همسة منه تلتقطها بشغف، لا تصدق انها سوف تحظى اَخيرًا بحياة كريمة في بلاد غريبة تعيش بها بحرية ورفاهية ومعها طفل سيكون بإسمها، وسيكون طفلها، تتعامل معه بأمومة حرمت منها، يناديها يا أمي، وليس بعزيزة المربية التي تتساوى مع الخدم، لقد وافقت على هذه المهمة رغم خطورتها من أجل هذا الهدف أولا، ثم يأتي بعد ذلك المال الذي سوف يضمن لها حياة كريمة كالسيدات التي عملت عندهن، بعد أن ملت من الخدمة في بيوت الأغراب، حتى تصبح نهايتها عجوزًا في دار مسنين، او تموت وحدها بمنزلها ولا يشعر بها احد. تنهدت بقوة لتقبل غمازة الدقن لهذا الوسيم وهي تذكرها بغمازة جون ترافولتا الممثل الهوليودي الشهير، هللت بسعادة بأن طفلها سوف يكون له مستقبل ممتاز مع الفتيات.

رفعت رأسها فجأه عن مراقبته على صوت خطوات كعب حذاء أنثوي، وشئ ثقيل يجر على الأرض، لتفاجأ بهذه المرأة وهي ترتدي طقم ملابس الخروج وتسحب بيدها حقيبة السفر العملاقة بأناقة ليست غريبة عن أمثالها.

احتدت عيناها من المفاجأة الغير متوقعة، فهتفت لتوقفها وهي تضع مجد على اَريكة القريبة منها، قبل أن تنهي ميرفت طريقها للخروج:

-رايحة فين يا ست هانم؟

استدارت إليها لتناظرها من فوق نظارتها قبل ان تجيبها بتعالي:

-أفندم، وانتي بقى هتسأليني، إن كنت رايحة فين؟ ولا جاية منين؟

تقدمت منها المرأة تصيح بغضب:

-طبعًا ليا حق اسألك لما الاقيكي مغيرة اتفاقنا، وواخدة شنطة السفر عشان تمشي لوحدك وتسبيني، هو انتي مش قولتي ان ميعادنا على ٧ بالليل؟

-تأففت ميرفت تجيبها بامتعاض:

- اه قولت على ٧ بالليل، بس دا على ميعادك انتي، انا بقى هسافر واسبقك، فيها ايه دي؟ ولا انتي عيلة صغيرة مثلا وعايزيني اجرك في إيدي؟

- لا مش عيلة صغيرة.

هتفت بها لتتابع وهي تشير بيدها نحو مجد:

- بس انا معايا العيل الصغير اللي عايزه اخرج بيه، وانتي قولتي انك هتساعديني في دي، عشان طبعًا مش هقدر اخرج بيه لوحدي. 

خطفت نظرة نحو الطفل قبل ان تعود ميرفت للمرأة قائلة بنزق:

-وانتي بقى صدقتي؟ هو انتي عبيطة ولا متخلفة؟ فاكرة الخروج بطفل من البلد ومش ابنك كمان، كدة حاجة سهلة، ولا صدقتي اني ممكن اساعدك صح في مصيبة زي؟ لا وكمان عايزاني اخدك في إيدي عشان اروح في داهية معاكي؟

صرخت عزيزة مع شعورها بتحطم الحلم، واستهزاء هذه الملعونة بها:

- ولما هو مش حاجة سهلة وعدتيني ليه وخلتيني اخون الناس اللي شغالة معاهم؟ بعد ما فرشتي الأرض حرير قدامي.

ابتسامة ساخرة اعتلت وجه ميرفت، لتردف للمرأة بعدم اكتراث:

-انا اديتك فلوس على انك تأدي مهمة، انتي شطحتي في الأحلام دا مع نفسك، انما بقى ف القانون لا يحمي المغفلين يا قلبي.






على الاَخيرة لم تحتمل المرأة وهجمت نحوها مرددة بغل، تريد الانتقام منها:

- مغفلة، انا مغفلة يا ولية يا غلاوية، دا انا هشرب من دمك .

صرخت ميرفت على حارسها وهي تدافع بحقيبتها  الغالية تضرب بها على كفي المرأة وهي تبتعد برأسها وجسدها عنها بقرف:

-أبعدي عني يا مجنونة إنتي، يا مصيلحي، إنت يا مصيلحي، أتى رجل اخر غير المذكور على أثر صيحتها لينزع كفي عزيزة عنها التي كانت تقاوم بشراسة، بل ويرفعها ليُكبل حركتها بعد أن فصل بمسافة كافية عن المرأتين، لتهدر ميرفت على الرجل:

-أمال الزفت مصيلحي غار فين؟

أجابها الرجل:

-مصيلحي خرج من شوية يا هانم على اتصال تليفوني، بس معرفش راح فين. 

-غار في داهية.

غمغمت بها قبل أن تتابع اَمرة للرجل:

- خد المجنونة واتخلص منها على اقرب مقلب زبالة .

- مقلب زباله يا ولية يا ظالمة ربنا ينتقم منك.

صرخت بها عزيزة بصوتها العالي، لتناظرها الأخرى بنظرة مشمئزة قبل أن تعود للرجل الذي يسيطر بصعوبة على حركة المرأة لتقول:

-اتخلص منها هي والولد ده.......


قطعت مع سماعها لهذه الأصوات الغريبة والجلبة في الخارج، همت لتخرج وترا بنفسها قبل ان تصعق بعد ذلك بدلوف جاسر الريان بصحبة خالد وطارق أيضًا، وحارسها المدعو مصيلحي مكبل الذراعين ارتمى على الأرض من قبل إمام، وامتلأ المنزل برجال جاسر بعد ان سيطروا على من في الخارج من رجالها. 


برقت عيني ميرفت بهلع في البداية قبل أن تتمالك لتهتف هادرة تدعي الحزم:

-إيه البجاحة وقلة الزوق دي؟ انتو ازاي تدخلوا بيوت الناس كدة هجم ومن غير استئذان، هي حصلت البلطجة كمان يا جاسر يا ريان؟

طالعها المذكور بأعين نارية، يقف أمامها متخصرًا، قبل ان يلتفت نحو المدعوة عزيزة على أثر صيحة زوجته:

-الزفتة اللي أخدت ابني أهي....

قالتها وهي تركض نحوها تريد الفتك بها وفور أن وصلت إليها أمسكتها من تلابيب بلوزتها لتسحبها من الرجل:

-وديتي ابني فين يا حيوانة؟ انا هقتلك النهاردة لو ما نطقتي.

طأطأت عزيزة رأسها بخزي فور أن تقابلت عينها بعيني زهرة، والتي انتبهت على صيحة خلفها:

- الولد اهو يا زهرة؟

هتفت بها كاميليا والتي انتبهت على رؤية الصغير في الجانب الاخر لتركض اليه وتبعتها زهرة صارخة لتسبقها وتناولت تضمه بقوة، لتسقط على الأرض تبكي بحرقة.

جاسر والذي اتى سريعًا هو الاَخر احتضن الأم وطفله، ليحاول تهدئتها هي وتقبيل مجد برزانة يتصنعها بصعوبة، للسيطرة على مشاعره العنيفة في هذه اللحظة تدعوه لسحق الاثنان على صدره. 

ربت على كتفه خالد وطارق بفرحة، قبل ان يستقيما لهذه الأفعى التي تتصنع القوة رغم وقوعها في شرك ما فعلته، ف اقترب طارق يقول بكره:

- دا انتي السواد والغل، حرقك من جوا، مش ملا قلبك وبس. 

.ارتفع حاجبها لتحدجه بنظرة مستنكرة ببجاحة، ولكنها انتفضت فجأة على رؤية شبح جاسر الذي كان يقترب بخطوات بطيئة زادت من الرعب الذي تخفيه بداخلها،  حتى





 إذا اقترب منها، وبدون سابق إنذار رفع كفه ليلطمها على وجنتها بقوة جعلت رأسها تهتز حتى كادت أن تقع أرضًا، لولا أنها تماسكت بإصرار لتصرخ به:

- إنت اتجننت يا جاسر الريان، وديني لاوديك في داهية. 

- وانتي لسة شوفتي حاجة؟

قالها بنبرة مخيفة وأعين حمراء تشتعل من الجحيم، هم لتكرار ما فعله ف ارتدت هي للخلف بفزع من تكرار الألم، لف خالد ذراعه حوله ليمنعه عنها بقوله:

- امسك نفسك يا جاسر، ما تقلش قيمتك مع واحدة متستهلش زي دي؟

صاحت ميرفت بغل من ألم المهانة مع الألم الموجع بفكها من لطمة جاسر القوية عليه:

- هدفعك تمن القلم دا غالي اوي يا جاسر يا ريان، مش انا اللي اسكت عن الإهانة دي.






احتدت عيناه وحاول فك ذراع خالد ينتوي تأديبها، فهذه المرأة تستحق منه ابشع الإنتقام ولكن اوقفه مجي رجال الشرطة التي اقتحمت في دقيقة ليمتلأ المنزل زيادة على أعداده، التفت ميرفت نحو الضابط تصرخ بدفاعية وقحة:

- سيادة الظابط، تعالى شوف جاسر الريان بالبلطجية اللي معاه عملوا ايه معايا ومع حراسي، انا عايزة اقدم فيهم محضر حالا دلوقتي. 

رد الظابط بابتسامة ساخرًا:

- تعملي في مين حضرتك؟ دا الباشا هو اللي قدم البلاغ فيكي انك خطفتي ابنه مع المربية اللي اسمها عزيزة، ولا انتي مش واخدة بالك ان احنا جاين نظبطك متلبسة بالجريمة؟ 

سمعت منه لتصيح على الفور بسرعة بديهة ليست غريبة عنها:

-وانا مالي بقى، دي واحدة جات تشتغل عندي بطفل، قالت انه ابنها، انا هعرف منين انها حرامية أطفال..

صاحت بدورها المدعوة عزيزة بعدم استيعاب، 

- انا اللي حرامية؟!

توقفت تخطف نظرة متحسرة على الطفل الذي تضمه زهرة بقوة، لتعود لميرفت متابعة بانهيار:

-يعني انتي مش مكفيكي انك ضيعتيني من كله؟ كمان عايزة تلبسيهاني لوحدي؟!

هتف بها ميرفت ترد بعنف:

- اخرسي يا حيوانة، انا اعرفك منين اساسًا، انتي اكيد حد زاقك عليا، انا لازم اتصل بالمحامي بتاعي يشوف المهزلة دي.

رد ظابط الشرطة بنزق:

- حضرتك اتفضلي معانا دلوقتي،  وبعدين اتصلي واعملي اللي انتي عوزاه.خلصونا يالا.

صاح بالاَخيرة نحو رجاله، لتضطر ميرفت للأنصياع للأمر جبرًا، وخلفها عزيزة التي علمت من تلاعب هذه المرأة وانكارها الفاضح لما حدث، انها سوف تستطيع بنفوذها الخروج من القضية لتلبسها هي وحدها، لتتعفن في السجن حتى تموت، فمن هي لتجاري افعى كهذه في عقلها، على خاطرها لم تدري عزيز بنفسها وهي تتناول السكين الصغير من طبق الفواكة الذي كان موضوعًا على الطاولة التي تمر بجانبها، وبحركة سريعة غافلت رجال الشرطة لتغرزه في رقبتها من الخلف، بدون ذرة من الندم، سقطت ميرفت على الأرض مغرقة في دمائها، والتف رجال الشرطة يكبلون المرأة ليُسيطروا على حركتها، وهي مستسلمة أمام النظرات المذهولة من الجميع، تطالع احتضار الأخرى وهي تتلوى من الألم، متشفية بها وهي لا تستطيع حتى إخراج صوتها، والظابط يطلب لها سيارة الأسعاف، علّه يستطيع إنقاذها.


❈-❈-❈ 


على نهاية اليوم 

كان الجميع بقصر الريان ملتفين حول زهرة التي كانت تطعم صغيرها، بعد أن حممته بنفسها، وقد استوعبت اَخيرًا أنه




 بحضنها، يسألون عن تفاصيل ماحدث ويتسامرون بحديثهم حوله، فقالت كاميليا:

-بس اقولكم يا جماعة، انا لحد دلوقتي مش مصدقة اللي حصل، انا ولا كأني كنت في فيلم سينما يا جدعان.

ردت رقية:

-يختي نحمد ربنا انها جات على قد كدة، دا انا اعصابي لحد دلوقتي مش قادرة امسكها من ساعة ما عرفت باللي حصل، واللي غايظني وفرسني هي المسهوكة دي، كانت  معايا في نفس البيت وخبت عليا.

قالتها مشيرة بيدها نحو نوال التي ضحكت قبل ان تبرر موقفها:

- طب انا إيه ذنبي طيب؟ ما ابنك هو اللي حرج عليا اقول قدامك واقلقك، ما تقول حاجة يا عم انت.

صاحت بالاخيرة نحو زوجها الذي ابتسم لها بحب، قبل ان يرد على والدته:

-يا ست الكل، إذا كان عامر الريان نفسه خبينا عليه، احنا كان عندنا امل اننا نلاقي الطفل قبل ما الخبر ينتشر، وحمد لله ربنا جبر بخاطرنا .

تمتم الجميع بالحمد، ثم قالت صفية بفخر:

- بس انا فرحانة بيكي اوي يا أبلة زهرة، اصلك طلعتي شجاعة كدة وعرفتي تخلصي من المجرم دا اللي اسمه فهمي، ربنا ياخده هو كمان،  زي اللي اسمها ميرفت دي.

تبسمت لها زهرة صامتة، لتضيف سمية هي الأخرى:

-فعلا يا زهرة، انتي يا حبيبتي ربنا قواكي في الساعة الصعبة دي عشان ابنك، ربنا يا حبيبتي يخليهولك، وميحرمك منه ابدًا. 

تممت على قولها زهرة، قبل ان تجذبها رقية لتقبلها على رأسها،  تقول بزهو:.

- زهرة عمرها ما كانت جبانة، وانا طول عمري عارفة انها قوية، بس قوتها داخلي متطلعش غير وقت الشدة.

عقب على قولها طارق:

-عندك حق يا حجة، بس انا اعتقد ان الحكاية دي في كل البشر، بس طبعًا في اللي بيقدر يخرجها، وفي اللي بيسلم ويرضى بالجبن، ربنا ما يجعلنا منهم.

ردت زهرة تقول بامتنان:

-بس لو هنيجي للحق، انا من غير الجلسات وتعليمات الدكتورة، مظنش اني كنت هقدر اخرج القوة دي، او يمكن تكون هي اللي ساعدتني، والبركة في جاسر طبعًا، - ربنا ميحرمك منه.

صدرت من محروس الذي كان صامتًا منذ بدء الجلسة، وتابع يُذهل الجميع بقوله:

- انتي ربنا عوضك بجوزك عن يتم الام والأب كمان، ربنا يخليلك عيلتك الجديدة يا بنتي. 

قوله الصادق جعل حالة من التأثر تنتاب زهرة وباقي افراد اسرته؛ فيبدوا ان الرجل بدأ يتخلى عن أنانيه قليلًا، ليستجيب ويشارك لما يحدث معهم، وهذه بارقة أمل.

أجفلهم طارق بقوله المرح:

- طب يا جماعة، متخلوش الفرحة بمجد باشا،  تاخدكم وتنسوا حدث الموسم .

التفت الرؤس نحوه بتساؤل، دارت كاميليا بكفها على عينيها بحرج جعله يضحك بمشاكسة ليقول بابتهاج قلبه:

- معقول تكونو نسيتوا يا بشر، الخميس الجاي ميعاد فرحنا فيه إيه؟.

قالها وانطلقت كلمات التهاني والمباركات، نحوه ونحو كاميليا التي كانت تجيب باشراق وجهها





 بالسعادة رغم خجلها، ليسود جوًا من المرح محملا بالألفة والمودة، حتى همست رقية لزهرة سائلة باستغراب؟

-هو جوزك بيعمل دا كله إيه في المكتب مع غادة وخطيبها؟ دول اتأخروا قوي. 

مطت بشفتيها زهرة تجيبها:

-والله ما عارفة يا ستي، اصل انا لما سألته قالي انه هيقولي ع اللي في دماغه بعدين، واديني صابرة اما اشوف.


❈-❈-❈ 


-هو دا كل اللي حصل؟

سألها بأعين متفحصة بعد أن قصت عليها كل ما حدث مع ميرفت من بداية معرفتها بها، حتى إنقاذ إمام لها وتدخله لمنع استغلالها من قبل المذكورة وشقيقها 

ردت غادة والتي كانت لا تقوى على النظر في وجه جاسر:

- اقسم بالله العظيم دا كل اللي حصل، وانا عارفة اني استاهل الحرق بعد اللي حصل بسببي، بس انا متقبلة لأي عقاب منك يا جاسر باشا، دا حقك .

سمع منها وانتقل بأنظاره نحو إمام الجالس على الكرسي المقابل، فقال مخاطبًا له بلوم:

-طب أعاقبها هي، وانت اعمل معاك إيه بعد ما خبيت وانت راجلي؟

رد إمام بشجاعة اعتاد عليها:

- حضرتك وانا كمان مستعد لأي حاجة منك، بصراحة انا اتصرفت من دماغي وطفشت الزفت اللي اسمه ماهر برا البلد، عشان احمي غادة من ابتزازهم، وكنت فاكر انهم هيتهدوا عن الاذية، لكن اظاهر كنت غلطان.

ظل جاسر يحدق به صامتًا، فتابع إمام:

-انا عارف اني اتصرفت بأنانية لما خبيت عنك عشان مشوهش صورة الست اللي بحبها في نظرك، بس حضرتك غادة اتغيرت، واقل حاجة كانت واجبة عليا هو اني





 ادفن كل غلطها اللي فات، عشان نقدر نعيش مع بعض صفحة بيضا، دي كانت وجهة نظري، وانت حر يا باشا في قرارك. 

على كلماته الاَخيرة لم يقوي جاسر على كبح ابتسامته، فهذه كانت اول مرة يرى الوجه الاَخر لرجله حارس الأمن 




الضخم، وهو وجه المحب الحقيقي،  والذي يغفل عن الأخطاء ويغفر ويسامح ليحمي محبوبه، ويراعى ويحمي،  فقال يجفلهم بقوله:

- هو انتو فرحكم إمتى؟


 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-